فصل: بَاب الْمَوَاقِيت:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإلمام بأحاديث الأحكام



.بَاب الْمَوَاقِيت:

(711) عَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقَّت لأهل الْمَدِينَة ذَا الحليفة، وَلأَهل الشَّام الْجحْفَة ، وَلأَهل نجد قرن الْمنَازل، وَلأَهل الْيمن يَلَمْلَم، وَقَالَ: هن لَهُنَّ، وَلكُل آتٍ أَتَى عَلَيْهِم من غَيْرهنَّ مِمَّن أَرَادَ الْحَج أَو الْعمرَة، وَمن كَانَ دون ذَلِك فَمن حَيْثُ أنشأ حَتَّى أهل مَكَّة من مَكَّة. مُتَّفق عَلَيْهِ، وَاللَّفْظ لمُسلم.
(712) وَعَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمر عمرتين: عمْرَة فِي ذِي الْقعدَة، وَعمرَة فِي شَوَّال. أخرجه أَبُو دَاوُد.
(713) وَعَن عَطاء قَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس يحدثنا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لامْرَأَة من الْأَنْصَار- سَمَّاهَا ابْن عَبَّاس فنسيت اسْمهَا-: «مَا مَنعك أَن تحجي مَعنا؟» قَالَت: لم يكن لنا إِلَّا ناضحان، فحج أَبُو وَلَدهَا، وَابْنهَا عَلَى نَاضِح، وَترك لنا ناضحاً ننضح عَلَيْهِ. قَالَ: «فَإِذا جَاءَ رَمَضَان فاعتمري، فَإِن عمْرَة فِيهِ تعدل حجَّة». لفظ مُسلم، وَهُوَ مُتَّفق عَلَيْهِ.

.بَاب وُجُوه أَدَاء النُّسُكَيْنِ:

(714) عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَت: منا من أهل بِالْحَجِّ مُفردا، وَمنا من قرن، وَمنا من تمتّع. أخرجه مُسلم.
(715) وَعَن سَالم بن عبد الله بن عمر أَن ابْن عمر قَالَ: تمتّع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حجَّة الْوَدَاع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج وَأهْدَى، وسَاق مَعَه الْهَدْي من ذِي الحليفة، وَبَدَأَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأهل بِالْعُمْرَةِ ثمَّ أهل بِالْحَجِّ، فتمتع النَّاس مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج. فَكَانَ من النَّاس من أهْدَى فساق مَعَه الْهَدْي، وَمِنْهُم من لم يهد. فَلَمَّا قدم النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّة قَالَ للنَّاس: «من كَانَ مِنْكُم أهْدَى فَإِنَّهُ لَا يحل من شَيْء حرم مِنْهُ حَتَّى يُقْضَى حجه، وَمن لم يكن مِنْكُم أهْدَى فليطف بِالْبَيْتِ وبالصفا والمروة، وَيقصر، وليحلل، ثمَّ ليهلّ بِالْحَجِّ، فَمن لم يجد هَديا فليصم ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج وَسَبْعَة إِذا رَجَعَ إِلَى أَهله»، وَطَاف حِين قدم مَكَّة، واستلم الرُّكْن أول شَيْء، ثمَّ خبَّ ثَلَاثَة أطواف، وَمَشى أَرْبعا، وَركع حِين قَضَى طَوَافه بِالْبَيْتِ عِنْد الْمقَام رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ سلم، فَانْصَرف، فَأَتَى الصَّفَا فَطَافَ بالصفا والمروة سَبْعَة أطواف، ثمَّ لم يحلل من شَيْء حَرُم مِنْهُ حَتَّى قَضَى حجه، وَنحر هَدْيه يَوْم النَّحْر، وأفاض فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثمَّ حل من كل شَيْء حرم مِنْهُ، وَفعل مثل مَا فعل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أهْدَى وسَاق الْهَدْي من النَّاس. لفظ البُخَارِيّ، وَهُوَ مُتَّفق عَلَيْهِ.

.بَاب الْإِحْرَام وَمَا يحرم فِيهِ:

(717) عَن أبي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قدمت عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ منيخ بالبطحاء، فَقَالَ لي: «أحججت؟» قلت: نعم فَقَالَ: «بِمَ أهللتَ؟» قَالَ: قلت لبيْك اللَّهُمَّ بإهلال كإهلال النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.«فَقَالَ: قد أحسنتَ»... الحَدِيث. لفظ مُسلم، وَهُوَ مُتَّفق عَلَيْهِ.
(718) عَن سَالم بن عبد الله بن عمر أَنه سمع أَبَاهُ يَقُول: بيداؤكم هَذِه الَّتِي تكذبون عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا مَا أهل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا من عِنْد الْمَسْجِد يَعْنِي ذَا الحليفة. وَهُوَ كَالَّذي قبله، مُتَّفق عَلَيْهِ.
(719) وَعَن خَلاد بن السَّائِب الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَتَانِي جِبْرِيل فَأمرنِي أَن آمُر أَصْحَابِي وَمن معي أَن يرفعوا أَصْوَاتهم بِالتَّلْبِيَةِ، أَو بالإهلال يُرِيد أَحدهمَا». رَوَاهُ مَالك، ثمَّ الْأَرْبَعَة، وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ.
(720) وَعَن عبد الله بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما قَالَ: قَامَ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، مَاذَا تَأْمُرنَا أَن نلبس من الثِّيَاب فِي الْإِحْرَام؟ فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ«لَا تلبسوا القمص، وَلَا السراويلات، وَلَا العمائم، وَلَا البرانس، إِلَّا أَن يكون أحد لَيْسَ لَهُ نَعْلَانِ فليلبس الْخُفَّيْنِ، وليقطع أَسْفَل من الْكَعْبَيْنِ، وَلَا تلبسوا شَيْئا مَسّه زعفران وَلَا ورس، وَلَا تنتقب الْمَرْأَة الْمُحرمَة، وَلَا تلبس القفازين». رَوَاهُ البُخَارِيّ، وَفِي بعض طرق حَدِيث ابْن عمر الصَّحِيحَة: «وَلَا الْخفاف».
