فصل: بَابُ الْوَصِيِّ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العقود الدرية في تنقيح الفتاوي الحامدية



.بَابُ الْوَصِيِّ:

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِصَغِيرَتَيْنِ مَالٌ تَحْتَ يَدِ أَبِيهِمَا مُخَلَّفٌ عَنْ، وَالِدَتِهِمَا وَكَانَ الْأَبُ مُبَذِّرًا مُتْلِفًا مَالَهُمَا فَهَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ وَلِيًّا يَنْزِعُ الْمَالَ عَنْ يَدِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذَكَرَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَفِي الولوالجية، وَالْخُلَاصَةِ لَوْ كَانَ الْأَبُ مُبَذِّرًا مُتْلِفًا مَالَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فَالْقَاضِي يَنْصِبُ وَصِيًّا يَنْزِعُ مَالَ الِابْنِ عَنْ يَدِهِ وَيَحْفَظُهُ أَدَبُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ النَّصْبِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَرِضَ زَيْدٌ مَرَضَ الْمَوْتِ وَأَقَامَ عَمْرًا وَصِيًّا مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ الْقَاصِرِينَ وَأَوْصَى بِمَبْلَغٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مِنْ مَالِهِ يَصْرِفُهُ الْوَصِيُّ فِي تَجْهِيزِ زَيْدٍ وَتَكْفِينِهِ، وَفِي مَبَرَّاتٍ عَيَّنَهَا وَمَاتَ زَيْدٌ وَخَلَّفَ تَرِكَةً تَخْرُجُ الْمَبَرَّاتُ مِنْ ثُلُثِهَا وَقَبِلَ عَمْرٌو الْوَصِيَّةَ وَأَنْفَذَ الْوَصَايَا الْمَزْبُورَةَ عَلَى وَفْقِ مَا أَوْصَى بِهِ زَيْدٌ ثُمَّ بَلَغَ أَوْلَادُ زَيْدٍ رَشِيدِينَ وَيُكَلِّفُونَ الْوَصِيَّ إثْبَاتَ تَنْفِيذِ الْوَصَايَا وَدَفْعَهَا لِأَرْبَابِهَا بِالْبَيِّنَةِ فَهَلْ يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ بِيَمِينِهِ وَلَا يُكَلَّفُ إلَّا الْإِثْبَاتُ بِالْبَيِّنَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَفِي فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْوَصِيَّ يُصَدَّقُ فِيمَا سُلِّطَ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فَإِنَّهُ قَالَ الْأَصْلُ أَنَّ الْوَصِيَّ مَتَى أَقَرَّ بِتَصَرُّفٍ فِي مَالِ الصَّغِيرِ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَالصَّغِيرُ مُنْكِرٌ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ تَصَرُّفًا هُوَ مُسَلَّطٌ عَلَى ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ فِيهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ تَصَرُّفًا لَمْ يَكُنْ هُوَ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَإِنَّهُ لَا يَصْدُقُ فِيهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ قَالَ أَنْفَقْت عَلَيْك مَالَك فِي صِغَرِك، وَالنَّفَقَةُ نَفَقَةُ مِثْلِهِ فِي الْمُدَّةِ وَأَنْكَرَ الصَّغِيرُ صُدِّقَ الْوَصِيُّ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُسَلَّطٌ عَلَى الْإِنْفَاقِ بِنَفَقَةِ الْمِثْلِ شَرْعًا أَمَّا لَوْ لَمْ تَكُنْ النَّفَقَةُ نَفَقَةَ الْمِثْلِ وَكَانَ زَائِدًا عَلَيْهِ بِكَثِيرٍ لَا يُصَدَّقُ فِي الْفَضْلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسَلَّطٍ عَلَيْهِ شَرْعًا لِأَنَّهُ إسْرَافٌ فَلَا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ.
إلَخْ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْإِنْفَاقِ وَمِثْلُهُ فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ مِنْ مَسَائِلِ الْوَصَايَا.
(سُئِلَ) فِي وَصِيٍّ مُخْتَارٍ عَلَى قَاصِرِينَ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِمْ عَلَيْهِمْ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَلَمْ يُعَامِلْ الْوَصِيُّ عَلَى الْمَالِ حَتَّى بَلَغَ الْقَاصِرُونَ رَشِيدِينَ قَامُوا الْآنَ يَطْلُبُونَ رِبْحَ مَالِهِمْ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ شَيْءٌ مِنْ الرِّبْحِ بِلَا مُرَابَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي قَدْرِ الْإِنْفَاقِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ حَيْثُ ادَّعَى نَفَقَةَ الْمِثْلِ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ وَلَا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ لَمْ يُعَامِلْ الْوَصِيُّ الْمَزْبُورُ عَلَى الْمَالِ الْمَذْكُورِ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ فَلَا يَلْزَمُهُ رِبْحُهُ لِأَنَّهُ رِبًا كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّمُرْتَاشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى مِنْ بَابِ تَصَرُّفِ الْوَصِيِّ، وَالْأَبِ، وَالْقَاضِي قُلْت لَوْ لَمْ يَتَّجِرْ الْوَصِيُّ بِمَالِ الصَّبِيِّ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى التِّجَارَةِ، وَالتَّصَرُّفِ قَالَ لَا. اهـ.
وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ الْإِنْفَاقِ حَيْثُ كَانَ نَفَقَةُ الْمِثْلِ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ وَلَا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ عُلَمَاؤُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا فِي بُيُوعِ أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ وَدَعْوَى الْأَشْبَاهِ.
وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ ابْنِ نُجَيْمٍ مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ الْوَصَايَا سُئِلَ فِي الْوَصِيِّ إذَا أَنْفَقَ عَلَى الْيَتِيمِ مِنْ مَالِهِ بِلَا تَقْدِيرٍ مِنْ الْحَاكِمِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ أَجَابَ نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِيمَا يُصَدِّقُهُ الظَّاهِرُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا فَرَضَ الْقَاضِي لِأَيْتَامٍ فِي حِجْرِ أُمِّهِمْ الْوَصِيَّةَ الْمُخْتَارَةَ عَلَيْهِمْ.
فِي كُلِّ يَوْمٍ قَدْرًا مَعْلُومًا وَأَذِنَ لَهَا فِي صَرْفِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فِي لَوَازِمِهِمْ الضَّرُورِيَّةِ مِنْ رِيعِ مَالِهِمْ الْمُسْتَقِرِّ تَحْتَ يَدِهَا وَمَضَى لِذَلِكَ عِدَّةُ سِنِينَ فَصَرَفَتْ وَأَنْفَقَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَصْلِ مَالِهِمْ قَدْرًا زَائِدًا لِعَدَمِ كِفَايَةِ الْمَفْرُوضِ لَهُمْ نَفَقَةَ الْمِثْلِ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ، وَالظَّاهِرُ لَا يُكَذِّبُهَا فِي ذَلِكَ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا فِي ذَلِكَ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ أَيْضًا الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي فَتَاوَاهُ مِنْ أَثْنَاءِ الْوَصَايَا وَرَأَيْت نَقْلَ الْمَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ رَامِزًا إلَى عِدَّةِ كُتُبٍ مُعْتَمَدَةٍ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ لَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ رُشْدَهُ وَمَضَتْ مُدَّةٌ، وَالْآنَ يُنْكِرُ الدَّفْعَ، وَالْوَصِيُّ يَدَّعِيهِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الدَّفْعِ مَعَ يَمِينِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَصَايَا وَصَرَّحَ بِهَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَغَيْرِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي وَصِيَّةٍ مُخْتَارَةٍ عَلَى ابْنِهَا الْقَاصِرِ صَرَفَتْ فِي أَشْيَاءَ مُتَعَلِّقَةٍ بِالْيَتِيمِ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ مِنْ مَالِ الْقَاصِرِ دُونَ مَالِ نَفْسِهَا بِمَا فِيهِ الْحَظُّ، وَالْمَصْلَحَةُ مَصْرِفَ الْمِثْلِ وَلَا يُكَذِّبُهَا الظَّاهِرُ فِيهِ ثُمَّ مَاتَ الْقَاصِرُ عَنْهَا، وَعَنْ وَرَثَةٍ غَيْرِهَا يُرِيدُونَ تَغْرِيمَهَا ذَلِكَ مِنْ مَالِهَا فَهَلْ تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهَا وَلَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ مِنْ مَالِهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْمِنَحِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْخُنْثَى نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ مَا نَصُّهُ " وَذَكَرَ ضَابِطًا أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيهِ وَمَا لَا فَلَا.
ا هـ وَتَمَامُ ذَلِكَ تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِصَغِيرٍ مَالٌ تَحْتَ يَدِ أَبِيهِ فَأَنْفَقَهُ عَلَيْهِ نَفَقَةَ الْمِثْلِ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ، وَالظَّاهِرُ لَا يُكَذِّبُهُ فِيهِ فَهَلْ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ فَلَوْ ادَّعَى الْأَبُ بَعْدَمَا طَلَبَ مِنْهُ الْمَالَ بَعْدَ الْبُلُوغِ ضَيَاعَهُ أَوْ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ وَهُوَ نَفَقَةُ الْمِثْلِ فِي مُدَّتِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْبَيْعِ.
(سُئِلَ) فِي مَعْتُوهٍ لَهُ وَصِيٌّ شَرْعِيٌّ وَلِلْمَعْتُوهِ مَالٌ فَوَكَّلَ الْوَصِيُّ الْمَزْبُورُ رَجُلًا فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الْمَعْتُوهِ مِنْ مَالِهِ فِي كِسْوَتِهِ اللَّازِمَةِ الضَّرُورِيَّةِ وَصَرَفَ عَلَى ذَلِكَ مَصْرِفَ الْمِثْلِ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ، وَالظَّاهِرُ لَا يُكَذِّبُهُ فِيهِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ مِنْ الْوَكَالَةِ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِكُلِّ مَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ فِي أُمُورِ الْيَتِيمِ كَمَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ وَالْأَنْقِرْوِيِّ، وَالْمَعْتُوهُ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ كَمَا فِي الْأَنْقِرْوِيِّ، وَفِي الْبَحْرِ مِنْ شَتَّى الْقَضَاءِ نَائِبُ النَّاظِرِ كَهُوَ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ. اهـ.
وَالْوَصِيُّ كَالنَّاظِرِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ، وَالْوَقْفَ أَخَوَانِ يَسْتَسْقِي كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
وَفِي وَكَالَةِ الْمُخْتَصَرِ الْوَصِيُّ يَمْلِكُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِكُلِّ مَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ فِي أُمُورِ الْيَتِيمِ فَإِنْ بَلَغَ الْيَتِيمُ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ الْوَكِيلُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ، وَالْوَصِيُّ مِثْلُ الْقَيِّمِ لِقَوْلِهِمْ الْوَصِيَّةُ، وَالْوَقْفُ أَخَوَانِ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْوَصَايَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَتْ امْرَأَةٌ وَصِيَّةً شَرْعِيَّةً عَلَى أَوْلَادِهَا الْأَيْتَامِ وَلَهُمْ مَالٌ تَحْتَ يَدِهَا فَادَّعَتْ الْأُمُّ أَنَّهَا أَنْفَقَتْ عَلَيْهِمْ فِي مُدَّةِ كَذَا مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ مِنْ مَالِهِمْ، وَالظَّاهِرُ يُكَذِّبُهَا فِي ذَلِكَ فَهَلْ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَ الظَّاهِرُ يُكَذِّبُهَا فِي ذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِيهِ وَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي تَلْخِيصِ الْخَلَّاطِيِّ وَإِنْ زَادَ يَسِيرًا صُدِّقَ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ إنْ اتَّهَمُوهُ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ، وَفِي تَلْخِيصِ الْخَلَّاطِيِّ وَنَفَقَةُ الْمِثْلِ مَا يَكُونُ بَيْنَ الْإِسْرَافِ، وَالتَّقْتِيرِ، وَفِي أَحْكَامِ الْأَوْصِيَاءِ الْقَوْلُ فِي الْأَمَانَةِ قَوْلُ الْأَمِينِ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَمْرًا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ فَحِينَئِذٍ تَزُولُ الْأَمَانَةُ وَتَظْهَرُ الْخِيَانَةُ فَلَا يُصَدَّقُ. اهـ.
كَذَا فِي حَاشِيَةِ بِيرِيٌّ. (أَقُولُ): يَنْبَغِي لَك أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ نَفَقَةَ الْمِثْلِ تَخْتَلِفُ بِقِلَّةِ الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ وَلِذَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: يَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ لَا يُضَيِّقَ عَلَى الصَّغِيرِ فِي النَّفَقَةِ بَلْ يُوَسِّعُ عَلَيْهِ بِلَا إسْرَافٍ وَذَلِكَ يَتَفَاوَتُ بِقِلَّةِ الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ فَيَنْظُرُ إلَى مَالِهِ وَيُنْفِقُ بِحَسَبِ حَالِهِ. اهـ.
ثُمَّ إذَا ادَّعَى الزَّائِدَ عَلَى نَفَقَةِ الْمِثْلِ إنَّمَا لَا يُصَدَّقُ إذَا لَمْ يُفَسِّرْ دَعْوَاهُ بِتَفْسِيرٍ مُحْتَمَلٍ كَقَوْلِهِ: اشْتَرَيْت طَعَامًا فَسُرِقَ ثُمَّ اشْتَرَيْت ثَانِيًا وَثَالِثًا فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ كَمَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ عَنْ شَرْحِ الْأَصْلِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا احْتَاجَ الْيَتِيمُ لِلنَّفَقَةِ الضَّرُورِيَّةِ وَلَهُ مَالٌ غَائِبٌ فَصَرَفَ وَصِيُّهُ الْمُخْتَارُ عَلَيْهِ لِنَفَقَتِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ لِيَرْجِعَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ بِنَظِيرِ ذَلِكَ إذَا حَضَرَ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً شَرْعِيَّةً ثُمَّ حَضَرَ مَالُ الْيَتِيمِ وَيُرِيدُ وَصِيُّهُ الرُّجُوعَ فِي الْمَالِ الْمَذْكُورِ بِنَظِيرِ مَا صَرَفَهُ فِي نَفَقَتِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذَكَرَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ يَسُوغُ لِلْوَصِيِّ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَصِيٌّ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ، وَالْحَالُ أَنَّ مَالَ الْيَتِيمِ غَائِبٌ فَهُوَ أَيْ الْوَصِيُّ كَالْأَبِ مُتَطَوِّعٌ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ قَرَضَ عَلَيْهِ أَوْ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ تَنْوِيرٌ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ، وَالْقَبْضِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَتْ هِنْدٌ وَصِيَّةً شَرْعِيَّةً عَلَى ابْنِهَا الصَّغِيرِ الْيَتِيمِ وَأَنْفَقَتْ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهَا مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فِي لَوَازِمِهِ الضَّرُورِيَّةِ لِعَدَمِ مَالٍ حَاصِلٍ لَهُ لِتَرْجِعَ بِنَظِيرِ مَا أَنْفَقَتْهُ فِي مَالِهِ عِنْدَ حُصُولِهِ وَأَشْهَدَتْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ حَصَلَ لَهُ مَالٌ بِالْإِرْثِ وَتُرِيدُ الْأُمُّ الرُّجُوعُ فِي مَالِهِ بِمَا أَنْفَقَتْهُ فَهَلْ يَسُوغُ لَهَا ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي الْإِحْكَامَاتِ أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَرْجِعُ بِهِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَأَيْضًا فِيهَا، وَفِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ ادَّعَى الْوَصِيُّ أَوْ قَيِّمُ الْوَقْفِ الْإِنْفَاقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِالْإِشْهَادِ لِأَنَّهُمَا يَدَّعِيَانِ لِأَنْفُسِهِمَا دَيْنًا فَلَا يَسْتَحِقَّانِهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْإِنْفَاقِ فَلَمْ يَشْتَرِطْ غَيْبَةَ الْمَالِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ النَّقْلِ، وَفِي أَكْثَرِ الْعِبَارَاتِ أَيْضًا لَمْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ، وَالْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ حُصُولِ مَالِ الْيَتِيمِ الْآنَ لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ أُمُورُهُ فَمَا فِي وَكَالَةِ التَّنْوِيرِ عَنْ الْفُصُولَيْنِ، وَالْمَالُ غَائِبٌ مَعْنَاهُ غَيْرُ حَاصِلٍ الْآنَ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ.
(أَقُولُ) رَأَيْت هُنَا عَلَى هَامِشِ الْأَصْلِ بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ يَسُوغُ لَهَا ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ شَرَى لِوَلَدِهِ ثَوْبًا أَوْ طَعَامًا وَأَشْهَدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ لَوْ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا لَا لِوُجُوبِهِمَا عَلَيْهِ وَلِهَذَا أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ فِي آخَرِ الْجَوَابِ. اهـ.
مَا رَأَيْته لَكِنْ التَّعْلِيلُ يُفِيدُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ الْفَقِيرِ وَاجِبَةٌ عَلَى أَبِيهِ فَلِهَذَا لَا يَرْجِعُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَيَرْجِعُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ أَمَّا الْوَصِيُّ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْوَلَدِ مَا لَمْ يَكُنْ رَحِمًا مَحْرَمًا مِنْهُ فَعَدَمُ رُجُوعِ الْأَبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ رُجُوعِ الْوَصِيِّ مُطْلَقًا أَيْ وَلَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ النَّظَرَ بِالنِّسْبَةِ إلَى خُصُوصِ مَا وَقَعَ فِي السُّؤَالِ لِأَنَّ الْوَصِيَّ فِيهِ هِيَ الْأُمُّ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الصَّغِيرِ عَلَيْهَا.
وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ أَجْنَبِيًّا فَلَا يَرِدُ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ وَجْهِ الْفَرْقِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ذَكَرَ عَقِبَ عِبَارَتِهِ الْمَذْكُورَةِ مَا نَصُّهُ وَلَوْ قِنًّا أَوْ شَيْئًا لَا يَلْزَمُهُ رَجَعَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَوْ أَشْهَدَ وَإِلَّا لَا. اهـ.
