فصل: في الخوارج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


في تكبير المرابطين على البحر

قلت‏:‏ أرأيت التكبير الذي يكبر به هؤلاء الذين يرابطون على البحر أكان مالك يكرهه‏.‏

قال‏:‏ سمعت مالكا يقول لا بأس به‏.‏

قال‏:‏ وسئل عن القوم يكونون في الحرس في الرباط فيكبرون في الليل ويطربون ويرفعون أصواتهم‏.‏

فقال‏:‏ أما التطريب فأني لا أدري وأنكره‏.‏

قال وأما التكبير فأني لا أرى به بأسا‏.‏

في الديوان

قلت‏:‏ أرأيت الديوان ما قول مالك فيه‏.‏

قال‏:‏ أما مثل دواوين أهل مصر وأهل الشام وأهل المدينة مثل دواوين العرب فلم ير مالك به بأسا وهو الذي سألناه عنه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجلين يتنازعان في اسم في العطاء مكتوب فأعطى أحدهما صاحبه مالا على أن يبرأ من الإسم إلى صاحبه أيجوز ذلك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك في رجل زيد في عطائه فأراد أن يبيع تلك الزيادة بعرض أنه لا يجوز ذلك فكذلك ما أصطلحا عليه أنه غير جائز لأنه إن كان الذي أعطاه الدراهم أخذ غير اسمه فلا يجوز شراؤه وإن كان الذي يعطي الدراهم هو صاحب الإسم فقد باع أحدهما الآخر بما لا يحل له فإن كان الآخر هو صاحب الإسم فلا يجوز له لأنه لا يدري ما باع أقليلا بكثير أم كثيرا بقليل ولا يدري ما تبلغ حياة صاحبه فهذا الغرر لا يجوز‏.‏

قال سحنون‏:‏ قال لي الوليد بن مسلم سمعت أبا عمرو الأوزاعي يقول أوقف عمر بن الخطاب وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الفيء وخراج الأرض للمجاهدين ففرض منه للمقاتلة والعيال والذرية فصار ذلك سنة لمن بعده فمن افترض فيه ونيته الجهاد فلا بأس بذلك‏.‏

قال سحنون‏:‏ قال الوليد وحدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن القاسم بن عبد الرحمن عن رجل قال عرضت علي الفريضة فقلت لا أفترض حتى ألقي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيت أبا ذر فسألته فقال لي افترض فإنه اليوم معونة وقوة فإذا كان ثمنا عن دين أحدكم فاتركوه‏.‏

قال سحنون‏:‏ قال الوليد بن مسلم وحدثني خليد عن قتادة عن الأحنف بن قيس عن أبي ذر مثله‏.‏

قال سحنون‏:‏ قال الوليد بن مسلم الدمشقي وأخبرني بن لهيعة عن بكر بن عمرو المعافري عن عبد الله بن محيريز أن أصحاب العطاء أفضل من المتطوعة لما يروعون‏.‏

قال سحنون‏:‏ قال الوليد وأخبرني يحيى بن مسيك أنه سمع مكحولا يقول روعات البعوث تنفي روعات القيامة‏.‏

قال سحنون‏:‏ قال الوليد بن مسلم وأخبرني مسلمة بن علي عن خالد بن حميد مثله‏.‏

ما جاء في الجعائل وذكر أخذ الجزية من المجوس وغيرهم

قلت‏:‏ أرأيت الجعائل هل سمعت من مالك فيها شيئا‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا بأس بذلك‏.‏

قال‏:‏ وأخبرني مالك أن أهل المدينة كانوا يفعلون ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الجعائل في البعوث أيجوز هذا أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ سألنا مالكا عن ذلك فقال لا بأس به لم يزل الناس يتجاعلون بالمدينة عندنا قال كانوا يتجاعلون بجعل القاعد للخارج‏.‏

قال‏:‏ فقلنا ويخرج لهم العطاء قال مالك ربما خرج لهم وربما لم يخرج لهم‏.‏

قلت‏:‏ فهذا الذي ذكر مالك أنه لا بأس به بالجعائل بينهم لأهل الديوان بينهم‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فلو جعل رجل من أهل الديوان لرجل من غير أهل الديوان شيئا على أن يغزو عنه‏.‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا يعجبني‏.‏

قال‏:‏ ولقد سألنا مالكا عن الرجل يأتي عسقلان وما أشبهها غازيا ولا فرس معه فيستأجر من رجل من أهلها فرسا يغزو عليه أو يرابط عليه فكره ذلك ولم يعجبه أن يعمد رجل في سبيل الله معه فرس فيؤاجره‏.‏

فقيل‏:‏ لمالك فالقوم يغزون فيقال لهم من يتقدم إلى الحصن وما أشبهه من الأمور التي يبعث فيها فله كذا وكذا فأعظم ذلك وشدد فيه الكراهية من أن يقاتل أحد على مثل هذا أو يسفك فيه دمه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الذي قلت لي إن مالكا كره للرجل أن يكون بعسقلان فيؤاجر فرسه ممن يحرس عليه لا يشبه الذي يجعل لغيره على الغزو‏.‏

فقال‏:‏ هذا أيسر عندي في الفرس منه في الرجل ألا ترى إن مالكا كره للرجل أن يكون بعسقلان يؤاجر فرسه في سبيل الله فهو إذا آجر نفسه أشد كراهية ألا ترى إن مالكا قد كره للذي يعطيه الوالي على أن يتقدم إلى الحصن فيقاتل فكره له الجعل فهذا يدلك‏.‏

قلت‏:‏ فلم جوز مالك لأهل العطاء أن يتجاعلوا بينهم‏.‏

قال‏:‏ ذلك وجه شأنهم لأنها مباعث مختلفة وإنما أعطوا أعطياتهم على هذا وما أشبهه فأهل الديوان عندي مخالفون لمن سواهم‏.‏

