فصل: في الذمي ينقض العهد ويهرب إلى دار الحرب فيغنمه المسلمون

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


كتاب الجهاد من المدونة الكبرى

الدعوة قبل القتال

قال سحنون بن سعيد قلت لعبد الرحمن بن القاسم أكان مالك يأمر بالدعوة قبل القتال‏.‏

قال‏:‏ نعم كان يقول لا أرى أن يقاتل المشركون حتى يدعوا‏.‏

قلت‏:‏ ولا يبيتون حتى يدعوا‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وسواء إن غزوناهم نحن أو أقبلوا هم إلينا غزاة فدخلوا بلادنا لا نقاتلهم في قول مالك حتى ندعوهم‏.‏

قال‏:‏ قد أخبرتك بقول مالك ولم أسأله عن هذا وهذا كله عندي سواء‏.‏

قلت‏:‏ وكيف الدعوة في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ ماسمعت من مالك فيها شيئا ولكن ندعوهم إلى الله ورسوله أو يؤدوا الجزية عن يد ‏(‏وقال مالك‏)‏ أيضا أما من قارب الدروب فالدعوة مطروحة لعلمهم بما يدعون إليه وما هم عليه من البغض والعداوة للدين وأهله ومن طول معارضتهم للجيوش ومحاربتهم لهم فلتطلب غرتهم ولا تحدث لهم الدعوة إلا تحذيرا وأخذ عدة لمحاربة المسلمين ومنعا لما رجاه المسلمون من الظهور عليهم‏.‏

وأما من بعد وخيف أن لا تكون ناحيته ناحية من أعلمتك فإن الدعوة أقطع للشك وأبر للجهاد يبلغ ذلك بك وبه ما بلغ وبه تنال علم ما هو عليه في الإجابة لك‏.‏

ابن وهب‏:‏ ولعله أن لا يكون عالما وإن ظننت أنه عالم‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن الليث بن سعد وعميرة بن أبي ناجية ويحيى بن أيوب عنيحيى بن سعيد أنه‏؟‏ قال لا بأس بابتغاء عورة العدو بالليل والنهار لأن دعوة الإسلام قد بلغتهم وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى خيبر فقتلوا أميرهم بن أبي الحقيق غيلة وإلى صاحب بني لحيان من قتله غيلة وبعث نفرا فقتلوا آخرين إلى جانب المدينة من اليهود منهم بن الأشرف‏.‏

قال‏:‏ يحيى بن سعيد وكان عمر بن عبد العزيز يأمر أمراء الجيوش أن لا ينزلوا بأحد من العدو إلا دعوهم‏.‏

قال‏:‏ يحيى ولعمري انه لحقيق على المسلمين أن لا ينزلوا بأحد من العدو في الحصون ممن يطمعون به ويرجون أن يستجيب لهم إلا دعوه فأما من ان جسلت بأرضك أتوك وإن سرت إليهم قاتلوك فإن هؤلاء لا يدعون‏.‏

ولو طمع بهم لكان ينبغي للناس أن يدعوهم ‏(‏وأخبرني‏)‏ القاسم بن عبد الله عن حسين بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه لم يكن يقاتل أحدا من العدو حتى يدعوهم ثلاث مرات‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم وكان يفرق بين الروم في قتالهم وبين القبط‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال‏:‏ ولا يقاتلون حتى يدعوا وقال أيضا ولا يبيتون‏.‏

قالت‏:‏ أكان مالك يرى أن يدعوا قبل أن يقاتلوا ولا يرى أن الدعوة قد بلغتهم‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك في قتال السلابة يدعوه إلى أن يتقي الله ويدع ذلك فإن أبى فقاتله وإن عاجلك عن أن تدعوه فقاتله‏.‏

قال‏:‏ وكذلك أهل الحرب إن عاجلوك عن أن تدعوهم فقاتلهم قالابن القاسم وإن طلبت السلابة الطعام أو الأمر الخفيف فأرى أن يعطوا ولا يقاتلوا وكذلك سمعت من مالك قالابن القاسم وسأل مالكا رجل من أهل المغرب فقال يا أبا عبد الله انا نكون في خصوصنا فيأتينا قوم يكابرونا يريدون أنفسنا وأموالنا وحريمنا أو قال أموالنا وأهلينا‏.‏

قال ناشدوهم الله في ذلك فإن أبوا وإلا السيف‏.‏

قال‏:‏ وسئل مالك عن قوم أتوا إلى قوم في ديارهم فأرادهم قتلهم وأخذ أموالهم‏.‏

قال مالك‏:‏ ناشدوهم الله ثم بالسيف‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عقبة بن نافع عن ربيعة أنه قال إن كان عدو ولم تبلغه الدعوة ولا أمر النبوة فانهم يدعون ويعرض عليهم الإسلام وتسير إليهم الأمثال وتضرب لهم العبر ويتلى عليهم القرآن حتى إذا بلغ العذر في دعائهم وأبوا طلبت عورتهم والتمست غفلتهم وكان الدعاء فيمن أعذر إليهم في ذلك بعد الأعذار تحذيرا لهم ‏(‏مالك‏)‏ عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى خيبر فأتاها ليلا وكان إذا جاء قوما ليلا لم يغر حتى يصبح فلما أصبح خرجت عليه يهود خيبر بمساحيهم ومكاتلهم فلما رأوه قالوا محمد والله محمد والخميس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكبر الله أكبر خربت خيبر أنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن خالد بن حميد المهرى أن إسحاق بن أبي سليمان الأنصاري حدثهم أنه سأل ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن رجل عرض له لص ليغضبه ماله فرماه فنزع عينه هل عليه ديته‏.‏

قال‏:‏ لا ولا نفسه فقلت لربيعة عمن تذكر هذا قال كان سعد بي أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف يخبران أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قتل دون ماله فأفضل شهيد قتل في الإسلام بعد أن يتعوذ بالله وبالإسلام ثلاث مرات فإن قتل اللص فشر قتيل قتل في الإسلام‏.‏

