فصل: تفسير الآية رقم (9):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل



.تفسير الآية رقم (8):

{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8)}
{لِلْفُقَرَاء} بدل من قوله: {لذي القربى} والمعطوف عليه والذي منع الإبدال من: لله وللرسول والمعطوف عليهما، وإن كان المعنى لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله عزّ وجلّ أخرج رسوله من الفقراء في قوله: {وَيَنصُرُونَ الله وَرَسُولَهُ} وأنه يترفع برسول الله عن التسمية بالفقير، وأن الإبدال على ظاهر اللفظ من خلاف الواجب في تعظيم الله عزّ وجل {أُوْلَئِكَ هُمُ الصادقون} في إيمانهم وجهادهم.

.تفسير الآية رقم (9):

{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)}
{والذين تَبَوَّءُو} معطوف على المهاجرين، وهم الأنصار فإن قلت: ما معنى عطف الإيمان على الدار، ولا يقال: تبوّؤا الإيمان؟ قلت: معناه تبوّؤا الدار وأخلصوا الإيمان، كقوله:
عَلَفْتُها تَيْنَاً وَمَاءً بَارِدَا

أو: وجعلوا الإيمان مستقراً ومتوطناً لهم لتمكنهم منه واستقامتهم عليه، كما جعلوا المدينة كذلك. أو: أراد دار الهجرة ودار الإيمان، فأقام لام التعريف في الدار مقام المضاف إليه، وحذف المضاف من دار الإيمان ووضع المضاف إليه مقامه. أو سمى المدينة لأنها دار الهجرة ومكان ظهور الإيمان بالإيمان {مِن قَبْلِهِمُ} من قبل المهاجرين؛ لأنهم سبقوهم في تبوّئ دار الهجرة والإيمان. وقيل: من قبل هجرتهم {وَلاَ يَجِدُونَ} ولا يعلمون في أنفسهم {حَاجَةً مّمَّا أُوتُواْ} أي طلب محتاج إليه مما أوتي المهاجرون من الفيء وغيره، والمحتاج إليه يسمى حاجة؛ يقال: خذ منه حاجتك، وأعطاه من ماله حاجته، يعني: أنّ نفوسهم لم تتبع ما أعطوا ولم تطمح إلى شيء منه يحتاج إليه {وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} أي خلة، وأصلها: خصاص البيت، وهي فروجه؛ والجملة في موضع الحال، أي: مفروضة خصاصتهم: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم أموال بني النضير على المهاجرين ولم يعط الأنصار إلا ثلاثة نفر محتاجين: أبادجانة سماك بن خرشة، وسهل بن حنيف، والحرث بن الصمة. وقال لهم: «إن شئتم قسمتم للمهاجرين من أموالكم ودياركم وشاركتموهم في هذه الغنيمة، وإن شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم ولم يقسم لكم شيء من الغنيمة، فقالت الأنصار: بل نقسم لهم من أموالنا وديارنا ونؤثرهم بالغنيمة ولا نشاركهم فيها. فنزلت» {الشح} بالضم والكسر، وقد قرئ بهما-: اللؤم، وأن تكون نفس الرجل كزة حريصة على المنع، كما قال:
يُمَارِسُ نَفْساً بَيْنَ جَنْبَيْهِ كَزَّةً ** إذَا هَمَّ بِالْمَعْرُوفِ قَالَتْ لَهُ مَهْلاَ

وقد أضيف إلى النفس؛ لأنه غريزة فيها. وأما البخل فهو المنع نفسه. ومنه قوله تعالى: {وَأُحْضِرَتِ الأنفس الشح} [النساء: 128]. {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ} ومن غلب ما أمرته به منه وخالف هواها بمعونة الله وتوفيقه {فَأُوْلَئِكَ هُمُ المفلحون} الظافرون بما أرادوا. وقرئ: {ومن يوقَّ}.

.تفسير الآية رقم (10):

{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)}
{والذين جَآءُو مِن بَعْدِهِمْ} عطف أيضاً على المهاجرين: وهم الذين هاجروا من بعد. وقيل: التابعون بإحسان {غِلاًّ} وقرئ: {غمرا} وهما الحقد.