قال‏:‏ والذي يؤاجر نفسه في الغزوان ذلك لا يجوز في قول مالك وهو رأيي أنه لا يجوز وأما أهل الديوان فيما بينهم فليست تلك اجارة إنما تلك جعائل لأن سد الثغور عليهم وبهذا مضى أمر الناس‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن بكر بن عمرو المعافري عن عكرمة عن بن عباس أنه كان يقول لا بأس بالطوى من مأجور إلى ماحوز إذا ضمنه الإنسان‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن يحيى بن سعيد قال في الطوى لو أن رجلا قال لرجل خذ بعثي وآخذ بعثك وأزيدك دينارا أو بعيرا أو شيئا فلا بأس بذلك‏.‏

وقال الليث مثله‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عبد الرحمن بن شريح قال يكره من الطوى أن يعقد الرجلان الطوى قبل أن يكتتبا في البعثين اللذين يتطاويان فيهما وذلك أن يقول الرجل للرجل قبل الطوى اكتتب في بعث كذا وكذا وأنا أكتتب في بعث كذا وكذا ثم يعتقدان الطوى على ذلك وأما الطوى بعد الكتبة فلم أسمع أحدا ينكر ذلك إلا الرجل الذي يقف نفسه يتنقل من ماحوز إلى ماحوز التماس الزيادة في الجعل‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عكرمة أنه كان لا يرى بأسا بالطوى من ماحوز إلى ماحوز‏.‏

قال سحنون‏:‏ قال الوليد وحدثنا أبو عمرو بن جابر وسعيد بن عبد العزيز عن مكحول أنه كان لا يرى بالجعل في القبيلة بأسا‏.‏

قال ابن جابر‏:‏ فسمعت مكحولا يقول إذا هويت المغزى فاكتتبت فيه ففرض لك فيه جعل فخذه وإن كنت لا تغزو إلا على جعل مسمى فهو مكروه‏.‏

قال‏:‏ بن جابر فكان مكحول إذا خرجت البعوث أوقع اسمه في المغزى بهواه فإن كان له فيه جعل لم يأخذه وإن كان عليه أداه ‏(‏سحنون‏)‏ قال الوليد وحدثني بن لهيعة عن بن هبيرة عن علي بن أبي طالب أنه قال في جعيلة الغازي إذا جعل الرجل في نفسه غزوا فجعل له فيه جعل فلا بأس به وإن كان إنما يغزو من أجل الجعل فليس له أجر‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة وحيوة بن شريح عن حسين بن شقي الأصبحي عن الصحابة أنهم قالوا يا رسول الله أفتنا عن الجاعل والمجتعل في سبيل الله فقال للجاعل أجر ما احتسب وللمجتعل أجر الجاعل والمجتعل‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن الليث بن سعد أن يعمر بن خالد المدلجي يحدث عن عبد الرحمن بن وعلة الشيباني أنه قال قلت لعبد الله بن عمر أنا نتجاعل في الغزو فكيف ترى فقال عبد الله بن عمر أما أحدكم إذا أجمع على الغزو فعرضه الله رزقا فلا بأس بذلك وأما أحدكم أن أعطى درهما غزا وإن منع درهما مكث فلا خير في ذلك‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن حيوة بن شريح عن زرعة بن معشر عن تبيع أن الأمداد قالوا له ألا تسمع ما يقول لنا الربطاء يقولون ليس لكم أجر لأخذكم الجعائل فقال كذبوا والذي نفسي بيده إني لأجدكم في كتاب الله كمثل أم موسي أخذت أجرها وآتاها الله ابنها‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن حي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الجبلي وعمرو بن نصر عن تبيع مثله‏.‏

قال سحنون‏:‏ قال الوليد أخبرني أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن عطية بن قيس الكلابي قال خرج على الناس بعث في زمان عمر بن الخطاب غرم فيه القاعد مائة دينار‏.‏

باب الجزية

قلت‏:‏ أرأيت الأمم كلها إذا رضوا بالجزية على أن يقروا على دينهم أيعطون ذلك أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك في مجوس البربر إن الجزية أخذها منهم عثمان بن عفان ‏(‏وقال مالك‏)‏ في المجوس ما قد بلغك عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سنوا بهم سنة أهل الكتاب‏.‏

فالأمم كلها في هذا بمنزلة المجوس عندي‏.‏

قال‏:‏ ولقد سئل مالك عن الفزازنة وهم جنس من الحبشة سئل عنهم مالك فقال لا أرى أن يقاتلوا حتى يدعوا إلى الإسلام‏.‏

ففي قول مالك هذا إذ‏؟‏ قال لا أرى أن يقاتلوا حتى يدعوا فأراهم في قوله هذا أنهم يدعون إلى الإسلام فإن لم يجيبوا دعوا إلى إعطاء الجزية وأن يقروا على دينهم فإن أجابوا قبل ذلك منهم‏.‏

فهذا يدلك على قول مالك في الأمم كلها إذ قال في الفزازنة انهم يدعون فكذلك الصقالبة والأبر والترك وغيرهم من الأعاجم ممن ليسوا من أهل الكتاب‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن مسلمة بن علي عن رجل عن أبي صالح السمان عن بن عباس قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منذر بن ساوى أخي بني عبد الله بن غطفان عظيم أهل هجر يدعوهم إلى الله وإلى الإسلام فرضي بالإسلام وقرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل هجر فمن بين راض وكاره فكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم إني قرأت كتابك على أهل هجر فأما العرب فدخلوا في الإسلام وأما المجوس واليهود فكرهوا الإسلام وعرضوا الجزية فانتظرت أمرك فيهم فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عباد الله الأسديين فإنكم إذا أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة ونصحتم لله ولرسوله وآتيتم عشر النخل ونصف عشر الحب ولم تمجسوا أولادكم فإن لكم ما أسلمتم عليه غير أن بيت النار لله ورسوله فإن أبيتم فعليكم الجزية فقرىء عليهم فكره اليهود والمجوس الإسلام وأحبوا الجزية فقال منافقو العرب زعم محمد أنه إنما بعث لقتال الناس كافة حتى يسلموا ولا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب ولا نراه إلا قد قبل من مشركي أهل هجر ما رد على مشركي العرب فأنزل الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم‏}‏‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يحيى بن عبد الله بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال هذا كتاب أخذته من موسى بن عقبة فيه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى منذر بن ساوى سلم أنت فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإن كتابك جاءني وسمعت ما فيه فمن صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحنا فإن ذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله ومن يفعل ذلك منكم فهو آمن ومن أبى فعليه الجزية‏.‏

