فصل: تفسير الآيات (83- 93):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير



.تفسير الآيات (83- 93):

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93)}

.شرح الكلمات:

{ويسألونك}: أي كفار قريش بتعليم يهود لهم.
{ذي القرنين}: الإسكندر باني الأسكندرية المصرية الحميري أحد الملوك التبابعة وكان عبداً صالحاً.
{سأتلوا عليكم منه ذكراً}: سأقص عليكم من حاله خيراً يحمل موعظة وعلماً.
{مكنا له في الأرض}: بالحكم والتصرف في ممالكها.
{من كل شيء سببا}: أي يحتاج إليه سبباً موصلاً إلى مراده.
{فأتبع سببا}: أي فأتبع السبب سبباً آخر حتى انتهى إلى مراده.
{تغرب في عين حمئة}: ذات حماة وهي الطين الأسود وغروبها إنما هو نظر العين وألا فالشمس في السماء والبحر في الأرض.
{قوماً}: أي كافرين.
{عذاباً نكرا}: أي عظيماً فظيعاً.
{يسرا}: أي ليناً من القول سهلاً من العمل.
{قوم لم نجعل لهم من دونها}: القوم هو الزنج ولم يكن لهم يومئذ ثياب يلبسونها ولا منازل يسكنونها وإنما لهم أسراب في الأرض يدخلون فيها.
{كذلك}: أي الأمر كما قلنا لك ووصفنا.
{بين السدين}: السدان جبلان شمال شرق بلاد الترك سد ذو القرنين ما بينهما فقيل فيهما سدان.
{قوماً لا يكادون يفقهون قولاً}: لا يفهمون كلام من يخاطبهم الا بشدة وبط وهم يأجوح ومأجوج.

.معنى الآيات:

هذه قصة العبد الصالح ذي القرنين الحميري التعبي على الراجح من أقوال العلماء، وهو الأسنكدر باني الأسكندرية المصرية، ولأمر ما لقب بذي القرنين، وكان قد تضمن سؤال قريش النبي صلى الله عليه وسلم بإيعاذ من يهود المدينة ذا القرنين إذ قالوا لقريش سلوه عن الروح وأصحاب الكهف وذي القرنين فإن أجابكم عنها فإنه نبي، وإلا فهو غير نبي فروا رأيكم فيه فكان الجواب عن الروح في سورة الإسراء وعن الفتية وذي القرنين في سورة الكهف هذه وقد تقدم الحديث التفصيلي عن أصحاب الكهف في أول السورة وهذا بدء الحديث المتضمن للإجابة عن الملك ذي القرنين عليه السلام قال تعالى: {ويسألونك} يا نبينا {عن ذي القرنين قل} للسائلين من مشركي قريش {سأتلوا عليكم منه ذكرا} أي سأقرأ عليكم من أمره وشأنه العظيم ذكراً خبراً يحمل الموعظة والعلم والمعرفة: وقوله تعالى: {إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سبباً.} هذه بداية الحديث عنه فأخبر تعالى أنه مكن له في الأرض بالملك والسلطان، واعطاه من كل شيء يحتاج إليه في فتحه الأرض ونشر العدل والخير فيها سبباً يوصله إلى ذلك، وقوله: {فأتبع سبباً} حسب سنة الله في تكامل الأشياء فمن صنع إبرة وتابع الأسباب التي توصل بها إلى صنع الأبرة فإنه يصنع المسلة، وهكذا تابعه بين أسباب الغزو والفتح والسير في الأرض {حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة} وهي على ساحل المحيط الأطلنطي، وكونها تغرب فيها هو بحسب رأي العين، والا فالشمس في السماء والعين الحمئة والمحيط إلى جنبها في الأرض وقوله تعالى: {ووجد عندها} أي عند تلك العين في ذلك الإقليم المغربي {قوماً} أي كافرين غير مسلمين فأذن الله تعالى له في التحكم والتصرف فيهم إذ يسر له أسباب الغلبة عليهم وهن معنى قوله تعالى: {قلنا يا ذا القرنين} وقد يكون نبياً ويكون قوله الله تعالى هذا له وحياً وهو {إما أن تعذب} بالأسر والقتل، {وإما أن تتخذ فيهم حسناً} وهذا بعد حربهم والتغلب عليهم فأجاب ذو القرنين ربما أخبر تعالى به: {أما من ظلم} أي بالشرك والكفر {فسوف نعذبه} بالقتل والأسر، {ثم يرد إلى ربه} بعد موته {فيعذبه عذاباً نكراً} أي فظيعاً أليماً.
{وأما من آمن وعمل صالحاً} أي يسلم وحسن اسلامه {فله جزاء} على إيمانه وصالح أعماله {الحسنى} أي الجنة في الآخرة {وسنقول له من أمرنا يسرا} فلا نغلظ له في القول ولا نكلفه ما يشق عليه ويرهقه.
وقوله تعالى: {ثم أتبع سبباً} أي ما تحصل عليه من القوة فتح المغرب استخدمه في مواصلة الغزو والفتح في المشرق {حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم} بدائيين لم تساعدهم الأرض التي يعشيون عليها على التحضر فلذا هم لا يبنون الدور ولا يلبسون الثياب، ولكن يسكنون الكهوف والمغارات والسراديب وهو ما دل عليه قوله تعالى: {لم نجعل من دونها} أي الشمس {ستراً}. وقوله تعالى: {كذلك} أي القول الذي قلنا والوصف الذي وصفنا لك من حال ذي القرنين {وقد أحطنا} من قوة وأسباب مادية وروحية {خبرا} أي علما كاملاً. وقوله تعالى: {ثم أتبع} أي ذو القرنين {سببا} أي واصل طريقه في الغزو والفتح {حتى إذا بلغ بين السدين} وهما جبلان بأقصى الشمال الشرقي للأرض بنى ذو القرنين بينهما سداً عظيماً حال به دون غزو يأجوج ومأجوج للأقليم المجاور لهم، وهم القوم الذين قال تعالى عنهم: {وجد من دونهما قوماً لا يكادون يفقهون قولاً} فلا يفهمون ما يقال لهم ويخاطبون به إلا بشدة وبطء كبير.

.من هداية الآيات:

1- تقرير نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إذ هذا جواب آخر أسئلة قريش الثلاثة. قرأه عليهم قرآنا موحى به إليه.
2- إتباع السبب السبب ويصل به ذو الرأي والإرادة إلى تحقيق ما هو كالمعجزات.
3- قول: ذو القرنين: {أما من ظلم...} إلخ يجب ان يكون مادة دستورية يحكم به الأفراد والجماعات لصدقها وإجابيتها وموافقتها لحكم الله تعالى ورضاه، ومن الأسف أن يعكس هذا القول السديد والحكم الرشيد فيصبح اهل الظلم مكرمين لدى الحكومات، وأهل الإيمان والإستقامة مهانين!!
4- بيان وجود أمم بدائية إلى عهد ما بعد ذي القرنين لا يلبسون ثياباً ولا يسكنون سوى الكهوف والمغارات ويوجد في البلاد الكيئية إلى الآن قبائل لا يرتدون الثياب، وإنما يضعون على فروجهم خيوط وسيور لا غير.
5- تقرير أن هذا الملك الصالح قد ملك الأرض فهو أحد أربعة حكموا شرقاً وغرباً.