أَيْ وَلَوْ شَرَى الْأَبُ لِوَلَدِهِ عَبْدًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ مِمَّا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِوَلَدِهِ رَجَعَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ مَالٌ لَكِنْ يَرْجِعُ لَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ اشْتَرَى لَهُ ذَلِكَ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ فِيمَا يَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْمَالِ بِإِرْثٍ أَوْ نَحْوِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ فَلَا رُجُوعَ فَهَذَا يُرْشِدُك إلَى أَنَّ رُجُوعَ الْأَبِ هُنَا عِنْدَ الْإِشْهَادِ لِكَوْنِ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْأَبِ فَقَدْ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ الْأَجْنَبِيِّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْأَبِ فَإِنَّ الْأَبَ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ أَشْهَدَ لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ لِلْوَلَدِ مَالٌ فَيَرْجِعُ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ، وَالْوَصِيُّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أَصْلًا فَيَرْجِعُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ كَالْكِسْوَةِ، وَالطَّعَامِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَالْعَبْدِ، وَالْحَانُوتِ فَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا بَحَثَهُ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَكِنْ ذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا مَا نَصُّهُ " وَلَوْ أَنْفَقَ وَصِيُّ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ عَلَى الْيَتِيمِ ثُمَّ اسْتَقْرَضَ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ لَا يُطَالِبُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَكَذَا الْأَبُ لَوْ اسْتَقْرَضَ وَأَنْفَقَ عَلَى الصَّبِيِّ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ. اهـ.
وَكَتَبَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ وَصِيَّ الْمَيِّتِ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي الْأَشْبَاهِ ذَكَرَ أَنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ فِي مَسَائِلَ وَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا. اهـ.
وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا يُنْفِقُهُ عَلَى الْوَلَدِ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْغَيْبَةِ فِي قَوْلِهِمْ وَلَهُ مَالٌ غَائِبٌ رَجَعَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الرُّجُوعِ وَمِثْلُهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ بِالْأَوْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَصْلًا وَلَعَلَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ وَإِلَّا فَبَيْنَ الْكَلَامَيْنِ مُنَاقَضَةٌ ظَاهِرَةٌ وَيَنْبَغِي الْإِفْتَاءُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ الْوَصِيُّ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ يَمْتَنِعُ مِنْ الْإِنْفَاقِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ ضَيَاعُ الْوَلَدِ وَهَلَاكُهُ بِلَا نَفَقَةٍ، وَفِي ذَلِكَ حَرَجٌ عَظِيمٌ وَمَنْعٌ مِنْ الْإِحْسَانِ إلَى هَذَا الْوَلَدِ الْعَاجِزِ، وَالْحَرَجُ مَدْفُوعٌ بِالنَّصِّ وَعَلَى ذَلِكَ مَدَارُ عَامَّةِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِشْهَادِ لِلرُّجُوعِ فِيهِ قَوْلَانِ وَنَقَلَ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ عَنْ عِدَّةِ كُتُبٍ حَتَّى فِي الْخَانِيَّةِ مَرَّةً ذَكَرَ أَنَّ الْإِشْهَادَ شَرْطٌ وَمَرَّةً ذَكَرَ أَنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى بِالنُّونِ أَنَّ عَدَمَ الرُّجُوعِ بِلَا إشْهَادٍ اسْتِحْسَانٌ وَذَكَرَ فِي الْعَتَّابِيَّةِ أَنَّهُ تَكْفِيهِ النِّيَّةُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَأَفَادَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالِاشْتِرَاطِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَضَاءِ لَا الدِّيَانَةِ وَقَدْ أَوْضَحْتُ الْمَسْأَلَةَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ ثُمَّ ذَكَرْت مَا نَصُّهُ " قُلْت فَقَدْ تَحَرَّرَ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ عَدَمَ الرُّجُوعِ بِلَا إشْهَادٍ فِي كُلٍّ مِنْ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ، وَالثَّانِيَ اشْتِرَاطُ الْإِشْهَادِ فِي الْأَبِ فَقَطْ وَمِثْلُهُ الْأُمُّ الْوَصِيُّ عَلَى أَوْلَادِهَا وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الْغَالِبِ مِنْ شَفَقَةِ الْوَالِدَيْنِ الْإِنْفَاقُ عَلَى الْأَوْلَادِ لِلْبِرِّ، وَالصِّلَةِ لَا لِلرُّجُوعِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا يَحْتَاجُ فِي الرُّجُوعِ إلَى الْإِشْهَادِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ اسْتِحْسَانٌ.
وَالثَّانِيَ قِيَاسٌ وَمُقْتَضَاهُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ يَعْنِي صَاحِبَ التَّنْوِيرِ قُبَيْلَ بَابِ عَزْلِ الْوَكِيلِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْقَضَاءِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.
فَاغْتَنِمْ هَذِهِ التَّحْرِيرَاتِ الْمُفِيدَةَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِنِسْوَةٍ وَيَتِيمَيْنِ وَأُمِّهِمَا وَالْوَصِيِّ عَلَيْهِمَا دَارٌ احْتَاجَتْ لِلتَّعْمِيرِ الضَّرُورِيِّ فَأَذِنَتْ النِّسْوَةُ وَأُمُّ الْيَتِيمَيْنِ بِالْأَصَالَةِ، وَالْوِصَايَةِ عَلَيْهِمَا لِزَيْدٍ بِتَعْمِيرِهَا، وَالصَّرْفِ عَلَى ذَلِكَ، وَالرُّجُوعِ بِنَظِيرِ مَا سَيَصْرِفُهُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْآذِنَاتِ وَجِهَةَ الْيَتِيمَيْنِ حَيْثُ لَا مَالَ حَاصِلٌ لَهُمَا يُصْرَفُ فِي ذَلِكَ وَلَا مَنْ يَرْغَبُ فِي اسْتِئْجَارِ حِصَّتِهِمَا مُدَّةً مُسْتَقْبَلَةً بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ تُصْرَفُ فِي التَّعْمِيرِ وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَظِّ، وَالْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ فَعَمَّرَهَا زَيْدٌ كَمَا ذَكَرَ وَصَرَفَ فِي ذَلِكَ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ عَلَى الْآذِنَاتِ، وَالْيَتِيمَيْنِ وَحَصَلَ لِلْيَتِيمَيْنِ مَالٌ تَحْتَ يَدِ أُمِّهِمَا وَيُرِيدُ زَيْدٌ الرُّجُوعَ بِنَظِيرِ ذَلِكَ عَلَى الْآذِنَاتِ وَوَصِيِّ الْيَتِيمَيْنِ لِتَدْفَعَ مَا عَلَيْهِمَا مِنْ مَالِهِمَا فَهَلْ يَسُوغُ لِزَيْدٍ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ أَنْفَقَ رَجُلٌ عَلَى الصَّغِيرِ وَقَالَ أَمَرَنِي الْوَصِيُّ بِذَلِكَ وَصَدَّقَهُ الْوَصِيُّ صُدِّقَ الرَّجُلُ أَدَبُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْإِنْفَاقِ.
وَفِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ أَرَادَ الْوَصِيُّ الِاسْتِدَانَةَ عَلَى الصَّغِيرِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِهِ وَإِلَّا فَالْمُخْتَارُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيَأْمُرُهُ بِهِ، وَفِي فَتَاوَى ظَهِيرِ الدِّينِ أَنَّ الرَّفْعَ هُوَ الْأَحْوَطُ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ لِبُعْدِ الْحَاكِمِ فَيَسْتَدِينُ بِدُونِ الْأَمْرِ وَقِيلَ لَهُ الِاسْتِدَانَةُ بِدُونِ الرَّفْعِ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْقُرُوضِ، وَفِيهِ ذَكَرَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ، وَالْمُحِيطِ الْوَصِيُّ لَوْ اسْتَدَانَ لِأَجَلِ الْيَتِيمِ جَازَ وَلَوْ أَقَرَّ بِالِاسْتِدَانَةِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ إجْمَاعًا، وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى اسْتَقْرَضَ الْأَبُ لِصَغِيرِهِ جَازَ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِالِاسْتِقْرَاضِ. اهـ.
وَمَسْأَلَةُ اسْتِدَانَةِ الْوَصِيِّ ذَكَرَهَا فِي الْأَشْبَاهِ أَوَائِلَ الْإِقْرَارِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَتْ هِنْدٌ وَصِيًّا مُخْتَارَةً مِنْ قِبَلِ زَوْجِهَا الْمُتَوَفَّى عَلَى أَوْلَادِهِ مِنْهَا الصِّغَارِ فَمَرِضَتْ وَفَوَّضَتْ أَمْرَ الْوِصَايَةِ لِزَيْدِ ابْنِ عَمِّهَا الْأَمِينِ الْأَهْلِ لِذَلِكَ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَقَبِلَ زَيْدٌ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ أَوْلَادِهَا الْمَذْكُورِينَ وَلَهُمْ مَالٌ تَحْتَ يَدِهَا وَخَلَفَتْ تَرِكَةً فَقَامَ عَمُّ الْأَوْلَادِ يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ زَاعِمًا أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْوِصَايَةِ مِنْ زَيْدٍ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ الْمُعَارَضَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ بَابِ الْوَصِيِّ وَوَصِيِّ الْوَصِيِّ سَوَاءٌ أَوْصَى إلَيْهِ فِي مَالِهِ أَوْ مَالِ مُوصِيهِ وِقَايَةٌ وَصِيٌّ فِي التَّرِكَتَيْنِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ. اهـ.
وَفِيهِ مِنْ الْوَكَالَةِ، وَالْوِلَايَةِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ إلَى الْأَبِ ثُمَّ وَصِيِّهِ ثُمَّ وَصِيِّ وَصِيِّهِ إذْ الْوَصِيُّ يَمْلِكُ الْإِيصَاءَ.
إلَخْ.
وَفِي الْأَشْبَاهِ وَصِيُّ الْقَاضِي إذَا جُعِلَ وَصِيًّا عِنْدَ مَوْتِهِ لَا يَصِيرُ الثَّانِي وَصِيًّا بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ كَذَا فِي التَّتِمَّةِ، وَفِي الْخِزَانَةِ وَصِيُّ وَصِيِّ الْقَاضِي كَوَصِيِّهِ إذَا كَانَتْ الْوِصَايَةُ عَامَّةً. اهـ.
وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ. اهـ.
وَقَدْ عَقَدَ فِي كِتَابِ الْأَوْصِيَاءِ آخِرَ الْكِتَابِ فَصْلًا فِي إيصَاءِ الْوَصِيِّ فَمَنْ رَامَ تَمَامَ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ فَلْيَرْجِعْ إلَيْهِ.
(أَقُولُ) أَيْ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ قَوْلِهِ لَا يَصِيرُ الثَّانِي وَصِيًّا وَقَوْلُ الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا الْوَصِيُّ يَمْلِكُ الْإِيصَاءَ سَوَاءٌ كَانَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ أَوْ وَصِيَّ الْقَاضِي. اهـ.
بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا نَصَّبَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا خَاصًّا فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ فَقَطْ فَإِنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ عَلَى مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا وَيُحْمَلُ الثَّانِي عَلَى مَا إذَا نَصَّبَهُ وَصِيًّا عَامًّا كَمَا فِي الْخِزَانَةِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ وَصِيَّ الْوَصِيِّ لَهُ أَنْ يُوصِيَ أَيْضًا وَهَكَذَا وَإِنْ تَعَدَّدَتْ.
كَمَا أَفَادَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا وَقَدْ سُئِلْتُ عَمَّا لَوْ أَقَامَ زَيْدٌ أَخَاهُ عَمْرًا وَصِيًّا ثُمَّ أَقَامَ بِكْرٌ زَيْدًا وَصِيًّا ثُمَّ مَاتَ بَكْرٌ وَمَاتَ بَعْدَهُ زَيْدٌ فَهَلْ يَصِيرُ عَمْرٌو وَصِيًّا عَلَى تَرِكَةِ بَكْرٍ أَيْضًا اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْمَوْتِ أَمْ لَا اعْتِبَارًا بِحَالَةِ النَّصْبِ لِأَنَّ زَيْدًا حِينَ نَصَبَ أَخَاهُ عَمْرًا لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا عَلَى تَرِكَةِ بَكْرٍ لَمْ أَجِدْ فِي ذَلِكَ نَصًّا صَرِيحًا، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي الْأَوَّلُ إذْ لَوْ اُعْتُبِرَتْ حَالَةُ النَّصْبِ لَزِمَ أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ نَصَبَ وَصِيًّا عَلَى أَوْلَادِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ أَوْلَادٌ وَاكْتَسَبَ مَالًا آخَرَ أَنْ لَا يَكُونَ لِذَلِكَ الْوَصِيِّ وِلَايَةٌ عَلَى مَا حَدَثَ لِلْمُوصِي بَعْدَ النَّصْبِ فَعُلِمَ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِحَالَةِ الْمَوْتِ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ خِلَافَةٌ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ الْوَصِيَّةُ طَلَبُ فِعْلٍ يَفْعَلُهُ الْمُوصَى إلَيْهِ بَعْدَ غَيْبَتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى مَصَالِحِهِ كَقَضَاءِ دُيُونِهِ، وَالْقِيَامِ بِحَوَائِجِهِ وَمَصَالِحِ وَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَتَنْفِيذِ وَصَايَاهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ يُقَالُ فُلَانٌ سَافَرَ فَأَوْصَى بِكَذَا وَفُلَانٌ مَاتَ فَأَوْصَى بِكَذَا.
إلَخْ وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى قَوْلِهِمْ إنَّ وَصِيَّ الْوَصِيِّ وَصِيٌّ فِي التَّرِكَتَيْنِ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ إقَامَةُ الْغَيْرِ مَقَامَهُ فِيمَا لَهُ وِلَايَتُهُ وَعِنْدَ الْمَوْتِ كَانَتْ لَهُ وِلَايَةٌ فِي التَّرِكَتَيْنِ فَيُنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ فِيهِمَا. اهـ.
وَلِأَنَّ تَرِكَةَ مُوصِيهِ تَرِكَتُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الِاخْتِيَارِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ الْوَصِيُّ لِآخَرَ: أَنْتَ وَصِيٌّ فِي تَرِكَتِي صَارَ وَصِيًّا فِي التَّرِكَتَيْنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَحَيْثُ كَانَتْ تَرِكَةُ الْأَوَّلِ تَرِكَةً لِلثَّانِي، وَالتَّرِكَةُ اسْمٌ لِمَا يَتْرُكُهُ الْإِنْسَانُ بَعْدَ مَوْتِهِ عُلِمَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالَةُ الْمَوْتِ فَيَصِيرُ الثَّانِي وَصِيًّا عَلَى التَّرِكَتَيْنِ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُوصِيهِ وَصِيًّا حِينَ نَصَبَهُ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْمَوْتِ لِأَنَّ مُوصِيَهُ وَهُوَ زَيْدٌ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ كَانَتْ وِلَايَتُهُ عِنْدَ مَوْتِهِ ثَابِتَةً عَلَى تَرِكَةِ نَفْسِهِ وَعَلَى تَرِكَةِ بَكْرٍ قَطْعًا فَيَخْلُفُهُ وَصِيُّهُ عَمْرٌو بَعْدَ مَوْتِهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَيْضًا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَامَ زَيْدٌ عَمْرًا وَصِيًّا عَلَى أَمْتِعَتِهِ وَدَابَّتِهِ لِيَأْخُذَهَا وَيُوَصِّلَهَا إلَى وَرَثَتِهِ الْغَائِبِينَ بِبَلْدَتِهِ وَهُمْ كِبَارٌ وَصِغَارٌ وَمَاتَ زَيْدٌ وَيُرِيدُ عَمْرٌو بَيْعَ الدَّابَّةِ لِلْحَظِّ، وَالْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ لِاحْتِيَاجِهَا لِلنَّفَقَةِ وَأَخْذَ ثَمَنِهَا لِوَرَثَتِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ عَلَى الْكَبِيرِ الْغَائِبِ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِي الْعَقَارِ وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الْوَصِيُّ يَمْلِكُ بَيْعَ عُرُوضِ الصَّغِيرِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا يَمْلِكُ بَيْعَ عَقَارِهِ إلَّا لِحَاجَةٍ. اهـ.
، وَفِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ أَيْضًا لِأَنَّ وَظِيفَتَهُ إذْ ذَاكَ حِفْظُ الْأَمْوَالِ وَبَيْعُ الْعُرُوضِ مِنْ الْحِفْظِ لِمَا أَنَّ حِفْظَ الثَّمَنِ أَهْوَنُ أَمَّا الْعَقَارُ فَهُوَ مُحَصَّنٌ بِذَاتِهِ مَحْفُوظٌ بِنَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ بَيْعُهُ مِنْ بَابِ الْحِفْظِ إلَّا إذَا كَانَ الْعَقَارُ فِي مَعْرِضِ الْهَلَاكِ فَبَيْعُهُ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْعُرُوضِ. اهـ.
وَهُوَ وَإِنْ جَعَلَهُ وَصِيًّا عَلَى الْأَمْتِعَةِ فَقَطْ فَإِنَّهُ صَارَ وَصِيًّا فِي كُلِّ مَالِهِ لِمَا ذَكَرُوا أَنَّهُ إذَا أَوْصَى إلَيْهِ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ يَكُونُ وَصِيًّا فِي كُلِّ مَالِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَالْخَانِيَّةِ وَبِهِ يُفْتَى ذَكَرَهُ نَجْمُ الدِّينِ الْخَاصِّيُّ كَذَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ وَذَكَرُوا أَنَّ الْوَصِيَّ فِي الْفِعْلِ فِي حَيَاتِهِ وَكِيلٌ، وَالْوَكِيلُ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَصِيٌّ فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ نَهَاهُ عَنْهُ لِمَا فِي وَصَايَا الْأَشْبَاهِ يَعْمَلُ نَهْيُ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ وَلَا يَعْمَلُ نَهْيُ الْمَيِّتِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى قَبُولِ التَّخْصِيصِ وَعَدَمِهِ. اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ أَدَبِ الْقَضَاءِ قُبَيْلَ الْعَاشِرِ فِي الْحَبْسِ جَعَلَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا فِي مَالِ الْيَتِيمِ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِي مَالِهِ مَا يَفْعَلُهُ وَصِيُّ الْأَبِ غَيْرَ أَنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي لَا يَمْلِكُ أَنْ يَتَصَرَّفَ تَصَرُّفًا اسْتَثْنَاهُ الْقَاضِي كَمَا إذَا نَهَاهُ عَنْ بَيْعِ الْعَقَارِ مَثَلًا بِخِلَافِ وَصِيِّ الْأَبِ فَإِنَّ اسْتِثْنَاءَ الْأَبِ لَا يَعْمَلُ فَيَمْلِكُ وَصِيُّهُ التَّصَرُّفَ فِي عَمَلٍ نَهَاهُ. اهـ.
