فصل: في الرجل يحلف بهدي مال غيره

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


ما جاء في الرجل يحلف بالمشي فيحنث من أين يحرم أو من أين يمشي أو يقول إن كلمته فأنا محرم بحجة أو بعمرة

قال‏:‏ وقال مالك في الرجل يحلف بالمشي إلى بيت الله فيحنث قال مالك يمشي من حيث حلف الا أن تكون له نية فيمشي من حيث نوى‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عبد الرحمن بن إسحاق قال سألت سالم بن عبد الله عن امرأة نذرت أن تمشي إلى بيت الله ومنزلها بمران فتحولت إلى المدينة‏.‏

قال ترجع فتمشي من حيث حلفت‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن الليث بن سعد أن يحيى بن سعيد كان يقول ما نرى الإحرام علي من نذر أن يمشي من بلد إذا مشى من ذلك البلد حتى يبلغ المنهل الذي وقت له‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت رجلا قال إن كلمت فلانا فأنا محرم بحجة أو بعمرة‏.‏

قال‏:‏ قال مالك أما الحجة فإن حنث قبل أشهر الحج لم تلزمه حتى تأتي أشهر الحج فيحرم بها إذا دخلت أشهر الحج الا أن يكون نوى في نفسه أنا محرم من حين أحنث فأرى ذلك عليه حين يحنث وإن كان في غير أشهر الحج‏.‏

قال‏:‏ وأما العمرة فإني أرى الإحرام يجب عليه فيها حين يحنث الا أن لا يجد من يخرج معه ويخاف على نفسه ولا يجد من يصحبه فلا أرى عليه شيئا حتى يجد أنسا وصحابة في طريقه فإذا وجدهم فعليه أن يحرم بعمرة قلت فمن أين يحرم أمن الميقات أم من موضعه الذي حلف فيه في قول مالك قال ‏(‏‏)‏ من موضعه ولا يؤخر إلى الميقات عند مالك ولو كان له أن يؤخر إلى الميقات في الحج لكان له أن يؤخر ذلك في العمرة‏.‏

ولقد قال لي مالك يحرم بالعمرة إذا حنث الا أن لا يجد من يخرج معه ويستأنس به فإن لم يجد أخر حتى يجد‏.‏

فهذا يدلك في الحج أنه من حيث حنث إذ جعله مالك في العمرة غير مرة من حيث حنث الا أن يكون نوى من الميقات أو غير ذلك فهو على نيته‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال رجل حين أكلم فلانا فأنا محرم يوم أكلمه فكلمه‏.‏

قال أرى أن يكون محرما يوم يكلمه ‏(‏قلت‏:‏ أرأيت إن قال يوم أفعل كذا وكذا فأنا أحرم بحجة أهو مثل الذي قال يوم أفعل كذا وكذا فأنا محرم بحجة‏.‏

قال‏:‏ نعم هو سواء عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال إن فعلت كذا وكذا فأنا أحج إلى بيت الله‏.‏

قال‏:‏ أرى قوله فأنا أحج إلى بيت الله أنه إذا حنث فقد وجب عليه الحج وهو بمنزلة قوله فعلي حجة إن فعلت كذا وكذا وهذا مثل قوله إن فعلت كذا وكذا فأنا أمشي إلى مكة أو فعلي المشي إلى مكة فهما سواء وكذلك قوله فأنا أحج أو فعلي الحج هو مثل قوله فأنا أمشي أو فعلي المشي إلى مكة‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك من قال علي المشي إلى بيت الله إن فعلت أو أنا أمشي إلى بيت الله إن فعلت فحنث‏.‏

قال‏:‏ فإن عليه المشي وهما سواء‏.‏

قال‏:‏ وكذلك قوله فأنا أحج أو فعلي الحج‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت قوله علي حجة أو لله علي حجة أهما سواء وتلزمه حجة‏؟‏ قال نعم‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن يزيد عن عطاء عن مطرف عن فضيل عن إبراهيم قال إذا قال إن فعلت كذا وكذا فهو محرم فحنث فإذا دخل شوال فهو محرم وإذا قال يوم أفعل كذا وكذا فهو محرم فيوم يفعله فهو محرم‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن المغيرة عن إبراهيم قال إذا قال إن فعل كذا وكذا فهو محرم بحجة فليحرم إن شاء من عامه وإن شاء متى ما تيسر عليه وان قال يوم أفعل ففعل ذلك فهو يومئذ محرم‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي مثله‏.‏

في الرجل يحلف بالمشي فيعجز عن المشي

قلت‏:‏ أرأيت ان مشي هذا الذي حلف بالمشي فحنث فعجز عن المشي كيف يصنع في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ يركب إذا عجز عن المشي فإذا استراح نزل فمشي فإذا عجز عن المشي ركب أيضا حتى إذا استراح نزل ويحفظ المواضع التي مشي فيها والمواضع التي ركب فيها فإذا كان قابلا خرج أيضا فمشي ما ركب وركب ما مشي وأهراق لما ركب دما‏.‏

قلت‏:‏ وإن كان قد قضى ما ركب من الطريق ماشيا أيكون عليه الدم في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك عليه الدم لأنه فرق مشيه‏.‏

قلت‏:‏ فإن هو لم يتم مشيه في المرة الثانية أعليه أن يعود في الثالثة في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ ليس عليه أن يعود بعد المرة الثانية وليهرق دما ولا شيء عليه‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان حين مضى في مرته الأولى إلى مكة فمشي وركب فعلم أنه إن عاد الثانية لا يقدر على أن يتم ما ركب ماشيا‏.‏

