فصل: تفسير الآيات (16- 17):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل



.تفسير الآية رقم (11):

{هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (11)}
{هذا} إشارة إلى القرآن، يدل عليه قوله تعالى: {والذين كَفَرُواْ بأايات رَبِّهِمْ} لأنّ آيات ربهم هي القرآن، أي هذا القرآن كامل في الهداية، كما تقول: زيد رجل، تريد كامل في الرجولية. وأيما رجل. والرجز: أشد العذاب. وقرئ بجر {أليم} ورفعه.

.تفسير الآيات (12- 13):

{اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13)}
{وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ} بالتجارة أو بالغوص على اللؤلؤ والمرجان واستخراج اللحم الطري وغير ذلك من منافع البحر.
فإن قلت: ما معنى {مِّنْهُ} في قوله: {جَمِيعاً مِّنْهُ} وما موقعها من الإعراب، قلت: هي واقعة موقع الحال، والمعنى: أنه سخر هذه الأشياء كائنة منه وحاصلة من عنده، يعني: أنه مكوّنها وموجدها بقدرته وحكمته، ثم مسخرها لخلقه. ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف، تقديره: هي جميعاً منه، وأن يكون {وَسَخَّرَ لَكُمُ} تأكيداً لقوله تعالى: {سَخَّرَ لَكُم} ثم ابتدئ قوله: {مَّا فِي السماوات وَمَا فِي الارض جَمِيعاً مِّنْهُ} وأن يكون {وَمَا فِي الأرض} مبتدأ، و{مِّنْهُ} خبره.
وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما {منة} وقرأ سلمة بن محارب: منه، على أن يكون منه فاعل سخر على الإسناد المجازي. أو على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: ذلك. أو هو منه.

.تفسير الآيات (14- 15):

{قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15)}
حذف المقول لأنّ الجواب دال عليه. والمعنى: قل لهم اغفروا يغفروا {لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ الله} لا يتوقعون وقائع الله بأعدائه، من قولهم لوقائع العرب: أيام العرب. وقيل: لا يأملون الأوقات التي وقتها الله لثواب المؤمنين ووعدهم الفوز فيها. قيل: نزلت قبل آية القتال، ثم نسخ حكمها. وقيل: نزولها في عمر رضي الله عنه وقد شتمه رجل من غفار فهمّ أن يبطش به وعن سعيد بن المسيب: كنا بين يدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقرأ قارئ هذه الآية، فقال عمر: ليجزى عمر بما صنع {لِيَجْزِىَ} تعليل للأمر بالمغفرة، أي: إنما أمروا بأن يغفروا لما أراده الله من توفيتهم جزاء مغفرتهم يوم القيامة.
فإن قلت: قوله: {قَوْماً} ما وجه تنكيره وإنما أراد الذين آمنوا وهم معارف؟ قلت: هو مدح لهم وثناء عليهم، كأنه قيل: ليجزي أيما قوم وقوماً مخصوصين، لصبرهم وإغضائهم على أذى أعدائهم من الكفار، وعلى ما كانوا يجرعونهم من الغصص {بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} من الثواب العظيم بكظم الغيظ واحتمال المكروه ومعنى قول عمر: ليجزى عمر بما صنع: ليجزى بصبره واحتماله. وقوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند نزول الآية: والذي بعثك بالحق لا ترى الغضب في وجهي. وقرئ {ليجزى قوماً} أي: الله عز وجل. وليجزي قوم. وليجزى قوماً، على معنى: وليجزي الجزاء قوماً.

.تفسير الآيات (16- 17):

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (16) وَآَتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17)}
{الكتاب} التوراة {والحكم} الحكمة والفقه. أو فصل الخصومات بين الناس؛ لأنّ الملك كان فيهم والنبوّة {مِّنَ الطيبات} مما أحل الله لهم وأطاب من الأرزاق {وفضلناهم عَلَى العالمين} حيث لم نؤت غيرهم مثل ما آتيناهم {بينات} آيات ومعجزات {مِنَ الأمر} من أمر الدين، فما وقع بينهم الخلاف في الدين {إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ} ما هو موجب لزوال الخلاف وهو العلم. وإنما اختلفوا لبغى حدث بينهم، أو لعداوة وحسد.