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(أَقُولُ) ذَكَرْت فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ مَا نَصُّهُ " وَمِمَّا يَجِبُ التَّنَبُّهُ لَهُ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلٍ بِتَفْرِيقِ ثُلُثِ مَالِهِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ مَثَلًا صَارَ وَصِيًّا عَامًّا عَلَى أَوْلَادِهِ وَتَرِكَتِهِ وَإِنْ أَوْصَى فِي ذَلِكَ إلَى غَيْرِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الْمُفْتِي بِهِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا بِانْفِرَادِهِ، وَالنَّاسُ عَنْهَا فِي زَمَانِنَا غَافِلُونَ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهَا فِي الْخَانِيَّةِ فَقَالَ: وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ بِدَيْنٍ وَإِلَى آخَرَ أَنْ يَعْتِقَ عَبْدَهُ أَوْ يَنْفُذَ وَصِيَّتَهُ فَهُمَا وَصِيَّانِ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَقَالَا: كُلُّ وَاحِدٍ وَصِيٌّ عَلَى مَا يُسَمَّى لَا يَدْخُلُ الْآخَرُ مَعَهُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ حِصَّةَ ابْنَتَهُ الْقَاصِرَةِ مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ جَمَاعَةٍ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَهُوَ مَسْتُورُ الْحَالِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ الْعَقَارِ إلَّا بِالْمُسَوِّغَاتِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي ذَكَرُوهَا وَنَقَلَ السَّيِّدُ أَحْمَدُ الْحَمَوِيُّ فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْوَصَايَا أَنَّ الْأَبَ كَالْوَصِيِّ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ الْعَقَارِ إلَّا فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْحَانُوتِيُّ. اهـ.
فَرَاجِعْهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ مَا فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَسْتَنِدْ الْحَانُوتِيُّ لِنَقْلٍ صَحِيحٍ وَلَكِنْ إذَا صَارَتْ الْمُسَوِّغَاتُ فِي بَيْعِ الْأَبِ أَيْضًا كَمَا فِي الْوَصِيِّ صَارَ حَسَنًا مُفِيدًا أَيْضًا فَإِنَّ الْأَخْذَ بِالِاتِّفَاقِ أَوْفَقُ، وَفِي الْعِمَادِيَّةِ فِي 37 الْحَاصِلُ أَنَّ بَيْعَ الْأَبِ عَقَارَ الصَّغِيرِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ يَجُوزُ إذَا كَانَ مَحْمُودًا أَوْ مَسْتُورًا وَإِذَا كَانَ مُفْسِدًا لَا يَجُوزُ إلَّا بِضِعْفِ الْقِيمَةِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِيَتِيمَةٍ أُمٌّ وَصِيٌّ عَلَيْهَا وَحِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي دَارٍ لَيْسَ لَهَا غَيْرُهَا وَاحْتَاجَتْ لِلنَّفَقَةِ وَتُرِيدُ أُمُّهَا بَيْعَ الْحِصَّةِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ لِأَجْلِ نَفَقَتِهَا فَهَلْ يَسُوغُ لَهَا ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِأَيْتَامٍ عَقَارٌ وَدَرَاهِمُ تَحْتَ يَدِ وَصِيِّهِمْ الشَّرْعِيِّ وَيُرِيدُ الْوَصِيُّ بَيْعَ الْعَقَارِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَمْلِكُ الْوَصِيُّ بَيْعَ عَقَارِهِ أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ): لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ كَمَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ سُئِلَ فِيمَا لَوْ بَاعَ الْقَيِّمُ عَقَارَ الْيَتِيمِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ ثُمَّ بَلَغَ الْيَتِيمُ وَادَّعَى بُطْلَانَهُ لِوُجُودِ مَنْقُولٍ مَعَهُ فِيهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ وَبَرْهَنَ عَلَى دَعْوَاهُ فَدَفَعَهُ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ أَجَازَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَمَا الْحُكْمُ أَجَابَ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ عَقَارِهِ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَّا لِحَاجَةٍ إلَى ثَمَنِهِ لَا قَضَاءَ لَهَا إلَّا مِنْ ثَمَنِهِ كَنَفَقَةٍ أَوْ دَيْنٍ لَا يُقْضَى إلَّا مِنْهُ أَوْ وَقَعَ فِي يَدِ مُتَغَلِّبٍ أَوْ كَانَتْ غَلَّتُهُ لَا تَفِي بِمُؤْنَتِهِ أَوْ بِيعَ بِضِعْفِ قِيمَتِهِ وَقَدْ صَرَّحُوا عَنْ الْمُنْتَقَى بِأَنَّ بَيْعَهُ بِلَا مُسَوِّغٍ بَاطِلٌ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَعِنْدَ الثَّانِي أَنَّ فِي قِيمَةِ الْعُرُوضِ وَفَاءً فَبَيْعُهُ بَاطِلٌ وَأَفْتَى الْعَلَّامَةُ الْغَزِّيُّ بِبُطْلَانِهِ حَيْثُ لَا حَاجَةَ مُعَلِّلًا لَهُ بِأَنَّهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ يَكُونُ فُضُولِيًّا وَإِذَا كَانَ فُضُولِيًّا وَلَا مُجِيزَ لِعَقْدِهِ فَلَا يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا بَلْ يَبْطُلُ وَإِذَا بَطَلَ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ. اهـ.
وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَالْوِلَايَةُ فِي مَالِهِ إلَى أَبِيهِ ثُمَّ وَصِيِّهِ إلَى أَنْ قَالَ وَأَنَا أَقُولُ مَا لَا يَمْلِكُهُ الْوَلِيُّ لَا يَجُوزُ وَلَا يَتَوَقَّفُ إلَى مَا بَعْدَ الْإِدْرَاكِ لِأَنَّهُ لَا مُجِيزَ لَهُ حَالَةَ الْعَقْدِ. اهـ.
ثُمَّ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُجِيزٌ حَالَةَ الْعَقْدِ فَهُوَ بَاطِلٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ فَلَا عِبْرَةَ بِلَفْظِ الْإِجَازَةِ بَعْدَ الْبُلُوغِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَلَا تَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ بَعْدَ الْبُلُوغِ إلَّا بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْإِنْشَاءِ فَمُجَرَّدُ الْإِجَازَةِ فِي الْوَاقِعَةِ لَا يَكْفِي وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ بِصِيغَةٍ إنْشَائِيَّةٍ فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَيْعَ هُنَا لَا يَكُونُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ مِنْ الْوَصَايَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِأَيْتَامٍ غِرَاسُ كَرْمٍ وَسُمَّاقٌ قَائِمٌ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ مُخَلَّفٌ لَهُمْ عَنْ أَبِيهِمْ فَبَاعَهُ وَصِيُّهُمْ مِنْ رَجُلٍ بِثَمَنٍ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ وَتَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فَهَلْ يَكُونُ الْمَبِيعُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَفِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ وَشِرَاؤُهُ بِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ وَلَا يَجُوزُ بِالْفَاحِشِ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ نَظَرِيَّةٌ، وَفِي الْقُنْيَةِ لِلزَّاهِدِيِّ وَلَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ مَالَ الصَّبِيِّ بِفَاحِشِ الْغَبْنِ قَالَ الْقَاضِي عَلَاءُ الدِّينِ الْمَرْوَزِيُّ يَبْطُلُ الْبَيْعُ حَتَّى لَا يَمْلِكَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِالْقَبْضِ وَقَالَ نَجْمُ الدِّينِ الْحَلِيمِيُّ بَلْ يَفْسُدُ الْبَيْعُ قُلْت فَيَمْلِكُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِالْقَبْضِ وَيَكُونُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْفَسْخُ مَا دَامَ الْمَبِيعُ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْبَيْعِ وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَفِي أَحْكَامِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ الْمُتُونِ.
(سُئِلَ) فِي وَصِيٍّ بَاعَ شَجَرَ الْيَتِيمِ الْقَائِمَ فِي أَرْضِ وَقْفٍ مُحْتَكَرَةٍ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى مُسَوِّغٍ كَمَا يَحْتَاجُ عَقَارُهُ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الشَّجَرَ مِنْ قِسْمِ الْمَنْقُولِ وَبَيْعُ الْوَصِيِّ مَنْقُولً الْيَتِيمِ جَائِزٌ وَلَيْسَ كَالْعَقَارِ لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ بِنَفْسِهِ، وَالشَّجَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْوَصَايَا، وَفِي الذَّخِيرَةِ الْوَصِيُّ يَمْلِكُ بَيْعَ عُرُوضِ الصَّغِيرِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا يَمْلِكُ بَيْعَ عَقَارِهِ إلَّا لِحَاجَةٍ. اهـ.
، وَفِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ يَمْلِكُ الْوَصِيُّ بَيْعَ الْمَنْقُولِ دُونَ الْعَقَارِ. اهـ.
وَفِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْأَئِمَّةِ الْأَخْيَارِ أَنَّ الشَّجَرَ مِنْ قَبِيلِ الْمَنْقُولِ لَا مِنْ قَبِيلِ الْعَقَارِ ثُمَّ أَبْطَلَ قَوْلَ مَنْ جَعَلَ الْبِنَاءَ، وَالنَّخْلَ مِنْ الْعَقَارِ حَيْثُ قَالَ وَقَدْ غَلِطَ بَعْضُ الْمِصْرِيِّينَ فَجَعَلَ النَّخِيلَ مِنْ الْعَقَارِ وَأَفْتَى بِهِ وَنُبِّهَ فَلَمْ يَرْجِعْ كَعَادَتِهِ. اهـ.
، وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ الْبِنَاءُ لَيْسَ مِنْ الْعَقَارِ فِي شَيْءٍ كَمَا لَا يَخْفَى، وَالْغِرَاسُ أَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ الْعَقَارِ، وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ بَابِ مَا يَجِبُ مِنْ الشُّفْعَةِ وَمَا لَا يَجِبُ وَلَا شُفْعَةَ فِي الْبِنَاءِ، وَالنَّخْلِ إنْ بِيعَ دُونَ الْعَرْصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مَذْكُورٌ فِي الْأَصْلِ لِأَنَّهُ لَا قَرَارَ لَهُ فَكَانَ نَقْلِيًّا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِيَتِيمَةٍ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي بِنَاءِ خَانٍ، وَفِي بِنَاءِ حَوَانِيتَ قَائِمُ الْبِنَاءِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ فَبَاعَ الْحِصَّةَ وَصِيُّهَا الشَّرْعِيُّ الْمُخْتَارُ بِضِعْفِ قِيمَتِهَا وَلِلْيَتِيمَةِ الْمَزْبُورَةِ مَالٌ تَحْتَ يَدِ وَصِيِّهَا الْمَزْبُورِ غَيْرُ الْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) صِحَّةُ الْبَيْعِ لِكَوْنِ الْبِنَاءِ مِنْ الْمَنْقُولِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ وَلِكَوْنِ الثَّمَنِ ضِعْفَ الْقِيمَةِ أَيْضًا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِصَغِيرَيْنِ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي بِنَاءِ دَارٍ جَارِيَةٍ فِي مِلْكِهِمَا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ عَنْ أُمِّهِمَا فَاشْتَرَاهَا أَبُوهُمَا لِنَفْسِهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، وَفِي ذَلِكَ حَظٌّ وَمَصْلَحَةٌ لِلصَّغِيرَيْنِ، وَالْأَبُ مَسْتُورٌ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَبَيْعُ الْأَبِ مَالَ صَغِيرٍ مِنْ نَفْسِهِ جَائِزٌ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَبِمَا يُتَغَابَنُ فِيهِ وَهُوَ الْيَسِيرُ وَإِلَّا لَا وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمَنْقُولِ أَمَّا الْعَقَارُ فَسَيَجِيءُ عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ مِنْ بَابِ الْوَصِيِّ، وَالْبِنَاءُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَنْقُولِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِأَيْتَامٍ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي بِنَاءِ حَانُوتٍ وَلَهُمْ أُمٌّ تَعُولُهُمْ وَتُنْفِقُ عَلَيْهِمْ وَهُمْ فِي حِجْرِهَا وَكَنَفِهَا فَبَاعَتْ الْحِصَّةَ الْمَزْبُورَةَ مِنْ رَجُلٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ قَبَضَتْهُ مِنْهُ لِحَاجَتِهِمْ لِلنَّفَقَةِ وَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ جَائِزًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَيَجُوزُ شِرَاءُ مَا لَا بُدَّ لِلطِّفْلِ مِنْهُ وَبَيْعُهُ لِأَخِيهِ وَعَمِّهِ وَأُمِّهِ مُلْتَقِطٍ إنْ هُوَ فِي حِجْرِهِمْ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ وَتُؤَخِّرُهُ أُمُّهُ فَقَطْ وَكَذَا مُلْتَقِطٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَى التَّنْوِيرِ شَرْحُ الْمُلْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ مِنْ فَصْلِ بَيْعِ الْعَذِرَةِ مِنْ الْكَرَاهِيَةِ وَالِاسْتِحْسَانِ وَجَازَ أَيْضًا شِرَاءُ مَا لَا بُدَّ لِلصَّغِيرِ مِنْهُ كَالنَّفَقَةِ، وَالْكِسْوَةِ وَاسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَبَيْعُهُ أَيْ بَيْعُ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ أَيْضًا لِلصَّغِيرِ لِأَخٍ وَعَمٍّ وَأُمٍّ هُوَ أَيْ الصَّغِيرُ فِي حِجْرِهِمْ دَفْعًا لِلضَّرَرِ وَجَازَ أَيْضًا إجَارَتُهُ أَيْ الصَّغِيرِ لِأُمِّهِ فَقَطْ يَعْنِي لَا يُؤَجِّرُهُ الْعَمُّ وَلَا الْمُلْتَقِطُ وَلَا الْأَخُ وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
وَفِي رِوَايَةِ الْقُدُورِيِّ يَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ الْمُلْتَقِطُ وَيُسَلِّمُهُ فِي صِنَاعَةٍ وَهُوَ أَقْرَبُ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا مَحْضًا لِلصَّغِيرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي شَرْحِ ابْنِ مَالِكٍ لِلْمَجْمَعِ.
إلَخْ مِنَحٌ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِصَغِيرٍ يَتِيمٍ هُوَ فِي حِجْرِ عَمِّهِ شَقِيقِ أَبِيهِ حِنْطَةٌ خَرَجَتْ مِنْ أَرْضِهِ أَنْفَقَهَا عَمُّهُ عَلَى الصَّغِيرِ نَفَقَةَ الْمِثْلِ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ حَتَّى بَلَغَ رَشِيدًا يُرِيدُ مُطَالَبَةَ الْعَمِّ بِذَلِكَ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ مُتَفَرِّقَاتِ الْكَرَاهِيَةِ الْأَصْلُ أَنَّ التَّصَرُّفَ عَلَى الصِّغَارِ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ قَالَ وَنَوْعٌ مِنْ ضَرُورَةِ حَالِهِ كَشِرَاءِ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَبَيْعِهِ وَإِجَارَةِ الصَّغِيرِ نَفْسَهُ وَيَمْلِكُهُ كُلُّ مَنْ يَعُولُهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ كَالْأَخِ، وَالْعَمِّ، وَالْمُلْتَقِطِ إذَا كَانَ هُوَ فِي حِجْرِهِمْ. اهـ.
مُلَخَّصًا وَمِثْلُهُ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ الْبُيُوعِ مِنْ فَصْلٍ فِي الْأَبِ، وَالْجَدِّ، وَالْعَمِّ لِلصَّغِيرِ وَلَوْ تَصَرَّفَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ السِّكَّةِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مِنْ الْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ وَلَيْسَ لِلْيَتِيمِ وَصِيٌّ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إنْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي يَأْخُذُ الْمَالَ وَيُفْسِدُهُ فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ جَائِزٌ لِلضَّرُورَةِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ وَلْوَالِجِيَّةٌ قُبَيْلَ كِتَابِ الْفَرَائِضِ. (أَقُولُ) رَأَيْت مَنْقُولًا عَنْ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ وَأَفْتَى الْقَاضِي الدَّبُوسِيُّ بِأَنَّ تَصَرُّفَهُ جَائِزٌ لِلضَّرُورَةِ قَالَ قَاضِي خَانْ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَبِهِ يُفْتَى. اهـ.
وَذَكَرَ نَحْوَ ذَلِكَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْتَقَى عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ ثُمَّ إنَّ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ عَائِلَ الْيَتِيمِ يَمْلِكُ بَيْعَ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ خَاصٌّ بِغَيْرِ الْعَقَارِ مِنْ نَحْوِ الْمَنْقُولَاتِ أَمَّا الْعَقَارُ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْمُسَوِّغَاتِ لِمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ حَيْثُ قَالَ قُلْتُ وَهَذَا أَيْ بَيْعُ الْعَقَارِ لِلْمُسَوِّغِ لَوْ الْبَائِعُ وَصِيًّا لَا مِنْ قِبَلِ أُمٍّ أَوْ أَخٍ فَإِنَّهُمَا لَا يَمْلِكَانِ بَيْعَ الْعَقَارِ مُطْلَقًا وَلَا شِرَاءَ غَيْرِ طَعَامٍ وَكِسْوَةٍ.
إلَخْ تَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَيِّتٍ وَلِلْمَيِّتِ وَرَثَةٌ كِبَارٌ غُيَّبٌ وَصَغِيرٌ حَاضِرٌ فَنَصَبَ الْقَاضِي وَكِيلًا عَنْ الصَّغِيرِ وَقَضَى بِذَلِكَ عَلَيْهِ وَيُرِيدُ الرَّجُلُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ مِنْ نَصِيبِ الْحَاضِرِ حَيْثُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَصِيبِ الْكِبَارِ وَإِذَا حَضَرَ الْكِبَارُ يَرْجِعُ أَيْ الْحَاضِرُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ إذَا ادَّعَى عَلَى مَيِّتٍ، وَالْوَرَثَةُ الْكِبَارُ غُيَّبٌ، وَالصَّغِيرُ حَاضِرٌ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ عَنْ هَذَا الصَّغِيرِ وَكِيلًا يَدَّعِي عَلَيْهِ فَإِذَا قَضَى عَلَى الْوَكِيلِ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ كَذَا ذَكَرَهُ رَشِيدُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قُلْت غَيْرَ أَنَّ الْغَرِيمَ يَسْتَوْفِي دَيْنَهُ مِنْ نَصِيبِ الْحَاضِرِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَصِيبِ الْكِبَارِ فَإِذَا حَضَرَ الْكِبَارُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ ذَكَرَ هَذَا شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ عِمَادِيَّةٌ فِي 38 فِي مَسَائِلِ التَّرِكَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ.
