فصل: تفسير الآيات (9- 17):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل



.تفسير الآيات (55- 58):

{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (55) هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى (56) أَزِفَتِ الْآَزِفَةُ (57) لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (58)}
{فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكَ تتمارى (55)} تتشكك، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أو للإنسان على الإطلاق، وقد عدد نعماً ونقماً وسماها كلها آلاء من قبل ما في نقمه من المزاجر والمواعظ للمعتبرين {هذا} القرآن {نَذِيرٌ مّنَ النذر الأولى} أي إنذار من جنس الإنذارات الأولى التي أنذر بها من قبلكم. أو هذا الرسول منذر من المنذرين الأولين، وقال: الأولى على تأويل الجماعة {أَزِفَتِ الأزفة (57)} قربت الموصوفة بالقرب من قوله تعالى: {اقتربت الساعة} [القمر: 1]، {لَيْسَ لَهَا} نفس {كَاشِفَةٌ} أي مبينة متى تقوم، كقوله تعالى: {لاَ يُجَلّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ} [الأعراف: 187] أو ليس لها نفس كاشفة، أي: قادرة على كشفها إذا وقعت إلا الله، غير أنه لا يكشفها. أو ليس لها الآن نفس كاشفة بالتأخير، وقيل الكاشفة مصدر بمعنى الكشف: كالعافية.
وقرأ طلحة {ليس لها مما يدعون من دون الله كاشفة وهي على الظالمين ساءت الغاشية}.

.تفسير الآيات (59- 62):

{أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)}
{أَفَمِنْ هذا الحديث} وهو القرآن {تَعْجَبُونَ} إنكاراً {وَتَضْحَكُونَ} استهزاء {وَلاَ تَبْكُونَ} والبكاء والخشوع حق عليكم.
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنه لم ير ضاحكاً بعد نزولها» وقرئ: {تعجبون تضحكون}، بغير واو {وَأَنتُمْ سامدون} شامخون مبرطمون. وقيل: لاهون لاعبون. وقال بعضهم لجاريته: اسمدي لنا، أي غني لنا {فاسجدوا لِلَّهِ واعبدوا} ولا تعبدوا الآلهة.
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة النجم أعطاه الله عشر حسنات بعدد من صدق بمحمد وجحد به بمكة».

.سورة القمر:

.تفسير الآيات (1- 3):

{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (3)}
انشقاق القمر من آيات رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعجزاته النيرة. عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن الكفار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم آية فانشق القمر مرتين. وكذا عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما، قال ابن عباس: انفلق فلقتين فلقة ذهبت وفلقة بقيت وقال ابن مسعود: رأيت حراء بين فلقتي القمر.
وعن بعض الناس: أن معناه ينشق يوم القيامة. وقوله: {وَإِن يَرَوْاْ ءايَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ} يردّه، وكفى به رادّاً، وفي قراءة حذيفة {وقد انشق القمر} أي: اقتربت الساعة وقد حصل من آيات اقترابها أن القمر قد انشق، كما تقول: أقبل الأمير وقد جاء المبشر بقدومه.
وعن حذيفة أنه خطب بالمدائن ثم قال: ألا إن الساعة قد اقتربت وإن القمر قد انشق على عهد نبيكم. مستمر: دائم مطرد، وكل شيء قد انقادت طريقته ودامت حاله، قيل فيه: قد استمرّ. لما رأوا تتابع المعجزات وترادف الآيات: قالوا: هذا سحر مستمرّ. وقيل: مستمرّ قوي محكم، من قولهم: استمر مريره. وقيل: هو من استمر الشيء إذا اشتدت مرارته، أي: مستبشع عندنا، مرّ على لهواتنا، لا نقدر أن نسيغه كما لا يساغ المر الممقر. وقيل: مستمر مارّ، ذاهب يزول ولا يبقى، تمنية لأنفسهم وتعليلاً. وقرئ: {وإن يروا} {واتبعوا أَهْوَاءهُمْ} وما زين لهم الشيطان من دفع الحق بعد ظهوره {وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ} أي كل أمر لابد أن يصير إلى غاية يستقرّ عليها، وإن أمر محمد سيصير إلى غاية يتبين عندها أنه حق، أو باطل وسيظهر لهم عاقبته. أو وكل أمر من أمرهم وأمره مستقر، أي: سيثبت ويستقر على حالة خذلان أو نصرة في الدنيا، وشقاوة أو سعادة في الآخرة. وقرئ: بفتح القاف، يعني {كل أمر ذو مستقرّ} أي: ذو استقرار. أو ذو موضع استقرار أو زمان استقرار.
وعن أبي جعفر؛ {مستقر}، بكسر القاف والجرّ عطفاً على الساعة، أي: اقتربت الساعة واقترب كل أمر مستقر يستقر ويتبين حاله.

