فصل: تفسير الآيات (16- 17):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل



.تفسير الآية رقم (11):

{وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11)}
{وَلَقَدْ خلقناكم ثُمَّ صورناكم} يعني خلقنا أباكم آدم طيناً غير مصوّر، ثم صورناه بعد ذلك. ألا ترى إلى قوله: {ثُمَّ قُلْنَا للملائكة اسجدوا لأَدَمَ} الآية {مّنَ الساجدين} ممن سجد لآدم.

.تفسير الآية رقم (12):

{قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12)}
{أَلاَّ تَسْجُدَ} (لا) في {أَن لا تَسْجُدَ} صلة بدليل قوله: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ} [ص: 75] ومثلها {لّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب} [الحديد: 29] بمعنى ليعلم: فإن قلت: ما فائدة زيادتها؟ قلت: توكيد معنى الفعل الذي تدخل عليه وتحقيقه كأنه قيل: ليتحقق علم أهل الكتاب. وما منعك أن تحقق السجود وتلزمه نفسك؟ {إِذْ أَمَرْتُكَ} لأن أمري لك بالسجود أوجبه عليك إيجاباً وأحتمه عليك حتماً لابد منه، فإن قلت: لم سأله عن المانع من السجود، وقد علم ما منعه؟ قلت: للتوبيخ، ولإظهار معاندته وكفره وكبره وافتخاره بأصله وازدرائه بأصل آدم، وأنه خالف أمر ربه معتقداً أنه غير واجب عليه، لما رأى أنّ سجود الفاضل للمفضول خارج من الصواب.
فإن قلت: كيف يكون قوله: {أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ} جواباً لما منعك، وإنما الجواب أن يقول: منعني كذا؟ قلت: قد استأنف قصة أخبر فيها عن نفسه بالفضل على آدم، وبعلة فضله عليه، وهو أنّ أصله من نار وأصل آدم من طين، فعلم منه الجواب وزيادة عليه، وهي إنكار للأمر واستبعاد أن يكون مثله مأموراً بالسجود لمثله، كأنه يقول: من كان على هذه الصفة كان مستبعداً أن يؤمر بما أُمر به.

.تفسير الآية رقم (13):

{قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13)}
{فاهبط مِنْهَا} من السماء التي هي مكان المطيعين المتواضعين من الملائكة، إلى الأرض التي هي مقرّ العاصين المتكبرين من الثقلين {فَمَا يَكُونُ لَكَ} فما يصحّ لك {أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا} وتعصي {فاخرج إِنَّكَ مِنَ الصاغرين} من أهل الصغار والهوان على الله وعلى أولياؤه لتكبرك، كما تقول للرجل: قم صاغراً، إذا أهنته. وفي ضدّه: قم راشداً. وذلك أنه لما أظهر الاستكبار ألبس الصغار.
وعن عمر رضي الله عنه: من تواضع لله رفع الله حَكَمَتَهُ وقال: انتعش أنعشك الله. ومن تكبر وعدا طوره وهصه الله إلى الأرض.

.تفسير الآيات (14- 15):

{قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15)}
فإن قلت: لم أجيب إلى استنظاره، وإنما استنظر ليفسد عباده ويغويهم قلت: لما في ذلك من ابتلاء العباد، وفي مخالفته من أعظم الثواب، وحكمه حكم ما خلق في الدنيا من صنوف الزخارف وأنواع الملاذ والملاهي، وما ركب في الأنفس من الشهوات ليمتحن بها عباده.