(721) وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث ابْن إِسْحَاق، قَالَ: فَإِن نَافِعًا مولَى ابْن عمر، حَدثنِي عَن عبد الله بن عمر أَنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نهَى النِّسَاء فِي إحرامهن عَن القفازين والنقاب، وَمَا مس الورس أَو الزَّعْفَرَان من الثِّيَاب، ولتلبس بعد ذَلِك مَا أحبت من ألوان الثِّيَاب معصفراً، أَو خَزًّا، أَو حليا، أَو سَرَاوِيل، أَو قَمِيصًا، أَو خفافاً». أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك.
(722) وَعَن جَابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من لم يجد نَعْلَيْنِ فليلبس خُفَّيْنِ، وَمن لم يجد إزاراً فليلبس سَرَاوِيل». أخرجه مُسلم.
(723) وَعَن صَفْوَان بن يعْلى، عَن أَبِيه رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ: أَتَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل وَهُوَ بالجعرانة، وَأَنا عِنْد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِيهِ مقطعات، يَعْنِي جُبَّة، وَهُوَ متضمخ بالخلوق، فَقَالَ: إِنِّي أَحرمت بالعمْرَة، وعليَّ هَذَا وَأَنا متضمخ بالخلوق، فَقَالَ لَهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا كنت صانعاً فِي حجك؟» قَالَ: كنت أنزع عني هَذِه الثِّيَاب، وأغسل عني هَذَا الخلوق. فَقَالَ لَهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا كنت صانعاً فِي حجك فاصنعه فِي عمرتك». لفظ مُسلم.
(724) وَفِي رِوَايَة: «كَيفَ ترَى فِي رجل أحرم بِعُمْرَة فِي جُبَّة بَعْدَمَا تضمخ بِطيب؟».
(725) وَفِي أُخْرَى لَهُ بِلَفْظ آخر، قَالَ«أما الطّيب الَّذِي بك فاغسله ثَلَاث مَرَّات، وَأما الْجُبَّة فانزعها».
(726) وَعَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّهَا قَالَت: كنت أطيب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لإحرامه قبل أَن يحرم، ولحله قبل أَن يطوف بِالْبَيْتِ. لفظ مُسلم، وَهُوَ مُتَّفق عَلَيْهِ.
(727) وَفِي رِوَايَة: كنت أطيب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثمَّ يطوف عَلَى نِسَائِهِ، ثمَّ يصبح محرما ينضح طيبا.
(728) وَرَوَى مَالك من حَدِيث عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فِي قصَّة قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا ينْكح الْمحرم، وَلَا يُنكح، وَلَا يخْطب». أخرجه مُسلم.
(729) وَعَن الصعب بن جثامة اللَّيْثِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه أهْدَى إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حمارا وحشياً وَهُوَ بالأبواء أَو بودان، فَرده عَلَيْهِ رَسُول الله، فَلَمَّا رَأَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فِي وَجْهي قَالَ: «إِنَّا لم نرده عَلَيْك إِلَّا أَنا حرم». مُتَّفق عَلَيْهِ.
(730) وَعَن أبي قَتَادَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه كَانَ مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذا كَانَ بِبَعْض طَرِيق مَكَّة تخلف مَعَ أَصْحَاب لَهُ محرمين، وَهُوَ غير محرم، فَرَأَى حمارا وحشياً فَاسْتَوَى عَلَى فرسه، فَسَأَلَ أَصْحَابه أَن يناولوه سَوْطه فَأَبَوا عَلَيْهِ، فَسَأَلَهُمْ أَن يناولوه رمحه فَأَبَوا عَلَيْهِ، فَأَخذه، ثمَّ شدّ عَلَى الْحمار فَقتله، فَأكل مِنْهُ بعض أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَى بَعضهم، فأدركوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ عَن ذَلِك فَقَالَ: «إِنَّمَا هِيَ طُعمة أطعمكموها الله» لفظ مُسلم.
(731) وَفِي رِوَايَة: «هَل مَعكُمْ من لَحْمه شَيْء؟».
(732) وَفِي وَجه آخر: «هَل مِنْكُم من أحد أمره أَو أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْء؟».
(733) وَفِي رِوَايَة قَالَ: «هَل أشرتم أَو أعنتم أَو صدتم» قَالَ شُعْبَة: لَا أَدْرِي قَالَ: «أعنتم أَو أصدتم».
(734) وَعَن سَالم، عَن أَبِيه رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خمس لَا جنَاح عَلَى من قتلهن فِي الْحرم وَالْإِحْرَام: الْفَأْرَة، والغراب، والحدأة، وَالْعَقْرَب، وَالْكَلب الْعَقُور». لفظ مُسلم.
(735) وَفِي وَجه آخر، عَن إِحْدَى نسْوَة النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه كَانَ يَأْمر بقتل الْكَلْب الْعَقُور، والفأرة، وَالْعَقْرَب، والحديا، والغراب، والحية.
(736) وَفِي بعض طرق حَدِيث عَائِشَة: والغراب الأبقع.
(737) وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: سَمِعت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: «من حَجَّ لله فَلم يَرْفُثْ وَلم يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْم وَلدته أمه». مُتَّفق عَلَيْهِ، وَاللَّفْظ للْبُخَارِيّ.
