فصل: تفسير الآيات (30- 34):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير



.تفسير الآيات (30- 34):

{وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (30) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ (32) قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34)}

.شرح الكلمات:

{في المدينة}: أي عاصمة مصر يومئذ.
{تراود فتاها}: أي عبدها الكنعاني.
{قد شغفها حبا}: أي دخل حبّه شغاف قلبها أي أحاط بقلبها فتملكه عليها.
{إنا لنراها في ضلال مبين}: أي في خطأ بيّن بسبب حبها إياه.
{فلما سمعت بمكرهن}: أي بما تحدثن به عنها في غيبتها.
{وأعتدت لهن متكئا}: أي وأعدت لهن فراشا ووسائد للاتكاء عليها.
{أكبرنه}: أي أعظمنه في نفوسهن.
{فذلك الذي لمتنني فيه}: أي قلتن كيف تحب عبداً كنعانياً.
{فاستعصم}: أي امتنع مستمسكا بعفته وطهارته.
{الصاغرين}: الذليلين المهانين.
{أصب إليهن}: أمل إليهن.
{وأكن من الجاهلين}: أي المذنبين إذ لا يذنب إلا من جهل قدرة الله واطلاعه عليه.

.معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في قصة يوسف إنه بعد الحكم الذي أصدره شاهد يوسف عليه السلام انتقلالخبر إلى نساء بعض الوزراء فاجتمعن في بيت إحداهن وتحدثن بما هو لوم لامرأة العزيز حيث راودت عبداً لها كنعانياً عن نفسه وهو ما أخبر تعالى عنه في الآيات الآتية قال تعالى: {وقال نسوة في المدينة} أي عاصمة مصر يومئذ {امرأة العزيز تراود فتاها} أي عبدها {عن نفسه قد شغفها حبا} أي قد بلغ حبها إياه شغفا قلبها أي غشاءه. {إنا لنراها} أي نظنها {في ضلال مبين} أي خطأ واضح: إذ كيف تحب عبداً وهي من هي في شرفها وعلّو مكانتها. قوله تعالى: {فلام سمعت بمكرهن} أي ما تحدثن به في غيبتها {أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكئا وآتت كل واحدة منهن سكينا} أي فقابلت مكرهن بمكر أعظم منه فأعدت لهن حفلة طعام وشراب فلما أخذن في الأكل يقطعن بالسكاكين الفواكه كالأتراج وغيره أمرته أن يخرج عليهن ليرينه فيعجبن برؤيته فيذهلن عن أنفسهن ويقطعن أيديهن بدل الفاكهة التي يقطعنها للأكل وبذلك تكون قد دفعت عن نفسها المعرة والملامة، وهذا ما جاء في قوله تعالى: {وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاشا لله ما هذا بشرا} أي إنسان من الناس. {إن هذا إلا ملك} أي ما هذا إلا ملك {كريم} وذلك لجماله وما وهبه الله تعالى من حسن وجمال في خلقه وخلقه. وهنا قالت ما أخبر تعالى به في قوله: {قالت فذلكن الذي لمتنني فيه} أي هذا هو التفي الجميل الذي لمتنني في حبه ومراودته عن نفسه {ولقد راودته عن نفسه فاستعصم} أي راودته فعلا وامتنع عن أجابتي. {ولئن لم يفعل ما آمره} أي به مما أريده منه {ليسجنن وليكونن من الصاغرين} أي الذليلين المهانين. وهكذا اسمعته تهديدها أمام النسوة المعجبات به. ومن هنا فزع يوسف إلى ربّه ليخلصه من مكر هذه المرأة وكيدها فقال ما أخبر تعالى به عنه {قال ربّ السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه} أي يا رب فلا عد كلامه هذا سؤالاً لربه ودعاء السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه من الإِثم، {وإلاّ تصرف عني كيدهن} أي كيد النسوة {أصب إليهن} أي أَمِلْ إليهن {وأكن} أي بفعل ذلك {من الجاهلين} أي الآثمين بارتكاب معصيتك.
وها ما لا أريده وهو مافررت منه {فاستجاب له ربه} أي أجابه في دعائه وصرف عنه كيدهن إنه تعالى هو السميع لأقوال عباده ودُعَاءِ عبده وصفيه يوسف عليه السلام العيلم بأحوال وأعمال عباده ومنهم عبده يوسف. ولذا استجاب له فطمأنه وأذهب الألم ألم الخوف من نفسه، وله الحمد والمنة.

.من هداية الآيات:

1- بيان طبيعة الإِنسان في حب الاطلاع وتتبع الأخبار.
2- رغبة الإِنسان في الثأر لكرامته، وما يحميه من دم أو مال أو عرض.
3- ضعف النساء أمام الرجال، وعدم قدرتهن على التحمل كالرجال.
4- إيثار يوسف عليه السلام السجن على معصية الله تعالى وهذه مظاهر الصديقية.
5- الجهل بالله تعالى وبأسمائه وصفاته ووعده ووعيده وشرعه هو سبب كل الجرائم في الأرض.