.تفسير الآيات (18- 19):

{ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19)}
{على شَرِيعَةٍ} على طريقة ومنهاج {مِنَ الأمر} من أمر الدين، فاتبع شريعتك الثابتة بالدلائل والحجج، ولا تتبع ما لا حجة عليه من أهواء الجهال، ودينهم المبنى على هوى وبدعة، وهم رؤساء قريش حين قالوا: ارجع إلى دين أبائك. ولا توالهم، إنما يوالي الظالمين من هو ظالم مثلهم، وأما المتقون: فوليهم الله وهم موالوه. وما أبين الفصل بين الولايتين.

.تفسير الآية رقم (20):

{هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (20)}
{هذا} القرآن {بَصَائِرُ لِلنَّاسِ} جعل ما فيه من معالم الدين والشرائع بمنزلة البصائر في القلوب. كما جعل روحاً وحياة وهو هدى من الضلالة، ورحمة من العذاب لمن آمن وأيقن. وقرئ {هذه بصائر} أي: هذه الآيات.

.تفسير الآية رقم (21):

{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21)}
{أَمْ} منقطعة. ومعنى الهمزة فيها إنكار الحسبان. والاجتراح: الاكتساب. ومنه الجوارح وفلان جارحة أهله، أي: كاسبهم {أَن نَّجْعَلَهُمْ} أي نصيرهم. وهو من جعل المتعدي إلى مفعولين فأوّلهما الضمير، والثاني: الكاف، والجملة التي هي {سَوآءً محياهم ومماتهم} بدل من الكاف؛ لأنَّ الجملة تقع مفعولاً ثانياً، فكانت في حكم المفرد. ألا تراك لو قلت: أن نجعلهم سواء محياهم ومماتهم كان سديداً، كما تقول: ظننت زيداً أبوه منطلق. ومن قرأ {سواء} بالنصب: أجرى سواء مجرى مستوياً، وارتفع محياهم ومماتهم على الفاعلية، وكان مفرداً غير جملة. ومن قرأ: {ومماتهم} بالنصب، جعل محياهم ومماتهم: ظرفين، كمقدم الحاج وخفوق النجم. أي سواء: سواء في محياهم وفي مماتهم. والمعنى: إنكار أن يستوي المسيئون والمحسنون محيا، وأن يستووا مماتاً؛ لافتراق أحوالهم أحياء. حيث عاش هؤلاء على القيام بالطاعات، وأولئك على ركوب المعاصي. ومماتاً، حيث مات هؤلاء على البشرى بالرحمة والوصول إلى ثواب الله ورضوانه، وأولئك على اليأس من رحمة الله والوصول إلى هول ما أعدَّ لهم. وقيل: معناه إنكار أن يستووا في الممات كما استووا في الحياة، لأنّ المسيئين والمحسنين مستو محياهم في الرزق والصحة، وإنما يفترقون في الممات، وقيل: سواء محياهم ومماتهم: كلام مستأنف على معنى: أن محيا المسيئين ومماتهم سواء، وكذلك محيا المحسنين ومماتهم: كل يموت على حسب ما عاش عليه.
وعن تميم الداري رضي الله عنه أنه كان يصلي ذات ليلة عند المقام، فبلغ هذه الآية، فجعل يبكي ويردّد إلى الصباح: ساء ما يحكمون.
وعن الفضيل: أنه بلغها فجعل يردّدها ويبكي ويقول: يا فضيل، ليت شعري من أي الفرقين أنت.

.تفسير الآية رقم (22):

{وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (22)}
{ولتجزى} معطوف على بالحق، لأنّ فيه معنى التعليل. أو على معلل محذوف تقديره: خلق الله السموات والأرض، ليدل به على قدرته ولتجزى كل نفس.

.تفسير الآية رقم (23):

{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23)}
أي: هو مطواع لهوى النفس يتبع ما تدعوه إليه، فكأنه يعبده كما يعبد الرجل إلهه. وقرئ: {آلهة هواه}، لأنه كان يستحسن الحجر فيعبده، فإذا رأى ما هو أحسن رفضه إليه، فكأنه اتخذ هواه آلهة شتى: يعبد كل وقت واحداً منها {وَأَضَلَّهُ الله على عِلْمٍ} وتركه عن الهداية واللطف وخذله على علم، عالماً بأنّ ذلك لا يجدى عليه، وأنه ممن لا لطف له. أو مع علمه بوجوه الهداية وإحاطته بأنواع الألطاف المحصلة والمقرّبة {فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ} إضلال {الله} وقرئ {غشاوة} بالحركات الثلاث. وغشوة، بالكسر والفتح. وقرئ {تتذكرون}.

