فصل: من هداية الآيات:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير



.تفسير الآيات (124- 127):

{إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (127)}

.شرح الكلمات:

{ألن يكفيكم}: الاستفهام انكاري أي ينكرعدم الكفاية: ومعنى يكفيكم يسد حاجتكم.
{أن يمدكم}: أي بالملائكة عوناً لكم على قتال أعدائكم المتفوقين عليكم بالعدد والعتاد.
{الملائكة}: واحدهم ملاك وهم عابد الله مكرمون مخلوقون من نور لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون.
{بلى}: حرف إجابة أي يكفيكم.
{من فورهم هذا}: أي من وَجْهِهمِ في وقتهم هذا.
{مسومين}: معلمين بعلامات تعرفونهم بها.
{إلا بشرى لكم}: البشرى: الخبر السار الذي يتهلل له الوجه بالبشر والطلاقة.
{ولتطمئن به قلوبكم}: اطمئنان القلوب سكونها وذهاب الخوف والقلق عنها.
{ليقطع طرفاً}: الطرف الطائفة، يريد ليهلك من جيش العدو طائفة.
{أو يكبتهم}: أي يخزيهم ويذلهم.
{فينقلبوا خائبين}: يرجعوا إلى ديارهم خائبين لم يحرزوا النصر الذي أمّلوه.

.معنى الآيات:

ما زال السياق في تذكير الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بما تم لهم من النصر في موقف الصبر والتقوى في بدر فقال: {إذ تقول للمؤمنين} عندما بلغهم وهم حول المعركة أن كرز بن جابر المحاربي يريد أن يمد المشركين برجاله يقاتلون معهم فشق ذلك على أصحابك فقلت: {ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين} بلى: أي يكفيكم. {إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا} أي من وجههم ووقتهم هذا {يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين} بعلامات وإشارات خاصة بهم، ولما انهزم كرز قبل تحركه وقعد عن إمداد قريش بالمقاتلين لم يمد الله تعالى رسوله والمؤمنين بما ذكر من الملائكة فلم يزدهم على الألف الأولى التي أمدهم بها لمنا استغاثوه في أول المعركة جاء ذلك في سورة الأنفال في قوله تعالى: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة} فهذه الألف هي التي نزلت فعلاً وقاتلت مع المؤمنين وشوهد ذلك وعلم به يقيناً، أما الوعد بالإِمداد الأخير فلم يتم لأنه كان مشروطاً بإمداد كرز لقريش فلما لم يمدهم، لم يمد الله تعالى المؤمنين، فقال تعالى: {وما جعله الله} أي الامداد المذكور {إلا بشرى للمؤمنين} تطمئن به قلوبهم وتسكن له نفوسهم فيزول القلق والاضطراب الناتج عن الخوف من إمداد كرز المشركين بالمقاتلين، ولذا قال تعالى: {وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم} العزيز أي الغالب، الحكيم الذي يضع النصر في موضعه فيعطيه مستحقه من أهل الصبر والتقوى {ليقطع طرفا من الذين كفروا} وقد فعل فأهلك من المشركين سبعين، أو يكبتهم أي يخزيهم ويذلهم إذ أُسِرَ منهم سبعون {وانقلبوا خائبين} لم يحققوا النصر الذي أرادوه.

.من هداية الآيات:

1- بيان سبب هزيمة المسلمين في أحد وهو عدم صبرهم وإخلالهم بمبدأ التقوى إذ عصى الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلوا من البل يجرون وراء الغنيمة هذا على تفسير أن الوعد بالثلاثة آلاف وبالخمسة كان بأحد، وكان الوعد مشروطاً بالصبر والتقوى فلما لم يصبروا لم يتقوا لم يمدهم بالملائكة الذين ذكر لهم.
2- النصر وإن كانت له عوامله من كثرة العدد وقوة العدة فإنه بيد الله تعالى فقد ينصر الضعيف ويخذل القوى، فلذا وجب تحقيق ولاية الله تعالى أولاً قبل إعداد العدد. وتحقيق الولاية يكون بالإِيمان والصبر والطاعة التامة لله ولرسوله ثم التوكل على الله عز وجل.
3- ثبوت قتال الملائة مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدر قتالاً حقيقياً، لأنهم نزلوا في صورة بشر يقاتلون على خيول، وعليهم شاراتهم وعلاماتهم، ولا يقولنّ قائل: الملك الواحد يقدر على أن يهزم ملايين البشر، فكيف يعقل اشتراك ألف ملك في قتال المشركين وهم لا يزيدون عن الألف رجل، وذلك أن الله تعالى أنزلهم في صورة بشر فأصبحت صورتهم وقوتهم قوة البشر، ويدل على ذلك ويشهد له أنّ ملك الموت لما جاء موسى في صورة رجل يريد أن يقبض روحه ضربه موسى عليه السلام ففقأ عينه، وعاد إلى ربّه تعالى ولم يقبض روح موسى عليهما معاً السلام. من رواية البخارى.