فصل: تفسير الآية رقم (18):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (11):

{بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا (11)}
(11)- يَقُولُ اللهُ تَعَالَى لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ كُفَارَ قُرَيْشٍ لَمْ يُنْكِرُوا مَا جِئْتَهُمْ بِهِ من الحَقِّ، وَلَمْ يَتَقَوَّلُوا عَلَيْكَ إِلا لأَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ بالبَعْثِ وَالنُشُورِ والحِسَابِ، وَلا يُصَدِّقُونَ بِأَمْرِ الثوابِ والعِقَابِ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّهُمْ يَتَعَلَّلُونَ بِهَذِهِ المَطَالِبِ لِيَصْرِفُوا النَّاسَ عَن الهُدَى والحَقِّ، وَقَدْ أَعَدَّ اللهُ تَعَالَى لِمَنْ يُكَذِّبُ بالسَّاعَةِ، والقِيَامَةِ، والحَشْرِ، والحِسَابِ، والثَوَابِ، ناراً أليمةً شديدَةَ الاشْتِعَالِ.
السعِيرُ- النَّارُ العظِيمَةُ الشديدةُ الاشْتِعَالِ.

.تفسير الآية رقم (12):

{إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (12)}
(12)- وإذَا أصْبَحَتْ جَهَنَّمُ مِنْهُمْ عَلَى مَرَأى النَّظَرِ، وَهُمْ فِي المحشَرِ، بَعِيدُونَ عَنْهَا، سَمِعُوا لَهَا صَوْتاً يُشْبِهُ صَوْتَ المَغِيظِ المُحْنَقِ، لِشِدَّةِ تَوقُّدِهَا، وَيُشْبِهُ صَوْتَ الزَّفِيرِ الذي يَخْرُجحُ مِنْ فَمِ الحزِينِ المَكْرُوبِ المُتَحَسِّرِ.
تَغَيُّظاً- صَوْتَ غليانٍ كصوتِ المُتَغِيِّظِ.
زَفِيراً- صَوتاً شَدِيداً كَصَوْتِ الزَّافِرِ.

.تفسير الآية رقم (13):

{وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13)}
(13)- وَإِذَا أُلُقوا فِي مَكَانٍ ضَيِّقٍ مِنْهَا، وَأَيْدِيهِم مَجْمُوعَةٌ إِلى أَعْنَاقِهِمْ بالقُيُودِ والأَغْلالِ، نَادُوْا هُنَالِكَ طَالِبِينَ تَعْجِيلَ هَلاكِهِمْ لِيَسْتِريحُوا مِنْ هَوْلِ العَذَابِ.
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ: «إِنَّ المُجْرِمِينَ لَيُسْتَكْرَهُونَ فِي النَّارِ كَمَا سْتَكْرَهُ الوَتَدُ فِي الحَائِطِ».
مقَرَّنِينَ- مَقْرُونَةً أَيْدِيهِمْ إِلى أَعْنَاقِهِمْ بِالأَغْلالِ.
ثُبُوراً- وَيْلاً وَهَلاكاً فَقَالُوا واثُبُورَاهُ.

.تفسير الآية رقم (14):

{لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (14)}
(14)- فَيُقَالَ لَهُمْ تَوْبِيخاً وَتَقْرِيعاً: لا تَطْلبُوا اليومَ هَلاكاً وَاحِداً بَلِ اطْلبُوهُ مِرَاراً، فَلَنْ تَجِدُوا لَكُمْ خَلاصاً مِمّا أَنْتُمْ فِيهِ.
وَقَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَوَّلُ مَنْ يُكسَى حُلَّةً مِنَ النَّارِ هُوَ إِبْلِيسُ فَيَضَعُهَا عَلَى حَاجِبِه، وَيَسْحَبُها مِنْ خَلْفِهِ؛ وَذُرِّيَتهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَهُوَ يُنَادِي واثُبُوراه. وَيَقُولُونَ يَاثُبُورَهُمْ، فَيُقَالُ لَهُمْ: لا تَدْعُوا اليوم ثُبُوراً وَاحِداً وادعُوا ثُبُوراً كثيراً». رواهُ أحْمَدُ عَنْ أَنَسِ بنِ مالكٍ.