.تفسير الآيات (4- 8):

{وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (4) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (5) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (6) خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (7) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8)}
{مّنَ الأنباء} من القرآن المودع أنباء القرون الخالية أو أنباء الآخرة، وما وصف من عذاب الكفار {مُزْدَجَرٌ} ازدجار أو موضع ازدجار. والمعنى: هو في نفسه موضع الازدجار ومظنة له، كقوله تعالى: {لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] أي هو أسوة. وقرئ: {مزجر} بقلب تاء الإفتعال زايا وإدغام الزاي فيها {حِكْمَةٌ بالغة} بدل من ما. أو على: هو حكمة. وقرئ بالنصب حالاً من ما.
فإن قلت: إن كانت ما موصولة ساغ لك أن تنصب حكمة حالا، فكيف تعمل إن كانت ما موصولة ساغ لك أن تنصب كلمة حالاً، فكيف تعمل إن كانت موصوفة؟ وهو الظاهر.
قلت: تخصصها الصفة؛ فيحسن نصب الحال عنها {فَمَا تُغْنِى النذر} نفي أو إنكار. وما منصوبة، أي فأي غناء تغني النذر {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} لعلمك أن الإنذار لا يغني فيهم. نصب {يَوْمَ يَدْعُو الداعى} بيخرجون، أو بإضمار اذكر. وقرئ: بإسقاط الياء اكتفاء بالكسرة عنها، والداعي إسرافيل أو جبريل، كقوله تعالى: {يَوْمَ يُنَادِ المناد} [ق: 41] {إلى شَيْء نُّكُرٍ} منكر فظيع تنكره النفوس لأنها لم تعهد بمثله وهو هول يوم القيامة. وقرئ: {نكر} بالتخفيف؛ ونكر بمعنى أنكر {خُشَّعاً أبصارهم} حال من الخارجين فعل للأبصار وذكر، كماتقول: يخشع أبصارهم. وقرى: {خاشعة} على: تخشع أبصارهم. وخشعاً، على: يخشعن أبصارهم، وهي لغة من يقول: أكلوني البراغيث، وهم طيء. ويجوز أن يكون في {خُشَّعاً} ضميرهم، وتقع {أبصارهم} بدلاً عنه. وقرئ {خشع أبصارهم}، على الابتداء والخبر، ومحل الجملة النصب على الحال. كقوله:
وَجَدْتُهُ حاضِرَاهُ الْجُودُ وَالْكَرَمُ

وخشوع الأبصار: كناية عن الذلة والانخزال، لأن ذلة الذليل وعزة العزيز تظهران في عيونهما. وقرئ: {يخرجون من الأجداث} من القبور {كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ} الجراد مثل في الكثرة والتموّج. يقال في الجيش الكثير المائج بعضه في بعض: جاؤا كالجراد، وكالدبا منتشر في كل مكان لكثرته {مُّهْطِعِينَ إِلَى الداع} مسرعين مادّي أعناقهم إليه. وقيل: ناظرين إليه لا يقلعون بأبصارهم. قال:
تَعَبَّدَنِي نِمْرُ بْنُ سَعْدِ وَقَدْ أَرَى ** وَنِمْرُ بْنُ سَعْدٍ لِي مُطِيعٌ وَمُهْطِعُ

