فصل: تفسير الآيات (29- 34):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير



.تفسير الآيات (29- 34):

{فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29) أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (31) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (32) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34)}

.شرح الكلمات:

{فذكر فما أنت بنعمة ربك}: أي فذكر بالقرآن وعظ من أرسلت إليهم من قومك وغيرهم فلست بنعم ربك عليك بالعقل وكمال الخلق والوحي إليك.
{بكاهن ولا مجنون}: أي بمتعاطٍ للكهانة فتخبر عن الغيب بواسطة رئي من الجنة ولا أنت بمجنون.
{نتربص به ريب المنون}: أي تنظر به حوادث الدهر من موت وغيره.
{أم تأمرهم أحلامهم بهذا}: أي أتأمرهم احلامهم أي عقولهم بهذا وهو قولهم إنك كاهن ومجنون لم تأمرهم عقولهم به.
{أم هم قوم طاغون}: أي بل هم قوم طاغون متجاوزون لكل حد تقف عنده العقول.
{أم يقولون تقوله}: أي اختلق القرآن وكذبه من تلقاء نفسه.
{فليأتوا بحديث مثله}: أي فليأتوا بقرآن مثله يختلقونه بأنفسهم.
{إن كانوا صادقين}: أي في أن محمداً صلى الله عليه وسلم اختلق القرآن.

.معنى الآيات:

بعد ذلك العرض لأحوال أهل النار وأهل الجنة فلم يبق الا التذكير يا رسولنا فذكر أي قومك ومن تصل اليهم كلمتك من سائر النار بالقرآن وما يحمل من وعد ووعيد؛ وما يدعو إليه من هدًى وطريق مستقيم، فما أنت بنعم ربك أي بما أولاك ربك من رجاحة العقل وكمال الخلق وكرم الفعال وشرقف النبوة بكاهن تقول الغيب بواسطة رئيّ من الجن، ولا مجنون تخلط القول وتقول بما لا يفهم عنك ولا يعقل.
وقوله تعالى: {أم يقولون شاعر نتربَّصُ به ريب المنون} أي بل يقولون هو شاعر كالنابغة وزهير نتربص به حوادث الدهر حتى يهلك كما هلك من قبله من الشعراء ولا ندخل معه في خصومة وجدل قد يغلبنا. وقوله تعالى: {قل تربصوا} أي ما دمتم قد رأيتهم التربص بي فتربصوا فإني معكم من المتربصين، وقوله تعالى: {أم تأمرهم أحلامهم بهذا} والاستفهام للنفي والتوبيخ والجواب لم تأمرهم عقولهم بهذا بل هم قوم طاغون أي إن طغيانهم هو الذي يأمرهم بما يقولون ويفعلون من الباطل والشر والفساد وقوله أم يقولون تقوَّله والجواب وإن قالوا تقوله فإن قولهم لم ينبع من عقولهم ولم يصدر من أحلامهم بل عن كفرهم وتكذيبهم بل لا يؤمنون، والدليل على صحة ذلك تحدى الله تعالى لهم بالإِتيان بحديث مثله وعجزهم عن ذلك فلذا هم لا يعتقدون ولا يرون أن الرسول تقول القرآن من عنده، وإنما لما لم يؤمنوا به لابد أن يقولوا كلمة يدفعون بها عن أنفسهم فقالوا تقوله فقال تعالى: {بل لا يؤمنون فليأتوا بحديث مثله} أي مثل القرآن {إن كانوا صادقين} في قولهم إن الرسول تقوله.

.من هداية الآيات:

1- وجوب التذكير والوعظ والارشاد على أهل العلم بالكتاب والسنة لأنهم خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم في أمته.
2- ذم الكهانة بل حرمتها لأنها من أعمال الشياطين، والكاهن من يقول بالغيب.
3- ذم الطغيان فانه منبع ل شر ومصدر كل فتنة وضلال.
4- حرمة الكذب مطلقا وعلى الله ورسوله بخاصة لما ينشأ عنه من فساد الدين والدنيا.