قال‏:‏ إذا علم أنه لا يقدر على أن يمشي في المواضع التي ركب فيها في المرة الأولى فليس عليه أن يعود ويجزئه الذهاب الأول وإن كانت حجة فحجة وإن كانت عمرة فعمرة ويهريق لما ركب دما وليس عليه أن يعود‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان حين حلف بالمشي فحنث يعلم أنه لا يقدر على أن يمشي الطريق كله إلى مكة في ترداده إلى مكة مرتين أيركب في أول مرة ويهدي‏؟‏ قال نعم ولا يكون عليه شيء غير ذلك في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك يمشي ما أطاق ولو شيئا ثم يركب ويهدي ويكون بمنزلة الشيخ الكبير والمرأة الضعيفة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف بالمشي فحنث وهو شيخ كبير قد يئس من المشي ما قول مالك فيه‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يمشي ما أطاق ولو نصف ميل ثم يركب ويهدي ولا شيء عليه بعد ذلك‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان هذا الذي حلف مريضا فحنث كيف يصنع في قول مالك قال أرى إن كان مريضا قد يئس من البرء فسبيله سبيل الشيخ الكبير وإن كان مرضه مرضا يطمع بالبرء منه وهو ممن لو صح كان يجب عليه المشي ليس بشيخ كبير ولا بامرأة ضعيفة فلينتظر حتى إذا صح وبرأ مشى الا أن يكون يعلم أنه إن برأ وصح لا يقدر على أن يمشي أصلا الطريق كله فليمش ما أطاق ثم ليركب ويهدي ولا شيء عليه وهذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن عجز عن المشي فركب كيف يحصي ما ركب في قول مالك أعدد الأيام أم يحصى ذلك في ساعات النهار والليل أم يحفظ المواضع التي يركب فيها من الأرض فإذا رجع ثانية مشي ما ركب وركب ما مشي‏.‏

قال‏:‏ إنما يأمره مالك بأن يحفظ المواضع التي ركب فيها من الأرض ولا يلتفت إلى الأيام والليالي فإن عاد الثانية مشى تلك المواضع التي ركب فيها من الأرض‏.‏

قلت‏:‏ ولا يجزئه عند مالك أن يركب يوما ويمشي يوما أو يمشي أياما ويركب أياما فإذا عاد الثانية قضى عدد الأيام التي ركب فيها‏.‏

قال‏:‏ لا يجزئه عند مالك لأن هذا إذا كان هكذا يوشك أن يمشي في المكان الواحد المرتين جميعا ويركب في المكان الواحد المرتين جميعا فلا يتم المشي إلى مكة فليس معنى قول مالك على عدد الأيام وإنما هو على عدد المواضع من الأرض‏.‏

قلت‏:‏ والمشي في الرجال والنساء سواء في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن هو مشي حين حنث فعجز عن المشي فركب ثم رجع من قابل ليقضي ما ركب فيه ماشيا فقوى على مشي الطريق كله أيجب عليه أن يمشي الطريق كله أم يمشي ما ركب ويركب ما مشى‏.‏

قال‏:‏ ليس عليه أن يمشي الطريق كله ولكن عليه أن يمشي ما ركب ويركب ما مشى قال وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حنث فلزمه المشي فخرج فمشي فعجز ثم ركب وجعلها عمرة ثم خرج قابلا ليمشي ما ركب ويركب ما مشى فأراد أن يجعلها قابلا حجة أله ذلك أم ليس له أن يجعلها الا عمرة أيضا في قول مالك لأنه جعل المشي الأول في عمرة‏.‏

قال‏:‏ قال مالك نعم يجعل المشي الثاني إن شاء حجة وإن شاء عمرة ولا يبالي وإن خالف المشي الأول الا أن يكون نذر المشي الأول في حج فليس له أن يجعل الثاني في عمرة وإن كان نذره الأول في عمرة فليس له أن يجعل المشي الثاني في حج وهذا الذي قال لي مالك‏.‏

قلت‏:‏ وليس له أن يجعل المشي الثاني والأول في فريضة‏.‏

قال‏:‏ نعم ليس له ذلك ‏(‏مالك‏)‏ عن عروة بن أذينة قال خرجت مع جدة لي كان عليها مشي حتى إذا كنا ببعض الطريق عجزت فأرسلت مولى لها إلى بن عمر يسأله وخرجت معه فسأل عن ذلك بن عمر فقال مرها فلتركب ثم لتمش من حيث عجزت‏.‏

قال‏:‏ مالك وقاله سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن سفيان الثوري عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن بن عباس مثل قول بن عمر قال ابن عباس وتنحر بدنة‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن سفيان عن المغيرة عن إبراهيم مثل قول بن عباس قال ولتهد‏.‏

قال‏:‏ سفيان والليث ولتهد مكان ما ركبت‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم قال يمشي فإذا عجز ركب فإذا كان عاما قابلا حج فمشى ما ركب وركب ما مشى‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن بن عباس مثل ذلك‏.‏

وذكر غير إسماعيل عن بن عباس قال هدي بدنة‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن المغيرة عن إبراهيم في رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله فمشي ثم أعيا قال ليركب وليهد لذلك هديا حتى إذا كان قابلا فليركب ما مشى وليمش ما ركب فإن أعيا في عامه الثاني ركب ‏(‏وقال‏)‏ سعيد بن جبير يركب ما مشى ويمشي ما ركب فبلغ الشعبي قول سعيد فأعجبه ذلك ‏(‏وقال‏)‏ علي بن أبي طالب يمشي ما ركب فإذا عجز ركب وأهدي بدنة ‏(‏وقال‏)‏ الحسن وعطاء مثل قول علي وإنما ذكرت لك قول علي والحسن وعطاء حجة لقول مالك لأنه لم يران عجز في الثانية أن يعود في الثالثة مع قول إبراهيم إنه ان عجز في الثانية ركب ولم يذكر أنه يعود في الثالثة وقد قال يعود في الثالثة لقول مالك الذي ذكرت لك ولم يقولوا إن عجز في الثانية أن يمشي في الثالثة‏.‏

ما جاء في الرجل يحلف بالمشي حافيا فيحنث

قلت‏:‏ أرأيت إن قال علي المشي إلى بيت الله حافيا راجلا أعليه أن يمشي وكيف إن انتعل‏.‏

قال‏:‏ قال مالك ينتعل وإن أهدي فحسن وإن لم يهد فلا شيء عليه وهو خفيف‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عثمان بن عطاء الخرساني عن أبيه أن امرأة من أسلم نذرت أن تمشي وتحج حافية ناشرة شعر رأسها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم استتر بيده منها وقال ما شأنها قالوا نذرت أن تحج حافية ناشرة شعرها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مروها فلتختمر ولتنتعل ولتمشي‏.‏