قال‏:‏ إسحاق وكان مسلم بن أبي مريم يرى هذا‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عمر بن محمد بن زيد عن عاصم بن عبد الله عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قاتل دون ماله حتى يقتل فهو شهيد‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن جرير بن حازم عن يحيى بن عتيق قال قلت للحسن يا أبا سعيد إنا نخرج تجارا فيعرض لنا قوم يقطعون علينا السبيل من أهل الإسلام فقال أيها الرجل قاتل عن نفسك ومالك‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن أشهل بن حاتم عن عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين أنه قال ما علمت أحدا من الناس ترك قتال من يريد نفسه وماله وكانوا يكرهون قتال الأمراء‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن جرير بن حازم عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين أنه قال ما علمت أحدا ترك قتال الحرورية واللصوص تحرجا إلا أن يجبن الرجل فذلك المسكين لا يلام‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن محمد بن عمرو عن بن جريج عن عمرو بن شعيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حمل علينا السلاح فليس منا ولا راصدا بطريق‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن مالك وعد الله بن عمر ويونس وأسامة وغيرهم أن نافعا أخبرهم عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حمل علينا السلاح فليس منا‏.‏

في الجهاد مع هؤلاء الولاة

قال‏:‏ وقال مالك لا أرى بأسا أن يجاهد الروم مع هؤلاء الولاة قالابن القاسم وكان فيما بلغني عنه لما كان زمان مرعش وصنعت الروم ما صنعت فقال لا بأس بجهادهم‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأما أنا فقد أدركته يقول لا بأس بجهادهم‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ قلت لمالك يا أبا عبد الله أنهم يفعلون‏.‏

فقال لا بأس على الجيوش وما يفعل الناس وقال ما أرى به بأسا ويقول لو ترك هذا أي لكان ضررا على أهل الإسلام ويذكر مرعش وما فعل بهم وجرأة الروم على أهل الإسلام وغاراتهم على أهل الإسلام ولو أنه ترك مثل هذا لكان ضررا على أهل الإسلام‏.‏

الغزو بالنساء

قالابن القاسم وسألت مالكا عن الرجل يغزو ومعه أهله إلى الرباط على بعض السواحل فقال لا بأس بذلك‏.‏

قلت‏:‏ فهل كشفتموه عن الرجل يدرب في أرض الحرب غازيا أيغزو بأهله معه أو يغزو النساء مع الرجل في دار الحرب‏.‏

فقال‏:‏ ما كشفناه عن أكثر مما قلت لك في الرباط ولا أرى أن يخرج بالنساء إلى دار الحرب‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت النساء هل يدرب بهن في أرض العدو في الغزو‏.‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن سمعت مالكا يقول في السواحل لا بأس أن يخرج الرجل بامرأته في عسكر لا يخاف عليهم لقلتهم مثل الاسكندرية وما أشبهها قال ابن القاسم وإن غزا المسلمون في عسكر لا يخاف عليهم لقلتهم لم أرى بأسا أن يخرج بالنساء في ذلك‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن أنس بن عياض عن جعفر بن محمد عن أبيه عن يزيد بن هرمز أن نجدة كتب إلى بن عباس رضي الله عنه يسأله عن خمس خلال فقال ابن عباس ان الناس يقولون ان بن عباس يكاتب الحرورية ولولا أني أخاف أن أكتم علما لم أكتب إليه ولا نعمة عين وقال ابن جريج في حديثه قال ابن عباس ولولا أن أرده عن شين يقع فيه ما كتبت إليه ولا نعمة عين‏.‏

فكتب إليه نجدة أما بعد فأخبرني هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء وهل كان يضرب لهن في الخمس بسهم وهل كان يقتل الصبيان ومتى ينقضي يتم اليتيم وعن الخمس لمن هو‏.‏

فكتب إليه قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء فيداوين المرضى ويحدين من الغنيمة ولم يسهم لهن وانه لم يكن يقتل الصبيان وكتبت تسألني متى ينقضي يتم اليتيم ولعمري أن الرجل لتنبت لحيته وأنه لضعيف الأخذ لنفسه ضعيف الإعطاء منها فإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس فقد انقطع عنه اليتم‏.‏

في قتل النساء والصبيان في أرض الحرب

قلت‏:‏ هل كان مالك يكره قتل النساء والصبيان والشيخ الكبير في أرض الحرب‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فهل كان مالك يكره قتل الرهبان‏.‏

قال‏:‏ نعم كان يكره قتل الرهبان المحبسين في الصوامع والديارات‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الراهب هل يقتل‏.‏

قال‏:‏ سمعت مالكا يقول لا يقتل الراهب‏.‏

قال مالك‏:‏ وأرى أن يترك لهم من أموالهم ما يعيشون به لا يأخذون منهم أموالهم كلها فلا يجدون وما يعيشون به فيموتوا‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن عبد ربه بن سعيد عن سلمة بن كهيل عن شقيق بن سلمة عن جرير بن عبد الله البجلي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية قال بسم الله وفي سبيل الله لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الولدان ‏(‏مالك‏)‏ عن بن شهاب أن إبنا لكعب بن مالك الأنصاري أخبره قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم النفر الذين قتلوا بن أبي الحقيق عن قتل النساء والولدان ‏(‏مالك‏)‏ وغيره عن نافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في بعض مغازيه امرأة مقتولة فأنكر ذلك ونهى عن قتل النساء والصبيان‏.‏

