فصل: رسم فيمن مرض فتعالج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


رسم فيمن مرض فتعالج

قال‏:‏ فقال لمالك رجل من أهل المدينة يا أبا عبد الله أنا نزلنا بالجحفة ومعي أختي أصابها حمى فوصف لي دواء فيه طيب فعالجتها به ثم وصف لي دواء آخر فيه طيب فعالجتها به ثم عالجتها بشيء آخر فيه طيب وذلك في موضع واحد‏.‏

قال‏:‏ إذا كان ذلك قريبا بعضه مع بعض وكان في موضع واحد فلا أرى عليها إلا فدية واحدة لذلك كله‏.‏

قال‏:‏ وقد يتعالج الرجل المحرم يوصف له الألوان من الأدوية في كلها الطيب فيقدمها كلها ثم يتعالج بها كلها يتعالج بواحد منها ثم يدع ثم يتعالج بالآخر بعده حتى يتعالج بجميعها كلها فإنما عليه فدية واحدة لذلك كله‏.‏

قلت‏:‏ فما قول مالك في الظفر إذا انكسر‏.‏

قال‏:‏ يقلمه ولا شيء عليه‏.‏

قلت‏:‏ فإن أصابت أصابعه القروح فاحتاج إلى أن يداوي تلك القروح وهو لا يقدر على أن يداوي تلك القروح إلا أن يقلم أظفاره‏.‏

قال‏:‏ أرى عليه في هذا الفدية‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك والكفارة في الأظفار فدية كالكفارة في إماطة الأذى من الشعر‏.‏

فيمن قتل صيدا أو دل عليه محرما أو حلالا

قلت‏:‏ لو أن محرما دل على صيد محرما أو حلالا فقتله هذا المدلول أيكون على الدال شيء أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يستغفر الله ولا شيء عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن نفرا اجتمعوا على قتل صيد وهم محرمون ما عليهم في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك على كل واحد منهم الجزاء كاملا‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك قول مالك لو أن محلين اجتمعوا في قتل صيد في الحرم أيكون على كل واحد منهم الجزاء كاملا‏.‏

قال‏:‏ نعم هم بمنزلة المحرمين‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك قول مالك لو أن محرما وحلالا قتلا صيدا في الحرم‏.‏

قال‏:‏ قال مالك على كل واحد منهما الجزاء كاملا‏.‏

قلت‏:‏ فهل كان يزيد على المحرم لا حرامه شيئا‏.‏

قال‏:‏ ما علمت أنه يزيد عليه فوق الجزاء شيئا‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن محرمين اجتمعوا على صيد فجرحوه جرحه كل واحد منهم جرحا‏.‏

قال‏:‏ قال مالك من جرح صيدا وهو محرم فغاب الصيد عنه وهو مجروح فعليه الجزاء كاملا‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك في محرم أمر غلامه أن يرسل صيدا كان معه فأخذه الغلام فظن أن مولاه قال له أذبحه فذبحه الغلام‏.‏

قال‏:‏ قال مالك على سيده الجزاء‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فهل يكون على العبد إن كان محرما أيضا الجزاء في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى على العبد الجزاء ولا يضع ذلك عنه خطؤه ولو أمره بالذبح فأطاعه فذبحه لرأيت أيضا عليهما الجزاء جميعا‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ كنت عند مالك سنة خمس وستين ومائة فأتي بنفر أتهموا بدم فيما بين الأبواء والجحفة وهم محرمون فردوا إلى المدينة فسجنوا فأتى أهلوهم إلى مالك يسألونه عن أمرهم ويخبرونه أنهم قد حصروا عن البيت وأنهم قد منعوا وأن ذلك يشتد عليهم‏.‏

قال مالك‏:‏ لا يحلهم إلا البيت ولا يزالون محرمين في حبسهم حتى يخرجوا فيقتلوا أو يحلوا فيأتوا البيت فيحلوا بالبيت‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم ما قول مالك فيمن قرن الحج والعمرة فأصاب الصيد وهو محرم قارن‏.‏

قال‏:‏ قال مالك عليه جزاء واحد‏.‏

رسم فيمن أصاب الصيد كيف يقوم ومن طرد صيدا

قلت‏:‏ له فما قول مالك فيما أصاب المحرم من الصيد كيف يحكم عليه‏.‏

قال‏:‏ سألنا مالكا عن الرجل يصيب الصيد وهو محرم فيريد أن يحكم عليه بالطعام أيقوم الصيد دراهم أو طعاما‏.‏

قال‏:‏ الصواب من ذلك أن يقوم طعاما ولا يقوم دراهم ولو قوم الصيد دراهم ثم اشترى بها طعاما لرجوت أن يكون واسعا ولكن الصواب من ذلك أن يحكم عليه طعاما فإن أراد أن يصوم نظر كم ذلك الطعام من الأمداد فيصوم مكان كل مد يوما وإن زاد ذلك على شهرين أو ثلاثة‏.‏

قلت‏:‏ له فإن كان في الطعام كسر المد‏.‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك في كسر المد شيئا ولكن أحب إلي أن يصوم له يوما‏.‏