(738) وَعَن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى، عَن كَعْب بن عجْرَة أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهُ، وَأَنه يسْقط الْقمل عَلَى وَجهه، فَقَالَ: «أَيُؤْذِيك هوامك؟» قَالَ نعم: فَأمره أَن يحلق، وَهُوَ بِالْحُدَيْبِية، وَلم يتَبَيَّن لَهُم أَنهم يحلونَ بهَا، وهم عَلَى طمع أَن يدخلُوا مَكَّة، فَأنْزل الله الْفِدْيَة، فَأمره رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن يطعم فرقا بَين سِتَّة، أَو يُهدي شَاة، أَو يَصُوم ثَلَاثَة أَيَّام. لفظ رِوَايَة لمجاهد عَنهُ عِنْد البُخَارِيّ.
(739) وَفِي رِوَايَة: أَو أنسك مَا تيَسّر.
(740) وَفِي حَدِيث عبد الله بن مغفّل، عَن كَعْب: «أَو أطْعم سِتَّة مَسَاكِين لكل مِسْكين نصف صَاع».
(741) وَرَوَى مَالك من حَدِيث عبد الله بن حنين، عَن أَبِيه، أَن عبد الله بن عَبَّاس والمسور بن مخرمَة اخْتلفَا بالأبواء أَو بودان فَقَالَ ابْن عَبَّاس: يغسل الْمحرم رَأسه، وَقَالَ الْمسور: لَا يغسل الْمحرم رَأسه. قَالَ: فَأرْسلهُ عبد الله بن عَبَّاس إِلَى أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ، فَوَجَدَهُ يغْتَسل وَهُوَ بَين القرنين، وَهُوَ يستر بِثَوْب. قَالَ: فسلمتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: من هَذَا؟ فَقلت: أَنا عبد الله بن حنين، أَرْسلنِي إِلَيْك عبد الله بن عَبَّاس يَسْأَلك كَيفَ كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يغسل رَأسه وَهُوَ محرم؟ قَالَ: فَوضع أَبُو أَيُّوب يَده عَلَى الثَّوْب فطأطأه حَتَّى بدا لي رَأسه، ثمَّ قَالَ لإِنْسَان يصب عَلَيْهِ المَاء: اصبب، فصب عَلَى رَأسه، ثمَّ حرك رَأسه بِيَدِهِ أقبل بهما وَأدبر، ثمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْته يفعل. وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك.
(742) وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتجم وَهُوَ محرم. لفظ رِوَايَة التِّرْمِذِيّ، وَهُوَ مُتَّفق عَلَيْهِ.
(743) عَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: لما فتح الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّة قَامَ فِي النَّاس فَحَمدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهله ثمَّ قَالَ: «إِن الله تَعَالَى حبس عَن مَكَّة الْفِيل، وسلط عَلَيْهَا رَسُوله وَالْمُؤمنِينَ، وَإِنَّهَا لم تحل لأحد كَانَ» قبلي وَإِنَّهَا أحلّت لي سَاعَة من نَهَار، وَإِنَّهَا لم تحل لأحد بعدِي فَلَا ينفر صيدها، وَلَا يُخْتَلَى شَوْكهَا، وَلَا تحل ساقطتها إِلَّا لِمُنْشِد وَمن قُتل لَهُ قَتِيل فَهُوَ بِخَير النظرين: إِمَّا أَن يُفْدى وَإِمَّا أَن يقتل». فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاس: إِلَّا الْإِذْخر يَا رَسُول الله، فَإنَّا نجعله فِي قبورنا، وَفِي بُيُوتنَا. فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِلَّا الْإِذْخر». فَقَامَ أَبُو شَاة- رجل من أهل الْيمن- فَقَالَ: اكتبوا لي يَا رَسُول الله، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اكتبوا لأبي شاه». فَقَالَ الْوَلِيد: فَقلت للأوزاعي: مَا قَوْله اكتبوا لي يَا رَسُول الله؟ قَالَ: هَذِه الْخطْبَة الَّتِي سَمعهَا من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. لفظ مُسلم، وَهُوَ مُتَّفق عَلَيْهِ.
(744) وَعَن جَابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِن إِبْرَاهِيم حرم مَكَّة، وَإِنِّي حرمت الْمَدِينَة مَا بَين لابتيها، لَا يُقطع عِضاهها، وَلَا يصاد صيدها».
(745) وَفِي حَدِيث عَاصِم الْأَحول، قَالَ: سَأَلت أنسا أحرمَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة، قَالَ: نعم، هِيَ حرَام لَا يُخْتَلَى خلاؤها.
(746) وَرَوَى مَالك عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: لَو رَأَيْت الظباء ترتع بِالْمَدِينَةِ مَا ذعرتها، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَين لابتيها حرَام».
(747) وَفِي حَدِيث عَلّي بن أبي طَالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَدِينَة حرَام مَا بَين عير إِلَى ثَوْر». وكل هَذِه فِي صَحِيح مُسلم.
(748) وَفِيه عَن عَامر بن سعد أَن سَعْدا بن أبي وَقاص ركب إِلَى قصره بالعقيق، فَوجدَ عبدا يقطع شَجرا أَو يخبطه فسلبه. فَلَمَّا رَجَعَ سعد جَاءَهُ أهل العَبْد فكلموه أَن يرد عَلَى غلامهم أَو عَلَيْهِم مَا أَخذ من غلامهم، فَقَالَ: معَاذ الله أَن أردّ شَيْئا نفَّلنيه رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَى أَن يردّ عَلَيْهِم.

