فصل: تفسير الآية رقم (4):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير




.سورة الفاتحة:

.تفسير الآية رقم (1):

{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)}
البَسْملة: {بسم الله الرحمن الرحيم}

.شرح الكلمات:

البسملة: قول العبد: بسم الله الرحمن الرحيم.
الاسم: لفظ جُعل علامة على مُسَمًّى يعرف به ويتميّز عن غيره.
{الله}: اسم علم على ذات الربّ تبارك وتعالى يُعرف به.
{الرحمن}: اسم من أسماء الله تعالى مشتق من الرحمة دال على كثرتها فيه تعالى.
{الرحيم}: اسم وصفة لله تعالى مشتق من الرحمة ومعناه ذو الرحمة بعباده المفيضها عليهم في الدنيا والآخرة.

.معنى البسملة:

أبتدئ قراءتي متبركا باسم الله الرحمن الرحيم مستعينا به عز وجل.

.حكم البسملة:

مشروع للعبد مطلوبٌ منه أن يُبَسْمِل عند قراءة كل سورة من كتاب الله تعالى إلا عند قراءة سورة التوبة فإنه لا يبسمل وان كان في الصلاة المفروضة يبسمل سراً إن كانت الصلاة جهرية.
ويسن للعبد أن يقول باسم الله عند الأكل والشرب، ولبس الثوب، وعند دخول المسجد والخروج منه، وعند الركوب، وعند كل أمر ذي بال.
كما يجب عليه أن يقول بسم الله والله أكبر عند الذبح والنحر.

.تفسير الآية رقم (2):

{الَحْمدُ لله رب العَالمِينَ (2)}

.شرح الكلمات:

{الحمد}: الوصف بالجميل، والثناء به على المحمود ذي الفضائل والفواضل كالمدح والشكر.
{لله}: اللام حرف جر ومعناها الاستحقاق أي أن الله مستحق لجميع المحامد والله علم على ذات الرب تبارك وتعالى.
{الرب}: السيد المالك المصلح المعبود بحق جل جلاله.
{العالمين}: جمع عالم وهو كل ما سوى الله تعالى، كعالم الملائكة وعالم الجن وعالم الإنس وعالم الحيوان، وعالم النبات.

.معنى الآية:

يخبر تعالى أن جميع أنواع المحامد من صفات الجلال والكمال هي له وحده دون من سواه؛ إذ هو رب كل شيء وخالقه ومالكه.
وأن علينا أن نحمده ونثنى عليه بذلك.

.تفسير الآية رقم (3):

{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3)}
تقدم شرح هاتين الكلمتين في البسملة. وأنهما اسمان وصف بهما اسم الجلالة الله في قوله: {الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم} ثناءً على الله تعالى لاستحقاقه الحمد كلّه.

.تفسير الآية رقم (4):

{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)}

.شرح الكلمات:

{مَالِك}: المالك: صاحب الملك المتصرف كيف يشاء.
{مَلِكِ}: الملك ذو السلطان الآمر الناهي المعطي المانع بلا ممانع ولا منازع.
{يومَ الدين}: يوم الجزاء وهو يوم القيامة حيث يجزي الله كل نفس ما كسبت.

.معنى الآية:

تمجيد لله تعالى بأنه المالك لكل ما في يوم القيامة حيث لا تملك نفس لنفس شيئاً والملكُ الذي لا مَلِكَ يوم القيامة سواه.

.من هداية الآيات:

في هذه الآيات الثلاث من الهداية ما يلي:
1- أن الله تعالى يحب الحمد فلذا حمد تعالى نفسه وأمر عباده به.
2- أن المدح يكون لمقتضٍ. وإلا فهو باطل وزور فالله تعالى لما حمد نفسه ذكر مقتضى الحمد وهو كونه ربّ العالمين والرحمن الرحيم ومالك يوم الدين.

.تفسير الآية رقم (5):

{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)}

.شرح الكلمات:

{إياك}: ضمير نصب يخاطب به الواحد.
{نعبد}: نطيع ما غاية الذل لك والتعظيم والحب.
{نستعين}: نطلب عونك لنا على طاعتك.