في الخوارج

قلت‏:‏ أرأيت قتال الخوارج ما قول مالك فيهم‏.‏

قال‏:‏ قال مالك في الأباضية والحرورية وأهل الأهواء كلهم أرى أن يستتابوا فإن تابوا وإلا قتلوا‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وقال مالك في الحرورية وما أشبههم أنهم يقتلون إذا لم يتوبوا إذا كان الإمام عدلا‏.‏

فهذا يدلك على أنهم ان خرجوا على إمام عدل وهم يريدون قتاله ويدعون إلى ما هم عليه دعوا إلى الجماعة والسنة فإن أبوا قتلوا‏.‏

قال‏:‏ ولقد سألت مالكا عن أهل العصبية الذين كانوا بالشام قال مالك أرى للإمام أن يدعوهم إلى الرجوع وإلى مناصفة الحق بينهم فإن رجعوا وإلا قوتلوا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الخوارج إذا خرجوا فأصابوا الدماء والأموال ثم تابوا ورجعوا‏.‏

قال‏:‏ بلغني أن مالكا قال الدماء موضوعة عنهم وأما الأموال فإن وجدوا شيئا عندهم بعينه أخذوه وإلا لم يتبعوا بشيء من ذلك وإن كانت لهم الأموال لأنهم إنما استهلكوها على التأويل وهذا الذي سمعت‏.‏

قلت‏:‏ فما فرق ما بين المحاربين والخوارج في الدماء‏.‏

قال‏:‏ لأن الخوارج خرجوا على التأويل والمحاربين خرجوا فسقا وخلوعا على غير تأويل وإنما وضع الله عن المحاربين إذا تابوا حد الحرابة حق الإمام وأنه لا يوضع عنهم حقوق الناس وإنما هؤلاء الخوارج قاتلوا على دين يرون أنه صواب‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت قتلى الخوارج أيصلى عليهم أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا قال لي مالك في القدرية والإباضية لا يصلى على موتاهم ولا تتبع جنائزهم ولا تعاد مرضاهم فإذا قتلوا فذلك أحرى أن لا يصلى عليهم‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد قال ذكرت الخوارج واجتهادهم عند بن عباس وأنا عنده قال فسمعته يقول ليسوا بأشد اجتهادا من اليهود والنصاري ثم هم يضلون‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن محمد بن عمرو عن بن جريج عن عبد الكريم أن الحرورية خرجت فنازعوا عليا وفارقوه وشهدوا عليه بالشرك‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس عن بن شهاب قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري قال بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسما إذ أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم فقال يا رسول الله أعدل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلك من يعدل إذا لم أعدل قد خبت وخسرت إن لم أعدل فقال عمر يا رسول الله ائذن لي فيه أضرب عنقه فقال دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى نضيه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء قد سبق الفرث والدم آيتهم رجل أسود أحد عضديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر ويخرجون على خير فرقة من الناس‏.‏

قال‏:‏ أبو سعيد فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه فأمر بذلك الرجل فالتمس فوجد فأتى به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نعته‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن بسر بن سعيد عن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الحرورية لما خرجت وهو مع علي بن أبي طالب فقالوا لا حكم إلا لله فقال علي كلمة حق أريد بها باطل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف ناسا إني لأعرف صفتهم في هؤلاء يقولون الحق بألسنتهم لا يجاوز هذا منهم وأشار إلى حلقه من أبغض خلق الله إليه منهم أسود إحدى يديه كطبي شاة أو حلمة ثدي فلما قتلهم علي بن أبي طالب قال أنظروا فنظروا فلم يجدوا شيئا فقال أرجعوا فوالله ما كذبت ولا كذبت مرتين أو ثلاثا ثم وجدوه في خربة فأتوا به حتى وضعوه بين يديه قال عبيد الله أنا حاضر ذلك من أمورهم وقول علي فيهم‏.‏

قال‏:‏ بكير وحدثني رجل عن بن جبير أنه قال رأيت ذلك الأسود‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن بن عباس أنه قال أرسلني علي إلى الحرورية لأكلمهم فلما قالوا لا حكم إلا لله فقلت أجل صدقتم لا حكم إلا لله إن الله قد حكم في رجل وامرأة وحكم في قتل الصيد فالحكم في رجل وامرأة وصيد أفضل من الحكم في الأمة ترجع به وتحقن دماءها ويلم شعثها قال ابن الكوى دعوهم فإن الله قد أنبأكم أنهم قوم خصمون‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عمرو بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أبيه عن عبد الله بن عمر وذكرت الحرورية فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس بن يزيد عن بن شهاب قال هاجت الفتنة الأولى فأدركت رجالا ذوي عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغنا أنهم كانوا يرون أن يهدم أمر الفتنة فلا يقام فيه على رجل قاتل في تأويل القرآن قصاص فيمن قتل ولا حد في سبى امرأة سبيت ولا نرى عليها حدا ولا يرى بينها وبين زوجها ملاعنة ولا نرى أن يقذفها أحد إلا جلد الحد ونرى أن ترد إلى زوجها الأول بعد أن تعتد فتنقضي عدتها من زوجها الآخر ونرى أن ترث زوجها الأول ‏(‏وذكر‏)‏ عن بن شهاب قال ولا يضمن ما ذهب إلا أن يوجد شيء بعينه فيرد إلى أهله ‏(‏مالك‏)‏ عن عمه أبي سهيل بن مالك قال سألني عمر بن عبد العزيز وأنا معه ماذا ترى في هؤلاء القدرية قال قلت استتبهم فإن تابوا وإلا فاعرضهم على السيف قال عمر وأنا أرى ذلك‏.‏

قال مالك‏:‏ ورأيي على ذلك‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن أسامة بن زيد عن أبي سهيل بن مالك أن عمر بن عبد العزيز قال له ما الحكم في هؤلاء القدرية قال قلت يستتابون فإن تابوا قبل ذلك منهم وإن لم يتوبوا قوتلوا على وجه البغي قال عمر بن عبد العزيز ذلك الرأي فيهم قال ويحهم فأين هم عن هذه الآية ‏{‏فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم‏.‏