.تفسير الآيات (11- 12):

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (12)}
{لإِخْوَانِهِمُ} الذين بينهم وبينهم أخوة الكفر، ولأنهم كانوا يوالونهم ويواخونهم، وكانوا معهم على المؤمنين في السر {وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ} في قتالكم أحداً من رسول الله والمسلمين إن حملنا عليه. أو في خذلانكم وإخلاف ما وعدناكم من النصرة {لكاذبون} أي في مواعيدهم لليهود. وفيه دليل على صحة النبوّة: لأنه إخبار بالغيوب.
فإن قلت: كيف قيل {وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ} بعد الإخبار بأنهم لا ينصرونهم؟ قلت: معناه: ولئن نصروهم على الفرض والتقدير، كقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] وكما يعلم ما يكون، فهو يعلم ما لا يكون لو كان كيف يكون. والمعنى: ولئن نصر المنافقون اليهود لينهزمن المنافقون ثم لا ينصرون بعد ذلك، أي: يهلكهم الله تعالى ولا ينفعهم نفاقهم لظهور كفرهم. أو لينهزمنَّ اليهود ثم لا ينفعهم نصرة المنافقين.

.تفسير الآيات (13- 17):

{لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13) لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14) كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (15) كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (17)}
{رَهْبَةً} مصدر رهب المبني للمفعول، كأنه قيل: أشد مرهوبية. وقوله: {فِى صُدُورِهِمْ} دلالة على نفاقهم، يعني أنهم يظهرون لكم في العلانية خوف الله وأنتم أهيب في صدورهم من الله.
فإن قلت: كأنهم كانوا يرهبون من الله حتى تكون رهبتهم منهم أشدّ.
قلت: معناه أن رهبتهم في السر منكم أشدّ من رهبتهم من الله التي يظهرونها لكم- وكانو يظهرون لهم رهبة شديدة من الله- ويجوز أن يريد أنّ اليهود يخافونكم في صدورهم أشدّ من خوفهم من الله؛ لأنهم كانوا قوماً أولى بأس ونجدة، فكانوا يتشجعون لهم مع إضمار الخيفة في صدورهم {لاَّ يَفْقَهُونَ} لا يعلمون الله وعظمته حتى يخشوه حق خشيته {لاَ يقاتلونكم} لا يقدرون على مقاتلتكم {جَمِيعاً} مجتمعين متساندين، يعني اليهود والمنافقين {إِلاَّ} كائنين {فِى قُرًى مُّحَصَّنَةٍ} بالخنادق والدروب {أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ} دون أن يصحروا لكم ويبارزوكم، لقذف الله الرعب في قلوبهم، وأن تأييد الله تعالى ونصرته معكم. وقرئ: {جدر}، بالتخفيف. وجدار. وجدر وجدر، وهما: الجدار {بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ} يعني أنّ البأس الشديد الذي يوصفون به إنما هو بينهم إذا اقتتلوا؛ ولو قاتلوكم لم يبق لهم ذلك البأس والشدّة؛ لأنّ الشجاع يجبن والعزيز يذل عند محاربة الله ورسوله {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً} مجتمعين ذوي ألفة واتحاد {وَقُلُوبُهُمْ شتى} متفرقة لا ألفة بينها، يعني. أنّ بينهم إحنا وعداوات، فلا يتعاضدون حق التعاضد، ولا يرمون عن قوس واحدة. وهذا تجسير للمؤمنين وتشجيع لقلوبهم على قتالهم {قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ} أن تشتت القلوب مما يوهن قواهم ويعين على أرواحهم {كَمَثَلِ الذين مِن قَبْلِهِمْ} أي مثلهم كمثل أهل بدر في زمان قريب.
فإن قلت: بم انتصب {قَرِيبًا}؟ قلت: بمثل، على: كوجود مثل أهل بدر قريباً {ذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ} سوء عاقبة كفرهم وعداوتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، من قولهم كلأ وبيل: وخيم سيء العاقبة، يعني ذاقوا عذاب القتل في الدنيا {وَلَهُمْ} في الآخرة عذاب النار. مثل المنافقين في إغرائهم اليهود على القتال ووعدهم إياهم النصر، ثم متاركتهم لهم وإخلافهم {كَمَثَلِ الشيطان} إذا استغوى الإنسان بكيده ثم تبرأ منه في العاقبة، والمراد استغواؤه قريشاً يوم بدر؛ وقوله لهم: {لاَ غَالِبَ لَكُمُ اليوم مِنَ الناس وَإِنّي جَارٌ لَّكُمْ} إلى قوله {إِنِّى بريء مِّنكَ} [الأنفال: 48] وقرأ ابن مسعود: {خالدان فيها}، على أنه خبر أنّ، و{فِى النار} لغو، وعلى القراءة المشهورة: الظرف مستقر، وخالدين فيها: حال. وقرئ: {أنا بريء} وعاقبتهما بالرفع.