قالابن القاسم‏:‏ ولم يقل لنا مالك أنه ينظر إلى جزاء الصيد من النعم فيقوم هذا الجزاء من النعم طعاما ولكنه قال ما أعلمتك‏.‏

قلت‏:‏ وكيف يقوم هذا الصيد طعاما في قول مالك أحي أم مذبوح أم ميت‏.‏

قال‏:‏ بل يقوم حيا عند مالك على حاله التي كان عليها حين أصابه‏.‏

قال‏:‏ قال مالك ولا ينظر إلى فراهيته ولا إلى جماله ولكن إلى ما يساوى من الطعام بغير فراهية ولا جمال وشبه ذلك بفراهية الباز لا ينظر إلى قيمة ما يباع به أن لو صيد لفراهيته‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ قال مالك ان الفاره من الصيد وغير الفاره والبزاة إذا أصابها الحرام عليه في الحكم سواء‏.‏

قلت‏:‏ فكيف يحكم عليه إن أراد أن يحكم عليه بالنظير من النعم‏.‏

قال‏:‏ قلنا لمالك أيحكم بالنظير في الجزاء من النعم بما قد مضى وجاءت به الآثار أم يستأنف الحكم فيه‏.‏

قال‏:‏ بل يستأنف الحكم فيه‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فإنما فيه الاجتهاد عند مالك إذا حكم عليه في الجزاء‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال مالك‏:‏ ولا أرى أن يخرج مما جاء فيه الاجتهاد عن آثار من مضى‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك لا يحكم في جزاء الصيد من الغنم والابل والبقر إلا بما يجوز في الضحايا والهدي الثني فصاعدا إلا من الضأن فإنه يجوز الجذع‏.‏

وما أصاب المحرم مما لا يبلغ أن يكون مما يجوز أن يكون في الضحايا والهدي من الابل والبقر والغنم فعليه فيه الطعام والصيام‏.‏

قال مالك‏:‏ ولا يحكم بالجفرة ولا بالعناق ولا يحكم بدون المسن‏.‏

قلت‏:‏ وما قول مالك فيمن طرد صيدا فأخرجه من الحرم أيكون عليه الجزاء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا أحفظ عنه فيه شيئا وأرى عليه الجزاء‏.‏

رسم فيمن رمي صيدا

قلت‏:‏ ما قول مالك فيمن رمي صيدا من الحل والصيد في الحرم فقتله‏.‏

قال‏:‏ قال مالك عليه الجزاء وكذلك قوله لو أن رجلا في الحرم والصيد في الحل فرماه فقتله‏؟‏ قال نعم عليه أيضا في قوله جزاؤه‏.‏

قلت‏:‏ فإن رمى صيدا في الحل وهو في الحل فأصابه في الحرم هرب الصيد إلى الحرم وتبعته الرمية فأصابته في الحرم‏.‏

قال‏:‏ قال مالك من أرسل كلبه على صيد في الحل وهو في الحل أيضا إذا كان ذلك قرب الحرم فطلبه الكلب حتى أدخله الحرم فأصابه في الحرم فعلى صاحب الكلب الذي أرسله الجزاء لأنه غرر فأرسل كلبه على صيد قرب الحرم‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ فأرى الرمية بمنزلة الكلب الذي أرسله قرب الحرم‏.‏

قال ولم أسمع في مسألتك في الرمية بعينها من مالك شيئا ولكن ذلك عندي مثل الذي يرسل كلبه قرب الحرم‏.‏

قلت‏:‏ فقول مالك في الذي يرسل بازه قرب الحرم مثل قوله في الذي يرسل كلبه قرب الحرم‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فما قول مالك إن أرسل كلبه وليس بقريب من الحرم فطلبه الكلب حتى أدخله الحرم فقتله‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا شيء على الذي أرسل الكلب لأنه لم يغرر بالإرسال‏.‏

قال مالك‏:‏ ولا يؤكل ذلك الصيد‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك الباز في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فما قول مالك إن أرسل كلبه أو بازه قرب الحرم وهو والصيد جميعا في الحل فأخذ الكلب الصيد في الحل‏.‏

قال‏:‏ لا شيء عليه عند مالك لأنه قد سلم مما كان غرر به‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أرسل كلبه على صيد في الحل قرب الحرم وهو في الحل أيضا فطلب الكلب الصيد حتى أدخله الحرم ثم أخرجه من الحرم أيضا إلى الحل فأخذه في الحل أيكون على صاحبه الجزاء أم لا‏؟‏ في قول مالك وكيف إن قتله بعد ما أخرجه إلى الحل أيحل أكله في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لم أسمع من مالك في مسألتك هذه شيئا ولكن رأيي أن لا يأكله وأن يكون عليه في الجزاء لأنه لما دخل الحرم والكلب في طلبه من فوره ذلك حتى أخرجه إلى الحل فكأنه أرسله في الحرم لأنه إنما أرسله قرب الحرم مغررا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أرسل كلبه أو بازه في الحل وهو بعيد من الحرم فطلب الكلب أو الباز الصيد حتى أدخله الحرم ثم أخرجه من الحرم طالبا له فقتله في الحل أيؤكل أم لا‏؟‏ في قول مالك وهل يكون على صاحبه الجزاء في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يؤكل ولا أرى على الذي أرسل الكلب الجزاء ولا على الذي أرسل الباز جزاء لأنه لم يغرر بقرب الحرم‏.‏