.تفسير الآيات (35- 43):

{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (39) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (40) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (42) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43)}

.شرح الكلمات:

{أم خلقوا من غير شيء}: أي من غير خالقٍ خلقهم وهذا باطل.
{أم هم الخالقون}: أي لأنفسهم وهذا محال إذا الشيء لا يسبق وجوده.
{أم خلقوا السموات والأرض}: أي لم يخلقوهما لأن العجز عن خلق أنفسهم دال على عجزهم عن خلق غيرهم.
{بل لا يوقنون}: أي أن الله خلقهم وخلق السموات والأرض كما يقولون إذ لو كانوا موقنين لما عبدوا غير الله ولآمنوا برسوله صلى الله عليه وسلم.
{أم عندهم خزائن ربك}: أي من الرزق والنبوة وغيرهما فيخصوا من شاءوا بذلك من الناس.
{أم هم المسيطرون}: أي المتسلطون الغالبون فيتصرفون كيف شاءوا.
{أم لهم سلم يستمعون فيه}: أي ألهم مرقًى إلى السماء يرقون فيه فيسمعون كلام الملائكة فيأتون به ويعارضون الرسول في كلامه.
{فليأتوا بسلطان مبين}: أي بحجة بينة تدل على صدقه وليس لهم في ذلك كله شيء.
{أم له البنات ولكم المبنون}: أي ألهُ تعالى البنات ولكم البنون إن أقوالكم كلها من هذا النوع لا واقع لها أبداً إنها افتراءات.
{أم تسأهلم أيها الرسول أجراً}: أي على إبلاغ دعوتك.
{فهم من مغرم مثقلون}: أي فهم من فداحة الغرم مغتمون ومعبون فكرهوا ما تقول لذلك.
{أم عندهم الغيب فهم يكتبون}: أي علمٍ الغيب فهم يكتبون منه لينازعوك ويجادلوك به.
{أم يريدون كيداً}: أي مكراً وخديعة بك وبالدين.
{فالذين كفروا هم المكيدون}: أي فالكافرون هم المكيدون المغلوبون.
{أم لهم إله غير الله}: أي ألهم معبود غير الله والجواب: لا.
{سبحان الله عما يشركون}: أي تنزه الله عما يشركون به من أصنام وأوثان.

.معنى الآيات:

بعد أن أمر تعالى رسوله بالتذكير وأنه أهل لذلك لما أفاض عليه من الكمالات وما وهبه من المؤهلات. أخذ تعالى يلقن رسوله الحج فيذكر له باطلهم موبخاً به ثم يدمغه بالحق في أسلوب قرآني عجيب لا يقدرعليه الا الله سبحانه وتعالى. ومنه قوله: {أم خلقوا من غير شيء} أي أخلقوا من غير خالق {أم هم الخالقون} والجواب لم يُخلقوا من غير خالق، ولا هم خلقوا أنفسهم إذ الأول باطل فما هناك شيء موجود وجد بغير مُوجد؟! والثاني محال؛ إن المخلوق لا يوجد قبل أن يخلق فكيف يخلقون أنفسهم وهم لم يخلقوا بعد؟ّ ويدل على جهلهم وعمي قلوبهم ما رواه البخاري عن جبير بن مطعم أنه ذكر أنه لما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وقعة بدر في شأن فداء الأسرى سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة المغرب بسورة الطور قال فلما بلغ في القراءة عند هذه الآية: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} كاد قلبي يطير.
سمعها وهو مشرك فكانت سبباً في إسلامه فلو فتح القوم قلوبهم للقرآن لأنارها واسلموا في أقصر مدة.
وقوله تعالى: {أم خلقوا السموات والأرض} والجواب: لا، إذ العاجز عن خلق ذبابة فما دون عن خلق السموات والأرض وما فيهما أعجز. وقوله تعالى: {بل لا يوقنون} أن الله هو الذي خلقهم وخلق السموات والأرض فقولهم عند سؤال من خلقهم: الله، وعن خلق السموات والأرض: الله لم يكن عن يقين إذ لو كان عن يقين منهم لما عبدوا الأصنام ولما أنكروا البعث ولما كذبوا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى: {أم عندهم خزائن ربك} أي من الأرزاق والخيرات والفواضل والفضائل فيخصوا من شاءوا منها ويحرموا من شاءوا والجواب ليس لهم ذلك فلم إذاً ينكرون على الله ما أتى رسوله من الكمال والإفصال؟ أم هم المسيطرون أي الغالبون القاهرون المتسلطون فيتصرفون كيف شاءوا في الملك؟ والجواب: لا، إذاً فلم هذا التحكم الفاسد.
وقوله تعالى: {أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطانٍ مبين} أي ألهم مرقى يرقون فيه إلى السماء فيستمعون إلى الملائكة فيسمعون منهم ما يمكنهم ان ينازعوا فيه رسولنا محمداً صلى الله عليه وسلم مستمعهم بحجة واضحة ظاهرة على دعواه ومن أين له ذلك وقد حجبت الشياطين عن ذلك فكيف بغير الجن والشياطين.
وقوله: {أم له البنات ولكم البنون} أي لله تعالى البنات ولكم البنون إن جميع ما تقولونه من هذا النوع هو كذب ساقط بارد، وافتراء ممقوت ممجوج إن نسبتهم البنات لله كافية في رد كل ما يقولون ومبطلة لكل ما يدعون فإنهم كذبة مفترون لا يتورعون عن قول ما تحيله العقول، تتنزه عنه الفُهثوم. وقوله: {أم تسألهم أجرا من مغرم مثقلون} أي أتسألهم يا رسولنا عما تبلغهم عنا أجراً فهم لذلك مغتمون ومتعبون فلا يستطيعون الإِيمان بك ولا يقدرون على الأخذ عنك.
وقوله: {أم عندهم الغيب فهم يكتبون} أي أعندهم علم الغيب فهم منهمكون في كتابته لينازعوك فيما عندك ويحاجوك بما عندهم، والجواب من أين لهم ذلك، وقوله: {أم يريدون كيداً} أي أيريدون بك وبدينك كيداً؛ ليقتلوك ويبطلوا دينك فالذين كفروا هم المكيدون ولست أنت ولا دينك. ولم يمض عن نزول هذه الآيات طويلُ زمن حتى هلك أولئك الكائدون ونصر الله رسوله وأعز دينه والحمد لله رب العالمين.
وقوله: {أم لهم إله غير الله} أي ألهم إلهٌ أي معبود غير الله يعبدونه والحال أنه لا إله إلا الله {فسبحان الله عما يشركون} أي تنزه الله وتقدس عما يشركونه به من أصنام وأوثان لا تسمع ولا تبصر فضلا عن أن تضر أو تنفع.