.تفسير الآيات (18- 19):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19)}
كرر الأمر بالتقوى تأكيداً: واتقوا الله في أداء الواجبات؛ لأنه قرن بما هو عمل، واتقوا الله في ترك المعاصي لأنه قرن بما يجري مجرى الوعيد. والغد: يوم القيامة، سماه باليوم الذي يلي يومك تقريباً له وعن الحسن: لم يزل يقربه حتى جعله كالغد. ونحوه قوله تعالى: {كَأَن لَّمْ تَغْنَ بالأمس} [يونس: 24] يريد: تقريب الزمان الماضي. وقيل: عبر عن الآخرة بالغد كأن الدنيا والآخرة نهاران: يوم وغد.
فإن قلت: ما معنى تنكير النفس والغد؟ قلت: أما تنكير النفس فاستقلال للأنفس النواظر فيما قد مْنَ للآخرة، كأنه قال فلتنظر نفس واحدة في ذلك. وأما تنكير الغد فلتعظيمه وإبهام أمره، كأنه قيل: لغد لا يعرف كنهه لعظمه.
وعن مالك بن دينار: مكتوب على باب الجنة: وجدنا ما عملنا، ربحنا ما قدّمنا. خسرنا ما خلفنا {نَسُواْ الله} نسوا حقه، فجعلهم ناسين حق أنفسهم بالخذلان، حتى لم يسعوا لها بما ينفعهم عنده. أو فأراهم يوم القيامة من الأهوال ما نسوا فيه أنفسهم، كقوله تعالى: {لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} [إبراهيم: 43].

.تفسير الآية رقم (20):

{لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20)}
هذا تنبيه للناس وإيذان لهم بأنهم لفرط غفلتهم وقلة فكرهم في العاقبة وتهالكهم على إيثار العاجلة واتباع الشهوات: كأنهم لا يعرفون الفرق بين الجنة والنار والبون العظيم بين أصحابهما، وأن الفوز مع أصحاب الجنة؛ فمن حقهم أن يعلموا ذلك وينبهوا عليه، كما تقول لمن يعق أباه: هو أبوك، تجعله بمنزلة من لا يعرفه، فتنبهه بذلك على حق الأبوّة الذي يقتضي البر والتعطف. وقد استدل أصحاب الشافعي رضي الله عنه بهذه الآية على أن المسلم لا يقتل بالكافر، وأن الكفار لا يملكون أموال المسلمين بالقهر.

.تفسير الآيات (21- 22):

{لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22)}
هذا تمثيل وتخييل، كما مرّ في قوله تعالى: {إنا عرضنا الأمانة} [الأحزاب: 72] وقد دل عليه قوله: {وَتِلْكَ الأمثال نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ} والغرض توبيخ الإنسان على قسوة قلبه وقلة تخشعه عند تلاوة القرآن وتدبر قوارعه وزواجره. وقرئ: {مصدّعاً} على الإدغام {وَتِلْكَ الأمثال} إشارة إلى هذا المثل وإلى أمثاله في مواضع من التنزيل.

.تفسير الآيات (23- 24):

{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)}
{الغيب} المعدوم {والشهادة} الموجود المدرك كأنه يشاهده. وقيل: ما غاب عن العباد وما شاهدوه. وقيل: السر والعلانية. وقيل: الدنيا والآخرة {القدوس} بالضم والفتح- وقد قرئ بهما- البليغ في النزاهة عما يستقبح. ونظيره: السبوح، وفي تسبيح الملائكة: سبوح قدوس رب الملائكة والروح. و{السلام} بمعنى السلامة. ومنه {دَارُ السلام} [يونس: 25] {وسلام عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 54] وصف به مبالغة في وصف كونه سليماً من النقائص. أو في إعطائه السلامة (والمؤمن) واهب الأمن. وقرئ بفتح الميم بمعنى المؤمن به على حذف الجار، كما تقول في قوم موسى من قوله تعالى: {واختار موسى قَوْمَهُ} [الأعراف: 155] المختارون بلفظ صفة السبعين. و{المهيمن} الرقيب على كل شيء، الحافظ له، مفيعل من الأمن؛ إلا أن همزته قلبت هاء. و{الجبار} القاهر الذي جبر خلقه على ما أراد، أي أجبره، و{المتكبر} البليغ الكبرياء والعظمة. وقيل: المتكبر عن ظلم عباده. و{الخالق} المقدر لما يوجده {والبارئ} المميز بعضه من بعض بالأشكال المختلفة. و{المصور} الممثل.
وعن حاطب بن أبي بلتعة أنه قرأ: {البارئ المصوّر}، بفتح الواو ونصب الراء، أي: الذي يبرأ المصوّر أي: يميز ما يصوّره بتفاوت الهيئات.
وقرأ ابن مسعود: {وما في الأرض}.
عن أبي هريرة رضي الله عنه: سألت حبيبي صلى الله عليه وسلم عن اسم الله الأعظم فقال: «عليك بآخر الحشر فأكثر قراءته» فأعدت عليه فأعاد عليّ، فأعدت عليه فأعاد عليّ. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الحشر غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر».