فصل: تفسير الآيات (1- 11):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير



.سورة العاديات:

.تفسير الآيات (1- 11):

{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5) إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (7) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8) أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11)}

.شرح الكلمات:

{والعاديات}: أي والخيل تعدو في الغزو.
{ضبحا}: أي تضبح ضبحا والضبح صوت الخيل إذا عدت أي جرت.
{فالموريات قدحا}: أي الخيل توري النار بحوافرها إذا سارت بالليل.
{فالمغيرات صبحا}: أي الخيل تغير على العدو صباحا.
{فأثرن به نقعا}: هيجن به أي بمكان عدوها نقعا أي غبارا.
{فوسطن به جمعا}: أي بالنقع جمع العدو أي حيث تجمعاته.
{لكنود}: لكفور بجحد نعمه تعالى عليه.
{لشهيد}: أي يشهد على نفسه بعمله.
{وإنه لحب الخير}: أي المال.
{إذا بعثر}: أي أثير وأخرج ما في القبور.
{وحصل ما في الصدور}: بيّن وأفرز ما في الصدور من الإِيمان والكفر.

.معنى الآيات:

قوله تعالى: {والعاديات ضبحا} الآيات إلى قوله: {أفلا يعلم} تضمنت قسما إلهيا عظيما على حقيقة كبرى يجهلها كثير من الناس وهي كفر الإِنسان لربه ولنعمه عليه يعد المصائب وينسى النعم والفواضل وهذا بيان ما اقسم تعالى به وهو العاديات ضبحاً وهي الخيل تضبح أي تخرج صوتا خاصا غير الصهيل المعروف فالموريات قدحا أي الخيل توري النار بحوافرها إذا مشت فوق الحجارة ليلا ويدخل ضمن هذا كل قادحة للنار فالمغيرات صبحا أي جماعات الخيل يركبها فرسانها للإغارة على العدو بها صباحا. وقوله فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا أي فأثارت الخيل النقع وهو الغبار والتراب عند سيرها بفرسانها فتوسطت جمع العدو وكتائبه لقتال أعداء الله الكافرين بالله وآياته ولقائه المفسدين في الأرض بالشرك والمعاصي هذا ما أقسم الله تعالى به وهو الخيل ذات الصفات الثلاث: العدو والإِوراء والإِغارة والمقسم عليه قوله: {إنالإِنسان لربه لكنود} المراد من الإِنسان الكافر والجاهل بربّه تعالى الذي لم تتهذب روحه بمعرفة الله ومحابه ومكارهه ولم يزك نفسه بفعل المحاب وترك المكاره هذا الإِنسان أقسم تعالى على أنه كفور لربه تعالى ولنعمه عليه أي شديد الكفر كثيره بذكر المصائب ويشعر بها ويصرخ لها ويصر عليها وينسى النعم والفواضل عليه فلا يذكرها ولا يشكر الله تعالى عليها. فالكنود الكفور. وقوله تعالى: {وإنه على ذلك لشهيد} أي وإن الله تعالى على هذا الوصف في الإِنسان لشهيد فأخبر تعالى بما علمه من الإِنسان وشهد به عليه كما أن الإِنسان شهيد بأعماله وصنائع أقواله وأفعاله شهيد على نفسه بالكفر والجحود. وقوله وإنه لحب الخير لشديد هذا مما أقسم تعالى عليه أيضا وهو وصف للإِنسان الكنود وهو انه شديد حب المال وسمّي المال خيرا تسمية عرفية إذ تعارف الناس على ذلك كما أنه خير من حيث إنه يحصل به الخير الكثير إذا أ، فق في مرضاة الله تعالى.
وقوله تعالى: {أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور إن ربهم بهم يومئذ لخبير} أي أيكفر الإِنسان بربه ويجحد نعمه عليه وإحسانه إليه ويحب المال أشد الحب فيمنع حقوق الله فيه ويكتسبه مما حرم الله عليه وقوله تعالى: {أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور} أي بعثرت القبور وأخرج ما فيها من البشر للحساب والجزاء ووقفوا بين يدي الله تعالى وأفرز وبيّن ما كان خفيا في الصدور من الاعتقادات والنيات الصالحة والفاسدة ولا يخفى على الله تعالى منهمشيء حيث {إن ربهم بهم يومئذ لخبير} كما هو اليوم خبير إلا أنها ساعة الحساب والمجازاة فذكر فيها علم الله تعالى وخبرته بالظواهر والبواطن والضمائر والسرائر فلا يخفى على الله من ذلك شيء وسيتم الجزاء العادل بحسب هذا العلم وتلك الخبرة الإِلهية.
فلو علم الكفور من الناس المحب للمال هذا وأيقنه لعدّل من سلوكه واصلح من اعتقاده ومن أقواله وأعماله فالايات دعوة غلى مراقبة الله تعالى بعد الإِيمان والاستقامة على طاعته.