ونظر النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع إلى رجلين نذرا أن يمشيا في قرن فقال لهما حلا قرنكما وامشيا إلى الكعبة وأوفيا نذركما‏.‏

قال سحنون‏:‏ ونظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجل يمشي إلى الكعبة القهقري فقال مروه فليمش لوجهه ‏(‏وقال‏)‏ ربيعة بن أبي عبد الرحمن لو أن رجلا قال علي المشي إلى الكعبة حافيا لقيل له البس نعلين وامش فليس لله حاجة بحفائك إذا مشيت منتعلا فقد وفيت نذرك وقاله يحيى بن سعيد‏.‏

ما جاء في الرجل يحلف بالمشي فيحنث فيمشي في حج فيفوته الحج

قال‏:‏ وقال مالك في رجل حلف بالمشي إلى بيت الله فحنث فمشي في الحج ففاته الحج قال مالك يجزئه المشي الذي مشى ويجعلها عمرة ويمشي حتى يسعى بين الصفا والمروة وعليه قضاء الحج عاما قابلا راكبا والهدي لفوات الحج ولا شيء عليه غير ذلك‏.‏

في الرجل يحلف بالمشي فيحنث فيمشي في حج ثم يريد أن يمشي حجة الإسلام من مكة أو يجمعهما جميعا عند الإحرام

قلت‏:‏ هل يجوز لهذا الذي حلف بالمشي فحنث فمشي وجعلها عمرة أن يحج حجة الإسلام من مكة‏.‏

قال‏:‏ قال مالك نعم يحج من مكة ويجزئه عن حجة الإسلام‏.‏

قلت‏:‏ ويكون متمتعا إن كان قد اعتمر في أشهر الحج‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قرن الحج والعمرة يريد بالعمرة عن المشي الذي وجب عليه وبالحج حجة الفريضة أيجزئه ذلك عنهما جميعا‏.‏

قال‏:‏ لا يجزئه ذلك عن حجة الإسلام‏.‏

قلت‏:‏ ويكون عليه دم القران‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ ولم لا يجزئه من حجة الإسلام‏.‏

قال‏:‏ لأن عمل العمرة والحج في هذا واحد فلا يجزئه من فريضته ولا من مشي أوجبه على نفسه‏.‏

قال‏:‏ ولقد سئل مالك عن رجل كان عليه مشي فمشى في حجة وهو صرورة يريد بذلك وفاء نذر يمينه واداء الفريضة عنه‏.‏

فقال‏:‏ لنا مالك لا يجزئه من الفريضة وهو للنذر الذي عليه من المشي وعليه حجة الفريضة قابلا وقالها غير مرة ‏(‏وقال‏)‏ المخزومي يجزئه عن الفريضة وعليه النذر‏.‏

في الرجل يحلف أنا أحج بفلان إلى بيت الله إن فعلت كذا وكذا فحنث

قلت‏:‏ ما قول مالك في الرجل يقول أنا أحج بفلان إلى بيت الله إن فعلت كذا وكذا فحنث‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إذا قال الرجل أنا أحمل فلانا إلى بيت الله فإني أرى أن ينوي فإن كان أراد تعب نفسه وحمله على عنقه فأرى أن يحج ماشيا ويهدي ولا شيء عليه في الرجل ولا يحجه وإن لم ينو ذلك فليحج راكبا وليحج بالرجل معه ولا هدي عليه فإن أبى الرجل أن يحج فلا شيء عليه في الرجل وليحج هو راكبا‏.‏

قال سحنون ورواه علي بن زياد عن مالك إن كان نوى أن يحمله إلى مكة يحجه من ماله فهو ما نوى ولا شيء عليه هو الا احجاج الرجل الا أن يأبى ‏(‏قال ابن القاسم‏:‏ وقوله أنا أحج بفلان إلى بيت الله عندي أوجب عليه من الذي يقول أنا أحمل فلانا إلى بيت الله لا يريد بذلك على عنقه لأن احجاجه الرجل إلى بيت الله من طاعة الله فأرى ذلك عليه الا أن يأبى الرجل فلا يكون عليه شيء في الرجل‏.‏

قال‏:‏ وقال لنا مالك في الرجل يقول أنا أحمل هذا العمود إلى بيت الله أو هذه الطنفسة أو ما أشبه هذا من الأشياء إنه يحج ماشيا ويهدي لموضع ما جعل على نفسه من حملان تلك الأشياء وطلب مشقة نفسه فليضع المشقة عن نفسه ولا يحمل تلك الأشياء وليهد‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن سفيان والليث عن يحيى بن سعيد أنه قال في امرأة قالت في امرأة ابنها إن وطئتها فأنا أحملها إلى بيت الله فوطئها ابنها‏.‏

قال تحج وتحج بها معها وتذبح ذبحا لأنها لا تستطيع حملها ‏(‏سحنون‏)‏ وأخبرني من أثق به عن بن مهدي عن أبي عوانة عن المغيرة عن إبراهيم قال إذا قال أنا أهدي فلانا على أشفار عيني قال يحجه ويهدي بدنة‏.‏

في الإستثناء في المشي إلى بيت الله

قلت‏:‏ أرأيت من قال علي المشي إلى بيت الله إلا إن يبدو لي أو الا أن أرى خيرا من ذلك ما عليه‏.‏

قال‏:‏ عليه المشي وليس استثناؤه هذا بشيء لأن مالكا‏؟‏ قال لا إستثناء في المشي إلى بيت الله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال علي المشي إلى بيت الله إن شاء فلان‏.‏

قال‏:‏ هذا لا يكون عليه المشي إلا أن يشاء فلان وليس هذا بإستثناء وإنما مثل ذلك مثل الطلاق أن يقول الرجل امرأته طالق إن شاء فلان أو غلامي حر إن شاء فلان فلا يكون عليه شيء حتى يشاء فلان ولا إستثناء في طلاق ولا عتاق ولا مشي ولا صدقة‏.‏

