فصل: في زكاة ماشية القراض

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


ج2

عبد الله بن عمر لرجل سأله عن ذلك فقال لا تشترها ولا تعد في صدقتك ولكن سلمها واقترف من غنم جارك وبن عمك مكانها‏.‏

قال أشهب‏:‏ وقال مالك وأحب إلي أن يترك المرء شراء صدقته وإن كان قد دفعها وقبضت منه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا كانت عنده خمس من الإبل فلما كان قبل الحول بيوم هلكت منهن واحدة ثم نتجت منهن واحدة من يومها فحال عليها الحول وهي خمس بالتي نتجت فقال فيها شاة‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك وإذا كانت الإبل لرجل ببعض البلدان وهي شنق قال فقلنا لمالك وما الشنق فقال هي الإبل التي لم تبلغ فريضة الإبل مثل الخمس والعشر والخمس عشرة والعشرين قال فيأتيه الساعي فيجد عنده ضأنا ومعزا أو يجد عنده ضأنا ولا يجد عنده معزا أو يجد عنده معزا ولا يجد عنده ضأنا قال ينظر المصدق في ذلك فإن كان أهل تلك البلاد إنما أموالهم الضأن وهي جل أغنامهم وما يكسبون كانت عليهم الضأن فيما وجب في الإبل يأتون بها وان لم يجد صاحب المال معزا فعليه أن يأتي بالضأن‏.‏

قال وإن كانت أموالهم المعز ووجد المصدق عند صاحب الإبل ضأنا لم يكن له على صاحب الضأن إلا المعز ولم يكن للمصدق أن يأخذ من الضأن إلا أن يرضى بذلك صاحب الضأن فيعطيه الضأن إنما عليه أن يأتي بالمعز‏.‏

قال‏:‏ وإذا بلغت الفريضة أن تؤخذ من الإبل فقد خرجت من أن تكون شنقا‏.‏

في زكاة البقر

قلت‏:‏ لابن القاسم أيأخذ مالك بحديثه الذي يذكر عن طاوس عن معاذ بن جبل في البقر‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الذي جاء في البقر في الأربعين مسنة أيؤخذ فيها الذكر والانثي‏.‏

قال‏:‏ أما الذي جاء في الحديث فإنه يأخذ مسنة وليس له أن يأخذ إلا أنثي‏.‏

قلت‏:‏ والذي جاء في ثلاثين تبيع أهو ذكر‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم ‏(‏أشهب‏)‏ عن سليمان بن بلال قال أخبرني يحيى بن سعيد أن طاوسا اليماني حدثه قال بعث رسول الله عليه الصلاة والسلام معاذ بن جبل فأمره أن يأخذ من البقر الصدقة من كل ثلاثين تبيعة ومن كل أربعين بقرة مسنة ومن كل ستين تبيعين ومن كل سبعين تبيعا وبقرة مسنة على نحو هذا ‏(‏أشهب‏)‏ عن الزنجي أن إسماعيل بن أمية حدثه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام‏؟‏ قال لا يؤخذ من بقر حتى تبلغ ثلاثين فإذا بلغت ثلاثين ففيها تابع جذع أو جذعة حتى تبلغ أربعين فإذا بلغت أربعين ففيها بقرة مسنة‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن سفيان ومحمد بن جابر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب بمثل فعل معاذ بن جبل في ثلاثين تبيع وفي أربعين مسنة‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن سفيان الثوري عن بن أبي ليلى عن الحكم أن معاذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الأوقاص فقال ليس فيها شيء ‏(‏وقال ابن مهدي‏)‏ عن سفيان الثوري ومالك إن الجواميس من البقر‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن عبد الوارث بن سعيد عن رجل عن الحسن مثله‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن عمارة بن غزية عن عبد الله بن أبي بكر أخبره أن هذا كتاب رسول الله عليه الصلاة والسلام لعمرو بن حزم فرائض البقر ليس فيما دون ثلاثين من البقر صدقة فإذا بلغت ثلاثين ففيها عجل رابع جذع إلى أن تبلغ أربعين فإذا بلغت أربعين ففيها بقرة مسنة إلى أن تبلغ سبعين فإذا بلغت سبعين ففيها بقرة مسنة وعجل جذع حتى تبلغ ثمانين فإذا بلغت ثمانين ففيها مسنتان ثم على نحو هذا يعد ما كان من البقر إن زاد أو نقص فعلى نحو فرائض أولها‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وأخبرني رجال من أهل العلم أن رسول الله عليه الصلاة والسلام حين بعث معاذ بن جبل أمره بهذا وان معاذا صدق البقر كذلك‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وقال الليث سنة الجواميس في السعاية وسنة البقر سواء‏.‏

في زكاة الغنم

قال‏:‏ وقال مالك إذا كانت الغنم ربي كلها أو ماخضا كلها أو أكولة كلها أو فحولا كلها لم يكن للمصدق أن يأخذ منها شيئا وكان على رب المال أن يأتيه بجذعة أو ثنية مما فيه وفاء فيدفعها إلى المصدق وليس للمصدق إذا أتاه بما فيه وفاء أن يقول لا أقبلها‏.‏

قلت‏:‏ فهل كان مالك يقول يأخذ ما فوق الثني أو ما تحت الجذع‏.‏

فقال‏:‏ لا يأخذ إلا الجذع أو الثني إلا أن يشاء رب المال أن يعطيه ما هو أفضل من ذلك‏.‏

قلت‏:‏ الجذع من الضأن والمعز في أخذ الصدقة سواء‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الذي يؤخذ في الصدقة من الغنم الجذع أهو في الضأن والمعز سواء‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وهو قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك لا يأخذ تيسا والتيس هو دون الفحل إنما يعد مع ذوات العوار والهرمة والسخال‏.‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فما ذات العوار فقال ذات العيب‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك إن رأى المصدق أن يأخذ ذات العوار أو التيس أو الهرمة إذا كان ذلك خيرا له أخذها‏.‏

قلت‏:‏ هل يحسب المصدق العمياء والمريضة البين مرضها والعرجاء التي لا تلحق على رب الغنم ولا يأخذها‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يحسب على رب الغنم كل ذات عوار ولا يأخذ منها والعمياء من ذات العوار ولا تؤخذ فيها ولا من ذوات العوار‏.‏

قلت‏:‏ وإن كانت الغنم كلها قد جربت قال على رب المال أن يأتيه بشاة فيها وفاء من حقه‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك ذوات العوار إذا كانت الغنم ذوات العوار كلها‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك لا يأخذ المصدق من ذوات العوار إلا أن يشاء المصدق أن يأخذ إذا رأى في ذلك خيرا وأفضل‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك إذا كانت عجاجيل كلها أو فصلانا كلها أو سخالا كلها وفي عدد كل صنف منها ما تجب في الصدقة فعلى صاحب الأربعين من السخال أن يأتي بجذعة أو ثنية من الغنم وعلى صاحب الثلاثين من البقر إذا كانت عجولا كلها أن يأتي بتبيع ذكر وإن كانت فصلانا خمسا وعشرين فعليه أن يأتي بابنة مخاض ولا يؤخذ من هذه الصغار شيء لأن عمر بن الخطاب قال تأخذ الجذعة والثنية ولا تأخذ الماخض ولا الاكولة ولا الربي ولا فحل الغنم وذلك عدل بين غذاء المال وخياره‏.‏