في محرم ذبح صيدا أو أرسل كلبه أو بازه على صيد

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت لو أن محرما ذبح صيدا أو أرسل كلبه على صيد فقتله أو بازه فقتله أيأكله حلال أو حرام‏.‏

قال مالك‏:‏ لا يأكله حلال ولا حرام قال وهو ميتة ليس بذكي قال وهو مثل ذبيحته‏.‏

قلت‏:‏ فما ذبح للمحرم من الصيد وإن ذبحه رجل حلال إلا أنه إنما ذبحه من أجل هذا المحرم أمره المحرم بذلك أم لم يأمره‏.‏

قال‏:‏ قال مالك ما ذبح للمحرم من الصيد فلا يأكله حلال ولا حرام وإن كان الذي ذبحه حلالا أو حراما فهو سواء لا يأكله حلال ولا حرام لأن هذا إنما ذبحه لهذا المحرم ومن أجله‏.‏

قال مالك‏:‏ وسواء إن كان أمره هذا المحرم أن يذبحه له أو لم يأمره فهو سواء إذا كان إنما ذبح الصيد من أجل هذا المحرم فلا يؤكل‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وكان مالك لا يأخذ بحديث عثمان بن عفان حين قال لأصحابه كلوا وأبى أن يأكل وقال عثمان لأصحابه إنما صيد من أجلي‏.‏

قلت‏:‏ ما قول مالك في محرم ذبح صيدا فأدى جزاءه ثم أكل من لحمه أيكون عليه جزاء آخر أم قيمة ما أكل من لحمه‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا قيمة عليه ولا جزاء في لحمه وإنما لحمه جيفة غير ذكي فإنما أكل حين أكل منه لحم ميتة وما لا يحل‏.‏

فيما أصاب المحرم من بيض الطير الوحشي والصيد

قلت‏:‏ أرأيت ما أصاب الحرم من بيض الطير الوحشي ما عليه لذلك في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك على المحرم إذا كسر بيضا من بيض الطير الوحشي أو الحلال في الحرم إذا كسره عشر ثمن أمه كجنين الحرة من دية أمه‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم وسواء في قول مالك إن كان فيه فرخ أو لم يكن فيه فرخ‏.‏

قال‏:‏ نعم ما لم يستهل الفرخ بعد الكسر صارخا فإن استهل الفرخ من بعد الكسر صارخا فأرى أن يكون فيه الجزاء كاملا كجزاء كبير ذلك الطير‏.‏

قال‏:‏ وإنما شبه مالك البيض بجنين الحرة فلو أن رجلا ضرب بطن امرأة فألقت جنينا ميتا لم يكن عليه إلا عشر دية أمه إذا خرج ميتا قال فإن خرج حيا فاستهل صارخا فالدية كاملة فعلى الجنين فقس البيض في كل ما يرد عليك منه‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يستهل صارخا فلا قسامة فيه‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن كسر البيضة فخرج الفرخ حيا يضطرب ما عليه في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك من ضرب بطن امرأة فألقت جنينا حيا يضطرب فمات قبل أن يستهل صارخا فإنما فيه عشر دية أمه‏.‏

فكذلك البيض هو عندي مثله إنما فيه عشر ثمن أمه فإن خرج الفرخ منه حيا فإنما فيه عشر ثمن أمه إلا أن يستهل صارخا فإذا استهل صارخا ففيه ما في كباره‏.‏

في محرم ضرب بطن عنز من الظباء

قلت‏:‏ أرأيت لو أن محرما ضرب بطن عنز من الظباء فألقت جنينها ميتا وسلمت الأم‏.‏

قال‏:‏ عليه في جنينها عشر قيمة أمه‏.‏

قال‏:‏ ولم أسمع في جنين العنز من الظباء من مالك شيئا ولكنه في رأيي مثل جنين الحرة‏.‏

قلت‏:‏ فما قول مالك في جنين الحرة لو ضرب رجل بطن امرأة فألقت جنينا ميتا ثم ماتت بعده‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إن عليه عشر دية أمه للجنين ودية كاملة للمرأة‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك العنز من الظباء إن ضربها فألقت جنينها ثم ماتت بعد ما طرحت جنينها‏.‏

قال‏:‏ نعم هكذا أرى أن يكون عليه في جنين العنز عشر ثمن أمه ويكون عليه في العنز الجزاء أيضا كاملا‏.‏

قلت‏:‏ فما قول مالك في الحرة يضرب الرجل بطنها فتطرح جنينها حيا فيستهل صارخا ثم يموت وتموت الأم‏.‏