.معنى الآية:

علَّمنا الله تعالى كيف نتوسل إليه في قبول دعائنا فقال احمدوا الله واثنوا عليه ومجدوه، والتزموا له بأن تعبدوه وحده ولا تشركوا به وتستعينوه ولا تستعينوا بغيره.

.من هداية هذه الآية ما يلي:

1- آداب الدعاء حيث يقدم السائل بين يدي دعائه حمد الله والثناء عليه وتمجيده. وزادت السنة الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم، ثم يسأل حاجته فإنه يستجاب له.
2- أن لا يعبد غير ربه. وأن لا يستعينه إلاّ هو سبحانه وتعالى.

.تفسير الآية رقم (6):

{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)}

.شرح الكلمات:

{اهدنا}: أرشدنا وأدم هدايتنا.
{الصراط}: الطريق الموصل إلى رضاك وجنّتك وهو الإسلام لك.
{المستقيم}: الذي لا ميل فيه عن الحق ولا زيغ عن الهدى.

.معنى الآية:

بتعليم من الله تعالى يقول العبد في جملة إخوانه المؤمنين سائلا ربّه بعد أن توسل إليه بحمده والثناء عليه وتمجيده، ومعاهدته أن لا يَعْبدَ هو وإخوانه المؤمنون إلا هو، وأن لا يستعينوا إلا به. يسألونه أن يُديم هدايتهم للإسلام حتى لا ينقطعوا عنه.

.من هداية الآية:

الترغيب في دعاء الله والتضرع إليه وفي الحديث: «الدعاء هو العبادة».

.تفسير الآية رقم (7):

{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)}

.شرح الكلمات:

{الصراط}: تقدم بيانه.
{الذين أنعمت عليهم}: هم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون، وكل من أنعم الله عليهم بالإيمان به تعالى ومعرفته، ومعرفة محابه، ومساخطه، والتوفيق لفعل المحاب وترك المكاره.

.معنى الآية:

لما سأل المؤمن له ولإخوانه الهداية إلى الصراط المستقيم، وكان الصراط مجملاً بيّنه بقوله صراط الذين أنعمت عليهم وهو المنهج القويم المفضي بالعبد إلى رضوان الله تعالى والجنة وهو الإسلام القائم على الإيمان والعلم والعمل مع اجتناب الشرك والمعاصي.

.من هداية الآية ما يلي:

1- الاعتراف بالنعمة.
2- طلب حسن القدوة.
{غير المَغْضُوبِ عَلَيهَمْ ولاَ الضَّالِّينَ}

.شرح الكلمات:

{غير}: لفظ يستثنى به كإلاّ.
{المغضوب عليهم}: من غضب الله تعالى عليهم لكفرهم وإفسادهم في الأرض كاليهود.
{الضالين}: من أخطأوا طريق الحق فعبدوا الله بما لم يرعه كالنصارى.

.معنى الآية:

لما سأل المؤمن ربَّه الصراط المستقيم وبينه بأنه صراط من أنعم عليهم بنعمة الإيمان والعلم والعمل. ومبالغة في طلب الهداية إلى الحق، وخوفاً من الغواية استثنى كلاً من طريق المغضوب عليهم، والضالين.

.من هداية الآية:

الترغيب في سلوك سبيل الصالحين: والترهيب من سلوك سبيل الغاوين.

.تنبيه أول: كلمة آمين ليست من الفاتحة:

ويستحب أن يقولها الإمام إذا قرأ الفاتحة يمد بها صوته ويقولها المأموم، والمنفرد كذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أمن الإِمام فأمنوا أي قولوا آمين بمعنى اللهم استجب دعاءنا، ويستحب الجهر بها؛ لحديث ابن ماجة: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال آمين حتى يسمعها أهل الصف الأول فيترج بها المسجد.