كتاب الصيد من المدونة الكبرى

قلت‏:‏ لابن القاسم صف لي الباز المعلم والكلب المعلم في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك هو الذي يفقه إذا زجر ازدجر وإذا أشلى أطاع‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا أرسل كلبه ونسي التسمية‏.‏

قال‏:‏ قال مالك كله وسم الله‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك في الباز والسهم‏.‏

قال‏:‏ نعم كذلك هذا عند مالك‏.‏

قيل‏:‏ أرأيت إن ترك التسمية عمدا في شيء من هذا‏.‏

قال‏:‏ ما سمعت فيه شيئا ولقد سألته عن تفسير حديث عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة حين قال لغلامه سم الله ويحك مرتين أو ثلاثا فيقول الغلام قد سميت ولا يسمعه التسمية فقال مالك لا أرى ذلك على الناس إذا أخبر الذابح أنه قد سمى الله قال ابن القاسم من ترك التسمية عمدا على الذبيحة لم أر أن تؤكل الذبيحة وهو قول مالك والصيد عندي مثله‏.‏

قال مالك‏:‏ وأما الرجل يذبح في خاصة نفسه فيأخذ بحديث عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي فلا أرى به بأسا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المسلم والمجوسي إذا أرسلا الكلب جميعا فأخذ الصيد فقتله أيؤكل في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ ما سمعت منه فيه شيئا إلا أني سمعت مالكا يقول في كلب المسلم إذا أرسله المجوسي فأخذ فقتل أنه لا يؤكل وأرى هذا أنه لا يؤكل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أرسلت كلبي على صيد فتواريا عني جميعا فأخذه الكلب فقتله ثم وجدته أآكله أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك إذا أصابه ميتا وفيه أثر كلبه أو أثر سهمه أوأثر بازه فليأكله ما لم يبت‏.‏

قال مالك‏:‏ فإن بات فلا يأكله وإن كان الذي به قد أنفذ مقاتله فلا يأكله لأنه قد بات عنه وإن أدركه من يومه ميتا وفيه أثر كلبه فليأكله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن توارى الكلب أو الباز مع الصيد فرجع الرجل إلى بيته ثم طلبه بعد ذلك فأصابه من يومه ذلك أيأكله أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن أرى أن لا يأكله لأنه قد تركه ورجع إلى بيته ألا ترى أنه لا يدري لعله لو كان في الطلب ولم يفرط إنه كان يدرك ذكاته قبل أن يموت فهو لما رجع إلى بيته فقد فرط فلا يأكله لموضع ما فرط في ذكاته ألا ترى إنه لو أدركه ولم ينفذ الكلب مقاتله فتركه حتى قتله الكلب لم يأكله فهذا حين رجع إلى بيته بمنزلة هذا الذي أدرك كلبه ولم ينفذ مقاتل الصيد فتركه حتى قتله الكلب فلا يأكله لأنه لعله لو كان في الطلب أدركه قبل أن ينفذ الكلب مقاتله ولعله إنما أنفذ الكلب مقاتله بعد ما جرحه وبعد أن أخذه فلو كان هذا في الطلب لعله كان يدركه قبل أن ينفذ مقاتله‏.‏

قال‏:‏ ولقد سئل مالك عن الرجل يرسل كلبه أو بازه على الصيد فيدركه وبه من الحياة ما لو شاء أن يذكيه ذكاه ولم ينفذ الكلب أو الباز مقاتله فيشتغل باخراج سكينه من خرجه أو لعلها أن تكون مع رجل خلفه فينتظره حتى يأتيه أو مع غلامه فلا يخرج السكين من خرجه ولا يدركه من كان معه سكين حتى يقتل الكلب الصيد أو الباز أو يموت وإن عزل الكلب والبازي عنه‏.‏

قال مالك‏:‏ لا يأكله لأنه قد أدركه حيا ولو شاء أن يذكيه ذكاه إلا أن يكون أدركه وقد أنفذ الكلب مقاتله فلا بأس أن يأكله لأن ذكاته ها هنا ليست بذكاة‏.‏

قال‏:‏ ولقد سألت مالكا عن الصيد يدركه الرجل وقد أنفذ الكلب مقاتله أو الباز فيفرط في ذكاته ويتركه حتى يموت أيأكله‏.‏

قال‏:‏ نعم لا بأس بذلك وليأكله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الذي توارى عني فأصبته من الغد وقد أنفذت مقاتله بسهمي أو أنفذت مقاتله ببازي أو كلابي لم قال مالك لا يأكله إذا بات وقال كله ما لم يبت‏.‏

قال‏:‏ لم أر لمالك ها هنا حجة أكثر من أنها السنة عنده‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت السهم إذا أصبته فيه قد أنفذ مقاتله إلا أنه بات عني لم قال مالك لا يأكله‏.‏

قال‏:‏ في السهم بعينه سألنا مالكا أيضا إذا بات وقد أنفذ السهم مقاتله فقال لا يأكله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أرسل كلبه فأخذ الصيد فأكل منه أكثره أو أقله فأصاب منه بقيته أيأكله في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك يأكله ما لم يبت‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الكلب إذا كان كلما أرسله على صيد أخذه فأكل منه أو جعل يأكل ما أخذ أهذا معلم في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أدركه وقد أنفذ الكلب مقاتله أو سهمه أو بازه فأدركه على تلك الحال يضطرب أيدعه حتى يموت أو يذكيه‏.‏

قال‏:‏ يفرى أوداجه فذلك أحسن عند مالك وإن تركه حتى يموت أكله ولا شيء عليه ولقد سئل مالك عن الرجل يدرك الكلب أو الباز على صيده فيريد أن يذكيه فلا يستطيع فقال مالك إن هو غلبه عليه ولم يأت التفريط منه حتى فات بنفسه فليأكله وإن هو لو شاء أن يعزله عزله عنه فذكاه فلم يعزله حتى مات فلا يأكله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كنت لا أقدر أن أخلص الصيد من كلبي أو من بازي وأنا أقدر على أن أذكيه تحته أأتركه أم أذكيه‏.‏