.من هداية الآيات:

1- الترغيب في الجهاد والإعداد له كالخيل أمس، ونفاث الطائرات اليوم.
2- بيان حقيقة وهي أن الإِنسان كفور لربه ونعمه عليه يذكر المصيبة إذا أصابته وينسى النعم التي غطته إلا إذا آمن وعمل صالحا.
3- بيان أن الإِنسان يحب المال حبا شديدا إلا إذا هذّب بالإِيمان وصالح الأعمال.
4- تقرير عقيدة البعث والجزاء.

.سورة القارعة:

.تفسير الآيات (1- 11):

{الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11)}

.شرح الكلمات:

{القارعة}: القيامة وسميت القارعة لأنها تقرع القلوب بأهوالها.
{ما القارعة}: أي أي شيء هي؟ فالاستفهام للتهويل من شأنها.
{وما أدراك ما القارعة}: زيادة في تهويل أمرها وتعظيمه.
{كالفراش المبثوث}: أي كغوغاء الجراد المنتشر يموج بعضهم في بعض.
{كالعهن المنفوش}: أي كالصوف المندوف هذه حالها أولا ثم تكون كثيبا كهيلا ثم تكون هباء منبثا.
{في عيشة راضية}: أي يرضاها صاحبها في الجنة فهي مرضية له.
{فأمه هاوية}: أي مأواه ومسكنه الهاوية التي يهوي فيها على رأسه وهي النار.
{نار حامية}: أي هي نار حامية.

.معنى الآيات:

قوله تعالى: {القارعة} إلى آخر السورة الكريمة تضمنت آياتها الإِحدى عشرة آية وصفاً لعقيدة البعث والجزاء التي كذب بها المشركون وأنكروها وبالغوا في انكارها فأخبر تعالى أن القيامة التي تقرع الناس بأهوالها وعظائم ما يجري فيها بحيث يكون الناس وهم أشرف الكائنات الأرضية يكونون في خفة أحلامهم وحيرة عقولهم كالفراش المبثوث وهو غوغاء الجارد وتجمعه وتراكمه وانتشاره وهو يموج بعضه فوق بعض. وتكون الجبال على رسوها وعلوها وضخامة ذواتها كالعهن المنفوش أي كالصوف المندوف بالمنداف وهو يتطاير هنا وهناك. هذا في أول الأمر وقد تكون كالرمل المتهيل. ثم كالهباء المنبث فإِذا بعثوا ووقفوا بين يدي ربهم لحسابهم ومجازاتهم {فمن ثقلت موازينه} أي موازين حسناته فقد نجا من النا ر وهو {في عيشة راضية} أي مرضية له وهو بها راض وكيف لا وهي الجنة دار النعيم المقيم. {ومن خفت موازينه} أي قلت حسناته وكثرت سيئاته أوْ لَمْ يكن له حسنة بالمرة كأهل الكفر والشرك {فأمه هاوية} أي فأمه التي تضمه إليها وتؤيه عندها هاوية بحيث يهوى فيها على أم رأسه وقوله تعالى: {وما أدراك ما هي} أي هي {نار حامية} هذا الاستفهام للتهويل من شأنها وهي كذلك لا أشد هولا منها إنها النار دار البوار والخسران أعاذنا الله تعالى منها وعتق رقابنا منها اللهم آمين.

.من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر صورة صادقة لها.
2- التحذير من أهوال يوم القيامة وعذاب الله تعالى فيها.
3- تقرير عقيدة وزن الأعمال صالحها وفاسدها وترتيب الجزاء عليها.
4- تقرير أن الناس يوم القيامة فريقان فريق في الجنة وفريق في السعير.

.سورة التكاثر:

.تفسير الآيات (1- 8):

{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)}

.شرح الكلمات:

{ألهاكم}: أي شغلكم عن طاعة الله تعالى.
{التكاثر}: أي التباهي بكثرة المال.
{حتى زرتم المقابر}: أي تشاغلتم بجمع المال والتباهي بكثرته حتى متم ونقلتم إلى المقابر.
{كلا}: أي ما هكذا ينبغي أن تفعلوا فارتدعوا عن هذا التكاثر.
{سوف تعلمون}: أي إذا دخلتم قبوركم علمتم خطأكم في التكاثر في الأموال والأولاد.
{كلا}: أي حقا.
{لو تعلمون علم اليقين}: أي علما يقينا عاقبة التكاثر لما تفاخرتم بكثرة أموالكم.
{لترون الجحيم}: أي النار.
{يومئذ}: أي يوم ترون الجحيم عين اليقين.
{عن النعيم}: أي تنعمتم به وتلذذتم من الصحة والفراغ والأمن والمطاعم والمشارب.

