فصل: سورة الحشر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير



.سورة الحشر:

.تفسير الآيات (1- 5):

{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (2) وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (3) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (4) مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)}

.شرح الكلمات:

{سبح لله ما في السموات وما في الأرض}: أي نزّه الله تعالى وقدَّسَهُ بلسان الحال والقال ما في السموات وما في الأرض من سائر الكائنات.
{وهو العزيز الحكيم}: أي العزيز في اتقامه من أعدائه الحكيم في تدبيره لأوليائه.
{هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم}: أي أخرج يهود بني النضير من ديارهم بالمدينة.
{لأول الحشر}: أي لأول حشر كان وثانى حشر كان من خيبر إلى الشام.
{ما ظننتم أن يخرجوا}: أي ما ظننتم أيها المؤمنون أن بني النضير يخرجون من ديارهم.
{وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله}: أي وظن يهود بني النضير أن حصونهم تمنعهم مما قضى الله به عليهم من إجلائهم من المدينة.
{فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا}: أي فجاءهم الله من حيث لم يظنوا أنهم يؤتون منه.
{وقذف في قلوبهم الرعب}: أي وقذف الله تعالى الخوف الشديد من محمد وأصحابه.
{يخربون بيوتهم بأيديهم}: أي يخربون بيوتهم حتى لا ينتفع بها المؤمنون وليأخذوا بعض أبوابها وأخشابها المستحسنة معهم.
{وأيدى المؤمنين}: إذ كانوا يهدمون عليهم الحصون ليتمكنوا من قتالهم.
{فاعتبروا يا أولى الأبصار}: أي فاتعظوا بحالهم يا أصحاب العقول ولا تغتروا ولا تعتمدوا إلا على الله سبحانه وتعالى.
{ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء}: أي ولولا أن كتب الله عليهم الخروج من المدينة.
{لعذبهم في الدنيا}: أي بالقتل والسبيّ كما عذب بنى قريظة إخوانهم بذلك.
{ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله}: جزاهم بما جزاهم به من عذاب الدنيا والآخرة بسبب مخالفتهم لله ورسوله ومعاداتهم لهما.
{ما قطعتم من لينة أو تكتموها}: أي ما قطعتم أيها المؤمنون من نخلة لينة أو تركتموها بلا قطع.
{فبإذن الله وليخزى الفاسقين}: أي فقطع ما قطعتم وترك ما تركتم كان بإِرادة الله وكان ليجزي الله الفاسقين يهود بني النضير.

.معنى الآيات:

يخبر تعالى عن جلاله وعظمته بأنه سبحه أي نزهه عن كل النقائص من الشريك والصحابة والولد والعجز والنقص مطلقاً بلسان القال ولسان الحال جميع ما في السموات وما في الأرض من الملائكة والإِنس والجن والحيوان والشجر والحجر والمدر، وأنه هو العزيز الانتقام الحكيم في تدبير حياة الأنام. هو الذي أخرج الذين كفروا من يارهم يهود بني النضير أجلاهم من ديارهم بالمدينة لأول الحشر إلى أذرعات بالشام ومنهم من نزل بخيبر وسيكون لهم حشر آخر حيث حشرهم عمر وأجلاهم من خيبر إلى الشام.
وقوله تعالى في خطاب المؤمنين: {ما ظننتم أن يخرجوا} أي من ديارهم وظنوا هم أنهم مانعتهم حصونهم من الله. فخاب ظنهم إذ أتاهم أمر الله من حيث لم يظنوا وذلك بأن قذف في قلوبهم الرعب والخوف الشديد من الرسول وأصحابه حتى أصبحوا يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين.
المؤمنون يخربونها من الظاهر لفتح البلاد وهم يخبرونها من الباطن وذلك أن الصلح الذي تم بينهم وبين الرسول والمؤمنين أنهم يحملون أموالهم إلا الحلقة أي السلاح ويجلون عن البلاد إلى الشام وهو أول حشر لهم فكانوا إذا أجبهم الباب أو الخشبة نزعوها من محلها فيخرب البيت لذلك. وقوله تعالى: {فاعتبروا يا أولى الأبصار} أي البصائر والنهي أي اتعظوا بحال بني النضير الأقوياء كيف قذف الله الرعب في قلوبهم وأجلوا عن ديارهم فاعتبروا يا أولى البصائر فلا تغتروا بقواكم ولكن اعتمدوا على الله وتوكلوا عليه.
وقوله تعالى: {ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء} أزلا في اللوح المحفظ لعذبهم في الدنيا بالسبي والقتل كما عذب بنى قريظة بعدهم. ولهم في الآخرة عذاب النار، ثم علل تعالى لهذا العذاب الذي أنزله وينزله بهم بقوله: {ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله} أي خالفوهما وعادوهما، ومن يشاق الله يعاقبه بأشد العقوبات فإن الله شيد العقاب.
وقوله تعالى: {ما قطعتم من لينة} أي من نخلة لينة أو تركتموها بلا قطع قائمة على أصولها فقد كان ذلك بإن الله فلا إثم عليكم فيه فقد أسرّ به المؤمنين وأخزى به الفاسقين اليهود.

.من هداية الآيات:

1- بيان جلال الله وعظمته مع عزه وحكمته في تسبيحه من كل المخلوقات العلوية والسفلية وفي إجلاء بني النضير من ديارهم وهو أول حشر وإجلاءتم لهم وسيعقبه حشرٌ ثانٍ وثالثٌ.
2- بيان أكبر عبرة في خروج نبى النضير، وذلك لما كان لهم من قوة ولما عليه المؤمننون من ضعف ومع هذا فقد انهزموا شر هزيمة وتركوا البلاد والاموال ورحلوا إلى غير رجعة. فعلى مثل هذا يتعظ المتعظون فإنه لا قوة تنفع مع قوة الله، فلا يغتر العقلاء بقواهم المادية بل عليهم أن يعتمدوا على الله أولاً وآخراً.
3- علة هزيمة بني النضير ليست إلا محادتهم لله والرسول ومخالفتهم لهما وهذه سنته تعالى في كل من يحاده رسوله فإنه ينزل به أشد أنواع العقوبات.
4- عفو الله تعالى على المجتهد إذا أخطأ وعدم مؤاخذته، فقد اجتهد المؤمنون في قطع نخل بني النضير من أجل إغاظتهم حتى ينزلوا من حصونهم. وأخطأوا في ذلك إ قطع النخل المثمر فساد، ولكن الله تعالى لم يؤاخذهم لأنهم مجتهدون.