فصل: تفسير الآيات (12- 14):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل



.تفسير الآية رقم (6):

{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (6)}
{النبى أولى بالمؤمنين} في كل شيء من أمور الدين والدنيا {مّنْ أَنفُسِهِمْ} ولهذا أطلق ولم يقيد، فيجب عليهم أن يكون أحبّ إليهم من أنفسهم، وحكمه أنفذ عليهم من حكمها، وحقه آثر لديهم من حقوقها، وشفقتهم عليه أقدم من شفقتهم عليها، وأن يبذلوها دونه ويجعلوها فداءه إذا أعضل خطب، ووقاءه إذا لقحت حرب، وأن لا يتبعوا ما تدعوهم إليه نفوسهم ولا ما تصرفهم عنه، ويتبعوا كل ما دعاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرفهم عنه، لأنّ كل ما دعا إليه فهو إرشاد لهم إلى نيل النجاة والظفر بسعادة الدارين وما صرفهم عنه، فأخذ بحجزهم لئلا يتهافتوا فيما يرمي بهم إلى الشقاوة وعذاب النار. أو هو أولى بهم، على معنى أنه أرأف بهم وأعطف عليهم وأنفع لهم، كقوله تعالى: {بالمؤمنين رَءوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة: 128] وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ مؤمنٍ إلاّ أنا أولى بهِ فِي الدنيا والآخرةِ. اقرؤوا إنْ شئتم {النبى أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ} فأيما مؤمن هلك وترك مالاً فليرثه عصبته من كانوا، وإن ترك ديناً أو ضياعاً فإليّ» وفي قراءة ابن مسعود: «النبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم». وقال مجاهد: كل نبيّ فهو أبو أمّته. ولذلك صار المؤمنون إخوة؛ لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم أبوهم في الدين {وأزواجه أمهاتهم} تشبيه لهنّ بالأمهات في بعض الأحكام، وهو وجوب تعظيمهنّ واحترامهن، وتحريم نكاحهن: قال الله تعالى: {وَلاَ أَن تَنكِحُواْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً} [الأحزاب: 53] وهنّ فيما وراء ذلك بمنزلة الأجنبيات، ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها: لسنا أمهات النساء. تعني أنهنّ إنما كنّ أمّهات الرجال، لكونهنّ محرّمات عليهم كتحريم أمّهاتهم. والدليل على ذلك: أنّ هذا التحريم لم يتعد إلى بناتهنّ، وكذلك لم يثبت لهنّ سائر أحكام الأمهات. كان المسلمون في صدر الإسلام يتوارثون بالولاية في الدين وبالهجرة لا بالقرابة، كما كانت تتألف قلوب قوم بإسهام لهم في الصدقات، ثم نسخ ذلك لما دجا الإسلام وعزّ أهله، وجعل التوارث بحق القرابة {فِى كتاب الله} في اللوح. أو فيما أوحى الله إلى نبيه وهو هذه الآية. أو في آية المواريث. أو فيما فرض الله كقوله: {كتاب الله عَلَيْكُمْ} [النساء: 24]. {مِنَ المؤمنين والمهاجرين} يجوز أن يكون بياناً لأولى الأرحام، أي: الأقرباء من هؤلاء بعضهم أولى بأن يرث بعضاً من الأجانب. ويجوز أن يكون لابتداء الغاية. أي: أولو الأرحام بحق القرابة أولى بالميراث من المؤمنين بحق الولاية في الدين، ومن المهاجرين بحق الهجرة.
فإن قلت: مم استثنى {أَن تَفْعَلُواْ}؟ قلت: من أعم العام في معنى النفع والإحسان، كما تقول: القريب أولى من الأجنبي إلا في الوصية، تريد: أنه أحق منه في كل نفع من ميراث وهبة وهدية وصدقة وغير ذلك، إلا في الوصية. والمراد بفعل المعروف: التوصية لأنه لا وصية لوارث وعدى تفعلوا بإلى، لأنه في معنى: تسدوا وتزلوا والمراد بالأولياء: المؤمنون والمهاجرون للولاية في الدين {ذَلِكَ} إشارة إلى ما ذكر في الآيتين جميعاً. وتفسير الكتاب: ما مر آنفاً، والجملة مستأنفة كالخاتمة لما ذكر من الأحكام.

