فصل: رسم في المكي إذا قرن الحج والعمرة ومن أين يحرم من أفسد حجه وعمرته

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


رسم فيمن تداوى بدواء

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت ما كان من فدية الأذى من حلق الرأس أو احتاج إلى دواء فيه طيب فتداوى به أو احتاج إلى لبس الثياب فلبس أو نحو هذا مما يحتاج إليه فيفعله أيحكم عليه كما يحكم في جزاء الصيد‏.‏

قال‏:‏ لا في قول مالك قال ولا يحكم عليه إلا في جزاء الصيد وحده‏.‏

قال مالك‏:‏ وهذا والذي أماط الأذى عنه أو تداوى بدواء فيه طيب أو لبس الثياب أو فعل هذه الأشياء مخير أن يفعل أي ذلك شاء مما ذكر الله تبارك وتعالى في كتابه فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك‏.‏

قلت‏:‏ فإن أراد أن ينسك فأين ينسك‏.‏

قال‏:‏ حيث شاء من البلاد‏.‏

قلت‏:‏ فإن أراد أن ينسك بمنى أعليه أن يقف بنسكه هذا بعرفة‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت ولا يخرجه إلى الحل ان اشتراه بمكة أو بمنى وينحره بمنى ان شاء يوم النحر من غير أن يقف به بعرفة ولا يخرجه إلى الحل وينحره بمكة أن أحب حيث شاء‏؟‏ قال نعم ‏(‏قلت‏:‏ وجميع هذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت من لبس الثياب وتطيب في احرامه من غير أذى ولا حاجة له إلى الطيب من دواء ولا غيره إلا أنه فعل هذا جهالة وحمقا أيكون مخيرا في الصيام والصدقة والنسك مثل ما يخير من فعله من أذى‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ قال مالك لو أن رجلا دخل مكة في أشهر الحج بعمرة وهو يريد سكناها والإقامة بها ثم حج من عامة رأيته متمتعا وليس هو عندي مثل أهل مكة لأنه إنما دخل يريد السكنى ولعله يبدو لها فأرى عليه الهدي‏.‏

رسم فيمن حل من عمرته ثم أحرم بعمرة أخرى

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا أحرم بعمرة من أهل الآفاق في غير أشهر الحج وحل منها في غير أشهر الحج ثم اعتمر بعمرة أخرى من التنعيم في أشهر الحج ثم حج من عامه أيكون عليه دم المتعة‏.‏

قال‏:‏ نعم وأرى أن يكون ذلك عليه وهو عندي مثل الذي أخبرتك من قوله في الذي يقدم ليسكن مكة فلما جعل مالك عليه الدم رأيت على هذا دم المتعة لأن هذا عندي لم تكن إقامته الأولى سكنى وقد أحدث عمرة في أشهر الحج وهذا عندي أبين من الذي قال مالك في الذي يقدم ليسكن‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أفتجعله بعمرته هذه التي أحدثها من مكة في أشهر الحج قاطعا لما كان فيه وتجزئه عمرته هذه التي في أشهر الحج من أن يكون بمنزلة أهل مكة وإن كان إنما اعتمر من التنعيم‏؟‏ قال نعم‏.‏

رسم فيمن غسل يديه بأشنان ومن غسل رأسه بالخطمي ودخول الحمام

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت من غسل يديه وهو محرم بأشنان مطيب أعليه كفارة أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إن كان بالريحان وما أشبهه غير المطيب فأراه خفيفا وأكره أن يفعله أحد ولا أرى على من فعله فدية فإن كان طيب الأشنان بالطيب فعليه الفدية أي ذلك شاء فعل‏.‏

قال‏:‏ فقلنا لمالك فالأشنان وما أشبهه غير المطيب الغاسول وما أشبهه يغسل به المحرم يديه‏.‏

قال‏:‏ لا بأس بذلك‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت من غسل رأسه بالخطمي وهو محرم أعليه الفدية في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فأي الفدية شاء‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك فيمن دخل الحمام وهو محرم فتدلك فعليه الفدية‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك من دهن عقبيه وقدميه من شقوق وهو محرم فلا شيء عليه‏.‏

قال‏:‏ وإن دهنهما من غير علة أو دهن ذراعيه وساقيه ليحسنهما لا من علة فعليه الفدية‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وسئل مالك عن الصدغين يلصق عليهما مثل ما يصنع الناس إذا فعل ذلك المحرم قال قال مالك عليه الفدية‏.‏

قال‏:‏ وسئل مالك عن القروح تكون بالمحرم فيلصق عليها خرقا‏.‏

قال‏:‏ قال مالك أرى إن كانت الخرق صغارا فلا شيء عليه وإن كانت كبارا فعليه الفدية‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت من كان عليه هدى من جزاء صيد فلم ينحره حتى مضت أيام التشريق فاشتراه في الحرم ثم خرج به إلى الحل أيدخل محرما لمكان هذا الهدى أم يدخل حلالا‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يدخل حلالا‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك ولا بأس أن يبعث بهديه هذا مع حلال من الحرم ثم يقفه في الحل فيدخله الحرم فينحره عنه‏.‏

رسم في الصيام في الحج والعمرة

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت الصيام في الحج والعمرة في أي شيء يجوز في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ الصيام في الحج والعمرة عند مالك إنما هو في هذه الأشياء التي أصف لك إنما يجوز الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج إن لم يجد هديا صام قبل يوم النحر ثلاثة أيام وسبعة إذا رجع فإن لم يصمها قبل يوم النحر صامها أيام التشريق يفطر يوم النحر الأول ويصومها فيما بعد يوم النحر فإن لم يصمها في أيام التشريق فليصمها بعد ذلك إذا كان معسرا‏.‏

وفي جزاء الصيد قال الله تعالى أو عدل ذلك صياما وفي فدية الأذى ففدية من صيام أو صدقة أو نسك‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك كل من وجب عليه الدم من حج فائت أو جامع في حجه أو ترك رمى الجمار أو تعدى الميقات فأحرم أو ما أشبه هذه الأشياء التي يجب فيها الدم فهو إن لم يجد الدم صام‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فكم يصوم هذا الذي وجب عليه الدم في هذه الأشياء التي ذكرت لي إذا هو لم يجد الدم في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وقد قال لي مالك في الذي يمشي في نذر فيعجز أنه يصوم متى شاء ويقضي متى شاء في غير حج فكيف لا يصوم في غير حج‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وكل ما كان من نقص في حج من رمى جمرة أو ترك النزول بالمزدلفة فهو مثل العجز إلا الذي يصيب أهله في الحج فإن ذلك يصوم في الحج‏.‏

قلت‏:‏ والذي يفوته الحج أيصوم الثلاثة الأيام في الحج إذا لم يجد هديا‏.‏

قال‏:‏ نعم يصوم في الحج‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أليس إنما يجوز في قول مالك أن يصوم مكان هذا الهدى الذي وجب عليه في الجماع وما أشبهه إذا كان لا يجد الهدى فإن وجد الهدي قبل أن يصوم لم يجز له أن يصوم‏.‏

قال‏:‏ نعم هو قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المتمتع إذا لم يصم حتى مضت أيام العشر وكان معسرا ثم وجد يوم النحر من يسلفه أله أن يصوم أو يتسلف‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يتسلف إن كان موسرا ببلده ولا يصوم‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يجد من يسلفه ولم يصم حتى رجع إلى بلاده وهو يقدر ببلاده على الدم أيجزئه الصوم أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال لي مالك إذا رجع إلى بلاده وهو يقدر على الهدى فلا يجزئه الصوم وليبعث بالهدى‏.‏

قال‏:‏ قال لي مالك وإن كان قد صام قبل يوم النحر يوما أو يومين في صيام التمتع فليصم ما بقى في أيام التشريق‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم وكذلك الذي جامع أو ترك الميقات وما أشبههم أيجزئهم أن يصوموا مثل ما يجزئ المتمتع بعض صيامهم قبل العشر وبعض صيامهم بعد العشر ويجزئهم أن يصوموا في أيام النحر بعد يوم النحر الأول‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وكل شيء صنعه في العمرة من ترك الميقات أو جامع فيها أو ما أوجب به مالك عليه الدم في الحج وما يشبه هذا فعليه إذا فعله في العمرة الدم أيضا وإن كان لا يجد الدم صام ثلاثة أيام وسبعة بعد ذلك‏.‏

قال‏:‏ نعم في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإن وجد الهدى قبل أن يصوم لم يجزه الصيام‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ ولا يجزئ في شيء من هذا الهدى الذي ذكرت لك من الجماع وما أشبهه في قول مالك مما جعلته مثل دم المتعة الطعام‏.‏

قال‏:‏ نعم لا يجزئه الطعام‏.‏

قلت‏:‏ وليس الطعام في شيء من الحج والعمرة في قول مالك إلا فيما ذكرت لي ووصفته لي في هذه المسائل‏؟‏ قال نعم‏.‏

رسم في موضع الطعام والهدي إذا عطب ما يصنع به

قلت‏:‏ في أي موضع الطعام في قول مالك في الحج والعمرة صفه لي في أي المواضع يجوز له الطعام في الحج والعمرة‏.‏

قال‏:‏ قال مالك ليس الطعام في الحج والعمرة إلا في هذين الموضعين في فدية الاذى وجزاء الصيد فقط ولا يجوز الطعام إلا في هذين الموضعين‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم هل في الحج والعمرة في شيء مما إذا ترك أن يفعله المحرم هدي لا يجوز فيه إلا الهدي وحده لايجوز فيه طعام ولا صيام‏.‏

قال‏:‏ قال مالك كل شيء يكون فيه الهدي لا يجده الحاج والمعتمر فالصيام يجزئ موضع هذا الهدي وما كان يكون موضع الهدي صيام أو طعام فقد فسرته لك من قول مالك قبل هذه المسألة‏.‏

في هدي التطوع إذا عطب

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت هدي التطوع إذا عطب كيف يصنع به صاحبه في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يرمي بقلائدها في دمها إذا نحرها ويخلي بين الناس وبينها ولا يأمر أحدا أن يأكل منها لا فقيرا ولا غنيا فإن أكل أو أمر أحدا من الناس بأكلها أو بأخذ شيء من لحمها كان عليه البدل‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فما يصنع بخطمها وبجلالها‏.‏

قال‏:‏ يرمي به عندها ويصير سبيل الجلال والخطم سبيل لحمها‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان ربها ليس معها ولكنه بعثها مع رجل فعطبت أيأكل منها في قول مالك هذا الذي بعثت معه كما يأكل الناس‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ سبيل هذا المبعوثة معه سبيل صاحبها ألا يأكل منها كما يأكل الناس إلا أنه هو الذي ينحرها أو يأمر بنحرها ويفعل فيها كما يفعل بها ربها أن لو كان معها وإن أكلها لم أر عليه ضمانا‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولا يأمر ربها هذا المبعوثة معه هذه الهدية إن هي عطبت أن يأكل فإن فعل فهو ضامن لها‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ألا ترى أن صاحب الهدي حين جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما أصنع بما عطب منها قال انحرها وألق قلائدها في دمها وخل بين الناس وبينها‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت كل هدي وجب علي في حج أو عمرة أو غير ذلك أيجوز لي في قول مالك أن أبعثه مع غيري‏؟‏ قال نعم‏.‏

رسم فيمن سعى بعض السعي للعمرة ثم أحرم بالحج

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت من أهل بعمرة من الميقات فلما طاف بالبيت وسعى بعض السعي بين الصفا والمروة أحرم بالحج أيكون قارنا وتلزمه هذه الحجة في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال لنا مالك من أحرم بعمرة فله أن يلبي بالحج ويصير قارنا ما لم يطف بالبيت ويسع بين الصفا والمروة‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت من بدأ في الطواف بالبيت في قول مالك ولم يسع بين الصفا والمروة أو فرغ من الطواف بالبيت وسعى بعض السعي بين الصفا والمروة ثم أحرم بالحج أليس يلزمه قبل أن يسعى‏.‏

قال‏:‏ الذي كان يستحب مالك أنه إذا طاف بالبيت لم يجب له أن يردف الحج مع العمرة‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأنا أرى أن لا يفعل فإن فعل قبل أن يفرغ من سعيه رأيت أن يمضي على سعيه ويحل ثم يستأنف الحج وإنما ذلك له ما لم يطف بالبيت ويركع فإذا طاف وركع فليس له أن يدخل الحج على العمرة وهو الذي سمعت من قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت إن كان هذا المعتمر قد طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة في عمرته ثم فرض الحج بعد فراغه من السعي بين الصفا والمروة‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يكون هذا قارنا وأرى أن يؤخر حلاق شعره ولا يطوف بالبيت حتى يرجع من منى إلا أن يشاء أن يطوف تطوعا ولا يسعى بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى قال وعلى هذا الذي أحرم بالحج بعد ما سعى بين الصفا والمروة في عمرته دم لتأخير الحلاق لأنه لما أحرم بالحج لم يقدر على الحلاق فلما أخر الحلاق كان عليه الدم‏.‏

رسم في الدم ما يصنع به

قلت‏:‏ فهذا الدم كيف يصنع به في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يقلده ويشعره ويقف به في عرفة مع هدى تمتعه فإن لم يقف به بعرفة لم يجزه إن اشتراه في الحرم إلا أن يخرجه إلى الحل فيسوقه من الحل إلى مكة ويصير منحره بمكة‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم ولم أمره مالك أن يقف بهذا الهدي الذي جعله عليه لتأخير الحلاق بعرفة وهو إن حلق من أذى لم يأمره بأن يقف بهديه‏.‏

قال‏:‏ قال مالك ليس من وجب عليه الهدي لترك الحلاق مثل من وجب عليه النسك من اماطته الاذى لأن الهدي إذا وجب لترك الحلاق فإنما هو هدي وكل ما هو هدي فسبيله سبيل هدي المتمتع والصيام فيه إن لم يجد ثلاثة أيام في الحج وسبعة بعد ذلك ولا يكون فيه الطعام‏.‏

وأما نسك الاذى فهو مخير إن شاء أطعم وإن شاء صام وإن شاء نسك والصيام فيه ثلاثة أيام والنسك فيه شاة والطعام فيه لستة مساكين مدين مدين بمد النبي صلى الله عليه وسلم فهذا فرق ما بينهما‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت من دخل مكة معتمرا في غير أشهر الحج ثم اعتمر في أشهر الحج من مكة ثم حج من عامه أيكون متمتعا‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

رسم في المكي إذا قرن الحج والعمرة ومن أين يحرم من أفسد حجه وعمرته

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت لو أن مكيا قدم من أفق من الآفاق فقرن الحج والعمرة أيكون قارنا في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال لي مالك لا يكون عليه الهدي وهو قارن يفعل ما يفعل القارن إلا أنه مكي ولا دم عليه‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فلو أن هذا المكي أحرم بعمرة فلما طاف بالبيت وصلى الركعتين أضاف الحج إلى العمرة‏.‏

قال‏:‏ قد أخبرتك أن مالكا كان لا يرى لمن طاف وركع أن يردف الحج مع العمرة وأخبرتك أن رأيي على ذلك أن يمضي على سعيه ويحل ثم يستأنف الحج وإنما ذلك له ما لم يطف بالبيت ويركع فإذا طاف وركع فليس له أن يدخل الحج على العمرة‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولو دخل بعمرة فأضاف الحج ثم أحصر بمرض حتى فاته الحج فإنه يخرج إلى الحل ثم يرجع فيطوف ويحل ثم يقضي الحج والعمرة قابلا قارنا‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت من أفسد حجه أو عمرته بإصابة أهله من أين يقضيهما‏.‏

قال‏:‏ قال مالك من حيث أحرم بهما إلا أن يكون إحرامه الأول كان أبعد من الميقات فليس عليه أن يحرم الثانية إلا من الميقات‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فإن تعدى الميقات في قضاء حجته أو عمرته فأحرم‏.‏

قال‏:‏ فأرى أن تجزئه من القضاء وأرى أن يهريق دما‏.‏

قلت‏:‏ وتحفظه عن مالك‏.‏

قال‏:‏ لا إلا أن مالكا قال لي في الذي يتعدى الميقات وهو صرورة ثم يحرم إن عليه الدم فليس يكون ما أوجب على نفسه مما أفسده أوجب مما أوجب الله عليه من الفريضة‏.‏

ومما يبين ذلك أن من أفطر في قضاء رمضان متعمدا إنه لا كفارة عليه وليس عليه إلا قضاء يوم‏.‏

فيمن تعدى الميقات فأحرم بعد ما جاوز الميقات والتكبير في العيدين

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت إن تعدى الميقات فأحرم بعد ما جاوز الميقات بالحج وليس بصرورة أعليه الدم في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم إن كان جاوز ميقاته حلالا وهو يريد الحج ثم أحرم فعليه الدم‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت إذا خرج الرجل في العيدين أيكبر من حين يخرج من بيته في يوم الأضحى ويوم الفطر‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ حتى متى يكبر‏.‏

قال‏:‏ يكبر حتى يبلغ المصلي ويكبر في المصلى حتى يخرج الإمام فإذا خرج الإمام قطع التكبير‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ والأضحى والفطر في هذا التكبير سواء عند مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ ولا يكبر إذا رجع من المصلى إلى بيته‏؟‏ قال نعم لا يكبر‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإذا كبر الإمام بين ظهراني خطبته أيكبر بتكبيره‏.‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا وإن كبر فحسن وليكبر في نفسه قال وهذا رأيي‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وسألت مالكا أو سئل عن الرجل يأتي في صلاة العيدين وقد فاتته ركعة وبقيت ركعة كيف يقضي التكبير إذا سلم الإمام‏.‏

قال‏:‏ يقضي التكبير على ما فاته‏.‏

قال‏:‏ فقيل لمالك فلو أن رجلا أدرك الإمام في تشهد العيدين أيستحب له أن يدخل بإحرام أم يقعد حتى إذا فرغ الإمام قام فصلى‏.‏

قال‏:‏ بل يحرم ويدخل مع الإمام فإذا فرغ صلى وكبر ستا وخمسا‏.‏

فقيل‏:‏ له فلو أنه جاء بعد ما صلى الإمام وفرغ من صلاته أترى أن يصلي تلك الصلاة في المصلى‏.‏

قال‏:‏ نعم لا بأس به لمن فاتته ويكبر ستا وخمسا إن صلى وحده ‏(‏وقال مالك‏)‏ لو أن إماما نسي التكبير في العيدين حتى قرأ وفرغ من قراءته في الركعة الأولى قبل أن يركع رأيت أن يعيد التكبير ويعيد القراءة ويسجد سجدتي السهو بعد السلام وإن نسي حتى ركع مضى ولم يقض تكبير الركعة الأولى في الركعة الثانية ويسجد سجدتي السهو قبل السلام وكذلك في الركعة الثانية إن نسي التكبير حتى يركع مضى ولم يقض تكبير الركعة ومضى ويسجد سجدتي السهو قبل السلام قال وإن نسي التكبير في الركعة الثانية حتى فرغ من القراءة إلا أنه لم يركع بعد رجع فكبر ثم قرأ ثم ركع وسجد لسهوه بعد السلام‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وإنما قال لنا مالك من نسي التكبير كما فسرت لك ولم يقل لنا الركعة الثانية من الأولى ولكن كل كل ما كتبت من هذه المسائل فهو رأيي‏.‏

رسم فيمن طاف للعمرة وسعى بعض السعي فهل عليه شوال وفي الرمل في الزحام

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا اعتمر في رمضان فطاف بالبيت في رمضان وسعى بعض السعي بين الصفا والمروة في رمضان فهل هلال شوال وقد بقي عليه بعض السعي بين الصفا والمروة‏.‏

قال مالك‏:‏ هو متمتع إلا أن يكون قد سعى جميع سعيه بين الصفا والمروة في رمضان فأما إذا كان بعض سعيه بين الصفا والمروة في شوال فهو متمتع إن حج من عامه‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فإن كان قد سعى جميع السعي ثم هل هلال شوال قبل أن يحلق‏.‏

قال‏:‏ إذا فرغ من سعيه بين الصفا والمروة فهل هلال شوال قبل أن يحلق إلا أنه قد فرغ من سعيه بين الصفا والمروة ثم حج من عامه ذلك فليس بمتمتع لأن مالكا قال لنا إذا فرغ الرجل من سعيه بين الصفا والمروة فلبس الثياب فلا أرى عليه شيئا وإن كان لم يقصر‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وسئل مالك عن الرجل يزاحمه الناس في طوافه في الاشواط الثلاثة التي يرمل فيها‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يرمل على قدر طاقته‏.‏

قلت‏:‏ فهل سمعت مالكا يقول إذا اشتد الزحام ولم يجد مسلكا إنه يقف‏.‏

قال‏:‏ ما سمعته قال ابن القاسم ويرمل على قدر طاقته ‏(‏وسئل‏)‏ مالك عن رجل نسي أن يرمل أو جهل في أول طوافه بالبيت أو جهل أو نسي أن يسعى في بطن الوادي بين الصفا والمروة‏.‏

قال‏:‏ هذا خفيف ولا أرى عليه شيئا‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وقد كان مالك قال مرة عليه الدم ثم رجع عنه بعد ذلك إلى هذا أنه لا دم عليه سألناه عنه مرارا كثيرة كل ذلك يقول لا دم عليه‏.‏

قال مالك‏:‏ ويرمل من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود‏.‏

قال مالك‏:‏ إن شاء استلم الحجر كلما مر وإن شاء لم يستلم ولا أرى بأسا أن يستلم الحجر من لا يطوف يستلمه وإن لم يكن في طوافه‏.‏

في الابتداء بالاستلام قبل الطواف

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت الرجل أول ما يدخل مكة فابتدأ الطواف أول ما يدخل مكة كيف يطوف أيطوف بالبيت ولا يستلم الركن أو يبدأ فيستلم الركن‏.‏

قال‏:‏ قال مالك هذا الذي يدخل مكة أول ما يدخل يبتدئ باستلام الحجر ثم يطوف‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يقدر على استلام الحجر كبر ثم طاف بالبيت ولا يستلمه كلما مر به في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ ذلك واسع في قوله إن شاء استلم وإن شاء ترك‏.‏

قلت‏:‏ فإن ترك الاستلام أيترك التكبير أيضا كما ترك الاستلام في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يدع التكبير كلما حاذاه كبر‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت هذا الذي دخل مكة فطاف بالبيت الطواف الأول الذي أوجبه مالك الذي يصل به السعي بين الصفا والمروة فأمره مالك بأن يستلم إلا أن لا يقدر فيكبر‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما طاف بعد هذا الطواف أيبتدئ باستلام الركن في كل طواف يطوفه بعد ذلك‏.‏

قال‏:‏ ليس عليه أن يستلم في ابتداء طوافه إلا في الطواف الواجب إلا أن يشاء ولكن لا يدع التكبير كلما مر بالحجر في كل طواف يطوفه من واجب أو تطوع‏.‏

قلت‏:‏ فالركن اليماني أيستلمه في كل ما مر به في الطواف الواجب أو التطوع‏.‏

قال‏:‏ مالك ذلك واسع إن شاء استلمه وإن شاء تركه‏.‏

قلت‏:‏ أفيكبر إن ترك الاستلام‏.‏

قال‏:‏ مالك يكبر كلما مر به إذا ترك استلامه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ سألت مالكا عن هذا الذي يقول الناس عند استلام الحجر إيمانا بك وتصديقا بكتابك فأنكره‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أفيزيد على التكبير في قول مالك أم لا‏؟‏ عند استلام الحجر أو الركن اليماني‏.‏

قال‏:‏ لا يزيد على التكبير في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت إن وضع الخدين والجبهة على الحجر الأسود‏.‏

قال‏:‏ أنكره مالك وقال هذه بدعة‏.‏

رسم فيمن طاف في الحجر

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت من طاف في الحجر أيعتد به أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك ليس ذلك بطواف‏.‏

قلت‏:‏ فيلغيه في قول مالك ويبني على ما كان طاف‏؟‏

قال نعم‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وسألنا مالكا عن الركن هل يستلمه من ليس في طواف‏.‏

قال‏:‏ لا بأس بذلك‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت من طاف بالبيت أول ما دخل مكة ثم صلى الركعتين فأراد الخروج إلى الصفا والمروة أيرجع فيستلم الحجر قبل أن يخرج إلى الصفا والمروة أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك نعم يرجع فيستلم الحجر ثم يخرج‏.‏

قلت‏:‏ وإن لم يفعل أيرى عليه مالك لذلك شيئا‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن طاف بالبيت بعد ما سعى بين الصفا والمروة فأراد أن يخرج إلى منزله أيرجع إلى الحجر فيستلمه كلما أراد الخروج‏.‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك في هذا شيئا ولا أرى ذلك إلا أن يشاء أن يستلمه فذلك له‏.‏

رسم في الموضع الذي يقف به الرجل بين الصفا والمروة وفي الدعاء ورفع اليدين

قلت‏:‏ لابن القاسم أي موضع يقف الرجل من الصفا والمروة‏.‏

قال‏:‏ قال مالك أحب إلي أن يصعد على أعلاها موضعا يرى منه الكعبة‏.‏

قال‏:‏ فقلنا لمالك فإذا دعا أيقعد على الصفا والمروة‏.‏

قال‏:‏ ما يعجبني ذلك إلا أن يكون به علة‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فالنساء‏.‏

قال‏:‏ ما سألنا مالكا عنهن إلا كما أخبرتك‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأنا أرى أن النساء مثل الرجال أنهن يقفن قياما إلا أن يكون بهن ضعف أو علة إلا أنهن إنما يقفن في أصل الصفا والمروة في أسفلهما وليس عليهن صعود عليهما إلا أن يخلو فيصعدن‏.‏

قلت‏:‏ فهل كان مالك يذكر على الصفا والمروة دعاء مؤقتا‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت‏:‏ فهل ذكر لكم مالك مقدار كم يدعو على الصفا والمروة‏.‏

قال‏:‏ رأيته يستحب المكث في دعائه عليهما‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فهل كان يستحب مالك أن ترفع الأيدي على الصفا والمروة‏.‏

قال‏:‏ رفعا خفيفا ولا يمد يده رافعا‏.‏

قال‏:‏ ورأيت مالكا يستحب أن يترك رفع الأيدي في كل شيء‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم إلا في ابتداء الصلاة‏.‏

قال‏:‏ نعم إلا في ابتداء الصلاة‏.‏

قال‏:‏ إلا أنه قال في الصفا والمروة إن كان فرفعا خفيفا‏.‏

وقال لي مالك في الوقوف بعرفة ان رفع أيضا فرفعا خفيفا‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فهل يرفع يديه في المقامين عند الجمرتين في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا أدري ما قوله ولا أرى أن يفعل‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وسئل مالك عن الإمام إذا أمر الناس بالدعاء وأمرهم أن يرفعوا أيديهم في مثل الاستسقاء والأمر الذي ينزل بالمسلمين مما يشبه ذلك قال فليرفعوا أيديهم إذا أمرهم قال وليرفعوا رفعا خفيفا وليجعلوا ظهور أكفهم إلى وجوههم وبطونها إلى الأرض‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأخبرني بعض من أثق به أنه رأى مالكا في المسجد يوم الجمعة ودعا الإمام في أمر وأمر الناس برفع أيديهم فرأى مالكا فعل ذلك رفع يديه ونصبهما وجعل ظاهرهما مما يلي السماء‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ قال مالك أكره للرجل إذا انصرف من عرفات أن يمر في غير طريق المأزمين‏.‏

قال‏:‏ وأكره للناس هذا الذي يصنعون يقدمون أبنيتهم إلى منى قبل يوم التروية وأكره لهم أيضا أن يتقدموا هم أنفسهم قبل يوم التروية إلى منى‏.‏

قال‏:‏ وأكره لهم أن يتقدموا إلى عرفة قبل يوم عرفة هم أنفسهم أو يقدموا أبنيتهم‏.‏

قال مالك‏:‏ وأكره البنيان الذي أحدثه الناس بمنى‏.‏

قال‏:‏ وما كان بعرفة مسجد مذ كانت عرفة وإنما أحدث مسجدها بعد بني هاشم بعشر سنين‏.‏

قال مالك‏:‏ وأكره بنيان مسجد عرفة لأنه لم يكن فيه مسجد منذ بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم‏.‏

قال‏:‏ فقلنا لمالك فالإمام أين كان يخطب قال في الموضع الذي يخطب فيه ويصلي بالناس فيه كان يتوكأ على شيء ويخطب‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أفتحفظ عن مالك أنه كره أن يقدم الناس أثقالهم من منى أو يقدم الرجل ثقله من منى‏.‏

قال‏:‏ لا أحفظه عن مالك ولا أرى به بأسا‏.‏

رسم في موضع الأبطح وفي الطواف للقارن ومن نسي بعض الطواف

قلت‏:‏ لابن القاسم كيف الأبطح في قول مالك إذا رجع الناس من منى وأي موضع هذا الأبطح‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إذا رجع الناس من منى نزلوا الأبطح فصلوا به الظهر والعصر والمغرب والعشاء إلا أن يكون رجل أدركه وقت الصلاة قبل أن يأتي الأبطح فيصلي الصلوات حيثما أدركه الوقت ثم يدخل مكة بعد العشاء‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فمتى يدخل مكة هذا الذي صلى بالأبطح الظهر والعصر والمغرب والعشاء في أول الليل أو في آخر الليل‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يصلي هذه الصلوات التي ذكرت لك ثم يدخل‏.‏

قال‏:‏ وأرى أنه يدخل أول الليل‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فأين الأبطح عند مالك‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع منه أين هو ولكن الأبطح معروف هو أبطح مكة حيث المقبرة وكان مالك يستحب لمن يقتدى به أن لا يدع أن ينزل بالأبطح وكان يوسع لمن لا يقتدى به أنه إذا دخل مكة أو لا ينزل بالأبطح قال وكان يفتى بهذا سرا وأما علانية فكان يفتى بالنزول بالأبطح لجميع الناس‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك من قرن الحج والعمرة أجزأه طواف واحد عنهما وهي السنة‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت من دخل مكة معتمرا مراهقا فلم يستطع الطواف بالبيت خوفا أن يفوته الحج فمضى إلى عرفات وفرض الحج فرمى الجمرة أيحلق رأسه أم يؤخر حلاق رأسه حتى يطوف بالبيت لمكان عمرته في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك هذا قارن وليحلق إذا رمى الجمرة ولا يؤخر حتى يطوف بالبيت‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت رجلا دخل مكة معتمرا فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ونسى الركعتين اللتين على أثر الطواف حتى انصرف إلى بلاده ووطئ النساء‏.‏

قال‏:‏ يركعهما إذا ذكر ويهدى هديا‏.‏

قلت‏:‏ فإن ذكر أنه لم يكن طاف بالبيت إلا ستا كيف يصنع‏.‏

قال‏:‏ يعيد الطواف بالبيت ويصلي الركعتين ويسعى بين الصفا والمروة ويمر الموسى على رأسه ويقضى عمرته ويهدى‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان حين دخل مكة طاف بالبيت وسعى ثم أردف الحج فلما كان بعرفة ذكر أنه لم يكن طاف بالبيت إلا ستا كيف يفعل‏.‏

قال‏:‏ هذا قارن يعمل عمل القارن‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم هل كان مالك يكره الحلاق يوم النحر بمكة‏.‏

قال‏:‏ قال مالك الحلاق بمنى يوم النحر أحب إلي فإن حلق بمكة أجزأه ولكن أفضل ذلك أن يحلق بمنى‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك في الذي تضل بدنته يوم النحر أنه يؤخر حلاق رأسه ويطلبها‏.‏

قلت‏:‏ فيطلبها نهاره كله يومه ذلك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا ولكن ما بينه وبين أن تزول الشمس فإن أصابها وإلا حلق رأسه‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت إن كانت هذه البدنة مما عليه بدلها أو كانت مما لا بدل عليه لها فهما سواء‏.‏

قال‏:‏ نعم هما سواء عند مالك ولا يجزئان عليه شيئا وهو بمنزلة من لم يهد يفعل ما يفعل من لم يهد من وطء النساء والافاضة وحلق رأسه ولبس الثياب كذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت ما أوقفه غيري من الهدى أيجزئني في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يجزئ إلا ما أوقفته أنت لنفسك‏.‏

قلت‏:‏ هل توقف بعرفة وفي المشعر الحرام‏.‏

قال‏:‏ إن بات به فحسن وإن لم يبت فلا شيء عليه‏.‏

قلت‏:‏ فهل يخرج الناس بالهدى يوم التروية كما يخرجون إلى منى ثم يدفعون كما يدفعون إلى عرفات‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك أكثر من أن يقف بها بعرفة ولا يدفع بها قبل غروب الشمس‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ فإن دفع بها قبل غروب الشمس فليس ذلك بوقف‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فإن عاد بها فوقفها قبل انفجار الصبح بعرفة أيكون هذا وقفا‏.‏

قال‏:‏ نعم هو عندي وقف وذلك أن مالكا قال لي في الرجل يدفع قبل أن تغرب الشمس من عرفة قال إن أدرك أن يرجع فيقف بعرفة قبل أن يطلع الفجر كان قد أدرك الحج وإن فاته أن يقف بعرفة قبل طلوع الفجر فقد فاته الحج فعليه الحج من قابل وكذلك الهدى إلا أن الهدى يساق إلى مكة فينحر بها ولا ينحر بمنى‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت ما اشترى من الهدى بعرفات فوقفه بها أليس يجزئ في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

في إحرام أهل مكة والمعتمرين

قلت‏:‏ لابن القاسم من أين يستحب مالك للمعتمرين وأهل مكة أن يحرموا بالحج‏.‏

قال‏:‏ من المسجد الحرام‏.‏

في تقليد الهدي وتشعيره

قلت‏:‏ لابن القاسم متى يقلد الهدي ويشعر ويجلل في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قبل أن يحرم يقلد ويشعر ويجلل ثم يدخل المسجد فيصلي ركعتين ولا يحرم في دبر الصلاة في المسجد ولكن إذا خرج فركب راحلته في فناء المسجد فإذا استوت به لبى ولم ينتظر أن يسير وينوي بالتلبية الإحرام ان حجا فحج وأن عمرة فعمرة‏.‏

قلت‏:‏ وإن كان قارنا‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إذا كان قارنا فوجه الصواب فيه أن يقول لبيك بعمرة وحجة يبدأ بالعمرة قبل الحجة‏.‏

قال‏:‏ ولم أسأله أيتكلم بذلك أم ينوي بقلبه العمرة ثم الحجة إذا هو لبى إلا أن مالكا قال لي النية تكفيه في الإحرام ولا يسمى عمرة ولا حجة‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ في القارن أيضا إن النية تجزئه ويقدم العمرة في نيته قبل الحج‏.‏

قال‏:‏ قال مالك فإن كان ماشيا فحين يخرج من المسجد ويتوجه للذهاب يحرم ولا ينتظر أن يظهر بالبيداء‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت من قلد وهو يريد الذهاب مع هديه إلى مكة أيكون بالتقليد أو بالإشعار أو بالتجليل محرما في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا حتى يحرم‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ يقلد ثم يشعر ثم يجلل في رأيي كل ذلك واسع‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت من ضفر أو عقص أو لبد أيأمره مالك بالحلاق‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فلم أمره مالك بالحلاق‏.‏

قال للسنة‏.‏

قلت‏:‏ فما معنى هذا القول عندكم ولا تشبهوا بالتلبيد‏.‏

قال‏:‏ معناه أن السنة جاءت فيمن لبد فقد وجب عليه الحلاق وقيل من عقص أو ضفر فليحلق ولا تشبهوا أي لا تشبهوا علينا فإنه مثل التلبيد‏.‏