.تنبيه ثان: حكم قراءة الفاتحة:

قراءة الفاتحة واجبة في كل ركعة من الصلاة، أمَّا المنفرد والإِمام فلا خلاف في ذلك، وأمَّا المأموم فإن الجمهور من الفقهاء على أنه يسن له قراءة ويكون مخصصاً لعموم حدث: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب.

.سورة البقرة:

.تفسير الآيات (1- 5):

{الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)}

.شرح الكلمة:

{آلم}: هذه من الحروف المقطعة تكتب آلم. وتقرأ هكذا:
ألِفْ لام مِّيمْ. والسور المفتتحة بالحروف المقطعة تسع وعشرون سورة أولها البقرة هذه وآخرها القلم (ن) ومنها الأحادية مثل ص. وق، ون، ومنا الثنائية مثل طه، ويس، وحم، ومنها الثلاثية والرباعية والخماسية ولم يثبت في تفسيرها عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء وكونها من المتشابه الذي استأثر الله تعالى بعلمه إلى الصواب ولذا يقال فيها: آلم: الله أعلم بمراده بذلك.
وقد استخرج منها بعض أهل العلم فائدتين: الأولى أنه لما كان المشركون يمنعون سماع القرآن مخافة أن يؤثر في نفوس السامعين كان النطق بهذه الحروف حم.
طس. ق. كهيعص وهو منطق غريب عنهم يستميلهم إلى سماع القرآن فيسمعون فيتأثرون وينجذبون فيؤمنون ويسمعون وكفى بهذه الفائدة من فائدة.
والثانية لما أنكر المركون كون القرآن كلام الله أوحاه إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم كانت هذه الحروف بمثابة المتحدِّى لهم كأنها تقول لهم: إن هذا القرآن مؤلف من مثل هذه الحروف فألفوا انتم مثله. ويشهد بهذه الفائدة ذكر لفظ القرآن بعدها غالباً نحو {الم ذلك الكتاب}. {الر تلك آيات الكتاب} {طس تلك آيات القرآن} كأنها تقول: إنه من مثل هذه الحروف تألف القرآن فألفوا أنتم نظيره فإن عجزتم فسلموا أنه كلام الله ووحيه وآمنوا به تفلحوا.
{ذلِكَ الكِتبُ لاَ ريْبَ فيهِ هدًى للمُتَّقِينَ}

.شرح الكلمات:

{ذلك}: هذا، وإنما عُدل عن لفظ هذا إلى ذلك. لما تفيده الإِشارة بلام البعد من علو المنزلة وارتفاع القدر والشأن.
{الكتاب}: القرآن الكريم الذي يقرأه رسول الله صلى الله علي وسلم على الناس.
{لا ريب}: لا شك في أنه وحى الله وكلامه أوحاه إلى رسوله.
{فيه هدًى}: دلالةٌ على الطريق الموصل إلى السعادة والكمال في الدارين.
{للمتقين}: المتقين أي عذاب الله بطاعته بفعل أوامره واجتناب نواهيه.

.معنى الآية:

يخبر تعالى أن ما أنزله على عبده ورسوله من قرآن يمثل كتاباً فخماً عظيماً لا يحتمل الشك ولا يتطرق إليه احتمال كونه غير وحى الله وكتابه بحال، وذلك لإعجازه، وما يحمله من هدى ونور لأهل الإيمان والتقوى يهتدون بهما إلى سبيل السلام والسعادة والكمال.

.من هداية الآية:

1- تقوية الإيمان بالله تعالى وكتابه ورسوله، الحث على طلب الهداية من الكتاب الكريم.
2- بيان فضيلة التقوى وأهلها.
{الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون أولئك على هدًى من ربهم وأولئك هم المفلحون}

.شرح الجمل:

{يؤمنون بالغيب}: يصدقون تصديقاً جازماً لكل ما هو غيب لا يدرك بالحواس كالربّ تبارك وتعالى ذاتاً وصفاتٍ والملائكة والبعث، والجنة، ونعيمها والنار وعذابها.
{ويقيمون الصلاة}: يُديمون أداء الصلوات الخمس في أوقاتها مع مراعاة شرائطها وأركانها وسننها ونوافلها الراتبة وغيرها.
{ومما رزقناهم ينفقون}: من بعض ما آتاهم الله من مال ينفقون وذلك بإخراجهم لزكاة أموالهم وبإنفاقهم على أنفسهم وأزواجهم وأولادهم ووالديهم وتصدقهم على الفقراء والمساكين.
{يؤمنون بما أنزل إليك}: يصدقون بالوحي الذي أنزل إليك أيها الرسول وهو الكتاب والسنة.
{وما أنزل من قبلك}: ويصدقون بما أنزل الله تعالى من كتب على الرسل من قبلك كالتوراة والإنجيل والزبور.
{أولئك على هدى من ربهم}: الإشارة إلى أصحاب الصفات الخمس السابقة والإخبار عنهم بأنهم بما هداهم الله تعالى إليه من الإيمان وصالح الأعمال هم متمكنون من الاستقامة على منهج الله المفضي بهم إلى الفلاح.
{وأولئك هم المفلحون}: الإِشارة إلى أصحاب الهداية الكاملة والإخبار عنهم بأنهم هم المفلحون الجديرون بالفوز إلى هو دخول الجنة بعد النجاة من النار.

.معنى الآيات:

ذكر تعالى في هذه الآيات الثلاث صفات المتقين من الإِيمان بالغيب وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والإيمان بما أنزل الله من كتب والإيمان بالدار الآخرة وأخبر عنهم بأنهم لذلك هم على أتم هداية من ربهم، وأنهم هم الفائزون في الدنيا بالطهر والطمأنينة وفي الآخرة بدخول الجنة بعد النجاة من النار.

.من هداية الآيات:

دعوة المؤمنين وترغيبهم في الاتصاف بصفات أهل الهداية والفلاح، ليسلكوا سلوكهم فيهتدوا ويفلحوا في دنياهم وأخراهم.

.تفسير الآيات (6- 7):

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)}

.شرح الكلمات:

{كفروا}: الكفر: لُغة التغطية والجحود، وشرعاً التكذيب بالله وبما جاءت به رسلُه عنه كلا أو بعضا.
{سواء}: بمعنى مُسْتَوٍ إنذارهم وعدمه، إذ لا فائدة منه لحكم الله بعدم هدايتهم.
{أأنذرتهم}: الإنذار: التخويف بعاقبة الكفر والظلم والفساد.
{ختم الله}: طبع إذا الختم والطبع واحد وهو وضع الخاتم أو الطابع على الظرف حتى لا يعلم ما فيه، ولا يتوصل إليه فيبدل أو يغير.
{الغشاوة}: الغطاء يغشَّى به ما يراد منع وصول الشيء إليه.
{العذاب}: الألم يزيد لعذوبة الحياة ولذتها.

.مناسبة الآيتين لما قبلهما ومعناهما:

لما ذكر أهل الإِيمان والتقوى والهداية والفلاح ذكر بعدهم أهل الكفر والضلال والخسران فقال: {إن الذين كفروا} إلخ فأخبر بعدم استعدادهم للإِيمان حتى استوى إنذارهم وعدمه وذلك لمضي سنة الله فيهم بالطبع على قلوبهم حتى لا تفقه، وعلى آذانهم حتى لا تسمع، وَيَجعلِ الغشاوة على أعينهم حتى لا تبصر، وذلك نتيجة مكابرتهم وعنادهم وإصرارهم على الكفر. وبذلك استوجبوا العذاب العظيم فحكم به عليهم. وهذا حكم الله تعالى في أهل العناد والمكابرة والإصرار في كل زمان ومكان.

.من هداية الآيتين:

1- بيان سنة الله تعالى في أهل العناد والمكابرة والإِصرار بأن يحرمهم لله تعالى الهداية وذلك بتعطيل حواسهم حتى لا ينتفعوا بها فلا يؤمنوا ولا يهتدوا.
2- التحذير من الإصرار على الكفر والظلم والفساد الموجب للعذاب العظيم.