.بَاب صفة الْحَج:

(749) عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عَن أَبِيه، قَالَ: دخلت عَلَى جَابر بن عبد الله، فَسَأَلَ عَن الْقَوْم حَتَّى انْتَهَى إليَّ، فَقلت: أَنا مُحَمَّد بن عَلّي بن الحُسَيْن، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى رَأْسِي فَنزع زري الْأَعْلَى، ثمَّ نزع زري الْأَسْفَل، ثمَّ وضع كَفه بَين ثديي وَأَنا يَوْمئِذٍ غُلَام شَاب، فَقَالَ: مرْحَبًا بك يَا ابْن أخي، سلْ عَمَّا شِئْت. فَسَأَلته، وَهُوَ أَعْمَى. وَحضر وَقت الصَّلَاة، فَقَامَ فِي ساجةٍ ملتحفاً بهَا، كلما وَضعهَا عَلَى منكبيهِ رَجَعَ طرفاها إِلَيْهِ من صغرها، وَرِدَاؤُهُ إِلَى جنبه عَلَى المِشْجَب فَصَلى بِنَا فَقلت: أَخْبرنِي عَن حجَّة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ بِيَدِهِ فعقد تسعا، فَقَالَ: إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكث تسع سِنِين لم يحجّ، ثمَّ أذَّن فِي النَّاس فِي الْعَاشِرَة أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاج، فَقدم الْمَدِينَة بشر كثير، كلهم يلْتَمس أَن يأتم برَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيعْمل مثل عمله، فخرجنا مَعَه حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الحليفة، فَولدت أَسمَاء بنتُ عُمَيْس مُحَمَّد بن أبي بكر، فَأرْسلت إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيفَ أصنع؟ قَالَ: «اغْتَسِلِي، واستثفري بِثَوْب وأحرمي»، فَصَلى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِد، ثمَّ ركب القصوى حَتَّى إِذا اسْتَوَت بِهِ نَاقَته عَلَى الْبَيْدَاء، نظرت إِلَى مد بَصرِي بَين يَدَيْهِ من رَاكب وماش، وَعَن يَمِينه مثل ذَلِك، وَعَن يسَاره مثل ذَلِك، وَمن خَلفه مثل ذَلِك، وَرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَين أظهرنَا وَعَلِيهِ ينزل الْقُرْآن، وَهُوَ يعرف تَأْوِيله، وَمَا عمل من شَيْء عَملنَا بِهِ. فَأهل بِالتَّوْحِيدِ: «لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك، لبيْك لَا شريك لَك لبيْك، إِن الْحَمد وَالنعْمَة لَك وَالْملك، لَا شريك لَك». وَأهل النَّاس بِهَذَا الَّذِي يهلون بِهِ الْيَوْم فَلم يرد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئا مِنْهُ. وَلزِمَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تلبيته. قَالَ جَابر: لسنا ننوي إِلَّا الْحَج لسنا نَعْرِف الْعمرَة، حَتَّى إِذا أَتَيْنَا الْبَيْت مَعَه اسْتَلم الرُّكْن فَرمَلَ ثَلَاثًا، وَمَشى أَرْبعا، ثمَّ نفذ إِلَى مقَام إِبْرَاهِيم فَقَرَأَ: {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مُصَلَّى} [الْبَقَرَة: 125] فَجعل الْمقَام بَينه وَبَين الْبَيْت، فَكَانَ أبي يَقُول:- وَلَا أعلمهُ ذكره إِلَّا عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ: {قل هُوَ الله أحد}، و{قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} ثمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْن فاستلمه، ثمَّ خرج من الْبَاب إِلَى الصَّفَا فَلَمَّا دنا من الصَّفَا قَرَأَ: {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} [الْبَقَرَة: 158]. أبدأ بِمَا بَدَأَ الله بِهِ فَبَدَأَ بالصفا فرقى عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْت، فَاسْتقْبل الْقبْلَة، فَوحد الله وَكبره وَقَالَ: «لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد، وَهُوَ عَلَى كل شَيْء قدير، لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده، أنْجز وعده، وَنصر عَبده، وَهزمَ الْأَحْزَاب وَحده». ثمَّ دَعَا بَين ذَلِك فَقَالَ مثل هَذَا ثَلَاث مَرَّات. ثمَّ نزل إِلَى الْمَرْوَة حَتَّى انصبت قدماه فِي بطن الْوَادي حَتَّى إِذا صعدتا مَشَى، حَتَّى إِذا أَتَى الْمَرْوَة فَفعل عَلَى الْمَرْوَة كَمَا فعل عَلَى الصَّفَا، حَتَّى إِذا كَانَ آخر طواف علا عَلَى الْمَرْوَة قَالَ: «لَو أَنِّي استقبلتُ من أَمْرِي مَا استدبرتُ لم أسُق الْهَدْي ولجعلتها عمْرَة. فَمن كَانَ مِنْكُم لَيْسَ مَعَه هدي فليحل وليجعلها عمْرَة». فَقَامَ سراقَة بن جعْشم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، ألعامنا هَذَا أم لِلْأَبَد؟ فشبك رَسُول الله أَصَابِعه وَاحِدَة فِي الْأُخْرَى وَقَالَ: «دخلت الْعمرَة فِي الْحَج، مرَّتَيْنِ، لَا بل لأبد الْأَبَد». وَقدم عليٌّ من الْيمن ببُدنِ النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوجدَ فَاطِمَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها مِمَّن حَلَّ، ولبست ثيابًا صبيغاً واكتحلت فَأنْكر ذَلِك عَلَيْهَا فَقَالَت: إِن أبي أَمرنِي بِهَذَا، قَالَ: فَكَانَ عَلّي يَقُول بالعراق: فَذَهَبت إِلَى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، محرشاً عَلَى فَاطِمَة للَّذي صنعت، مستفتياً رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا ذكرت عَنهُ، فَأَخْبَرته أَنِّي أنْكرت ذَلِك عَلَيْهَا، فَقَالَ: صدقت صدقت، مَاذَا قلت حِين فرضت الْحَج قَالَ: قلت لبيْك اللَّهُمَّ، أَنِّي