فصل: تفسير الآيات (1- 3):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل



.تفسير الآيات (11- 15):

{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (12) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (13) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (15)}
الباء في {بِطَغْوَاهَا} مثلها في: كتبت بالقلم. والطغوى من الطغيان: فصلوا بين الاسم والصفة في فعلى من بنات الياء، بأن قلبوا الياء واواً في الاسم، وتركوا القلب في الصفة، فقالوا: امرأة خزيا وصديا، يعني: فعلت التكذيب بطغيانها، كما تقول: ظلمني بجرءته على الله. وقيل: كذبت بما أوعدت به من عذابها ذي الطغوى كقوله: {فَأُهْلِكُواْ بالطاغية} [الحاقة: 5]، وقرأ الحسن: {بطغواها} بضم الطاء كالحسنى والرجعى في المصادر {إِذِ انبعث} منصوب بكذبت. أو بالطغوى. و{أشقاها} قدار بن سالف. ويجوز أن يكونوا جماعة، والتوحيد لتسويتك في أفعل التفضيل إذا أضفته بين الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، وكان يجوز أن يقال: أشقوها، كما تقول: أفاضلهم. والضمير في {لَهُمْ} يجوز أن يكون للأشقين والتفضيل في الشقاوة، لأنّ من تولى العقر وباشره كانت شقاوته أظهر وأبلغ. و{نَاقَةَ الله} نصب على التحذير، كقولك الأسد الأسد، والصبي الصبي، بإضمار: ذروا أو أحذروا عقرها {وسقياها} فلا تزووها عنها، ولا تستأثروا بها عليها {فَكَذَّبُوهُ} فيما حذرهم منه من نزول العذاب إن فعلوا {فَدَمْدمَ عَلَيْهِمْ} فأطلق عليهم العذاب، وهو من تكرير قولهم: ناقة مدمومة: إذا ألبسها الشحم {بِذَنبِهِمْ} بسبب ذنبهم. وفيه إنذار عظيم بعاقبه الذنب، فعلى كل مذنب أن يعتبر ويحذر {فَسَوَّاهَا} الضمير للدمدمة، أي: فسوّاها بينهم لم يفلت منها صغيرهم ولا كبيرهم {وَلاَ يَخَافُ عقباها (15)} أي: عاقبتها وتبعتها؛ كما يخاف كل معاقب من الملوك فيبقى بعض الإبقاء. ويجوز أن يكون الضمير لثمود على معنى: فسواها بالأرض. أو في الهلاك، ولا يخاف عقبى هلاكها. وفي مصاحف أهل المدينة والشأم: فلا يخاف. وفي قراءة النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ولم يخف.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الشمس، فكأنما تصدّق بكل شيء طلعت عليه الشمس والقمر».

.سورة الليل:

.تفسير الآيات (1- 4):

{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)}
المغشي: إما الشمس من قوله: {واليل إِذَا يغشاها} [الشمس: 4] وإما النهار من قوله: {يغشي الليل النهار} [الرعد: 3] وإما كلّ شيء يواريه بظلامه من قوله: {إِذَا وَقَبَ} [الفلق: 3]. {تجلى} ظهر بزوال ظلمة الليل. أو تبين وتكشف بطلوع الشمس {وَمَا خَلَقَ} والقادر العظيم القدرة الذي قدر على خلق الذكر والأنثى من ماء واحد، وقيل: هما آدم عليه السلام وحواء. وفي قراءة النبي صلى الله عليه وسلم: {والذكر والأنثى}.
وقرأ ابن مسعود: {والذي خلق الذكر والأنثى}.
وعن الكسائي: {وما خلق الذكر والأنثى} بالجرّ على أنه بدل من محل {مَا خَلَقَ} بمعنى: وما خلقه الله، أي: ومخلوق الله الذكر والأنثى. وجاز إضمار اسم الله لأنه معلوم لانفراده بالخلق. إذ لا خالق سواه. وقيل: إنّ الله لم يخلق خلقاً من ذوي الأرواح ليس بذكر ولا أنثى. والخنثى، وإن أشكل أمره عندنا فهو عند الله غير مشكل، معلوم بالذكورة أو الأنوثة؛ فلو حلف بالطلاق أنه لم يلق يومه ذكراً ولا أنثى، وقد لقى خنثى مشكلاً: كان حانثاً؛ لأنه في الحقيقة إمّا ذكراً أو أنثى، وإن كان مشكلاً عندنا {شتى} جمع شتيت، أي: إنّ مساعيكم أشتات مختلفة، وبيان اختلافها فيما فصل على أثره.