بن أبي الزناد‏:‏ عن أبيه قال حدثني المرقع بن صيفي أن جده رباح بن ربيع أخا حنظلة الكاتب أخبره أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها كان على مقدمة فيها خالد بن الوليد فمر رباح وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة مقتولة مما أصابت المقدمة فوقفوا عليها ينظرون إليها ويعجبون من خلقها حتى لحقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة له فانفرجوا عن المرأة فوقف عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال هاه ما كانت هذه تقاتل قال ثم نظر في وجوه القوم فقال لأحدهم الحق بخالد بن الوليد فلا يقتلن ذرية ولا عسيفا ‏(‏مالك‏)‏ عن يحيى بن سعيد أن أبا بكر بعث جيشا إلى الشام فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان وقال له انك ستجد قوما قد فحصوا عن أوساط رؤوسهم من الشعر فأضرب ما فحصوا عنه بالسيف وستجد قوما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله فدعهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له اني موصيك بعشر لا تقتلن امرأة ولا صبيا ولا كبيرا هرما ولا تقطعن شجرا مثمرا ولا تخربن عامرا ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكله ولا تحرقن نخلا ولا تغرقنه ولا تغل ولا تجبن ‏(‏وذكر‏)‏ عن عمر بن الخطاب أنه قال ولا تقتلوا هرما ولا امرأة ولا وليدا وتوقوا قتلهم إذا التقى الزحفان وعند حمة النهضات وفي شن الغارات‏.‏

قلت‏:‏ فهل كان مالك يكره أن تحرق قراهم وحصونهم بالنار أو تغرق بالماء‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا بأس أن تحرق قراهم وحصونهم بالنيران وتغرق بالماء وتخرب قال سحنون وأصل ما جاء عن أبي بكر رضي الله عنه في النهي عن قطع الشجر واخراب العامر أن ذلك لم يكن من أبي بكر رحمه الله نظرا للشرك وأهله والحيطة لهم والذب عنهم ولكنه أراد النظر للإسلام وأهله والتوهين للشرك ورجا أن يصير ذلك للمسلمين وأن خرابه وهن على المسلمين للذي رجا من كونه للمسلمين لأن خرابه ضرر على الإسلام وأهله ولم يرد به نظرا لأهل الشرك ومنع نواحيه وكل بلد لا رجاء فيه للمسلمين على الظهور عليها والمقدرة فوهن ذلك وضرره على أهل الشرك ‏(‏وذكر‏)‏ بن وهب عن مخرمة بن بكير قال سألت عبد الرحمن بن القاسم ونافعا مولى بن عمر عن شجر العدو هل يقطع وهل تهدم بيوتهم فقالا نعم‏.‏

قلت‏:‏ فقطع الشجر المثمر وغير المثمر أكان مالك يرى به بأسا‏.‏

قال‏:‏ قال مالك نعم يقطع الشجر في بلادهم المثمر وغير المثمر فلا بأس بذلك‏.‏

قلت‏:‏ وكان يرى حرق قراهم وحصونهم وقطع شجرهم وخراب بلادهم أفضل من ترك ذلك‏.‏

قال‏:‏ لا أدري ولكني سمعته يقول لا بأس بذلك وكان يتأول هذه الآية ‏{‏ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين‏}‏ يتأول هذه الآية إذا ذكر قطع الشجر وخراب بلادهم وقد ذكر مالك أو رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع نخل بني النضير‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن الليث عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرق نخل بني النضير وهي البويرة ولها يقول حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه‏.‏

فوهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطير فأنزل الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين‏}‏‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن عبد الجليل بن حميد أنه سمع بن شهاب يقول ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أسامة بن زيد حين بعثه نحو الشام أن يسير حتى يأتي أبنى فيحرق فيها ويهريق دما ففعل ذلك أسامة‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عمرو بن الحارث أن بكيرا حدثه قال سمعت سليمان بن يسار يقول أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد على جيش وأمره أن يحرق في أبنى‏.‏

في قتل الأسارى

قلت‏:‏ أرأيت إن سبوا رجالا ونساء وذراري فلم يجدوا لهم حمولة ولم يقووا على اخراجهم هل سمعت من مالك فيه شيئا‏.‏

قال‏:‏ سمعت مالكا سئل عن قتل الأسارى فقال أما كل من خيف منه فأرى أن يقتل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أخذ الإمام أسارى هل سمعت مالكا يقول إن ذلك إلى الإمام إن شاء ضرب رقابهم وإن شاء استحياهم وجعلهم فيئا‏.‏

قال‏:‏ سمعته يقول أما من خيف منه فإنه يقتل‏.‏

قال فرأيت مالكا فيما وقفته يفر من الذين لا يخاف منهم أن يقتلوا مثل الكبير والصغير قال سحنون ألا ترى إلى ما نال المسلمين من أبي لؤلؤة فإذا كان ممن أبغض الدين وعادى عليه وأحب له وخيف عليه أن لا تؤمن غيلته فهو الذي يقتل فأما غير ذلك فهم الحشوة ولهم قوتل المشركون وهم كالأموال وفيهم الرغبة وبهم القوة على قتال الشرك ‏(‏وقد ذكر‏)‏ عبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال كتب عمر إلى أمراء الجيوش يأمرهم بأن يقتلوا من الكفار كل من جرت عليه المواسي ولا يسبوا إلينا من علوجهم أحدا وكان يقول لا تحملوا إلى المدينة من علوجهم أحدا فلما أصيب عمر رحمه الله تعالى قال من أصابني قالوا غلام المغيرة فقال قد نهيتكم أن تحملوا إلينا من هؤلاء العلوج أحدا فعصيتموني‏.‏

قال‏:‏ ولقد سئل مالك عن الرجل من الروم يلقاه المسلمون فيقول إنما جئت أطلب الأمان فيقال له كذبت ولكنا حين أخذناك اعتللت بهذا‏.‏

قال‏:‏ قال مالك وما يدريهم هذه أمور مشكلة‏.‏

قال مالك وأرى أن يرد إلى مأمنه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل من أهل الحرب يدخل إلى بلاد الإسلام بغير أمان فيأخذه رجل من أهل الإسلام أيكون له فيئا أم يكون فيئا لجميع المسلمين‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أن مالكا قال فيمن وجد على ساحل المسلمين من العدو فزعموا أنهم تجار وما أشبه هذا ان ذلك لا يقبل منهم ولا يكونون لأهل قرية إن سقطوا إليهم ولكن ذلك إلى وإلى المسلمين يرى فيهم رأيه وأنا أرى ذلك فيئا للمسلمين ويجتهد فيه الوالي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرومي يحل بساحلنا تاجرا فينزل قبل أن يعطى الأمان فيقول ظننت أنكم لا تعرضون لمن جاءكم بتجارة حتى يبيع تجارته وينصرف عنكم أيعذر بهذا ولا يكون فيئا‏.‏