أهلّ بِمَا أهلّ بِهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَإِن معي الْهَدْي فَلَا تحل قَالَ: وَكَانَ جمَاعَة الْهدى الَّذِي قدم بِهِ عليٌّ من الْيمن وَالَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مائَة. قَالَ: فَحل النَّاس كلهم وَقصرُوا إِلَّا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمن كَانَ مَعَه هدي. فَلَمَّا كَانَ يَوْم التَّرويَة توجهوا إِلَى منى فأهلوا بِالْحَجِّ، وَركب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلى بهَا الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء وَالْفَجْر، ثمَّ مكث قَلِيلا حَتَّى طلعت الشَّمْس وَأمر بقبة من شعر فَضربت لَهُ بنمرة، فَسَار رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تشك قُرَيْش إِلَّا أَنه وَاقِف عِنْد الْمشعر الْحَرَام، كَمَا كَانَت قُرَيْش تصنع فِي الْجَاهِلِيَّة، فَأجَاز بهَا حَتَّى إِذا زاغت الشَّمْس أَمر بالقصوى، فرحلت لَهُ، فَأَتَى بطن الْوَادي، فَخَطب النَّاس وَقَالَ: «إِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ حرَام عَلَيْكُم، كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي شهركم هَذَا فِي بلدكم هَذَا، أَلا كل شَيْء من أَمر الْجَاهِلِيَّة تَحت قدمي مَوْضُوع، وَإِن دِمَاء الْجَاهِلِيَّة مَوْضُوعَة، وَإِن أول دم أَضَع من دمائنا دم ابْن ربيعَة بن الْحَارِث، وَكَانَ مسترضعاً فِي بني سعد فَقتله هُذَيْل، وَربا الْجَاهِلِيَّة مَوْضُوعَة، وَإِن أول رَبًّا أَضَعهُ رَبًّا عَبَّاس بن عبد الْمطلب فَإِنَّهُ مَوْضُوع كُله. فَاتَّقُوا الله، فِي النِّسَاء فَإِنَّكُم أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانة الله عَزَّ وَجَلَّ، واستحللتم فروجهن بِكَلِمَة الله، وَلكم عَلَيْهِنَّ أَن لَا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فَإِن فعلن ذَلِك فاضربوهن ضربا غير مبرِّح، ولهن عَلَيْكُم رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ. وَقد تركت فِيكُم مَا لم تضلوا بعده إِن اعْتَصَمْتُمْ بِهِ: كتابَ الله، وَأَنْتُم تُسألون عني فَمَا أَنْتُم قَائِلُونَ؟ قَالُوا: نشْهد أَنَّك قد بلغت، وَأديت، وَنَصَحْت، للْأمة، فَقَالَ بِأُصْبُعِهِ السبابَة يرفعها إِلَى السَّمَاء وينكبها إِلَى النَّاس: اللَّهُمَّ اشْهَدْ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثَلَاث مَرَّات»، ثمَّ أذن ثمَّ أَقَامَ، فَصَلى الظّهْر، ثمَّ أَقَامَ فَصَلى الْعَصْر، وَلم يصل بَينهمَا شَيْئا، ثمَّ ركب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَى الْموقف، فَجعل بطن نَاقَته القصوى إِلَى الصخرات، حَبل المشاة بَين يَدَيْهِ، واستقبل الْقبْلَة فَلم يزل وَاقِفًا حَتَّى غربت الشَّمْس، وَذَهَبت الصُّفْرَة قَلِيلا حَتَّى غَابَ القرص، وَأَرْدَفَ أُسَامَة خَلفه وَدفع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقد شَنق للقصوى الزِّمَام، حَتَّى إِن رَأسهَا ليُصيب مَوْرك رحْلَة، وَيَقُول بِيَدِهِ الْيُمْنَى: «أَيهَا النَّاس! السكينَة، السكينَة»، كلما أَتَى حبلاً من الحبال أَرْخَى لَهَا قَلِيلا حَتَّى تصعد، حَتَّى أَتَى الْمزْدَلِفَة فَصَلى بهَا الْمغرب وَالْعشَاء بِأَذَان وَاحِد وَإِقَامَتَيْنِ، وَلم يسبح بَينهمَا شَيْئا، ثمَّ اضْطجع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى طلع الْفجْر، فَصَلى الْفجْر، حِين تبين لَهُ الصُّبْح بِأَذَان وَإِقَامَة ثمَّ ركب القصوى حَتَّى أَتَى الْمشعر الْحَرَام، فَاسْتقْبل الْقبْلَة فَدَعَاهُ وَكبره، وَهَلله، وَوَحدهُ، وَلم يزل وَاقِفًا حَتَّى أَسْفر جدا، فَدفع قبل أَن تطلع الشَّمْس، وَأَرْدَفَ الْفضل بن عَبَّاس وَكَانَ رجلا حسن الشّعْر أَبيض وسيماً. فَلَمَّا دفع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرت بِهِ ظعن يجرين، فَطَفِقَ الْفضل ينظر إلَيْهِنَّ فَوضع رَسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَده عَلَى وَجهه فحول الْفضل وَجهه إِلَى الشق الآخر ينظر فحول رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَده من الشق الآخر عَلَى وَجه الْفضل فصرف وَجهه من الشق الآخر ينظر، حَتَّى أَتَى بطن محسَّر، فحرك قَلِيلا، ثمَّ سلك الطَّرِيق الْوُسْطَى الَّتِي تخرج عَلَى الْجَمْرَة الْكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الْجَمْرَة الَّتِي عِنْد الشَّجَرَة، فَرَمَاهَا بِسبع حَصَيَات، يكبر مَعَ كل حَصَاة مِنْهَا، مثل حَصى الْخذف، رَمَى من بطن الْوَادي، ثمَّ انْصَرف إِلَى المنحر، فَنحر ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَة بِيَدِهِ، ثمَّ أعْطى عليا فَنحر مَا غبر وأشركه فِي هَدْيه، ثمَّ أَمر من كل بَدَنَة ببضعة فَجعلت فِي قدر فطبخت فأكلا من لَحمهَا، وشربا من مرقها، ثمَّ ركب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيْت، فَصَلى بِمَكَّة الظّهْر، فَأَتَى بني عبد الْمطلب عَلَى زَمْزَم يسقون فَقَالَ: انزعوا بني عبد الْمطلب، فلولا أَن يغلبكم النَّاس عَلَى سِقَايَتكُمْ لنزعت مَعكُمْ، فناولوه دلواً فَشرب مِنْهُ. أخرجه مُسلم.