في الرجل يحلف بالمشي إلى بيت الله ونوى مسجدا

قلت‏:‏ أرأيت إن قال علي المشي إلى بيت الله ونوى مسجدا من المساجد أتكون له نيته في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال علي المشي إلى بيت الله وليست له نية ما عليه في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ عليه المشي إلى مكة إذا لم تكن له نية‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال علي المشي ولم يقل إلى بيت الله‏.‏

قال‏:‏ إن كان نوى مكة مشي وإن لم يكن نوى ذلك فلا شيء عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال علي المشي إلى بيت الله ونوى مسجدا من المساجد كان ذلك له في قول مالك‏؟‏ قال نعم ‏(‏يونس‏)‏ وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن مثل قول مالك في الذي يحلف بالمشي إلى بيت الله وينوي مسجدا من المساجد إن له نيته ‏(‏وروى‏)‏ بن وهب عن مالك والليث مثل قول ربيعة‏.‏

في الرجل يحلف بالمشي إلى بيت المقدس أو إلى المدينة أو عسقلان

قال‏:‏ وقال مالك في الذي يحلف بالمشي إلى مسجد الرسول أو مسجد بيت المقدس‏.‏

قال‏:‏ فليأتهما راكبا ولا شيء عليه ومن قال علي المشي إلى بيت الله فهذا الذي يمشي‏.‏

قال‏:‏ ومن قال علي المشي إلى غير هذه الثلاثة المساجد فليس عليه أن يأتيه مثل قوله علي المشي إلى مسجد البصرة أو إلى مسجد الكوفة فأصلي فيهما أربع ركعات قال فليس عليه أن يأتيهما وليصل في موضعه حيث هو أربع ركعات‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك فيمن قال علي المشي إلى مسجد بيت المقدس فعليه أن يأتي مسجد بيت المقدس راكبا فيصلي فيه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ومن قال علي المشي إلى بيت المقدس أو إلى المدينة فلا يأتيهما أصلا إلا أن يكون أراد الصلاة في مسجديهما فليأتهما راكبا ومن قال من أهل المدينة أو من أهل مكة أو من أهل بيت المقدس لله علي أن أصوم بعسقلان أو بالاسكندرية شهرا فعليه أن يأتي عسقلان أو الاسكندرية فيصوم بها كما نذر قال وكل موضع يتقرب فيه إلى الله بالصيام فليأته وإن كان من أهل المدينة ومكة‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ومن نذر أن يرابط فذلك عليه وإن كان من أهل المدينة ومكة قال وهو قول مالك‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك ومن قال لله علي أن آتي المدينة أو بيت المقدس أو المشي إلى المدينة أو المشي إلى بيت المقدس فلا شيء عليه إلا أن يكون نوى بقوله ذلك أن يصلي في مسجد المدينة أو في مسجد بيت المقدس فإن كانت تلك نيته وجب عليه الذهاب إلى المدينة أو إلى بيت المقدس راكبا ولا يجب عليه المشي وإن كان حلف بالمشي ولا دم عليه‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك وإن قال علي المشي إلى مسجد المدينة أو مسجد بيت المقدس فهذا مخالف لقوله علي المشي إلى بيت المقدس أو علي المشي إلى المدينة هذا إذا قال علي المشي إلى بيت المقدس ممن لا يجب عليه الذهاب إلا أن ينوي الصلاة فيه‏.‏

فإذا قال علي المشي إلى مسجد المدينة أو مسجد بيت المقدس وجب عليه الذهاب راكبا والصلاة فيهما وإن لم ينو الصلاة فيهما وهو إذا قال علي المشي إلى هذين المسجدين فكأنه قال لله علي أن أصلي في هذين المسجدين‏.‏

في الرجل يحلف بالمشي إلى الصفا والمروة أو منى أو عرفة أو الحرم أو بشيء من الحرم ثم يحنث

قلت‏:‏ أرأيت إن قال علي المشي إلى الصفا والمروة‏.‏

قال‏:‏ لا أحفظ عن مالك فيه شيئا ولا يلزمه المشي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال علي المشي إلى منى أو إلى عرفات أو إلى ذي طوى‏.‏

قال‏:‏ إن قال على المشي إلى ذي طوى أو منى أو عرفات أو غير ذلك من مواضع مكة لا يكون عليه شيء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يحلف يقول علي المشي إلى بيت الله أو إلى الكعبة أو إلى الحرم أو إلى الصفا أو إلى المروة أو إلى الحطيم أو الحجر أو إلى قعيقعان أو إلى بعض جبال الحرم أو إلى بعض مواضع مكة فحنث أيجب عليه ذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا أدري ما هذا كله إنما سمعت من مالك يقول من قال علي المشي إلى بيت الله أو علي المشي إلى مكة أو علي المشي إلى الكعبة إن هذا يجب عليه وأنا أرى أن من حلف بالمشي إلى غير مكة أو الكعبة أو المسجد أو البيت أن ذلك لا يلزمه مثل قوله علي المشي إلى الصفا أو إلى المروة أو إلى غير ذلك من جبال مكة أو إلى الحرم أو نحو ذلك أو إلى منى أو إلى المزدلفة أو إلى عرفات فإن ذلك لا يلزمه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال علي المشي إلى الحرم‏.‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك في هذا شيئا ولا أرى عليه شيئا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال علي المشي إلى المسجد الحرام‏.‏

قال‏:‏ قال مالك عليه المشي إلى بيت الله‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولا يكون المشي إلا على من قال مكة أو بيت الله أو المسجد الحرام أو الكعبة فما عدا أن يقول الكعبة أو البيت أو المسجد أو مكة أو الحجر أو الركن أو الحجر فذلك كله لا شيء عليه فإن سمى بعض ما سميت لك من هذا لزمه المشي‏.‏

ما جاء في الرجل يقول إن فعلت كذا وكذا فعلي أن أسير أو أذهب أو أنطلق إلى مكة

قلت‏:‏ أرأيت إن قال إن كلمت فلانا فعلي السير إلى مكة أو قال علي الذهاب إلى مكة أو قال علي الإنطلاق إلى مكة أو علي أن آتي مكة أو علي الركوب إلى مكة‏.‏