قال مالك‏:‏ وكذلك لو لم يكن عنده إلا بزل اشترى له من السوق ولم يعطه منها فكذلك إذا كان عنده الدون اشترى له من السوق فمرة يكون ذلك خيرا مما عنده ومرة يكون شرا مما عنده‏.‏

قال مالك‏:‏ ليس في الأوقاص من الإبل والبقر والغنم شيء وإنما الأوقاص فيما بين واحد إلى تسعة ولا يكون في العقد وقص يريد بالعقد عشرة وقد سأل معاذ النبي صلى الله عليه وسلم عن الأوقاص فقال ليس فيها شيء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا له ثلاثون من الغنم توالدت قبل أن يأتيه المصدق بيوم فصارت أربعين أترى أن يزكيها عليه الساعي أم لا‏؟‏ فقال‏:‏ يزكيها عليه لأنها قد صارت أربعين حين أتاه‏.‏

قلت‏:‏ ولم وقد كان أصلها غير نصاب‏.‏

قال‏:‏ لأنها توالدت فإذا توالدت فأولادها منها وفيها الزكاة وإن كانت قبل ذلك غير نصاب لأنها لما زادت بالولادة كانت كالنصاب وهو قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ هل كان مالك يعرف أن المصدق يجمع الغنم ثم يفرقها فيخير رب المال أي الفرقتين شاء ثم يأخذ هو من الفرقة الأخرى‏.‏

فقال‏:‏ لم يعرفه وأنكره قال مالك قد كان محمد بن مسلمة الأنصاري لا تساق إليه شاة فيها وفاء من حقه الا أخذها‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك من كانت له غنم أو بقر أو إبل يعتمل عليها ويعلفها ففيها الصدقة إن بلغت ما تجب فيها الصدقة‏.‏

قال‏:‏ وكان مالك يقول العوامل وغير العوامل سواء‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن عمارة بن غزية عن عبد الله بن أبي بكر أخبره أن هذا كتاب رسول الله عليه الصلاة والسلام لعمرو بن حزم في صدقة الغنم ليس في الغنم صدقة حتى تبلغ أربعين شاة فإذا بلغت أربعين شاة ففيها شاة إلى عشرين ومائة فإذا كانت إحدى وعشرين ومائة ففيها شاتان إلى مائتي شاة فإذا كانت شاة ومائتي شاة ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة شاة فما زاد ففي كل مائة شاة ولا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة ولا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا أن يشاء المصدق وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس بن يزيد عن بن شهاب عن سالم وعبيد الله ابني بن عمر عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بنحو ذلك‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يحيى بن أيوب أن هشام بن عروة أخبره عن عروة بن الزبير أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال في أول ما أخذ الصدقة للمصدقين لا تأخذوا من حزرات الناس شيئا‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ قال مالك وغيره وقد نهى عمر بن الخطاب عن ذلك‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن مالك عن ثور بن زيد الديلي عن بن لعبد الله بن سفيان الثقفي عن جده سفيان بن عبد الله أن عمر بن الخطاب بعثه مصدقا فكان يعد على الناس بالسخلة فقالوا تعد علينا بالسخلة ولا تأخذها منا فلما قدم على عمر بن الخطاب ذكر له ذلك فقال له عمر نعم تعد عليهم بالسخلة يحملها الراعي ولا تأخذها ولا تأخذ الربي التي وضعت ولا الأكولة شاة اللحم ولا الماخض الحامل ولا فحل الغنم ونأخذ الجذعة والثنية وذلك عدل بين غذاء المال وخياره‏.‏

في زكاة الغنم التي تشترى للتجارة

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا اشترى غنما للتجارة فبارت عليه وأقامت عنده سنين أيقومها كل سنة فيزكيها زكاة التجارة أم يزكيها زكاة السائمة كلما حال عليها الحول عنده وجاءه المصدق‏.‏

فقال‏:‏ بل يزكيها زكاة السائمة كلما حال عليها الحول عنده وجاءه المصدق أخذ منها صدقة السائمة‏.‏

قلت‏:‏ فإن أخذ منها المصدق اليوم زكاة السائمة وباعها صاحبها من الغد أعليه في ثمنها زكاة‏.‏

فقال‏:‏ لا شيء عليه في ثمنها حتى يحول الحول من يوم زكاها المصدق فإذا حال عليها الحول من يوم زكاها المصدق زكى ثمنها وهذا كله قول مالك فعلى هذا فقس جميع ما يرد عليك من هذه الوجوه‏.‏

في زكاة ماشية القراض

قال‏:‏ وقال مالك ولو أن رجلا أخذ مالا قراضا فاشترى به غنما فحال الحول على الغنم وهي عند المقارض فإن الزكاة على رب المال في رأس ماله ولا يكون على العامل شيء‏.‏

في زكاة ماشية الذي يدير ماله

قلت‏:‏ أرأيت من كان يدير ماله في التجارة فاشترى غنما للتجارة فحال عليها الحول وجاءه شهره الذي يزكي فيه ماله ويقوم فيه ما عنده من السلع أيقوم هذه الغنم التي اشتراها مع سلعة التي عنده أم لا‏؟‏ فقال‏:‏ لا يقوم الغنم مع السلع لأن في رقابها الزكاة زكاة السائمة فلا تقوم مع هذه السلع وإنما يقوم ما في يديه من السلع التي ليس في رقابها زكاة مثل العروض والرقيق والدواب والطعام والثياب لأني إذا قومت الغنم فجاء حولها أردت أن أسقط عنها الزكاة فلا ينبغي أن أسقط عنها زكاة الماشية وهي غنم فأصرفها إلى زكاة التجارة فتقيم سنين هكذا وللغنم فريضة في الزكاة وسنة قائمة‏.‏

قال‏:‏ ولقد سألت مالكا عن الرجل يبتاع الغنم بالذهب للتجارة بعد ما زكى الذهب بثلاثة أشهر أو بأربعة أشهر متى يزكي‏.‏

فقال‏:‏ يستقبل بها حولا من يوم ابتاعها وإن كان اشتراها للتجارة فهذا يدلك على ما قبله إن الغنم إذا اشتريت خرجت من زكاة المال إلى زكاة الغنم‏.‏

فكان ينبغي لهذا إذا كان عنده مال فمضى للمال عنده ستة أشهر ثم اشترى به غنما أنه يزكى الغنم إذا مضى لها ستة أشهر لأن المال قد مضى له ستة أشهر عنده فلما قال لنا مالك يستقبل بالغنم حولا من يوم اشتراها واسقط مالك عنه شهور الدنانير علمت أن الغنم إذا اشتريت خرجت من زكاة المال وصارت إلى زكاة الغنم على كل حال وإن علمت كان المال يدار ولم أحفظ عن مالك إنه قال لي إن كان ممن يدير وإن كان ممن لا يدير‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت حين أمرته أن لا يقوم الغنم مع عروضه التي عنده أرأيت إن هو باع الغنم قبل أن يأتيه المصدق أتسقط عنه زكاة الماشية وزكاة التجارة‏.‏

فقال‏:‏ لا ولكن تسقط عنه زكاة الماشية ويرجع في زكاتها إلى زكاة الذهب التي ابتاعها به فهو يزكيها من يوم أفاد الذهب وزكاها‏.‏

قال‏:‏ وهذا قول مالك‏.‏

قال‏:‏ وهذا يبين لك أن الغنم قد خرجت حين اشتراها من شهر زكاتها إذا حال عليها الحول وصارت على حدة‏.‏

في زكاة الضأن والمعز والبقر والجواميس إذا اجتمعت

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يكون عنده المعز والضأن يكون عنده من الضأن سبعون ومن المعز ستون قال عليه شاتان من الضأن واحدة ومن المعز أخرى‏.‏

قلت‏:‏ فإن كانت الضأن سبعين والمعز ستين‏.‏

قال‏:‏ يأخذ من الضأن ولا يأخذ من المعز لأنه إنما عليه شاة وإنما يأخذ من الاكثر وانظر أبدا فإذا كان للرجل ضأن ومعز فإن كان في كل واحدة إذا افترقت ما تجب فيه الزكاة أخذ من كل واحدة وإن كان في واحدة ما تجب فيه الزكاة والأخرى لا تجب فيها الزكاة أخذ مما تجب فيها الزكاة ولم يأخذ من الأخرى مثل أن يكون له سبعون ضائنة وستون معزة فجميعها مائة وثلاثون ففيها شاتان فالسبعون لو كانت وحدها كانت فيها شاة والستون لو كانت وحدها كانت فيها شاة وإذا كانت سبعين ضائنة وخمسين معزة فجميعها مائة وعشرون فإنما فيها شاة واحدة فالقليلة تبع للكثيرة في هذا الموضع لأنها إنما فيها شاة واحدة فتؤخذ من الضأن وهي الاكثر ولو كانت ستين من هذه وستين من هذه أخذ المصدق من أيهما شاء ومثل ذلك الرجل تكون له مائة شاة وعشرون شاة ضائنة وأربعون معزة فعليه شاتان في الضأن واحدة وفي المعز واحدة‏.‏

ولو كانت ثلاثين معزة كانت عليه في الضأن شاتان ولم يكن عليه في المعز شيء لأنها لو كانت وحدها لم يكن عليه فيها شيء وكذلك إذا كانت له ثلاث مائة ضائنة وتسعون ماعزة فإنما عليه ثلاث شياه من الضأن ولم يكن عليه من المعز شيء لأنها في هذا الموضع وقص ولو لم يكن عنده معز لم ينقص من الثلاث شياه شيئا ولا يكون في المعز حتى تبلغ مائة فتكون فيها شاة وكذلك لو كانت ثلاثمائة ضائنة وخمسين ضائنة وخمسين معزة كان على رب الغنم أربع شياه تكون ثلاث ضائنات ويكون الساعي مخيرا في الرابعة إن شاء أخذ من الضأن وإن شاء أخذ من الماعز لأن هذه الشاة اعتدلت فيها الضأن والمعز وإن كانت الضأن ثلاثمائة وستين والمعز أربعين أخذ الاربعة من الضأن لأن الرابعة من الضأن إنما تمت بالمعز وكانت مثل ما لو كانت له ستون ضائنة وأربعون معزة فإنما يؤخذ من الاكثر وهي الستون ولو كانت المعز ستين والضأن ثلاثمائة وأربعين أخذ ثلاث ضائنات ومعزة وإن كانت مائتي ضائنة ومائة معزة أخذ منها ثلاثا ضائنتين ومعزة وإن كانت ثلاثمائة وخمسين مائتي ضائنة وخمسين ومائة معزة أخذ من الضأن اثنتين ومن المعز واحدة وإن كانت تسعين ومائة ضائنة وستين ومائة ماعزة أخذ ضائنتين ومعزة وإن كانت له مائة وخمسا وسبعين ضائنة ومائة وخمسا وسبعين معزة أخذ منها ثلاثا ضائنة ومعزة وكان المصدق مخيرا إن شاء أخذ الشاة الباقية من المعز وإن شاء أخذها من الضأن وكذلك الذي تكون له الإبل العراب والبخت على ما فسرنا في الغنم وكذلك الذي تكون له البقر الجواميس والبقر الأخر مثل أن يكون له عشرون من الجواميس وعشرة من غير الجواميس فعليه تبيع من الجواميس ولو كانت أربعين جاموسا وثلاثين من البقر الأخرى أخذ من الجواميس مسنة ومن الأخرى تبيعا منها ولو كانت أربعين جاموسا ومن الأخرى عشرين أخذ تبيعين من الجواميس واحدا ومن الأخرى آخر وإن كان عشرون من الجواميس وعشرون من الأخرى فالمصدق مخير إن شاء أخذ من هذه وإن شاء من هذه فإن كانت ثلاثين وثلاثين أخذ من هذه تبيعا ومن هذه تبيعا فعلى هذا خذ هذا الباب إن شاء الله‏.‏

في زكاة ماشية المديان

قال‏:‏ وقال مالك من كان عليه دين وله ماشية تجب فيها الزكاة والدين يحيط بقيمة الماشية ولا مال له غير هذه الماشية إن عليه الزكاة فيها ولا تبطل الزكاة عنه فيها للدين الذي عليه إبلا كانت أو بقرا أو غنما‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وليس لارباب الدين أن يمنعوا المصدق أن يأخذ صدقته من أجل دينهم‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم هو قوله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا كانت عنده غنم قد حال عليها الحول وجاءه المصدق وعليه من الدين غنم مثلها بصفتها واسنانها أو كانت إبلا وعليه من الدين ابل مثلها أو كانت بقرا وعليه من الدين بقر مثلها‏.‏

فقال‏:‏ قال مالك عليه الزكاة ولا يضع عنه ما عليه من الدين الزكاة في الماشية وإن كان الدين مثل الذي عنده‏.‏

قلت‏:‏ فإن رفع رجل من أرضه حبا أو تمرا وعليه من الدين حب مثل ما رفع أو تمر مثل ما رفع‏.‏

فقال‏:‏ قال مالك لا يضع عنه دينه زكاة ما رفع من الحب والتمر وإنما يضع عنه من الدنانير والدراهم بحال ما وصفت لك‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان لرجل عبد فمضى يوم الفطر والعبد عنده وعليه من الدين عبد مثله بصفته‏.‏

قال‏:‏ لا زكاة عليه إذا لم يكن له مال‏.‏

قال‏:‏ والأموال الناضة مخالفة لهذا الذي ذكرت لك من الماشية والتمر والحب لأن الدنانير إذا كانت لرجل فحال عليها الحول وعليه دين ثياب أو حيوان أو حب وما كانت من العروض والناض حسب الدين في الناض الذي عنده فإن بقي بعد دينه في يديه ما يجب فيه الزكاة زكاه وإلا لم يكن عليه شيء‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وما الفرق بين العين والماشية والثمار‏.‏

فقال‏:‏ لأن السنة إنما جاءت في الضمار وهو المال المحبوس في العين وإن السعاة إنما يأخذون الناس بزكاة مواشيهم وثمارهم ولا يأخذونهم بزكاة العين ويقبل منهم قولهم في العين ألا ترى أن رسول الله عليه الصلاة والسلام وأبا بكر وعمر وعثمان والخلفاء كانوا يبعثون الخراص في الثمار أول ما تطيب فيخرصون على الناس لاحصاء الزكاة‏.‏

ولما للناس في ذلك من تعجيل منافعهم ثمارهم ولا يؤمرون فيه بقضاء ما عليهم من الدين ثم يخرص عليهم وكذلك في المواشي تبعث السعاة وقد كان عثمان بن عفان يصيح في الناس هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليقضه حتى تحصل أموالكم فتؤدون منها الزكاة فكان الرجل يحصي دينه ثم يؤدي مما بقي في يديه إن كان ما بقي في يديه تجب فيه الزكاة‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن أبي عبد الرحمن عن طلحة بن النضر قال سمعت محمد بن سيرين يقول كانوا لا يرصدون الثمار في الدين وينبغي للعين أن ترصد في الدين‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن حماد بن زيد عن أيوب عن بن سيرين قال كان المصدق يجيء فأين ما رأى زرعا قائما أو إبلا قائمة أو غنما قائمة أخذ منها الصدقة‏.‏