قال‏:‏ مالك عليه إن كان ضربها خطأ الدية للمرأة والدينة للجنين كاملة تحمل العاقلة جميع ذلك وفي الجنين قسامة‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك إن ضرب بطن هذه العنز فألقت جنينها حيا فاستهل صارخا ثم مات وماتت أمه إنه ينبغي أن يكون عليه جزاء للأم وجزاء للجنين كاملا‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ ويحكم في الجنين في قول مالك إذا استهل صارخا كما يحكم في كبار الظباء‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يحكم في صغار كل شيء أصابه المحرم من الصيد والطير الوحشي مثل ما يحكم في كباره وشبههم صغار الأحرار وكبارهم في الدية سواء قال فكذلك الصيد‏.‏

قلت‏:‏ فهل ذكر لكم مالك في جراحات الصيد أيحكم فيها إذا هي سلمت أنفسها من بعد الجراحات كما يحكم في جراحات الأحرار أو مثل جراحات العبيد ما نقص من أثمانها‏.‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا وما أرى فيها شيئا إذا استيقن أنها سلمت‏.‏

قلت‏:‏ فما نرى أنت في جراحات هذا الصيد إذا هو سلم‏.‏

قال‏:‏ لا أرى عليه شيئا إذا هو سلم من ذلك الجرح‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا ضرب المحرم فسطاطا فتعلق بأطنابه صيد فعطب أيكون على الذي ضرب الفسطاط الجزاء في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا أحفظه من مالك ولكن لا شيء عليه لأنه لم يصنع بالصيد شيئا إنما الصيد هو الذي صنع ذلك بنفسه‏.‏

قال‏:‏ وإنما قلته لأن مالكا قال في الرجل يحفر البئر في الموضع الذي يجوز له أن يحفر فيه فيقع فيها إنسان فيهلك إنه لا دية له على الذي حفر البئر في الموضع الذي يجوز له أن يحفر وكذلك هذا إنما ضرب فسطاطه في موضع لا يمنع من أجل الصيد‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك الذي يحفر بئرا للماء وهو محرم فعطب فيه صيد‏.‏

قال‏:‏ كذلك أيضا في رأيي لا شيء عليه‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك أيضا إن رآني الصيد وأنا محرم ففزع مني فأحصر فانكسر من غير أن أفعل به شيئا فلا جزاء علي‏.‏

قال‏:‏ أرى عليك الجزاء إذا كان إنما كان عطبه ذلك لأنه نفر من رؤيتك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا فزع صيد من رجل وهو محرم فحصر الصيد فعطب في حصره ذلك أيكون عليه الجزاء في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

في محرم نصب شركا للذئب أو للسبع

قلت‏:‏ أرأيت إن نصب محرم شركا للذئب أو للسبع خافه على غنمه أو على دابته أو على نفسه فوقع فيه صيد ظبي أو غيره فعطب هل تحفظ عن مالك فيه شيئا‏.‏

قال‏:‏ لا أحفظ عن مالك فيه شيئا ولكن أرى أن يضمن لأنه فعل شيئا ليصيد به فعطب به الصيد‏.‏

قلت‏:‏ له إنما فعله للسباع لا للصيد فكيف يكون عليه الجزاء وقد كان جائزا له أن يجعله للسبع والذئب‏.‏

قال‏:‏ لأن مالكا قال لو أن رجلا حفر بئرا في منزله لسارق أو عمل في داره شيئا ليتلف به السارق فوقع فيه إنسان سوى السارق رأيته ضامنا لديته‏.‏

قلت‏:‏ وهل يرى مالك أن يضمن دية السارق إن وقع فيه فمات‏.‏

قال‏:‏ قال مالك نعم يضمن‏.‏

فيمن أحرم وفي يده صيد أو في بيته

قلت‏:‏ لابن القاسم ما قول مالك فيمن أحرم وفي بيته صيد‏.‏

قال‏:‏ لا شيء عليه فيه ولا يرسله‏.‏

قلت‏:‏ فإن أحرم وفي يده صيد‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يرسله‏.‏

قلت‏:‏ فإن أحرم والصيد معه في قفص‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يرسله‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك إن أحرم وهو يقود صيدا أيرسله‏.‏

قال‏:‏ نعم يرسله إذا كان يقوده‏.‏

قلت‏:‏ فالذي في بيته من الصيد إذا أحرم لم قال مالك لا يرسله‏.‏

قال‏:‏ لأن ذلك أسيره وقد كان ملكه قبل أن يحرم فأحرم وليس هو في يديه‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إنما يجب عليه أن يرسل من الصيد إذا هو أحرم ما كان في يديه حين يحرم فأرى ما في قفصه أو ما يقوده بمنزلة هذا قال وقال مالك إذا أحرم أرسل كل صيد كان معه فالذي في قفصه والذي في يده في غير قفص والذي يقوده سواء عندنا‏.‏