قال‏:‏ قال مالك ذكه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن لم أذكه في مسئلتي أآكله أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا تأكله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أدركته قد فرى الكلب أوداجه أو فراه سهمي أو بازي‏.‏

قال‏:‏ هذا قد فرغ من ذكاته ينكلها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أدرك الصيد والكلاب تنهشه وليس معه ما يذكيه به فتركه حتى قتله الكلب أيأكله أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يأكله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أدركه حيا فذهب يذبحه من غير أن يفرط ففات بنفسه أيأكله أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏ قال نعم يأكله عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الفهد وجميع السباع إذا علمت أهي بمنزلة الكلاب في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكنها عندي بمنزلة الكلاب‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت جميع سباع الطير إذا علمت أهي بمنزلة البزاة‏.‏

قال‏:‏ لا أدري ما مسئلتك هذه ولكن البزاة والعقبان والزمامجة والشذانقات والسفاه والصقور وما أشبه هذه فلا بأس بها عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يرسل كلبه على الصيد فيأخذه غيره أيأكله أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا يأكله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن نسي التسمية عند الإرسال أيأكل‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يسمي الله إذا أكل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن ترك التسمية عمدا‏.‏

قال‏:‏ هذا بمنزلة الذبيحة إذا نسي التسمية فهو كمن نسي التسمية على الذبيحة وإذا ترك التسمية عامدا عند الإرسال فهو كمن ترك التسمية عند الذبيحة فلا يأكله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أرسل كلبه على جماعة صيد ولم يرد واحدا منها دون آخر فأخذها كلها أو أخذ بعضها‏.‏

قال‏:‏ سألنا مالكا عن الذي يرسل بازه على جماعة من الطير وهو ينوي ما أخذ منها فيأخذ أحدها أو يرى جماعة من الطير ينويها فيصيب واحدا منها قال مالك يأكله فهذا يدلك على أنه إن صادها كلها فلا بأس بأكلها كلها‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك إذا أصاب في رميته أثنين منها أكلهما‏.‏

قال‏:‏ ولقد سألناه عن الجماعتين من الطير تكونان في الهواء بعضهما فوق بعض فيرمي وهو يريد الجماعتين جميعا يريد ما أصاب منهما أيأكله‏.‏

قال‏:‏ قال لي مالك ما أصاب من الجماعتين جميعا أكله‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك وإن أرسل كلبه على جماعة من الطير ونوى واحدا منها بعينه فأصاب الكلب غيره فلا يأكله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الكلاب غير السلالقة إذا علمت أهي بمنزلة السلالقة في قول مالك‏.‏

قال قال مالك‏:‏ السلالقة وغيرها إذا علمت فهي سواء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الكلب غير المعلم إذا أرسلته فصاد آكله أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا تأكله إلا أن يكون معلما أو تدرك ذكاته فتذكيه وهو قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أرسلت كلبي من يدي وكان معي أو كان يتبعني فأثرت الصيد فأرسلت الكلب عليه وليس الكلب في يدي ولكنه بحال ما وصفت لك فانشلى الكلب فأخذ الصيد فقتله آكله أم لا‏؟‏ قال‏:‏ كان مالك مرة يقول إذا كان الكلب معه وأثار الرجل الصيد فأشلى الكلب فخرج الكلب في طلب الصيد بأشلاء الرجل لم يكن الكلب هو الذي خرج في طلب الصيد ثم أشلاه سيده بعد ذلك قال مالك فلا بأس به‏.‏

قال‏:‏ وأما إن كان الكلب هو الذي خرج في طلبه ثم أشلاه سيده بعد ذلك قال مالك فلا يأكله‏.‏

قال فكان هذا قوله الأول ثم رجع عن ذلك وقال لا يأكله إلا أن يكون في يده ثم أرسله بعد أن أثار الصيد قال وقوله الأول أحب إلي إذا كان الكلب إنما خرج في طلب الصيد بأشلاء سيده إياه وإن كان في غير يده لأن الكلب ها هنا إذا خرج بأشلاء سيده فكأن السيد هو الذي أرسله من يده‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت صيد الصبي إذا لم يحتلم أيؤكل إذا قتل الكلب صيده‏.‏

قال‏:‏ قال مالك ذبيحة الصبي تؤكل إذا أطاق الذبح وعرفه فكذلك صيده عندي بمنزلة الذبح‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أرسل كلبا معلما على صيد فأعانه عليه كلب غير معلم آكله أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك إذا أعانه عليه غير معلم لم يؤكل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أرسلت بازي على صيد فأعانه عليه باز غير معلم‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يؤكل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أرسلت كلبي على صيد ونويت ما صاد من الصيد سوى هذا الصيد ولست أرى شيئا من الصيد غير هذا الواحد فأخذ الكلب صيدا وراء ذلك لم أره حين أرسلت الكلب فقتله آكله أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك في الرجل يرسل كلبه على جماعة من الصيد ونوى إن كان وراءها جماعة أخرى فما أخذ منها فقد أرسله عليها وذلك نيته ولا يعلم وراء هذه الجماعة جماعة من الصيد أخرى فأصاب صيدا وراء ذلك من الجماعة التي لم يكن يراها حين أرسل الكلب‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يأكله وإن كان إنما أرسله على هذه الجماعة ووراءها جماعة أخرى لم ينو الجماعة التي وراءها فلا يأكله إن أخذ من الجماعة التي لم ينوها وإن رآها أو لم يرها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أفلت الكلب من يدي على صيد فزجرته بعد ما انفلت من يدي‏.‏

قال‏:‏ قال لي مالك في الكلب يرى الصيد فيخرج فيعدو في طلبه ثم يشليه صاحبه فينشلى انه لا يؤكل لأنه خرج بغير إرسال صاحبه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الكلب إذا أرسلته على الصيد فأدركه فقطع يده أو رجله فمات من ذلك أو قتله الكلب بعد ذلك أيؤكل اليد والرجل وجميع الصيد أم لا‏؟‏ قال‏:‏ سئل مالك عن الرجل يدرك الصيد فيضرب عنقه فيخزله أو يضرب وسطه فيخزله نصفين‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يؤكل هذا كله‏.‏