.تفسير الآيات (9- 17):

{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9) فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (14) وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آَيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (16) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)}
{قَبْلَهُمْ} قبل أهل مكة {فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا} يعني نوحاً.
فإن قلت: ما معنى قوله تعالى: {فَكَذَّبُواْ} بعد قوله: {كَذَّبَتْ}؟ قلت: معناه: كذبوا فكذبوا عبدنا أي: كذبوه تكذيباً على عقب تكذيب، كلما مضى منهم قرن مكذب تبعه قرن مكذب. أو كذبت قوم نوح الرسل فكذبوا عبدنا، أي: لما كانوا مكذبين بالرسل جاحدين للنبوّة رأساً، كذبوا نوحًا؛ لأنه من جملة الرسل {مَّجْنُونٍ} هو مجنون {وازدجر} وانتهروه بالشتم والضرب والوعيد بالرجم في قولهم {لَتَكُونَنَّ مِنَ المرجومين} [الشعراء: 116] وقيل: هو من جملة قيلهم، أي: قالوا هو مجنون، وقد ازدجرته الجن وتخبطته وذهبت بلبه وطارت بقلبه. قرئ: (إني) بمعنى: فدعا بأني مغلوب، وإني: على إرادة القول، فدعا فقال: إني مغلوب غلبني قومي، فلم يسمعوا مني واستحكم اليأس من إجابتهم لي {فانتصر} فانتقم منهم بعذاب تبعثه عليهم، وإنما دعا بذلك بعد ما طم عليه الأمروبلغ السيل الزُّبا، فقد روى: أنّ الواحد من أمّته كان يلقاه فيخنقه حتى يخرّ مغشياً عليه. فيفيق وهو يقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. وقرئ: {ففتحنا} مخففاً ومشدّداً، وكذلك وفجرنا {مُّنْهَمِرٍ} منصبّ في كثرة وتتابع لم ينقطع أربعين يوماً {وَفَجَّرْنَا الارض عُيُوناً} وجعلنا الأرض كلها كأنها عيون تتفجر، وهو أبلغ من قولك: وفجرنا عيون الأرض ونظيره في النظم {واشتعل الرأس شَيْباً} [مريم: 4]. {فَالْتَقَى الماء} يعني مياه السماء والأرض. وقرئ: {الماآن}، أي: النوعان من الماء السماوي والأرضي. ونحوه قولك: عندي تمران، تريد: ضربان من التمر: برني ومعقلي. قال:
لَنَا إبْلاَنِ فِيهِمَا مَا علمْتُمُ

وقرأ الحسن {الماوان}، بقلب الهمزة واواً، كقولهم: علباوان {على أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} على حال قدرها الله كيف شاء. وقيل: على حال جاءت مقدّرة مستوية: وهي أن قدر ما أنزل من السماء كقدر ما أخرج من الأرض سواء بسواء. وقيل: على أمر قد قدر في اللوح أنه يكون، وهو هلاك قوم نوح بالطوفان {على ذَاتِ ألواح وَدُسُرٍ} أراد السفينة، وهي من الصفات التي تقوم مقام الموصوفات فتنوب منابها وتودي مؤداها. بحيث لا يفصل بينها وبينها. ونحوه:
......... وَلَكِنْ ** قمِيصِي مَسْرُودَةٌ مِنْ حَدِيدِ