.تفسير الآية رقم (15):

{قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا (15)}
(15)- قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلاءِ المُكَذِّبِينْ: أَهَذَا الَّذِي وَصَفْنَاهُ لَكَ مِنْ حَالِ الأَشْقِيَاءِ، الّذِينَ يُحْشَرونَ عَلَى وُجُوهِهِم إلى جَهَنَّمَ، فَتَتَلَقَّاهُمْ بِوجِهٍ عَبُوسٍ وَتَغَيُّظٍ وَزَفِير، وَيُلْقُونَ في أَمَاكِنَ ضَيِّقَةٍ مِنْها مُقْرَّنِين، لا يَسْتِطِيعُونَ حَرَاكاً وَلا اسْتنصَاراً مِمَّا هُم فِيهِ... أَذِلِكَ خَيرٌ أمْ جنَّة الخُلدِ الَّّتِي وَعَدَ اللهُ بِها عِبَادَه المُتَّقِين، وَأَعَدَّها لَهُم لِتكُونَ لَهُم جَزاءً وَمصِيراً عَلى مَا أَطَاعُوا رَبَّهم فِي الدُّنيا؟

.تفسير الآية رقم (16):

{لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا (16)}
{يَشَآءُونَ} {خَالِدِينَ} {مَّسْئُولاً}
(16)- وَلَهُم فِي الجَنَّةِ مَا يَشْتَهُونَ مِنَ المآكِلِ، وَالْمَشَارِبِ، وَالمَلابِسِ، وَالمَسَاكِنِ، وَالمَنَاظِرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لا عَيْنٌ رَأتْ وَلا أُذنٌ سَمِعَتْ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ خَالِدُونَ أَبَداً سَرمَداً، وَلا يَبْغُونَ عَمَّا هُمْ فِيهِ تَحَوُّلاً وَلا زَوَالاً، وَهَذَا كُلُّه مِن فَضْلِ الله، تَفَضَّل بِهِ عَلَيْهِمِ، وَأَحْسَن بِهِ إِلَيْهِمْ، وَهُوَ وَعْدٌ مِنْ اللهِ وَاجِبٌ الوُقُوعِ، وَلا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقَعَ.
وَعْداً مَسؤُولاً- وَعْداً حَقِيقاً بِأنْ يُسأَلَ وَيُطْلَب.

.تفسير الآية رقم (17):

{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17)}
{أَأَنتُمْ}
(17)- يُخْبِرُ الله تَعَالَى عَمَّا يَقَعُ يَومَ القِيَامَةِ مِنْ تَقْرِيعٍ للكُفَّارِ عَلى عِبَادَتِهم الأَصْنَامَ، وَالأَوْثَانَ، وَالمَلائِكَةَ، وَعِيسَى، وَعُزَيْراً، وَغيرَهم، فَيَحْشُرُ اللهُ العَابِدِينَ والمَعْبُودِينِ إِلَيهِ، وَيَسْأْلُ المَعْبُودِين فَيقُولُ لَهُم: أَأَنْتُم دَعَوْتُم هَؤُلاءِ إِلى عِبَادَتِكم مِن دُوني، أَمْ هُم الَّذِينَ ضَلُّوا سَبِيلَ الهُدَى باخْتِيَارِهم، فَعَبَدُوكم مِن تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ مِن غَيرِ دَعوةٍ مِنْكُم لَهُم؟

.تفسير الآية رقم (18):

{قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا (18)}
{سُبْحَانَكَ} {نَسُواْ}
(18)- فَيُجِيب المعْبُودُون قَائِلين: سُبْحَانَك وَتَنزَّه اسْمُكَ يَا رَبَّنا، ليس لِلخَلائِق جَمِيعاً أَنْ يعبُدوا أَحَداً سِوَاك، لا نَحنُ وَلا هُم، وَنَحنُ لَم نَدْعُهمْ إِلى ذَلك، بَلْ هُم فَعَلُوهُ مِنْ تِلقَاءِ أَنْفُسِهمْ مِنْ غيرِ أَمرِنا وَلارضَانَا، وَنحنُ بَراءٌ مِنْهُم، ومِنْ عِبَادِتهمْ، وَلكِنَّ السَّببَ فِي كُفْرِهِم هُو أَنَّك يا ربَّنا أكثرتَ عَليهِم وَعَلى آبائِهم نِعمكَ، لِيَعرفُوا حَقَّها وَيَشْكُروكَ عَليها، فَاسْتَغرقُوا في الشَّهَواتِ، وَانهمكوا فِي المَلَذَّاتِ، وغَفَلُوا عَنْ ذِكْرِكَ فَكَانُوا مِن الهَالِكِينَ.
قَوْماً بُوراً- هالِكِينَ بائِرينَ.
نسوْا الذِّكر- غَفَلُوا عن دَلائِل الوَحْدَانِيَّة.

.تفسير الآية رقم (19):

{فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19)}
(19) فَيُقَال لِهَؤُلاءِ المُشْرِكِين الَّذين عَبَدُوا مَعَ اللهِ غَيْرَهُ حِينئذٍ: لَقَدْ رَأَيتُم أَنّ الَّذِين عَبَدْتُموهُم مِن دُونِ الله، وَزَعمْتُم أَنَّهم أَوْلِياؤُكُم يُقَرِّبُونَكم إِلى اللهِ زُلْفَى يَوْمَ القِيَامَةِ، قَدْ كَذَّبُوكُمْ فِيما تَقُولُونَ، وَها أَنْتُمْ فُرَادَى ضِعَافٌ أَمَامَ الخَالِقِ القَوِيِّ الدَّيَّانِ، لا تَسْتَطِيعُونَ صَرِفَ العَذَابِ عَنْ أًنْفُسِكُمْ، وَلا الانْتِصَارَ لَها، وَلا تَجِدُونَ نَصْراً مِنْ أَحَدٍ يَصْرِفُ العَذابَ عَنْكُمْ، فَأَنْتُمْ مُعَذَّبُونَ لا مَحَالَةَ. وَلْيَعْلَمِ العِبَادُ جَمِيعاً أَنَّ مَنْ يَظْلِمْ نفسَهُ بِالكُفْرِ وَالطُّغْيَانِ كَمَا فَعَل أُولِئكَ، فَإِنَّنا سَنُعَذِّبُه عَذَاباً أَلِيماً.
صَرْفاً- دَفْعاً لِلْعَذَابِ عَنْ أَنْفُسِكُمْ.

.تفسير الآية رقم (20):

{وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا (20)}
(20)- وَيَرُدُّ اللهُ تَعَالى عَلَى هَؤُلاءِ، وَهُوَ يُخَاطِبُ رَسُولَه صلى الله عليه وسلم قَائِلاً: إِنَّهُ تَعَالَى لَمْ يُرْسِلِ الرُّسُلَ قَبْلَ مُحَمَّدٍ إِلا مِنَ البَشَرِ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَتَزَوَّجُونَ، وَيَتَكَسَّبُونَ بِالعَمَلِ، وَلَيسَ فِي ذَلِكَ غَرَابةٌ، وَلا مُنَافَاةٌ لِحَالِ النُّبُوَّةِ. وَجَعَل اللهُ للأَنْبِيَاءِ مِنْ حًسْنِ القَوْلِ، وَمِمّا أَجْرَاهُ عَلَى أَيْدِيهِمْ مِنَ الآيَاتِ، دَلائِلَ وَحُجَجاً عَلَى صِحَّةِ دَعْوَتِهِمْ، وَصِدْقِ ما جَاؤُوا بهِ أَقْوَامَهُم، وَجَعَلَ اللهُ بَعْضَ النَّاسِ ابْتِلاءً لِبَعْضٍ، وَالمُفْسِدُونَ يُحَاوِلُونَ سَدَّ الطَّرِيقِ إِلى الهِدَايةِ وَالحَقِّ، بَشَتَّى الأًسَالِيب، فَهَلْ تَصْبِرُونَ يَا أَيُّها المُؤْمِنُونَ عَلَى هذا الابتِلاءِ، وَتَتَمسَّكُونَ بِدِينِكُمْ حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِنَصِرِهِ؟ فَإنّ الله تَعَالَى بَصِيرٌ مُطَّلِعٌ عَلى أَحْوَالِ العِبَادِ، وَسَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى عَمَلِهِ.
فِتْنَةً- ابْتِلاءً وَمِحْنَةً.