.معنى الآيات:

قوله تعالى: {ألهاكم التكاثر} هذا خطاب الله تعالى للمشتغلين بجمع المال وتكثيره للمباهاة به والتفاخر الأمر الذي ألهاهم عن طاعة الله ورسوله فماتوا ولم يقدموا لأنفسهم خيراً فقال تعالى لهم ألهاكم أي شغلكم التكاثر أي في الأموال للتفاخر بها والمباهاة بكثرتها {حتى زرتم المقابر} أي بعد موتكم نقلتم إليها لتبقوا فيها غلى أن تخرجوا منها للحساب والجزاء أي يوم القيامة. وقوله لهم {كلا} أي ما هكذا ينبغي أن تفعلوا فارتدعوا عن هذا السلوك المفضي بكم غلى الهلاك والخسران سوف تعلمون عاقبة تشاغلكم عن طاعة الله وطاعة رسوله والتزود للدار الآخرة {ثم كلا سوف تعلمون} كرّر الوعيد والتهديد. وقوله: {كلا لو تعلمون علم اليقين} أي حقا لو تعلمون ما تجدونه في قبوركم ويوم بعثكم ونشوركم لما تشاغلتم بالأموال وتكاثرتم فيها. وقوله: {لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين} هذا جواب قسم نحو وعزتنا لترون الجحيم أي النار وذلك يوم القيامة المشرك يراها ويصلاها والمؤمن يراها وينجيه الله تعالى منها. ثم لترونها عين اليقين أي الأمر الذي لا شك فيه إذ يؤتى بجهنم فيراتها أهل الموقف أجمعون وقوله: {ثم لتسألن يومئذ} أي يوم ترون الجحيم عين اليقين {عن النعيم} الذي كان لكم في الدنيا من صحة وفراغ وأمن وطعام وشراب. فمن أدى شكره نجا، ومن لم يؤد شكره أخذ به ولا يعفى إلا عن ثوب يستر العورة وكسرة خبز تسد الجوعة وجحر يكن من الحر والبرد وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر وعمرو بن التيهان: «هذا من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة يشير إلى بسر ورطب وماء بارد» وصح أيضا أنه: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن علمه ماذا عمل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيم انفقه؟».

.من هداية الآيات:

1- التحذير من جمع المال وتكثيره مع عدم شكره وترك طاعة الله ورسوله من أجله.
2- إثبات عذاب القبر وتأكيده بقوله حتى زرتم المقابر كلا سوف تعلمون أي في القبر.
3- تقرير عقيدة البعث وحتمية الجزاء بعد الحساب والاستنطاق والاستجواب.
4- حتمية سؤال العبد عن النعم التي أنعم الله تعالى عليه بها في الدنيا فإِن كان شاكرا لها فاز وإن كان كافرا لها أخذ والعياذ بالله.

.سورة العصر:

.تفسير الآيات (1- 3):

{وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)}

.شرح الكلمات:

{والعصر}: أي الدهر كله.
{إن الإِنسان}: أي جنس الإِنسان كله.
{لفي خسر}: أي في نقصان وخسران إذ حياته هي راس ماله فإذا مات ولم يؤمن ولم يعمل صالحاً خسر كل الخسران.
{وتواصوا بالحق}: أي أوصى بعضهم بعضا باعتقاد الحق وقوله والعمل به.
{وتواصوا بالصبر}: أي اوصى بعضهم بعضا بالصبر على اعتقاد الحق وقوله والعمل به.