قال‏:‏ أرى أن لا شيء عليه إلا أن يكون أراد بذلك أن يأتيها حاجا أو معتمرا فيأتيها راكبا إلا أن يكون نوى أن يأتيها ماشيا وإلا فلا شيء عليه أصلا‏.‏

وقد كان بن شهاب لا يرى بأسا أن يدخل مكة بغير حج ولا عمرة ويذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلها غير محرم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال علي الركوب إلى مكة‏.‏

قال‏:‏ أرى ذلك عليه‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد كان بن القاسم يختلف في هذا القول وأشهب يرى عليه في هذا كله إتيان مكة حاجا أو معتمرا‏.‏

في الرجل يحلف يقول للرجل أنا أهديك إلى بيت الله

قال‏:‏ وقال مالك من قال لرجل أنا أهديك إلى بيت الله إن فعلت كذا وكذا فحنث فعليه أن يهدي هديا‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك إن قال لرجل أنا أهديك إلى بيت الله إن فعلت كذا وكذا فحنث فإنه يهدي عنه هديا ولم يجعله مالك مثل يمينه إذا حلف بالهدى في غير ماله‏.‏

قال عبد الرحمن بن القاسم‏:‏ وأخبرني بعض من أثق به عن بن شهاب أنه قال فيها مثل قول مالك‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن سفيان الثوري عن منصور عن الحكم بن عتيبة أن علي بن أبي طالب قال في رجل قال لرجل أنا أهديك إلى بيت الله قال علي بن أبي طالب يهدي‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن سفيان عن عبد الكريم الجزوري عن عطاء قال يهدي شاة‏.‏

في الرجل يحلف بهدي مال غيره

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يحلف بمال غيره فيقول دار فلان هذه هدي أو عبد فلان هدي أو يحلف بشيء من مال غيره من الأشياء كلها أنه هدي فيحنث‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا شيء عليه‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس بن يزيد عن بن شهاب أنه قال إذا قال الرجل لعبده أو لأمته أو داره أنت هدي ثم حنث إنه يشتري بثمنه هديا ثم يهديه ولا يراه فيما سوى ذلك فيما لا يملك بيعه ولا يصلح أنه يقول فيه ذلك القول‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن بشر بن منصور عن عبد الملك عن عطاء قال سرقت إبل للنبي صلى الله عليه وسلم وطردت وفيها امرأة فنجت على ناقة منها حتى أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني جعلت على نفسي نذرا إن الله أنجاني على ناقة منها حتى آتيك أن أنحرها قال لبئس ما جزيتها لا نذر في معصية ولا فيما لا يملك بن آدم‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قال لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك بن آدم‏.‏

في الرجل يحلف بالهدي أو يقول علي بدنة

قلت‏:‏ أرأيت إن قال علي الهدي إن فعلت كذا وكذا فحنث‏.‏

قال‏:‏ قال مالك فعليه الهدي‏.‏

قلت‏:‏ أمن الإبل أو من البقر أو من الغنم‏.‏

قال‏:‏ قال لي مالك إن نوى شيئا فهو على ما نوى وإلا فبدنة فإن لم يجد فبقرة فإن لم يجد وقصرت نفقته فأرجو أن تجزئه شاة‏.‏

قلت‏:‏ لم أو ليس الشاة بهدي‏.‏

قال‏:‏ كان مالك يرجو بالشاة كرها قال مالك والبقر أقرب شيء إلى الإبل‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن حماد عن قتادة عن خلاس بن عمرو عن بن عباس قال بدنة أو بقرة أو كبش‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن حماد بن سلمة عن قيس بن سعد عن عطاء عن بن عباس‏؟‏ قال لا أقل من شاة ‏(‏وقال‏)‏ سعيد بن جبير البقر والغنم من الهدي‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت إن حلف فقال علي بدنة فحنث‏.‏

قال‏:‏ قال مالك البدن من الإبل فإن لم يجد فبقرة فإن لم يجد فسبع من الغنم‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك من قال لله علي أن أهدي بدنة فعليه أن يشتري بعيرا فينحره في قول مالك فإن لم يجد بعيرا فبقرة فإن لم يجد بقرة فسبعا من الغنم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كان يجد الإبل فاشترى بقرة فنحرها وقد كانت وجبت عليه بدنة أتجزئه في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال لنا مالك إن لم يجد الإبل اشترى البقر‏.‏

قال‏:‏ لي مالك والبقر أقرب شيء يكون إلى الإبل‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وإنما ذلك عندي إن لم يجد بدنة أي إذا قصرت النفقة فلم تبلغ نفقته بدنة وسع له أن يهدي من البقر فإن لم تبلغ نفقته البقر اشترى الغنم‏.‏

قال‏:‏ ولا يجزئه عند مالك أن يشتري البقر إذا كانت عليه بدنة إلا أن لا تبلغ نفقته بدنة لأنه قال فإن لم يجد فهو إذا بلغت نفقته فهو يجد‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وكذلك قال ابن المسيب وخارجة بن زيد وقطيع من العلماء منهم أيضا سالم بن عبد الله قال وقالوا فإن لم يجد بدنة فبقرة‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يجد الغنم أيجزئه الصيام‏.‏

قال‏:‏ لا أعرف الصيام فيما نذر على نفسه إلا أن يحب أن يصوم فإن أيسر يوما ما كان عليه ما نذر على نفسه فإن أحب الصيام فعشرة أيام‏.‏

قال‏:‏ ولقد سألت مالكا عن الرجل ينذر عتق رقبة إن فعل الله به كذا وكذا فأراد أن يصوم إن لم يجد رقبة‏.‏

قال قال لي مالك ما الصيام عندي بمجزىء إلا أن يشاء أن يصوم فإن أيسر يوما ما أعتق فهذا عندي مثله‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن سفيان عن بن أبي نجيح عن مجاهد قال ليست البدن إلا من الإبل ‏(‏وقال‏)‏ طاوس والشعبي وعطاء ومالك بن أنس وخارجة بن زيد بن ثابت وسالم بن عبد الله وعبد الله بن محمد البدنة تعدل سبعا من الغنم‏.‏

