فصل: تفسير الآية رقم (101):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل



.تفسير الآية رقم (96):

{فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96)}
{الإصباح} مصدر سمي به الصبح.
وقرأ الحسن بفتح الهمزة جمع صبح، وأنشد قوله:
أفْنَى رَبَاحاً وَبَنِي رَبَاح ** تنَاسُخُ الإمْسَاءِ وَالإصْبَاح

بالكسر والفتح مصدرين، وجمع مساء وصبح.
فإن قلت: فما معنى فلق الصبح، والظلمة هي التي تنفلق عن الصبح. كما قال:
تَرَدَّتْ بِهِ ثُمَّ انْفَرَي عَنْ أدِيمِهَا ** تَفَرَّى لَيْلٍ عَنْ بَيَاضِ نَهَارٍ

قلت: فيه وجهان، أحدهما: أن يراد فالق ظلمة الإصباح، وهي الغبش في آخر الليل، ومنقضاه الذي يلي الصبح.
والثاني: أن يراد فالق الإصباح الذي هو عمود الفجر عن بياض النهار وإسفاره. وقالوا: انشق عمود الفجر. وانصدع الفجر. وسموا الفجر فلقاً بمعنى مفلوق. وقال الطائي:
وَأزْرَقُ الْفَجْرِ يَبْدُو قَبْلَ أبَيْضِهِ ** وَأَوَّلُ الْغَيْثِ قَطْرٌ ثُمَّ يَنْسَكِبُ

وقرئ: {فالق الإصباح، وجاعل الليل سكناً} بالنصب على المدح.
وقرأ النخعي: {فلق الإصباح وجعل الليل} السكن: ما يسكن إليه الرجل ويطمئن استئناساً به واسترواحاً إليه، من زوج أو حبيب. ومنه قيل للنار: سكن؛ لأنه يستأنس بها. ألا تراهم سموها المؤنسة، والليل يطمئن إليه التعب بالنهار لاستراحته فيه وجمامه، ويجوز أن يراد: وجعل الليل مسكوناً فيه من قوله: {لتسكنوا فيه} {والشمس والقمر} قرئاً بالحركات الثلاث، فالنصب على إضمار فعل دلّ عليه جاعل الليل، أي وجعل الشمس والقمر حسباناً. أو يعطفان على محل الليل. فإن قلت كيف يكون لليل محل والإضافة حقيقية، لأنّ اسم الفاعل المضاف إليه في معنى المضيّ، ولا تقول: زيد ضارب عمراً أمس؟ قلت: ما هو في معنى المضيّ، وإنما هو دال على جعل مستمرّ في الأزمنة المختلفة، وكذلك فالق الحب، وفالق الإصباح، كما تقول: الله قادر عالم، فلا تقصد زماناً دون زمان، والجر عطف على لفظ الليل، والرفع على الابتداء، والخبر محذوف تقديره: والشمس والقمر مجعولان حسباناً، أو محسوبان حسباناً. ومعنى جعل الشمس والقمر حسباناً: جعلهما على حسبان، لأنّ حساب الأوقات يعلم بدورهما وسيرهما. والحسبان- بالضم-: مصدر حسب، كما أنّ الحسبان- بالكسر- مصدر حسب. ونظيره الكفران والشكران {ذلك} إشارة إلى جعلهما حسباناً، أي ذلك التسيير بالحساب المعلوم {تَقْدِيرُ العزيز} الذي قهرهما وسخرهما {العليم} بتدبيرهما وتدويرهما.

.تفسير الآية رقم (97):

{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97)}
{فِى ظلمات البر والبحر} في ظلمات الليل بالبر والبحر، وأضافها إليهما لملابستها لهما، أو شبه مشتبهات الطرق بالظلمات.

.تفسير الآية رقم (98):

{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98)}
من فتح قاف المستقر، كان المستودع اسم مكان مثله أو مصدراً. ومن كسرها، كان اسم فاعل والمستودع اسم مفعول. والمعنى فلكم مستقرّ في الرحم. ومستودع في الصلب، أو مستقر فوق الأرض ومستودع تحتها. أو فمنكم مستقر ومنكم مستودع.
فإن قلت: لم قيل {يَعْلَمُونَ} مع ذكر النجوم و{يَفْقَهُونَ} مع ذكر إنشاء بني آدم؟ قلت: كان إنشاء الإنس من نفس واحدة وتصريفهم بين أحوال مختلفة ألطف وأدق صنعة وتدبيراً، فكان ذكر الفقه الذي هو استعمال فطنة وتدقيق نظر مطابقاً له.

