فصل: تفسير الآية رقم (101):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل



.تفسير الآية رقم (101):

{رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)}
(من) في {مِنَ الملك} و{مِن تَأْوِيلِ الأحاديث} للتبعيض، لأنه لم يعط إلا بعض ملك الدنيا، أو بعض ملك مصر وبعض التأويل {أَنتَ وَلِىِّ} أنت الذي تتولاني بالنعمة في الدارين، وبوصل الملك الفاني بالملك الباقي {تَوَفَّنِى مُسْلِمًا} طلب للوفاة على حال الإسلام، ولأن يختم له بالخير والحسنى، كما قال يعقوب لولده {وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] ويجوز أن يكون تمنياً للموت على ما قيل {وَأَلْحِقْنِى بالصالحين} من آبائي أو على العموم.
وعن عمر ابن عبد العزيز: أنّ ميمون بن مهران بات عنده فرآه كثير البكاء والمسألة للموت، فقال له: صنع الله على يديك خيراً كثيراً: أحييت سنناً وأمت بدعا وفي حياتك خير وراحة للمسلمين، فقال: أفلا أكون كالعبد الصالح لما أقرّ الله عينه وجمع له أمره قال: توفني مسلماً وألحقني بالصالحين.
فإن قلت: علام انتصب فاطر السموات؟ قلت على أنه وصف لقوله {رَبِّ} كقولك: أخا زيد حسن الوجه. أو على النداء.

.تفسير الآية رقم (102):

{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102)}
{ذلك} إشارة إلى ما سبق من نبأ يوسف، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومحله الابتداء. وقوله: {مِنْ أَنبَآءِ الغيب نُوحِيهِ إِلَيْكَ} خبر إنّ. ويجوز أن يكون اسماً موصولاً بمعنى الذي، و{مِنْ أنبآءالغيب} صلته و{نُوحِيهِ} الخبر. والمعنى: أن هذا النبأ غيب لم يحصل لك إلا من جهة الوحي، لأنك لم تحضر بني يعقوب حين أجمعوا أمرهم وهو إلقاؤهم أخاهم في البئر، كقوله: {وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الجب} [يوسف: 15]؛ وهذا تهكم بقريش وبمن كذبه؛ لأنه لم يخف على أحد من المكذبين أنه لم يكن من حملة هذا الحديث وأشباهه، ولا لقي فيها أحداً ولا سمع منه. ولم يكن من علم قومه. فإذا أخبر به وقصَّ هذا القصص العجيب الذي أعجز حملته ورواته، لم تقع شبهة في أنه ليس منه وأنه من جهة الوحي، فإذا أنكروه تهكم بهم.
وقيل لهم: قد علمتم يا مكابرة أنه لم يكن مشاهداً لمن مضى من القرون الخالية: ونحوه: {وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الغربى إِذْ قَضَيْنَا إلى مُوسَى الأمر} [القصص: 44]، {وَهُمْ يَمْكُرُونَ} بيوسف ويبغون له الغوائل.

.تفسير الآيات (103- 104):

{وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104)}
{وَمَآ أَكْثَرُ الناس} يريد العموم، كقوله: {ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يُؤْمِنُونَ} [هود: 17] وعن ابن عباس رضي الله عنهما. أراد أهل مكة، أي وما هم بمؤمنين {وَلَوْ حَرَصْتَ} وتهالكت على إيمانهم لتصميمهم على الكفر وعنادهم {وَمَا تَسْئَلُهُمْ} على ما تحدثهم به وتذكرهم أن ينيلوك منفعة وجدوى، كما يعطى حملة الأحاديث والأخبار {إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ} عظة من الله {للعالمين} عامة، وحث على طلب النجاة على لسان رسول من رسله.

.تفسير الآية رقم (105):

{وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105)}
{مِّنْ ءَايَةٍ} من علامة ودلالة على الخالق وعلى صفاته وتوحيده {يَمُرُّونَ عَلَيْهَا} ويشاهدونها وهم معرضون عنها لا يعتبرون بها. وقرئ: {والأرضُ} بالرفع على الابتداء، ويمرون عليها: خبره، وقرأ السدّي {والأرضَ} بالنصب على: ويطؤن الأرض يمرّون عليها. وفي مصحف عبد الله: والأرض يمشون عليها، برفع الأرض، والمراد ما يرون من آثار الأمم الهالكة وغير ذلك من العبر.

.تفسير الآية رقم (106):

{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)}
{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم} في إقراره بالله وبأنه خلقه وخلق السموات والأرض، إلا وهو مشرك بعبادته الوثن، وعن الحسن: هم أهل الكتاب معهم شرك وإيمان.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: هم الذين يشبهون الله بخلقه.

.تفسير الآية رقم (107):

{أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107)}
{غاشية} نقمة تغشاهم. وقيل: ما يغمرهم من العذاب ويجللهم وقيل: الصواعق.