قلت‏:‏ فكل صيد صاده المحرم فعليه أن يرسله‏.‏

قال‏:‏ قال مالك نعم عليه أن يرسله‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يرسله حتى أخذه حلال أو حرام من يده فأرسلاه أيضمنان له شيئا أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا يضمنان له شيئا في رأيي لأنهما إنما فعلا في الصيد ما كان يؤمر هذا الذي صاده أن يفعله ويحكم عليه بإرساله‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن الصيد كان قد ملكه وهو حلال ثم أحرم وهو في يده فأتاه حلال أو حرام فأرسله من يده أيضمن له شيئا أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أرى أن لا يضمن له شيئا لأن مالكا قال لو أن رجلا أخذ صيدا فأفلت منه الصيد فأخذه غيره من الناس‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إن كان ذلك يحدثان ذلك رأيت أن يرد على سيده الأول وإن كان قد ذهب ولحق بالوحش واستوحش فهو لمن صاده ولم ير مالك أن ملكه ثابت عليه إذا فاته ولحق بالوحش فهذا المحرم حين أحرم ينبغي له أن يرسل الصيد ولا يجوز له أخذه إذا أرسله حتى يحل من إحرامه فهو إذا ألزمته أن يرسله ولم أجز له أن يأخذه بعد ما يرسل حتى يحل من إحرامه فقد زال ملكه عنه حين أحرم فلا شيء على من أرسله من يده بعد إحرامه لأن ملكه زال عن الصيد بالإحرام ألا ترى أنه لو حبسه معه حتى يحل من إحرامه وجب عليه أن يرسله أيضا وإن كان قد حل‏.‏

أو لا ترى أن ملكه قد زال عنه‏.‏

أو لا ترى أنه لو بعث به إلى بيته بعد إن أحرم وهو في يده ثم حل من إحرامه لم يجز له أن يحبسه بعد ما حل وكان عليه أن يرسله فهذا الدليل على أن ملكه قد زال عنه‏.‏

وقد اختلف الناس في هذا أن يرسله أو لا يرسله فقال بعض الناس يرسله وإن حل من إحرامه لأنه كان صاده وهو حلال وقال بعض الناس لا يرسله وليحبسه لأنه قد حل من إحرامه ولا شيء عليه‏.‏

قال‏:‏ والذي آخذ به أن يرسله وكذلك المحرم إذا صاد الصيد وهو حرام لم يجب له فيه الملك فليس على من أرسل هذا الصيد من يد هذين ضمان لهما‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت إن صاد محرم صيدا فأتاه حلال أو حرام ليرسله من يده فتنازعاه فقتلاه بينهما ماذا عليهما في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ أرى عليهما في قول مالك إن كانا حرامين الجزاء على كل واحد منهما وإن كان الذي نازعه حلالا فعلى المحرم الجزاء ولا قيمة لهذا المحرم على الحلال لأن هذا المحرم لم يملك هذا الصيد‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك إن أحرم وهو في يده قد كان صاده وهو حلال‏.‏

قال‏:‏ نعم هو مثل الأول ولا ينبغي أن يضمن له شيئا لأنه زال ملكه عن الصيد الذي هو في يده حين أحرم‏.‏

قلت‏:‏ فهل يضمنان هذا الجزاء لهذا المحرم إذا نازعاه في الصيد الذي هو في يده حتى قتلاه‏.‏

قال‏:‏ لا أحفظ من مالك في هذا شيئا ولكن لا أرى أن يضمنا له الجزاء لأنهما إنما أرادا أن يرسلا الصيد من يده فنازعهما فمنعهما ما لم يكن ينبغي له أن يمنعهما فمات الصيد من ذلك فلا يضمنان له شيئا لأن القتل جاء من قبله‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فلو أن بازا لرجل أفلت منه فلم يقدر على أخذه بحضرة ذلك حتى فات بنفسه ولحق بالوحش أكان مالك يقول هو لمن أخذه‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فهل تحفظ عنه في النحل شيئا إن هي هربت من رجل ففاتت من فورها ذلك ولحقت بالجبال أتكون لمن وجدها‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن إن كان أصل النحل عند أهل المعرفة وحشية فهي بمنزلة ما قد وصفت لك من الوحش في رأيي‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك في النحل يخرج من جبح هذا إلى جبح هذا إلى جبح هذا‏.‏

قال‏:‏ إن علم ذلك واستطاعوا أن يردوها إلى أصحابها ردوها وإلا فهي لمن ثبتت في أجباحه‏.‏

قال مالك‏:‏ وكذلك حمام الابرجة‏.‏

رسم في الحكمين في جزاء الصيد

قال‏:‏ وسئل مالك عن الحكمين إذا حكما في جزاء الصيد فاختلفا أيؤخذ بأرفقهما أم يبتدأ الحكم بينهما‏.‏

قال‏:‏ يبتدئ الحكم فيه غيرهما حتى يجتمعا على أمر كذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ فهل يكون الحكمان في جزاء الصيد غير فقيهين إذا كانا عدلين في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا يكونان الا فقيهين عدلين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حكما فأخطآ‏.‏

حكما خطأ فيما فيه بدنة بشاة أو فيما فيه بقرة بشاة أو فيما فيه شاة ببدنة أينقض حكمهما ويستقبل الحكم في هذا الصيد‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت‏:‏ فإن حكم حكمان في جزاء صيد أصابه محرم فحكما عليه فأصابا الحكم وكان أمرهما أن يحكما عليه بالجزاء من النعم ففعلا ثم بداله أن ينصرف إلى الطعام أو الصيام بعد ما حكما عليه بالنظير من النعم وأن يحكم عليه غيرهما أو هما‏.‏

