فصل: من هداية الآيات:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير



.تفسير الآيات (9- 12):

{قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)}

.شرح الكلمات:

{بالذي خلق الأرض في يومين}: أي الأحد والاثنين.
{وتجعلون له أنداداً}: أي شركاء وهذا داخل في حيز الإِنكار الشديد عليهم.
{ذلك رب العالمين}: أي الله مالك العالمين وهم كل ما سوا عز وجل من سائر الخلائق.
{وجعل فيها رواسي}: أي جبالاً ثوابت.
{وبارك فيها}: أي في الأرض بكثرة المياه والزروع والضروع.
{وقدر فيها أقواتها}: أي أقوات الناس والبهائم.
{في أربعة ايام}: أي في تمام أربعة أيام وهي الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء.
{سواء للسائلين}: أي في أربعة ايام هي سواء لمن يسال فإنها لا زيادة فيها ولا نقصان.
{ثم استوى إلى السماء}: أي قصد بإرادته الربانية إلى السماء وهي دخان قبل أن تكون سماء.
{فقضاهن سبع سموات في يومين}: أي الخميس والجمعة ولذا سميت الجمعة جمعة لاجتماع الخلق فيها.
{وأوحى في كل سماء أمرها}: أي ما أراد أن يكون فيها من الخلق والأعمال.
{وزينا السماء الدنيا بمصابيح}: أي بنجوم.
{وحفظاً}: أي وحفظناها من إستراق الشياطين السمع بالشهب الموجودة فيها.
{ذلك تقدير العزيز العليم}: أي خلق العزيز في ملكه العليم بخلقه.

.معنى الآيات:

إنه بعد الإصرار على التكذيب والإِنكار من المشركين أمر تعالى رسوله أن يقول لهم {قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين} إن كفرهم عجب منكم هل تعلمون بمن تكفرون إنكم لتكفرون بالذي خلق الأكوان كلها علويها وسفليها في ستة ايام، أين يذهب بعقولكم ياقوم أتستطيعون جحود الله تعالى وجحود آياته وهذه الأكوان كلها آيات شاهدات على وجوده وقدرته وعلمه وحكمته وموجبة له الربوبية عليها والألوهية له فيها دون غيره من سائر خلقه وأعجب من ذلك أنكم تجعلون له أنداداً أي شركاء تسوونهم به وهم اصنام لا تسمع ولا تبصر فكيف تُسوّى بالذي خلق الرض في يومين أي الأحد والاثنين، وهو رب العالمين أجميعن أي رب كل شيء ومليكه ومالكه.
وقوله تعالى في الآية الثانية (9): {وجعل فيها} أي في الأرض رواسي أي جبالا ثوابت ترسو في الأرض حتى لا تميد بأهلها ولا تميل فيخرب كل شيء عليها، {وبارك فيها} بكثرة المياه والرزق والضروع والخيرات {وقد فيها أقواتها} تقديراً يعجز البيان عن وصفه، والقلم عن رقمه وآلالات الحاسبة عن عِدّة. وذلك كله من الخلق والتقدير {في أربعة أيام سواء} لمن يسأل عنها إنها الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء أي مقدرة بأيامنا هذه التي تكونت نتيجة الشمس والقمر والليل والنهار فلا تزيد يوماً ولا تنقص آخر.
وقوله: {ثم استوى إلى السماء} في الآية الثالثة (010) يُخبر تعالى أنه بعد خلق الأرض استوى إلى السماء أي قصد بإرادته التي تعلو فوق كل إرادة {إلى السماء وهي دخان} أي بخار وسديم ارتفع من الماء الذي كان عرشه تعالى عليه فقال لها كما قال: {للأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً} أي طائعين أو مكرهتين لابد من مجيئكما حسب ما أردت وقصدت فأجابتا بما أخبر تعالى عنهما في قوله: {قالتا أتينا طائعين} أي لم يكن لنا أن نخالف أمر ربنا، {فقضاهن سبع سموات في يومين} وهما الخميس والجمعة، {وأوحى في كل سماء أمرها} أي ما اراد أن يخلقه فيها ويعمرها به من المخلوقات والطاعات.
وقوله: {وزينا السماء الدنيا بمصابيح} وهي النجوم وحفظاً أي وجعلناها أي النجوم حفظاً من الشياطين أن تسترق السمع فإن الملائكة يرجمونهم بالشهب من النجوم فيحترقون أو يخبلون. وقوله: {ذلك تقدير العزيز العليم} أي ذلك المذكور من الخلق والتقدير تقدير العزيز في ملكه أي الغالب على أمره العليم بتدبير ملكه وأعمال وأحوال خلقه.

.من هداية الآيات:

1- الكفر بالله لا ذنب فوقه بعد الكفر ذنب، وهو عجيب وأعجب منه اتخاذ أصنام وأحجار أوثاناً تعبد مع الله الحي القيوم مالك الملك ذي الجلال والإِكرام.
2- بيان الأيام التي خلق الله فيها العوالم العلوية والسفلية وهي ستة أيام أي على قدر ستة ايام من ايام الدنيا هذه مبدوءة بالأحد منتهية بالجمعة، وقدرة الله صالحة لخلق السموات والأرض وبكل ما فيهما بكلمة التكوين كن ولكن لحكم عالية أرادها الله تعالى منها تعليم عباده الأناة والتدرج في إيجاد الأشياء شيئاً فشيئاً.
4- لا تعارض بين قوله تعالى في هذه الآية ثم استوى إلى السماء المشْعِر بأن خلق السموات كان بعد خلق الأرض، وبين قوله، والأرض بعد ذلك دحاها من سورة والنازعات المفهم أن دَحْوَ الأرض كان بعد خلق السماء، إذ فسر تعالى دَحْوَ الأرض بإخراج مائها ومرعاها وهو ما ترعاه الحيوانات التي سيخلقها عليها، ثم قوله خلق الأرض في يومين على صورة يعلمها هو ولا نعلمها نحن، وتقدير الأقوات في قوله وقدر فيها اقواتها لا يستلزم أن يكون فعلا أظهر ما قدره إلى حيز الوجود، وحينئذ لا تعارض بين ما يدل من الآيات على خلق الرض أولا ثم خلق السموات وهو الذي صرحت به الأحاديث إذ خلق الأرض في يومين وقدر الأقوات في يومين وبعد أن خلق السموات دحا الأرض فأخرج منها ما قدره فيها من أقوات وأرزاق الحيوانات حسب سنته في ذلك.
4- بيان فائدتين عظيمتين للنجوم الأولى أنها زينة السماء بها تضاء وتشرق وتذهب الوحشة منها والثانية أن ترمي الشياطين بالشهب من النجوم ذات التأجج الناري.