.تفسير الآيات (7- 8):

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (7) لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (8)}
{و} اذكر حين {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النبيين} جميعاً {ميثاقهم} بتبليغ الرسالة والدعاء إلى الدين القيم {وَمِنْكَ} خصوصاً {وَمِن نُّوحٍ وإبراهيم وموسى وَعِيسَى} وإنما فعلنا ذلك {لِّيَسْأَلَ} الله يوم القيامة عند تواقف الأشهاد المؤمنين الذين صدقوا عهدهم ووفوا به، من جملة من أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى {عَن صِدْقِهِمْ} عهدهم وشهادتهم، فيشهد لهم الأنبياء بأنهم صدقوا عهدهم وشهادتهم وكانوا مؤمنين. أو ليسأل المصدقين للأنبياء عن تصديقهم. لأن من قال للصادق: صدقت، كان صادقاً في قوله. أو ليسأل الأنبياء ما الذي أجابتهم به أممهم. وتأويل مسألة الرسل: تبكيت الكافرين بهم، كقوله: {أأنْتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتخذونى وَأُمّىَ إلهين مِن دُونِ الله} [المائدة: 116].
فإن قلت: لم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم على نوح فمن بعده قلت هذا العطف لبيان فضيلة الأنبياء الذين هم مشاهيرهم وذراريهم، فلما كان محمد صلى الله عليه وسلم أفضل هؤلاء المفضلين: قدم عليهم لبيان أنه أفضلهم، ولولا ذلك لقدم من قدمه زمانه.
فإن قلت: فقد قدم عليه نوح عليه السلام في الآية التي هي أخت هذه الآية، وهي قوله: {شَرَعَ لَكُم مّنَ الدين مَا وصى بِهِ نُوحاً والذى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [الشورى: 13] ثم قدم على غيره.
قلت: مورد هذه الآية على طريقة خلاف طريقة تلك، وذلك أنّ الله تعالى إنما أوردها لوصف دين الإسلام بالأصالة والاستقامة فكأنه قال: شرع لكم الدين الأصيل الذي بعث عليه نوح في العهد القديم، وبعث عليه محمد خاتم الأنبياء في العهد الحديث، وبعث عليه من توسط بينهما من الأنبياء المشاهير.
فإن قلت: فما المراد بالميثاق الغليظ؟ قلت: أراد به ذلك الميثاق بعينه. معناه: وأخذنا منهم بذلك الميثاق ميثاقاً غليظاً. والغلظ: استعارة من وصف الأجرام، والمراد: عظم الميثاق وجلالة شأنه في بابه.
وقيل الميثاق الغليظ: اليمين بالله على الوفاء بما حملوا.
فإن قلت: علام عطف قوله: {وَأَعَدَّ للكافرين}؟ قلت: على أخذنا من النبيين، لأن المعنى أن الله أكد على الأنبياء الدعوة إلى دينه لأجل إثابة المؤمنين. وأعد للكافرين عذاباً أليماً. أو على ما دل عليه {لِّيَسْأَلَ الصادقين} كأنه قال: فأثاب المؤمنين وأعد للكافرين.