(سُئِلَ) فِي الْوَارِثِ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ مِنْ التَّرِكَةِ بِالْبَيِّنَةِ، وَالْقَضَاءِ، وَالْيَمِينِ ثُمَّ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ وَلَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ مَالٌ غَيْرُ مَا دَفَعَهُ لِلْغَرِيمِ الْأَوَّلِ فَهَلْ يُشَارِكُ هَذَا الْغَرِيمُ الْأَوَّلَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَذَكَرَ رَشِيدُ الدِّينِ الْوَارِثُ إذَا قَضَى الدَّيْنَ مِنْ التَّرِكَةِ بِإِقْرَارِهِ فَلَوْ جَاءَ غَرِيمٌ آخَرُ يَضْمَنُ لَهُ وَلَوْ أَدَّى بِالْقَضَاءِ لَا يَضْمَنُ وَيُشَارِكُ هَذَا الْغَرِيمُ الْأَوَّلَ عِمَادِيَّةٌ فِي 38.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْصَتْ هِنْدٌ بِثُلُثِ مَالِهَا لِجَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ فُقَرَاءَ وَأَقَامَتْ زَوْجَهَا وَصَارَ مُخْتَارًا فِي ضَبْطِ مُخَلِّفَاتِهَا وَبَيْعِهَا وَإِيفَاءِ دَيْنِهَا الثَّابِتِ عَلَيْهَا لِأَرْبَابِهِ، وَفِي صَرْفِ الثُّلُثِ كَمَا ذَكَرَ وَمَاتَتْ مُصِرَّةً عَلَى ذَلِكَ عَنْ زَوْجِهَا، وَعَنْ بِنْتِ أَخٍ غَائِبَةٍ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَقَبِلَ الزَّوْجُ، وَالْمُوصَى لَهُمْ الْوَصِيَّةَ وَخَلَفَتْ تَرِكَةً مُشْتَمِلَةً عَلَى مَتَاعٍ وَنِصْفِ دَارٍ مَعْلُومَةٍ لَا تُقْسَمُ قِسْمَةَ إجْبَارٍ، وَفِي بَيْعِ بَعْضِهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ عَلَيْهِ فَبَاعَ الْوَصِيُّ النِّصْفَ الْمَزْبُورَ مِنْ عَمْرٍو الشَّرِيكِ بَيْعًا بَاتًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَبَضَهُ مِنْهُ وَصَدَرَ ذَلِكَ لَدَى قَاضٍ حَنْبَلِيٍّ أَذِنَ لِلْوَصِيِّ بِذَلِكَ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ مِنْ وَصِيٍّ عَلَى كَبِيرٍ فِي حَادِثَةِ ذَلِكَ مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ وَأَفْتَى مُفْتِي مَذْهَبِهِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً فَهَلْ يَعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَأَمَّا عِنْدَنَا فَفِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ: وَجَازَ بَيْعُهُ أَيْ الْوَصِيِّ عَلَى الْكَبِيرِ الْغَائِبِ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ إلَّا لِدَيْنٍ أَوْ خَوْفِ هَلَاكٍ ذَكَرَهُ عَزْمِي زَادَهْ مَعْزِيًّا لِلْخَانِيَّةِ قُلْت، وَفِي الزَّيْلَعِيِّ والقهستاني الْأَصَحُّ لَا لِأَنَّهُ نَادِرٌ. اهـ.
فَفِي الْحَادِثَةِ بَاعَ الْوَصِيُّ الْمُخْتَارُ حِصَّةَ الْوَارِثِ الْكَبِيرِ مِنْ الْعَقَارِ لَدَى حَنْبَلِيٍّ يَرَى ذَلِكَ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ الْمَزْبُورُ.
فَارْتَفَعَ الْخِلَافُ. (أَقُولُ) قَوْلُهُ الْأَصَحُّ لَا لِأَنَّهُ نَادِرٌ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ أَوْ خَوْفِ هَلَاكٍ أَيْ لَيْسَ لَهُ بَيْعُ الْعَقَارِ عِنْدَ خَوْفِ هَلَاكِهِ إذَا كَانَ الْوَارِثُ الْكَبِيرُ غَائِبًا لِأَنَّ هَلَاكَ الْعَقَارِ نَادِرٌ فَبَقِيَ قَوْلُهُ إلَّا لِدَيْنٍ صَرِيحًا فِي أَنَّ الْوَصِيَّ لَهُ بَيْعُ الْعَقَارِ لِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ، وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ الْكَبِيرُ حَاضِرًا لِمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ إنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ أَوْصَى بِدَرَاهِمَ وَلَا دَرَاهِمَ فِي التَّرِكَةِ، وَالْوَرَثَةُ كِبَارٌ حُضُورٌ فَعِنْدَهُ يَبِيعُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا بَيْعُ حِصَّةِ الدَّيْنِ. اهـ.
وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ: قَيَّدَ بِالْغَيْبَةِ لِأَنَّهُمْ إذَا كَانُوا حُضُورًا لَيْسَ لِلْوَصِيِّ التَّصَرُّفُ فِي التَّرِكَةِ أَصْلًا إلَّا إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ وَلَمْ تَقْضِ الْوَرَثَةُ الدُّيُونَ وَلَمْ يَنْفُذُوا الْوَصِيَّةَ مِنْ مَالِهِمْ فَإِنَّهُ يَبِيعُ التَّرِكَةَ كُلَّهَا إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُحِيطًا وَبِمِقْدَارِ الدَّيْنِ إنْ لَمْ يُحِطْ وَلَهُ بَيْعُ مَا زَادَ عَلَى الدَّيْنِ أَيْضًا عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَيُنَفِّذُ الْوَصِيَّةَ بِمِقْدَارِ الثُّلُثِ وَلَوْ بَاعَ لِتَنْفِيذِهَا شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ جَازَ بِمِقْدَارِهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَفِي الزِّيَادَةِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الدَّيْنِ. اهـ.
قَالَ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ " وَبِقَوْلِهِمَا يُفْتَى كَمَا فِي الْحَافِظِيَّةِ، وَالْغُنْيَةِ وَسَائِرِ الْكُتُبِ. اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرِقَةً فَلَهُ بَيْعُ كُلِّهَا مِنْ عَقَارٍ وَمَنْقُولٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَغْرِقَةً وَلَا دَرَاهِمَ فِيهَا يُوَفِّي مِنْهَا الدَّيْنَ أَوْ تَنْفُذُ مِنْهَا الْوَصِيَّةُ فَلَهُ بَيْعُ قَدْرِ الدَّيْنِ أَوْ الْوَصِيَّةِ اتِّفَاقًا وَكَذَا لَهُ بَيْعُ الزَّائِدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِمَا قَالَهُ الْأُسْرُوشَنِيُّ فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَهُ أَنَّهُ مَتَى ثَبَتَ لِلْوَصِيِّ وِلَايَةُ بَيْعِ بَعْضِ التَّرِكَةِ لَهُ وِلَايَةُ بَيْعِ الْبَاقِي وَتَمَامُ بَيَانِ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ وَقَدْ ظَهَرَ لَك مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّهُ فِي حَادِثَةِ الْفَتْوَى إذَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَرَاهِمُ تَنْفُذُ مِنْهَا الْوَصِيَّةُ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ الْعَقَارِ بِقَدْرِ الْوَصِيَّةِ اتِّفَاقًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمِ الْقَاضِي الْحَنْبَلِيِّ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ غَيْرُ الْعَقَارِ فَلَوْ كَانَ فِيهَا مَنْقُولٌ بِقَدْرِ الْوَصِيَّةِ يَبِيعُهُ فَقَطْ وَيَنْفُذُهَا مِنْ ثَمَنِهِ إلَّا إذَا لَمْ يَفِ ثَمَنُهُ فَيَبِيعُ مِنْ الْعَقَارِ بِقَدْرِ الْبَاقِي وَلَا يَبِيعُ الزَّائِدَ عَلَى ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِمَا الْمُفْتَى بِهِ، وَالدَّيْنُ كَالْوَصِيَّةِ كَمَا مَرَّ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ثَبَتَ عَلَى مَيِّتٍ دَيْنٌ لِزَيْدٍ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ ثُبُوتًا شَرْعِيًّا وَقَضَاهُ الْوَارِثُ مِنْ مَالِهِ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ بِذَلِكَ فِي التَّرِكَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ: الْوَصِيُّ أَوْ الْوَرَثَةُ إذَا نَقَدُوا ثَمَنَ كَفَنِ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِ أَنْفُسِهِمْ يَرْجِعُونَ بِهِ فِي التَّرِكَةِ وَلَمْ يَكُونُوا مُتَطَوِّعِينَ وَكَذَا إذَا قَضَى الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ دَيْنَ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِهِمَا. اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ يَرْجِعُ بِهِ فِي التَّرِكَةِ كَمَا فِي التَّكْفِينِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَفَّنَ الْوَصِيُّ الْمَيِّتَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ كَفَنَ الْمِثْلِ لِيَرْجِعَ فِي تَرِكَتِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَكَذَا الْوَصِيُّ إذَا اشْتَرَى كِسْوَةً لِلصَّغِيرِ أَوْ مَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ أَوْ كَفَّنَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ اشْتَرَى الْوَارِثُ الْكَبِيرُ طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً لِلصَّغِيرِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَلَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا وَلَوْ كَفَّنَ الْوَصِيُّ الْمَيِّتَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ قُبِلَ قَوْلُهُ تَنْوِيرٌ مِنْ فَصْلِ شَهَادَةِ الْأَوْصِيَاءِ وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ، وَعَنْ وَرَثَةٍ غَيْرِهِ وَخَلَفَتْ تَرِكَةً فَأَنْفَقَتْ مِنْهَا وَرَثَتُهَا مَبْلَغًا فِي ثَمَنِ طَعَامٍ أَطْعَمُوهُ لِلنَّاسِ فِي أَيَّامِ مَوْتِهَا، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ النَّفَقَاتِ الْغَيْرِ اللَّازِمَةِ بِلَا إذْنِ الزَّوْجِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُونَ احْتِسَابَ الْمَبْلَغِ مِنْ التَّرِكَةِ عَلَى الزَّوْجِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ أَحَدُ الْوَرَثَةِ أَنْفَقَ فِي تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ مِنْ التَّرِكَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَاقِينَ يُحْسَبُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِخِلَافِ الْإِنْفَاقِ لِلْمَأْتَمِ وَشِرَاءِ الشَّمْعِ وَنَحْوِهِ بِلَا وَصِيَّةٍ وَلَا إذْنٍ مِنْ بَاقِي الْوَرَثَةِ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ نَصِيبِهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِيهِ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ فَصْلِ تَصَرُّفَاتِ الْوَارِثِ فِي التَّرِكَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ زَوْجَةٍ وَأَخٍ شَقِيقٍ وَكَفَّنَهُ الْأَخُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَنِ الْمِثْلِ هَلْ يَرْجِعُ بِنَظِيرِ ذَلِكَ فِي التَّرِكَةِ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): لَا يَرْجِعُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ إذَا كَفَّنَ الْمَيِّتَ بِمَالِهِ كَفَنَ الْمِثْلِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَرَثَةِ يَرْجِعُ فِي التَّرِكَةِ فَإِنْ كَفَّنَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَنِ الْمِثْلِ لَا يَرْجِعُ لِأَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ لَا يَمْلِكُهُ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي التَّرِكَةِ بِقَدْرِ كَفَنِ الْمِثْلِ قَالُوا: لَا يَرْجِعُ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ ذَلِكَ دَلِيلُ التَّبَرُّعِ مَجْمَعُ الْفَتَاوَى فِي فَصْلِ تَصَرُّفَاتِ الْوَصِيِّ بِنَوْعِ تَلْخِيصٍ أَنْقِرْوِيٌّ مِنْ الْوَصَايَا وَإِنْ كَفَّنَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَنِ الْمِثْلِ لَا يَرْجِعُ وَلَا يَرْجِعُ بِقَدْرِ كَفَنِ الْمِثْلِ وَإِنْ قِيلَ يَرْجِعُ بِقَدْرِ كَفَنِ الْمِثْلِ فَلَهُ وَجْهٌ بَزَّازِيَّةٌ وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ.
وَفِي الْعُيُونِ إذَا كَفَّنَ الْوَارِثُ الْمَيِّتَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَرْجِعُ، وَالْأَجْنَبِيُّ لَا يَرْجِعُ تَتَارْخَانِيَّةٌ مِنْ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ مِنْ الْفَرَائِضِ وَلَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ غَيْرُ الْوَارِثِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ فِي تَرِكَتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَارِثِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ أَشْهَدَ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ.
وَلَوْ كَفَّنَ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ، وَفِي مُعِينِ الْمُفْتِي إذَا زَادَ فِي عَدَدِ الْكَفَنِ ضَمِنَ الزِّيَادَةَ فَإِنْ زَادَ فِي قِيمَةِ الْكَفَنِ ضَمِنَ الْكُلَّ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ قُلْت وَقَدْ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ إذَا زَادَ فِي الْقِيمَةِ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَالِ الْمَيِّتِ. اهـ.
نَهْجُ النَّجَاةِ مِنْ الْوَصَايَا. (أَقُولُ) مَا ذَكَرَهُ فِي مُعِينِ الْمُفْتِي ذَكَرَهُ فِي التَّنْوِيرِ فِي بَابِ الْوَصِيِّ وَوَجْهُ كَوْنِهِ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا زَادَ فِي الْقِيمَةِ صَارَ مُتَعَدِّيًا فِي الزِّيَادَةِ وَهِيَ غَيْرُ مُمَيَّزَةٍ فَيَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ مُتَبَرِّعًا فِي تَكْفِينِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَادَ فِي عَدَدِ الْكَفَنِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ فَقَطْ لِأَنَّهَا مُتَمَيِّزَةٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَصِيَّ أَوْ الْوَارِثَ إذَا كَفَّنَ الْمَيِّتَ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَنِ الْمِثْلِ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ يَضْمَنُ الْكُلَّ لَا مَا زَادَ عَلَى كَفَنِ الْمِثْلِ فَقَطْ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَبَرِّعًا بِالْكُلِّ لِعَدَمِ التَّمَيُّزِ وَهَذَا إذَا كَفَّنَهُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ ضَمِنَ، وَأَمَّا إنْ كَفَّنَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ عَلَى قَصْدِ الرُّجُوعِ فَهُوَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى وَغَيْرِهِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ إنْ زَادَ عَلَى كَفَنِ الْمِثْلِ لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ التَّبَرُّعِ وَلَمْ يَذْكُرُوا هُنَا الْفَرْقَ بَيْنَ الزِّيَادَةِ فِي الْقِيمَةِ أَوْ الْعَدَدِ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ مُطْلَقًا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا دَلِيلُ التَّبَرُّعِ وَقَوْلُ الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنْ قِيلَ: يَرْجِعُ بِقَدْرِ كَفَنِ الْمِثْلِ فَلَهُ وَجْهٌ فَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِالْوَجْهِ هُوَ مَنْعُ كَوْنِ ذَلِكَ دَلِيلَ التَّبَرُّعِ فِي الْكُلِّ بَلْ هُوَ دَلِيلٌ عَلَى التَّبَرُّعِ فِي الزِّيَادَةِ فَقَطْ تَأَمَّلْ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْوَصِيِّ، وَالْوَارِثِ وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَلَا رُجُوعَ لَهُ مُطْلَقًا إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ الْوَارِثُ ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ وَإِلَّا فَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ لَوْ مَاتَ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَوَجَبَ كَفَنُهُ عَلَى وَرَثَتِهِ فَكَفَّنَهُ الْحَاضِرُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ عَلَى الْغَائِبِ مِنْهُمْ بِحِصَّتِهِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ لَوْ أَنْفَقَ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي كَالْعَبْدِ أَوْ الزَّرْعِ أَوْ النَّخْلِ الْمُشْتَرَكِ إذَا أَنْفَقَ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ لِيَرْجِعَ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَرْجِعُ إذَا فَعَلَهُ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْفُصُولَيْنِ " يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَوَجَبَ كَفَنُهُ عَلَى وَرَثَتِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ كَتَكْفِينِ الزَّوْجَةِ إذَا صَرَفَهُ مِنْ مَالِهِ غَيْرُ الزَّوْجِ بِلَا إذْنِهِ أَوْ إذْنِ الْقَاضِي فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ كَالْأَجْنَبِيِّ فَيُسْتَثْنَى تَكْفِينُهَا بِلَا إذْنٍ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى الْمُفْتَى بِهِ مِنْ أَنَّهُ عَلَى زَوْجِهَا وَلَوْ غَنِيَّةً لِأَنَّهُ قَدْ أَدَّى عَنْ الْغَيْرِ مَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ.
أَيْ يُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ: لَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ الْوَصِيُّ أَوْ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِكَفَنِ الْمِثْلِ يَرْجِعُ لِأَنَّ كَفَنَ الزَّوْجَةِ لَيْسَ وَاجِبًا فِي تَرِكَتِهَا حَتَّى يَصِحَّ تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ أَوْ الْوَارِثِ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ عَلَى زَوْجِهَا فَيَكُونُ الْمُكَفِّنُ مُتَبَرِّعًا فِي إسْقَاطِهِ وَاجِبًا عَلَى غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِأَدَاءِ دَيْنِهِ هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا أَنَّ هَذَا كُلُّهُ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ لَا بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: قَوْلُ الْوَصِيِّ مُعْتَبَرٌ فِي الْإِنْفَاقِ وَلَكِنْ لَا يُقْبَلُ فِي الرُّجُوعِ فِي مَالِ الْمَيِّتِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ تَنَبَّهْ. اهـ.