.تفسير الآيات (16- 17):

{قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)}
{فَبِمَا أَغْوَيْتَنِى} فبسبب إغوائك إياي لأقعدنّ لهم. وهو تكليفه إياه ما وقع به في الغي ولم يثبت كما ثبتت الملائكة مع كونهم أفضل منه ومن آدم أنفساً ومناصب، وعن الأصم: أمرتني بالسجود فحملني الأنف على معصيتك. والمعنى: فبسبب وقوعي في الغيّ لأجتهدن في إغوائهم حتى يفسدوا بسببي، كما فسدت بسببهم.
فإن قلت: بم تعلقت الباء، فإن تعلقها بلأقعدنّ يصدّ عنه لام القسم، لا تقول: والله بزيد لأمرّنّ؟ قلت: تعلقت بفعل القسم المحذوف تقديره: فبما أغويتني أقسم بالله لأقعدنّ، أي فبسبب إغوائك أقسم. ويجوز أن تكون الباء للقسم، أي: فأقسم بإغوائك لأقعدن، وإنما أقسم بالإغواء؛ لأنه كان تكليفاً، والتكليف من أحسن أفعال الله، لكونه تعريضاً لسعادة الأبد، فكان جديراً بأن يقسم به. ومن تكاذيب المجبرة ما حكوه عن طاوس: أنه كان في المسجد الحرام فجاء رجل من كبار الفقهاء يرمي بالقدر، فجلس إليه فقال له طاوس: تقوم أو تقام، فقام الرجل، فقيل له: أتقول هذا لرجل فقيه؟ فقال: إبليس أفقه منه، قال رب بما أغويتني، وهذا يقول: أنا أغوي نفسي، وما ظنك بقوم بلغ من تهالكهم على إضافة القبائح إلى الله سبحانه، أن لفقوا الأكاذيب على الرسول والصحابة والتابعين. وقيل: {مَا} للاستفهام، كأنه قيل: بأي شيء أغويتني، ثم ابتدئ لأقعدنّ. وإثبات الألف إذا أدخل حرف الجر على (ما) الاستفهامية، قليل شاذ. وأصل الغيّ الفساد. ومنه: غوى الفصيل، إذا بشم. والبشم: فساد في المعدة {لاقْعُدَنَّ لَهُمْ صراطك المستقيم} لأعترضن لهم على طريق الإسلام كما يعترض العدوّ على الطريق ليقطعه على السابلة وانتصابه على الظرف، كقوله:
كَمَا عَسَلَ الطَّرِيقَ الثَّعْلَبُ

وشبهه الزجاج بقولهم: ضرب زيد الظهر والبطن، أي على الظهر والبطن.
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان قعد لابن آدم بأَطرُقِهِ: قعد له بطريق الإسلام فقال له: تدع دين آبائك، فعصاه فأسلم. ثم قعد له بطريق الهجرة فقال له: تدع ديارك وتتغرب، فعصاه فهاجر ثم قعد له بطريق الجهاد فقال له: تقاتل فتقتل فيقسم مالك وتنكح امرأتك، فعصاه فقاتل» {ثُمَّ لآتِيَنَّهُم} من الجهات الأربع التي يأتي منها العدوّ في الغالب. وهذا مثل لوسوسته إليهم وتسويله ما أمكنه وقدر عليه، كقوله: {واستفزز مَنِ استطعت مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} [الإسراء: 64].
فإن قلت: كيف قيل: {مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ} بحرف الابتداء {وَعَنْ أيمانهم وَعَن شَمَائِلِهِمْ} بحرف المجاوزة؟ قلت: المفعول فيه عدي إليه الفعل نحو تعديته إلى المفعول به. فكما اختلفت حروف التعدية في ذاك اختلفت في هذا، وكانت لغة تؤخذ ولا تقاس. وإنما يفتش عن صحة موقعها فقط، فلما سمعناهم يقولون: جلس عن يمينه وعلى يمينه، وعن شماله وعلى شماله، قلنا: معنى {على يمينه} أنه تمكن من جهة اليمين تمكُّن المستعلي من المستعلى عليه.
ومعنى {عن يمينه} أنه جلس متجافياً عن صاحب اليمين منحرفاً عنه غير ملاصق له. ثم كثر حتى استعمل في المتجافي وغيره، كما ذكرنا في {تعال}. ونحوه من المفعول به قولهم رميت عن القوس، وعلى القوس، ومن القوس؛ لأن السهم يبعد عنها، ويستعليها إذا وضع على كبدها للرمي، ويبتدئ الرمي منها. كذلك قالوا: جلس بين يديه وخلفه بمعنى فيه؛ لأنهما ظرفان للفعل. ومن بين يديه ومن خلفه: لأن الفعل يقع في بعض الجهتين، كما تقول: جئته من الليل، تريد بعض الليل، وعن شقيق: ما من صباح إلاّ قعد لي الشيطان على أربع مراصد: من بين يديّ، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي: أمّا من بين يدي فيقول: لا تخف، فإن الله غفور رحيم، فأقرأ: {وَإِنّى لَغَفَّارٌ لّمَن تَابَ وآمَنَ وَعَمِلَ صالحا} [طه: 82] وأمّا من خلفي، فيخوّفني الضيعة على مخلفي فأقرأ: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الارض إِلاَّ عَلَى الله رِزْقُهَا} [هود: 6] وأمّا من قبل يميني، فيأتيني من قبل الثناء فأقرأ: {والعاقبة لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128] وأمّا من قبل شمالي فيأتيني من قبل الشهوات فأقرأ: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} [سبأ: 54]. {وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكرين} قاله تظنيناً، بدليل قوله: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ} [سبأ: 20] وقيل: سمعه من الملائكة بإخبار الله تعالى لهم.