.تفسير الآيات (9- 11):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9) إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11)}
{اذكروا} ما أنعم الله به عليكم يوم الأحزاب وهو يوم الخندق {إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ} وهم الأحزاب، فأرسل الله عليهم ريح الصبا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور» {وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا} وهم الملائكة وكانوا ألفاً: بعث الله عليهم صبا باردة في ليلة شاتية، فأخصرتهم وسفت التراب في وجوههم، وأمر الملائكة فقلعت الأوتاد، وقطعت الأطناب، وأطفأت النيران، وأكفأت القدور، وماجت الخيل بعضها في بعض، وقذف في قلوبهم الرعب، وكبرت الملائكة في جوانب عسكرهم، فقال طليحة بن خويلد الأسدي: أما محمد فقد بدأكم بالسحر، فالنجاء النجاء، فانهزموا من غير قتال، وحين سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بإقبالهم ضرب الخندق على المدينة، أشار عليه بذلك سلمان الفارسي رضي الله عنه، ثم خرج في ثلاثة آلاف من المسلمين فضرب معسكره والخندق بينه وبين القوم، وأمر بالذراري والنساء فرفعوا في الآطام واشتدّ الخوف، وظن المؤمنون كل ظن، ونجم النفاق من المنافقين حتى قال معتب بن قشير: كان محمد يعدنا كنوز كسرى وقيصرولا نقدر أن نذهب إلى الغائط. وكانت قريش قد أقبلت في عشرة آلاف من الأحابيش وبني كنانة وأهل تهامة وقائدهم أبو سفيان، وخرج غطفان في ألف ومن تابعهم من أهل نجد وقائدهم عيينة بن حصن. وعامر بن الطفيل في هوازن، وضامتهم اليهود من قريظة والنضير، ومضى على الفريقين قريب من شهر لا حرب بينهم إلا الترامي بالنبل والحجارة، حتى أنزل الله النصر {تَعْمَلُونَ} قرئ بالتاء والياء {مّن فَوْقِكُمْ} من أعلى الوادي من قبل المشرق: بنو غطفان {وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ} من أسفل الوادي من قبل المغرب: قريش تحزبوا وقالوا: سنكون جملة واحدة حتى نستأصل محمداً {زَاغَتِ الأبصار} مالت عن سننها ومستوى نظرها حيرة وشخوصاً. وقيل: عدلت عن كل شيء فلم تلتفت إلا إلى عدوّها لشدة الروع. الحنجرة: رأس الغلصمة وهي منتهى الحلقوم. والحلقوم: مدخل الطعام والشراب، قالوا: إذا انتفخت الرئة من شدة الفزع أو الغضب أو الغمّ الشديد: ربت وارتفع القلب بارتفاعها إلى رأس الحنجرة، ومن ثمة قيل للجبان: انتفخ سحره. ويجوز أن يكون ذلك مثلاً في اضطراب القلوب ووجيبها وإن لم تبلغ الحناجر حقيقة {وَتَظُنُّونَ بالله الظنونا} خطاب للذين آمنوا. ومنهم الثبت القلوب والأقدام، والضعاف القلوب: الذين هم على حرف، والمنافقون: الذين لم يوجد منهم الإيمان إلا بألسنتهم فظن الأولون بالله أنه يبتليهم ويفتنهم فخافوا الزلل وضعف الاحتمال، وأمّا الآخرون فظنوا بالله ما حكى عنهم.
وعن الحسن: ظنوا ظنوناً مختلفة: ظن المنافقون أنّ المسلمين يستأصلون، وظنّ المؤمنون أنهم يبتلون. وقرئ {الظنون} بغير ألف في الوصل والوقف وهو القياس، وبزيادة ألف في الوقف زادوها في الفاصلة، كما زادها في القافية من قال:
أَقِلِّي اللَّوْمَ عَاذِلَ وَالعِتَابَا

وكذلك الرسولا والسبيلا. وقرئ بزيادتها في الوصل أيضاً، إجراء له مجرى الوقف. قال أبو عبيد: وهنّ كلهنّ في الإمام بألف.
وعن أبي عمرو إشمام زاي زلزلوا. وقرئ: {زلزالاً} بالفتح. والمعنى: أنّ الخوف أزعجهم أشد الإزعاج.

