فصل: سورة التحريم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل



.تفسير الآيات (8- 11):

{وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (8) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا (9) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آَمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (11)}
{عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا} أعرضت عنه على وجه العتوّ والعناد {حِسَاباً شَدِيداً} بالاستقصاء والمناقشة {عَذَاباً نُّكْراً} وقرئ: {نكرا} منكراً عظيماً، والمراد: حساب الآخرة وعذابها وما يذوقون فيها من الوبال ويلقون من الخسر، وجيء به على لفظ الماضي، كقوله تعالى: {وَنَادَى أصحاب الجنة} [الأعراف: 44]، {ونادى أصحاب النار} [الأعراف: 50] ونحو ذلك؛ لأنّ المنتظر من وعد الله ووعيده ملقى في الحقيقة، وما هو كائن فكأن قد كان. وقوله: {أَعَدَّ الله لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً} تكرير للوعيد وبيان لكونه مترقباً، كأنه قال: أعد الله لهم هذا العذاب فليكن لكم ذلك {ياأولي الألباب} من المؤمنين لطفاً في تقوى الله وحذر عقابه. ويجوز أن يراد إحصاء السيئات، واستقصاؤها عليهم في الدنيا، وإثباتها في صحائف الحفظة، وما أصيبوا به من العذاب في العاجل؛ وأن يكون {عَتَتْ} وما عطف عليه: صفة للقرية. وأعد الله لهم: جواباً لكأين {رَسُولاً} هو جبريل صلوات الله عليه: أبدل من ذكرا، لأنه وصف بتلاوة آيات الله، فكان إنزاله في معنى إنزال الذكر فصح إبداله منه. أو أريد بالذكر: الشرف، من قوله: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف: 44] فأبدل منه، كأنه في نفسه شرف: إما لأنه شرف للمنزل عليه، وإما لأنه ذو مجد وشرف عند الله، كقوله تعالى: {عِندَ ذِى العرش مَكِينٍ} [التكوير: 20] أو جعل لكثرة ذكره لله وعبادته كأنه ذكر. أو أريد: ذا ذكر، أي ملكاً مذكوراً في السموات وفي الأمم كلها. أو دل قوله: {أَنزَلَ الله إِلَيْكُمْ ذِكْراً} [الطلاق: 10] على: أرسل فكأنه قيل: أرسل رسولا؛ أو أعمل ذكراً في رسولا إعمال المصدر في المفاعيل، أي: أنزل الله أن ذكر رسولا أو ذكره رسولا. وقرئ: {رسول}، على: هو رسول. أنزله {لّيُخْرِجَ الذين ءَامَنُواْ} بعد إنزاله، أي ليحصل لهم ما هم عليه الساعة من الإيمان والعمل الصالح: لأنهم كانوا وقت إنزاله غير مؤمنين، وإنما آمنوا بعد الإنزال والتبليغ. أو ليخرج الذين عرف منهم أنهم يؤمنون. قرئ: {يدخله}، بالياء والنون {قَدْ أَحْسَنَ الله لَهُ رِزْقاً} فيه معنى التعجب والتعظيم، لما رزق المؤمن من الثواب.

.تفسير الآية رقم (12):

{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)}
{الله الذى خَلَقَ} مبتدأ وخبر. وقرئ: {مثلهنّ} بالنصب، عطفاً على سبع سموات؛ وبالرفع على الابتداء، وخبره: من الأرض. قيل: ما في القرآن آية تدل على أن الأرضين سبع إلا هذه. وقيل: بين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام، وغلظ كل سماء كذلك، والأرضون مثل السموات {يَتَنَزَّلُ الأمر بَيْنَهُنَّ} أي يجري أمر الله وحكمه بينهن، وملكه ينفذ فيهن.
وعن قتادة: في كل سماء وفي كل أرض خلق من خلقه وأمر من أمره وقضاء من قضائه. وقيل: هو ما يدبر فيهنّ من عجائب تدبيره. وقرئ: {ينزل الأمر}، وعن ابن عباس: أن نافع بن الأزرق سأله هل تحت الأرضين خلق؟ قال: نعم. قال: فما الخلق؟ قال: إما ملائكة أو جنّ {لتعلموا} قرئ بالتاء والياء.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من قرأ سورة الطلاق مات على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم».