(750) وَفِي رِوَايَة أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ«نحرت هَاهُنَا وَمنى كلهَا منحر فَانْحَرُوا فِي رحالكُمْ، ووقفت هَاهُنَا وعرفة كلهَا موقف، ووقفت هَاهُنَا وَجمْعٌ كلهَا موقف».
(751) وَفِي رِوَايَة: أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما قدم مَكَّة أَتَى الْحجر الْأسود فاستلمه، ثمَّ مَشَى عَلَى يَمِينه فَرمَلَ ثَلَاثًا، وَمَشى أَرْبعا.
(752) وَعَن أبي ذَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: كَانَت الْمُتْعَة فِي الْحَج لأَصْحَاب مُحَمَّد خَاصَّة. أخرجه مُسلم.
(753) وَعَن نَافِع أَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه كَانَ لَا يقدم مَكَّة إِلَّا بَات بِذِي طَوى حَتَّى يصبح ويغتسل، ثمَّ يدْخل مَكَّة نَهَارا. وَيذكر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه فعله. أَخْرجُوهُ إِلَّا التِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لمُسلم، وطوى بِفَتْح الطَّاء هُوَ الْأَصَح، وَيُقَال بضَمهَا، وَيُقَال بِكَسْرِهَا.
(754) وَعَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذا دخل مَكَّة دخل من أَعْلَاهَا، وَخرج من أَسْفَلهَا. أَخْرجُوهُ إِلَّا ابْن ماجة.
(755) وَعَن يعْلى- هُوَ ابْن أُميَّة- رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ: طَاف النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مضطبعاً بِبرد أَخْضَر. لفظ أبي دَاوُد، وَأخرجه ابْن ماجة، وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ، وَلَيْسَ عِنْدهمَا: أَخْضَر.
(756) وَعند أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اضطبع فاستلم فَكبر.
(757) وَعَن أبي الطُّفَيْل رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ: رَأَيْت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يطوف بِالْبَيْتِ عَلَى رَاحِلَته، يسْتَلم الرُّكْن بِمِحْجَنِهِ، ثمَّ يقبله. لفظ أبي دَاوُد وَأخرجه مُسلم، وَابْن ماجة.
(758) وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ: قدم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه مَكَّة، وَقد وهنتهم حمى يثرب، قَالَ الْمُشْركُونَ: إِنَّه يقدم عَلَيْكُم غَدا قوم قد وهنتهم الْحمى، ولقوا مِنْهَا شدَّة، فجلسوا مِمَّا يَلِي الحِجْر، فَأَمرهمْ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن يرملوا ثَلَاثَة أَشْوَاط، ويمشوا مَا بَين الرُّكْنَيْنِ ليرَى الْمُشْركُونَ جَلَدهم... الحَدِيث. أخرجه مُسلم.
(759) وَعَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، قَالَت: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا جُعل الطّواف بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة وَرمي الْجمار لإِقَامَة ذكر الله تَعَالَى». أخرجه أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ.
(760) وَعَن عَابس بن ربيعَة، قَالَ: رَأَيْت عمر يقبل الْحجر وَيَقُول: إِنِّي لأقبلك وأعلم أَنَّك حجر، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقبلك لم أقبلك. مُتَّفق عَلَيْهِ وَاللَّفْظ لمُسلم.
(761) وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما، قَالَ: لم أر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسْتَلم غير الرُّكْنَيْنِ اليمانيين. أَخْرجُوهُ إِلَّا التِّرْمِذِيّ، وَاللَّفْظ لمُسلم.
(762) وَعند مُسلم من حَدِيث جَابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ: طَاف رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيْتِ فِي حجَّة الْوَدَاع عَلَى رَاحِلَته، يسْتَلم الْحجر بِمِحْجَنِهِ لِأَن يرَاهُ النَّاس، وليشرف وليسألوه فَإِن النَّاس غشوه.
(763) وَعِنْده فِي حَدِيث عَن عَائِشَة: عَلَى بعيره يسْتَلم الرُّكْن كَرَاهِيَة أَن يُضرب النَّاس عَنهُ.
(764) وَعَن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عَن أَبِيه، قَالَ: غدونا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من منى إِلَى عَرَفَات، منا الملبي وَمنا المكبر.
(765) وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن أبي بكر قَالَ: قلت لأنس بن مَالك غَدَاة عَرَفَة مَا تَقول فِي التَّلْبِيَة هَذَا الْيَوْم؟ قَالَ: سرت هَذَا السّير مَعَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَصْحَابه فمنا المكبر، وَمنا المهلل، فَلَا يعيب أَحَدنَا عَلَى صَاحبه. أخرجه مُسلم.
(766) وَعَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه أَنه قَالَ: سُئل أُسَامَة بن زيد وَأَنا جَالس: كَيفَ كَانَ يسير رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حجَّة الْوَدَاع حِين دفع فَقَالَ: كَانَ يسير العَنَقَ، فَإِذا وجد فجوة نَص. قَالَ هِشَام: وَالنَّص فَوق العَنَق. رَوَاهُ مَالك، وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيثه. والعَنَقُ سير سهل فِي سرعَة لَيْسَ بِالتَّشْدِيدِ، وَالنَّص التحريك حَتَّى يسْتَخْرج من النَّاقة أقْصَى سَيرهَا.
