فصل: النَّوْعُ الثَّالِثُ: مَعْرِفَةُ النَّهَارِيِّ وَاللَّيْلِيِّ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإتقان في علوم القرآن (نسخة منقحة)



.النَّوْعُ الثَّانِي: مَعْرِفَةُ الْحَضَرِيِّ وَالسَّفَرِيِّ:

أَمْثِلَةُ الْحَضَرِيِّ كَثِيرَةٌ‏.
وَأَمَّا السَّفَرِيُّ: فَلَهُ أَمْثِلَةٌ تَتَبَّعْتُهَا‏.
مِنْهَا: {‏وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى‏} [الْبَقَرَة: 125] نَزَلَتْ بِمَكَّةَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ‏.
فَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ‏: «لَمَّا طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ عُمَرُ‏: هَذَا مَقَامُ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ‏: نَعَمْ قَالَ‏: أَفَلَا نَتَّخِذُهُ مُصَلَّى؟ فَنَزَلَتْ».
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّاب: «أَنَّهُ مَرَّ بِمَقَامِ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ‏: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيْسَ نَقُومُ مَقَامَ خَلِيلِ رَبِّنَا؟ قَالَ‏: بَلَى قَالَ‏: أَفَلَا نَتَّخِذُهُ مُصَلَّى؟ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَا يَسِيرًا حَتَّى» نَزَلَتْ‏.
وَقَالَ ابْنُ الْحَصَّار: نَزَلَتْ إِمَّا فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، أَوْ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ، أَوْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ‏.
وَمِنْهَا {‏وَلَيْسَ الْبَرَّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا‏} الْآيَةَ [الْبَقَرَة: 189]. رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ‏. وَعَنِ السَّدِّيِّ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ‏.
وَمِنْهَا {‏وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ‏} [الْبَقَرَة: 196] فَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ- صَلَّى الِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَضَمِّخٌ بِالزَّعْفَرَانِ، عَلَيْهِ جُبَّةٌ، فَقَالَ‏: كَيْفَ تَأْمُرُنِي فِي عُمْرَتِي؟ فَنَزَلَتْ، فَقَالَ‏: أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْعُمْرَةِ؟ أَلْقِ عَنْكَ ثِيَابَكَ، ثُمَّ اغْتَسِلْ».. الْحَدِيثَ‏.
وَمِنْهَا: {‏فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ‏} الْآيَةَ [الْبَقَرَة: 196]. نَزَلَتْ بِالْحُدَيْبِيَةَ كَمَّا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، وَالْوَاحِدِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏.
وَمِنْهَا: {آمَنَ الرَّسُولُ} الْآيَةَ [الْبَقَرَة: 285]. قِيلَ: نَزَلَتْ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَلَمْ أَقِفْ لَهُ عَلَى دَلِيلٍ‏.
وَمِنْهَا: {‏وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ‏} الْآيَةَ [الْبَقَرَة: 281]. نَزَلَتْ بِمِنًى عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ‏.
وَمِنْهَا: {‏الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ‏‏} الْآيَةَ [آلِ عِمْرَانَ: 172]‏. أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِحَمْرَاءَ الْأَسَدِ‏.
وَمِنْهَا‏: آيَةُ التَّيَمُّمِ فِي النِّسَاءِ [43]. أَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ الْأَسْلَعِ بْنِ شَرِيكٍ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي بَعْضِ أَسْفَارِ النَّبِيِّ‏.
وَمِنْهَا: {‏إِنَّ الِلَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا‏} [النِّسَاء: 58] نَزَلَتْ يَوْمَ الْفَتْحِ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ، كَمَا أَخْرَجَهُ سُنَيْدٌ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏.
وَمِنْهَا: {‏وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ‏} الْآيَةَ [النِّسَاء: 102]، نَزَلَتْ بِعُسْفَانَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، كَمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ‏.
وَمِنْهَا: {‏يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ‏} [النِّسَاء: 176] أَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَغَيْرُهُ، عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهَا نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ- صَلَّى الِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَسِيرٍ لَهُ.
وَمِنْهَا‏: أَوَّلُ الْمَائِدَةِ، أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ: أَنَّهَا نَزَلَتْ بِمِنًى‏. وَأَخْرَجَ فِي الدَّلَائِلِ عَنْ أُمِّ عَمْرٍو، عَنْ عَمِّهَا: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مَسِيرٍ لَهُ‏.
وَأَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ‏: نَزَلَتْ سُورَةُ الْمَائِدَةِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ‏.
وَمِنْهَا: {‏الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏} [الْمَائِدَة: 3] فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُمْرَ: أَنَّهَا نَزَلَتْ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ‏، وَلَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ، لَكِنْ أَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهَا نَزَلَتْ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ‏.
وَأَخْرَجَ مِثْلَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِيه: أَنَّهُ الْيَوْمُ الثَّامِنَ عَشْرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، مَرْجِعُهُ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ‏.
وَمِنْهَا‏: آيَةُ التَّيَمُّمِ فِيهَا، فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِالْبَيْدَاءِ، وَهُمْ دَاخِلُونَ الْمَدِينَةَ‏. وُفِي لَفْظ: الْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيد: يُقَالُ إِنَّهُ كَانَ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ‏، وَجَزَمَ بِهِ فِي الَاسْتِذْكَارِ، وَسَبَقَهُ إِلَى ذَلِكَ ابْنُ سَعْدٍ وَابْنُ حِبَّانَ، وَغَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ هِيَ غَزْوَةُ الْمُرَيْسِيعِ. وَاسْتَبْعَدَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، قَالَ‏: لِأَنَّ الْمُرَيْسِيعَ مِنْ نَاحِيَةِ مَكَّةَ بَيْنَ قُدَيْدٍ وَالسَّاحِلِ، وَهَذِهِ الْقِصَّةُ مِنْ نَاحِيَةِ خَيْبَرَ؛ لِقَوْلِ عَائِشَةَ بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ، وَهُمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَخَيْبَرَ، كَمَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ، لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ التِّينِ بِأَنَّ الْبَيْدَاءَ هِيَ ذُو الْحُلَيْفَةِ‏.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ‏: الْبَيْدَاءُ هُوَ الشَّرَفُ الَّذِي قُدَّامَ ذِي الْحُلَيْفَةِ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ، قَالَ‏: وَذَاتُ الْجَيْشِ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى بَرِيدٍ.
وَمِنْهَا: {‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ الِلَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ‏‏} الْآيَةَ [الْمَائِدَة: 11]‏. أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ‏: ذُكِرَ لَنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ الِلَّهِ- صَلَّى الِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بِبَطْنِ نَخْلٍ، فِي الْغَزْوَةِ السَّابِعَةِ، حِينَ أَرَادَ بَنُو ثَعْلَبَةَ وَبَنُو مُحَارِبٍ أَنْ يَفْتِكُوا بِهِ، فَأَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ‏.
وَمِنْهَا: {‏وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ الناس} [الْمَائِدَة: 67]. فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي السَّفَرِ‏.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ بِأَعْلَى نَخْلٍ فِي غَزْوَةِ بَنِي أَنْمَارٍ‏.
وَمِنْهَا‏: أَوَّلُ الْأَنْفَالِ، نَزَلَتْ بِبَدْرٍ عَقِبَ الْوَاقِعَةِ، كَمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ‏.
وَمِنْهَا: {‏إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ‏} الْآيَةَ [الْأَنْفَال: 9]. نَزَلَتْ بِبَدْرٍ أَيْضًا كَمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عُمَرَ‏.
وَمِنْهَا: {‏الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ‏} الْآيَةَ [التَّوْبَة: 34]، نَزَلَتْ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، كَمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ ثَوْبَانَ‏.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ: {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا} الْآيَاتِ [التَّوْبَة: 42]، نَزَلَتْ فِي غَزْوَةِ تَبُوكٍ، كَمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَمِنْهَا: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لِيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} [التَّوْبَة: 56]. نَزَلَتْ فِي غَزْوَةِ تَبُوكٍ، كَمَّا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ‏.
وَمِنْهَا: {‏مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا‏} الْآيَةَ [التَّوْبَة: 113]‏. أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ- صَلَّى الِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُعْتَمِرًا وَهَبَطَ مِنْ ثَنِيَّةِ عُسْفَانَ، فَزَارَ قَبْرَ أُمِّهِ، وَاسْتَأْذَنَ فِي الَاسْتِغْفَارِ لَهَا‏.
وَمِنْهَا‏: خَاتِمَةُ النَّحْلِ‏، أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ وَالْبَزَّارُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهَا نَزَلَتْ بِأُحُدٍ وَالنَّبِيُّ- صَلَّى الِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاقِفٌ عَلَى حَمْزَةَ حِينَ اسْتُشْهِدَ.