ما جاء في الرجل يحلف بالهدي أو ينحر بدنة أو جزورا

قلت أرأيت من قال لله على أن أنحر بدنة أين ينحرها‏.‏

قال بمكة قلت وكذلك ان قال لله علي هدى قال ينحره أيضا بمكة قلت وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم قلت فإن قال لله علي أن أنحر جزورا أين ينحره أو قال لله علي جزور أين ينحره قال ينحره في موضعه الذي هو فيه قال مالك ولو نوى موضعا فلا يخرجها إليه ولينحرها بموضعه الذي هي به قال ابن القاسم كانت الجزور بعينها أو بغير عينها ذلك سواء قال فقلنا لمالك فإن نذرها لمساكين بالبصرة أو مصر وكان من غير أهل البصرة أو من غير أهل مصر قال مالك نعم وان نذرها لمساكين أهل البصرة أو أهل مصر فلينحرها بموضعه وليتصدق بها على مساكين من عنده اذا كانت بعينها أو بغير عينها أو نذر أن يشتريها من موضعه فيسوقها إلى مصر قال مالك وسوق البدن إلى غير مكة من الضلال بن وهب عن مالك عن نافع عن بن عمر قال من نذر بدنة فليقلدها وليشعرها ولا محل لها دون مكة بن مهدي عن قيس بن الربيع عن جابر عن عطاء عن بن عباس في رجل جعل على نفسه بدنة‏؟‏ قال لا أعلم مهراق الدماء الا بمكة أو بمنى وقال الحسن والشعبي وعطاء مكة وقال سعيد بن المسيب البدن من الابل ومحلها البيت العتيق‏.‏

ما جاء في الرجل يحلف بهدي لشيء من ماله بعينه مما يهدي أولا يهدي

قال‏:‏ وقال مالك من حلف فقال داري هذه هدي أو بعيري هذا هدي أو دابتي هذه هدي فإن كان ذلك الذي حلف عليه مما يهدي أهداه بعينه إذا كان يبلغ وإذا كان مما لا يهدي باعه واشترى بثمنه هديا‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك وإن‏؟‏ قال لا بل له هي هدي إن فعلت كذا وكذا فحنث فهي كلها هدي وإن كانت ماله كله‏.‏

قال مالك‏:‏ وإن قال لشيء مما يملك من عبد أو دابة أو فرس أو ثوب أو عرض من العروض هو يهديه فإنه يبيعه ويشتري بثمنه هديا فيهديه‏.‏

وإن قال لما لا يملك من عبد غيره أو مال غيره أو دار غيره فلا شيء عليه ولا هدي عليه فيه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأخبرني من أثق به عن بن شهاب أنه كان يقول في مثل هذه الأشياء مثل قول مالك سواء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال علي أن أهدي هذا الثوب أي شيء عليه في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ يبيعه ويشتري بثمنه هديا ويهديه‏.‏

قلت‏:‏ له فما قول مالك في هذا الثوب إذا كان لا يبلغ أن يكون في ثمنه هدي‏.‏

قال‏:‏ بلغني عن مالك ولم أسمعه منه أنه قال يبعث بثمنه فيدفع إلى خزان مكة ينفقونه على الكعبة‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأحب إلي أن يتصدق بثمنه ويتصدق به حيث شاء ألا ترى أن بن عمر كان يكسو جلال بدنه الكعبة فلما كسيت الكعبة هذه الكسوة تصدق بها‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يبيعوه وبعثوا بالثوب بعينه‏.‏

قال‏:‏ لا يعجبني ذلك لهم ويباع هناك ويشتري بثمنه هدي‏.‏

قال‏:‏ ألا ترى أن مالكا قال يباع الثوب والعبد والحمار والفرس وكل ما جعل من العروض هكذا‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك إذا قال ثوبي هذا هدي فباعه واشترى بثمنه هديا وبعثه ففضل من ثمنه شيء بعث بالفضل إلى خزان مكة إذا لم يبلغ الفضل أن يكون فيه هدي‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأحب إلي أن يتصدق به‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما بعث به إلى البيت من الهدايا من الثياب والدنانير والدراهم والعروض أيدفع إلى الحجبة في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ بلغني عن مالك فيمن قال لشيء من ماله هو هدي قال يبيعه ويشتري بثمنه هديا فإن فضل شيء لا يكون في مثله هدي ولا شاة رأيت أن يدفع إلى خزان الكعبة يجلونه فيما تحتاج إليه الكعبة‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولقد سمعت مالكا وذكروا له أنهم أرادوا أن يشركوا مع الحجبة في الخزانة فأعظم ذلك وقال بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي دفع المفتاح إلى عثمان بن طلحة رجل من بني عبد الدار فكأنه رأى هذه ولاية من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعظم ذلك أن يشرك معهم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قال إن فعلت كذا وكذا فعلي أن أهدي دوري أو رقيقي أو دوابي أو غنمي أو أرضي أو بقري أو إبلي أو دراهمي أو دنانيري أو عروضي لعروض عنده أو قمحي أو شعيري فحنث كيف يصنع في قول مالك وهل هذا كله عند مالك سواء إذا حلف أم لا‏؟‏ قال‏:‏ هذا كله عند مالك سواء إذا حلف فحنث أخرج ثمن ذلك كله فبعث به فاشتري له به هدي إلا الدنانير والدراهم فإنه بمنزلة الثمن يبعث بذلك ويشتري بها بدن كما وصفت لك والإبل والبقر والغنم إذا كانت بموضع تبلغ وإلا فهي عندي تباع‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن سلام بن مسكين قال سألت جابر بن زيد عن امرأة عمياء كانت تعولها امرأة كانت تحسن إليها فآذتها بلسانها فجعلت على نفسها هديا ونذرا أن لا تنفعها بخير ما عاشت فندمت المرأة‏.‏

قال جابر مرها فلتهد مكان الهدي بقرة وإن كانت المرأة معسرة فلتهد شاة ومرها فلتصم مكان النذر‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن حماد بن سلمة عن إبراهيم في رجل نذر أن يهدي داره قال يهدي بثمنها بدنا ‏(‏وقال عطاء‏)‏ يشتري بها ذبئح فيذبحها بمكة فيتصدق بها ‏(‏وقال‏)‏ سعيد بن جبير يهدي بثمنها بدنا من حديث عبد الله بن المبارك ‏(‏وقال ابن عباس‏)‏ في امرأة جعلت دارها هديا تهدي ثمنها‏.‏