.تفسير الآية رقم (21):

{وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21)}
{الملائكة} {وَعَتَوْا}
(21)- وَقَالَ الذِينَ كَفَرُوا وَأَنْكَرُوا البَعْثَ، وَالنُّشُورَ، وَالجَزَاءَ، وَكَذَّبُوا رَسُولَ اللهِ فِيما جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهم: هلا أُنْزِلَ عَلَينا المَلائِكَةُ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَنَرَاهُمْ عِيَاناً لِيُخْبِرُونا أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ حَقاً، فَإِنَّا فِي شَكٍّ وَمِرْيةٍ مِنْ أمْرِهِ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ هَذا فَلْنَرَ رَبَّنا فَيُخْبِرَنا أَنَّهُ أَرْسَل إِلينا رَسُولاً، وَيَدْعُونا إِلى طَاعَتِه وَتَصْدِيقِهِ. وَيَرُدُّ اللهُ تَعَالَى عَلى اقْتِرِحَاتِ هَؤُلاءِ المُقْتَرِحِينَ قَائِلاً: لَقَدِ اسْتَكْبَرَ هَؤُلاءِ المُشْرِكُونَ فِي شَأنِ أَنْفُسِهِمْ، وَتَجَاوَزُوا الحَدَّ في العُتُوِّ والظُّلْمِ وَالطُّغْيَانِ.
لا يَرْجُونَ لِقَاءَنا- لا يُؤْمِنُونَ بِأَنَّهُمْ سَيُلاقُونَ رَبَّهُمْ فِي الآخِرَةِ.
عُتُوّاً- تَجَاوُزَ الحَدِّ فِي الظُّلْمِ وَالطُّغْيَانِ وَالتَّكَبُّرِ.

.تفسير الآية رقم (22):

{يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (22)}
{الملائكة} {يَوْمَئِذ}
(22)- وَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى لِهؤلاءِ المُكَذِّبينَ: إِنَّهُمْ حِينَ يَرَوْنَ المَلائِكَة في سَاعَةِ احْتِضَارِهِمْ، وَدُنُوِّ أَجَلِهم فَتُبِشِّرُهُم المَلائِكَةُ بِعَذَابٍ أليمٍ مِنَ اللهِ وَيَضْرِبونَ وَجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ لإِخْرَاجِ أَرْوَاحِهِمْ، فَيَكُونَ ذَلِكَ اليَومُ يَوْماً عَسِيراً عَلَى الكَافِرِينَ، لا يَومَ بِشَارَةٍ لَهُمْ بِالكَرَامَةِ وَالجَنَّةِ وَالمَغْفِرَةِ. وَتَقُولُ الملائِكَةُ لِهَؤُلاءِ المُجْرِمِينَ: حَرَامٌ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُم الفلاحُ اليومَ، وَحَرَامٌ عَلَيْكُمْ البُشْرَى- أَيْ جَعَلَ اللهُ البُشْرَى والجَنَّةَ عَلَيْكُمْ حَرَاماً مُحَرَّماً، (وَقِيلَ إِنَّ هَذَا يَكُونُ يَوْمَ القِيَامَةِ لا عِنْدَ الموتِ، وَلا مُنَافَاةَ بَينَ القولَيْنِ، فَيَوْمَ المَمَاتِ وَيومَ الحشرِ تَظْْهَرُ المَلائِكَةُ للخَلائِقِ فَيُبَشِّرُونَ المُؤْمِنِينَ بِالخَيرِ والرَّحْمَةِ، وَيُبشِّرُونَ الظَّالمِينَ بالوَيْلِ والثُّبورِ).
حِجْراً مَحْجُوراً- حَرَاماً مُحَرَّماً.