مَا ذَكَرَهُ الرَّمْلِيُّ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي السُّؤَالِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا عَنْ التَّنْوِيرِ وَذَكَرْت فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ وَنَظِيرُهُ الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ الْإِشْهَادِ لِأَجْلِ رُجُوعِ الْوَصِيِّ بِمَا أَنْفَقَهُ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْيَتِيمِ وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ فِيهِ فَاغْتَنِمْ تَحْرِيرَ هَذَا الْمَقَامِ وَعَلَيْك السَّلَامُ.
(سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ إذَا كَانَ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَبَاعَ فِي دَيْنِ الْمَيِّتِ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ بِدُونِ أَمْرِ الْقَاضِي فَهَلْ يَكُونُ جَائِزًا وَيُوَزِّعُ ذَلِكَ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَيَأْخُذُ مَعَهُمْ بِالْحِصَّةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَفِي وَصَايَا الْمُنْتَقَى رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَلِلْوَصِيِّ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَبَاعَ الْوَصِيُّ فِي دَيْنِ الْمَيِّتِ شَيْئًا مِنْ تَرِكَتِهِ بِدُونِ أَمْرِ الْقَاضِي فَهُوَ جَائِزٌ ثُمَّ يُوَزِّعُ ذَلِكَ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَيَأْخُذُ مَعَهُمْ بِالْحِصَّةِ عِمَادِيَّةٌ فِي 38 مِنْ مَسَائِلِ التَّرِكَةِ، وَالْوَرَثَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَنُورِ الْعَيْنِ عَنْ الْمُنْتَقَى.
(سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ إذَا مَاتَ مُجْهِلًا مَالَ الْيَتِيمِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي تَرِكَتِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ بِمَوْتِهِ مُجْهِلًا وَلَوْ خَلَطَهُ بِمَالِهِ ضَمِنَ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْوَصَايَا وَأَفْتَى بِمِثْلِهِ أَيْضًا فِي الْوَدِيعَةِ وَعَزَاهُ لِفَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ فَارْجِعْ إلَى مَا أَفْتَى بِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَإِنَّ فِيهِمَا فَوَائِدَ.
(سُئِلَ) فِي الْأَبِ إذَا مَاتَ مُجْهِلًا مَالَ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي تَرِكَتِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَدِيعَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِصَغِيرَةٍ أَبٌ مَسْتُورٌ وَحِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ مِنْ دَارٍ بَاعَهَا الْأَبُ لَهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَقَبَضَهُ لَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا، وَعَنْ وَرَثَةٍ غَيْرِهَا وَتَرِكَةٍ مُبَيِّنًا لِلثَّمَنِ الْمَزْبُورِ فِي صِحَّتِهِ غَيْرَ مُجْهِلٍ لَهُ فَهَلْ يَضْمَنُهُ فِي تَرِكَتِهِ لَهَا بَعْدَ الثُّبُوتِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي يَتِيمٍ آجَرَهُ جَدُّهُ أَبُو أَبِيهِ مِنْ عَمْرٍو مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِأَعْمَالٍ شَتَّى إجَارَةً شَرْعِيَّةً وَعَمِلَ الْيَتِيمُ الْأَعْمَالَ الْمَزْبُورَةَ لِعَمْرٍو فِي الْمُدَّةِ طَالَبَهُ الْجَدُّ بِالْأُجْرَةِ فَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لِلْجَدِّ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ فِي الْخَانِيَّةِ، وَالذَّخِيرَةِ، وَالْخُلَاصَةِ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَ الْيَتِيمِ وَعَبِيدَهُ وَدَوَابَّهُ وَعَقَارَاتِهِ وَأَرَاضِيَهُ وَسَائِرَ أَمْوَالِهِ وَلَوْ بِيَسِيرِ الْغَبْنِ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ اسْتِعْمَالِ الصَّغِيرِ بِطَرِيقِ الرِّيَاضَةِ، وَالتَّهْذِيبِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ فَمَعَ الْعِوَضِ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ بَيْعَ سَائِرِ أَمْوَالِهِ فَكَذَا يَمْلِكُ إجَارَتَهُ وَمِثْلُهُ الْأَبُ وَكَذَا الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ وَلَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِمْ مَعَ قِيَامِ أَحَدِهِمْ أَنْ يُؤَجِّرَ الْيَتِيمَ وَلَا شَيْئًا مِنْ مَالِهِ وَلَوْ كَانَ هُوَ فِي حِجْرِهِ وَعِيَالِهِ لِانْتِفَاءِ وِلَايَةِ غَيْرِهِمْ بِوُجُودِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَمَّا لَوْ عُدِمُوا فَآجَرَهُ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ فِي حِجْرِهِ صَحَّ وِفَاقًا لِأَنَّهُ يَمْلِكُ تَأْدِيبَهُ فَيَمْلِكُ إجَارَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ أَقْرَبَ إلَيْهِ مِمَّنْ هُوَ فِي عِيَالِهِ كَمَا إذَا كَانَ عِنْدَ الْعَمَّةِ فَآجَرَتْهُ الْأُمُّ جَازَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ.
إلَخْ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِأَيْتَامٍ مَالٌ وَوَصِيٌّ مُخْتَارٌ وَأُمٌّ نَاظِرَةٌ عَلَيْهِمْ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِمْ فَأَقْرَضَ الْوَصِيُّ قَدْرًا مِنْ الْمَالِ مِنْ آخَرَ بِدُونِ إذْنِ النَّاظِرَةِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ ثُمَّ تَلِفَ الْمَالُ عِنْدَ الْمُسْتَقْرِضِ فَهَلْ يَضْمَنُهُ الْوَصِيُّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَفِي جَامِعِ الْفِقْهِ وَلَا يُقْرِضُ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ لَا مِنْ نَفْسِهِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ فَعَلَ مِنْ غَيْرِهِ ضَمِنَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ جَازَ أَنْ يَسْتَقْرِضَ لِنَفْسِهِ إنْ احْتَاجَ وَلَهُ وَفَاءٌ أَدَبُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْقَرْضِ.
(سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ إذَا رَهَنَ مَالَ الْيَتِيمِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ مِنْ آخَرَ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسْلَمًا فَهَلْ يَكُونُ الرَّهْنُ جَائِزًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ رَهَنَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ مَالَ الْيَتِيمِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ فِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ وَيَجُوزُ اسْتِحْسَانًا، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ أَخَذَ بِالْقِيَاسِ خَانِيَّةٌ مِنْ تَصَرُّفِ الْوَصِيِّ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ وَغَيْرِهِ وَكَذَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الرَّهْنِ وَكَذَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ مُفَصَّلًا.
(سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ هَلْ لَهُ إعَارَةُ مَالِ الْيَتِيمِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَذَكَرَ فِي التَّجْنِيسِ عَنْ النَّوَازِلِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ ذَلِكَ، وَفِي الذَّخِيرَةِ لِلْأَبِ إعَارَةُ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَمَّا إعَارَةُ مَالِهِ فَعِنْدَ الْبَعْضِ لَهُ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا وَعِنْدَ الْبَعْضِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ إنَّمَا يَجُوزُ لَهُ إعَارَةُ الْوَلَدِ إذَا كَانَ لِخِدْمَةِ الْأُسْتَاذِ لِتَعَلُّمِ الْحِرْفَةِ أَمَّا لَوْ كَانَ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ، وَفِي الْحَافِظِيَّةِ لَا يُعِيرُ مَالَ الْيَتِيمِ وَيُودِعُهُ وَمِثْلُهُ الْأَبُ، وَالْقَاضِي. اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ فِي تَصَرُّفَاتِ الْوَصِيِّ، وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي الْوَصِيُّ يُودِعُ مَالَ الْيَتِيمِ وَيُعِيرُ وَيُبْضِعُ. اهـ.
(قُلْت) يَنْبَغِي أَنْ يُفَصِّلَ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ ثِقَةً أَمِينًا لَا يَخْشَى عَلَيْهِ مِنْ ضَيَاعِ الْمَالِ وَلَا تَلَفِهِ وَلَا إنْكَارِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَرُبَّمَا يَتَضَمَّنُ ثَوَابًا كَإِعَارَةِ كِتَابٍ لِعَالِمٍ يَنْتَفِعُ بِهِ وَيَنْتَفِعُ النَّاسُ وَكَانَ الْعَالِمُ بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِيَتِيمَةٍ بِذِمَّةِ جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ مَبْلَغُ دَيْنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ آلَ إلَيْهَا بِالْإِرْثِ عَنْ أَبِيهَا فَحَطَّ وَصِيُّهَا عَنْ الْجَمَاعَةِ بَعْضَ الْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ وَأَبْرَأَهُمْ عَنْهُ فَهَلْ يَكُونُ الْحَطُّ، وَالْإِبْرَاءُ غَيْرَ صَحِيحَيْنِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ الْوَصِيُّ لَا يَمْلِكُ إبْرَاءَ غَرِيمِ الْمَيِّتِ وَلَا أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ شَيْئًا وَلَا يُؤَجِّلَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ وَاجِبًا بِعَقْدِهِ فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا بِعَقْدِهِ صَحَّ التَّأْجِيلُ، وَالْحَطُّ، وَالْإِبْرَاءُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَيَكُونُ ضَامِنًا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ وَلَا يَصِيرُ ضَامِنًا قَاضِي خَانْ، وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ. اهـ.
وَالْحُكْمُ فِي الْأَبِ كَالْوَصِيِّ فِيمَا ذُكِرَ كُلُّهُ مِنْ الْإِبْرَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ اسْتِحْسَانٌ لَكِنْ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِقَوْلِهِ حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ.
(سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ الْمُخْتَارِ إذَا بَاعَ مَنْقُولَ الْيَتِيمِ مِنْ رَجُلٍ بِثَمَنِ الْمِثْلِ مُؤَجَّلًا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ غَيْرِ فَاحِشٍ وَلَا يَخَافُ مِنْ الرَّجُلِ تَلَفَهُ بِالْجُحُودِ وَلَا الْمَنْعَ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ جَائِزًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ الْوَصِيُّ إذَا بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ بِأَجَلٍ جَازَ وَمِثْلُهُ الْأَبُ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُنْيَةِ عَنْ السِّرَاجِيَّةِ لِلْوَصِيِّ الْبَيْعُ بِالنَّسِيئَةِ إنْ لَمْ يَخَفْ تَلَفَهُ بِالْجُحُودِ، وَالْإِنْكَارِ وَلَا الْمَنْعَ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَانْقِضَائِهِ وَلَمْ يَكُنْ الْأَجَلُ فَاحِشًا ذَكَرَهُ فِي الولوالجية وَالْخَانِيَّةِ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْبَيْعِ الْوَصِيُّ إذَا أَخَّرَ دَيْنَ الْيَتِيمِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْوَصِيُّ تَوَلَّى الْعَقْدَ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ وَإِنْ كَانَ تَوَلَّاهُ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَضْمَنُ عِمَادِيَّةٌ فِي 37 الْأَبُ وَالْوَصِيُّ إذَا أَجَّلَا أَوْ أَبْرَآ مَا هُوَ وَاجِبٌ لِلصَّبِيِّ بِعَقْدِهِمَا جَازَ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا بِعَقْدِهِمَا لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ أَحْكَامُ الصِّغَارِ مِنْ مَسَائِلِ الْبُيُوعِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَامَ زَيْدٌ عَمْرًا وَصِيًّا عَلَى حَمْلِ زَوْجَتِهِ مِنْهُ وَمَاتَ زَيْدٌ فَهَلْ تَكُونُ الْوِصَايَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ): الَّذِي صَرَّحُوا بِهِ أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَلِي وَلَا يُولَى عَلَيْهِ، وَفِي الْمِنَحِ مِنْ الْوَصَايَا: أَنَّ شَخْصًا نَصَبَ وَصِيًّا فِي تَرِكَتِهِ ثُمَّ مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ صِغَارٍ، وَعَنْ حَمْلٍ فَهَلْ يَمْلِكُ الْوَصِيُّ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الْمَالِ الْمَوْقُوفِ لِلْحَمْلِ أَوْ لَا وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْأَبِ عَلَى الْجَنِينِ فَضْلًا عَنْ الْوَصِيِّ لِقَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ وَلَا يَلِي عَلَى الْحَمْلِ أَحَدٌ وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِي الْمِنَحِ فَظَهَرَ بِمَا ذَكَرْنَا الْجَوَابُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ.
(أَقُولُ) أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الشَّلَبِيُّ بِأَنَّهُ يَصِحُّ نَصْبُ وَصِيٍّ عَلَى الْحَمْلِ مُسْتَنِدًا إلَى قَوْلِهِمْ إنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْحَادِثِينَ مِنْ أَوْلَادِهِ صَحِيحٌ وَقَوْلِهِمْ إنَّ الْوَقْفَ أَخُو الْوَصِيَّةِ فَحَيْثُ دَخَلُوا فِي الْوَقْفِ دَخَلُوا فِيهَا أَيْضًا. اهـ.
وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ مُرَادَهُمْ الْوَصِيَّةُ الَّتِي هِيَ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَيْ تَمْلِيكُ عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ مِنْ التَّرِكَةِ.
فَهَذِهِ أُخْتُ الْوَقْفِ لِأَنَّهُ تَصَدَّقَ بِالْمَنْفَعَةِ وَكَلَامُنَا فِي الْوِصَايَةِ الَّتِي هِيَ إقَامَةُ الْغَيْرِ مَقَامَهُ وَهَذِهِ لَا تُشْبِهُ الْوَقْفَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الْوَصِيَّةِ لِلْحَمْلِ جَوَازُ إقَامَةِ وَصِيٍّ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ أَبُو الْحَمْلِ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ فَوَصِيُّهُ بِالْأَوْلَى هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي بَابِ اللِّعَانِ أَنَّ تَوْرِيثَ الْحَمْلِ، وَالْوَصِيَّةَ بِهِ وَلَهُ يَثْبُتَانِ إلَّا بَعْدَ الِانْفِصَالِ فَيَثْبُتَانِ لِلْوَلَدِ لَا لِلْحَمْلِ. اهـ.
وَكَتَبْت فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّ الْمُرَادَ ثُبُوتُ حُكْمِهِمَا وَإِلَّا فَهُمَا ثَابِتَانِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ فَلَا يُنَافِي تَصْرِيحَهُمْ بِإِرْثِهِ وَبِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لَهُ وَبِهِ أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُوقَفُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ عَلَى الْوِلَادَةِ فَيَظْهَرُ بِهَا أَنَّ مِلْكَهُ لِمَا وَرِثَهُ كَانَ ثَابِتًا مِنْ حِينِ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى لَهُ أَوْ أَوْصَى بِهِ سَيِّدُهُ لِغَيْرِهِ، وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ أَنْسَبُ لِقَوْلِهِ: فَيَثْبُتَانِ لِلْوَلَدِ لَا لِلْحَمْلِ وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْوِصَايَةَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ فَهِيَ صَحِيحَةٌ لَكِنْ لَا يَثْبُتُ حُكْمُهَا إلَّا بَعْدَ الِانْفِصَالِ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ التَّافِلَانِيُّ مُفْتِي الْقُدْسِ الشَّرِيفِ فِي رِسَالَةٍ أَلَّفَهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَوُفِّقَ فِيهَا بِذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ فَعَلَى هَذَا فَالنَّصْبُ صَحِيحٌ وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ إلَّا بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نَصْبٍ جَدِيدٍ بَعْدَهَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي يَتِيمَيْنِ لَهُمَا مَالٌ عَنْ أَبِيهِمَا وَلَهُمَا جَدٌّ أَبُو أَبٍ مُبَذِّرٌ مُتْلِفٌ لِلْمَالِ غَيْرُ أَمِينٍ وَلَهُمَا أُمٌّ أَمِينَةٌ أَهْلٌ لِلْوِصَايَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَهَلْ لِلْقَاضِي نَزْعُ الْمَالِ مِنْ يَدِ الْجَدِّ وَنَصْبُ أُمِّهِمَا الْمَزْبُورَةِ وَصِيًّا، وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَتَقَدَّمَ نَقْلُهَا أَوَّلَ الْبَابِ رَجُلٌ أَوْصَى إلَى أَعْمَى أَوْ مَحْدُودٍ فِي قَذْفٍ جَازَ وَلَوْ أَوْصَى إلَى فَاسِقٍ مَخُوفٍ فِي مَالِهِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ قَالُوا مَعْنَاهُ يُخْرِجُهُ الْقَاضِي مِنْ الْوَصِيَّةِ وَيَجْعَلُ غَيْرَهُ وَصِيًّا إذَا كَانَ هَذَا الْفَاسِقُ مِمَّنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَصِيًّا مَجْمَعِ الْفَتَاوَى، وَفِيهِ وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ أَنْفَذَ الْوَصِيَّةَ فَقَضَى هَذَا الْوَصِيُّ دَيْنَ الْمَيِّتِ وَبَاعَ كَمَا يَبِيعُ الْأَوْصِيَاءُ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ كَانَ جَمِيعُ مَا صَنَعَ جَائِزًا وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ حَتَّى تَابَ وَأَصْلَحَ تَرَكَهُ وَصِيًّا عَلَى حَالِهِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ الْمُخْتَارِ إذَا ادَّعَى دَيْنًا لِنَفْسِهِ بِذِمَّةِ الْمَيِّتِ وَلَمْ يَثْبُتْ وَلَمْ يُبْرِئْهُ مِنْهُ وَاتَّهَمَهُ الْقَاضِي وَيُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ الْوِصَايَةِ وَيَنْصِبَ غَيْرَهُ مِمَّنْ هُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ فَهَلْ لِلْقَاضِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَذَكَرَ فِي وَصَايَا النَّوَازِلِ: وَصِيٌّ ادَّعَى دَيْنًا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إثْبَاتِهِ يُعْزَلُ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحٍ وَصَوَّبَهُ مُحَمَّدٌ، وَفِي الْخُلَاصَةِ: قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ الْمُخْتَارُ فِي الدَّيْنِ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ الْقَاضِي: إمَّا أَنْ تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ أَوْ تُبْرِئَهُ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ نَخْرُجَك عَنْ الْوِصَايَةِ فَإِنْ أَبْرَأَهُ وَإِلَّا أَخْرَجَهُ عَنْ الْوِصَايَةِ وَجَعَلَ مَكَانَهُ آخَرَ. اهـ.