من حديث عبد الله المبارك عن مسعر عن بن هبيرة‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وأخبرني يونس بن يزيد وغيره عن بن شهاب أنه قال إذا قال الرجل لعبده أو لأمته أو داره أنت هدي ثم حنث أنه يشتري بثمنه هديا ثم يهديه ولا أراه فيما سوى ذلك فيما لا يملك بيعه ولا يصلح أن يقول فيه ذلك القول‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت قوله أنا أهدي هذه الشاة إن فعلت كذا وكذا فحنث أيكون عليه أن يهديها في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم عليه أن يهديها عند مالك إذا حنث إلا أن يكون بموضع بعيد فيبيعها ويشتري بثمنها شاة بمكة يخرجها إلى الحل ثم يسوقها إلى الحرم عند مالك إذا حنث‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لله علي أن أهدي بعيري هذا وهو بافريقية أيبيعه ويبعث بثمنه فيشتري به هديا من المدينة أو من مكة في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك الإبل يبعث بها إذا جعلها الرجل هديا يقلدها ويشعرها ولم يقل لنا من بلد من البلدان بعد ولا قرب ولكنه إذا قال بعيري أو إبلي هذه هدي أشعرها وقلدها وبعث بها‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأنا أرى ذلك له لازما من كل بلد إلا من بلد يخاف بعده وطول سفره والتلف في ذلك فإذا كان هكذا رجوت أن يجزئه أن يبيعها ويبعث بأثمانها فيشتري له بها هدي من المدينة أو من مكة أو من حيث أحب‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يحلف على إبل بأعيانها ولكن قال لله علي أن أهدي بدنة إن فعلت كذا وكذا فحنث‏.‏

قال‏:‏ يجزئه عند مالك أن يبعث بالثمن فيشتري به البدنة من المدينة أو من مكة فتوقف بعرفة ثم تنحر بمنى وإن لم توقف بعرفة أخرجت إلى الحل إن كانت اشتريت بمكة ونحرت بمكة إذا ردت من الحل إلى الحرم ‏(‏‏)‏ قال مالك وذلك دين عليه إن كان لا يملك ثمنها‏.‏

قلت‏:‏ فلو قال لله علي أن أهدي بقري هذه فحنث وهو بمصر أو بافريقية ما عليه في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ البقر لا تبلغ من هذا الموضع فعليه أن يبيع بقره هذه ويبعث بالثمن فيشتري بالثمن هدي من حيث يبلغ ويجزئه عند مالك أن يشتري له من المدينة أو من مكة أو من حيث شاء من البلدان إذا كان الهدي الذي يشتري يبلغ من حيث يشتري‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لله علي أن أهدي بقري هذه وهو بافريقية فباعها وبعث بثمنها أيجزئه أن يشتري بثمنها بعيرا في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ يجزئه أن يشتري بها إبلا فيهديها قال لأني لما أجزت له هذا البيع لبعد البلد صارت البقر كأنها دنانير أو دراهم فلا أرى بأسا أن يشتري بالثمن بعيرا وإن قصر عن البعير فلا بأس أن يشتري بقرة قال ولا أحب له أن يشتري غنما إلا أن يقصر الثمن عن البعير والبقر‏.‏

قلت‏:‏ فلو قال لله علي أن أهدي غنمي هذه أو بقري هذه فحنث وذلك في موضع تبلغ البقر والغنم منه وجب عليه أن يبعثها بأعيانها هديا ولا يبيعها ويشتري مكانها غيرها في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

في الرجل يحلف بهدي جميع ماله أو شيء بعينه وهو جميع ماله

‏)‏‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما قول مالك إذا قال الرجل إن فعلت كذا وكذا فلله علي أن أهدي مالي فحنث‏.‏

قال‏:‏ فعليه أن يهدي ثلث ماله ويجزئه ولا يهدي جميع ماله‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو قال علي أن أهدي جميع مالي أجزأه من ذلك الثلث في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك إذا قال الرجل إن فعلت كذا وكذا فلله علي أن أهدي بعيري وشاتي وعبدي وليس له مال سواهم فحنث وجب عليه أن يهديهم ثلاثتهم بعيره وشاته وعبده فيبيعهم ويهدي ثمنهم وإن كانوا جميع ماله فيهدهم‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يكن له إلا عبد واحد ولا مال له سواه فقال لله علي أن أهدي عبدي هذا إن فعلت كذا وكذا فحنث‏.‏

قال‏:‏ قال مالك عليه أن يهدي عبده يبيعه ويهدي ثمنه وإن لم يكن له مال سواه‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يكن له مال سوى العبد فقال إن فعلت كذا وكذا فلله علي أن أهدي جميع مالي فحنث‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يجزئه أن يهدي ثلثه‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو قال لله علي أن أهدي جميع مالي‏.‏

قال‏:‏ مالك يجزئه من ذلك الثلث‏.‏

قلت‏:‏ فإذا سماه فقال لله علي أن أهدي شاتي وبعيري وبقرتي فعدد ذلك حتى سمى جميع ماله فعليه إذا سمى أن يهدي جميع ما سمى وإن أتى ذلك على جميع ماله في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يسم ولكنه قال لله علي أن أهدي جميع مالي فحنث فإنما عليه أن يهدي ثلث ماله في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فما فرق ما بينهما عند مالك إذا سمى فأتي على جميع ماله وإن لم يسم وقال جميع مالي أجزأه من ذلك الثلث‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إنما ذلك عندي بمنزلة الرجل يقول كل امرأة أنكحها فهي طالق فلا شيء عليه وإذا سمى قبيلة أو امرأة بعينها لم يصلح له أن ينكحها فكذلك إذا سمى لزمه وكان آكد في التسمية‏.‏

قلت‏:‏ فلو قال إن فعلت كذا وكذا فأنا أهدي عبدي هذا وأهدي جميع مالي فحنث ما عليه في قول مالك‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ يهدي ثمن عبده الذي سمى وثلث ما بقي من ماله‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك هذا في الصدقة وفي سبيل الله‏؟‏ قال نعم‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال من قال مالي صدقة كله تصدق بثلث ماله‏.‏