في زكاة ثمن الغنم إذا بيعت

‏(‏وسألت‏)‏ بن القاسم عن الرجل تكون له الغنم تجب في مثلها الزكاة فيحول عليها الحول فيبيعها قبل أن يأتيه المصدق‏.‏

فقال‏:‏ لا زكاة عليه فيها للمصدق ولكن يزكي الثمن مكانه لأن الحول قد حال على الغنم وإنما يحسب للمال من يوم أفاد الغنم ثم يحسب للمال من ذي قبل سنة من يوم زكى المال ثم تجب فيه الزكاة أيضا إن كان عشرين دينارا فصاعدا قال وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو كانت لرجل أربعون شاة فحال عليها الحول فاستهلكها رجل بعد ما حال عليها الحول قبل أن يأتيه المصدق فأخذ قيمتها دراهم‏.‏

فقال‏:‏ يزكي الدراهم مكانه لأن الحول قد حال على الغنم‏.‏

قلت‏:‏ فإن أخذ قيمة غنمه ابلا‏.‏

قال‏:‏ فقال يستقبل بالابل حولا من ذي قبل ولا شيء عليه حتى يحول الحول على الابل من ذي قبل‏.‏

قلت‏:‏ وتكون عليه زكاة القيمة إن كانت القيمة تبلغ ما تجب فيه الزكاة لأنه إذا قبض الابل صار قابضا للدين‏.‏

قال‏:‏ لا لأن مالكا قال لي في رجل كانت عنده دراهم فابتاع بها سلعة للتجارة ثم باعها بعد الحول بذهب تجب في مثلها الزكاة فلم يقبض تلك الذهب حتى أخذ بها عرضا من العروض للتجارة‏.‏

قال‏:‏ لا زكاة عليه حتى يبيع العروض وينض ثمنها في يديه وكذلك الابل والبقر إذا أخذت من قيمة الغنم‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك إن أخذ قيمتها بقرا‏؟‏ قال نعم لا شيء فيها‏.‏

قلت‏:‏ فإن أخذ في قيمتها غنما فكانت أقل من أربعين‏.‏

فقال‏:‏ لا شيء فيها‏.‏

قلت‏:‏ فإن أخذ قيمتها عددها أربعون فصاعدا‏.‏

قال‏:‏ لا شيء عليه فيها وقد كان عبد الرحمن يقول عليه في الغنم التي أخذ الزكاة ‏(‏وقوله‏)‏ لا زكاة عليه هو أحسن وكانه باع الغنم بغنم والثمن لغو‏.‏

قال‏:‏ وسألت مالكا عن الرجل يرث الغنم أو يبتاعها فتقيم عنده حولا ثم يبيعها‏.‏

فقال‏:‏ قال لي مالك إن كان ورثها أو اشتراها لقنية ولم يشترها للتجارة فلا أرى عليه في ثمنها زكاة حتى يحول عليها الحول من يوم قبض ثمنها إذا كان المصدق لم يأته وقد حال عليها الحول فباعها فلا زكاة عليه فيها ولا في ثمنها حتى يحول الحول على ثمنها‏.‏

قال‏:‏ ولا أرى عليه الشاة التي كانت وجبت عليه في زكاتها الا أن يكون باعها فرارا من الساعي فإن كان باعها فرارا من الساعي فعليه الشاة التي كانت وجبت عليه وهو أحسن من القول الذي روى عنه وأوضح‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وقال لي مالك بعد ذلك أرى عليه في ثمنها الزكاة إن كان باعها بعد ما حال عليها الحول كان اشتراها لقنية أو ورثها قال ومعنى القنية السائمة فأرى في ثمنها الزكاة يوم يبيعها مكانه ولا ينتظر أن يحول الحول على الثمن‏.‏

قال‏:‏ فقلت له فإن باعها بعد ستة أشهر من يوم ورثها أو ابتاعها‏.‏

قال‏:‏ أرى أن يحتسب بما مضى من الشهور ثم يزكي الثمن‏.‏

قال‏:‏ فرددتها عليه عاما بعد عام فثبت على قوله هذا ولم يختلف فيه وهذا قوله الذي فارقته عليه آخر ما فارقناه وهو أحب قوليه إلي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو كانت عندي أربعة من الابل فحال عليها الحول فبعتها بعد ما حال عليها الحول أيكون علي في ثمنها زكاة يوم بعتها فقال لا‏.‏

قلت‏:‏ وهي عندك مخالفة للتي كانت تجب فيها الزكاة إذا بعتها بعد الحول قبل أن أزكيها‏.‏

قال‏:‏ نعم قال وهو قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كانت هذه الابل تجب فيها الزكاة فلما حال عليها الحول صدقتها ثم بعتها بدنانير بعد ما أخذت صدقتها بأشهر متى أزكى ثمنها‏.‏

فقال‏:‏ حتى يحول على الدنانير الحول من يوم زكيت الابل قال وهو قول مالك‏.‏

قال‏:‏ فقلت لمالك أرأيت الرجل يكون عنده الذهب فيبتاع بها غنما أو ابلا أو بقرا متى يزكيها‏.‏

فقال‏:‏ حتى يحول الحول على الغنم من يوم اشتراها أو البقر أو الإبل ولم يجعلها مثل الغنم التي تباع بالدنانير‏.‏

في تحويل الماشية في الماشية

قال ابن القاسم‏:‏ قلت لمالك فالغنم تباع بالإبل أو البقر والبقر تباع بالغنم‏.‏

قال‏:‏ ليس في شيء من هذه زكاة حتى يحول عليها الحول من يوم اشترى الإبل والبقر والغنم التي صارت في يديه وإنما شراؤه الإبل بالغنم وإن مضى للغنم عنده ستة أشهر بمنزلة ما لو كان عنده ذهب أو ورق فأقامت عنده ستة أشهر ثم اشترى بها إبلا أو بقرا أو غنما فإنه يستقبل بالماشية من يوم اشتراها حولا ولا ينظر في هذا إلى اليوم الذي أفاد فيه الدنانير والدراهم وإنما ينظر في هذا إلى يوم اشترى الماشية بالدنانير والدراهم فيحسب من ذلك اليوم حولا ثم يزكى قال مالك لأن حول الأولى قد انتقض‏.‏

قال مالك‏:‏ وإن اشترى بالغنم بعد ما مضى لها ستة أشهر من يوم أفادها غنما فعليه زكاة الغنم كما هي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كانت الغنم التي أفاد لما مضى لها عنده ستة أشهر باعها وكانت عشرين ومائة فباعها بثلاثين شاة‏.‏