.تفسير الآية رقم (18):

{قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (18)}
{مَذْءُومًا} من ذأمه إذا ذمّه.
وقرأ الزهري: {مذوما}، بالتخفيف، مثل مسول في مسؤل. واللام في {لَّمَن تَبِعَكَ} موطئه للقسم. و{لأَمْلاَنَّ} جوابه، وهو سادّ مسدّ جواب الشرط {مّنكُمْ} منك ومنهم، فغلب ضمير المخاطب، كما في قوله: {إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: 138]. وروى عصمة عن عاصم: {لمن تبعك} بكسر اللام، بمعنى: لمن تبعك منهم هذا الوعيد، وهو قوله: {لأمْلانَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ}، على أن {لأَمْلاَنَّ} في محل الابتداء، و{لَّمَن تَبِعَكَ} خبره.

.تفسير الآيات (19- 22):

{وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22)}
{وَعَلَّمَ ءادَمَ} وقلنا: يا آدم. وقرئ: {هذي الشجرة} والأصل الياء، والهاء بدل منها، ويقال: وسوس، إذا تكلم كلاماً خفياً يكرره. ومنه وسوس الحليّ، وهو فعل غير متعدّ، كولولت المرأة ووعوع الذئب، ورجل موسوس- بكسر الواو- ولا يقال موسوس بالفتح، ولكن موسوس له، وموسوس إليه، وهو الذي تلقى إليه الوسوسة. ومعنى وسوس له: فعل الوسوسة لأجله، ووسوس إليه: ألقاها إليه {لِيُبْدِيَ} جعل ذلك غرضاً له ليسوءهما إذا رأيا ما يؤثران ستره، وأن لا يطلع عليه مكشوفاً. وفيه دليل على أن كشف العورة من عظائم الأمور، وأنه لم يزل مستهجناً في الطباع مستقبحاً في العقول.
فإن قلت: ما للواو المضمومة في {وُورِيَ} لم تقلب همزة كما قلبت في أو يصل؟ قلت: لأن الثانية مدّة كألف وارى. وقد جاء في قراءة عبد الله: {أورى} بالقلب {إِلا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ} إلاّ كراهة أن تكونا ملكين. وفيه دليل على أن الملكية بالمنظر الأعلى، وأن البشرية تلمح مرتبتها كلا ولا. وقرئ: {ملكين} بكسر اللام، كقوله {وَمُلْكٍ لاَّ يبلى} [طه: 120]. {مِنَ الخالدين} من الذين لا يموتون ويبقون في الجنة ساكنين. وقرئ: {من سوأتهما}، بالتوحيد، {وسوَّاتهما}، بالواو المشددة {وَقَاسَمَهُمَا} وأقسم لهما {إِنّي لَكُمَا لَمِنَ الناصحين}.
فإن قلت: المقاسمة أن تقسم لصاحبك ويقسم لك تقول: قاسمت فلاناً حالفته، وتقاسما تحالفا. ومنه قوله تعالى: {تَقَاسَمُواْ بالله لَنُبَيّتَنَّهُ} [النمل: 49].