.تفسير الآية رقم (108):

{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)}
{هذه سبيلى} هذه السبيل التي هي الدعوة إلى الإيمان والتوحيد سبيلي. والسبيل والطريق: يذكران ويؤنثان، ثم فسر سبيله بقوله: {ادعوا إِلَى الله على بَصِيرَةٍ} أي أدعو إلى دينه مع حجة واضحة غير عمياء. و{أَنَاْ} تأكيد للمستتر في {أدعوا}. {وَمَنِ اتبعنى} عطف عليه. يريد: أدعو إليها أنا، ويدعو إليها من اتبعني ويجوز أن يكون {أَنَاْ} مبتدأ، و{على بَصِيرَةٍ} خبراً مقدّماً، {وَمَنِ اتبعنى} عطفاً على {أَنَاْ} إخباراً مبتدأ بأنه ومن اتبعه على حجة وبرهان، لا على هوى، ويجوز أن يكون {على بَصِيرَةٍ} حالاً من {أَدْعُو} عاملة الرفع في {أَنَاْ وَمَنِ اتبعنى}، {وسبحان الله} وأنزهه من الشركاء.

.تفسير الآية رقم (109):

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109)}
{إِلاَّ رِجَالاً} لا ملائكة؛ لأنهم كانوا يقولون {لَوْ شآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ ملائكة} [فصلت: 14] وعن ابن عباس رضي الله عنهما: يريد ليست فيهم امرأة. وقيل: في سجاح المتنبئة.
وَلَمْ تَزَلْ أَنْبِيَاءُ اللَّهِ ذُكْرَانَا

وقرئ: {نوحي إليهم}، بالنون. {مّنْ أَهْلِ القرى} لأنهم أعلم وأحلم، وأهل البوادي فيهم الجهل والجفاء والقسوة {وَلَدَارُ الآخرة} ولدار الساعة، أو الحال الآخرة {خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتقوا} للذين خافوا الله فلم يشركوا به ولم يعصوه. وقرئ: {أفلا تعقلون}، بالتاء والياء.

.تفسير الآية رقم (110):

{حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110)}
{حتى} متعلقة بمحذوف دلّ عليه الكلام، كأنه قيل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً} فتراخى نصرهم حتى إذا استيأسوا عن النصر {وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ} أي كذبتهم أنفسهم حين حدّثتهم بأنهم ينصرون، أو رجاؤهم لقولهم: رجاء صادق، ورجاء كاذب. والمعنى أنّ مدّة التكذيب والعداوة من الكفار وانتظار النصر من الله وتأميله قد تطاولت عليهم وتمادت، حتى استشعروا القنوط وتوهموا أن لا نصر لهم في الدنيا، فجاءهم نصرنا فجأة من غير احتساب.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: وظنوا حين ضعفوا وغلبوا أنهم قد أخلفوا ما وعدهم الله من النصر وقال: كانوا بشراً، وتلا قوله: {وَزُلْزِلُواْ حتى يَقُولَ الرسول والذين ءامَنُواْ مَعَهُ متى نَصْرُ الله} [البقرة: 214] فإن صح هذا عن ابن عباس، فقد أراد بالظنّ: ما يخطر بالبال ويهجس في القلب من شبه الوسوسة وحديث النفس على ما عليه البشرية. وأمّا الظن الذي هو ترجح أحد الجائزين على الآخر، فغير جائز على رجل من المسلمين، فما بال رسل الله الذين هم أعرف الناس بربهم، وأنه متعال عن خلف الميعاد، منزه عن كل قبيح؟ وقيل: وظن المرسل إليهم أنّ الرسل قد كذبوا، أي: أخلفوا. أو: وظنّ المرسل إليهم أنهم كذبوا من جهة الرسل، أيّ: كذبتهم الرسل في أنهم ينصرون عليهم ولم يصدّقوهم فيه. وقرئ: {كذبوا} بالتشديد على وظن الرسل أنهم قد كذبتهم قومهم فيما وعدوهم من العذاب والنصرة عليهم.
وقرأ مجاهد {كذبوا} بالتخفيف، على البناء للفاعل، على: وظن الرسل أنهم قد كذبوا فيما حدثوا به قومهم من النصرة، إمّا على تأويل ابن عباس، وإمّا على أنّ قومهم إذا لم يروا لموعدهم أثراً قالوا لهم: إنكم قد كذبتمونا فيكونون كاذبين عند قومهم. أو وظنّ المرسل إليهم أنّ الرسل قد كذبوا. ولو قرئ بهذا مشدّداً لكان معناه؛ وظنّ الرسل أن قومهم كذبوهم في موعدهم. وقرئ: {فننجى} بالتخفيف والتشديد، من أنجاه ونجاه. وفنجى، على لفظ الماضي المبني للمفعول، وقرأ ابن محيصن {فنجا} والمراد ب {مَّن نَّشَاء} المؤمنون، لأنهم الذين يستأهلون أن يشاء نجاتهم. وقد بين ذلك بقوله {وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ القوم المجرمين}.

