فصل: تفسير الآيات (51- 58):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير



.تفسير الآيات (51- 58):

{وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (54) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55) قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (56) وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58)}

.شرح الكلمات:

{رشده}: أي هداه بمعرفة ربه والإيمان به ووجوب طاعته والتقرب إليه.
{التماثيل}: جمع تمثال وهو الصورة المصنوعة على شبه إنسان أو حيوان.
{التي أنتم لها عاكفون}: أي مقبلون عليها ملازمون لها تعبداً.
{أم أنت من اللاعبين}: أي الهازلين غير الجادين فيما يقولون أو يفعلون.
{الذي فطرهن}: أي أنشأهن خلقاً وإيجاد على غير مثال سابق.
{لأكيدن أصنامكم}: أي لأحتالن على كسر أصنامكم وتحطيمها.
{جذاذاً}: فتاناً وقطعاً صغيرة.
{إلا كبيراً لهم}: إلا أكبر صنم لهم فأنه لم يكسره.
{لعلهم إليه يرجعون}: كي يرجعوا إليه فيؤمنوا بالله ويوحّدوه بعد أن يظهر لهم عجز آلهتهم.

.معنى الآيات:

على ذكر مامنّ به تعالى على موسى وهارون ومحمد صلى الله عليه وسلم من إيتائه التوارة والقرآن ذكر أنه امتن قبل ذلك على إبراهيم فآتاه رشده في صباه فعرفه به وبجلاله وكماله ووجوب الإيمان به تعالى وعبادته وحده، وإن عبادة من سواه باطلة، فقال تعالى: {ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل} وقوله: {وكنا به عالمين} أي بأهليته للدعوة والقيام بها لما علمناه {إذ قال} أي في الوقت الذي قال لأبيه أي آزر، وقومه منكراً عليهم عبادة غير الله {وما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون} أي مقبلون عليها ملازمون لها فأجابوه بما أخبر تعالى به عنهم في قوله: {قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين} فاعلنوا عن جهلهم إذ لم يذكروا برهاناً على صحة أو فائدة عبادتها واكتفوا بالتقليد الأعمى وشأنهم في هذا شأن سائر من يعبد غير الله تعالى فإنه لا برهان له على صحة عبادة من يعبد إلا التقليد لمن رآه يعبده.
فرد عليهم إبراهيم بما أخبره تعالى عنه في قوله: {قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم} أي الذين قلدتموهم في عبادة الأصنام {في ضلال} أي عن الهدى الذي يجب أن تكونوا عليه {مبين} لا يحتاج إلى إقامة دليل عليه، وردوا على إبراهيم قوله هذا فقالوا بما أخبر تعالى به عنهم {قالوا أجئتنا بالحق} أي فيما قلت لنا من أنا وآباءنا في ضلال مبين {أم أنت من اللاعبين} أي في قولك الذي قلت لنا فلم تكن جاداً فينا تقول وإنما أنت لاعب لا غير ورد إبراهيم عليهم بما أخبر تعالى به في قوله: {قال بل ربكم رب السموات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين} أي ليس ربكم تلك التماثيل بل ربكم الحق الذي يستحق عبادتكم الذي فطر السموات والأرض فأنشأهن خلقاً عجيباً من غير مثال سابق وأنا على كون ربكم رب السموات والأرض من الشاهدين إذ لا رب لكم غيره، ولا إله حق لكم سواه، {وتالله} قسماً به تعالى {لأكيدن أصنامكم} أي لأحتالن عليها فأكسرها {بعد أن تولوا مدبرين} أي بعد أن تراجعوا عنها وتتركوها وحدها.
وفعلاً لما خرجوا إلى عيد لهم يقضون يوماً خارج المدينة أتى تلك التماثيل فكسرها فجعلها قطعاً متناثرة هنا وهناك إلا صنماً كبيراً لهم تركه {لعلهم إليه يرجعون} أي يرجعون إلى إبراهيم فيعبدون معه ربه سبحانه وتعالى عندما يتبين لهم بطلان عبادة الأصنام لأنها لم تستطع أن تدفع عن نفسها فكيف تدفع عن غيرها.

.من هداية الآيات:

1- مظاهر إنعام الله وإكرامه لمن اصطفى من عباده.
2- تقرير النبوة والتوحيد، والتنديد بالشرك والمشركين.
3- ذم التقليد وأنه ليس بدليل ولا برهان للمقلد على ما يعتقد أو يفعل.
4- مشروعية الشهادة وفضلها في مواطن تعز فيها ويحتاج إليها.
5- تغيير المنكر باليد لمن قدر عليه مقدم على تغييره باللسان بينهما أفضل.