فقال‏:‏ لا زكاة عليه فيها إذا حال عليها الحول‏.‏

قلت‏:‏ له فإن باعها بأربعين‏.‏

فقال‏:‏ إذا مضى لها ستة أشهر من يوم اشتراها زكاها شاة واحدة وذلك أن هذه الستة الأشهر إن أضيفت إلى الستة الأشهر التي كانت الغنم الأولى عنده فيها فزكى هذه التي عنده لأن كل من باع غنما بغنم وإن كانت مخالفة لها فكأنها هي لأن ذلك مما إذا أفيد ضم بعضه إلى بعض وزكي زكاة واحدة وهو مما يجمع في الصدقة ولو باعها بابل لم يكن عليه زكاة واستقبل بها حولا لأنهما صنفان لا يجمعان في الزكاة فلما كانا لا يجتمعان في الزكاة انتقض حول الأولى وصارت هذه الثانية فائدة شراء كرجل كانت عنده دنانير تجب فيها الزكاة فأقامت ستة أشهر فاشترى بها إبلا تجب فيها الزكاة أو غنما فانتقض حول الدنانير لأن الدنانير وما اشترى مما لا يجمع بعضه إلى بعض في الزكاة فلما كان لا يجمع بعضه إلى بعض انتقض حول الدنانير وكان ما اشترى من الإبل والبقر والغنم فائدة شراء يستقبل بها حولا من يوم اشتراها‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك فيمن كان له نصاب إبل فباعها قبل الحول بنصاب غنم إنه لا يزكي الغنم حتى يحول على الغنم الحول من يوم اشتراها وليس عليه في الإبل شيء إذا لم يحل الحول على الإبل‏.‏

قال‏:‏ فإذا حال الحول على الإبل فباعها بنصاب ماشية يريد بذلك الهرب من الزكاة أخذ منه المصدق زكاة الإبل‏.‏

قلت‏:‏ فإن كانت زكاة الغنم أفضل وخيرا للمصدق‏.‏

قال‏:‏ لا يأخذ من الغنم شيئا ولكن يأخذ من الإبل لأن الغنم إنما تجب فيها الزكاة من يوم اشتراها فإذا ذهب المصدق يأخذ من الغنم لم تجب له الزكاة فيها حتى يحول عليها الحول من يوم اشتراها‏.‏

قلت‏:‏ لم إذا باعها بعد الحول وهي مما تجب فيها الزكاة هذه الإبل بنصاب من الغنم ولم يكن فارا أسقطت عنه الزكاة‏.‏

قال‏:‏ لأن حولها عند مالك هو إتيان المصدق وليس السنة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو باعها بدنانير بعد ما حال عليها الحول ولم يكن فارا أكانت تجب عليه الزكاة في الدنانير ساعة باعها‏.‏

قال‏:‏ نعم قال وهذا قول مالك‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ والدنانير مخالفة لما سواها مما بيعت به هذه الإبل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أقام الثمن ثمن هذه الإبل على المشتري ولم يكن قبضه البائع أعواما‏.‏

قال‏:‏ يزكيه زكاة واحدة وهي التي كانت وجبت عليه حين باع الإبل وهو قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان قد أخذ الثمن فأسلفه فأقام سنتين ثم أخذه‏.‏

قال‏:‏ يزكيه الآن زكاة سنتين‏.‏

في زكاة فائدة الماشية

قال‏:‏ وقال مالك من كانت له ماشية إبل أو بقر أو غنم ورثها بعد ما حال عليها الحول عند الميت ثم جاءه المصدق فليس على من ورثها شيء حتى يحول عليها الحول عند من ورثها من ذي قبل فإذا مر بها الساعي وهي عند من ورثها لم يفرقوها أخذ منها الصدقة عنهم وكانوا بمنزلة الخلطاء يترادون فيها إذا كان الورثة غير واحد فمن كان شاؤه ما تجب فيه الصدقة فهو خليط لمن تجب عليه الصدقة ولمن هو أكثر غنما ومن لم يكن شاؤه تجب فيه الصدقة فليس هو بخليط ولا غرم عليه‏.‏

قال مالك‏:‏ وكذلك الإبل والبقر‏.‏

قال مالك‏:‏ وإن كانوا يفرقونها أخذت من كل واحد منهم صدقته على حساب ما يؤخذ من الرجل إذا لم يكن خليطا إذا كان في ماشية كل واحد منهم ما تجب فيه الصدقة‏.‏

قال مالك‏:‏ ومن ورث غنما فكانت عنده فجاءه المصدق قبل أن يحول عليها الحول من يوم ورثها فليس عليه فيها شيء وليس عليه شيء فيما يستقبل حتى يمر به الساعي من عام قابل فيصدقه مع من يصدق‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا مر به الساعي قبل أن يستكمل السنة فاستكمل السنة بعد ما مر به الساعي أيجب عليه أن يصدقها‏.‏

فقال‏:‏ لا يجب عليه أن يصدقها إلا أن يأتي الساعي من السنة المقبلة‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك من كان له نصاب ماشية من غنم فأفاد قبل أن يحول عليه الحول إبلا تجب في مثلها الزكاة أو لا تجب في مثلها الزكاة إنه إنما يزكي الغنم وحدها وليس عليه أن يضيف الإبل إلى الغنم ولكن إن كانت الإبل مما تجب في مثلها الزكاة زكاها إذا مضى لها سنة من يوم أفاد الإبل‏.‏

قال‏:‏ وإنما تضاف الغنم إلى الغنم والبقر إلى البقر والإبل إلى الإبل إذا كان الأصل الذي كان عند ربها قبل أن يفيد هذه الفائدة نصاب ماشية فإنه يضيف ما أفاد من صنفها إليها إذا كان الأصل نصابا فيزكي جميعها وإن لم يفد الفائدة قبل أن يحول الحول إلا بيوم زكاه مع النصاب الذي كان له‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك فيمن أفاد ماشية وله نصاب ماشية فأفادها بعد الحول قبل أن يأتيه المصدق إنه يزكي ما أفاد بعد الحول مع ماشيته إذا كان ذلك قبل أن يأتيه المصدق فإن أتاه المصدق وماشيته مائتا شاة وشاة فنزل به فهلكت منها شاة قبل أن يسعى عليه وبعد ما نزل به فإنه يزكي على ما بقي ولا يزكي على ما مات منها‏.‏

قلت‏:‏ فلو كانت عنده ثلاثون شاة فورث قبل أن يأتيه الساعي بيوم عشرة من الغنم‏.‏

فقال‏:‏ لا زكاة عليه في شيء من هذه حتى يحول الحول من يوم أفاد العشرة‏.‏

قلت‏:‏ لم فقال لي لأن هذه لم تكن نصابا ولأن الفائدة لم تكن ولادة الغنم وإنما الفائدة ها هنا غنم غير هذه الغنم ولا تشبه هذه الفائدة ما ولدت الغنم لأن كل ذات رحم فولدها بمنزلتها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا كانت له نصاب ماشية تجب فيها الزكاة فلما كان قبل الحول بيوم رجعت إلى ما لا زكاة فيها ثم أفاد من يومه ذلك ما إن أضافه إليها كانت فيها الزكاة‏.‏