.من هداية الآيات:

1- تقرير التوحيد بذكر دلائله.
2- تقرير النبوة المحمدّية.
3- تسفيه أحلام المشركين.
4- عدم مشروعية أخذ أجرٍ على إبلاغ الدعوة.
5- لا يعلم الغيب إلا الله.
6- صدق القرآن في أخباره آية أنه وحي الله وكلامه صدقاً وحقاً إنه لم يمض إلا قليل من الوقت أي خمسة عشر عاماً حتى ظهر مصداق قول الله تعالى فالذين كفروا هم المكيدون.

.تفسير الآيات (44- 49):

{وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45) يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (46) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)}

.شرح الكلمات:

{وإن يروا كسفا من السماء ساقطا}: أي وإن يَرَ هؤلاء المشركون قطعة من السماء تسقط عليهم.
{يقولوا سحاب مركوم}: أي يقولوا في القطعة سحاب متراكم يمطرنا ولا يؤمنوا.
{فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون}: أي فاتركهم إذاً يجاحدون ويعاندون حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون وهو يوم موتهم.
{يوم لا يغنى عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون}: أي اتركهم إلى ما ينتظرهم من العذاب ما داموا مصرين على الكفر وذلك يوم لا يغنى عنهم مكرهم بك شيئاً من الإِغناء.
{وإن للذين ظلموا عذاباً دون ذلك}: أي وإن لهؤلاء المشركين الظلمة عذاباً في الدنيا دون عذاب يوم القيامة وهو عذاب القحط سبع سنين وعذاب القتل في بدر.
{ولكن أكثرهم لا يعلمون}: أي أن العذاب نازلهم بهم في الدنيا قبل يوم القيامة.
{واصبر لحكم ربك}: أي بإمهالهم ولا يضق صدرك بكفرهم وعنادهم وعدم تعجيل العذاب لهم.
{فإنك بأعيننا}: أي بمرأًى منا نراك نحفظك من كيدهم لك ومكرهم بك.
{وسبح بحمد ربك حين تقوم}: أي واستعن على الصبر بالتسبيح الذي هو الصلوات الخمس والذكر بعدها والضراعة والدعاء صباح مساء.