أراد: ولكن قميصي درع، وكذلك:
وَلَوْ فِي عُيُونِ النَّازِيَاتِ بِأَكْرُعِ

أراد: ولو في عيون الجراد. ألا ترى أنك لو جمعت بين السفينة وبين هذه الصفة، أو بين الدرع والجراد وهاتين الصفتين: لم يصح، وهذا من فصيح الكلام وبديعه. والدسر: جمع دسار: وهو المسمار، فعال من دسره إذا دفعه؛ لأنه يدسر به منفذه {جَزآءً} مفعول له لما قدم من فتح أبواب السماء وما بعده، أي فعلنا ذلك جزاء، {لّمَن كَانَ كُفِرَ} وهو نوح عليه السلام، وجعله مكفوراً لأنّ النبي نعمة من الله ورحمة.
قال الله تعالى: {وَمَا أرسلناك إِلاَّ رَحْمَةً للعالمين} [الأنبياء: 107] فكان نوح عليه السلام نعمة مكفورة، ومن هذا المعنى ما يحكى أنّ رجلاً قال للرشيد: الحمد لله عليك، فقال: ما معنى هذا الكلام؟ قال: أنت نعمة حمدت الله عليها. ويجوز أن يكون على تقدير حذف الجار وإيصال الفعل.
وقرأ قتادة {كفر} أي جزاء للكافرين.
وقرأ الحسن {جزاء}، بالكسر: أي مجازاة. الضمير في {تركناها} للسفينة. أو للفعلة، أي: جعلناها آية يعتبر بها.
وعن قتادة: أبقاها الله بأرض الجزيرة. وقيل: على الجودى دهراً طويلاً، حتى نظر إليها أوائل هذه الأمة. والمدّكر: المعتبر. وقرئ: {مذتكر} على الأصل. ومذكر، بقلب التاء ذالاً وإدغام الذال فيها. وهذا نحو: مذجر. والنذر: جمع نذير وهو الإنذار {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرءان لِلذّكْرِ} أي سهلناه للادكار والاتعاظ، بأن شحناه بالمواعظ الشافية وصرّفنا فيه من الوعد والوعيد {فَهَلْ مِن} متعظ. وقيل: ولقد سهلناه للحفظ وأعنا عليه من أراد حفظه، فهل من طالب لحفظه ليعان عليه. ويجوز أن يكون المعنى: ولقد هيأناه للذكر، من يسر ناقته للسفر: إذا رحلها، ويسر فرسه للغزو، إذا أسرجه فألجمه. قال:
وَقمت إِلَيْهِ بِاللِّجَامِ مُيَسِّراً ** هُنَالِكَ يَجْزِيني الَّذِي كُنْتُ أَصْنَعُ

ويروى: أن كتب أهل الأديان نحو التوراة والإنجيل لا يتلوها أهلها إلا نظراً ولا يحفظونها ظاهراً كما القرآن.

.تفسير الآيات (18- 25):

{كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (18) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (19) تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (20) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (21) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (22) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (23) فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (24) أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25)}
{وَنُذُرِ} وإنذاري لهم بالعذاب قبل نزوله. أو إنذار أتى في تعذيبهم لمن بعدهم {فِى يَوْمِ نَحْسٍ} في يوم شؤم. وقرئ: {في يوم نحس} كقوله: {فِى أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ} [فصلت: 16]. {مُّسْتَمِرٌّ} قد استمر عليهم ودام حتى أهلكهم. أو استمر عليهم جميعاً كبيرهم وصغيرهم، حتى لم يبق منهم نسمة، وكان في أربعاء في آخر الشهر لا تدور. ويجوز أن يريد بالمستمر: الشديد المرارة والبشاعة {تَنزِعُ الناس} تقلعهم عن أماكنهم، وكانوا يصطفون آخذين أيديهم بأيدي بعض. ويتدخلون في الشعاب، ويحفرون الحفر فيندسون فيها فتنزعهم وتكبهم وتدق رقابهم {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ} يعني أنهم كانوا يتساقطون على الأرض أمواتاً وهم جثث طوال عظام، كأنهم أعجاز نخل وهي أصولهابلا فروع، منقعر: منقلع: عن مغارسه. وقيل: شبهوا بأعجاز النخل، لأنّ الريح كانت تقطع رؤوسهم فتبقى أجساداً بلا رؤوس. وذكر صفة {نَخْلٍ} على اللفظ، ولو حملها على المعنى لأنث، كما قال: {أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: 7].