فقال‏:‏ لا زكاة فيها‏.‏

قلت‏:‏ لم فقال لأن الفائدة ليست منها ولأنها لما رجعت إلى ما لا زكاة فيها قبل ان يحول عليها الحول فكأنه لم يكن له في الأصل غيرها‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يكن هلك منها قبل الحول شيء ولكنها حال عليها الحول فزكاها ثم هلك بعضها فرجعت إلى ما لا زكاة فيها ثم أفاد قبل الحول من يوم زكاها ما إن جمعها إليها وجبت فيها الزكاة أيضيفها إليها ويزكي جميعها أم لا‏؟‏ فقال‏:‏ لا زكاة عليه فيها إذا نقصت الأولى مما تجب فيه الزكاة بعد ما زكاها أو قبل أن يزكيها فإنه يضم الأولى إلى الفائدة الآخرة ثم يستقبل بهما حولا من يوم أفاد الفائدة الآخرة فإن حال الحول وفيهما ما تجب فيه الزكاة زكاهما وإن حال الحول وفيهما ما لا تجب فيه الزكاة ثم أفاد فائدة أخرى ضم المالين جميعا إلى الفائدة الآخرة واستقبل بهذا المال كله حولا من يوم أفاد الفائدة الآخرة وكذلك الدنانير والدراهم والإبل والبقر‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قتل والده فقضي له على عاقلة القاتل بمائة من الإبل فلم يقبضها إلا من بعد أعوام أيزكيها ساعة قبضها أم ينتظر حتى يحول عليها الحول من يوم قبضها فقال بل ينتظر حتى يحول عليه الحول من يوم قبضها‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المرأة إذا تزوجت على إبل بأعيانها خمسين من الإبل فلم تقبضها حتى حال عليها الحول عند الزوج ثم قبضتها بعد الحول‏.‏

فقال‏:‏ عليها ان تزكيها وليست التي بأعيانها كالتي بغير أعيانها لأن التي بغير أعيانها إنما ضمانها من الزوج وهذه التي بأعيانها قد ملكتها بأعيانها يوم عقدة النكاح وضمانها منها وهذا رأيي‏.‏

قال‏:‏ وذلك أني سألت مالكا عن الرجل يتزوج المرأة بعبدين تعرفهما عنده فوجب النكاح ثم هلك الرأسان قبل أن تقبضهما ممن هلاكهما أمن الزوج أم من المرأة‏.‏

فقال‏:‏ بل من المرأة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوجت على إبل بأعيانها أو على غنم بأعيانها أو على نخل بأعيانها فأثمرت النخل عند الزوج وحال الحول على الماشية عند الزوج ثم قبضت المرأة ذلك من الزوج بعد الحول‏.‏

فقال‏:‏ عليها زكاتها حين تقبض ولا تؤخر حتى يحول الحول من يوم تقبض وليس الإبل وما ذكرت إذا كانت بأعيانها مثل الدنانير لأن هذه الإبل وما ذكرت إذا كانت بأعيانها فتلفها من المرأة إذا هي تلفت‏.‏

قلت‏:‏ أفتحفظ عن مالك أنه جعل عليها زكاتها إذا هي قبضتها ولا يأمرها أن تنتظر حولا مثل ما أمرها في الدنانير‏.‏

قال‏:‏ لا أحفظه عن مالك ولكن مالكا قال لي إذا ورث الرجل غنما زكاها إذا حال الحول عليها ولم يقل لي قبض أو لم يقبض‏.‏

قال‏:‏ وقال لي مالك في القوم يرثون الغنم وقد أقامت عند أبيهم حولا إنه لا زكاة على أبيهم فيها وإنهم لا تجب عليهم فيها الزكاة حتى يمر بها حول فإذا مر بهم حول كانوا بمنزلة الخلطاء ولم يقل قبضوا أو لم يقبضوا‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك في الدنانير إذا هلك رجل فأوصى إلى رجل فباع تركته وجمع ماله فكان عند الوصي ما شاء الله إنه لا زكاة عليهم فيما اجتمع عند الوصي ولا فيما باع لهم ولا فيما نض في يده من ذلك حتى يقسموه ويقبضوه ثم يحول الحول بعد ما قبضوا وهذا إذا كانوا كبارا فإن كانوا صغارا كان الوصي قابضا لهم وكانت عليهم الزكاة من يوم نض ذلك في يد الوصي‏.‏

قلت‏:‏ فإن كانوا صغارا وكبارا فلا يكون على الصغار زكاة أيضا فيما نض في يد الوصي حتى يقاسم لهم الكبار فإذا قاسم لهم الكبار كان الوصي قابضا لهم لحصتهم فيستقبل بحصتهم حولا من يوم قاسم الكبار ويستقبل للكبار أيضا حولا من يوم قبضوا فقال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وهو قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لم أسمعه من مالك ولكن قال لي مالك ليس على الكبار زكاة حتى يقتسموا ويقبضوا فإذا كانت المقاسمة بين الصغار والكبار كان ذلك مالا واحدا حتى يقتسموا لأنه ما تلف منه فهو من جميعهم فلا يكون قبض الوصي قبضا للصغار إلا بعد المقاسمة إذا كان في الورثة كبار فعلى هذا فقس كل فائدة يفيدها صغير أو كبير أو امرأة من دنانير أو دراهم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا ورث مائة دينار غائبة عنه فحال عليها أحوال كثيرة قبل أن يقبضها وهي عند الوصي ثم قبضها أعليه الزكاة فيها لما مضى‏.‏

فقال‏:‏ لا شيء عليه فيها ويستقبل بها حولا من يوم قبضها إلا أن يكون وكل بقبضها أحدا فإن كان وكل بقبضها أحدا فزكاتها تجب عليه من يوم قبضها الوكيل وإن لم تصل إليه من بعد قبض الوكيل حتى حال عليها الحول فعليه فيها الزكاة‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك فقال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فلو ورث رجل ماشية تجب فيها الزكاة فحال عليها الحول قبل أن يقبضها وهي في يد الوصي أعليه فيها الزكاة فقال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فما فرق بين هذه الغنم والدنانير‏.‏

فقال‏:‏ لا تشبه الغنم الدنانير لأن الغنم لو كانت لرجل وعليه دين يغترقها زكي الغنم والدنانير إذا كانت لرجل وعليه دين يغترقها وليس له غير ما كان دينه فيها لم تكن عليه الزكاة والذي ورث الدنانير لا تصير الدنانير في ضمانه حتى يقبضها فإنما تكون عليه فيما ورث من الدنانير الزكاة إذا صارت الدنانير في ضمانه ويحول عليها بعد ذلك حول فأما ما لم تصر في ضمانه فلا زكاة عليه فيها‏.‏

ومما يبين لك أيضا الفرق بينهما أن الرجل لو ورث مالا ناضا غائبا عنه لم يكن ينبغي أن يزكى عليه وهو غائب عنه خوفا أن يكون صاحبه الذي ورثه مديانا أو يرهقه دين قبل محل السنة والغنم لو ورثها وهي غائبة عنه أو حاضرة ثم لحقه دين لم يضع الدين عنه ما وجب عليه من الزكاة فهذا يدلك أيضا‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد وربيعة أنهما قالا ليس في الإبل المغترقة صدقة إلا أن تضاف إلى إبل فيها صدقة وقال يحيى أما زكاة الإبل والبقر والغنم فإنها تصدق جميعا في زمان معلوم وإن كان اشترى بعضها قبل ذلك بشهر‏.‏

في الرجل يموت بعد ما حال الحول على ماشيته ولم يأتها المصدق ويوصى بزكاتها

قلت‏:‏ أرأيت من له ماشية تجب فيها الزكاة فحال عليها الحول ولم يأته المصدق فهلك رب الماشية وأوصى بأن يخرج صدقة ماشيته فجاء الساعي أله أن يأخذ صدقة الماشية التي أوصى بها الميت‏.‏

فقال‏:‏ ليس للساعي أن يأخذ من الورثة الصدقة ولكن على الورثة أن يفرقوها على المساكين وفيمن تحل لهم الصدقة الذين ذكر الله‏.‏