.معنى الآيات:

يذكر تعالى من عناد المشركين أنهم لو رأوا العذاب نازلاً من السماء في صورة قطعة كبيرة من السماء ككوكب مثلا لا أذعناو ولا آمنوا بل قالوا في ذلك العذاب سحاب مركوم الآن يسقى ديارنا فنرتوي وترتوي أراضينا وبهائمنا. إذاً فلما كان الأمر هكذا فذرهم يا رسولنا في عنادهم وكفرهم حتى يلاقوا وجهاً لوجه يومهم الذي فيه يصعقون أي يموتون يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا ولا هم يصرون. فيذهب كيدهم ولا يجدون له أي أثر بحيث لا يغنى عنهم أدنى إغناء من العذاب النازل بهم ولا يجدون من ينصرهم، وذلك يوم القيامة.
وقوله تعالى: {وإن للذين ظلموا} أي أنفسهم أي بالكفر والتكذيب والشرك والمعاصي عذاباً دون ذلك المذكور من عذاب يوم القيامة وهو ما أصابهم به من سِنِي القحط والمجاة وما أنزله بهم من هزيمة في بدر حيث قتل صناديدهم وذلوا وأهينوا ولكن أكثرهم لا يعلمون ذلك، ولو علموا لما أصروا على العناد والكفر.
وقوله تعالى: {واصبر لحكم ربك} وقضائه بتأخير العذاب عن هؤلاء المشركين، ولا تخف ولا تحزن {فإنك بأعيننا} أي بمرأًى منا نراك ونحفظك، وجمع لفظ العين. على أعين مراعاة لنون العظمة وهو المضاف إليه {بأعيننا}.
وقوله: {وسبح بحمد ربك} أي قل سبحان الله وبحمده حين تقوم من نومك ومن مجلسك ومن الليل أيضا فسبحه بصلاة المغرب والعشاء والتهدد وكذا إدبار النجوم أي بعد طلوع الفجر فسبح بصلاة الصبح وغيرها.

.من هداية الآيات:

1- بيان عناد كفار قريش ومكابرتهم في الحق ومجاحدتهم فيه.
2- تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم وهى للدعاة بعده أيضا.
3- تقرير وخامة عاقبة الظلم في الدنيا قبل الآخرة.
4- وجوب الصبر على قضاء الرب وعدم الجزع.
5- مشروعيةالتسبيح عند القيام من النوم بنحو: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يُحيى ويُميت وهو على كل شيء قدير والحمد لله الذي أحيانى بعدما أماتنى وإليه النشور.

.سورة النجم:

.تفسير الآيات (1- 18):

{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)}

.شرح الكلمات:

{والنجم إذا هوى}: أي والثريا إذا غابت بعد طلوعها.
{ما ضل صاحبكم}: أي ما ضل محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق الهدى.
{وما غوى}: أي وما لابس الغى وهو جهل من اعتقاد فاسد.
{وما ينطق عن الهوى}: أي عن هوى نفسه أي ما يقوله عن الله تعالى لم يصدر فيه عن هوى نفسه.
{إن هو الا وحي يوحى}: أي ما هو إلا وحى إلهي يوحى إليه.
{علّمه شديد القوى}: أي علمه ملك شديد القوى وهو جبريل عليه السلام.
{ذو مِرَّةِ}: أي لسلامة في جسمه وعقله فكان بذلك ذا قوة شديدة.
{فاستوى وهو بالافق الاعلى}: أي استقر وهو بأفق الشمس عند مطلعها على صورته التي خلقه الله عليها فرآه النبي صلى الله عليه وسلم وكان بجياد قد سد الأفق إلى المغرب وكان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي طلب من جبريل أن يريه نفسه في صورته التي خلقه الله عليها.
{ثم دنا فتدلى}: أي وقرب منه فتدلى أي زاد في القرب.
{فكان قاب قوسين أو أدنى}: أي فكان في القرب قاب قوسين أي مقدار قوسين.
{فأوحى إلى عبده ما أوحى}: أي فأوحى الله تعالى إلى عبده جبريل ما أوحاه جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
{ما كذب الفؤاد ما رأى}: أي ما كذب فؤاد النبي ما رأى ببصره من صورة جبريل عليه السلام.
{أفتمارونه على ما يرى}: أي أفتجادلونه أيها المشركون على ما يرى من صورة جبريل.
{ولقد رأه نزلة أخرى}: أي على صورته مرة أخرى وذلك في السماء ليلة أسرى به.
{عند سدرة المنتهى}: وهي شجرة نبق عن يمين العرش لا يتجاوزها أحد من الملائكة.
{عندها جنة المأوى}: أي تأوى إليها الملائكة وأرواح الشهداء والمتقين أولياء الله.
{إذ يغشى السدرة ما يغشى}: أي من نور الله تعالى ما يغشى.
{ما زاغ البصر وما طغى}: أي ما مال بصر محمد يميناً ولا شمالاً، ولا ارتفع عن الحد الذي حدد له.
{لقد رآى من آيات ربه الكبرى}: أي رأى جبريل في صورته ورأى رفرفاً أخضر سد أفق السماء.