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّهَا نَزَلَتْ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ‏.
وَمِنْهَا‏: {‏وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا‏} [الْإِسْرَاء: 76] أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي تَبُوكٍ‏.
وَمِنْهَا‏: أَوَّلُ الْحَجِّ‏، أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ‏: لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ- صَلَّى الِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {‏‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ‏} إِلَى قَوْلِه: {‏وَلَكِنَّ عَذَابَ الِلَّهَ شَدِيدٌ‏} [الْحَجّ: 1- 2] أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ وَهُوَ فِي سَفَرٍ. ‏... الْحَدِيثَ‏.
وَعِنْدَ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مَسِيرِهِ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ‏.
وَمِنْهَا: {هَذَانَ خَصْمَانِ‏} [الْحَجّ: 19] الْآيَاتِ. قَالَ الْقَاضِي جَلَالُ الدِّينِ الْبَلْقِينِيُّ‏: الظَّاهِرِ أَنَّهَا نَزَلَتْ يَوْمَ بَدْرٍ وَقْتَ الْمُبَارَزَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِشَارَةِ بـ هَذَانَ.
وَمِنْهَا {‏أُذِنَ لِلَّذِينِ يُقَاتَلُونَ‏} الْآيَةَ [الْحَجّ: 39]‏، أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏: لَمَّا أُخْرِجُ النَّبِيُّ- صَلَّى الِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مَكَّةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏: أَخْرَجُوا نَبِيَّهُمْ لَيُهْلَكُنَّ، فَنَزَلَتْ‏.
قَالَ ابْنُ الْحَصَّار: وَاسْتَنْبَطَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي سَفَرِ الْهِجْرَةِ‏.
وَمِنْهَا: {‏أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ‏} الْآيَةَ [الْفُرْقَان: 45]. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ‏: نَزَلَتْ بِالطَّائِفِ وَلَمْ أَقِفْ لَهُ عَلَى مُسْتَنَدٍ‏.
وَمِنْهَا: {‏إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} [الْقَصَص: 85] نَزَلَتْ بِالْجُحْفَةِ فِي سَفَرِ الْهِجْرَةِ، كَمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الضَّحَّاكِ‏.
وَمِنْهَا‏: أَوَّلُ الرُّومِ، رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ‏: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ ظَهَرَتِ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ، فَأَعْجَبَ ذَلِكَ الْمُؤْمِنِينَ، فَنَزَلَتْ {‏ألم غُلِبَتِ الرُّومُ‏} إِلَى قَوْلِهِ {بِنَصْرِ الِلَّهِ‏} [الرُّوم: 1- 5] قَالَ التِّرْمِذِيُّ‏: غَلَبَتِ الرُّومُ، يَعْنِي بِالْفَتْحِ‏.
وَمِنْهَا: {‏‏وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا‏‏} الْآيَةَ [الزُّخْرُف: 45] قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ‏: نَزَلَتْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ‏.
وَمِنْهَا: {‏وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً‏} الْآيَةَ [مُحَمَّدٍ: 13]‏. قَالَ السَّخَاوِيُّ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ: قِيلَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَوَجَّهَ مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَقَفَ فَنَظَرَ إِلَى مَكَّةَ وَبَكَى، فَنَزَلَتْ‏.
وَمِنْهَا‏: سُورَةُ الْفَتْحِ‏، أَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَا: نَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فِي شَأْنِ الْحُدَيْبِيَةِ، مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا‏. وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مَجْمَعِ بْنِ جَارِيَةَ: أَنَّ أَوَّلَهَا نَزَلَ بِكُرَاعِ الْغَمِيمِ‏.
وَمِنْهَا: {‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى‏} الْآيَةَ [الْحُجُرَات: 13]‏. أَخْرَجَ الْوَاحِدِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّهَا نَزَلَتْ بِمَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ، لَمَّا رَقِيَ بِلَالٌ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ وَأَذَّنَ، فَقَالَ بَعْضُ النَّاس: أَهَذَا الْعَبْدُ الْأَسْوَدُ يُؤَذِّنُ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ؟!
وَمِنْهَا: {‏‏سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ} الْآيَةَ [الْقَمَر: 45]، قِيلَ: إِنَّهَا نَزَلَتْ يَوْمَ بَدْرٍ حَكَاهُ ابْنُ الْفَرَسِ، وَهُوَ مَرْدُودٌ، لِمَا سَيَأْتِي فِي النَّوْعِ الثَّانِي عَشَرَ، ثُمَّ رَأَيْتُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يُؤَيِّدُهُ‏.