.سورة التحريم:

.تفسير الآيات (1- 2):

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2)}
روي: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلا بمارية في يوم عائشة، وعلمت بذلك حفصة، فقال لها: اكتمي عليّ، وقد حرمت مارية على نفسي، وأبشرك أن أبا بكر وعمر يملكان بعدي أمر أمتيّ، فأخبرت به عائشة وكانتا متصادقتين. وقيل: خلا بها في يوم حفصة، فأرضاها بذلك واستكتمها فلم تكتم، فطلقها واعتزل نساءه؛ ومكث تسعاً وعشرين ليلة في بيت مارية» وروى: أن عمر قال لها: لو كان في آل الخطاب خير لما طلقك، فنزل جبريل عليه السلام وقال: راجعها فإنها صوّامة قوّامة، وإنها لمن نسائك في الجنة.
وروي: «أنه شرب عسلاً في بيت زينب بنت جحش، فتواطأت عائشة وحفصة فقالتا له: إنا نشم منك ريح المغافير، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره التفل، فحرّم العسل»، فمعناه {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ} من ملك اليمين أو العسل. و{تَبْتَغِى} إما تفسير لتحرم. أو حال: أو استئناف، وكان هذا زلة منه لأنه ليس لأحد أن يحرّم ما أحلّ الله لأن الله عزّ وجل إنما أحل ما أحل لحكمة ومصلحة عرفها في إحلاله، فإذا حرّم كان ذلك قلب المصلحة مفسدة {والله غَفُورٌ} قد غفر لك ما زللت فيه {رَّحِيمٌ} قد رحمك فلم يؤاخذك به {قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أيمانكم} فيه معنيان، أحدهما: قد شرع الله لكم الاستثناء في أيمانكم، من قولك: حلل فلان في يمينه، إذا استثنى فيها. ومنه: حلا أبيت اللعن، بمعنى: استثن في يمينك إذا أطلقها؛ وذلك أن يقول: (إن شاء الله) عقيبها، حتى لا يحنث.
والثاني: قد شرع الله لكم تحلتها بالكفارة. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: «لا يموت لرجل ثلاثة أولاد فتمسه النار إلا تحلة القسم» وقول ذي الرمّة:
قَلِيلاً كَتَحْلِيلِ الأُلِيِّ

فإن قلت: ما حكم تحريم الحلال؟ قلت: قد اختلف فيه، فأبو حنيفة يراه يميناً في كل شيء، ويعتبر الانتفاع المقصود فيما يحرّمه؛ فإذا حرّم طعاماً فقد حلف على أكله، أو أمة فعلى وطئها، أو زوجة فعلى الإيلاء منها إذا لم يكن له نية؛ وإن نوى الظهار فظهار؛ وإن نوى الطلاق فطلاق بائن وكذلك إن نوى ثنتين وإن نوى ثلاثاً فكما نوى، وإن قال: نويت الكذب ديِّن فيما بينه وبين الله تعالى، ولا يدين في القضاء بإبطال الإيلاء. وإن قال: كل حلال عليّ حرام فعلى الطعام والشراب إذا لم ينو، وإلا فعلى ما نوى، ولا يراه الشافعي يميناً. ولكن سبباً في الكفارة في النساء وحده وحدهنّ، وإن نوى الطلاق فهو رجعي عنده.
وعن أبي بكر وعمر وابن عباس وابن مسعود وزيد رضي الله عنهم: أنّ الحرام يمين وعن عمر: إذا نوى الطلاق فرجعي.
وعن علي رضي الله عنه: ثلاث.
وعن زيد: واحدة بائنة.
وعن عثمان: ظهار. وكان مسروق لا يراه شيئاً ويقول: ما أبالي أحرمتها أم قصعة من ثريد، وكذلك عن الشعبي قال: ليس بشيء، محتجاً بقوله تعالى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكذب هذا حلال وهذا حَرَامٌ} [النحل: 116] وقوله تعالى: {لا تُحَرّمُواْ طيبات مَا أَحَلَّ الله لَكُمْ} [المائدة: 87] وما لم يحرمه الله تعالى فليس لأحد أن يحرّمه ولا أن يصير بتحريمه حراماً، ولم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لما أحله الله: هو حرام عليّ، وإن امتنع من مارية ليمين تقدمت منه، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: والله لا أقربها بعد اليوم، فقيل له: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ} أي لم تمتنع منه بسبب اليمين، يعني: أقدم على ما حلفت عليه، وكفر عن يمينك. ونحوه قوله تعالى: {وحرّمنا عليه المراضع} [القصص: 12] أي؛ منعناه منها. وظاهر قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أيمانكم} أنه كانت منه يمين.
فإن قلت: هل كفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك؟ قلت: عن الحسن: أنه لم يُكَفِّر؛ لأنه كان مغفوراً له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، وإنما هو تعليم للمؤمنين.
وعن مقاتل: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق رقبة في تحريم مارية {والله مولاكم} سيدكم ومتولي أموركم {وَهُوَ العليم} بما يصلحكم فيشرعه لكم {الحكيم} فلا يأمركم ولا ينهاكم إلا بما توجبه الحكمة. وقيل: مولاكم أولى بكم من أنفسكم، فكانت نصيحته أنفع لكم من نصائحكم لأنفسكم.

.تفسير الآية رقم (3):

{وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3)}
{بَعْضِ أزواجه} حفصة. والحديث الذي أسر إليها: حديث مارية وإمامة الشيخين {نَبَّأَتْ بِهِ} أفشته إلى عائشة. وقرئ: {أنبأت} به {وَأَظْهَرَهُ} وأطلع النبي عليه السلام {عَلَيْهِ} على الحديث، أي: على إفشائه على لسان جبريل. وقيل: أظهر الله الحديث على النبي صلى الله عليه وسلم من الظهور {عَرَّفَ بَعْضَهُ} أعلم ببعض الحديث تكرماً. قال سفيان: ما زال التغافل من فعل الكرام. وقرئ: {عرف بعضه}، أي: جاز عليه، من قولك للمسيء: لأعرفن لك ذلك، وقد عرفت ما صنعت. ومنه: أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم، وهو كثير في القرآن؛ وكان جزاؤه تطليقه إياها. وقيل: المعرف: حديث الإمامة، والمعرض عنه: حديث مارية: وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال لها: ألم أقل لك اكتمي عليّ، قالت: والذي بعثك بالحق ما ملكت نفسي فرحاً بالكرامة التي خص الله بها أباها.
فإن قلت: هلا قيل: فلما نبأت به بعضهن وعرفها بعضه؟ قلت: ليس الغرض بيان من المذاع إليه ومن المعرف، وإنما هو ذكر جناية حفصة في وجود الإنباء به وإفشائه من قبلها، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرمه وحلمه، لم يوجد منه إلا الإعلام ببعضه، وهو حديث الإمامة. ألا ترى أنه لما كان المقصود في قوله: {فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هذا} ذكر المنبأ. كيف أتى بضميره.

.تفسير الآية رقم (4):

{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)}
{إِن تَتُوبَا} خطاب لحفصة وعائشة على طريقة الالتفات، ليكون أبلغ في معاتبتهما.
وعن ابن عباس: لم أزل حريصاً على أن أسأل عمر عنهما حتى حج وحججت معه، فلما كان ببعض الطريق عدل وعدلت معه بالإداوة، فسكبت الماء على يده فتوضأ، فقلت: من هما؟ فقال: عجباً يا ابن عباس كأنه كره ما سألته عنه ثم قال: هما حفصة وعائشة {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} فقد وجد منكما ما يوجب التوبة، وهو ميل قلوبكما عن الواجب في مخالصة رسول الله صلى الله عليه وسلم من حب ما يحبه وكراهة ما يكرهه.
وقرأ ابن مسعود: {فقد زاغت} {وَإِن تَظَاهَرَا} وإن تعاونا {عَلَيْهِ} بما يسوءه من الإفراط في الغيرة وإفشاء سره، فلن يعدم هو من يظاهره، وكيف يعدم المظاهر من الله {مولاه} أي وليه وناصره؛ وزيادة {هُوَ} إيذان بأن نصرته عزيمة من عزائمه، وأنه يتولى ذلك بذاته {وَجِبْرِيلُ} رأس الكروبيين؛ وقرن ذكره بذكره مفرداً له من بين الملائكة تعظيماً له وإظهاراً لمكانته عنده {وصالح اْلمُؤْمِنِينَ} ومن صلح من المؤمنين، يعني: كل من آمن وعمل صالحاً.
وعن سعيد بن جبير: من برئ منهم من النفاق. وقيل: الأنبياء وقيل: الصحابة. وقيل: الخلفاء منهم.
فإن قلت: صالح المؤمنين واحد أم جمع؟ قلت: هو واحد أريد به الجمع، كقولك: لا يفعل هذا الصالح من الناس، تريد الجنس، كقولك: لا يفعله من صلح منهم. ومثله قولك: كنت في السامر والحاضر. ويجوز أن يكون أصله: صالحوا المؤمنين بالواو، فكتب بغير واو على اللفظ؛ لأنّ لفظ الواحد والجمع واحد فيه، كما جاءت أشياء في المصحف متبوع فيها حكم اللفظ دون وضع الخط {والملئكة} على تكاثر عددهم، وامتلاء السموات من جموعهم {بَعْدَ ذَلِكَ} بعد نصرة الله وناموسه وصالحي المؤمنين {ظَهِيرٌ} فوج مظاهر له، كأنهم يد واحدة على من يعاديه، فما يبلغ تظاهر امرأتين علي من هؤلاء ظهراؤه؟ فإن قلت: قوله: {بَعْدَ ذَلِكَ} تعظيم للملائكة ومظاهرتهم. وقد تقدّمت نصرة الله وجبريل وصالح المؤمنين، ونصرة الله تعالى أعظم وأعظم.
قلت: مظاهرة الملائكة من جملة نصرة الله، فكأنه فضل نصرته تعالى بهم وبمظاهرتهم على غيرها من وجوه نصرته تعالى، لفضلهم على جميع خلقه. وقرئ: {تظاهرا} وتتظاهرا. وتظهرا.