فصل: تفسير الآيات (24- 32):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل



.تفسير الآيات (24- 32):

{فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32)}
ولما عدد النعم في نفسه: أتبعه ذكر النعم فيما يحتاج إليه، فقال: {فَلْيَنظُرِ الإنسان إلى طَعَامِهِ (24)} إلى مطعمه الذي يعيش به كيف دبرنا أمره {أنا صببنا الماء} يعني الغيث. قرئ بالكسر على الاستئناف، وبالفتح على البدل من الطعام، وقرأ الحسين بن علي رضي اللَّه عنهما {أنى صببنا} بالإمالة على معنى: فلينظر الإنسان كيف صببنا الماء. وشققنا: من شق الأرض بالنبات ويجوز أن يكون من شقها بالكراب على البقر؛ وأسند الشق إلى نفسه إسناد الفعل إلى السبب. والحب: كل ما حصد من نحو الحنطة والشعير وغيرهما. والقضب: الرطبة والمقضاب: أرضه، سمي بمصدر قضبه إذا قطعه؛ لأنه يقضب مرَّة بعد مرّة {وَحَدَآئِقَ غُلْباً (30)} يحتمل أن يجعل كل حديقة غلباء، فيريد تكاثفها وكثرة أشجارها وعظمها، كما تقول: حديقة ضخمة، وأن يجعل شجرها غلباً، أي: عظاماً غلاظاً. والأصل في الوصف بالغلب: الرقاب؛ فاستعير. قال عمرو بن معد يكرب:
يَمْشي بِهَا غُلْبُ الرِّقَابِ كَأَنَّهُمْ ** بُزْلٌ كُسِينَ مِنَ الْكُحَيْلِ جِلاَلاً

والأب: المرعى، لأنه يؤبّ أي يؤم وينتجع. والأبّ والأمّ أخوان قال:
جِذْمُنَا قَيْسٌ وَنَجْدٌ دَارُنَا ** وَلَنَا الأبُّ بِهِ وَالْمَكَرَعُ

وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه سئل عن الأبّ فقال: أيّ سماء تظلني، وأيّ أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا علم لي به.
وعن عمر رضي الله عنه: أنه قرأ هذه الآية فقال: كل هذا قد عرفنا، فما الأب؟ ثم رفض عصاً كانت بيده وقال: هذا لعمر الله التكلف، وما عليك يا ابن أمّ عمر أن لا تدري ما الأب، ثم قال: اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب، وما لا فدعوه فإن قلت: فهذا يشبه النهي عن تتبع معاني القرآن والبحث عن مشكلاته.
قلت: لم يذهب إلى ذلك، ولكن القوم كانت أكبر همتهم عاكفة على العمل، وكان التشاغل بشيء من العلم لا يعمل به تكلفاً عندهم؛ فأراد أنّ الآية مسوقة في الامتنان على الإنسان بمطعمه واستدعاء شكره، وقد علم من فحوى الآية أنّ الأب بعض ما أنبته الله للإنسان متاعاً له أو لإنعامه؛ فعليك بما هو أهم من النهوض بالشكر لله- على ما تبين لك ولم يشكل- مما عدّد من نعمه، ولا تتشاغل عنه بطلب معنى الأب ومعرفة النبات الخاص الذي هو اسم له، واكتف بالمعرفة الجميلة إلى أن يتبين لك في غير هذا الوقت، ثم وصى الناس بأن يجروا على هذا السنن فيما أشبه ذلك من مشكلات القرآن.

.تفسير الآيات (33- 42):

{فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42)}
يقال: صخّ لحديثه، مثل: أصاخ له، فوصفت النفخة بالصاخة مجازاً؛ لأن الناس يصخون لها {يفرّ} منهم لاشتغاله بما هو مدفوع إليه، ولعلمه أنهم لا يغنون عنه شيئاً؛ وبدأ بالأخ، ثم بالأبوين لأنهما أقرب منه، ثم بالصاحبة والبنين لأنهم أقرب وأحب؛ كأنه قال: يفرّ من أخيه، بل من أبويه، بل من صاحبته وبنيه. وقيل: يفرّ منهم حذراً من مطالبتهم بالتبعات. يقول الأخ: لم تواسني بمالك. والأبوان: قصرت في برنا. والصاحبة: أطعمتني الحرام وفعلت وصنعت. والبنون: لم تعلمنا ولم ترشدنا، وقيل: أوّل من يفرّ من أخيه: هابيل؛ ومن أبويه: إبراهيم ومن صاحبته: نوح ولوط؛ ومن ابنه نوح {يُغْنِيهِ} يكفيه في الاهتمام به. وقرئ {يعنيه} أي يهمه {مسفرة} مضيئة متهللة، من أسفر الصبح: إذا أضاء وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: من قيام الليل؛ لما روي في الحديث: «من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار» وعن الضحاك: من آثار الوضوء. وقيل: من طول ما اغبرت في سبيل الله {غَبَرَةٌ} غبار يعلوها {فترة} سواد كالدخان؛ ولا ترى أوحش من اجتماع الغبرة والسواد في الوجه، كما ترى من وجوه الزنوج إذا اغبرت؛ وكأن الله عز وجل يجمع إلى سواد وجوههم الغبرة، كما جمعوا الفجور إلى الكفر.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة عبس وتولى جاء يوم القيامة ووجهه ضاحك مستبشر».

.سورة التكوير:

.تفسير الآيات (1- 14):

{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14)}
في التكوير وجهان: أن يكون من كوّرت العمامة إذا لففتها، أي: يلف ضوءها لفاً فيذهب انبساطه وانتشاره في الآفاق، وهو عبارة عن إزالتها والذهاب بها؛ لأنها ما دامت باقية كان ضياؤها منبسطاً غير ملفوف. أو يكون لفها عبارة عن رفعها وسترها؛ لأنّ الثواب إذا أريد رفعه لفّ وطوي؛ ونحوه قوله: {يَوْمَ نَطْوِى السماء} [الأنبياء: 104] وأن يكون من طعنه فجوّره وكوّره: إذا ألقاه، أي: تلقى وتطرح عن فلكها، كما وصفت النجوم بالانكدار، فإن قلت: ارتفاع الشمس على الابتداء أو الفاعلية؟ قلت: بل على الفاعلية رافعها فعل مضمر يفسره كوّرت؛ لأنّ (إذا) يطلب الفعل لما فيه من معنى الشرط {انكدرت} انقضت قال:
أَبْصَرَ خِرْبَانٌ فَضَاءَ فَانْكَدَرْ