.معنى الآيات:

قوله تعالى: {والنجم} إلى قوله: {من آيات ربه الكبرى} يقرر به تعالى نبوة محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وقد أقسم بالنجم إذا هوى وهو نجم الثريا إذا غاب عن الأفق على أنه ما ضل محمد صاحب قريش الذي صاحبته منذ ولادته ولم يغب عنها ولم تغب عنه مدة تزيد على الأربعين سنة فهي صحبة كاملة ما ضل عن طريق الهدى وهم يعرفون هذا، وما غوى أيضاً أية غواية وما لابسه جهل في قول ولا عمل فغوى به. وما ينطق بالقرآن وغيره مما يقوله ويدعو إليه عن هوى نفسه كما قد يقع من غيره من البشر إن هو إلا وحى يوحى أي ما هو أي الذي ينطق به ويدعو إليه ويعمله إلا وحي يُوحى إليه.
علمه إياه ملك شديد القوى ذو مرة أي سلامة عقل وبدن فكان بذلك قوياً روحياً وعقلياً وذاتياً وهو جبريل عليه السلام وقوله: {فاستوى} أي جبريل {وهو بالأفق الأعلى} ومعنى استوى استقر {ثم دنى فتدلى} أي تدلى فدنا أي قرب شيئاً فشيئاً حتى كان من الرسول صلى الله عليه وسلم قاب قوسين أي قدر قوسين والقوس معروف آلة للرمي {أو ادنى} أي من قاب قوسين.
وقوله تعالى: {فأوحى إلى عبده ما أوحى} أي فَأَوْحى الله تعال إلى جبريل ما أوحى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وقوله: {ما كذب الفؤاد ما رأى} أي ما كذب فؤادُ محمد صلى الله عليه وسلم ما رآه محمد ببصره وهو جبريل في صورته التي خلقه الله تعالى عليها ذات الستمائة جناح طول الجناح ما بين المشرق والمغرب. وقوله تعالى: {أَفتمارونه على ما يرى} هذا خطاب للمشركين المنكرين لرؤية النبي صلى الله عليه وسلم ينكر تعال ذلك عليهم بقوله: {أفتمارونه} أي تجادلونه وتغالبونه أيها المشركون على ما يرى ببصره. {ولقد رآه نزلة أخرى} أي مرة أخرى {عند سدرة المنتهى} وذلك ليلة أسرى به صلى الله عليه وسلم، ووصفت هذه السدرة وهي شجرة النبق بأن أوراقها كآذان الفيلة وأن ثمارها كغلال هجر قال فلما غشيها من أمر الله تعالى ما غشيها تغيَّرت فما أحد من خلق الله تعالى يقدر أن ينعتها من حسنها، وسميت سدرة المنتهى لانتهاء علم كل عالم من الخلق إليها أو لكونها عن يمين العرش لا يتجاوزها أحد من الملائكة، وقوله: {عندها جنة المأوى} أي الجنة التي تأوى إليها الملائكة وأرواح الشهداء، والمتقين أولياء الله تعالى.
وقوله تعالى: {إذ يغشى السدرة ما يغشى} أي من نور الله تعالى، والملائكة من حب الله مثل الغربان حين تقفز على الشجرة كذلك روى ابن جرير الطبري. وقوله: {ما زاغ البصر وما طغى} أي ما مال بصر محمد يميناً ولا شمالاً ولا ارتفع فوق الحد الذي حدد له. {ولقد رأى من آيات ربه الكبرى} أي رأى جبريل في خلقه الذي يكون فيه في السماء ورأى رفرفاً أخضر قد سد الأفق ورأى من عجائب خلق الله ومظاهر قدرته وعلمه ما لا سبيل إلى إدراكه والحديث عنه.

.من هداية الآيات:

1- تقرير النبوة لمحمد وإثباتها بما لا مجال للشك والجدال فيه.
2- تنزيه الرسول صلى الله عليه وسلم عن القول بالهوى أو صدور شيء من أفعاله أو أقواله من اتباع الهوى.
3- وصف جبريل عليه السلام.
4- إثبات رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل وعلى صورته التي يكون في السماء عليها مرتين.
5- تقرير حادثة الإِسراء والمعراج وإثباتها للنبي صلى الله عليه وسلم.
6- بيان حقيقة سدرة المنتهى.