فقلت لمالك فإن قطع يدا أو رجلا‏.‏

قال‏:‏ لا يأكل اليد ولا الرجل وليذك ما بقي منه وليأكله فإن فات بنفسه قبل أن يذكيه من غير تفريط فليأكله ولا يأكل اليد ولا الرجل فكذلك مسئلتك في الكلاب إذا قطعت وكذلك الباز إذا ضرب الصيد فأطار جناحه أو رجله لم يؤكل ما أبان من الطير من جناح أو رجل بحال ما وصفت لك وإن خزلهما أكلهما جميعا‏.‏

قال‏:‏ نعم على قول مالك في الضرب الذي وصفت لك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت اليهودي والنصراني أيؤكل صيدهما في قول مالك إذا قتلت الكلاب الصيد‏.‏

قال‏:‏ قال مالك تؤكل ذبيحتهما فأما صيدهما فلا يؤكل وتلا هذه الآية ‏{‏تناله أيديكم ورماحكم‏}‏ فلم يذكر الله بهذا النصارى ولا اليهود ولا يؤكل صيدهما‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وهو رأيي أن لا يأكله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما صاد المجوسي من البحر أيؤكل في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما صاد في البر أيؤكل في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا إلا أن يدرك ذكاة ما صاد إذا لم ينفذ المجوسي مقاتله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الدواب التي تخرج من البحر فتحيا اليوم واليومين والثلاثة والأربعة أتؤكل بغير ذكاة‏.‏

قال‏:‏ بلغني إن مالكا سئل عن ترس الماء أيذكي فقال مالك إني لا أعظم هذا من قول من يقول لا يؤكل إلا بذكاة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت النصراني إذا ذبح وسمى باسم المسيح أو أرسل كلبه أو بازه أو سهمه وسمى باسم المسيح أيؤكل أم لا‏؟‏ قال‏:‏ سمعت مالكا يكره كل ما ذبحوا لأعيادهم وكنائسهم قال مالك أكره أكلها‏.‏

قال‏:‏ وبلغني عنه أنه تلا هذه الآية ‏{‏وما أهل به لغير الله‏}‏ وكان يكرهها كراهية شديدة‏.‏

قال‏:‏ وما سمعت من مالك في مسئلتك إذا سموا المسيح شيئا‏.‏

قال‏:‏ وأراهم إذا سموا المسيح بمنزلة ذبحهم لكنائسهم فلا أرى أن تؤكل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت كلب المجوسي إذا علمه المجوسي فأخذه المسلم فأرسله فأخذ أيأكل ما قتل‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الغلام إذا كان أبواه من أهل الذمة أحدهما مجوسي والآخر نصراني أتؤكل ذبيحته وصيده أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك الولد تبع للأب في الحرية فأرى الوالد إذا كان نصرانيا أن تؤكل ذبيحته ولا يؤكل صيده إلا أن يكون قد تمجس وتركه على ذلك فلا تؤكل ذبيحته‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما قتلت الحبالات من الصيد أيؤكل أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا يؤكل إلا ما أدركت ذكاته من ذلك‏.‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فإن كانت في الحبالات حديدة فانفذت الحديدة مقاتل الصيد‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يؤكل منه إلا ما أدركت ذكاته‏.‏

قلت‏:‏ فهذا الذي قد أنفذت الحبالات مقاتله إن أدركه لم يكن له ذكاة في قول مالك‏؟‏

قال نعم لا ذكاة له‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت صيد المرتد أيؤكل‏.‏

قال‏:‏ قال مالك ذبيحته لا تؤكل فكذلك صيده مثل قول مالك في الذبيحة انها لا تؤكل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت صيد الشبك أيحتاج فيه إلى التسمية كما يحتاج في صيد البر إلى التسمية عند الإرسال‏.‏

قال‏:‏ لا ولم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن صيد البحر مذكى كله عند مالك فإنما يحتاج إلى التسمية على ما يذكى ألا ترى أن المجوسي يصيده فيكون حلالا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما طفا على الماء من حيتان البحر ودواب البحر أيؤكل في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا أدري ما الدواب ولكني لم أسمع مالكا يكره شيئا من دواب البحر ولم يكن يرى بالطافي بأسا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يأخذ الطير من طير الماء فيذبحه فيجد في بطنه حوتا أيأكله‏.‏

قال‏:‏ قال مالك في الحوت يوجد في بطنه الحوت إنه لا بأس بأكله فكذلك ما في بطن الطير لا بأس به‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الجراد إذا وجد ميتا يتوطؤه غيري أو أتوطؤه أنا فيموت أيؤكل أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يؤكل‏.‏

قلت‏:‏ فإن صدت الجراد فجعلته في غرارة فيموت في الغرارة أيؤكل أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا يؤكل إلا ما قطعت رأسه فتركته حتى تطبخه أو تقليه أو تسلقه وإن أنت طرحته في النار أو سلقته أو قليته وهو حي من غير أن تقطف رأسه فذلك حلال أيضا عند مالك ولا يؤكل الجراد إلا بما ذكرت لك من هذا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن إخذ الجراد فقطع أجنحته وأرجله فرفعها حتى يسلقها أو يقليها فتموت أيأكلها أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أنه إذا قطع أرجلها وأجنحتها فهو بمنزلة قطع رؤسها لأنها قد ماتت من فعل فعله من قطع أرجلها وأجنحتها فهو بمنزلة قطع رؤسها‏.‏

قلت‏:‏ فحين أخذها وأدخلها غرارته أليس إنما ماتت من فعله‏.‏

قال‏:‏ لم أر عند مالك القتلة إلا بشيء يفعله بها بحال ما وصفت لك‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولقد سألنا مالكا عن خنزير الماء فلم يكن يجيبنا فيه ويقول أنتم تقولون خنزير‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وإني لاتقيه ولو أكله رجل لم أره حراما‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يدرك كلابه وقد أخذت الصيد وهو يقدر على أن يخلصه منها فيتركها تنهشه ويذكيه وهو في أفواهها فتنهشه وهو يذكيه حتى يموت‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يؤكل لأني أخاف أن يكون إنما مات من نهشها‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ إلا أن يكون يستيقن أنه قد ذكاه وحياته فيه مجتمعة قبل أن تنفذ مقاتله الكلاب فلا بأس بأكله لأن مالكا قال في الذي يذبح ذبيحته فتسقط في الماء بعد ما ذبحها أو تتردى من جبل أنه لا بأس بأكلها‏.‏