قلت: كأنه قال لهما: أقسم لكما إني لمن الناصحين، وقالا له أتقسم بالله إنك لمن الناصحين، فجعل ذلك مقاسمة بينهم. أو أقسم لهما بالنصحية وأقسما له بقبولها. أو أخرج قسم إبليس على زنة المفاعلة، لأنه اجتهد فيه اجتهاد المقاسم {فدلاهما} فنزّلهما إلى الأكل من الشجرة {بِغُرُورٍ} بما غرّهما به من القسم بالله.
وعن قتادة: وإنما يخدع المؤمن بالله.
وعن ابن عمر رضي الله عنه: أنه كان إذا رأى من عبده طاعة وحسن صلاة أعتقه، فكان عبيده يفعلون ذلك طلباً للعتق، فقيل له: إنهم يخدعونك، فقال: من خدعنا بالله انخدعنا له {فَلَمَّا ذَاقَا الشجرة} وجدا طعمها آخذين في الأكل منها. وقيل: الشجرة هي السنبلة. وقيل: شجرة الكرم {بَدَتْ لَهُمَا سوءاتهما} أي تهافت عنهما اللباس فظهرت لهما عوراتهما، وكانا لا يريانها من أنفسهما، ولا أحدهما من الآخر.
وعن عائشة رضي الله عنها: ما رأيت منه ولا رأى مني.
وعن سعيد بن جبير: كان لباسهما من جنس الأظفار.
وعن وهب: كان لباسهما نوراً يحول بينهما وبين النظر. ويقال: طفق يفعل كذا، بمعنى جعل يفعل كذا.
وقرأ أبو السَّمَّال: {وطفقا} بالفتح {يَخْصِفَانِ} ورقة فوق ورقة على عوراتهما ليستترا بها، كما يخصف النعل، بأن تجعل طرقة على طرقة وتوثق بالسيور.
وقرأ الحسن: {يخصفان} بكسر الخاء وتشديد الصاد، وأصله يختصفان.
وقرأ الزهري: {يُخصفان}، من أخصف، وهو منقول من خصف أي يخصفان أنفسهما وقرئ: {يخصفان} من خصف بالتشديد {مِن وَرَقِ الجنة} قيل: كان ورق التين {أَلَمْ أَنْهَكُمَا} عتاب من الله تعالى وتوبيخ وتنبيه على الخطأ، حيث لم يتحذرا ما حذرهما الله من عداوة إبليس وروي: أنه قال لآدم: ألم يكن لك فيما منحتك من شجر الجنة مندوحة عن هذه الشجرة؟ فقال: بلى وعزتك، ولكن ما ظننت أنّ أحداً من خلقك يحلف بك كاذباً. قال: فبعزّتي لأهبطنك إلى الأرض ثم لا تنال العيش إلاّ كدّاً. فأهبط وعلم صنعة الحديد، وأمر بالحرث فحرث وسقى وحصد وداس وذرى وطحن وعجن وخبز.

.تفسير الآية رقم (23):

{قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)}
وسميا ذنبهما وإن كان صغيراً مغفوراً ظلماً لأنفسهما، وقالا: {لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسرين} على عادة الأولياء والصالحين في استعظامهم الصغير من السيئات، واستصغارهم العظيم من الحسنات.