ويروى في الشمس والنجوم: أنها تطرح في جهنم ليراها من عبدها كما قال: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 98]، {سُيّرَتْ} أي على وجه الأرض وأبعدت. أو سيرت في الجوّ تسيير السحاب كقوله {وَهِىَ تَمُرُّ مَرَّ السحاب} [النمل: 88] والعشار في جمع عشراء، كالنفاس في جمع نفساء: وهي التي أتى على حملها عشرة أشهر، ثم هو اسمها إلى أن تضع لتمام السنة، وهي أنفس ما تكون عند أهلها وأعزّها {عُطِّلَتْ} تركت مسيبة مهملة. وقيل: عطلها أهلها عن الحلب والصر، لاشتغالهم بأنفسهم وقرئ {عطلت} بالتخفيف {حُشِرَتْ} جمعت من كل ناحية. قال قتادة: يحشر كل شيء حتى الذباب للقصاص. وقيل: إذا قضى بينها ردّت تراباً فلا يبقى منها إلا ما فيه سرور لبني آدم وإعجاب بصورته. كالطاووس ونحوه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: حشرها موتها. يقال: إذا أجحفت السنة بالناس وأموالهم حشرتهم السنة. وقرئ {حشرت} بالتشديد {سُجِّرَتْ} قرئ بالتخفيف والتشديد، من سجر التنور: إذا ملأه بالحطب، أي: ملئت وفجر بعضها إلى بعض حتى تعود بحراً واحداً. وقيل: ملئت نيراناً تضطرم لتعذيب أهل النار.
وعن الحسن: يذهب ماؤها فلا تبقى فيها قطرة {زُوّجَتْ} قرنت كل نفس بشكلها وقيل: قرنت الأرواح بالأجساد.
وقيل بكتبها وأعمالها.
وعن الحسن هو كقوله: {وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثلاثة} [الواقعة: 7] وقيل: نفوس المؤمنين بالحور، ونفوس الكافرين بالشياطين وأد يئد مقلوب من آد يؤد: إذا أثقل. قال الله تعالى: {وَلاَ يَؤُدُهُ حِفْظُهُمَا} [البقرة: 255]، لأنه إثقال بالتراب: كان الرجل إذا ولدت له بنت فأراد أن يستحييها: ألبسها جبة من صوف أو شعر ترعى له الإبل والغنم في البادية؛ وإن أراد قتلها تركها حتى إذا كانت سداسية فيقول لأمها: طيبيها وزينيها، حتى أذهب بها إلى أحمائها، وقد حفر لها بئراً في الصحراء فيبلغ بها البئر فيقول لها: انظري فيها، ثم يدفعها من خلفها ويهيل عليهالتراب، حتى تستوي البئر بالأرض.
وقيل: كانت الحامل إذا أقربت حفرت حفرة فتمخضت على رأس الحفرة؛ فإذا ولدت بنتاً رمت بها في الحفرة، وإن ولدت ابناً حبسته فإن قلت: ما حملهم على وأد البنات؟ قلت: الخوف من لحوق العار بهم من أجلهنّ. أو الخوف من الإملاق، كما قال الله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إملاق} [الإسراء: 31]، وكانوا يقولون: إن الملائكة بنات الله، فألحقوا البنات به، فهو أحق بهنّ. وصعصعة بن ناجية ممن منع الوأد؛ فبه افتخر الفرزدق في قوله:
وَمِنَّا الَّذِي مَنَعَ الْوَائِدَاتِ ** فَأَحْيَا الْوَئِيدَ فَلَمْ تُوأَدِ