قال ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكني أرى له ذلك أن يرجع إلى أي ذلك شاء ‏(‏قلت‏:‏ فهل يكون الحكمان في جزاء الصيد دون الإمام‏.‏

قال‏:‏ نعم من اعترض من المسلمين ممن قبله معرفة من ذوي العدل بالحكم والعلم باذن ذلك الذي أصاب الصيد فحكما عليه فذلك جائز عليه‏.‏

في المحرم يقتل سباع الوحش من غير أن تؤذيه وما يجوز له أن يقتل منها

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت المحرم إذا قتل سباع الوحش من غير أن تبتدئه‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا شيء عليه في ذلك‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ قال مالك لا شيء عليه وذلك في السباع والنمور التي تعدو أو تفرس فأما صغار أولادها التي تعدو ولا تفرس فلا ينبغي لمحرم قتلها‏.‏

قال مالك‏:‏ ولا بأس أن يقتل المحرم السباع يبتدئها وإن لم تبتدئه‏.‏

قلت‏:‏ له فهل يكره مالك للمحرم قتل الهر الوحشي والثعلب‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ والضبع‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن قتل الضبع كان عليه الجزاء في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ له فإن قتل الثعلب والهر أيكون عليه الجزاء في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك نعم عليه الجزاء في الثعلب والهر‏.‏

قلت‏:‏ فإن ابتدأني الثعلب والهر والضبع وأنا محرم فقتلتهم أعلي في قول مالك لذلك شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا شيء عليك وهو رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت سباع الطير ما قول مالك فيها للمحرم‏.‏

قال‏:‏ كان مالك يكره قتل سباع الطير كلها وغير سباعها للمحرم‏.‏

قلت‏:‏ فإن قتل المحرم سباع الطير أكان مالك يرى عليه فيها الجزاء‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن عدت عليه سباع الطير فخافها على نفسه فدفع عن نفسه فقتلها أيكون عليه فيها الجزاء في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا شيء عليه وذلك لو أن رجلا عدا على رجل فأراد قتله فدفعه عن نفسه فقتله لم يكن عليه شيء فكذلك سباع الطير‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم هل كان مالك يكره أكل كل ذي مخلب من الطير‏.‏

قال‏:‏ لم يكن مالك يكره أكل كل شيء من الطير سباعها وغير سباعها‏.‏

قلت‏:‏ والغراب لم يكن مالك يرى به بأسا‏.‏

قال‏:‏ نعم لا بأس به عنده‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك الهدهد عنده والخطاف‏.‏

قال‏:‏ جميع الطير كلها فلا بأس بأكلها عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ له فهل كان يوسع في أكل الحيات والعقارب‏.‏

قال‏:‏ لم يكن يرى بأكل الحيات بأسا وقال لا يؤكل منها إلا الذكي‏.‏

قال‏:‏ ولا أحفظ في العقرب من قوله شيئا ولا أرى به بأسا‏.‏

قلت‏:‏ له وكان مالك يكره أكل سباع الوحش‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أفكان يرى مالك الهر من السباع‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا أحب أن يؤكل الهر الوحشي ولا الاهلي ولا الثعلب‏.‏

قلت‏:‏ فهل تحفظه عن مالك أنه كره أكل كل شيء سوى سباع الوحش من الدواب الخيل والبغال والحمير وما حرم الله في التنزيل من الميتة والدم ولحم الخنزير‏.‏

قال‏:‏ كان ينهى عما ذكرت فمنه ما كان يكرهه ومنه ما كان يحرمه‏.‏

قال‏:‏ وكان مالك لا يرى بأسا بأكل القنفذ واليربوع والضب والصرب والارنب وما أشبه ذلك‏.‏

قال‏:‏ ولا بأس بأكل الوبرة عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت الضب واليربوع والارنب وما أشبه هذه الأشياء إذا أصابها المحرم‏.‏

قال‏:‏ قال مالك عليه الجزاء يحكم فيها قيمتها طعاما فإن شاء الذي أصاب ذلك أطعم كل مسكين مدا وإن شاء صام لكل مد يوما هو عند مالك بالخيار‏.‏

رسم فيمن أصاب حمام الحرم

قلت‏:‏ له ما قول مالك في حمام الحرم يصيبها المحرم‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لم أزل أسمع أن في حمام مكة شاة شاة‏.‏

قال مالك‏:‏ وحمام الحرم بمنزلة حمام مكة وفيها شاة شاة‏.‏

قلت‏:‏ فكم على من أصاب بيضة من حمام مكة وهو محرم أو غير محرم في الحرم في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ عشر دية أمه وفي أمه شاة‏.‏

قلت‏:‏ فما قول مالك في غير حمام مكة إذا أصابه المحرم‏.‏

قال‏:‏ حكومة ولا يشبه حمام مكة وحمام الحرم‏.‏

قال‏:‏ وكان مالك يكره للمحرم أن يذبح الحمام إذا أحرم الوحشي وغير الوحشي لأن أصل الحمام عنده طير يطير‏.‏

