فصل: تفسير الآيات (57- 62):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير



.تفسير الآيات (57- 62):

{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (57) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (58) الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (60) تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62)}

.شرح الكلمات:

{عليه من أجر}: أي على البلاغ من أجر اتقاضاه منكم.
{سبيلا}: أي طريقاً يصل به إلى مرضاته والفوز بجواره، وذلك بإنفاق ماله في سبيل الله.
{وسبح بحمده}: أي قل سبحان الله وبحمده.
{في ستة أيام}: أي من أيام الدنيا التي قدرها وهي الأحد... والجمعة.
{ثم استوى على العرش}: العرش سرير الملك والاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب.
{فاسأل به خبيراً}: أي أيها الإنسان إسأل خبيراً بعرش الرحمن ينبئك فإنه عظيم.
{وزادهم نفوراً}: أي القول لهم اسجدوا للرحمن زادهم نفوراً من الإيمان.
{جعل في السماء بروجاً}: هي إنثا عشر برجاً انظر تفصيلها في معنى الآيات.
{سراجاً}: أي شمساً.
{خلفة}: أي يخلف كل منهما الآخر كما هو مشاهد.
{أن يذكر}: أي ما فاته في أحدهما فيفعله في الآخر.
{أو أراد شكوراً}: أي شكراً لنعم ربه عليه فيهما بالصيام والصلاة.

.معنى الآيات:

بعد هذا العرض العظيم لمظاهر الربوبية الموجبة للألوهية أمر الله تعالى رسوله أن يقول للمشركين ما أسألكم على هذا البيان بينت لكم ما تعرفون به إلهكم الحق فتعبدونه وتكملون على عبادته وتسعدون أجراً أي مالاً، لكن من شاء أن ينفق من ماله في وجوه البر والخير يتقرب به إلى فله ذلك ليتخذ بنفقته في سبيل الله طريقاً إلى رضا ربه عنه ورحمته له.
وقوله: {وتوكل على الحي الذي لا يموت} يأمر تعالى رسوله أن يمضي في طريق دعوته مبلغاً عن ربه داعياً إليه متوكلاً أي مفوضاً أمره إليه إذ هو الحي الذي لايموت وغيره يموت، وأمره أن يستعين على دعوته وصبره عليها بالتسبيح فقال: {وسبح بحمده} أي قل سبحان الله وبحمده، وسبحانك اللهم وبحمدك وهو أمر بالذكر والصلاة وسائر العبادات فإنها العون الكبير للعبد على الثبات والصَّبْر. وقوله تعالى: {وكفى به بذنوب عباده خبيراً} أي فلا تكرب لهم ولا تحزن عليهم من أجل كفرهم وتكذيبهم وشركهم فإن ربك عالم بذنوبهم محص عليهم أعمالهم وسيجزيهم بها في عاجل أمرهم أو آجله، ثم أثنى تبارك وتعالى على نفسه بقوله: {الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام} مقدرة بأيام الدنيا أولها الأحد وآخرها الجمعة، ثم استوى على العرش العظيم استواء يليق بجلاله وكماله. {الرحمن} الذي عمَّت رحمته العالمين {فاسأل به خبيراً} أي فاسأل يا محمد بالرحمن خبيراً بخلقه فإنه خالق كل شيء والعليم بكل شيء فهو وحده العليم بعظمة عرشه وسعة ملكه وجلال وكمال نفسه لا إله إلا هو ولا رب سواه وقوله: {وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن} أي وإذا قال لهم الرسول أيها المشرك اسجدوا للرحمن ولا تسجدوا لسواه من المخلوقات. قالوا منكرين متجاهلين {ما الرحمن} أنسجد لما تأمرنا أي أتريد أن تفرض علينا طاعتك {وزادهم} هذا القول {نفوراً}، أي عبداً واستنكاراً للحق العياذ بالله تعالى.
وقوله تعالى: {تبارك الذي جعل في السماء بروجاً} أي تقدس وتنزه أن يكون له شريك في خلقه أو في عبادته الذي بعظمته جعل في السماء بروجاً وهي البروج الاثنا عشر بالحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت. والكواكب السبعة السيارة هي: المريخ، والزهرة وعطارد، والقمر، والشمس، والمشتري، وزحل فهذه الكواكب تنزل في البروج كالقصور لها.
وقوله تعالى: {وجعل فيها سراجاً} هو الشمس {وقمراً منيراً} هو القمر أي تعاظم وتقدس الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً وقوله: {وهو الذي جعل الليل والنهار خلفه} أي يخلف بعضهما بعضاً فلا يجتمعان أبداًَ وفي ذلك من المصالح والفوائد مالا يقادر قدره ومن ذلك أن من نسي عملاً بالنهار يذكره في الليل فيعمله، ومن نسي عملاً بالليل يذكره بالنهار فيعمله، وهو معنى قوله: {لمن أراد أن يذكر} وقوله: {أو أراد شكوراً} فإن الليل والنهار ظرفان للعبادة الصيام بالنهار والقيام بالليل فمن أراد أن يشكر الله تعالى على نعمه فقد وهبنا له فرصة لذلك وهو الليل للتهجد والقيام والنهار للجهاد والصيام.

.من هداية الآيات:

1- دعوة الله ينبغي أن لا يأخذ الداعي عليها أجراً ممن يدعوهم إلى الله تعالى ومن أراد أن يتطوع من نفسه فينفق في سبيل الله فذلك له.
2- وجوب التوكل على الله فإنه الحي الذي لا يموت وغيره يموت.
3- وجوب التسبيح والذكر والعبادة وهو هي زاد العبد وعدته وعونه.
4- مشروعية السجود عند قوله تعالى: {وزادهم نفوراً} للقارئ والمستمع.
5- صفة استواء الرحمن على عرشه فيجب الإيمان بها على ما يليق بجلال الله وكماله ويحرم تأويلها بالاستيلاء والقهر ونحوهما.
6- الترغيب في الذكر والشكر، واغتنام الفرص للعبادة والطاعة.