فإن قلت: فما معنى سؤال المؤودة عن ذنبها الذي قتلت به؛ وهلا سئل الوائد عن موجب قتله لها؟ قلت: سؤالها وجوابها تبكيت لقاتلها نحو التبكيت في قوله تعالى لعيسى: {أأنت قلت للناس...} إلى قوله: {... سبحانك مَا يَكُونُ لِى أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِى بِحَقّ} [المائدة: 116]، وقرئ {سألت}، أي: خاصمت عن نفسها، وسألت الله أوقاتلها؛ وإنما قيل {قُتِلَتْ} بناء على أن الكلام إخبار عنها؛ ولو حكى ما خوطبت به حين سئلت. فقيل: قتلت أو كلاهما حين سئلت لقيل: قتلت.
وقرأ ابن عباس رضي عنهما: قتلت، على الحكاية وقرئ {قتلت}، بالتشديد، وفيه دليل بين على أن أطفال المشركين لا يعذبون، وعلى أن التعذيب لا يستحق إلا بالذنب، وإذا بكت الله الكافر ببراءة الموؤدة من الذنب: فما أقبح به، وهو الذي لا يظلم مثقال ذرّة أن يكرّ عليها بعد هذا التبكيت فيفعل بها ما تنسى عنده فعل المبكت من العذاب الشديد السرمد، وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما أنه سئل عن ذلك، فاحتجّ بهذه الآية {نشرت} قرئ بالتخفيف والتشديد، يريد: صحف الأعمال تطوى صحيفة الإنسان عند موته، ثم تنشر إذا حوسب. عن قتادة: صحيفتك يا ابن آدم تطوى على عملك، ثم تنشر يوم القيامة، فلينظر رجل ما يملي في صحيفته وعن عمر رضي الله عنه أنه كان إذا قرأها قال: إليك يساق الأمر يا ابن آدم.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يحشر الناس عراة حفاة. فقالت أمّ سلمة: كيف بالنساء؟ فقال: شغل الناس يا أمّ سلمة قالت: وما شغلهم؟ قال: نشر الصحف فيها مثاقيل الذرّ ومثاقيل الخردل» ويجوز أن يراد: نشرت بين أصحابها، أي فرقت بينهم.
وعن مرثد بن وداعة: إذا كان يوم القيامة تطايرت الصحف من تحت العرش، فتقع صحيفة المؤمن في يده في جنة عالية، وتقع صحيفة الكافر في يده في سموم وحميم أي مكتوب فيها ذلك، وهي صحف غير صحف الأعمال {كُشِطَتْ} كشفت وأزيلت، كما يكشط الإهاب عن الذبيحة، والغطاء عن الشيء وقرأ ابن مسعود {قشطت} واعتقاب الكاف والقاف كثير. يقال: لبكت الثريد ولبقته، والكافور والقافور {سُعّرَتْ} أوقدت إيقاداً شديداً وقرئ {سعرت} بالشديد للمبالغة.
قيل: سعرها غضب الله تعالى وخطايا بني آدم {أُزْلِفَتْ} أدنيت من المتقين، كقوله تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الجنة لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ} [ق: 31]، قيل: هذه اثنتا عشرة خصلة. ست منها في الدنيا، وست في الآخرة. و{علمت} هو عامل النصب في {إِذَا الشمس كُوّرَتْ} وفيما عطف عليه.
فإن قلت: كل نفس تعلم ما أحضرت، كقوله: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا} [آل عمران: 30] لا نفس واحدة فما معنى قوله: {عَلِمَتْ نَفْسٌ}؟ قلت: هو من عكس كلامهم الذي يقصدون به الإفراط فيما يعكس عنه. ومنه قوله عز وجل: {رُّبَمَا يَوَدُّ الذين كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ} [الحجر: 2] ومعناه: معنى كم وأبلغ منه. وقول القائل:
قَدْ أَتْرُكُ الْقِرْنَ مُصْفَرَّا أَنَامِلُهُ

وتقول لبعض قوّاد العساكر: كم عندك من الفرسان؟ فيقول: رب فارس عندي. أو لا تعدم عندي فارساً، وعنده المقانب: وقصده بذلك التمادي في تكثير فرسانه. ولكنه أراد إظهار براءته من التزيد، وأنه ممن يقلل كثير ما عنده، فضلا أن يتزيد، فجاء بلفظ التقليل، ففهم منه معنى الكثرة على الصحة واليقين وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنّ قارئاً قرأها عنده، فلما بلغ {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ (14)} قال: وانقطاع ظهرياه.

.تفسير الآيات (15- 18):

{فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18)}
{الخنس} الرواجع، بينا ترى النجم في آخر البرج إذ كرّ راجعاً إلى أوّله و{الجوار} السيارة. و{الكنس} الغيب من كنس الوحشى: إذا دخل كناسه. قيل: هي الدراري الخمسة: بهرام وزحل، وعطارد، والزهرة، والمشتري، تجري مع الشمس والقمر، وترجع حتى تخفى تحت ضوء الشمس: فخنوسها رجوعها: وكنوسها: اختفاؤها تحت ضوء الشمس. وقيل: هي جميع الكواكب، تخنس بالنهار فتغيب عن العيون، وتكنس بالليل: أي تطلع في أماكنها، كالوحش في كنسها، عسعس الليل وسعسع: إذا أدبر. قال العجاج:
حَتّى إذَا الصُّبْحُ لَهَا تَنَفَّسَا ** وَانْجَابَ عَنْهَا لَيْلُهَا وَعَسْعَسَا

وقيل عسعس: إذا أقبل ظلامه.
فإن قلت: ما معنى تنفس الصبح؟ قلت: إذا أقبل الصبح: أقبل بإقباله روح ونسيم، فجعل ذلك نفساً له على المجاز وقيل: تنفس الصبح.