وَمِنْهَا‏: قَالَ النَّسَفِيُّ‏: قَوْلَهُ: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ} [الْوَاقِعَةُ: 13]، وَقَوْلُهُ: {‏أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ‏} [الْوَاقِعَة: 81] نَزَلَتَا فِي سَفَرِهِ- صَلَّى الِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَدِينَةِ. وَلَمْ أَقِفْ لَهُ عَلَى مُسْتَنَدٍ‏.
وَمِنْهَا: {‏وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ‏} [الْوَاقِعَة: 82] أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ أَبِي حَرْزَةَ قَالَ‏: «نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكٍ لَمَّا نَزَلُوا الْحِجْرَ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ الِلَّهِ- صَلَّى الِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ لَا يَحْمِلُوا مِنْ مَائِهَا شَيْئًا، ثُمَّ ارْتَحَلَ، ثُمَّ نَزَلَ مَنْزِلًا آخَرَ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَشَكَوْا ذَلِكَ، فَدَعَا، فَأَرْسَلَ اللَّهُ سَحَابَةً، فَأَمْطَرَتْ عَلَيْهِمْ حَتَّى اسْتَقَوْا مِنْهَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ‏: إِنَّمَا مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا، فَنَزَلَتْ».
وَمِنْهَا: آيَةُ الِامْتِحَان: {‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ‏} الْآيَةَ [الْمُمْتَحَنَة: 10]‏. أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيّ: أَنَّهَا نَزَلَتْ بِأَسْفَلِ الْحُدَيْبِيَةِ.
وَمِنْهَا‏: سُورَةُ الْمُنَافِقُونَ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: أَنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلًا فِي غَزْوَةِ تَبُوكٍ‏. وَأَخْرَجَ عَنْ سُفْيَانَ أَنَّهَا فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ. وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ‏.
وَمِنْهَا‏: سُورَةُ الْمُرْسَلَاتِ‏‏، أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارٍ بِمِنًى إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْه: {وَالْمُرْسَلَاتِ}.. الْحَدِيثَ‏.
وَمِنْهَا‏: سُورَةُ الْمُطَفِّفِينَ أَوْ بَعْضُهَا، حَكَى النَّسَفِيُّ وَغَيْرُهُ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي سَفَرِ الْهِجْرَةِ قَبْلَ دُخُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة.
وَمِنْهَا‏: أَوَّلُ سُورَةِ اقْرَأْ نَزَلَ بِغَارِ حِرَاءَ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وَمِنْهَا‏: سُورَةُ الْكَوْثَرِ‏. أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّهَا نَزَلَتْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ‏.
وَمِنْهَا‏: سُورَةُ النَّصْرِ‏، أَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِل: عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ‏: أُنْزِلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ: {‏إِذَا جَاءَ نَصْرُ الِلَّهِ وَالْفَتْحُ‏} عَلَى رَسُولِ الِلَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَعَرَفَ أَنَّهُ الْوَدَاعِ، فَأَمَرَ بِنَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ، فَرَحَلَتْ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَذَكَرَ خُطْبَتَهُ الْمَشْهُورَةَ‏.

.النَّوْعُ الثَّالِثُ: مَعْرِفَةُ النَّهَارِيِّ وَاللَّيْلِيِّ:

أَمْثِلَةُ النَّهَارِيِّ كَثِيرَةٌ. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ‏: نَزَلَ أَكْثَرُ الْقُرْآنِ نَهَارًا; وَأَمَّا اللَّيْلِيُّ فَتَتَبَّعْتُ لَهُ أَمْثِلَةً:
مِنْهَا‏: آيَةُ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «بَيْنَمَا النَّاسُ بِقُبَاءَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، إِذْ أَتَاهُمْ آتٍ فَقَالَ‏: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ‏».
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَنَزَلَتْ: {‏قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ‏} الْآيَةَ [الْبَقَرَة: 144]. فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَقَدْ صَلَّوْا رَكْعَةً، فَنَادَى‏: أَلَا إِنَّ الْقِبْلَةَ قَدْ حُوِّلَتْ، فَمَالُوا كُلُّهُمْ نَحْوَ الْقِبْلَةِ».