.معنى الآيات:

قوله تعالى: {والعصر} الآيات الثلاث تضمنت هذه الآيات حكما ومحكوما عليه ومحكوما به فالحكم هو ما حكم به تعالى على الإِنسان مل الإِنسان من النقصان والخسران والمحكوم عليه هو الإِنسان ابن آدم والمحكوم به هو الخسران لمن لم يؤمن ويعمل صالحا والربح والنجاة من الخسران لمن آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر فقوله تعالى: {والعصر} هو قسم أقسم الله به والعصر هو الدهر كله ليله ونهاره وصبحه ومساؤه وجواب القسم قوله تعالى: {إن الإِنسان لفي خسر} أي نقصان وهلكة وخسران إذ يعيش في كَبَددِ ويموت غلى جهنم فيخسر كل شيء حتى نفسه التي بين جنبيه وقوله: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} فهؤلاء استثناهم الله تعالى من الخسر فهم رابحون غير خاسرين وذلك بدخولهم الجنة دار السعادة والمراد من الإِيمان الإِيمان بالله ورسوله وما جاء به رسوله من الهدى ودين الحق والمراد من العمل الصالح الفرائض والسنن والنوافل، وقوله: {وتواصوا بالحق} أي باعتقاده وقوله والعمل به وذلك باتباع الكتاب والسنة، وقوله: {وتواصوا بالصبر} أي أوصى بعضهم بعضا بالحق اعتقادا وقولا وعملا وبالصبر على ذلك حتى يموت أحدهم وهو يعتقد الحق ويقول به ويعمل بما جاء فيه فالإِسلام حق والكتاب حق والرسول حق فهم بذلك يؤمنون ويعلمون ويتواصون بالثبات على ذلك حتى الموت.

.من هداية الآيات:

1- فضيلة سورة العصر لاشتمالها على طريق النجاة في ثلاث آيات حتى قال الإِمام الشافعي لو ما أنزل الله تعالى على خلقه حجة إلا هذه السورة لكفتهم.
2- بيان مصير الإِنسان الكافر وأنه الخسران التام.
3- بيان فوز أهل الإِيمان والعمل الصالح المجتنبين للشرك والمعاصي.
4- وجوب التواصي بالحق والتواصي بالصبر بين المسلمين.

.سورة الهمزة:

.تفسير الآيات (1- 9):

{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)}

.شرح الكلمات:

{ويل لكل همزة لمزة}: كلمة يطلب بها العذاب وواد في جهنم الهمزة كثير الهمز واللمزة وكذلك وهم الطعانون المظهرون العيوب للإِفساد.
{جمع مالا وعدده}: أي أحصاه وأعده لحوادث الدهر.
{يحسب أن ماله أخلده}: أي يجعله خالدا في الحياة لا يموت.
{كلا}: أي ليس الأمر كما يزعم ويظن.
{لينبذن}: أي ليطرحن في الحطمة.
{في الحطمة}: أي النار التي تحطم كل ما يلقى فيها.
{تطلع على الأفئدة}: أي تشرف على القلوب فتحرقها.
{مؤصدة}: أي مغلقة مطبقة.
{في عمد ممددة}: أي يعذبون في النار بأعمدة ممدة.

.معنى الآيات:

قوله تعالى: {ويل لكل همزة لمزة} يتوعد الربّ تبارك وتعالى بواد في جهنم يسيل بصديد أهل النار وقيوحهم كل همزة لمزة أي كل مغتاب عيّاب ممن يمشون بالنميمة ويبغون للبراء العيب وقوله: {الذي جمع مالا وعدده يحسب أن ماله أخلده} هذا وصف آخر لتلك الهمزة للنزة وهو أنه {جمع مالا} كثيرا من حرام وحلال {وعدده} أي أحصاه وعرف مقداره وأعده لحوادث الدهر كما يزعم. {يحسب أن ماله أخلده} أي يظن أنه لا يموت لكثرة أمواله ومتى كان المال ينجي من الموت؟ إنه الغرور في الحياة، لو كان المال يُخلد أحدا لأخلد قارون، وقوله تعالى: {كلا} لا يخلده ماله بل وعزتنا وجلالنا {لينبذن} أي يطرحن {في الحطمة} النار المستعرة التي تحطم كل ما يلقى فيها وقوله تعالى: {وما أدراك ما الحطمة} هذا الاستفهام لتعظيم أمرها وتهويل شأنها، وبيّنها تعالى بقوله: {نار الله الموقدة} أي السمتعرة المتأججة، {التي تطلع على الأفئدة} أي تشرف على القلوب فتحرقها، وقوله تعالى: {إنها عليهم مؤصدة} أي إن النار على أولئك الهمازين اللمازين مطبقة مغلقة الأبواب وقوله تعالى: {في عمد ممدة} أي يعذبون في النار بعمد ممدة، والله أعلم كيف يكون تعذيبهم بها إذ لم يطلعنا الله تعالى على كيفيته.

.من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
2- التحذير من الغيبة والنميمة.
3- التنديد بالمغتربين بالأموال المعجبين بها.
4- بيان شدة عذاب النار وفظاعته.