قال‏:‏ سمعت مالكا وسأله أهل المصيصة فقالوا إنا نخرج في بلاد الروم فنلقى العلج منهم مقبلا إلينا فإذا أخذناه قال إنما جئت أطلب الأمان أفترى أن أصدقه‏.‏

قال‏:‏ قال مالك هذه أمور مشكلة أرى أن يرد إلى مأمنه‏.‏

فأرى هؤلاء مثله في رأيي إما قبلت منهم ما قالوا وإما رددتهم إلى مأمنهم ‏(‏وروى‏)‏ بن وهب عن مالك في قوم من العدو يوجدون بغير إذن من المسلمين على ضفة البحر في أرض المسلمين فيزعمون أنهم تجار وأن البحر قد لفظهم ثغبا ولا يعرف المسلمون تصديق ذلك إلا أن مراكبهم قد انكسرت ومعهم السلاح أو يشكون العطش الشديد فينزلون للماء بغير إذن من المسلمين‏.‏

قال مالك‏:‏ ذلك إلى الإمام يرى فيهم رأيه ولا أرى لمن أخذهم فيهم خمسا لا وال ولا غيره‏.‏

قال مالك‏:‏ ولا يكون الخمس إلا فيما أوجف عليه الخيل والركاب‏.‏

خمس رسول الله صلى الله عليه وسلم قريظة وقسم النضير بين المهاجرين وثلاثة من الأنصار سهل بن حنيف وأبي دجانة والحارث‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن يحيى بن سعيد انه قال ليس للعدو المحارب إذا أصابه المسلمون في نفسه أمر ولا قضاء وهم يقضون في أمره ما أحبوا ليس للعدو أن ينزلوا بأرض المسلمين للتجارة ولا يقبل بها إلا أن يكون رسولا بعث لأمر ما مما بين المسلمين وعدوهم فأما من أخذه المسلمون فزعم أنه جاء للتجارة أو مستأمنا بعد ما أخذ فلا أمان له قالابن لهيعة وقال ربيعة إن كانوا من أرض متجر قد أمنوا بالتجارة فيهم والاختلاف إليهم فهم على منزلة أمان يشربون من الماء ويقضون حاجتهم وإن كانوا من أرض عدو ولم يكن بينهم وبينهم ذمة ولم تكن التجارة منهم ولا منكم فيما يليكم ويليهم لم يكن لهم عهد بقولهم إنما جئنا تجارا لا تكون تجارة بين المسلمين وعدوهم إلا بخبر قد ثبت وأمر قد جرى ولو ترك أشباه هذا لم تزل عين من العدو مظلة على المسلمين يحذرونهم ويطمع بضعفهم‏.‏

قال‏:‏ ولقد سئل مالك عن الروم ينزلون بساحل المسلمين بأمان معهم التجارات فيبيعون ويشترون ثم يركبون البحر راجعين إلى بلادهم فإذا أمعنوا في البحر رمتهم الريح إلى بعض بلدان المسلمين غير البلاد التي كانوا أخذوا فيها الأمان‏.‏

قال مالك أرى لهم الأمان أبدا ما داموا في تجرهم حتى يرجعوا إلى بلادهم ولا أرى لهم أن يهاجموا‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة وعمر بن مالك عن عبيد الله بن أبي جعفر عن حنش بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل سبعين أسيرا بعد الاثخان من اليهود وقتل عقبة بن أبي معيط أتي به أسيرا يوم بدر فذبحه فقال من للصبية قال النار‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب حدثه ان عمر بن عبد العزيز أتي بأسير من الخزر فقال له عمر لاقتلنك فقال له الأسير إذا لا ينقص ذلك من عدة الخزر شيئا فقتله عمر ولم يقتل أسيرا في خلافته غيره قال الليث وكان أبو عبيدة وعياض بن عقبة بن نافع يقتلون الأسارى إذا أتى بهم في أرض الروم ‏(‏مخرمة بن بكير عن أبيه عن نافع مولى بن عمر قال قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم حيي بن أخطب صبرا بعد أن ربط‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن مخرمة عن أبيه عن عبد الرحمن بن القاسم قال قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير صاحب بني قريظة صبرا‏.‏

في قسم الغنائم في بلاد الحرب

قلت‏:‏ أرأيت إذا غنم المسلمون غنيمة هل يكره مالك لهم أن يقسموا ذلك في بلاد الحرب‏.‏

قال‏:‏ الشأن عند مالك أن تقسم في بلاد الحرب وتباع ثم قال وكان يحتج فيه مالك ويقول هم أولى برخصه‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك تقسم الغنائم وتباع في دار الحرب وقال مالك هو الشأن ألا ترى أن الصوائف والجيوش ليس سيرتهم سيرة السرايا إنما سيرتهم على الإظهار وعلى غير الاختفاء وانهم في اجتماعهم وكثرتهم إذا نزلوا بموضع فكأنهم غلبوا عليه وظهروا عليه وهم الذين يبعثون السرايا وإليهم ترجع فليس يخاف عليهم أمر ولا يتعقب فيهم خوف وهم أمراء يقيمون الحدود ويقسمون الفيء ‏(‏وذكر‏)‏ بن وهب عن مسلمة عن الأوزاعي أنه قال في قسمة الغنيمة في أرض الفيء قبل خروجهم منها قال لم يقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة أصاب فيها مغنما إلا خمسه وقسمه قبل أن يقفل‏.‏