لَكِنْ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ الْبَرَاء: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَلَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشْرَ- أَوْ سَبْعَةَ عَشْرَ شَهْرًا- وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَإِنَّهُ أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا الْعَصْرَ وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ فَقَالَ‏: أَشْهَدُ بِالِلَّهِ، لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ الِلَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ الْكَعْبَةِ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ‏». فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا نَزَلَتْ نَهَارًا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ‏.
قَالَ الْقَاضِي جَلَالُ الدِّين: وَالْأَرْجَحُ بِمُقْتَضَى الَاسْتِدْلَالِ نُزُولُهَا بِاللَّيْلِ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ أَهْلِ قُبَاءَ كَانَتْ فِي الصُّبْحِ، وَقُبَاءُ قَرِيبَةٌ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ الِلَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَّرَ الْبَيَانَ لَهُمْ مِنَ الْعَصْرِ إِلَى الصُّبْحِ.
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ‏: الْأَقْوَى أَنَّ نُزُولَهَا كَانَ نَهَارًا، وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ الْخَبَرَ وَصَلَ وَقْتَ الْعَصْرِ إِلَى مَنْ هُوَ دَاخِلَ الْمَدِينَةِ وَهُمْ بَنُو حَارِثَةَ، وَوَصَلَ وَقْتَ الصُّبْحِ إِلَى مَنْ هُوَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، وَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ أَهْلُ قُبَاءَ. وَقَوْلُهُ: (قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ) مَجَازٌ، مِنْ إِطْلَاقِ اللَّيْلَةِ عَلَى بَعْضِ الْيَوْمِ الْمَاضِي وَالَّذِي يَلِيهِ‏.
قُلْتُ‏: وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى، قَالَ‏: «مَرَرْنَا يَوْمًا وَرَسُولُ الِلَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقُلْتُ: لَقَدْ حَدَثَ أَمْرٌ، فَجَلَسْتُ، فَقَرَأَ رَسُولُ الِلَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ: {‏قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ‏} حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى الظُّهْرَ‏».
وَمِنْهَا‏: أَوَاخِرُ آلِ عِمْرَانَ، أَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ، فِي صَحِيحِهِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ التَّفَكُّرِ عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ بِلَالًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤَذِّنُّهُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَوَجَدَهُ يَبْكِي فَقَالَ‏: يَا رَسُولَ الِلَّهِ، مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ‏: وَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَبْكِيَ وَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيَّ هَذِهِ اللَّيْلَةَ: {‏‏إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ‏} [آلِ عِمْرَانَ: 190]، ثُمَّ قَالَ‏: وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ».
وَمِنْهَا: {‏وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ‏} [الْمَائِدَة: 67] أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْرَسُ، حَتَّى نَزَلَتْ، فَأَخْرَجَ رَأْسَهُ مِنَ الْقُبَّةِ، فَقَالَ‏: أَيُّهَا النَّاسُ انْصَرِفُوا فَقَدْ عَصَمَنِي اللَّهُ».
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ عِصْمَةَ بْنِ مَالِكٍ الْخَطْمِيِّ، قَالَ‏: «كُنَّا نَحْرُسُ رَسُولَ الِلَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ حَتَّى نَزَلَتْ، فَتَرَكَ الْحَرَسَ‏».
وَمِنْهَا‏: سُورَةُ الْأَنْعَامِ، أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏: نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ بِمَكَّةَ لَيْلًا جُمْلَةً، حَوْلَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلِكٍ يَجْأَرُونَ بِالتَّسْبِيحِ‏.
وَمِنْهَا‏: آيَةُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ كَعْبٍ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَوْبَتَنَا حَتَّى بَقِيَ الثُّلُثُ الْأَخِيرُ مِنَ اللَّيْلِ‏.
وَمِنْهَا‏: سُورَةُ مَرْيَمَ؛ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانِيِّ، قَالَ‏: «أَتَيْتُ رَسُولَ الِلَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ‏: وُلِدَتْ لِيَ اللَّيْلَةَ جَارِيَةٌ، فَقَالَ‏: وَاللَّيْلَةَ نَزَلَتْ عَلَيَّ سُورَةُ مَرْيَمَ، سَمِّهَا مَرْيَمَ».
وَمِنْهَا‏: أَوَّلُ الْحَجِّ، ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَرَكَاتٍ السَّعْدِيُّ فِي كِتَابِهِ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ وَجَزَمَ بِهِ السَّخَاوِيُّ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ. وَقَدْ يَسْتَدِلُّ لَهُ بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: أَنَّهَا نَزَلَتْ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، وَقَدْ نَعَسَ بَعْضُ الْقَوْمِ وَتَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ فَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ.. الْحَدِيثَ‏.