.تفسير الآية رقم (99):

{وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99)}
{فَأَخْرَجْنَا بِهِ} بالماء {نَبَاتَ كُلّ شَيْء} نبت كل صنف من أصناف النامي، يعني أن السبب واحد وهو الماء. والمسببات صنوف مفتنة، كما قال: {يسقى بِمَاء واحد وَنُفَضّلُ بَعْضَهَا على بَعْضٍ فِي الأكل} [الرعد: 4]. {فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ} من النبات {خَضِرًا} شيئاً غضاً أخضر. يقال أخضر وخضر، كأعور وعور، وهو ما تشعب من أصل النبات الخارج من الحبة {نُخْرِجُ مِنْهُ} من الخضر {حَبّاً مُّتَرَاكِباً} وهو السنبل. و{قنوان} رفع الابتداء. و{مِنْ النخل} خبره. و{مِن طَلْعِهَا} بدل منه، كأنه قيل: وحاصلة من طلع النخل قنوان. ويجوز أن يكون الخبر محذوفاً لدلالة أخرجنا عليه تقديره ومخرجة من طلع النخل قنوان ومن قرأ يخرج منه حب متراكب، كان {قنوان} عنده معطوفاً على حب. والقنوان: جمع قنو، ونظيره: صنو وصنوان. وقرئ: بضم القاف وبفتحها، على أنه اسم جمع كركب؛ لأنّ فعلان ليس من زيادة التكسير {دَانِيَةٌ} سهلة المجتنى معرضة للقاطف، كالشيء الداني القريب المتناول؛ ولأنّ النخلة وإن كانت صغيرة ينالها القاعد فإنها تأتي بالثمر لا تنتظر الطول. وقال الحسن: دانية قريب بعضها من بعض. وقيل: ذكر القريبة وترك ذكر البعيدة، لأنّ النعمة فيها أظهر وأدلّ بذكر القريبة على ذكر البعيدة، كقوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحر} [النحل: 81] وقوله: {وجنات مّنْ أعناب} فيه وجهان، أحدهما: أن يراد: وثم جنات من أعناب، أي مع النخل.
والثاني: أن يعطف على {قنوان} على معنى: وحاصلة، أو ومخرجة من النخل قنوان وجنات من أعناب، أي من نبات أعناب. وقرئ: {وجنات} بالنصب عطفاً على {نَبَاتَ كُلّ شَيْء} أي: وأخرجنا به جنات من أعناب، وكذلك قوله: {والزيتون والرمان} والأحسن أن ينتصبا على الاختصاص، كقوله: {والمقيمين الصلاة} [النساء: 162] لفضل هذين الصنفين {مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ متشابه} يقال اشتبه الشيئان وتشابها، كقولك استويا وتساويا. والافتعال والتفاعل يشتركان كثيراً. وقرئ: {متشابهاً وغير متشابه} وتقديره: والزيتون متشابهاً وغير متشابه، والرمّان كذلك كقوله:
كُنْتُ مِنْهُ وَوَالِدَيَّ بَرِيًّا

والمعنى: بعضه متشابهاً وبعضه غير متشابه، في القدر واللون والطعم. وذلك دليل على التعمد دون الإهمال {انظروا إلى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ} إذا أخرج ثمره كيف يخرجه ضئيلاً ضعيفاً لا يكاد ينتفع به. وانظروا إلى حال ينعه ونضجه كيف يعود شيئاً جامعاً لمنافع وملاذ، نظر اعتبار واستبصار واستدلال على قدرة مقدّره ومدبره وناقله من حال إلى حال. وقرئ {وَيَنْعِهِ} بالضم. يقال: ينعت الثمرة ينعاً وينعاً.
وقرأ ابن محيصن: {ويانعه}. وقرئ: {وثمره}، بالضم.