قال‏:‏ فقيل لمالك إن عندنا حماما يقال له الرومية لا يطير وإنما يتخذ للفراخ‏.‏

قال‏:‏ لا يعجبني لأنها تطير ولا يعجبني أن يذبح المحرم شيئا مما يطير‏.‏

قال‏:‏ فقلنا لمالك أفيذبح المحرم الأوز والدجاج‏؟‏

قال لا بأس بذلك‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أليس الاوز طيرا يطير فما فرق ما بينه وبين الحمام‏.‏

قال‏:‏ قال مالك ليس أصله مما يطير وكذلك الدجاج ليس أصله مما يطير‏.‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فما أدخل مكة من الحمام الانسي والوحشي أترى للحلال أن يذبحه فيها‏.‏

قال‏:‏ نعم لا بأس بذلك وقد يذبح الحلال في الحرم الصيد إذا دخل به من الحل فكذلك الحمام في ذلك وذلك أن شأن أهل مكة يطول وهم محلون في ديارهم فلا بأس أن يذبحوا الصيد وأما المحرم فإنما شأنه الأيام القلائل وليس شأنهما واحدا‏.‏

قال‏:‏ وسئل مالك عن الجراد يقع في الحرم‏.‏

قال‏:‏ لا يصيده حلال ولا حرام‏.‏

قال مالك‏:‏ ولا أرى أن يصاد الجراد في حرم المدينة‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وكان مالك لا يرى ما قتل في حرم المدينة من الصيد أن فيه جزاء وقال لا جزاء فيه ولكن ينهى عن ذلك‏.‏

قال‏:‏ ولا يحل ذلك له لنهي النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

قال‏:‏ مالك ما أدركت أحدا أقتدى به يرى بالصيد يدخل به الحرم من الحل بأسا إلا عطاء بن أبي رباح قال ثم ترك ذلك وقال ولا بأس به‏.‏

قلت‏:‏ فما قول مالك في دبسي الحرم‏.‏

قال‏:‏ لا أحفظ من مالك في ذلك شيئا إلا أن مالكا قال في حمام مكة شاة وإن كان الدبسي والقمري من الحمام عند الناس ففيه ما في حمام مكة وحمام الحرم‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأنا أرى فيه شاة‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ واليمام مثل الحمام ولم أسمع من مالك فيه شيئا‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك في حمام الحرم شاة‏.‏

قال ابن القاسم قال مالك وإنما الشاة في حمام مكة وحمام الحرم ‏(‏وقال مالك‏)‏ وكل ما لا يبلغ أن يحكم فيه مما يصيبه المحرم بشاة ففيه حكومة صيام أو إطعام‏.‏

فيمن حلف بهدي ثوب أو شيء بعينه

قلت‏:‏ أرأيت من قال لله علي أن أهدي هذا الثوب أي شيء عليه في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يبيعه ويشتري بثمنه هديا فيهديه‏.‏

قلت‏:‏ من أين يشتريه في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ من الحل فيسوقه إلى الحرم إن كان في ثمنه ما يبلغ بدنة فبدنة وإلا فبقرة وإلا فشاة ولا يشتري إلا ما يجوز في الهدي الثنى من الإبل والبقر والمعز والجذع من الضأن‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فما قول مالك في هذا الثوب إذا كان لا يبلغ أن يكون في ثمنه هدي‏.‏

قال‏:‏ بلغني عن مالك ولم أسمعه منه أنه قال يبعث بثمنه فيدفع إلى خزان مكة فينفقونه على الكعبة‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأحب إلي أن يتصدق بثمنه ويتصدق به حيث شاء ألا ترى أن بن عمر كان يكسو جلال بدنه الكعبة فلما كسيت الكعبة هذه الكسوة تصدق بها‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يبيعوه وبعثوا بالثوب نفسه‏.‏

قال‏:‏ لا يعجبني ذلك لهم ويباع هناك ويشتري بثمنه هدى ألا ترى أن مالكا قال يباع الثوب والحمار والفرس والعبد وكل ما جعل من العروض هكذا‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك إذا قال ثوبي هذا هدى فباعه فاشترى بثمنه هديا وبعثه ففضل من ثمنه شيء بعث بالفضل إلي خزان مكة إذا لم يبلغ الفضل أن يكون فيه هدى‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأحب إلي أن يتصدق به‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك من قال لرجل حر أنا أهديك إلى بيت الله إن فعلت كذا وكذا فحنث فعليه أن يهدي هديا وإن قال لإبل له هي هدى إن فعلت كذا وكذا فحنث أهداها وإن كانت ماله كله‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك وإن كان قال لشيء مما يملك من عبد أو دار أو فرس أو ثوب أو عرض من العروض هو يهديه فإنه يبيعه ويشتري بثمنه هديا فيهديه‏.‏

قال‏:‏ وإن قال لما لا يملك من عبد غيره أو مال غيره أو دار غيره هو يهديه فلا شيء عليه ولا هدي عليه فيه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأخبرني من أثق به عن بن شهاب أنه كان يقول في هذه الأشياء مثل قول مالك سواء‏.‏