وَمِنْهَا‏: آيَةُ الْإِذْنِ فِي خُرُوجِ النِّسْوَةِ فِي الْأَحْزَابِ، قَالَ الْقَاضِي جَلَالُ الدِّين: وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا {‏يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ‏} الْآيَةَ [الْأَحْزَاب: 59]. فَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ: «خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَ مَا ضُرِبَ الْحِجَابُ لِحَاجَتِهَا، وَكَانَتِ امْرَأَةً جَسِيمَةً لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا، فَرَآهَا عُمَرُ، فَقَالَ‏: يَا سَوْدَةُ، أَمَا وَالِلَّهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا، فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ. قَالَتْ‏: فَانْكَفَأْتُ رَاجِعَةً إِلَى رَسُولِ الِلَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّهُ لِيَتَعَشَّى وَفِي يَدِهِ عَرْقٌ، فَقُلْتُ‏: يَا رَسُولَ الِلَّهِ، خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي، فَقَالَ لِي عُمَرُ كَذَا؛ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ وَإِنَّ الْعَرْقَ فِي يَدِهِ مَا وَضَعَهُ، فَقَالَ‏: إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ».
قَالَ الْقَاضِي جَلَالُ الدِّين: وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ ذَلِكَ كَانَ لَيْلًا؛ لِأَنَّهُنَّ إِنَّمَا كُنَّ يَخْرُجْنَ لِلْحَاجَةِ لَيْلًا، كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ‏.
وَمِنْهَا: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا} [الزُّخْرُف: 45] عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ: إِنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ.
وَمِنْهَا‏: أَوَّلُ الْفَتْحِ، فَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيث: «لَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَقَرَأَ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} ‏... الْحَدِيثَ‏».
وَمِنْهَا‏: سُورَةُ الْمُنَافِقِينَ، كَمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ‏.
وَمِنْهَا‏: سُورَةُ (وَالْمُرْسَلَاتِ)، قَالَ السَّخَاوِيُّ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ: رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلَةَ الْحَيَّةِ بِحِرَاءَ‏.
قُلْتُ‏: هَذَا أَثَرٌ لَا يُعْرَفُ‏، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي صَحِيحِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَهُوَ مُسْتَخْرِجُهُ عَلَى الْبُخَارِيِّ أَنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلَةَ عَرَفَةَ بِغَارِ مِنًى، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِدُونِ قَوْلِهُ لَيْلَةَ: عَرَفَةَ. وَالْمُرَادُ بِهَا‏: لَيْلَةَ التَّاسِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَإِنَّهَا الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبِيتُهَا بِمِنًى‏.
وَمِنْهَا‏: الْمُعَوِّذَتَانِ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ أَشْتَةَ فِي الْمَصَاحِف: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نَبَّأَنَا أَبُو دَاوُدَ، نَبَّأَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نَبَّأْنَا جَرِيرٌ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ‏: قَالَ رَسُولُ الِلَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ آيَاتٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُن: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} وَ{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}».
وَمِنْهُ: مَا نَزَلَ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي وَقْتِ الصُّبْحِ، وَذَلِكَ آيَاتٌ‏.
مِنْهَا‏: آيَةُ التَّيَمُّمِ فِي الْمَائِدَةِ، فَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ‏: وَحَضَرَتِ الصُّبْحُ فَالْتَمَسَ الْمَاءَ فَلَمْ يَجِدْ، فَنَزَلَتْ: {‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ‏} إِلَى قَوْلِهِ {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الْمَائِدَة: 6].
وَمِنْهَا: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آلِ عِمْرَانَ: 128]. فَفِي الصَّحِيح: أَنَّهَا نَزَلَتْ وَهُوَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، حِينَ أَرَادَ أَنْ يَقْنُتَ يَدْعُوَ عَلَى أَبِي سُفْيَانَ، وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ‏.
تَنْبِيهٌ: فَإِنْ قُلْتَ‏: فَمَا تَصْنَعُ بِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: «أَصْدَقُ الرُّؤْيَا مَا كَانَ نَهَارًا؛ لِأَنَّ الِلَّهِ خَصَّنِي بِالْوَحْيِ نَهَارًا». أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ‏.
قُلْتُ‏: هَذَا الْحَدِيثُ مُنْكَرٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ‏.