.تفسير الآيات (12- 14):

{وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12) وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (13) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (14)}
{إِلاَّ غُرُوراً} قيل قائله: معتب بن قشير حين رأى الأحزاب قال: يعدنا محمد فتح فارس والروم، وأحدنا لا يقدر أن يتبرز فرقا، ما هذا إلا وعد غرور {طَّائِفَةٌ مّنْهُمْ} هم أوس بن قيظي ومن وافقه على رأيه.
وعن السدي عبد الله بن أبيّ وأصحابه. ويثرب: اسم المدينة. وقيل: أرض وقعت المدينة في ناحية منها {لاَ مُقَامَ لَكُمْ} قرئ بضم الميم وفتحها، أي لا قرار لكم ههنا، ولا مكان تقيمون فيه أو تقومون {فارجعوا} إلى المدينة: أمروهم بالهرب من عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: قالوا لهم: ارجعوا كفاراً وأسلموا محمداً، وإلا فليست يثرب لكم بمكان. قرئ: {عورة} بسكون الواو وكسرها، فالعورة: الخلل، والعورة: ذات العورة، يقال: عور المكان عوراً إذا بدا فيه خلل يخاف منه العدو والسارق. ويجوزأن تكون {عَوْرَةٌ} تخفيف: عورة، اعتذروا أنّ بيوتهم معترضة للعدو ممكنة للسراق لأنها غير محرزة ولا محصنة، فاستأذنوه وليحصنوها ثم يرجعوا إليه، فأكذبهم الله بأنهم لا يخافون ذلك، وإنما يريدون الفرار {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ} المدينة. وقيل: بيوتهم، من قولك: دخلت على فلان داره {مّنْ أَقْطَارِهَا} من جوانبها، يريد: ولو دخلت هذه العساكر المتحزبة التي يفرون خوفاً منها مدينتهم وبيوتهم من نواحيها كلها. وانثالت على أهاليهم وأولادهم ناهبين سابين، ثم سئلوا عند ذلك الفزع وتلك الرجفة {الفتنة} أي الردة والرجعة إلى الكفر ومقاتلة المسلمين، لأتوها: لجاؤها وفعلوها. وقرئ: {لآتوها} لأعطوها {وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَا} وما ألبثوا إعطاءها {إِلاَّ يَسِيراً} ريثما يكون السؤال والجواب من غير توقف. أو وما لبثوا بالمدينة بعد ارتدادهم إلا يسيراً، فإن الله يهلكهم. والمعنى: أنهم يتعللون بإعوار بيوتهم، ويتمحلون ليفروا عن نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وعن مصافة الأحزاب الذين ملؤوهم هولاً ورعباً؛ وهؤلاء الأحزاب كما هم لو كبسوا عليهم أرضهم وديارهم وعرض عليهم الكفر وقيل لهم كونوا على المسلمين، لسارعوا إليه وما تعللوا بشيء، وما ذاك إلا لمقتهم الإسلام. وشدة بغضهم لأهله، وحبهم الكفر وتهالكهم على حزبه.

.تفسير الآيات (15- 16):

{وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا (15) قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (16)}
عن ابن عباس: عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة أن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم. وقيل: هم قوم غابوا عن بدر فقالوا: لئن أشهدنا الله قتالاً لنقاتلنّ.
وعن محمد بن إسحق عاهدوا يوم أحد أن لا يفرّوا بعدما نزل فيهم ما نزل {مَسْئُولاً} مطلوباً مقتضى حتى يوفى به {لَّن يَنفَعَكُمُ الفرار} مما لابد لكم من نزوله بكم من حتف أنف أو قتل. وإن نفعكم الفرار مثلاً فمنعتم بالتأخير: لم يكن ذلك التمتيع إلا زماناً قليلاً.
وعن بعض المروانية: أنه مرّ بحائط مائل فأسرع، فتليت له هذه الآية فقال: ذلك القليل نطلب.