قال‏:‏ من ذلك غزوة بني المصطلق وخيبر وحنين ثم لم يزل المسلمون على ذلك بعده ووغلت جيوشهم في أرض الشرك في خلافة عمر بن الخطاب إلى خلافة عمر بن عبد العزيز ثم هلم جرا في أرض الشرك حتى هاجت الفتنة‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أنعمر بن الخطاب كتب إلى سعد بن أبي وقاص يوم افتتح العراق أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر فيه أن الناس قد سألوك أن تقسم بينهم مغانمهم وما أفاء الله عليهم فإذا جاءك كتابي هذا فانظر ما أجلب الناس عليك إلى العسكر من كراع أو مال فاقسمه بين من حضر من المسلمين واترك الأرض والأنهار بعمالها ليكون ذلك في أعطيات المسلمين فإنك لو قسمتها بين من حضر لم يكن لمن بقي بعدهم شيء‏.‏

في الرجل يعترف متاعه وعبيده قبل أن يقعوا في المقاسم

قلت‏:‏ أرأيت ما كان من أموال أهل الإسلام من عبيد أو غير ذلك وساداتهم غيب أيقسمون ذلك أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك ما علموا أنه لأهل الإسلام فلا يقسموه وإن كان ساداتهم غيبا وإن كان أهل الشرك أحرزوهم أو أبقوا إليهم فذلك سواء لا يقسمون شيئا من ذلك إذا هم عرفوا أصحابه وإن لم يعرفوا اقتسموا‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك كل مال يعرف أنه لأهل الإسلام وإن غاب صاحبه عنه فإنه لا يباع في المقاسم إذا عرف صاحبه وإذا لم يعرف قسم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما أحرز المشركون إلى بلادهم من عروض أهل الإسلام ثم غنمه المسلمون فصار في سهمان رجل أيكون هذا الرجل أولى به بالثمن أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

وكيف بما أحرزوا من أموال أهل الذمة هم وأهل الإسلام في ذلك كله سواء وكيف إن أحرزوا إحرازا من أهل الذمة فأسلموا على الدار وأهل الذمة في أيديهم أيكونون رقيقا لهم أم يردون إلى ذمتهم ولا يكونون رقيقا لهم في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك في الذمي إذا سباه أهل الحرب ثم غنمه المسلمون إنه لا يكون فيئا فأراهم إن أسلموا على الدار وفي أيديهم ناس من أهل الذمة أسارى أنهم يكونون رقيقا لهم ولا يردون إلى ذمتهم وإنما أهل ذمتنا بمنزلة عبيدنا إذا هم أسلموا عليها‏.‏

قال‏:‏ وأما ما ذكرت لك من أموال أهل الذمة إنهم في ذلك وأهل الإسلام سواء إن أدركوا أموالهم قبل أن تقسم كانوا أولى بها بغير شيء وإن أدركوها بعد القسمة أخذوها بالثمن وإن عرف أهل الإسلام إنه أموال أهل الذمة لم يقسموه في الغنيمة ويردونه إليهم إذا عرفوه قالابن القاسم وهذا قول مالك‏.‏

وأما ما ذكرت من أموال أهل الإسلام فقد أخبرتك فيه بما قال مالك أنه إن أدركه قبل القسمة أخذه بغير شيء وإن أدركه بعد ما قسم كان أولى به بالثمن وإن عرف أنه مال لأهل الإسلام رده إلى أهله ولم يقتسموه إن عرفوا أهله وإن لم يعرفوا أهله فليقتسموه فأموال أهل الذمة مثله‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن مسلمة بن علي عن زيد بن واقد عن مكحول أنه قال في رجل من أهل الذمة أصابه العدو وماله فأحرزوه ثم أصابه المسلمون بعد ذلك انه يرد إلى ذمته وأهله وماله‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن مسلمة بن علي عمن حدثه عن سماك بن حرب عن تميم بن طرفة الطائي قال أصاب المسلمون ناقة لرجل من المسلمين فاشتراها بعضهم فقال لصاحبها أنت أحق بها بالثمن‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن مسلمة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن عبد الله بن عباس قال وجد رجل من المسلمين بعيرا له في المغنم قد كان أصابه المشركون فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إن وجدته في المغنم فخذه وإن وجدته قسم فأنت أحق به بالثمن إن أردته‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن عرفوا أنه مال للمسلمين ولم يعرفوا من أهله أيقسمونه في الغيبة أم يكون لجماعة المسلمين وهل سمعت من مالك في هذا شيئا قال ابن القاسم بلغني عن مالك أنه قال إن عرفوا أهله ردوه إلى أهله وإن لم يعرفوا من أهله قسم بينهم فأموال أهل الذمة مثله‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عبد الله بن عمرو وغيره عن نافع أن فرسا وغلاما لعبد الله بن عمر أخذهما العدو فأخذهما المسلمون فردوهما إلى عبد الله بن عمر ولم يكونا قسما قال ابن وهب وأخبرني بن لهيعة عن سليمان بن موسى أن رجاء بن حيوة حدثه أنعمر بن الخطاب كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح أو إلى معاوية بن أبي سفيان يقول ما أحرز العدو من أموال المسلمين ثم غنمها المسلمون من العدو فما اعترفه المسلمون من أموالهم قبل أن يقسم فهو مردود إليهم‏.‏

بن وهب عن بن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن زيد بن ثابت مثله ‏(‏ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن بكير بن الأشج وخالد بن أبي عمران عن سليمان بن يسار مثله‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن رجال من أهل العلم عن أبي بكر الصديق وعبادة بن الصامت ويحيى بن سعيد وربيعة انهم كانوا يقولون مثل ذلك‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن إسماعيل بن عياش عن الحسن عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن بن عباس مثله قال وجد رجل من المسلمين بعيرا له في المغانم قد كان أصابه المشركون فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال إن وجدته في المغانم فخذه وإن وجدته قد قسم فأنت أحق به بالثمن إن أردته‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت العبد إذا أبق إليهم أو أسروه أهو عند مالك سواء‏.‏