.تفسير الآيات (5- 7):

{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)}
{أعطى} يعني حقوق ماله {واتقى} الله فلم يعصه {وَصَدَّقَ بالحسنى (6)} بالخصلة الحسنى: وهي الإيمان. أو بالملة الحسنى: وهي ملة الإسلام، أو بالمثوبة الحسنى: وهي الجنة {فَسَنُيَسِّرُهُ لليسرى (7)} فسنهيؤه لها من يسر الفرس للركوب إذا أسرجها وألجمها. ومنه قوله عليه السلام: «كل ميسر لما خلق له» والمعنى فسنلطف به ونوفقه حتى تكون الطاعة أيسر الأمور عليه وأهونها، من قوله: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام} [الأنعام: 125].

.تفسير الآيات (8- 11):

{وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11)}
{واستغنى} وزهد فيما عند الله كأنه مستغن عنه فلم يتقه. أو استغنى بشهوات الدنيا عن نعيم الجنة، لأنه في مقابلة {واتقى}. {فَسَنُيَسِّرُهُ للعسرى} فسنخذله ونمنعه الألطاف، حتى تكون الطاعة أعسر شيء عليه وأشدّه، من قوله: {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السماء} [الأنعام: 125] أو سمى طريقة الخير باليسرى، لأنّ عاقبتها اليسر؛ وطريقة الشرّ العسرى، لأن عاقبتها العسر. أو أراد بهما طريقي الجنة والنار، أي: فسنهديهما في الآخرة للطريقين. وقيل: نزلتا في أبي بكر رضي الله عنه، وفي أبي سفيان بن حرب {وَمَا يُغْنِى عَنْهُ} استفهام في معنى الإنكار. أو نفي {تردى} تفعل من الردى وهو الهلاك، يريد: الموت. أو تردّى في الحفرة إذا قبر، أو تردّى في قعر جهنم.

.تفسير الآيات (12- 13):

{إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12) وَإِنَّ لَنَا لَلْآَخِرَةَ وَالْأُولَى (13)}
{إِنَّ عَلَيْنَا للهدى} إن الإرشاد إلى الحق واجب علينا بنصب الدلائل وبيان الشرائع {وَإِنَّ لَنَا لَلاَّخِرَةَ والأولى} أي: ثواب الدّارين للمهتدي، كقوله: {وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين} [العنكبوت: 27].

.تفسير الآيات (14- 21):

{فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21)}
وقرأ أبو الزبير: {تتلظى} فإن قلت: كيف قال: {لاَ يصلاها إِلاَّ الاشقى...... وَسَيُجَنَّبُهَا الأتقى (17)}؟ وقد علم أنّ كل شقيّ يصلاها، وكل تقي يجنبها، لا يختص بالصلي أشقى الأشقياء، ولا بالنجاة أتقى الأتقياء، وإن زعمت أنه نكر النار فأراد ناراً بعينها مخصوصة بالأشقى، فما تصنع بقوله: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأتقى (17)}؟ فقد علم أن أفسق المسلمين يجنب تلك النار المخصوصة، لا الأتقى منهم خاصة؟ قلت: الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين، فأريد أن يبالغ في صفتيهما المتناقضتين فقيل: الأشقى، وجعل مختصاً بالصلي، كأن النار لم تخلق إلاّ له. وقيل: الأتقى، وجعل مختصاً بالنجاة، كأن الجنة لم تخلق إلاّ له. وقيل: هما أبو جهل أو أمية بن خلف، وأبو بكر رضي الله عنه {يتزكى} من الزكاء. أي: يطلب أن يكون عند الله زاكياً، لا يريد به رياء ولا سمعة. أو يتفعل من الزكاة.
فإن قلت: ما محل يتزكى؟ قلت: هو على وجهين: إن جعلته بدلاً من {يُؤْتِى} فلا محل له؛ لأنه داخل في حكم الصلة، والصلات لا محل لها وإن جعلته حالاً من الضمير من {يُؤْتِى} فمحله النصب {ابتغاء وَجْهِ رَبِّهِ} مستثنى من غير جنسه وهو النعمة أي: ما لأحد عنده نعمة إلاّ ابتغاء وجه ربه، كقولك: ما في الدار أحد إلاّ حماراً.
وقرأ يحيى بن وثاب: {إلا ابتغاء وجه ربه} بالرفع: على لغة من يقول: ما في الدار أحد ألا حمار وأنشد في اللغتين قول بشر بن أبي حازم:
أَضْحَتْ خَلاءً قِفَاراً لاَ أَنِيسَ بِهَا ** إلاّ الْجَآذِرُ وَالظّلْمَانُ تَخْتَلِفُ