.تفسير الآية رقم (23):

{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)}
{فَجَعَلْنَاهُ}
(23)- وَهَؤُلاءِ المُجْرِمُونَ عَمِلُوا فِي حَيَاتِهِمُ الدُّنْيَا أَعْمَالاً ظَنُّوهَا حَسَنَةً مُفِيدَةً: كَصِلَةِ الأَرْحَامِ، وَإِغَاثَةِ المَلْهُوفِ، والمَنِّ عَلَى الأَسِيرِ.. مِمَّا لَوْ كَانُوا عَملُوهُ مَعَ الإِيْمَانِ لَنَالُوا ثَوَابَهُ، فَعَمَدَ اللهُ تَعَالَى إلى مَحَاسِنِ أَعْمَالِهِمْ هَذِهِ فَجَلَهَا كَالهَبَاءِ المَنْثُورِ الذي لا يُفْيدُ ولا يَجْمَعُ.
(وَقَدْ مَثَّلَ اللهُ حَالَهُمْ بِحَالِ قَوْمٍ خَالَفُوا سُلْطَانَهُمْ، واسْتَعْصَوا عَلَيْهِ، فَقَصَدَ إِلى مَا بينَ أيديهِمْ فأفْسَدَهُ وَبَعْثَرَهُ وَلَمْ يَتْرُكْ لَهُ أَثَراً).
الهَبَاءُ- الرَّمَادُ أو ما تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ.
المَنْثُورُ- المُفَرَّقُ المُبَعْثَرُ.

.تفسير الآية رقم (24):

{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24)}
{أَصْحَابُ} {يَوْمَئِذٍ}
(24)- وَيَوْمَ القيامَةِ يَصِيرُ المُؤْمِنُونَ الصَّالِحُونَ فِي الجَنَّاتِ العَالِيَاتِ والغَرَفِ الآمِنَاتِ، فَهُمْ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ حَسَنِ المَنْظَرِ، طَيِّب المُقَامِ، والكُفَارُ يَكُونُونَ فِي دَرَكَاتِ النارِ السَّافِلاتِ، فَأصْحَابُ الجَنَةِ خَيْرٌ مَنْزِلاً وَمْسْتقرّاً مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ الذينَ كَانُوا يَفْتَخِرُونَ بِأَمْوَالِهِمْ ومَنَازِلِهِمْ فِي الدُّنْيَا.
مَقِيلاً- مَكَانَ اسْتِرْوَاحٍ وَتَمَتُّعٍ وَقْتَ الظَّهِيرَةِ.

.تفسير الآية رقم (25):

{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (25)}
{بالغمام} {الملائكة}
(25)- وَاذكُرْ أَيَّهَا الرَّسُولُ لِقَوْمِكَ أهوالَ يومِ القِيَامَةِ، ومَا يَقَعُ فيهِ مِنَ الأُمُورِ العِظَامِ، إِذْ تَتَفَتَّتُ الشُّمُوسُ والكَوَاكِبُ، وَتَنْتَشِرُ فِي جَوِّ السَّمَاءِ كَالغَمَامِ المُتَشَقِّقِ، وَتَنْزِلُ المَلائِكَةُ نُزُولاً مُؤَكَّداً بِصَحَائِفِ أعمَالِ العِبَادِ، لِتُقَدَّمَ لدى العَرْضِ والحِسَابِ، وَتَكُونَ شاهِدَةً عَلَيْهِمْ لدَى الفَصْلِ والقَضَاءِ، وتُحِيطُ بِالخَلائِقِ فِي مَقَامِ المَحْشَرِ.
نُزِّلَ المَلائِكَةُ تَنْزِيلاً- نُزِّلَتِ المَلائِكَةُ نُزُولاً مُؤَكَّداً.
تَتَشَّقَق السَّمَاءُ بالغَمَامِ- تَتَفَتَّحُ السَّمَاوَاتُ بالسَّحَابِ الأَبْيَضِ الرَّقِيقِ.