.سورة الفيل:

.تفسير الآيات (1- 5):

{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)}

.شرح الكلمات:

{الم تر كيف فعل ربك}: أي ألم ينته إلى علمك فعل ربك بأصحاب الفيل.
{بأصحاب الفيل}: أي محمود وهي أكبرها ومعه اثنا عشر فيلا وصاحبها أبرهة.
{ألم يجعل كيدهم}: أي في هدم الكعبة.
{في تضليل}: أي في خسار وهلاك.
{أبابيل}: أي جماعات جماعات.
{من سجيل}: أي طين مطبوخ.
{كعصف مأكول}: أي كورق زرع أكلته الدواب وداسته بأرجلها.

.معنى الآيات:

قوله تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك باصحاب الفيل} إلى قوله: {مأكول} هي خمس آيات تضمنت الحديث عن حادث جلل وقع أمام ولادة النبي صلى الله عليه وسلم وخلاصته أن أبرهة الأشرم والي اليمن من قبل ملك الحبشة قد رأى أن يبني بيتا في صنعاء اليمن يدعو العرب إلى حجة بدل حجهم البيت الحرام والقصد من ذلك تحويل التجارة والمكاسب من مكة إلى اليمن وعرض هذا على الملك الحبشي فوافق وسره ذلك ولما بني البيت الكنيسة وسماها القُلَّيْس لم يبن مثلها في تاريخها جاء رجل قرشي فتغوط فيها ولطخ جدرانها بالعذرة غَصَْباً منه، وذهب فلما رآها أبرهة الأشرم بتلك الحال استشاط غيظا وجهز جيشا لغزو مكة وهدم الكعبة وكان معه ثلاثة عشر فيلا ومن بينها فيل يدعى محمود وهو أكبرها وساروا ما وقف في وجههم حي من أحياء العرب إلا قاتلوه وهزموه حتى انتهوا إلى قرب مكة وجرت سفارة بينهم وبين شيخ مكة عبد المطلب بين هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم وانتهت المفاوضات بأن يرد أبرهة إبل عبد المطلب ثم هو وشأنه بالكعبة وأمر رجال مكة أن يخلو البلد ويلتحقوا برؤوس الجبال بنسائهم وأطفالهم خشية المعرة تلحقهم من الجيش الغازي والظالم، وما هي إلا أن تحرك جيش أبرهة ووصل إلى وادي محسر وهو في وسط الوادي سائر وإذا بفرق من الطير فرقة بعد أخرى ترسل على ذلك الجيش حجارة الواحدة ما بين الحمصة والعدسة في الحكم وما تسقط الحجرة على رجل إلا ذاب وتناثر لحمه فهلكوا وفر أبرهة ولحمه يتناثر فهلك في الطريق وكانت هذه نصرة من الله لسكان حرمه وحماة بيته ومن ثم ما زالت العرب تحترم الكعبة والحرم وسكانه إلى اليوم. وقوله تعالى: {الم تر كيف} يخاطب تعالى رسوله مذكراً إياه بفعله وعقبة من قوة أبرهة وأبادها الله تعالى في ساعة فاصبر يا محمد ولا تحمل لهؤلاء الأعداء هما فإِن لهم ساعة فكانت السورة عبارة عن ذكرى للعظة والاعتبار. وهذا شرح الآيات {الم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل} أي ألم ينته إلى علمك فعل ربك بأصحاب الفيل.
{ألم يجعل كيدهم في تضليل} أي ألم يجعل ما كادوه لبيتنا وحرمنا في خسارة وضلال فلم يجنوا إلا الخزي والدمار {وأرسل عليهم طيراً أبابيل} أي جماعات جماعات كانت تشاهد وهي تخرج من البحر يشاهدها رجال مكة المعتصمون بقمم الجبال إذ تمر فوقهم وهي تحمل حجارة من سجيل كل طائر يحمل ثلاثة أحجار كالحمصة والعدسة واحدة بمناقره واثنتين بمخلبيه كل واحدة في مخلب ترميهم بها فتفتت لحومهم وتتناثر فجعلهم كعصف مأكول أي كزرع دخلته ماشية فأكلت عصفه أي ورقه وكسرت ثائمة وهشمته فكانت آية من آيات الله تعالى.

.من هداية الآيات:

1- تسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يلاقيه من ظلم كفار قريش.
2- تذكير قريش بفعل الله عز وجل تخويفا لهم وترهيبا.
3- مظاهر قدرة الله تعالى في تدبيره لخلقه وبطشه بأعدائه.