وقول القائل:
وَبَلْدَةٍ لَيْسَ بِهَا أَنِيسُ ** إلاَّ الْيَعَافِيرُ وَإلاَّ الْعَيسُ

ويجوز أن يكون {ابتغاء وَجْهِ رَبِّهِ} مفعولاً له على المعنى، لأنّ معنى الكلام: لا يؤتي ماله إلاّ ابتغاء وجه ربه، لا لمكافأة نعمة {وَلَسَوْفَ يرضى (21)} موعد بالثواب الذي يرضيه ويقرّ عينه.
وعن رسول صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة والليل، أعطاه الله حتى يرضى، وعافاه من العسر ويسر له اليسر».

.سورة الضحى:

.تفسير الآيات (1- 3):

{وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)}
المراد بالضحى: وقت الضحى، وهو صدر النهار حتى ترتفع الشمس وتلقي شعاعها. وقيل: إنما خصّ وقت الضحى بالقسم، لأنها الساعة التي كلم فيها موسى عليه السلام، وألقي فيها السحرة سجداً، لقوله: {وَأَن يُحْشَرَ الناس ضُحًى} [طه: 59] وقيل: أريد بالضحى: النهار، بيانه قوله: {أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى} [الأعراف: 98] في مقابلة (بياتاً). {سجى} سكون وركد ظلامه. وقيل: ليلة ساجية ساكنة الريح.
وقيل معناه: سكن الناس والأصوات فيه. وسجا البحر: سكنت أمواجه. وطرف ساج: ساكن فاتر {ما ودّعك} جواب القسم. ومعناه: ما قطعك قطع المودع. وقرئ بالتخفيف، يعني: ما تركك. قال:
وَثَمَّ وَدَعْنَا آلَ عَمْرٍو وَعَامِرٍ ** فَرَائِسَ أَطْرَافِ الْمُثَقَّفَةِ السُّمْرِ

والتوديع: مبالغة في الودع؛ لأنّ من ودّعك مفارقاً فقد بالغ في تركك. روى: أنّ الوحي قد تأخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أياماً، فقال المشركون: إنّ محمداً ودعه ربه وقلاه. وقيل: إنّ أم جميل امرأة أبي لهب قالت له: يا محمد، ما أرى شيطانك إلاّ قد تركك، فنزلت. حذف الضمير من {قلى} كحذفه من (الذاكرات) في قوله: {والذاكرين الله كثيراً والذاكرات} [الأحزاب: 35] يريد: والذاكراته ونحوه: (فآوى... فهدى... فأغنى) وهو اختصار لفظي لظهور المحذوف.

.تفسير الآيات (4- 5):

{وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)}
فإن قلت: كيف اتصل قوله: {وَلَلأَخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأولى (4)} بما قبله؟ قلت: لما كان في ضمن نفي التوديع والقلي: أنّ الله مواصلك بالوحي إليك، وأنك حبيب الله ولا ترى كرامة أعظم من ذلك ولا نعمة أجلّ منه: أخبره أن حاله في الآخرة أعظم من ذلك وأجل، وهو السبق والتقدّم على جميع أنبياء الله ورسله، وشهادة أمته على سائر الأمم، ورفع درجات المؤمنين وإعلاء مراتبهم بشفاعته، وغير ذلك من الكرامات السنية {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فترضى} موعد شامل لما أعطاه الله في الدنيا من الفلج والظفر بأعدائه يوم بدر ويوم فتح مكة، ودخول الناس في الدين أفواجاً، والغلبة على قريظة والنضير وإجلائهم، وبثّ عساكره وسراياه في بلاد العرب، وما فتح على خلفائه الراشدين في أقطار الأرض من المدائن وهدم بأيديهم من ممالك الجبابرة وأنهبهم من كنوز الأكاسرة، وما قذف في قلوب أهل الشرق والغرب من الرعب وتهيب الإسلام، وفشوّ الدعوة واستيلاء المسلمين، ولما ادّخر له من الثواب الذي لا يعلم كنهه إلاّ الله. قال ابن عباس رضي لله عنهما: له في الجنة ألف قصر من لؤلؤ أبيض ترابه المسك.
فإن قلت: ما هذه اللام الداخلة على سوف؟ قلت: هي لام الابتداء المؤكدة لمضمون الجملة، والمبتدأ محذوف. تقديره: ولأنت سوف يعطيك، كما ذكرنا في: لا أقسم، أن المعنى: لأنا أقسم؛ وذلك أنها لا تخلو من أن تكون لام قسم أو ابتداء فلام القسم لا تدخل على المضارع إلاّ مع نون التأكيد، فبقي أن تكون لام ابتداء، ولام الابتداء لا تدخل إلاّ على الجملة من المبتدأ والخبر، فلا بد من تقدير مبتدإ وخبر، وأن يكون أصله: ولأنت سوف يعطيك.
فإن قلت: ما معنى الجمع بين حرفي التوكيد والتأخير؟ قلت: معناه أن العطاء كائن لا محالة وإن تأخّر، لما في التأخير من المصلحة.

.تفسير الآيات (6- 8):

{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8)}
عدّد عليه نعمه وأياديه، وأنه لم يخله منها من أوّل تربيه وابتداء نشئه، ترشيحاً لما أراد به؛ ليقيس المترقب من فضل الله على ما سلف منه، لئلا يتوقع إلاّ الحسنى وزيادة الخير والكرامة: ولا يضيق صدره ولا يقل صبره. و{أَلَمْ يَجِدْكَ} من الوجود الذي بمعنى العلم: والمنصوبان مفعولاً وجد. والمعنى: ألم تكن يتيماً، وذلك أنّ أباه مات وهو جنين قد أتت عليه ستة أشهر وماتت أمّه، وهو ابن ثمان سنين، فكفله عمه أبو طالب، وعطّفه الله عليه فأحسن تربيته. ومن بدع التفاسير: أنه من قولهم: (درّة يتيمة) وأن المعنى: ألم يجدك واحداً في قريش عديم النظير فآواك. وقرئ: {فآوى} وهو على معنيين: إما من أواه بمعنى آواه. سمع بعض الرعاة يقول: أين آوي هذه الموقسة وإما من أوى له: إذا رحمه {ضَآلاًّ} معناه الضلال عن علم الشرائع وما طريقه السمع، كقوله: {مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الكتاب} [الشورى: 52]. وقيل: ضل في صباه في بعض شعاب مكة، فردّه أبو جهل إلى عبد المطلب. وقيل: أضلته حليمة عند باب مكة حين فطمته وجاءت به لتردّه على عبد المطلب. وقيل: ضلّ في طريق الشام حين خرج به أبو طالب، فهداك: فعرفك القرآن والشرائع. أو فأزال ضلالك عن جدك وعمك. ومن قال: كان على أمر قومه أربعين سنة، فإن أراد أنه كان على خلوّهم عن العلوم السمعية، فنعم؛ وإن أراد أنه كان على دينهم وكفرهم، فمعاذ الله؛ والأنبياء يجب أن يكونوا معصومين قبل النبوّة وبعدها من الكبائر والصغائر الشائنة، فما بال الكفر والجهل بالصانع {مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بالله مِن شَيْء} [يوسف: 38] وكفى بالنبي نقيصه عند الكفار أن يسبق له كفر {عَآئِلاً} فقيراً. وقرئ: {عيلاً} كما قرئ: سيحات. وعديماً {فأغنى} فأغناك بمال خديجة. أو بما أفاء عليك من الغنائم. قال عليه الصلاة السلام: «جعل رزقي تحت ظلّ رمحي» وقيل: قنعك وأغنى قلبك.