قال‏:‏ وقال لي مالك في الذي يذبح ذبيحته فيقطع منها بضعة قبل أن تزهق نفس الذبيحة‏.‏

قال‏:‏ مالك بئس ما صنع وأكلها حلال‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يرسل كلبه أو بازه على الصيد فيطلبه ساعة ثم يرجع الكلب عن الطلب ثم يعود في الطلب فيأخذ الصيد فيقتله أيؤكل أم لا‏؟‏ وهل ترى رجوعه عن صيده قطعا لارسالي أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى إن كان إنما ضل عنه صيده فعطف الكلب أو الباز كما تصنع الجوارح إذا ضل عنها صيدها طلبته يمينا وشمالا وعطف كل ذلك في الطلب فهي على ارسالها ما دامت بهذه الحال فأما إن مر الكلب بكلب مثله فوقف يشمه أو مر على جيفة فوقف يأكل منها أو ما أشبه هذا أو يكون الطير عجز عن صيده فهذا تارك لما أرسل فيه وقد خرج من الإرسال الأول فإن كان لما عطف راجعا تاركا للطلب أبصر ذلك الصيد فطلبه أو لما رجع عاجزا عن صيده تاركا للطلب نظر إليه بعد ذلك فطلبه فهذا ابتداء منه ليس بإرسال وكذلك هذا في الكلاب ولم أسمع هذا من مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الصيد إذا رماه رجل فأثخنه حتى صار لا يستطيع الفرار فرماه آخر بعد ذلك فقتله أيؤكل أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا يؤكل فقد صار أسيره‏.‏

قلت‏:‏ فهل يضمنه هذا الذي رماه فقتله للأول‏.‏

فقال‏:‏ ما سمعت فيه شيئا وأراه ضامنا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يرمي الصيد وهو في الجو فيصيبه فيقع إلى الأرض فيدركه ميتا فنظر فإذا سهمه لم ينفذ مقاتله أيؤكله في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يأكله لأنه لا يدري من أي ذلك مات أمن السقطة أو من السهم‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك وكذلك الصيد يكون في الجبل فيرميه الرجل فيتردى من الجبل فيموت‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يأكله إلا أن يكون قد أنفذ مقاتله بالرمية‏.‏

قلت‏:‏ له أرأيت الرجل يطلب الصيد فيحرجه حتى يدخله دار القوم فيأخذه أهل الدار أو يأخذه الذي طلبه في دار القوم لمن يكون‏.‏

وكيف إن قال رب الدار دخل الصيد داري قبل أن يقع في ملكك أيها الطالب فقد صار ما في داري لي وقال الطالب أخذته قبل أن يقع في ملكك يا صاحب الدار لأن ما دخل دارك ليس بملك لك وإن كان لا مالك له ما القول في هذا‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أن الكلاب أو الرجل هو الذي اضطره ورهقه لأخذه فأراه له وإن كان لم يضطره وذلك بعيد لا يدري أتأخذه الكلاب أو الطارد في مثل ذلك أم لا‏؟‏ وهو من الصيد بعيد فأرى الصيد لصاحب الدار ولا أرى لصاحب الكلاب ولا للطالب شيئا‏.‏

قال‏:‏ وقد سمعت مالكا يقول في الحبالات التي تنصب إن ما وقع فيها فأخذه رجل أجنبي أن صاحب الحبالات أحق به‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تعمدت صيدا فرميته وسميت فأصبت غيره آكله أم لا‏؟‏ وكيف إن أنفذت الذي سميت عليه وأصبت آخر وراءه ولم أتعمده‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا تأكل إلا الذي تعمدته وحده‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن رميت صيدا وتعمدته ونويته ونويت آخر إن كان وراءه فأصابه سهمي أنه مما أرمي ولست أرى وراءه شيئا فأصبت هذا الذي رميت فأنفذته وأصاب السهم آخر وراءه أو أصاب سهمي الذي وراءه وأخطأه آكله أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قد أخبرتك أن مالكا سئل عن الرجل يرسل كلبه على الجماعة من الصيد فيطلبها فيكون خلفها جماعة أخرى فيأخذ من تلك التي كانت وراء ولا يأخذ من الجماعة الأولى فيقتله قال مالك إن كان حين أرسله ينوي إن كان خلفها جماعة أخرى فيأخذ من تلك التي كانت وراء ولا يأخذ من الجماعة الأولى فليأكله وإلا فلا فمسئلتك وهذه سواء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما أصاب بحجر أو ببندقة فخرق أو بضع أو بلغ المقاتل أيؤكل أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يؤكل وقال مالك ليس ذلك بخرق وإنما ذلك رض‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما كان من معراض أصاب به فخرق ولم ينفذ المقاتل فمات أيؤكل أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم وهو بمنزلة السهم إذا لم يصب به عرضا‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك إذا خرق المعراض أكل ما قتل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن رميت صيدا بعود أو بعصى فخرقته أيؤكل أم لا‏؟‏ فقال‏:‏ هو مثل المعراض انه يؤكل‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك إن رمى برمحه أو مطرده أو بحربته فخرق أيأكله‏؟‏ قال نعم هذا كله سواء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما ند من الأنسية من الابل والبقر والغنم فلم يستطع أن يؤخذ أيذكى بما يذكى به الصيد من الرمي وغيره في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يؤكل ما ندمنها إلا أن يؤخذ فيذكى كما تذكى الابل والبقر والغنم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما أخذ من الصيد فدجن في أيدي الناس ثم استوحش وند أيذكي بما يذكى به الصيد من الرمي وغير ذلك‏.‏

قال‏:‏ نعم إذا ند ولحق بالوحش صار منها‏.‏

قال‏:‏ مالك ويذكى بما يذكى به الصيد‏.‏

قلت‏:‏ فلم قال مالك في هذا انه يذكى بما يذكى به الصيد وقال فيما ند من الأنسى أنه لا يذكى بما يذكى به الأنسى أرأيت هذا الصيد أليس قد كان إذا كان داجنا سبيله سبيل الأنسي فلما استوحش جعلت سبيله سبيل الوحش في الذكاة فلم لا يكون مثل ما ند من الأنسي واستوحش في الذكاة مثل الوحشي‏.‏