قال ابن شهاب‏:‏ ولا أرى للرجل أن يتصدق بماله كله فينخلع مما رزقه الله ولكن بحسب المرء أن يتصدق بثلث ماله‏.‏

في الرجل يحلف بصدقة ماله أو بشيء بعينه هو جميع ماله في سبيل الله والمساكين

قال‏:‏ وقال مالك إذا حلف الرجل بصدقة ماله فحنث أو قال مالي في سبيل الله فحنث أجزأه من ذلك الثلث‏.‏

قال‏:‏ وإن كان سمى شيئا بعينه وإن كان ذلك الشيء جميع ماله فقال إن فعلت كذا وكذا فلله علي أن أتصدق على المساكين بعبدي هذا وليس له ماله غيره أو قال فهو في سبيل الله وليس له مال غيره فعليه أن يتصدق به إن كان حلف بالصدقة وإن كان قال فهو في سبيل الله فليجعله في سبيل الله‏.‏

قلت‏:‏ ويبعث به في سبيل الله في قول مالك أن يبيعه ويبعث بثمنه‏.‏

قال‏:‏ بل يبيعه ويدفع ثمنه إلى من يغزو به في سبيل الله من موضعه إن وجده وإن لم يجد فليبعث بثمنه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حنث ويمينه بصدقته على المساكين أيبيعه في قول مالك ويتصدق بثمنه على المساكين‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان سلاحا أو فرسا أو سرجا أو أداة من أداة الحرب فقال إن فعلت كذا وكذا فهذه الأشياء في سبيل الله يسميها بأعيانها أيبيعها أم يجعلها في سبيل الله في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ بل يجعلها في سبيل الله بأعيانها أن وجد من يقبلها إن كانت سلاحا أو دواب أو أداة من أداة الحرب إلا أن يكون بموضع لا يبلغ ذلك الموضع الذي فيه الجهاد ولا يجد من يقبله منه ولا من يبلغه له فلا بأس بأن يبيع ذلك كله ويبعث بثمنه فيجعل ذلك الثمن في سبيل الله‏.‏

قلت‏:‏ فيجعل ثمنه في مثله أم يجعل دراهم في سبيل الله في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا أحفظ عن مالك فيه شيئا وأرى أن يجعلها في مثلها من الأداة والكراع‏.‏

قلت‏:‏ ما فرق ما بين هذا وبين البقر إذا جعلها هديا جاز له أن يبيعها ويشتري بأثمانها إبلا إذا لم تبلغ‏.‏

قال‏:‏ لأن البقر والإبل إنما هي كلها للأكل وهذه إذا كانت كراعا أو سلاحا فإنما هي قوة على أهل الحرب ليس للأكل فينبغي أن يجعل الثمن في مثله في رأيي‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان حلف بصدقة هذه الخيل وهذا السلاح وهذه الأداة باعه وتصدق به في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك إن كانت يمينه أن يهديه باعه وأهدي ثمنه في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك إذا حلف بالصدقة أو في سبيل الله أجزأه من ذلك الثلث أو بالهدي فهذه الثلاثة الإيمان سواء إن كان لم يسم شيئا من ماله بعينه صدقة أو هديا أو في سبيل الله أجزأه من ذلك الثلث وإن سمى وأتى في التسمية على جميع ماله وجب عليه أن يبعث بجميع ماله كان في سبيل الله أو في الهدي وإن كان في صدقة تصدق بجميع ماله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال مالي في المساكين صدقة كم يجزئه من ذلك في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يجزئه الثلث‏.‏

قلت‏:‏ وإذا قال داري أو ثوبي أو دوابي في سبيل الله صدقة وذلك الشيء ماله كله‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يخرج ذلك الشيء كله ولا يجزئه بعضه من بعض ولا يجزئه منه الثلث‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك من سمى شيئا بعينه وإن كان ذلك الشيء ماله كله فقال هذا صدقة أو في المساكين أو في سبيل الله فليخرجه كله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال فرسي في سبيل الله وقال أيضا مع ذلك ومالي في سبيل الله‏.‏

قال‏:‏ يخرج الفرس في سبيل الله وثلث ما بقي من ماله بعد الفرس‏.‏

قلت‏:‏ ولم جعل مالك ما سمى بعينه جعله ينفذه كله وما لم يسم بعينه جعل الثلث يجزئه‏.‏

قال‏:‏ كذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال ثلث مالي في المساكين صدقة‏.‏

قال‏:‏ يخرج ما قال يتصدق به كله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال نصف مالي في المساكين صدقة‏.‏

قال‏:‏ يخرج نصف ماله في المساكين إذا قال نصف مالي أو ثلثه أو ثلاثة أرباع مالي أو أكثر من ذلك أخرجه ما لم يقل مالي كله وذلك أن مالكا قال من قال لشيء من ماله بعينه هو صدقة إن فعلت كذا وكذا أو جزء من ماله أخرج ذلك الجزء وما سمى من ماله بعينه ‏(‏‏)‏‏.‏

قلت‏:‏ وإذا حلف الرجل فقال إن فعلت كذا وكذا فمالي في سبيل الله فإنما سبيل الله عند مالك موضع الجهاد والرباط‏.‏

قال‏:‏ قال مالك سبل الله كثيرة وهذا لا يكون إلا في الجهاد قال مالك فيعطي في السواحل والتغور‏.‏

قال‏:‏ فقلنا لمالك أيعطى في جدة‏؟‏ قال لا ولم ير جدة مثل سواحل الروم والشام ومصر‏.‏

قال‏:‏ فقيل لمالك أنه قد كان في جدة أي خوف فقال إنما كان ذلك مرة ولم يكن يرى جدة من السواحل التي هي مرابط‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن محمد بن عبد الرحمن أن رجلا تصدق بكل شيء له في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قبلت صدقتك وأجاز الثلث‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن عمرو بن شعيب قال أعطى رجل ماله في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أأبقيت للوارث شيئا فليس لك ذلك ولا يصلح لك أن تستوعب مالك‏.‏