وَفِي الْحَافِظِيَّةِ: وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الولوالجية كَذَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ، وَفِيهِ فَاللَّائِقُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْ الْوِصَايَةِ وَيُقْصِرَ يَدَهُ عَنْ الْمَالِ احْتِيَاطًا وَنَظَرًا لِلْمَيِّتِ، وَالْيَتِيمِ وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ. اهـ.
وَتَمَامُهُ فِيهِ مِنْ فَصْلِ الدَّعْوَى، وَفِي التَّتِمَّةِ وَصِيٌّ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا وَلَمْ يَثْبُتْ يُعْزَلُ وَهُوَ حِيلَةُ الْعَزْلِ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَنْصِبُ مَنْ يُقِيمُ الْوَصِيُّ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ أَوْ الْغَصْبِ إنْ ادَّعَى الْغَصْبَ وَإِلَّا فَيَتَّهِمُهُ الْقَاضِي فَيُخْرِجُهُ كَذَا فِي الولوالجية.
وَفِي الْخَانِيَّةِ الْقَاضِي إذَا اتَّهَمَ الْوَصِيَّ لَا يُخْرِجُهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنَّمَا يَضُمُّ إلَيْهِ آخَرَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُخْرِجُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ.
وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْمَرْحُومُ الْعَمُّ، وَالْعَلَّامَةُ الْجَدُّ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي فَتَاوِيهِمَا وَمَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَضُمُّ إلَيْهِ آخَرَ وَلَا يُخْرِجُهُ مَذْكُورٌ فِي أَدَبِ الْخَصَّافِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّيْنِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَمْ يُبْرِئْ الْمَيِّتَ فَيُخْرِجُهُ الْقَاضِي لِلتُّهْمَةِ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا اتَّهَمَ الْوَصِيَّ يُخْرِجُهُ فَيُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الولوالجية عَلَى هَذَا. اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ الْمَشْهُورَةِ مِنْ فَصْلٍ فِي تَصَرُّفَاتِ الْوَصِيِّ مَا نَصُّهُ: " وَصِيٌّ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْقَاضِيَ هَلْ يُخْرِجُ الْمَالَ مِنْ يَدِهِ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّيْنِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُخْرِجُهُ مِنْ الْوِصَايَةِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي إمَّا أَنْ تُبْرِئَهُ عَنْ الدَّيْنِ الَّذِي تَدَّعِي أَوْ تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ الدَّيْنَ وَإِلَّا أُخْرِجُك عَنْ الْوِصَايَةِ فَإِنْ لَمْ يُقِمْ أَخْرَجَهُ عَنْ الْوِصَايَةِ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَلَيْسَ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَعْزِلُهُ عَنْ الْوِصَايَةِ.
وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَنْصِبُ لِلْمَيِّتِ وَصِيًّا حَتَّى يُقِيمَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ ثُمَّ الْقَاضِي بِالْخِيَارِ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّانِيَ وَصِيًّا وَصَارَ الْأَوَّلُ خَارِجًا عَنْ الْوِصَايَةِ وَإِنْ شَاءَ أَعَادَ الْأَوَّلَ إلَى الْوِصَايَةِ بَعْدَمَا قُضِيَ دَيْنُهُ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَجْعَلُ لِلْمَيِّتِ وَصِيًّا فِي مِقْدَارِ الدَّيْنِ الَّذِي يَدَّعِيهِ صَاحِبُهُ وَلَا يُخْرِجُهُ الْقَاضِي عَنْ الْوِصَايَةِ وَبِهِ أَخَذَ الْمَشَايِخُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى الْقَاضِي إذَا اتَّهَمَ الْوَصِيَّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجْعَلُ الْقَاضِي مَعَهُ غَيْرَهُ وَلَا يُخْرِجُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُخْرِجُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّ الْوَصِيَّ قَائِمٌ مَقَامَ الْمَيِّتِ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ حَيًّا وَخِيفَ مِنْهُ عَلَى مَالِ الصَّغِيرِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُخْرِجُ الْمَالَ مِنْ يَدِهِ فَالْوَصِيُّ أَوْلَى. اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ آخَرِ الْفَصْلِ الْخَامِسِ الْوَصِيُّ إذَا ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ لَا يُخْرِجُهُ الْقَاضِي عَنْ الْوِصَايَةِ وَلَوْ ادَّعَى شَيْئًا مِنْ الْأَعْيَانِ يُخْرِجُهُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ الْمُخْتَارُ فِي الدَّيْنِ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي: إمَّا أَنْ تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ أَوْ تُبْرِئَهُ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ أُخْرِجَك عَنْ الْوِصَايَةِ فَإِنْ أَبْرَأَهُ وَإِلَّا أَخْرَجَهُ عَنْ الْوِصَايَةِ وَجَعَلَ مَكَانَهُ آخَرَ. اهـ.
فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى دَيْنًا وَعَيْنًا يَكُونُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَإِنْ ادَّعَى دَيْنًا فَقَطْ فَعَلَى الْخِلَافِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُخْرِجُهُ وَإِنْ ادَّعَى عَيْنًا فَقَطْ يَكُونُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ.
(سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ الْمُخْتَارِ إذَا عَمِلَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مُدَّةً فِيمَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْيَتِيمِ مِنْ قَبْضٍ وَصَرْفٍ وَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَسَفَرٍ لِتَحْصِيلِ مَالِ الْيَتِيمِ الْكَائِنِ فِي غَيْرِ بَلْدَتِهِ ثُمَّ قَبَضَ مِنْ مَدْيُونِهِ بَعْضَ الدَّيْنِ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَخْذُ الْبَاقِي لِعُسْرِ الْمَدْيُونِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِمَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِمَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَفِيهِ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ أَمَّا الْقِيَاسُ فَلَا يَأْكُلُ وَلَوْ مُحْتَاجًا إلَّا إذَا كَانَ لَهُ أُجْرَةٌ فَيَأْكُلُ قَدْرَ أُجْرَتِهِ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ، وَالْعِمَادِيَّةِ وَصُحِّحَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَا أَجْرَ لَهُ وَأَمَّا الِاسْتِحْسَانُ فَلَهُ ذَلِكَ لَوْ مُحْتَاجًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ، وَفِي الْخَيْرِيَّةِ وَحَوَاشِي الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ الْمَأْخُوذُ بِهِ الِاسْتِحْسَانُ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا وَنَقْلُ الْقُنْيَةِ لَا يُعَارِضُ نَقْلَ الْخَانِيَّةِ فَإِنَّ قَاضِي خَانْ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي تَصْحِيحِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ الْمُخْتَارِ إذَا عَمِلَ فِي تَرِكَةِ الْمُوصِي أَعْمَالًا شَتَّى وَلَمْ يَكُنْ الْمُوصِي جَعَلَ لَهُ شَيْئًا فَهَلْ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ اسْتِحْسَانًا لَوْ مُحْتَاجًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ وَحَوَاشِي الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ.
(أَقُولُ) تَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ لَوْ مُحْتَاجًا مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْآيَةِ الشَّرِيفَةِ {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} وَنَصُّ عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ هَكَذَا " وَعَنْ نُصَيْرٍ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَيَرْكَبَ دَوَابَّهُ إذَا ذَهَبَ فِي حَوَائِجِ الْيَتِيمِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا بِقَدْرِ مَا سَعَى.
ا هـ ".
وَنَحْوُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ أَنَّ لَهُ قَدْرَ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ لَوْ مُحْتَاجًا وَظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَفْرِضْ لَهُ الْقَاضِي أُجْرَةً لَكِنْ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَا يَأْكُلُ الْوَصِيُّ وَلَوْ مُحْتَاجًا إلَّا إذَا كَانَ لَهُ أُجْرَةٌ فَيَأْكُلُ قَدْرَ أُجْرَتِهِ. اهـ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقِيَاسِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْأَكْلُ قَالَ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ: وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَأْكُلَ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إنَّمَا يَأْكُلُونَ}.
إلَخْ.
قَالَ الْفَقِيهُ وَلَعَلَّ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا} نُسِخَ بِهَذِهِ الْآيَةِ قُلْتُ فَكَأَنَّهُ يَمِيلُ إلَى اخْتِيَارِ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ قَالَ أَبُو ذَرٍّ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الْوِصَايَةِ مُتَبَرِّعًا فَلَا يُوجِبُ ضَمَانًا. اهـ.
قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِهِ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ أَجْرٌ مَعْلُومٌ فَيَأْكُلُ بِقَدْرِهِ. اهـ.
فَقَدْ ظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ هُوَ أَنَّ لَهُ الْأَكْلَ لَوْ مُحْتَاجًا وَلَوْ لَمْ يُفْرَضْ لَهُ أَجْرٌ وَأَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مُطْلَقًا إلَّا إذَا فُرِضَ لَهُ أَجْرٌ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَأَنَّ الْقِيَاسَ هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَصَحَّحَهُ أَبُو ذَرٍّ وَمَالَ إلَيْهِ الْفَقِيهُ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ حَيْثُ سُئِلَ فِي رَجُلٍ أَقَامَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا عَلَى يَتِيمٍ وَلَمْ يَفْرِضْ لَهُ إذْ ذَاكَ نَفَقَةً ثُمَّ فَرَضَ لَهُ أَجْرًا فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ فَتَنَاوَلَهُ عَنْ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ الْخَالِيَةِ عَنْ الْفَرْضِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ (أَجَابَ): لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِشُرُوعِهِ مُتَبَرِّعًا وَهَذَا مِمَّا لَا يَشُكُّ فِي حُرْمَتِهِ ذُو فَهْمٍ سَلِيمٍ وَانْظُرْ إلَى قَوْله تَعَالَى {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ}، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.
لَكِنْ قَالَ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ آخَرَ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا اخْتِلَافُ قِيَاسٍ وَاسْتِحْسَانٍ فَفِي الْخَانِيَّةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ لَهُ ذَلِكَ لَوْ مُحْتَاجًا اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقُنْيَةِ صَحَّحَ أَنْ لَا أَجْرَ لَهُ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَأْخُوذَ بِهِ الِاسْتِحْسَانُ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا وَإِذَا كَانَ الِاسْتِحْسَانُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ بِدُونِ تَعْيِينِ الْقَاضِي فَبِتَعْيِينِهِ أَوْلَى وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ نَقْلَ الْقُنْيَةِ لَا يُعَارِضُ نَقْلَ قَاضِي خَانْ فَإِنَّ قَاضِي خَانْ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي تَصْحِيحِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا فِي الْقُنْيَةِ لَمْ يُقَيَّدْ بِالِاحْتِيَاجِ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى أَنَّ الَّذِي فِي الْقُنْيَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى الْقِيَاسِ الَّذِي هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَمَالَ إلَيْهِ الْفَقِيهُ فَهُوَ تَصْحِيحٌ لِلْقَوْلِ الْآخَرِ نَقَلَهُ عَنْ غَيْرِهِ تَأَمَّلْ، وَقَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَيْضًا فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْأَشْبَاهِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْأَمَانَاتِ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ وَصِيَّ الْمَيِّتِ إذَا امْتَنَعَ عَنْ الْقِيَامِ بِالْوَصِيَّةِ إلَّا بِأَجْرٍ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ وَلَا جَبْرَ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ فَإِذَا رَأَى الْقَاضِي أَنْ يَعْمَلَ لَهُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَمَا الْمَانِعُ مِنْهُ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى، وَقَدْ أَفْتَيْت بِهِ مِرَارًا. اهـ.
وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ مُحْتَاجًا لَا مُطْلَقًا فَغَيْرُ الْمُحْتَاجِ لَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي الْوِصَايَةِ مُتَبَرِّعًا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ لَا يُجْبَرُ عَلَى التِّجَارَةِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَعَلَى اقْتِضَاءِ دُيُونِهِ لَكِنَّهُ إذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ قَدْ فَعَلَ مَا الْتَزَمَ أَنْ يَفْعَلَهُ مُتَبَرِّعًا حِينَ قَبُولِهِ الْوِصَايَةَ مِنْ الْمَيِّتِ حَتَّى كَانَتْ لَازِمَةً لَهُ فَلَا يَمْلِكُ عَزْلَ نَفْسِهِ وَلَا يَمْلِكُ الْقَاضِي عَزْلَهُ فِي الصَّحِيحِ إلَّا بِخِيَانَةٍ ظَاهِرَةٍ أَوْ فِسْقٍ ظَاهِرٍ وَهَذَا فِي وَصِيِّ الْمَيِّتِ أَمَّا وَصِيُّ الْقَاضِي فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِطَ عِلْمَ الْقَاضِي بِعَزْلِهِ وَلِلْقَاضِي عَزْلُهُ أَيْضًا وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ بِأَنْ يُقَالَ: إنَّ وَصِيَّ الْمَيِّتِ لَا أَجْرَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ مُحْتَاجًا فَلَهُ الْأَكْلُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ بِقَدْرِ عَمَلِهِ وَلِلْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهُ ذَلِكَ لَكِنْ لِلْمُسْتَقْبَلِ لَا لِمَا مَضَى لِشُرُوعِهِ فِيهِ مُتَبَرِّعًا، وَأَمَّا وَصِيُّ الْقَاضِي فَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَإِنْ نَصَبَهُ الْقَاضِي وَجَعَلَ لَهُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ جَازَ وَكَذَا إذَا امْتَنَعَ بَعْدَ النَّصْبِ عَنْ الْعَمَلِ حَتَّى يَجْعَلَ لَهُ أُجْرَةً لِأَنَّ وِصَايَتَهُ غَيْرُ لَازِمَةٍ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ كَمَا عَلِمْت فَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْمُضِيِّ فِي الْعَمَلِ إلَّا بِأَجْرٍ.
وَفِي الْقُنْيَةِ الْوَصِيُّ إذَا نَصَبَهُ الْقَاضِي وَعَيَّنَ لَهُ أَجْرًا بِقَدْرِ أَجْرِ الْمِثْلِ جَازَ وَأَمَّا وَصِيُّ الْمَيِّتِ فَلَا أَجْرَ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ. اهـ.
فَقَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ إمَّا مَبْنِيٌّ عَلَى تَصْحِيحِ مَا هُوَ الْقِيَاسُ كَمَا قَدَّمْنَا أَوْ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ وَأَنَّ الْمُرَادَ لَا أَجْرَ لَهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ وَعَلَى كُلٍّ فَلَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْخَانِيَّةِ كَمَا مَرَّ هَذَا وَقَدْ صَحَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ آجَرَ نَفْسَهُ مِنْ الْيَتِيمِ لَمْ يَصِحَّ، وَفِيهَا أَيْضًا قَالَ لَك أَجْرُ مِائَةٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ وَصِيِّي اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ نُصَيْرٌ الْإِجَارَةُ بَاطِلَةٌ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: الشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَالْمِائَةُ وَصِيَّةٌ لَهُ وَيَكُونُ وَصِيًّا وَبِهِ أَخَذَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو اللَّيْثِ. اهـ.
فَإِذَا كَانَ اسْتِئْجَارُ الْأَبِ لَهُ بَاطِلًا فَاسْتِئْجَارُ الْقَاضِي أَوْلَى إلَّا إذَا كَانَ مُحْتَاجًا لَكِنْ الظَّاهِرُ أَنَّ بُطْلَانَ الْإِجَارَةِ إنَّمَا هُوَ لِمَوْتِ الْأَبِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ هَذَا غَايَةُ مَا تَحَرَّرَ لِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ وَصِيًّا مُخْتَارًا عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْقَاصِرِ الْيَتِيمِ بِمُوجِبِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ وَهُوَ أَمِينٌ كَافٍ لِمَصَالِحِ الْيَتِيمِ أَهْلٌ لِلْوِصَايَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مُبَاشِرٌ لِأُمُورِ الْيَتِيمِ بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ، وَالنَّفْعُ لَهُ فَنَصَبَ الْقَاضِي أُمَّ الْيَتِيمِ نَاظِرَةً عَلَى الْوَصِيِّ بِدُونِ مَصْلَحَةٍ لِلْيَتِيمِ وَلَا خِيَانَةٍ ظَهَرَتْ مِنْ الْوَصِيِّ فَقَامَتْ تُعَارِضُ الْوَصِيَّ فِي تَعَاطِي أُمُورِ الْيَتِيمِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ زَاعِمَةً أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِمَعْرِفَتِهَا وَرَأْيِهَا فَهَلْ تُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَفِي الْقُنْيَةِ: لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَعَ وُجُودِ وَصِيِّهِ وَلَوْ كَانَ مَنْصُوبَهُ. اهـ.
وَعَلَى هَذَا لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي الْوَقْفِ مَعَ وُجُودِ نَاظِرِهِ وَلَوْ مِنْ قِبَلِهِ أَشْبَاهٌ مِنْ الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةَ عَشَرَ الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ أَقْوَى مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْبُيُوعِ فِي فَصْلِ بَيْعِ الْوَصِيِّ وَشِرَائِهِ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ لِقَاضٍ أَنْ يُخْرِجَ الْوَصِيَّ مِنْ الْوِصَايَةِ وَلَا يُدْخِلَ غَيْرَهُ مَعَهُ فَإِنْ ظَهَرَتْ مِنْهُ خِيَانَةٌ أَوْ كَانَ فَاسِقًا مَعْرُوفًا بِالشَّرِّ أَخْرَجَهُ أَوْ نَصَبَ غَيْرَهُ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً إلَّا أَنَّهُ ضَعِيفٌ عَاجِزٌ عَنْ التَّصَرُّفِ أَدْخَلَ مَعَهُ غَيْرَهُ. اهـ.