قلت‏:‏ لم لا يكون للمصدق أن يأخذ من الورثة الصدقة وقد أوصى بها الميت‏.‏

فقال‏:‏ لأن مالكا قال إذا جاء المصدق وقد هلك رب الماشية فلا سبيل للمصدق على الماشية وإن كان الحول قد حال عليها قبل أن يموت ربها‏.‏

قال مالك‏:‏ وليست مثل الدنانير فلما أوصى الميت بأن تخرج صدقتها فإنما وقعت وصيته للذين ذكر الله تبارك وتعالى لهم في كتابه الذين تحل لهم الصدقة وليس لهذا العامل عليها سبيل‏.‏

قلت‏:‏ أكان مالك يجعل هذه الوصية في الثلث فقال نعم‏.‏

فقلت‏:‏ فنبدأ وصيته هذه في الماشية على الوصايا في قول مالك فقال لا‏.‏

قلت‏:‏ لم فقال لأن الزكاة لا تجب عليه إلا بإتيان الساعي ولا يكون ذلك على من ورث ذلك وذلك أن المشتري والموهوب له والوارث كل مفيد فلا زكاة عليهم في فائدة إلا أن يضاف ذلك إلى إبل أو بقر أو غنم تجب فيها الصدقة تضاف الغنم إلى الغنم والبقر إلى البقر والإبل إلى الإبل ولا تضاف الإبل إلى البقر ولا إلى الغنم ولا تضاف الغنم إلى الإبل ولا إلى البقر ولا تضاف البقر إلى الإبل ولا إلى الغنم فإذا مات الرجل قبل أن يأتيه الساعي وأوصى بها فليست بمبدأة وإنما تكون مبدأة في قول مالك ما قد وجب على الميت قبل موته مثل الدنانير يموت الرجل وعنده دنانير أو دراهم قد وجبت فيها الزكاة فليس على الورثة أن يؤدوا عن الميت زكاة الدنانير التي قد وجبت عليه إلا أن يتطوعوا بذلك أو يوصي بذلك الميت فإن أوصى بذلك الميت كان ذلك في رأس ماله‏.‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فالرجل يهلك ويترك عليه زكاة وعتق رقبة من ظهار أو قتل نفس وقد أوصى الميت بأن يؤدي جميع ذلك بأيهم يبدأ إذا لم يكن يحمل الثلث جميع ذلك‏.‏

قال‏:‏ يبدأ بالزكاة ثم بالعتق الواجب من الظهار أو قتل النفس ولا يبدأ أحدهما على صاحبه ويبديان على العتق التطوع والعتق والتطوع بعينه يبدأ على ما سواه من الوصايا‏.‏

في الدعوى في الفائدة

قال‏:‏ وسألت مالكا عن الرجل يأتيه المصدق وفي ماشيته ما يجب في مثلها الزكاة فيقول إنما أفدتها منذ شهرين أو نحو ذلك أو أقل من ذلك‏.‏

فقال‏:‏ مالك إذا لم يجد أحدا يعلم ذلك غيره كان القول قوله وصدقه فيما قال ولم يأخذ منها شيئا‏.‏

في دفع الصدقة إلى الساعي

قلت‏:‏ أرأيت إذا كان مصدق يعد على الناس فأتى المصدق إلى رجل له ماشية تجب في مثلها الزكاة فقال له الرجل قد أديت صدقتها إلى المساكين‏.‏

فقال‏:‏ لا يقبل قوله هذا لأن الإمام عدل فلا ينبغي لأحد أن يمنعه صدقتها‏.‏

قلت‏:‏ هذا قول مالك‏؟‏ قال نعم إذا كان مثل عمر بن عبد العزيز‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا حال الحول على ماشية الرجل عنده أيجب عليه أن يزكيها أم ينتظر الساعي حتى يأتي‏.‏

قال‏:‏ إن خفي له فليضعها مواضعها إذا كان الوالي ممن لا يعدل وإن كان من أهل العدل انتظره حتى يأتي له ولا ينبغي له أن يخرجها وإن كان ممن لا يعدل وخاف أن يأتوه ولا يقدر على أن يخفيها عنهم فليؤخر ذلك حتى يأتوه‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك إذا خفي لرب الماشية أمر ماشيته عن هؤلاء السعاة ممن لا يعدل فليضعها مواضعها إن قدر على ذلك فإن أخذوها منه أجزأه قال وأحب إلي أن يهرب بها عنهم إن قدر على ذلك‏.‏

قال‏:‏ وأخبرني مالك أن بن هرمز كان إذا جاءت غنم الصدقة المدينة امتنع من شراء اللحم من السوق تلك الأيام‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن سفيان الثوري عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه أن أبا سعيد الخدري وسعد بن مالك وأبا هريرة وعبد الله بن عمر قالوا كلهم يجزئ ما أخذوا وإن فعلوا‏.‏

بن مهدي‏:‏ وقال إبراهيم النخعي وسعيد بن جبير يحسب ما أخذ العاشر‏.‏

بن مهدي‏:‏ وقال أنس والحسن ما أعطيت في الطرق والجسور فهو صدقة‏.‏

بن لهيعة‏:‏ والليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عمن حدثه عن أنس بن مالك قال أتى رجل من بني تميم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إذا أديت الزكاة إلى رسولك فقد تبرأت منها إلى الله ورسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم إذا أديتها إلى رسولي فقد تبرأت منها ولك أجرها وإثمها على من بدلها‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وأخبرني من أثق به عن رجال من أهل العلم أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال أما والله لو لا أن الله قال خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ما تزكتها جزية عليكم تؤخذون بها بعدي ولكن أدوها إليهم فلكم برها وعليهم إثمها ثلاث مرات‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وأخبرني رجال من أهل العلم أن عبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وسعد بن أبي وقاص وحذيفة بن اليمان وأنس بن مالك وأبا قتادة وأبا سعيد الخدري وأبا هريرة وعائشة وأم سلمة ومحمد بن كعب القرظي ومجاهدا وعطاء والقاسم وسالما ومحمد بن المنكدر وعروة بن الزبير وربيعة بن أبي عبد الرحمن ومكحولا والقعقاع بن حكيم وغيرهم من أهل العلم كلهم يأمر بدفع الزكاة إلى السلطان ويدفعونها إليهم‏.‏

في زكاة ماشية الخلطاء

قلت‏:‏ ما الذي يكون به الناس في الماشية خلطاء‏.‏

قال‏:‏ سألنا مالكا عن أهل قرية تكون لهم أغنام فإذا كان الليل انقلبت إلى دور أصحابها والدور مفترقة تبيت عندهم يحلبونها ويحفظونها فإذا كان النهار غدا بها رعاتها أو راع واحد فجمعوها من بيت أهلها فانطلقوا بها إلي مراعيها فرعوها بالنهار وسقوها فإذا كان الليل راحت إلى أربابها على حال ما وصفت لك أيكون هؤلاء خلطاء‏.‏

فقال‏:‏ نعم وإن افترقوا في المبيت والحلاب إذا كان الدلو والمراح والراعي واحدا وإن افترقوا في الدور فأراهم خلطاء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن فرقها الدلو فكان هؤلاء يسقون على ما يمنعون منه أصحابهم وأصحابهم يسقون على ما يمنعونهم منه‏.‏