قال‏:‏ قال مالك هو سواء‏.‏

قلت‏:‏ وإن أدركهما أدرك هذا الذي أبق أو هذا الذي أسره أهل الحرب بعد ما قسما في الغنيمة لم يأخذهما إلا بالثمن‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أبق منه عبده أليس يؤمر من أخذه أن يرده على سيده في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فما بال هذا الذي أبق إلى دار الحرب لم لا يؤمر من صار العبد في يديه أن يرده إلى سيده‏.‏

قال‏:‏ هذا حين أبق إلى أرض الشرك قد أحرزوه‏.‏

قال ابن القاسم وبلغني عن مالك أنه قال ما أحرز أهل الشرك من أموال المسلمين فأتوا به ليبيعوه قال مالك لا أحب لأحد أن يشتريه منهم ‏(‏قلت‏:‏ أرأيت ان أحرز أهل الشرك جارية لرجل من المسلمين فغنمها المسلمون ثم صارت في سهمان رجل فاعتقها أو اتخذها أم ولد‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ يمضي عتقها وتكون أم ولد لمن ولدت منه ولا ترد على صاحبها الأول‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن صارت في سهمان رجل من المسلمين فعلم أنها لرجل من المسلمين أيحل له أن يطأها في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا ولم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن سمعت مالكا يسئل عن الرجل يصيب الجارية أو الغلام في المغنم ثم يعلم بعد ذلك أنه لرجل من المسلمين قال ان علم فليرده إليه يريد بقوله هذا يعرضه عليه حتى يأخذه أو يتركه فهذا يدلك على أنه لا يطأ‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن اشتراها رجل من العدو الذين أحرزوها أيحل له أن يطأها‏.‏

قال‏:‏ إن علم أنها للمسلمين فلا أحب له أن يطأها في بلاد الحرب اشتراها أو في بلاد المسلمين‏.‏

في التاجر يدخل بلاد الحرب فيشتري عبيدا لأهل الإسلام

قلت‏:‏ أرأيت لو أن عبيدا للمسلمين أحرزهم أهل الحرب فدخل رجل من المسلمين بلادهم بأمان فاشترى أولئك العبيد منهم أيكون لساداتهم أن يأخذوهم من هذا الذي اشتراهم بغير ثمن أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا يأخذونهم إلا بالثمن الذي ابتاعهم به‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك العبيد لو كانوا هم الذين أبقوا إلى بلاد الحرب فاشتراهم هذا الرجل‏.‏

قال‏:‏ قال مالك في العبيد إذا وقعوا في المغانم ان الآبق وغير الآبق سواء ليس لساداتهم أن يأخذوهم إلا بالثمن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن أهل الحرب أحرزوا عبيدا للمسلمين ثم دخل رجل أرض الحرب بأمان فوهبهم أهل الحرب لهذا الرجل أو باعوهم منه ثم خرج بهم إلى بلاد المسلمين أيكون لساداتهم أن يأخذوهم من هذا الرجل بغير شيء في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ إن كانوا وهبوهم له ولم يكافئ عليهم فذلك لهم وأما ما ابتاعه فليس لهم أن يأخذوهم إلا أن يدفع إليه الثمن الذي ابتاع به المشتري وكذلك إن كافأ عليهم لم يكن لسيدهم أن يأخذهم إلا بعد غرم المكافأة التي كافأ بها وهو قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كان قد باعه هذا الذي اشتراه من أرض الحرب من رجل آخر أو باعه الذي وهب له‏.‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى أن ينفذ البيع ويرجع صاحبه بالثمن على الذي وهب له فيأخذه منه قال سحنون وقال غيره ينقض البيع ويرد إلى صاحبه بعد أن يدفع إليه الثمن ويرجع به على الموهوب له فيأخذ منه ما أخذ قال ابن القاسم وأما الذي ابتاعه فأرى له الثمن الذي بيع به لصاحب العبد المستحق بعد أن يدفع الثمن الذي ابتاعه به المشتري‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن اشتريت رجلا من المسلمين حرا اشتريته من المشركين أسيرا في أيديهم بغير أمره أيكون لي أن أرجع عليه بالثمن الذي اشتريته به قول قول مالك‏؟‏ قال نعم على ما أحب أو كره‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن اشتريت أم ولد لرجل من المسلمين من أرض الحرب قد كانوا أسروها‏.‏

قال‏:‏ قال مالك أرى أن يتبع سيدها بالثمن الذي اشتراها به على ما أحب أو كره‏.‏

قال‏:‏ لأن مالكا قال لي في أم ولد المسلم إذا سباها العدو ثم اشتراها رجل من المغنم بم يأخذها سيدها أبقيمتها أم بالثمن الذي اشتراها به‏.‏

قال مالك بل بالثمن الذي اشتراها به وإن كان أكثر من قيمتها‏.‏

قال مالك ويجبر السيد على أخذها‏.‏

قال مالك‏:‏ ولو لم يكن عند سيدها الثمن رأيت أن تدفع إليه ولا تقر في يد هذا يطأ أم ولد رجل أو ينظر إلى ما لا يحل له ويتبع بثمنها سيدها دينا عليه‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك في أم ولد رجل سباها العدو ثم بيعت في المقاسم فاشتراها رجل فاعترفها سيدها‏.‏

قال‏:‏ أرى لمشتريها على سيدها الثمن الذي اشتراها به كان ذلك أكثر من قيمتها أو أقل وأرى إن لم يجد عنده شيئا أن يقبضها سيدها ويكتب ذلك دينا عليه ولا ينبغي أن تترك أم ولد رجل عند رجل لعله يخلو بها ويرى منها ما لا ينبغي له‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن إسماعيل بن عياش عن عطاء بن أبي رباح أنه قال في حرائر أصابهن العدو فابتاعهن رجل فلا يصبهن ولا يسترقهن ولكن يعطيهن أنفسهن بالذي أخذهن به ولا يزاد عليهن‏.‏

ابن وهب‏:‏ وقال ذلك عبد الكريم وإن كانت من أهل الذمة فكذلك‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عطاء بن أبي رباح أنه قال من ابتاع أسيرا من المسلمين حرا من العدو فهو حر وعليه ما اشتراه به‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس بن يزيد أنه سأل بن شهاب عن رجل عرف أم ولده في أرض الروم وقد خمست وأعطى أهل النفل نفلهم والقوم الذي لهم‏.‏