(أَقُولُ)، وَفِي الولوالجية وَصِيُّ الْمَيِّتِ إذَا كَانَ عَدْلًا غَيْرَ كَافٍ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَعْزِلَهُ لَكِنْ يَضُمُّ إلَيْهِ آخَرَ كَافِيًا وَمَعَ هَذَا لَوْ عَزَلَهُ يَنْعَزِلُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِأَيْتَامٍ أَخٌ وَصِيٌّ مُخْتَارٌ عَلَيْهِمْ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِمْ أَهْلٌ لِلْوِصَايَةِ وَلَهُمْ مَالٌ تَحْتَ يَدِهِ ثُمَّ وَرِثُوا مِنْ أُمِّهِمْ مَالًا فَزَعَمَ أَخٌ آخَرُ لَهُمْ أَنَّ أُمَّهُمْ جَعَلَتْهُ وَصِيًّا وَيُرِيدُ التَّصَرُّفَ فِيمَا وَرِثُوهُ مِنْ أُمِّهِمْ مَعَ وُجُودِ وَصِيِّ أَبِيهِمْ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لِوَصِيِّ الْأُمِّ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ فِي وَكَالَةِ التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ الْوَصِيُّ الدَّرَاهِمَ إلَى رَجُلٍ لِيَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ وَيُرِيدُ الْوَصِيُّ اسْتِرْدَادَ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ مِنْ الرَّجُلِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَلَدِهِ وَقَبْلَ الْإِحْرَامِ فَهَلْ لِلْوَصِيِّ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ الدَّرَاهِمَ لِرَجُلٍ لِيَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّ كَانَ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يُحْرِمْ لِأَنَّ الْمَالَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ فَإِنْ اسْتَرَدَّهُ فَنَفَقَتُهُ إلَى بَلَدِهِ عَلَى مَنْ تَكُونُ إنْ اسْتَرَدَّهُ بِخِيَانَةٍ ظَهَرَتْ مِنْهُ فَالنَّفَقَةُ فِي مَالِهِ خَاصَّةً وَإِنْ اسْتَرَدَّهُ لَا لِخِيَانَةٍ وَلَا تُهْمَةٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْوَصِيِّ فِي مَالِهِ خَاصَّةً وَإِنْ اسْتَرَدَّهُ لِضَعْفِ رَأْيٍ فِيهِ أَوْ لِجَهْلِهِ بِأُمُورِ النُّسُكِ فَأَرَادَ الدَّفْعَ إلَى أَصْلَحَ مِنْهُ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ اسْتَرَدَّ لِمَنْفَعَةِ الْمَيِّتِ. اهـ.
بَحْرٌ مِنْ بَابِ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ثَبَتَ خِيَانَةُ وَصِيٍّ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ يُعْزَلُ وَتَزُولُ الْأَمَانَةُ فَلَا يُصَدَّقُ بَعْدَ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْإِنْفَاقِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ عَرَضَ عَلَيْهِ جُنُونٌ فَصَرَفَ أَبُوهُ مَالَهُ عَلَيْهِ فِي نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وَلَوَازِمِهِ الشَّرْعِيَّةِ الضَّرُورِيَّةِ مَصْرِفَ الْمِثْلِ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ، وَالظَّاهِرُ لَا يُكَذِّبُهُ فِيهِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ إذَا بَلَغَ الِابْنُ مَعْتُوهًا أَوْ مَجْنُونًا تَبْقَى وِلَايَةُ الْأَبِ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَنَفْسِهِ وَإِنْ بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ أَوْ عَتِهَ هَلْ تَعُودُ وِلَايَةُ الْأَبِ فِيهِمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيُّ لَا تَعُودُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَتَكُونُ الْوِلَايَةُ لِلسُّلْطَانِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَعُودُ وِلَايَةُ الْأَبِ فِي النَّفْسِ، وَالْمَالِ جَمِيعًا اسْتِحْسَانًا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَيْدَانِيُّ عِنْدَنَا تَعُودُ وِلَايَةُ الْأَبِ، وَعِنْدَ زُفَرَ تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ لِلسُّلْطَانِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ آخِرَ الْكِتَابِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ أَوْلَادٌ قَاصِرُونَ وَأَخَوَانِ بَالِغَانِ أَقَامَ أَحَدُهُمَا وَصِيًّا عَلَى أَوْلَادِهِ، وَالْآخَرُ مُشْرِفًا عَلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ أَوْلَادِهِ الْمَذْكُورِينَ وَخَلَفَ تَرِكَةً فَصَارَ الْوَصِيُّ يَتَصَرَّفُ بِمُفْرَدِهِ بِدُونِ رَأْيِ الْمُشْرِفِ وَعِلْمِهِ فَهَلْ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ التَّصَرُّفُ بِدُونِ رَأْيِ الْمُشْرِفِ وَعِلْمِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ ذَكَرَ الْفَضْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ فِي وَصِيٍّ وَمُشْرِفٍ أَنَّ الْوَصِيَّ أَوْلَى بِإِمْسَاكِ الْمَالِ، وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَجَعَلَ رَجُلًا آخَرَ مُشْرِفًا عَلَيْهِ فَالْمُشْرِفُ وَصِيُّ الْمَيِّتِ كَأَنَّهُ قَالَ جَعَلَتْكُمَا وَصِيَّيْنِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ دُونَ الْآخَرِ فِيمَا لَا يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ تَتَارْخَانِيَّةٌ، وَفِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ تَعَدُّدِ الْأَوْصِيَاءِ قَالَ الْإِمَامُ الْفَضْلِيُّ الْمُشْرِفُ لَيْسَ بِوَصِيٍّ فَلَا يَكُونُ الْمَالُ عِنْدَهُ وَإِنَّمَا لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِدُونِ رَأْيِ الْمُشْرِفِ وَعِلْمِهِ، وَفِي الْخَاصِّيِّ وَبِقَوْلِ الْفَضْلِيِّ يُفْتَى. اهـ.
وَأَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ مُفْتِي دِمَشْقَ بِأَنَّ الْوَصِيَّ إذَا تَصَرَّفَ فِي أَمْوَالِ الْيَتِيمِ بِدُونِ عِلْمِ النَّاظِرِ فَهَلَكَتْ يَضْمَنُهَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا نَصَبَ قَاضِي الْبَرِّ امْرَأَةً مِنْ قُرَى الْبَرِّ وَصِيًّا عَلَى أَوْلَادِهَا الْأَيْتَامِ وَلَمْ يُفَوَّضْ إلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ قَاضِي الْقُضَاةِ الَّذِي وَلَّاهُ ذَلِكَ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ فَهَلْ يَكُونُ النَّصْبُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَقَامَ زَوْجَتَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَصِيًّا عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ مَاتَ مُصِرًّا عَلَى ذَلِكَ وَلِلصَّغِيرِ جَدٌّ لِأَبٍ فَهَلْ يَكُونُ وَصِيُّ الْأَبِ أَحَقَّ بِذَلِكَ مِنْ جَدِّهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التَّنْوِيرِ فِي آخِرِ بَابِ الْوَصِيِّ.
(سُئِلَ) فِي الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ الْقَادِرِ الْأَمِين هَلْ تَكُونُ الْوِلَايَةُ لَهُ حَيْثُ لَمْ يُوصِ أَبُو الصِّغَارِ إلَى أَحَدٍ وَيَكُونُ أَوْلَى مِنْ الْأُمِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ بَابِ الْوَصِيِّ مُفَصَّلًا وَمِثْلُهُ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَامَ الْقَاضِي وَصِيًّا شَرْعِيًّا عَلَى أَيْتَامِ ابْنِ أَخِيهِ وَلَهُمْ اسْتِحْقَاقٌ مِنْ أَوْقَافِ أَجْدَادِهِمْ تَحْتَ يَدِهِ يَقْبِضُهُ مِنْ النُّظَّارِ، وَفِي كُلِّ سَنَةٍ يُحَاسِبُهُ الْقَاضِي الْعَامُّ عَلَى إيرَادِهِ وَمَصْرِفِهِ بِمُوجِبِ دَفْتَرٍ مَمْضِيٍّ بِإِمْضَائِهِ مُخَلَّدٍ بِيَدِهِ، وَالْآنَ تَزْعُمُ أُمُّ الْأَيْتَامِ أَنَّ لَهَا مُحَاسَبَةَ الْوَصِيِّ ثَانِيًا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ تَكُونُ وِلَايَةُ الْمُحَاسَبَةِ لِلْقَاضِي لَا لَهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُحَاسِبَ الْأُمَنَاءَ عَلَى مَا جَرَى عَلَى أَيْدِيهِمْ مِنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَغَلَّاتِهِمْ فَإِنْ أَحَسَّ بِخِيَانَةٍ عَزَلَهُ وَاسْتَبْدَلَهُ بِغَيْرِهِ وَإِنْ وَجَدَهُ أَمِينًا قَرَّرَهُ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ أَوَاخِرِ فَصْلِ الْإِنْفَاقِ وَتَمَامُ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ فَرَاجِعْهُ، وَفِي 38 مِنْ الْعِمَادِيَّةِ وَذَكَرَ الْقَاضِي جَلَالُ الدِّينِ فِي سِجِلَّاتِهِ إذَا كَبُرَ الصِّغَارُ وَأَرَادُوا أَنْ يُحَاسِبُوا وَصِيَّهُمْ لِيَنْظُرُوا هَلْ أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ بِالْمَعْرُوفِ أَمْ لَا وَطَلَبُوا أَنْ يُحَاسِبُوهُ كَانَ لِلْقَاضِي وَلَهُمْ الْمُطَالَبَةُ بِالْحِسَابِ لَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ لَوْ امْتَنَعَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْخُرْجِ، وَفِيمَا أَنْفَقَ. إلَخْ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِصَغِيرٍ أَبٌ وَحِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي دَارِ شَرِكَةِ خَالِهِ زَيْدٍ بِبَاقِيهَا فَآجَرَ خَالُهُ جَمِيعَ الدَّارِ مِنْ آخَرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ قَبَضَهَا وَتَصَرَّفَ بِهَا بِدُونِ وَكَالَةٍ عَنْ أَبِي الصَّغِيرِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَمْ يَدْفَعْ مِنْ أُجْرَتِهَا شَيْئًا لِجِهَةِ الصَّغِيرِ ثُمَّ بَلَغَ الصَّغِيرُ رَشِيدًا وَطَالَبَ خَالَهُ بِأُجْرَةِ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّارِ الَّتِي قَبَضَهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَفِي مَسَائِلِ الْبُيُوعِ مِنْ فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ إذَا اشْتَرَى دَارًا وَسَكَنَهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا وَقْفٌ أَوْ كَانَتْ لِصَغِيرٍ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ صِيَانَةً لِلْوَقْفِ وَلِلصَّغِيرِ، وَفِي أَوَاخِرِ الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ إجَارَاتِ الذَّخِيرَةِ وَهَكَذَا نَقُولُ فِيمَنْ سَكَنَ دَارَ صَغِيرٍ أَوْ حَانُوتَ صَغِيرٍ وَأَنَّهُ مُعَدٌّ لِلِاسْتِغْلَالِ أَنَّهُ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ إلَّا إذَا انْتَقَصَ بِسَبَبِ سُكْنَاهُ وَضَمَانُ النُّقْصَانِ أَنْفَعُ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ ضَمَانُ النُّقْصَانِ جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ فِي مَسَائِلِ الْإِجَارَاتِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِيَتِيمٍ مَبْلَغُ دَيْنٍ مَعْلُومٍ بِذِمَّةِ زَيْدٍ فَدَفَعَهُ لِوَصِيِّهِ الشَّرْعِيِّ وَبَلَغَ الْيَتِيمُ الْآنَ رَشِيدًا وَقَامَ يُطَالِبُ الْمَدْيُونَ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ زَاعِمًا أَنَّ قَبْضَ الْوَصِيِّ غَيْرُ صَحِيحٍ فَهَلْ لَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ وَيَبْرَأُ الْمَدْيُونُ بِدَفْعِهِ إلَى الْوَصِيِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ دَفَعَ غَرِيمُ الْمَيِّتِ إلَى الْوَصِيِّ بَرِئَ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْإِبْرَاءِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا أَدَّى مَدْيُونُ الْمَيِّتِ إلَى وَصِيِّ الْمَيِّتِ يَبْرَأُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ فَدَفَعَ إلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ يَبْرَأُ عَنْ حِصَّتِهِ خَاصَّةً بَزَّازِيَّةٌ آخِرَ الْكِتَابِ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ، وَالْقَاضِي، وَفِيهَا.
وَفِي الزِّيَادَاتِ لِلْوَارِثِ أَنْ يُخَاصِمَ غُرَمَاءَ الْمَيِّتِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ لَا؟ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يُخَاصِمُ وَلَا يَقْبِضُ بَلْ يَقْبِضُهُ الْوَصِيُّ. اهـ.
وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِمَّا هُنَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا تُوُفِّيَ عَنْ صِغَارٍ وَكِبَارٍ لِلصِّغَارِ وَصِيٌّ وَلَهُ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ يَكُونُ قَبْضُ دُيُونِهِ لِلْوَصِيِّ لَا لِلْوَرَثَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ زَوْجَةٍ وَابْنٍ صَغِيرٍ مِنْهَا، وَعَنْ أَخٍ وَصِيٍّ عَلَى الصَّغِيرِ وَخَلَفَ تَرِكَةً تَحْتَ يَدِ الْوَصِيِّ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ عَمَّنْ فِي الْمَسْأَلَةِ وَطَلَبَتْ الْأُمُّ نَصِيبَهَا مِنْ التَّرِكَةِ مِنْ الْوَصِيِّ فَادَّعَى أَنَّهُ قَضَى بِهِ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ الْأُمُّ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ تَرَكَ أَلْفًا فَجَاءَ آخَرُ يَدَّعِي عَلَيْهِ أَلْفًا فَدَفَعَهُ الْوَصِيُّ إلَيْهِ قَضَاءً لِلدَّيْنِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَكَبُرَ الْيَتِيمُ وَأَنْكَرَ الدَّيْنَ عَلَى أَبِيهِ يَضْمَنُ الْوَصِيُّ مَا دَفَعَهُ إلَى الْغَرِيمِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْغَرِيمِ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِ قُلْتُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَصِيِّ بَيِّنَةٌ عَلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ وَحَلَفَ الْوَارِثُ حِينَ حَلَّفَهُ الْوَصِيُّ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِدَيْنِ الْمُوَرِّثِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ مَوْلَانَا نِظَامُ الدِّينِ فِي فَوَائِدِهِ أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا أَدَّى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ ثُبُوتَهُ عَلَى الْمُوَرِّثِ فَلِلْوَصِيِّ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَصِيِّ بَيِّنَةٌ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُمْ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الضَّمَانِ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ أَوْصَتْ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا بِوَصَايَا وَأَقَامَتْ زَيْدًا وَصِيًّا مُخْتَارًا عَلَى تَنْفِيذِهَا مِنْ ثُلُثِ مَالِهَا وَقَبِلَ زَيْدٌ ذَلِكَ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ مَاتَتْ فَادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَنَّهَا أَقَامَتْهُ وَصِيًّا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهَا وَيُرِيدُ إثْبَاتَ مَا يَدَّعِيهِ أَيْضًا فَهَلْ إذَا ثَبَتَ دَعْوَاهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ يَكُونَانِ وَصِيَّيْنِ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ بِدُونِ رَأْيِ الْآخَرِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ بَابِ الْوَصِيِّ، وَبَطَلَ فِعْلُ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ كَالْمُتَوَلَّيَيْنِ وَلَوْ كَانَ إيصَاؤُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ. اهـ.
وَفِي الدُّرَرِ: أَوْصَى إلَى اثْنَيْنِ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ بِدُونِ الْآخَرِ وَلَوْ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِالِانْفِرَادِ. اهـ.
وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِيهَا، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ ثُمَّ مَكَثَ زَمَانًا فَأَوْصَى بِوَصَايَا إلَى آخَرَ فَهُمَا وَصِيَّانِ فِي كُلِّ وَصَايَاهُ تَذَكَّرَ إيصَاءَهُ لِلْأَوَّلِ أَوْ نَسِيَ لِأَنَّ الْوَصِيَّ عِنْدَنَا لَا يَنْعَزِلُ مَا لَمْ يَعْزِلْهُ الْمُوصِي وَيُخْرِجُهُ عَنْ الْوِصَايَةِ بِأَنْ يَقُولَ أَخْرَجْتُهُ عَنْ الْوِصَايَةِ أَوْ يَقُولَ رَجَعْت عَنْ وِصَايَتِي إلَيْهِ حَتَّى لَوْ كَانَ بَيْنَ وَصِيَّتَيْهِ مُدَّةُ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ لَا يَنْعَزِلُ الْأَوَّلُ عَنْ الْوِصَايَةِ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ تَعَدُّدِ الْأَوْصِيَاءِ وَتَمَامُ نُقُولِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ، وَفِيهِ أَيْضًا وَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ الْآخَرَ جَازَ انْفِرَادُ الْوَكِيلِ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ وِفَاقًا لِأَنَّ رَأْيَ الْوَكِيلِ رَأْيُ الْمُوَكِّلِ فَيَجْتَمِعُ حِينَئِذٍ فِي تَصَرُّفِهِ الرَّأْيَانِ فَيَجُوزُ عِنْدَهُمَا أَيْضًا. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِيَتِيمَيْنِ نِصْفُ آلَةِ حِلَاقَةٍ مَعْلُومَةٍ لَيْسَ لَهُمَا غَيْرُهَا وَلَهُمَا أُمٌّ وَجَدٌّ لِأَبٍ يُرِيدُ الْجَدُّ بَيْعَ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ لِأَجْلِ نَفَقَتِهِمَا فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بَيْعَ الْجَدِّ لِلنَّفَقَةِ لِأَنَّ بَيْعَ الْعُرُوضِ، وَالْعَقَارِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ لَا يَجُوزُ لِلْجَدِّ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلْوَصِيِّ وَلْتَكُنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ذِكْرٍ مِنْك فَإِنَّهَا دَقِيقَةٌ، وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي لِوَصِيِّ الْأَبِ بَيْعُ التَّرِكَةِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ وَلَيْسَ لِلْجَدِّ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ لِلصَّغِيرِ وَبِهِ يُفْتَى آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ فِي أَوَاسِطِ فَصْلِ الْبَيْعِ مُلَخَّصًا، وَفَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَ الْوَصِيِّ، وَالْجَدِّ فَقَالَ: لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ بَيْعُ التَّرِكَةِ لِلدَّيْنِ، وَالْوَصِيَّةِ أَمَّا أَبُو الْمَيِّتِ فَلَهُ بَيْعُ التَّرِكَةِ لِدَيْنِ الصَّغِيرِ لَا لِدَيْنِ ابْنِهِ الْمَيِّتِ.
قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: هَذِهِ الْفَائِدَةُ تُحْفَظُ عَنْ الْخَصَّافِ وَبِهِ يُفْتِي نُورُ الْعَيْنِ فِي 26 نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَصِيٌّ فَلِأَبِيهِ وَهُوَ الْجَدُّ بَيْعُ الْعُرُوضِ إلَّا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ التَّرِكَةَ لِدَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لَمْ يَجُزْ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْأَبِ مِنْ وَصَايَا جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ وَكَذَا فِي 27 مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِعِبَارَتِهِ أَنْقِرْوِيٌّ مِنْ الْوَصَايَا وَنَقَلَ ذَلِكَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ مِنْ آخِرِ بَابِ الْوَصِيِّ عَنْ الْمُنْيَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ آخِرَ الْكِتَابِ. (أَقُولُ)، وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَصِيَّ الْجَدِّ كَالْجَدِّ فَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ أَيْضًا بِالْأَوْلَى قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فَيَرْفَعُ الدَّائِنُ أَوْ الْمُوصَى لَهُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَبِيعَ لَهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ أَوْ الْوَصِيَّةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ غِرَاسَاتٌ قَائِمَاتٌ فِي أَرْضِ وَقْفٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَلَهُ أَوْلَادٌ قَاصِرُونَ فَاشْتَرَتْ ذَلِكَ أُمُّهُمْ لَهُمْ بِمَالِهَا مِنْ أَبِيهِمْ زَيْدٍ الْمَزْبُورِ، وَقَالَ أَبُوهُمْ بِعْتُهَا بَعْدَ مَا سَمَّتْ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً فَهَلْ يَجُوزُ الْبَيْعُ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا قَبِلَ الْبَيْعَ فَقَدْ أَجَازَ شِرَاءَهَا لِلصَّغِيرِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ، وَالتَّجْنِيسِ امْرَأَةٌ اشْتَرَتْ ضَيْعَةً لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ مِنْ مَالِهَا وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْأُمِّ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِلْوَلَدِ لِأَنَّ الْأُمَّ تَصِيرُ وَاهِبَةً، وَالْأُمُّ تَمْلِكُ ذَلِكَ وَيَقَعُ قَبْضًا عَنْهُ أَحْكَامُ الصِّغَارِ مِنْ الْبُيُوعِ.
وَفِيهَا أَيْضًا امْرَأَةٌ اشْتَرَتْ ضَيْعَةً لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ بِمَالِهَا عَلَى أَنْ تَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَلَدِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَتَكُونُ مُشْتَرِيَةً لِنَفْسِهَا ثُمَّ تَصِيرُ هِبَةً مِنْهَا لِلصَّغِيرِ، امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا وَبَيْنَهُمَا وَلَدٌ صَغِيرٌ: اشْتَرَيْتُ مِنْك دَارَك هَذِهِ لِابْنِنَا بِكَذَا فَقَالَ الْأَبُ: بِعْتهَا جَازَ لِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا قَبِلَ الْبَيْعَ فَقَدْ أَجَازَ شِرَاءَهَا لِلصَّغِيرِ فَيَجُوزُ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْأَبِ، وَالْأَجْنَبِيِّ فَقَالَتْ الْأُمُّ لَهُمَا: اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الدَّارَ مِنْكُمَا لِابْنِي بِمَالِهِ فَقَالَا بِعْنَا جَازَ لِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا جَوَّزَ شِرَاءَهَا جُمْلَةَ الدَّارِ فَقَدْ أَذِنَ لَهَا بِشِرَاءِ جُمْلَةِ الدَّارِ. اهـ.
وَفِيهِ فَوَائِدُ فَارْجِعْ إلَيْهِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ وَصِيًّا عَلَى ابْنَةِ أَخِيهِ الْيَتِيمَةِ وَصَرَفَ فِي بَابِ الْقَاضِي مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فِي مَنْعِ دَعْوَى تَوَجَّهَتْ عَلَى الْيَتِيمَةِ بِمُوجِبِ حُجَّةٍ كَتَبَهَا الْقَاضِي لَهُ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَفْعِ الْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمَةِ فَهَلْ يُحْسَبُ ذَلِكَ لَهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إسْمَاعِيلُ أَفَنْدِي مُفْتِي دِمَشْقَ سَابِقًا فِيمَا يَأْخُذُهُ قُضَاةُ الْجَوْرِ مِنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى مِنْ أَوْصِيَائِهِمْ جَبْرًا فِي كُلِّ سَنَةٍ وَيُسَمُّونَهُ بِأَسْمَاءٍ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ وَيَقُولُونَ: هَذَا مُحَاسَبَةٌ فَهَلْ لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ فِي مَالِهِ فَأَجَابَ: نَعَمْ لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} {إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} نَسْأَلُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ التَّوْفِيقَ، وَالْهِدَايَةَ إلَى أَقْوَمِ طَرِيقٍ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ بِمَالِ الْيَتِيمِ وَكَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا فَهَلْ يَضْمَنُ الْمَالَ إذَا هَلَكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ لِكُلٍّ مِنْ الْأَبِ، وَالْجَدِّ، وَالْقَاضِي وَأَوْصِيَائِهِمْ أَنْ يُسَافِرُوا بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى إذَا كَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا فَإِذَا أُصِيبُوا فِي الطَّرِيقِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَلَهُمْ أَنْ يَتَّجِرُوا فِي أَمْوَالِهِمْ بِالْمَعْرُوفِ قَالَ الْعَتَّابِيُّ: وَلَوْ اتَّجَرَ وَصِيُّ الْأَخِ، وَالْعَمِّ فَإِنْ رَبِحَ جَازَ اسْتِحْسَانًا قَالَ وَلَهُمْ وِلَايَةُ بَيْعِ أَمْوَالِهِمْ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَبِأَكْثَرَ مِنْهَا وَبِأَقَلَّ بِقَدْرٍ يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ أَمَّا لَوْ كَانَ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ تَبْطُلُ عُقُودُهُمْ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّهُ لَا مُجِيزَ لَهُ حَالَةَ الْعَقْدِ وَلَا يَنْعَقِدُ حَتَّى يَتَوَقَّفَ وَأَمَّا شِرَاؤُهُمْ فَكَذَلِكَ لَكِنْ إذَا كَانَ بِفَاحِشِ الْغَبْنِ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ لِصُدُورِهِ عَنْ أَهْلِ فِي مَحَلِّهِ فَلَا يَبْطُلُ كَالْبَيْعِ.
إلَخْ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْبَيْعِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ وَصِيًّا عَلَى يَتِيمَيْنِ فِي حِجْرِهِ وَلَهُمَا مَالٌ تَحْتَ يَدِهِ مَفْرُوضٌ فِيهِ مَبْلَغٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِنَفَقَتِهِمَا فِي كُلِّ يَوْمٍ فَكَانَ يُخْلَطُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ وَيُنْفِقُهُ عَلَيْهِمَا، وَفِي ذَلِكَ خَيْرٌ لَهُمَا حَتَّى بَلَغَا رَشِيدَيْنِ فَامْتَنَعَا مِنْ احْتِسَابِ الْقَدْرِ الْمَفْرُوضِ لَهُ عَلَيْهِمَا زَاعِمَيْنِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ خَلْطُ النَّفَقَةِ بِنَفَقَتِهِمَا فَهَلْ لِلْوَصِيِّ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لِلْوَصِيِّ خَلْطُ النَّفَقَةِ الْمَفْرُوضَةِ لِلْيَتِيمَيْنِ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ خَيْرًا لَهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ فِي فَصْلِ الضَّمَانِ عَنْ الْقُنْيَةِ.
(سُئِلَ) فِي إقْرَارِ الْوَصِيِّ لِغَيْرِ الْوَارِثِ عَلَى الْمَيِّتِ بِشَيْءٍ مِنْ تَرِكَتِهِ أَنَّهُ لِفُلَانٍ هَلْ يَكُونُ غَيْرَ جَائِزٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ عَلَى الْمَيِّتِ بِالدَّيْنِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لَكِنْ لَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ أَنْ يَكُونَ خَصْمًا لِلْغَرِيمِ فَإِنْ أَقَامَ عَلَيْهِ الْغَرِيمُ بَيِّنَةً بِالدَّيْنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ.
إلَخْ، وَفِي مَبْسُوطِ الْحَلْوَانِيِّ، والولوالجية، وَالْعَتَّابِيَّةِ، وَفِي الْعِمَادِيَّةِ، وَالْحَافِظِيَّةِ إقْرَارُ الْوَصِيِّ عَلَى الْمَيِّتِ بِالدَّيْنِ أَوْ الْغَبْنِ أَوْ الْوَصِيَّةِ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْمَيِّتِ وَإِقْرَارُ الْغَيْرِ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ جَائِزٍ وَإِنْ اُعْتُبِرَ شَهَادَةً فَهُوَ شَهَادَةُ فَرْدٍ فَلَا يُعْتَبَرُ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ وَارِثًا فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ فَقَطْ فِي نَصِيبِهِ فَحَسْبُ اعْتِبَارًا لِلْوَرَثَةِ فَيُسْتَوْفَى مِنْهُ أَوْ يُشْهِدُ مَعَهُ آخَرَ فَيَصِحُّ مَا أَقَرَّ بِهِ مُطْلَقًا فِي الْأَنْصِبَاءِ كُلًّا اعْتِبَارًا لِلشَّهَادَةِ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْإِقْرَارِ وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ، وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ تَرِكَتِهِ أَنَّهُ لِفُلَانٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ وَارِثًا فَيَصِحُّ فِي حِصَّتِهِ تَنْوِيرٌ مِنْ الْوَصَايَا مِنْ بَابِ الْوَصِيِّ.
سُئِلَ) فِيمَا إذَا ظَهَرَ لِلْقَاضِي عَجْزُ الْوَصِيِّ أَصْلًا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَاسْتَدَلَّ بِهِ غَيْرُهُ وَتَسَلَّمَ الْغَيْرُ مَالَ الْيَتِيمِ فَهَلْ يَكُونُ مَا ذَكَرَ صَحِيحًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ ظَهَرَ لِلْقَاضِي عَجْزُهُ أَصْلًا اسْتَبْدَلَ غَيْرَهُ تَنْوِيرٌ مِنْ بَابِ الْوَصِيِّ وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ وَأَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ وَغَيْرِهِمَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْصَى زَيْدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إلَى عَمْرٍو بِأَنْ يَقْضِيَ دُيُونَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَيَدْفَعَ جَمِيعَ مَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ لِرَجُلٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ عَنْ تَرِكَةٍ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ وَارِثٌ شَرْعِيٌّ فَهَلْ يَكُونُ عَمْرٌو وَصِيًّا وَجَمِيعُ الْفَاضِلِ مِنْ التَّرِكَةِ لِلْمُوصَى لَهُ لَا يُزَاحِمُهُ فِيهِ أَحَدٌ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَالَ فِي مَرَضِهِ: اقْضِ دُيُونِي وَنَفِّذْ وَصَايَايَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ وَصِيًّا إجْمَاعًا.
إلَخْ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلٍ فِي الْإِيصَاءِ، وَفِي الْمِنَحِ وَإِذَا عَدِمَ مِنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ يَبْدَأُ بِمَنْ أَوْصَى لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ فَتَكْمُلُ لَهُ وَصِيَّتُهُ لِأَنَّ مَنْعَهُ عَمَّا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ كَانَ لِأَجْلِ الْوَرَثَةِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَلَهُ عِنْدَنَا مَا عُيِّنَ لَهُ كَامِلًا.
إلَخْ وَمِثْلُهُ فِي سَائِرِ الْمُتُونِ، وَالشُّرُوحِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِزَوْجَتِهِ أُمِّ أَوْلَادِهِ الْأَمِينَةِ سَلَّمْت إلَيْك أَوْلَادِي وَقُومِي بِلَوَازِمِهِمْ بَعْدَ مَوْتِي ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا، وَعَنْ أَوْلَادِهَا الْمَزْبُورِينَ وَلِلْمُتَوَفَّى ابْنُ عَمٍّ يُعَارِضُ الْأُمَّ فِي ضَبْطِ أَمْوَالِ أَوْلَادِهَا فَهَلْ إذَا ثَبَتَ مَا ذَكَرَ تَكُونُ الْأُمُّ وَصِيًّا عَلَى أَوْلَادِهَا الْمَزْبُورِينَ وَلَيْسَ لِابْنِ الْعَمِّ مُعَارَضَتُهَا فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْحَافِظِيَّةِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ وَصِيَّةٌ وَلَمْ يَزِدْ أَوْ قَالَ: أَنْتِ وَصِيَّتِي فِي مَالِي أَوْ قَالَ: سَلَّمْت إلَيْك الْأَوْلَادَ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ تَعَهَّدِي أَوْلَادِي بَعْدَ مَوْتِي أَوْ قُومِي بِلَوَازِمِهِمْ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ مَا يَجْرِي مَجْرَى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ يَكُونُ وَصِيًّا آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ.
(سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ الْمُخْتَارِ هَلْ لَهُ قَبْضُ وَدِيعَةِ الْمُوصِي؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَفِي الْحَافِظِيَّةِ الْوَصِيُّ لَوْ أَمَرَ مُودَعَ الْمَيِّتِ بِإِقْرَاضِ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْوَدِيعَةِ أَوْ هِبَتِهَا لِآخَرَ فَأَقْرَضَهَا أَوْ وَهَبَهَا فَضَاعَتْ ضَمِنَ الْمُودَعُ لَا الْوَصِيُّ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَمْلِكُ الْإِقْرَاضَ وَلَا الْهِبَةَ فَلَا يُفِيدُ أَمْرُهُ شَيْئًا أَمَّا لَوْ أَمَرَ الْمُودَعَ بِدَفْعِهَا إلَى آخَرَ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَضَاعَتْ لَمْ يَضْمَنْ الْمُودَعُ لِأَنَّ لِلْوَصِيِّ قَبْضَهَا مِنْهُ فَلَهُ تَوْكِيلُ غَيْرِهِ بِالْقَبْضِ وَقَدْ وُجِدَ بِأَمْرِهِ فَيَكُونُ قَبْضُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ كَقَبْضِ الْوَصِيِّ وَلَوْ قَبَضَهَا الْوَصِيُّ مِنْ الْمُودَعِ لَكَانَ إبْرَاءً فَكَذَا هُنَا آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ الْقَرْضِ.
(سُئِلَ) فِي الْوَارِثِ إذَا كَانَ غَائِبًا هَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ وَصِيًّا عَنْهُ وَيَكْتُبَ فِي نُسْخَةِ الْوِصَايَةِ أَنَّهُ أَقَامَهُ وَصِيًّا لِغَيْبَتِهِ مُدَّةَ السَّفَرِ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ.
(سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ إذَا أَقْرَضَ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ آخَرَ فَهَلْ يَضْمَنُهُ إذَا هَلَكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَلَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ إقْرَاضَ مَالِ الْيَتِيمِ فَإِنْ أَقْرَضَ كَانَ ضَامِنًا، وَالْقَاضِي يَمْلِكُ الْإِقْرَاضَ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْأَبِ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْأَبَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ لَا بِمَنْزِلَةِ الْقَاضِي وَلَوْ أَخَذَ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ قَرْضًا لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ وَيَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَسْتَقْرِضَ مَالَ الْيَتِيمِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَنَا أَرْجُو أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْقَضَاءِ لَا بَأْسَ بِهِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ تَصَرُّفَاتِ الْوَصِيِّ وَلَا يُقْرِضُ أَيْ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ اسْتِخْلَاصِهِ بِخِلَافِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ وَلِذَا يُقْرِضُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ، وَالْغَائِبِ دُرَرٌ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي فِي الْإِيصَاءِ.
(أَقُولُ) فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْقَاضِي إنَّمَا يَمْلِكُ الْإِقْرَاضَ إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَشْتَرِيهِ يَكُونُ غَلَّةً لِلْيَتِيمِ لَا لَوْ وَجَدَهُ أَوْ وَجَدَ مَنْ يُضَارِبُ، وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ الْقَاضِي يَأْمُرُ الْوَصِيَّ بِالِاتِّجَارِ، وَالشَّرِكَةِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ دُونَ الْمُعَامَلَةِ لِأَجْلِ الرِّبْحِ. اهـ.
وَأَفَادَ الرَّمْلِيُّ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ جَهَلَةِ الْقُضَاةِ مِنْ أَنَّهُمْ يَقْضُونَ بِالرِّبْحِ مِنْ غَيْرِ مُعَامَلَةٍ فِي مَالِهِ إذَا عُومِلَ فِيهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَيَسْتَنِدُونَ فِي ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَعْبَأْ بِكَلَامِهِ فِي الْمَذْهَبِ فَهُوَ قَضَاءٌ بِالرِّبَا الْمُحَرَّمِ فِي سَائِرِ الْأَدْيَانِ بِمُجَرَّدِ خَيَالَاتٍ فَاسِدَةٍ وَهِيَ النَّظَرُ إلَى الْيَتِيمِ وَهَلْ فِيمَا حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى نَظَرٌ مَا هَذَا إلَّا ضَلَالٌ بَعِيدٌ. اهـ.
مُلَخَّصًا، وَفِي نُورِ الْعَيْنِ عَنْ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى لَا يُجْبَرُ الْوَصِيُّ عَلَى التِّجَارَةِ، وَالتَّصَرُّفِ بِمَالِ الْيَتِيمِ. اهـ.
فَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْحَاوِي الْقَاضِي يَأْمُرُهُ بِالِاتِّجَارِ هُوَ أَمْرُ إرْشَادٍ لَا أَمْرُ إجْبَارٍ فَتَدَبَّرْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ الْمَرِيضِ وَظَائِفُ فَرَغَ عَنْهَا لِابْنِهِ الْقَاصِرِ ثُمَّ مَاتَ فَدَفَعَ وَصِيُّ الْيَتِيمِ لِكِتَابَةِ صَكِّ الْفَرَاغِ وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ أُجْرَةً مَعْلُومَةً مِنْ الدَّرَاهِمِ هِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا رَأَى الْوَصِيُّ فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَظِّ، وَالْمَصْلَحَةِ لِلْيَتِيمِ فَهَلْ لَهُ احْتِسَابُ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى عَمَلٍ لِأَجْلِ الْيَتِيمِ وَيَمْلِكُهُ الْوَصِيُّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ وَغَيْرِهِ.