قال‏:‏ قال مالك هذا الأنسي إذا استوحش فإنما هو على أصله وأصله أن لا يؤكل إلا بالذبح أو النحر والوحشي إذا استوحش هو على أصله وأصل الصيد أنه يذكى بالرمي والذبح وغير ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن رميت صيدا بسكيني أو بسيفي فأصبته فقتلته وقد بضع السيف أو السكين منه إلا أنه لم ينفذ مقاتله آكله أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم أما إن مات قبل أن يذكيه بغير تفريط فكله عند مالك‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك من رمى صيدا بسكين فقطع رأسه قال إن كان رماه حين رماه ونيته اصطياده فلا أرى بأكله بأسا وإن كان رماه حين رماه وليس من نيته اصطياده فلا يأكله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن رميت حجرا وأنا أظنه حجرا فإذا هو صيد فأصبته وأنفذت مقاتله آكله أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا ألا ترى أن مالكا قال في الذي يرمي الصيد بسكين فيقطع رأسه وهو لا ينوي اصطياده إنه لا يأكله فهذا الذي رمى حجرا لم ينو اصطياد هذا الذي أصاب فلا يأكله‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك إن رمى صيدا وهو يظنه سبعا أو خنزيرا فأصاب ظبيا إنه لا يأكله‏.‏

قال‏:‏ نعم مثل ما أخبرتك لأنه حين رمى لم يرد برميته الاصطياد فلا يأكله‏.‏

قلت‏:‏ لم كره مالك هذا الذي رمى ظبيا وهو يظنه سبعا فقال لا يأكله أرأيت لو أن رجلا أتى إلى شاة له فضربها بالسكين وهو لا يريد قتلها ولا ذبحها فأصاب حلقها ففرى الحلق والأوداج أيأكلها أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏ قال لا يأكلها لأنه لم يرد بها الذبح لأن مالكا‏؟‏ قال لا تؤكل الأنسية بشيء مما يؤكل به الوحشي من الضرب والرمي فهذا والذي سألت عنه من إرساله على الصيد وهو يظن أنه سبع فهو سواء لا يؤكل واحد منهما لأنه إذا لم يرسله على صيده ولم يرد الذكاة وكذلك إذا ضرب شاته بسيفه وهو لا يريد ذكاتها ففرى أدراجها فلا يأكلها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن طلبت الكلاب الصيد أو البزاة فلم تزل في الطلب حتى مات من غير أن تأخذه الكلاب أو البزاة مات قبل أن تأخذه أيؤكل‏؟‏

قال لا يؤكل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان أخذته الكلاب فقتلته ولم تدمه حتى مات أيؤكل أم لا‏؟‏ في قول مالك وكيف إن صدمته الكلاب فقتلته ولم تدمه أيؤكل أم لا‏؟‏ وكيف إن أدركت الصيد فجعلت أضربه بسيفي ولا يقطع السيف حتى مات من ذلك أيؤكل أم لا‏؟‏ وهذا السيف في هذا إذا لم يقطع والكلاب إذا لم تنيب وتدم بمنزلة واحدة لا يؤكل شيء من ذلك في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا يؤكل شيء من ذلك كله لأن السيف إذا لم يقطع فهو عندي بمنزلة العصا لا تأكله وأما الكلاب إذا صدمت فقتلت فهو عندي بمنزلة العصا ولا أرى أن يجوز من قتل الكلاب إلا ما يجوز من قتلك بيدك وما مات من الصيد من طلب الكلاب وما مات من عضها ولم تنيبه فلا يؤكل وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا ند صيد وكان قد دجن عندي فهرب فصاده غيري لمن يكون‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إن أخذه هذا الآخر بحدثان ما هرب من الأول ولم يلحق بالوحش ولم يستوحش فهو للأول وإن كان قد استوحش ولحق بالوحش ولم يأخذه الآخر بحدثان ما هرب من الأول فهو لمن أخذه‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك البزاة والصقور والظباء وكل شيء‏.‏

قال‏:‏ كذلك قال لي مالك في البزاة والصقور والظباء وكل شيء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن ضربت فخذ الصيد أو رجله أو يده فتعلقت فمات‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إن كان أبانها أو كانت متعلقة بشيء من الجلد أو اللحم لا يجرى فيه دم ولا روح ولا تعود لهيئتها أبدا فلا يؤكل ما تعلق منها على هذه الصفة وليذكه وليأكله وليطرح ما تعلق منه إلا أن يكون مما لو ترك عاد لهيئته يوما ما فلا بأس بأكله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن ضرب عنق الصيد فأبانه أيأكله أم لا‏؟‏ قال‏:‏ يأكل الرأس وجميع الجسد‏.‏

قلت‏:‏ فإن ضرب خطمه فأبانه أيأكله أم لا‏؟‏ قال‏:‏ هو مثل اليد والرجل عندي لا يأكله ولم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يؤكل الخطم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا ضرب عنق شاة بالسيف فأبانها وهو يريد الذكاة أيأكلها أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك في رجل ذبح وهو يريد الذبح فأخطأ فذبح من العنق أو من القفا انها لا تؤكل فكذلك هذا الذي ضرب عنقها وهو يريد الذبح فأخطأ لا تؤكل‏.‏

قلت‏:‏ هل يكره مالك شيئا من الطير فقال لا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الأرنب والضب ما قول مالك فيهما‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا بأس بأكل الضب والأرنب والوبر والظرانيب والقنفذ‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الضبع والثعلب والذئب هل يحل مالك أكلها‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا أحب أكل الضبع ولا الذئب ولا الثعلب ولا الهر الوحشي ولا الأنسي ولا شيء من السباع ‏(‏وقال مالك‏)‏ ما فرس وأكل اللحم فهو من السباع ولا يصلح أكله لنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك‏.‏

قال سحنون‏:‏ كان بن القاسم يكره صيد النصراني وأنا لا أرى بأكل صيد النصراني بأس‏.‏