.تفسير الآيات (8- 10):

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)}

.شرح الكلمات:

{ومن الناس}: من بعض الناس.
{من يقول آمنا بالله}: صدقنا بالله وإلهاً لا إله غيره ولا رب سواه.
{وباليوم الآخر}: صدقنا بالبعث والجزاء يوم القيامة.
{يخادعون الله}: بإظهارهم الإيمان وإخفائهم الكفر.
{وما يخدعون إلا أنفسهم}: إذ عاقبة خداعهم تعود عليهم لا على الله ولا على رسوله ولا على المؤمنين.
{وما يشعرون}: لا يعلمون أن عاقبة خداعهم عائدة عليهم.
{في قلوبهم مرض}: في قلوبهم شك ونفاق وألم الخوف من افتضاح أمرهم والضرب على أيديهم.
{فزادهم الله مرضا}: شكاً ونفاقاً وألما وخوفاً حسب سنة الله في أن السيئة لا تعقب إلاّ سيئة.
{عذاب أليم}: موجع شديد الوقع على النفس.

.مناسبة الآية لما قبلها وبيان معناها:

لما ذكر تعالى المؤمنين الكاملين في إيمانهم وذكر مقابلهم وهم الكافرون البالغون في الكفر منتهاه ذكر المنافقين وهم المؤمنون في الظاهر الكافرون في الباطن. وهم شر من الكافرين البالغين في الكفر أشده.
أخبر تعالى أن فريقاً من الناس وهم المنافقون يدعون الإيمان بألسنتهم ويضمرون الكفر في قلوبهم. يخادعون الله والمؤمنين بهذا النفاق. ولما كانت عاقبة خداعهم عائدة عليهم.
كانوا بذلك خادعين أنفسهم لا غيرهم ولكنهم لا يعلمون ذلك ولا يدرون به.
كما أخبر تعالى أن في قلوبهم مرضا وهو الكفر والنفاق والخوف، وأن زادهم مرضا عقوبة لهم في الدنيا وتوعدهم بالعذاب الأليم في الآخرة بسبب كذبهم وكفرهم.

.من هداية الآيات:

التحذير من الكذب والنفاق والخداع، وأن عاقبة الخداع تعود على صاحبها كما أن السيئة لا يتولد عنها إلا سيئة مثلها.

.تفسير الآيات (11- 13):

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13)}

.شرح الكلمات:

{الفساد في الأرض}: الكفر وارتكاب المعاصي فيها.
{الإِصلاح في الأرض}: يكون بالإِيمان الصحيح والعمل الصالح، وترك الشرك والمعاصي.
{لا يشعرون}: لا يدرون ولا يعلمون.
{السفهاء}: جمع سفيه: خفيف العقل لا يحسن التصرف والتدبير.

.معنى الآيات:

يخبر تعالى عن المنافقين أنهم إذا قال لهم أحد المؤمنين لا تفسدوا في الأرض بالنفاق وموالاة اليهود والكافرين ردوا عليه قائلين: إنما نحن مصلحون في زعمهم فأبطل الله تعالى هذا الزعم وقرر أنهم هم وحدهم المفسدون لا من عرضوا بهم من المؤمنين، إلا أنهم لا يعلمون ذلك لاستيلاء الكفر على قلوبهم. كما أخبر تعالى عنهم بأنهم إذا قال لهم أحد المؤمنين أصدقوا في إيمانكم وآمنوا إيمان فلان وفلان مثل عبد الله بن سلام ردوا قائلين: أنؤمن إيمان السفهاء الذين لا رد لهم ولا بصيرة فرد الله تعالى عليهم دعواهم وأثبت السفه لهم ونفاه عن المؤمنين الصادقين ووصفهم بالجهل وعدم العلم.

.من هداية الآيات:

1- ذم الادعاء الكاذب وهو لا يكون غالباً إلا من صفات المنافقين.
2- الإِصلاح في الأرض يكون بالعمل بطاعة الله ورسوله، والإفساد فيها يكون بمعصية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
3- العاملون بالفساد في الأرض يبررون دائما إفسادهم بأنه إصلاح وليس بإفساد.