فصل: من هداية الآيات:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير



.تفسير الآيات (39- 42):

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (42)}

.شرح الكلمات:

{كسراب بقيعة}: السراب شعاع أبيض يرى في نصف النهار وكأنه ماء، والقيعة جمع قاع وهو ما انبسط من الأرض.
{الظمآن}: العطشان.
{بحر لجي}: أي ذو لجج واللجة معظم الماء وغزيره كما هي الحال في المحيطات.
{يغشاه موج}: يعلوه ويغطيه موج آخر.
{يسبح له}: ينزه ويقدس بألفاظ التسبيح والتقديس كسبحان الله ونحوه والصلاة من التسبيح.
{صافات}: باسطات أجنحتها.
{قد علم صلاته}: أي كل من في السموات والأرض قد علم الله صلاته وتسبيحه كما أن كل مسبح ومصل قد علم صلاة وتسبيح نفسه.

.معنى الآيات:

قوله تعالى: {والذين كفروا أعمالهم كسراب} لما بين تعالى حال المؤمنين وأنه تعالى وفاهم أجرهم بأحسن مما كانوا يعملون وزادهم من فضله ذكر هنا حال الكافرين وهو أن أعمالهم في خسرانها وعدم الانتفاع بها كسراب وهو شعاع أبيض يرى في نصف النهار وكأنه ماء {بقيعة} أي بقاع من الأرض وهو الأرض المنبسطة {يحسبه الظمآن ماء} أي يظنه العطشاء ماء وما هو بماء ولكنه سراب خادع {حتى إذا جاءه لم يجد شيئاً} لأنه سراب لا غير. فيا للخيبة، خيبة ظمآن يقتله العطش فرأى سراباً فجرى وراءه يظنه ماء فإذا به لم يجد الماء، ووجد الحق تبارك وتعالى فحاسبه على كل أعماله وهي في جملتها أعمال إجرام وشر وفساد فوفاه إياها فخسر خسراناً مبيناً، {والله سريع الحساب} فما هي إلا لحظات والكافر في سواء الجحيم. هذا مَثَلٌ تضمنته الآية الأولى (39) ومثل آخر تضمنته الآية الثانية (40) وهو مثل مضروب لضلال الكافر وحيرته في حياته وما يعيش عليه من ظلمة الكفر ظلمة العمل اليء والإعتقاد الباطل وظلمة الجهل بربه وما يريده منه، وما أعده له قال تعالى: {أو كظلمات في بحر لجي} أي ذي لجج من الماء {يغشاه} أي يعلوه {موج من فوقه موج} أي من فوق الموج موج آخر {من فوقه سحاب} والسحاب عادة مظلم فهي {ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها} لشدة الظلمة هذه حال الكافر في هذه الحياة الدنيا، وهي ناتجة عن إعراضه عن ذكر ربه وتوغله في الشر والفساد وقوله تعالى: {ومن لم يجعل الله له نوراً فماله من نور} أعلم تعالى عباده أن النور له وبيده فنم لم يطلبه منه حرمه وعاش في الظلمات والعياذ بالله.
وقوله تعالى: {ألم تر أن الله يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات} أي ألم ينته إلى علمك يا رسولنا أن الله تعالى يسبح له من في السموات من الملائكة والأرض أي ومن في الأرض بلسان القال والحال معاً والطير صافات أي باسطات أجنحتها تسبح الله تعالى بمعنى تنزهه بألفاظ التنزيه كسبحان الله.
فإن امتنع المشركون أهل الظلمات من الإيمان بالله وعبادته وتوحيده فيها فإن الله تعالى يسبح له الخلق كله عليويه وسفليه فالكافر وإن لم يسبح بلسانه فحاله تسبح فخلقه وتركيبه وأقواله وأعماله كلها تسبح الله خالقه فهي شاهدة على قدرة الله وعلمه وحكمته وأنه لا إله إلا هو ولا رب سواه وقوله تعالى: {كل} أي ممن في السموات والأرض والطير قد علم الله صلاته وتسبيحه كما أن كلاً منهم قد علم صلاته لله تعالى وتسبيحه له {والله عليم بما يفعلون} أي والله عليم بأفعال عباده، ويجزيهم بها وهو على ذلك قدير إذ له ملك السموات والأرض وإليه المصير أي مصير كل شيء إليه تعالى فهو الذي يحكم فيه بحكمه العادل.

.من هداية الآيات:

1- استحسان ضرب الأمثال لتقريب المعاني البعيدة إلى الأذهان.
2- بيان خسران الكافرين في أعمالهم وحياتهم كلها.
3- بيان حال الكافرين في هذه الدنيا وأنهم يعيشون في ظلمات الجهل والكفر والظلم.
4- تقرير حقيقة وهي أن من لم يجعل الله له نوراً في قلبه لن يكن له نور في حياته كلها.
5- بيان أن الكون كله يسبح لله كقوله تعالى: {يسبح له ما في السموات وما في الأرض} وقوله: {وإن من شيء إلا يسبح بحمده}.