.تفسير الآية رقم (24):

{وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (24)}
{نَمُوتُ وَنَحْيَا} نموت نحن ويحيا أولادنا. أو يموت بعض ويحيا بعض. أو نكون مواتاً نطفاً في الأصلاب، ونحيا بعد ذلك. أو يصيبنا الأمران: الموت والحياة، يريدون: الحياة في الدنيا والموت بعدها، وليس وراء ذلك حياة. وقرئ: {نحيا} بضم النون. وقرئ {إلا دهر يمرّ} ما يقولون ذلك عن علم، ولكن عن ظنّ وتخمين: كانوا يزعمون أنّ مرور الأيام والليالي هو المؤثر في هلاك الأنفس، وينكرون ملك الموت وقبضه الأرواح بأمر الله، وكانوا يضيفون كل حادثة تحدث إلى الدهر والزمان، وترى أشعارهم ناطقة بشكوى الزمان. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: «لا تسبوا الدهر، فإنّ الله هو الدهر» أي: فإنّ الله هو الآتي بالحوادث لا الدهر.

.تفسير الآيات (25- 26):

{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآَبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (26)}
وقرئ {حجتهم} بالنصب والرفع، على تقديم خبر كان وتأخيره.
فإن قلت: لم سمى قولهم حجة وليس بحجة؟ قلت: لأنهم أدلوا به كما يدلي المحتج بحجته وساقوه مساقها، فسميت حجة على سبيل التهكم. أو لأنه في حسبانهم وتقديرهم حجة. أو لأنه في أسلوب قوله:
تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وَجِيعُ

كأنه قيل: ما كان حجتهم إلا ما ليس بحجة. والمراد: نفي أن تكون لهم حجة البتة.
فإن قلت: كيف وقع قوله: {قُلِ الله يُحْيِيكُمْ} جواباً لقولهم: {ائتوا بِئابَآئِنَآ إِن كُنتُمْ صادقين}؟ قلت: لما أنكروا البعث وكذبوا الرسل، وحسبوا أنّ ما قالوه قول مبكت. ألزموا ما هم مقرّون به: من أنّ الله عز وجل هو الذي يحييهم ثم يميتهم، وضم إلى إلزام ذلك إلزام ما هو واجب الإقرار به إن أنصفوا وأصغوا إلى داعي الحق، وهو جمعهم إلى يوم القيامة، ومن كان قادراً على ذلك كان قادراً على الإيتان بآبائهم، وكان أهون شيء عليهم.

.تفسير الآيات (27- 31):

{وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (27) وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29) فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ (31)}
عامل النصب في {ويَوْمَ تَقُومُ} يخسر، و{يَوْمَئِذٍ} بدل من (يوم تقول) {جَاثِيَةً} باركة مستوفزة على الركب. وقرئ {جاذية} والجذّو: أشد استيفازاً من الجثوّ: لأن الجاذي هو الذي يجلس على أطراف أصابعه: وعن ابن عباس رضي الله عنهما: جاثية مجتمعة.
وعن قتادة جماعات من الجثوة، وهي الجماعة، وجمعها: جثى. وفي الحديث: «من جثى جهنم» وقرئ: {كُلَّ أُمَّةٍ} على الابتداء، وكل أمة: على الإبدال من كل أمة {إلى كتابها} إلى صحائف أعمالها، فاكتفى باسم الجنس، كقوله تعالى: {وَوُضِعَ الكتاب فَتَرَى المجرمين مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ} [الكهف: 49]. {اليوم تُجْزَوْنَ} محمول على القول.
فإن قلت: كيف أضيف الكتاب إليهم وإلى الله عزَّ وجل؟ قلت: الإضافة تكون للملابسة، وقد لابسهم ولابسه، أما ملابسته إياهم، فلأن أعمالهم مثبتة فيه. وأما ملابسته إياه؛ فلأنه مالكه، والآمر ملائكته أن يكتبوا فيه أعمال عباده {يَنطِقُ عَلَيْكُم} يشهد عليكم بما عملتم {بالحق} من غير زيادة ولا نقصان {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ} الملائكة {مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} أي نستكتبهم أعمالكم {فِى رَحْمَتِهِ} في جنته. وجواب أما محذوف تقديره: وأما الذين كفروا فيقال لهم {أَفَلَمْ تَكُنْ ءاياتي تتلى عَلَيْكُمْ} والمعنى ألم يأتكم رسلي فلم تكن آياتي تتلى عليكم، فحذف المعطوف عليه.