قال‏:‏ نرى إن قد أحرزها العدو حتى عادت فيئا للمسلمين فنرى أن يأخذها بقيمة عدل من أجل ما فيها من الرق ولو كانت عتقت رأيت أن لا تؤخذ فيها فدية ولا يسترق أحد أعتقه الله من المسلمين حين يفيئه الله عليهم‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن الليث عن يحيى بن سعيد أنه قال في امرأة من أهل الذمة يسبيها العدو ثم اشتراها منهم رجل من المسلمين فأراد أن يطأها‏.‏

قال‏:‏ لا يطؤها ويكون له الثمن الذي أعطى فيها وهي على أمرها‏.‏

في الذمية والمسلمة يأسرهما العدو ثم يغنمهما المسلمون وأولادهما

قلت‏:‏ أرأيت المرأة من أهل الذمة يأسرها العدو فتلد عندهم أولادا ثم يغنمها المسلمون أيكون أولادها فيئا أم لا‏؟‏ يكونون فيئا قال ابن القاسم أرى أولادها يمنزلتها لا يكونون فيئا وإنما هي بمنزلة الحرة المسلمة تسبى فتلد أولادا فإن أولادها بمنزلتها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المرأة المسلمة تسبى فتلد عند أهل الحرب فتغنم ومعها أولاد صغار أو كبار والأمة تسبى فتلد عندهم فتغنم ومعها أولاد صغار أو كبار‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ أما الحرة المسلمة فما سبيت به من ولد صغير فهو بمنزلتها وما كان من ولد كبير قد بلغ وقاتل واحتلم فأراهم فيئا وأما ما سبيت به الامة من ولد صغير أو كبير فهو لسيدها ولا يكون شيء من ولدها فيئا وهذا رأيي‏.‏

في الحربي يسلم وفي يديه عبيد لأهل الإسلام

قلت‏:‏ أرأيت لو أن عبيدا للمسلمين أسرهم أهل الحرب ثم دخل إلينا رجل من أهل الحرب بأمان والعبيد معه أيعرض له ويؤخذ العبيد منه أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا يؤخذون منه وهذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن دخل بهم هذا الحربي مستأمنا فأسلم عندنا‏.‏

قال‏:‏ هو حين أسلم فصار من المسلمين فليس لسيدهم أن يأخذهم من قبل أنه كان ممتنعا من المسلمين حين أسلم وهو بمنزلة من أسلم من أهل الحرب على أموال في أيديهم للمسلمين قد أحرزوها عبيدا أو غير ذلك فليس لأهل الإسلام أن يأخذوا من أيديهم شيئا من ذلك بالثمن ولا بالقيمة إن كانوا قد تبايعوا على ذلك بينهم وبين من أسلم منهم على شيء اشتراه أو أحرزه هو نفسه من بلاد المسلمين فهو أولى به‏.‏

قلت‏:‏ سمعت هذا من مالك‏.‏

قال‏:‏ لا إلا ما أخبرتك في أم الولد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الحربي يدخل دار الإسلام بأمان ومعه عبيد أهل الإسلام قد كان أهل الحرب أحرزوهم أيأخذهم سيدهم بالقيمة أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا أرى ذلك له‏.‏

قلت‏:‏ فإن باعهم من رجل من المسلمين أو من أهل الذمة أيأخذهم سيدهم بالثمن‏.‏

قال‏:‏ لا أرى ذلك له لأنهم قد كانوا هؤلاء العبيد في يدي الحربي الذي نزل بأمان وسيدهم لا يقدر على أخذهم منه ولا يكون لسيدهم أن يأخذهم بعد البيع‏.‏

قلت‏:‏ تحفظ هذا عن مالك‏.‏

قال‏:‏ لا ولكنه رأيي ولا يشبه الذي اشترى من دار الحرب لأن الذي اشترى في دار الحرب لو وهبه لرجل من المسلمين في دار الحرب ثم خرج به إلى بلاد الإسلام أخذه صاحبه بلا ثمن وإن هذا الذي خرج به بأمان هو عبده ولو وهبه لأحد لم يأخذه سيده على حال لأن سيده لم يكن يستطيع أن يأخذه من الذي كان في يديه فكذلك لا يأخذه من الذي وهب له‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما غنم أهل الشرك من أهل الإسلام ثم أسلموا عليه أيكون لهم ولا يرد ذلك إلى ساداتهم في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم وهم أحق بما أسلموا عليه وهو عندنا بين ثابت أن ما أسلموا عليه فهو لهم دون أربابه‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أسلم على شيء فهو له‏.‏

في الحربي يسلم ثم يغنم المسلمون ماله

قلت‏:‏ أرأيت إذا أسلم في بلاد الحرب رجل منهم ثم خرج إلينا وترك ماله في دار الحرب فغزا المسلمون بلادهم فغنموهم ومال هذا المسلم‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ماله وأهله وولده فيء للمسلمين‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ سألت مالكا عن الرجل من المشركين أسلم ثم غزا المسلمون تلك الدار فأصابوا أهله وولده‏.‏

قال مالك أهله وولده فيء للمسلمين‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وقال ربيعة في رجل اشترى عبدا من الفيء قال فدل سيده على مال له في أرض العدو أو لغيره عتق العبد أو لم يعتق أو كان كافرا لم يسلم‏.‏

قال‏:‏ ربيعة ان كان حرا أو مسلما أو أقام على دينه أو كان عبدا فذلك المال مال حرب ليس للعبد ولا للسيد ولا للجيش الذين كان فيهم إذا كانوا قفلوا قبل أن يدله وإنما دله في غزوة أخرى وإنما ذلك في الجيش الذي خرج فيهم فإن كان دله بعد أن اشترى وقفل بقفول الجيش الذين كانوا سبوه فهو على ذلك الجيش الذي كان فيهم ومال العدو في ذلك ومال غيره من الروم سواء هو على ذلك الجيش وإن كان إنما وجد المال ودل عليه بعد أن سبى العبد فقد انقطع المال منه وأبين‏.‏