رسم في صيد المحرم ما في البحر

قال مالك‏:‏ ولا بأس بصيد البحر كله للمحرم والانهار والغدر والبرك وإن أصاب من طير الماء شيئا فعليه الجزاء‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك يؤكل كل ما في البحر الطافي وغير الطافي من صيد البحر كله ويصيده المحرم‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك الضفدع من صيد البحر‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك ترس الماء من صيد البحر‏.‏

قال وسئل‏:‏ مالك في ترس الماء إذا مات ولم يذبح أيؤكل‏.‏

قال‏:‏ إني لأراه عظيما أن يترك ترس الماء فلا يؤكل إلا بذكاة‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك في جرة فيها صيد أو ما أشبهه وجدوا فيها ضفادع ميتة‏.‏

فقال‏:‏ لا بأس بذلك لأنها من صيد الماء‏.‏

قلت‏:‏ فما قول مالك في ترس الماء هذه السلحفاة التي تكون في البراري‏.‏

قال‏:‏ ما سألت مالكا عنها وما يشك أنها إذا كانت في البراري ليست من صيد البحر وإنها من صيد البر فإذا ذكيت أكلت ولا تحل إلا بذكاة ولا يصيدها المحرم‏.‏

قلت‏:‏ له أرأيت المحرم إذا صاد طائرا فنتفه ثم حبسه حتى نسل فطار‏.‏

قال‏:‏ بلغني عن مالك أنه قال إذا نسل وطار فلا جزاء عليه‏.‏

قلت‏:‏ له أرأيت لو أن محرما أصاب صيدا خطأ أو عمدا وكان أول ما أصاب الصيد أو قد أصابه قبل ذلك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يحكم عليه في هذا كله‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك ليس على من قطع من شجر الحرم جزاء يحكم فيه إلا أن مالكا يكره له ذلك ويأمره بالاستغفار‏.‏

قلت‏:‏ له أرأيت من وجب عليه الجزاء فذبحه بغير مكة‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يجزئه ما كان من هدى إلا بمكة أو بمنى‏.‏

قلت‏:‏ فإن أطعم لحمه المساكين وذلك يبلغ سبع عدد قيمة الصيد من الامداد لو أطعم الامداد‏.‏

قال‏:‏ لا يجزئ في رأيي‏.‏

قلت له‏:‏ أرأيت إن وجب عليه جزاء صيد فقوم عليه طعاما فأعطى المساكين ثمن الطعام دراهم أو عرضا من العروض‏.‏

قال‏:‏ لا يجزئه في رأيي‏.‏

قلت‏:‏ له أرأيت ما كان من هدى واجب من نذر أو جزاء صيد أو هدي تمتع أو فساد حج أو ما أشبه ذلك سرق من صاحبه بعد ما قلده بمنى أو في الحرم أو قبل أن يدخله الحرم‏.‏

قال‏:‏ قال مالك كل هدي واجب ضل من صاحبه أو مات قبل أن ينحره فلا يجزئه وعليه البدل وكل هدي تطوع مات أو ضل أو سرق فلا بدل على صاحبه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن ذبح هديا واجبا عليه فسرق منه بعد ما ذبحه أيجزئه في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم يجزئه في رأيي‏.‏

قال مالك‏:‏ يؤكل من الهدي كله إلا ثلث جزاء الصيد والفدية وكل هدي نذره للمساكين ويأكل ما وراء هذا من الهدي‏.‏

قال مالك‏:‏ وإن أكل من هدي جزاء الصيد أو الفدية فعليه البدل وإن كان الذي أكل قليلا أو كثيرا فعليه بدله‏.‏

قلت‏:‏ فإن أطعم من جزاء الصيد أو الفدية نصرانيا أو يهوديا أيجزئه ذلك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يطعم من جزاء الصيد ولا من الفدية نصارى ولا يهود ولا مجوسا‏.‏

قلت‏:‏ فإن أطعم هؤلاء اليهود أو النصارى أيكون عليه البدل‏.‏

قال‏:‏ أرى عليه البدل لأن رجلا لو كانت عليه كفارة فأطعم المساكين فأطعم فيهم يهوديا أو نصرانيا لم يجزه ذلك‏.‏

قلت‏:‏ فنذر المساكين إن أكل منه أيكون عليه البدل‏.‏

قال‏:‏ لم يكن هدي نذر المساكين عند مالك بمنزلة جزاء الصيد ولا بمنزلة الفدية في ترك الأكل منه إلا أن مالكا كان يستحب أن يترك الاكل منه‏.‏

قلت‏:‏ له فإن كان قد أكل منه أيكون عليه البدل في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا أدري ما قول مالك فيه وأرى أن يطعم المساكين قدر ما أكل ولا يكون عليه البدل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أطعم الاغنياء من جزاء الصيد أو الفدية أيكون عليه البدل أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرجو أن يجزئ إذا لم يكن تعمد ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الصيام في كفارة الصيد أمتتابع في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك يجزئه إن لم يتابع وإن تابع فذلك أحب إلي‏.‏