.تفسير الآية رقم (100):

{وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (100)}
إن جعلت {للَّهِ شُرَكَاء} مفعولي جعلوا، نصبت الجنّ بدلاً من شركاء، وإن جعلت {للَّهِ} لغواً كان {شُرَكَاء الجن} مفعولين قدم ثانيهما على الأول.
فإن قلت: فما فائدة التقديم؟ قلت: فائدته استعظام أن يتخذ لله شريك مَن كان ملكاً أو جنياً أو إنسياً أو غير ذلك. ولذلك قدّم اسم الله على الشركاء. وقرئ: {الجن} بالرفع، كأنه قيل: من هم؟ فقيل: الجن. وبالجرّ على الإضافة التي للتبيين. والمعنى أشركوهم في عبادته، لأنهم أطاعوهم كما يطاع الله. وقيل: هم الذين زعموا أنّ الله خالق الخير وكل نافع، وإبليس خالق الشر وكل ضارّ {وَخَلَقَهُمْ} وخلق الجاعلين لله شركاء. ومعناه: وعلموا أن الله خالقهم دون الجن، ولم يمنعهم علمهم أن يتخذوا من لا يخلق شريكاً للخالق. وقيل: الضمير للجن. وقرئ: {وخلقهم}، أي اختلاقهم الإفك، يعني: وجعلوا لله خلقهم حيث نسبوا قبائحهم إلى الله في قولهم {والله أَمَرَنَا بِهَا} [الأعراف: 28]، {وَخَرَقُواْ لَهُ} وخلقوا له، أي افتعلوا له {بَنِينَ وَبَنَاتٍ} وهو قول أهل الكتابين في المسيح وعزير، وقول قريش في الملائكة يقال: خلق الإفك وخرقه واختلفه واخترقه، بمعنى: وسئل الحسن عنه فقال: كلمة عربية كانت العرب تقولها: كان الرجل إذا كذب كذبة في نادي القوم يقول له بعضهم: قد خرقها والله، ويجوز أن يكون من خرق الثوب إذا شقه، أي اشتقوا له بنين وبنات، وقرئ: {وخرّقوا} بالتشديد للتكثير، لقوله: {بَنِينَ وَبَنَاتٍ} وقرأ ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما {وحرّفوا} له، بمعنى: وزوّروا له أولاداً لأنّ المزوّر محرّف مغير للحق إلى الباطل {بِغَيْرِ عِلْمٍ} من غير أن يعلموا حقيقة ما قالوه من خطأ أو صواب، ولكن رمياً بقول عن عمى وجهالة. من غير فكر وروية.

.تفسير الآية رقم (101):

{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101)}
{بَدِيعُ السماوات} من إضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها، كقولك: فلان بديع الشعر أي بديع شعره أو هو بديع في السموات والأرض كقولك فلان ثبت الغدر، أي ثابت فيه، والمعنى أنه عديم النظير والمثل فيها. وقيل: البديع بمعنى المبدع، وارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو هو مبتدأ وخبره {أنى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ} أو فاعل تعالى، وقرئ بالجرّ ردّاً على قوله {وَجَعَلُواْ للَّهِ} أو على {سبحانه}. وبالنصب على المدح، وفيه إبطال الولد من ثلاثة أوجه، أحدها: مبدع السموات والأرض وهي أجسام عظيمة لا يستقيم أن يوصف بالولادة لأن الولادة من صفات الأجسام ومخترع الأجسام لا يكون جسماً حتى يكون والداً.
والثاني: أن الولادة لا تكون إلا بين زوجين من جنس واحد وهو متعال عن مجانس، فلم يصحّ أن تكون له صاحبة، فلم تصحّ الولادة. والثالث: أنه ما من شيء إلا وهو خالقه والعالم به، ومن كان بهذه الصفة كان غنياً عن كل شيء، والولد إنما يطلبه المحتاج. وقرئ: {ولم يكن له صاحبة} بالياء وإنما جاز للفصل كقوله:
لقد ولد الأخيطل أم سوء

.تفسير الآية رقم (102):

{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102)}
{ذلكم} إشارة إلى الموصوف مما تقدم من الصفات، وهو مبتدأ وما بعده أخبار مترادفة وهي {الله رَبُّكُمْ لا إله إِلاَّ هُوَ خالق كُلّ شَيْء} أي ذلكم الجامع لهذه الصفات {فاعبدوه} مسبب عن مضمون الجملة على معنى: أن من استجمعت له هذه الصفات كان هو الحقيق بالعبادة فاعبدوه ولا تعبدوا من دونه من بعض خلقه. ثم قال: {وَهُوَ على كُلّ شَيْء وَكِيلٌ} يعني وهو مع تلك الصفات مالك لكل شيء من الأرزاق والآجال، رقيب على الأعمال.