في التاجر يدخل بلاد الحرب فيشتري عبدا للمسلمين فيعتقه

قلت‏:‏ أرأيت لو أن عبيدا لأهل الإسلام حازهم أهل الشرك فدخل رجل من المسلمين أرض الشرك بأمان فاشتراهم فأعتقهم وأغار أهل الشرك على بلاد المسلمين فحازوا رقيقا لأهل الإسلام ثم غنمهم المسلمون بعد ذلك فلم يعلموا بهؤلاء الرقيق إنهم كانوا لأهل الإسلام فانتسموهم وصاروا في سهمان الرجال فأعتقوهم ثم أتى ساداتهم بعد ذلك أينقض العتق ويردوهم رقيقا إلى ساداتهم في الوجهين جميعا في قول مالك أم لا‏؟‏ قال ابن القاسم‏:‏ في الوجهين جميعا إن عتقهم جائز ولا يردون ولا يكون ساداتهم أحق بهم بالثمن وإنما يكون ساداتهم أحق بهم بالثمن ما لم يدخلهم العتق وكذلك الذي اشتراهم من أرض العدو ما لم يعتقهم المشترى فإنه يقال لسيد العبد ادفع إليه الثمن الذي اشتراه به وخذ عبدك وإلا فلا شيء لك وليس للذي اشتراه من أرض الحرب أن يأبى ذلك على سيد العبد ولو أوصى بذلك سيد العبد وإنما الخيار في ذلك إلى سيد العبد ألا ترى أن مشتريه كان ضامنا لو مات في يديه وإن سيده لم يلزمه أخذه فلذلك ثبتت عتاقته ولم يرد وكذلك سمعت فيه عن بعض من مضى وهو الذي آخذ به‏.‏

وكذلك لو أن جارية وطئت فحملت كانت أم ولد للذي اشتراها من أرض العدو إن وقعت في سهمانه وهو بمنزلة العتق إذا ثبت لا يرد‏.‏

وكذلك سمعت عن أهل العلم‏.‏

في الذمي ينقض العهد ويهرب إلى دار الحرب فيغنمه المسلمون

قلت‏:‏ أرأيت لو أن قوما من أهل الذمة حاربوا أو قطعوا الطريق وأخافوا السبيل وقتلوا فأخذهم الإمام أيكونون فيئا أم يحكم عليهم بحكم أهل الإسلام إذا حاربوا‏.‏

قال‏:‏ أما إذا خرجوا خرابا محاربين يتلصصون فإنه يحكم عليهم بحكم أهل الإسلام إذا حاربوا وأما ان خرجوا ومنعوا الجزية ونقضوا العهد وامتنعوا من أهل الإسلام من غير أن يظلموا فهؤلاء فيء وهذا إذا كان الإمام يعدل فيهم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الذمي إذا هرب ونقض العهد ولحق بدار الحرب ثم ظفر به المسلمون بعد ذلك أيرد إلى جزيته ولا يقع في المقاسم‏.‏

قال‏:‏ أراهم فيئا إذا حاربوا ونقضوا العهد من غير ظلم يركبون به فأراهم فيئا قال ابن القاسم وإن كان ذلك من ظلم ركبوا به فأرى أن يردوا إلى ذمتهم ولا يكونوا فيئا‏.‏

قلت‏:‏ تحفظه عن مالك‏.‏

قال‏:‏ أما ما ذكرت لك في الحرابة من أهل الذمة فهو في قول مالك تحفظه عنه وأما الذين امتنعوا من الجزية ونقضوا العهد والإمام يعدل فيهم فقد مضت في هذا السنة من الماضين فيمن نقض من أهل الذمة العهد أنهم سبوا‏.‏

منها الاسكندرية قاتلهم عمرو بن العاص الثانية‏.‏

وسلطيس قوتلت ثانية وسبيت ‏(‏وقال‏)‏ غيره لا يعود الحر إلى الرق أبدا ل يردون إلى ذمتهم ولا يكونون فيئا ‏(‏وقد‏)‏ ذكر الليث عن يزيد بن أبي حبيب في بلهيت وسلطيس أنهم سبوا بعد أن نقضوا حتى دخل سبيهم المدينة سباهم عمرو في زمان عمر بن الخطاب‏.‏

في عبد أهل الحرب يخرج إلينا تاجرا فيسلم ومعه مال لمولاه أيخمس

قلت‏:‏ أرأيت لو أن عبدا لرجل من أهل الحرب دخل إلينا بأمان فأسلم ومعه مال لمولاه أيكون حرا ويكون المال له في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ أراه للعبد ولا أرى فيه خمسا وليس الخمس إلا فيما أوجف عليه‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن عقيل عن بن شهاب أن المغيرة بن شعبة نزل وأصحاب له بأيلة فشربوا خمرا حتى سكروا وناموا وهم كفار وقبل أن يسلم المغيرة فقام إليهم المغيرة فذبحهم جميعا ثم أخذ ما كان لهم من شيء فسار به حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم المغيرة ودفع المال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره الخبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا لا نخمس مالا أخذ غصبا فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك المال في يدي المغيرة بن شعبة‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عمرو بن الحارث والليث عن بكير بن الأشج أن المغيرة بن شعبة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قتل أصحابه وجاء بغنائمهم فتركها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى أن يقربها وهو كافر وهم كفار‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن الليث عن ربيعة أنه قال في قبطي فر من أرض العدو بمال وعليه الجزية‏.‏

قال‏:‏ المال مال الذي فر به وإن جاء مسلما فالمال له وهو من المسلمين‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عقبة بن نافع عن يحيى بن سعيد أنه قال من أسره العدو فأتمنوه على شيء من أموالهم فليؤد أمانته إلى من أئتمنه وإن كان مرسلا يقدر على أن يتخلص منهم ويأخذ من أموالهم ما قدر عليه مما لا يؤتمن عليه فليفعل‏.‏