(767) وَعَن عبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ: مَا رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاة إِلَّا لميقاتها إِلَّا صَلَاتَيْنِ، صَلَاة الْمغرب وَالْعشَاء بِجمع، وَالْفَجْر يَوْمئِذٍ قبل ميقاتها. لفظ مُسلم، وَهُوَ مُتَّفق عَلَيْهِ.
(768) وَعَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَت: كَانَت سودَةُ امْرَأَة ضخمة ثبط فاستأذنت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن تفيض من جَمْع بلَيْل، فَأذن لَهَا... الحَدِيث. لفظ مُسلم.
(769) وَعِنْده، من حَدِيث ابْن عَبَّاس قَالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثّقل، أَو قَالَ: فِي الضعفة من جَمْع بلَيْل.
(770) وَفِي رِوَايَة ابْن جريج، أَخْبرنِي عَطاء أَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بعث بِي نَبِي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسحر من جمع فِي ثقل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلت: أبلغك أَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بَعَثَنِي بلَيْل طَوِيل؟ قَالَ لَا، إِلَّا كَذَلِك: بِسحر، قلت لَهُ: فَقَالَ ابْن عَبَّاس: رمينَا الْجَمْرَة قبل الْفجْر، وَأَيْنَ صَلَّى الْفجْر؟ قَالَ: لَا، إِلَّا كَذَلِك بِسحر.
(771) وَعَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّهَا قَالَت: أرسل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأم سَلمَة لَيْلَة النَّحْر فرمت الْجَمْرَة قبل الْفجْر، ثمَّ مَضَت فأفاضت، وَكَانَ ذَلِك الْيَوْم، الْيَوْم الَّذِي يكون فِيهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي عِنْدهَا. أخرجه أَبُو دَاوُد، وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا إِسْنَاد صَحِيح لَا غُبَار عَلَيْهِ.
(772) وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما قَالَ: كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقدم ضعفة أَهله بِغَلَس وَيَأْمُرهُمْ يَعْنِي لَا يرْمونَ يَعْنِي الْجَمْرَة حَتَّى تطلع الشَّمْس. أخرجه أَبُو دَاوُد.
(773) وَرَوَى عَامر- هُوَ الشّعبِيّ- قَالَ: أَخْبرنِي عُرْوَة بن مُضرس الطَّائِي، قَالَ: أتيت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بالموقف- يَعْنِي بِجمع- قلت: جِئْت يَا رَسُول الله من جبلي طي أكللت مطيتي، وأتعبت نَفسِي، وَالله مَا تركت من حَبْل إِلَّا وقفت عَلَيْهِ، فَهَل لي من حج؟ فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من أدْرك مَعنا هَذِه الصَّلَاة، وَأَتَى عَرَفَات قبل- يَعْنِي ذَلِك لَيْلًا أَو نَهَارا- فقد تمّ حجه، وَقَضَى تفثه». أخرجه الْأَرْبَعَة، وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ. وَالْحَبل بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة الساكنة مَا طَال من الرمل وضخم، وَيُقَال الحبال دون الْجبَال.
(774) وَرَوَى عَمْرو بن مَيْمُون، قَالَ: شهِدت عمر بن الْخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وَصَلى بِجمع الصُّبْح ثمَّ وقف فَقَالَ: إِن الْمُشْركين كَانُوا لَا يفيضون حَتَّى تطلع الشَّمْس وَيَقُولُونَ أشرق ثبير، وَإِن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خالفهم ثمَّ أَفَاضَ قبل أَن تطلع الشَّمْس. أخرجه البُخَارِيّ.
(775) وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما قَالَ: إِن أُسَامَة كَانَ ردف النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عَرَفَة إِلَى الْمزْدَلِفَة، ثمَّ أرْدف الْفضل من الْمزْدَلِفَة إِلَى منى، فكلاهما قَالَ: لم يزل النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَة الْعقبَة. أَخْرجُوهُ أَجْمَعُونَ.
(776) عَن أبي الزبير أَنه سمع جَابِرا يَقُول: رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي عَلَى رَاحِلَته يَوْم النَّحْر وَيَقُول لنا: «خُذُوا عني مَنَاسِككُم، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لعَلي لَا أحج بعد حجتي هَذِه». أخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ.
(777) وَعنهُ، وَقَالَ: رَمَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَمْرَة يَوْم النَّحْر ضحى، وَأما بعد فَإِذا زَالَت الشَّمْس.
(778) وَعَن أم الْحصين رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَت: حججْت مَعَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجَّة الْوَدَاع فَرَأَيْت أُسَامَة وبلالاً وَأَحَدهمَا آخذ بِخِطَام نَاقَة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآخر رَافع ثَوْبه يستره من الْحر، حَتَّى رَمَى جَمْرَة الْعقبَة. أخرجهُمَا مُسلم.
(779) وَعَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد أَنه حج مَعَ عبد الله قَالَ: فَرَمَى الْجَمْرَة الدُّنْيَا بِسبع حَصَيَات، وَجعل الْبَيْت عَن يسَاره، وَمنى عَن يَمِينه، وَقَالَ: هَذَا مقَام الَّذِي أنزلت عَلَيْهِ سُورَة الْبَقَرَة. لفظ مُسلم.
(780) وَعَن سَالم بن عبد الله بن عمر أَن عبد الله بن عمر: كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَة الدُّنْيَا بِسبع حَصَيَات يكبر عَلَى إِثْر كل حَصَاة ثمَّ يتَقَدَّم فيسهل، وَيقوم مُسْتَقْبل الْقبْلَة قيَاما طَويلا، فيدعو وَيرْفَع يَدَيْهِ، ثمَّ يَرْمِي الْجَمْرَة الْوُسْطَى كَذَلِك، فَيَأْخُذ ذَات الشمَال، فيسهل وَيقوم مُسْتَقْبل الْقبْلَة قيَاما طَويلا، فيدعو وَيرْفَع يَدَيْهِ ثمَّ الْجَمْرَة ذَات الْعقبَة. من بطن الْوَادي وَلَا يقف عِنْدهَا، وَيَقُول: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل. أخرجه البُخَارِيّ.
(781) وَعَن زِيَاد بن جُبَير، قَالَ: رَأَيْت ابْن عمر أَتَى عَلَى رجل قد أَنَاخَ بدنته فَقَالَ: أبعثها قيَاما مُقَيّدَة، سنة مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مُتَّفق عَلَيْهِ.
(782) وَعَن نَافِع أَن عبد الله بن عمر قَالَ: حلق رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحلقت طَائِفَة من أَصْحَابه، وَقصر بَعضهم، قَالَ عبد الله: إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يرحم الله المحلقين، مرّة أَو مرَّتَيْنِ ثمَّ قَالَ: والمقصرين». مُتَّفق عَلَيْهِ، وَاللَّفْظ لمُسلم.
(783) وَعَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: وقف رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَته، فَطَفِقَ نَاس يسألونه: فَيَقُول الْقَائِل مِنْهُم: يَا رَسُول الله، إِنِّي لم أكن أشعر أَن الرَّمْي قبل النَّحْر، فنحرت قبل الرَّمْي فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فارم وَلَا حرج». قَالَ: وطفق آخر يَقُول: يَا رَسُول الله أَنِّي لم أشعر أَن النَّحْر قبل الْحلق، فحلقت قبل أَن أنحر؟ فَيَقُول: «انْحَرْ وَلَا حرج». قَالَ: فَمَا سمعته يَوْمئِذٍ يُسأل عَن أَمر مِمَّا ينسَى الْمَرْء أَو يجهل من تَقْدِيم بعض الْأُمُور قبل بعض وأشباهها إِلَّا قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «افعلوا ذَلِك وَلَا حرج». لفظ مُسلم.
(784) وَعِنْده، من رِوَايَة مُحَمَّد بن أبي حَفْصَة بِسَنَدِهِ، قَالَ سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: وَأَتَاهُ رجل يَوْم النَّحْر وَهُوَ وَاقِف عِنْد الْجَمْرَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي حلقتُ قبل أَن أرمي قَالَ: «ارْمِ وَلَا حرج».
(785) وَفِيه: وَأَتَى آخر فَقَالَ: إِنِّي أفضتُ إِلَى الْبَيْت قبل أَن أرمي؟ فَقَالَ: «ارْمِ وَلَا حرج».
(786) وَعند البُخَارِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس قَالَ: سُئِلَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: رميتُ بَعْدَمَا أمسيتُ؟ قَالَ: «لَا حرج».
(787) وَعَن ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: أَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب اسْتَأْذن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن يبيت بِمَكَّة ليَالِي من أجل سقايته، فَأذن لَهُ. لفظ مُسلم.
(788) وَرَوَى مَالك من حَدِيث أبي البداح بن عَاصِم بن عدي عَن أَبِيه: أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرخص لرعاء الْإِبِل فِي البيتوتة عَن منى، يرْمونَ يَوْم النَّحْر، ثمَّ يرْمونَ من الْغَد، أَو من بعد الْغَد بيومين، ثمَّ يرْمونَ يَوْم النَّفر. الحَدِيث أخرجه الْأَرْبَعَة من حَدِيث مَالك، وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ.
(789) وَعَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطب يَوْم النَّحْر.. الحَدِيث. أخرجه البُخَارِيّ.
(790) وَعَن ابْن أبي نجيح، عَن أَبِيه، عَن رجلَيْنِ من بني بكر، قَالَا: رَأينَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخْطب بَين أَوسط أَيَّام التَّشْرِيق، وَنحن عِنْد رَاحِلَته. وَهِي خطْبَة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي خطب بمنى. أخرجه أَبُو دَاوُد.
(791) وَرَوَى الْحَاكِم من حَدِيث سعيد أَو ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم: أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يرمل فِي السَّبع الَّذِي أَفَاضَ فِيهِ. وَقَالَ عَطاء: لَا رَمَل فِيهِ: وقَالَ: صَحِيح الْإِسْنَاد عَلَى شَرطهمَا، وَلم يخرجَاهُ.
(792) وَعَن أنس بن مَالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه صَلَّى الظّهْر وَالْعصر، وَالْمغْرب وَالْعشَاء، ورقد رقدة بالمحصب، ثمَّ ركب إِلَى الْبَيْت فَطَافَ بِهِ. أخرجه البُخَارِيّ، وَالنَّسَائِيّ.
(793) وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما، قَالَ: لَيْسَ التحصيب بِشَيْء، إِنَّمَا هُوَ منزل نزل بِهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(794) وَعنهُ، قَالَ: أَمر النَّاس أَن يكون آخر عَهدهم بِالْبَيْتِ، إِلَّا أَنه خُفِّف عَن الْمَرْأَة الْحَائِض. مُتَّفق عَلَيْهِمَا.
(795) وَعَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: أَنَّهَا كَانَت تحمل من مَاء زَمْزَم، وتخبر أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يحمله. أخرجه التِّرْمِذِيّ، وَقَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب، وَالْحَاكِم وَصَححهُ.
(796) وَعَن ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف فِيمَا فِي سواهُ، إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام». أخرجه مُسلم.