فصل: من هداية الآيات:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير



.تفسير الآيات (52- 58):

{فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53) وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54) إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56) وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57) ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58)}

.شرح الكلمات:

{أحس منهم الكفر}: علم منهم الكفر وبما جاء به، وهمهم بأذيتّه.
{الحواريون}: جمع حواري، والمراد بهم أصفياؤه وأصحابه.
{مسلمون}: منقادون لأمر الله ورسوله مطيعون.
{الشاهدين}: الذين يشهدون أن لا إله إلا الله، ويعبدونه بما يجب أن يعبد به.
{مكروا}: دبروا القتل للمسيح عليه السلام.
{ومكر الله}: دبر تعالى لإِنجائه وخيَّبهم فيما عزموا عليه.
{خير الماكرين}: أحسن المدبرين لإِنقاذ أوليائه وإهلاك أعدائه.
{متوفيك}: متمم لك ما كتبت لك من أيام بقائك مع قومك.
{ورافعك إلّي}: إلى جواري في الملكوت الأعلى.
{ومطهرك}: منزهك ومبعدك من رجسهم وكفرهم.
{ذلك نتلوه عليك}: ذلك المذكور من أمر عيسى نقرؤه عليك من جملة آيات القرآن الحكيم.

.معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في الحِجَاج مع وفد نصارى نجران فذكر تعالى من شأنه أنه لما علم عيسى بكفر قومه وهمِّهم بقتله غيلة استصرخ المؤمنين قائلا: {من أنصاري إلى الله} فأجابه الحواريون وهم أصفياؤه وأحباؤه قائلين: {نحن أنصار الله} آمنا بالله واشهد يا روح الله بأنّا مسلمون {ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين} لك بالوحدانية ولرسلك بالرسالة. قال تعالى ونفذ اليهود مكرهم في محاصرتهم منزل عيسى ليأخذوه ويصلبوه، ومكر الله تعالى وهو خير الماكرين إذ قال لعبده ورسوله عيسى إني متوفيك أي قابضك ورافعك إلى جواري فقبضه تعالى فأخرجه من رَوزنَة المنزل ورفعه إليه وألقى الشبه على رئيس شرطة المهاجمين فظنوه هو المسيح فقتلوه وصلبوه فسبحان المدبر الحكيم، وهكذا {ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين} وقوله له ومطهرك من الذين كفروا يريد منزهه من تهم اليهود الباطلة إذ قالوا ساحر وابن زنى، ومبعده من ساحة مجتمعهم الذي تعفن بكفرهم والخبث والشر والفساد وواعده بأنه سيجعل الذين اتبعوه فيما جاء به من الإِيمان والإسلام والإحسان فوق الذين كفروا بذلك إلى يوم القيامة وقد أنجز الله تعالى وعده فأعز أهل الإِسلام ونصرهم، وأذل اليهود والكفار وأخزاهم. كما واعده أيضاً أن يرد الجميع إليه يوم القيامة ويحكم بينهم فيما اختلفوا فيه في الدنيا من الإِيمان والكفر، والصلاح والفساد ويجزي كل فريق بما كسب من خير أو شر فقال: {ثم إلّي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون فأما الذين كفروا فأعذبهم عذاباً شديداً} في الدنيا بالقتل والسباء والذلة والمسكنة، وفي الآخرة بعذاب النار، وما لهم من ناصرين يخلصونهم من عذابهم، وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيفيهم أجور إيمانهم وصالح أعمالهم في الدنيا نصراً وتمكيناً وفي الآخرة جنّات ونعيماً، والله عز وجل لا يحب الظالمين فكيف يظلم عباده إذ جازاهم بأعمالهم؟ إنه لا يظلم أحداً من عباده مؤمنهم وكافرهم مثقال ذرة بل يجزي بعدله ويرحم بفضله.

.من هداية الآيات:

1- قيام الحجّة على نصارى نجران إذ أخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالوحي فقرَّر به بطلان ألوهية عيسى عليه السلام بذكر أوصافه وأحواله مع قومه، وكرامة الله تعالى له، ولأتباعه معه ومن بعده في الدنيا والآخرة.
2- الإِسلام دين الأنبياء وسائر الأمم البشرية ولا دين حق غيره فكل دين غيره باطل.
3- تقرير حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في أن لكل نبيّ حواريين وأنصاراً.
4- فضل أهل لا إله إلا الله إذ هم الشاهدون بالحق والناطقون به.
5- تقرير قبض الله تعالى لعيسى ورفعه إليه حياً. ونزوله في آخر الدنيا ليحكم زمناً ثم يموت الموتة التي كتب الله على كل إنسان، فلم يجمع الله تعالى له بين موتتين. هذا دليل أنه رفع إلى السماء حيّاً لا ميّتاً.
6- صادق وعد الله تعالى بعزة أهل الإِسلام، وذلة اليهود على مدى الحياة.