.تفسير الآية رقم (103):

{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)}
البصر: هو الجهر اللطيف الذي ركبه الله في حاسة النظر، به تدرك المبصرات، فالمعنى أن الأبصار لا تتعلق به ولا تدركه؛ لأنه متعال أن يكون مبصراً في ذاته، لأن الأبصار إنما تتعلق بما كان في جهة أصلاً أو تابعاً، كالأجسام والهيآت {وَهُوَ يُدْرِكُ الابصار} وهو للطف إدراكه للمدركات يدرك تلك الجواهر اللطيفة التي لا يدركها مدرك {وَهُوَ اللطيف} يلطف عن أن تدركه الأبصار {الخبير} بكل لطيف فهو يدرك الأبصار، لا تلطف عن إدراكه وهذا من باب اللطف.

.تفسير الآية رقم (104):

{قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104)}
{قَدْ جَاءكُمْ بَصَائِرُ مِن رَّبّكُمْ} هو وارد على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقوله: {وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} والبصيرة نور القلب الذي به يستبصر، كما أن البصر نور العين الذي به تبصر أي جاءكم من الوحي، والتنبيه على ما يجوز على الله وما لا يجوز ما هو للقلوب كالبصائر {فَمَنْ أَبْصَرَ} الحق وآمن {فَلِنَفْسِهِ} أبصر وإياها نفع {وَمَنْ عَمِىَ} عنه فعل نفسه عمى وإياها ضرَّ بالعمى {وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} أحفظ أعمالكم وأجازيكم عليها، إنما أنا منذر والله هو الحفيظ عليكم.

.تفسير الآية رقم (105):

{وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105)}
{وَلِيَقُولُواْ} جوابه محذوف تقديره. وليقولوا درست تصرّفها. ومعنى {دَرَسْتَ} قرأت وتعلمت. وقرئ: {دارست} أي دارست العلماء. ودرست بمعنى قدّمت هذه الآيات وعفت كما قالوا: أساطير الأولين، ودرست بضم الراء، مبالغة في درست، أي اشتد دروسها. ودرست- على البناء للمفعول- بمعنى قرئت أو عفيت. ودارست. وفسروها بدارست اليهود محمداً صلى الله عليه وسلم، وجاز الإضمار؛ لأن الشهرة بالدراسة كانت لليهود عندهم. ويجوز أن يكون الفعل للآيات، وهو لأهلها، أي دارس أهل الآيات وحملتها محمداً، وهم أهل الكتاب. ودرس أي درس محمد. ودارسات، على: هي دارسات، أي قديمات. أو ذات دروس، كعيشة راضية، فإن قلت: أي فرق بين اللامين في {لّيَقُولواْ}، {وَلِنُبَيّنَهُ}؟ قلت: الفرق بينهما أنّ الأولى مجاز والثانية حقيقة، وذلك أن الآيات صرفت للتبيين ولم تصرف ليقولوا دارست، ولكن لأنه حصل هذا القول بتصريف الآيات كما حصل التبيين، شبه به فسيق مساقه. وقيل: ليقولوا كما قيل لنبينه: فإن قلت: إلام يرجع الضمير في قوله: {وَلِنُبَيّنَهُ}؟ قلت: إلى الآيات لأنها في معنى القرآن، كأنه قيل: وكذلك نصرف القرآن. أو إلى القرآن وإن لم يجر له ذكر، لكونه معلوماً إلى التبيين الذي هو مصدر الفعل، كقولهم: ضربته زيداً. ويجوز أن يراد فيمن قرأ درست ودارست: درست الكتاب ودارسته، فيرجع إلى الكتاب المقدّر.