.تفسير الآية رقم (111):

{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)}
الضمير في {قَصَصِهِمْ} للرسل، وينصره قراءة من قرأ: {في قصصهم} بكسر القاف. وقيل: هو راجع إلى يوسف وإخوته.
فإن قلت: فالإم يرجع الضمير في {مَا كَانَ حَدِيثًا يفترى} فيمن قرأ بالكسر؟ قلت: إلى القرآن، أي: ما كان القرآن حديثاً يفترى {ولكن} كان {تَصْدِيقَ الذى بَيْنَ يَدَيْهِ} أي قبله من الكتب السماوية {وَتَفْصِيلَ كُلّ شَيْء} يحتاج إليه في الدين، لأنه القانون الذي يستند إليه السنة والإجماع والقياس بعد أدلة العقل. وانتصاب ما نصب بعد {لَكِنِ} للعطف على خبر كان. وقرئ: ذلك بالرفع على {ولكن هو تصديق الذي بين يديه} عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «علموا أرقاءكم سورة يوسف، فإنه أيما مسلم تلاها وعلمها أهله وما ملكت يمينه هون الله عليه سكرات الموت، وأعطاه القوّة أن لا يحسد مسلماً».

.سورة الرعد:

.تفسير الآية رقم (1):

{المر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (1)}
{تِلْكَ} إشارة إلى آيات السورة. والمراد بالكتاب السورة، أي: تلك الآيات آيات السورة الكاملة العجيبة في بابها، ثم قال: {والذى أُنزِلَ إِلَيْكَ} من القرآن كله هو {الحق} الذي لا مزيد عليه، لا هذه السور وحدها، وفي أسلوب هذا الكلام قول الأنمارية: هم كالحلقة المفرعة، لا يدرى أين طرفاها؟ تريد الكملة.

.تفسير الآيات (2- 3):

{اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3)}
{الله} مبتدأ، و{الذى} خبره، بدليل قوله: {وَهُوَ الذى مَدَّ الأرض} ويجوز أن يكون صفة. وقوله: {يُدَبّرُ الأمر يُفَصّلُ الآيات} خبر بعد خبر. وينصره ما تقدّمه من ذكر الآيات {رَفَعَ السموات بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} كلام مستأنف استشهاد برؤيتهم لها كذلك. وقيل: هي صفة لعمد. ويعضده قراءة أبي {ترونه}. وقرئ: {عُمُد}، بضمتين {يُدَبِّرُ الأمر} يدبر أمر ملكوته وربوبيته {يُفَصّلُ} آياته في كتبه المنزلة {لَعَلَّكُمْ بِلِقَاء رَبّكُمْ تُوقِنُونَ} بالجزاء وبأن هذا المدبر والمفصل لابد لكم من الرجوع إليه.
وقرأ الحسن: {ندبر}، بالنون {جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثنين} خلق فيها من جميع أنواع الثمرات زوجين زوجين حين مدّها، ثم تكاثرت بعد ذلك وتنوعت. وقيل: أراد بالزوجين: الأسود والأبيض، والحلو والحامض، والصغير والكبير، وما أشبه ذلك من الأصناف المختلفة {يغشى الليل النهار} يلبسه مكانه، فيصير أسود مظلماً بعد ما كان أبيض منيراً. وقرئ: {يغشّى} بالتشديد.

.تفسير الآية رقم (4):

{وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)}
{قِطَعٌ متجاورات} بقاع مختلفة، مع كونها متجاورة متلاصقة: طيبة إلى سبخة، وكريمة إلى زهيدة، وصلبة إلى رخوة، وصالحة للزرع لا للشجر إلى أخرى على عكسها، مع انتظامها جميعاً في جنس الأرضية. وذلك دليل على قادر مريد، موقع لأفعاله على وجه دون وجه. وكذلك الزروع والكروم والنخيل النابتة في هذه القطع، مختلفة الأجناس والأنواع، وهي تسقى بماء واحد، وتراها متغايرة الثمر في الأشكال والألوان والطعوم والروائح، متفاضلة فيها. وفي بعض المصاحف: قطعاً متجاورات على: وجعل وقرئ: {وجناتٍ}، بالنصب للعطف على زوجين. أو بالجرّ على كل الثمرات. وقرئ: {وزرعٍ ونخيلٍ}، بالجرّ عطفاً على أعناب أو جنات والصنوان: جمع صنو، وهي النخلة لها رأسان، وأصلها واحد. وقرئ بالضم. والكسر: لغة أهل الحجاز، والضم: لغة بني تميم وقيس {تَسْقِى} بالتاء والياء {وَنُفَضّلُ} بالنون وبالياء على البناء للفاعل والمفعول جميعاً {في الأكل} بضم الكاف وسكونها.