فقال‏:‏ سمعت مالكا يقول إذا كان الدلو والمراح والراعي واحدا وإن تفرقوا في المبيت والحلاب فهم خلطاء قال والرعاة عندي وإن كانوا رعاة كثيرة يتعانون فيها فهم عندي بمنزلة الراعي الواحد وأما ما ذكرت من افتراق الدلو إذا كانت مجتمعة فذلك عندي بمنزلة المراح مثل قول مالك لي هي مجتمعة وإن فرقها الدلو بحال ما ذكرت‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان راعي هؤلاء أجرته عليهم خاصة وراعى هؤلاء الآخرين أجرته عليهم خاصة إلا أن المسرح يجمعهم يخلطون الغنم ويجتمعون في حفظها‏.‏

فقال‏:‏ قال مالك هم بمنزلة الراعي الواحد إن كان أربابها جمعوها أو أمروهم بجمعها فجمعوها حتى كان المراح والدلو والمسرح واحدا فهم خلطاء وهو قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن اختلطوا في أول السنة وافترقوا في وسطها واختلطوا في آخر السنة‏.‏

فقال‏:‏ إذا اجتمعوا قبل انقضاء السنة بشهرين فهم خلطاء عند مالك وقد وصفت لك ذلك في أول الكتاب وإنما ينظر مالك في ذلك إلى آخر السنة ولا ينظر إلى أولها‏.‏

قلت‏:‏ فإن جمعها الدلو في أول السنة ففرقها في وسط السنة وجمعها في آخر السنة‏.‏

فقال‏:‏ هذا بمنزلة ما وصفت لك من إجتماعهم وإفتراقهم وإنما ينظر مالك إلى آخر السنة ولا ينظر إلى أولها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن اجتمعت في آخر السنة لأقل من شهرين لأني سمعتك تذكر شهرين ونحوهما‏.‏

فقال‏:‏ إني سألت مالكا عن الشهرين فقال أراهم خلطاء ولم أسأله عن أقل من ذلك وأنا أرى أنهم خلطاء في أقل من شهرين ما لم يتقارب الحول ويقربا فيه إلى أن يكونا خليطين فرارا من الزكاة وما نرى أنه نهى عن مثله في حديث عمر بن الخطاب‏.‏

قلت‏:‏ والفحل إن فرقها في بعض السنة وجمعها في آخرها بمنزلة ما وصفت لي في قول مالك‏.‏

فقال‏:‏ نعم إذا كان الدلو والمراح واحدا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن جمع هذه الغنم الدلو والفحل في الراعي وفرقها المبيت هذه في قرية وهذه في قرية أخرى أتراهم خلطاء في قول مالك‏.‏

فقال‏:‏ نعم كذلك قال لي مالك فيها‏.‏

قلت‏:‏ وترى هذه الغنم وإن فرقتها هذه القرى في مراح واحد‏.‏

قال‏:‏ نعم هي بمنزلة المراح الواحد وقد قال لي مالك وإن فرقها المبيت‏.‏

قلت‏:‏ فأرى مالكا قد ضعف المبيت‏؟‏

قال نعم كذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإن جمعها المراح والراعي والمبيت والفحل وفرقها الدلو‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وكيف يفرقها الدلو‏.‏

قلت‏:‏ يكون جميعها في مراحها وراعيها وفحلها واحدا في موضع واحد حتى إذا كان يوم سقيها أخذ هؤلاء ماشيتهم فسقوها على مائهم وهؤلاء ماشتهم فسقوها على مائهم ثم جمعوها بعد ذلك فكانوا في جميع الأشياء كلها خلطاء لا تفترق الغنم إلا في يوم ورودها‏.‏

فقال‏:‏ أراهم على ما قال مالك لي في المراح إنهم خلطاء وهذا أهون عندي من تفرقة المبيت فأراهم خلطاء‏.‏

قلت‏:‏ فأين قولهم في الدلو والفحل والمراح والراعي‏.‏

فقال‏:‏ إنما أريد بهذا الحديث ليعرف به إنهم خلطاء وأنهم متعاونون وإن أمرهم واحد ولم يريدوا بهذا الحديث إذا انخرم منه شيء أن لا يكونوا خلطاء‏.‏

قلت‏:‏ أفتحفظ هذا التفسير من مالك‏.‏

فقال‏:‏ لا ولكن هذا رأيي ‏(‏وقال مالك‏)‏ الخليطان في البقر بمنزلة الخليطين في الغنم‏.‏

قال‏:‏ وسألت مالكا عن الخليطين يتخالطان بغنمهما قبل أن يحول الحول بشهرين أو ثلاثة أيكونان خلطاء أم لا‏؟‏ يكونان خلطاء إلا أن يتخالطوا من أول السنة‏.‏

فقال‏:‏ مالك نعم هما خليطان وإن لم يتخالطا إلا قبل أن يأتيهما الساعي بشهرين أو نحو ذلك وقد يتخالط الناس قبل محل السنة بشهرين وما أشبه هذا فإذا خلطا رأيتهم خلطاء وأخذ منهم المصدق الزكاة زكاة الخلطاء إذا أتاهم وهم خلطاء وإن كان ذلك بعد شهرين من يوم خلطاء‏.‏

قلت‏:‏ فالخليطان إذا بلغت إبلهما عشرين ومائة أيأخذ منهما المصدق حقتين‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان لأحدهما خمس من الإبل وللآخر خمسة عشر ومائة من الإبل كيف يترادن‏.‏

فقال‏:‏ ينظر إلى قيمة الحقتين كذلك فإن كانت قيمتهما مائتي درهم نظر إلى الخمس التي لأحد الرجلين من الإبل ما هي من الجميع فوجدناها ربع السدس وهو نصف جزء من اثني عشر جزأ فيقسم قيمة الحقتين على أربعة وعشرين جزأ فما أصاب جزأ من أربعة وعشرين جزأ من قيمة الحقتين فهو على صاحب الخمس وما أصاب ثلاثة وعشرين جزأ من قيمة الحقتين فهو على صاحب الخمسة عشر والمائة فعلى هذا الحساب يتراد الخلطاء قال وهذا قول مالك‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك إذا كان لرجل تسع من الإبل ولخليطه خمس كانت على صاحب الخمس شاة وعلى صاحب التسع شاة وكان يقول لو أمرتهما يترادان لغرم صاحب الخمس أقل من شاة ثم رجع فقال لا أرى ذلك قال مالك وأراهما خليطين يترادان وإن صار على صاحب الخمس أقل من شاة لأن ذلك تفسير قول عمر بن الخطاب‏.‏

قال مالك‏:‏ وإنما يكونان خليطين إذا كان في ماشية كل واحد منهما ما تجب فيه الزكاة فإن كان في ماشية أحدهما ما تجب فيه الزكاة ولم يكن في ماشية الآخرة ما تجب فيه الزكاة فليسا بخليطين إنما ينظر المصدق إلى الذي في ماشيته ما تجب فيه الزكاة فيأخذ منه ويترك الذي ليس له ما تجب فيه الزكاة ولا يحسب المصدق ماشية الذي لا تبلغ ما تجب فيه الزكاة عليه ولا على صاحبه ولا يعرض لها‏.‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فإن كانت غنمهم كلها لا تجب فيها الصدقة فتعدى المصدق فأخذ منها شاة وفي جميعها إذا اجتمعت ما تجب فيه الصدقة أتراها على الذي أخذت من غنمه خاصة أو على عدد الغنم‏.‏

فقال‏:‏ بل أراها على عدد الغنم يترادان فيها لا على عدد غنمهما‏.‏

قلت‏:‏ فإن كانوا ثلاثة رجال لواحد أربعون ولآخر خمسون وللآخر واحدة فأخذ الساعي منهم شاة منهم شاة وهم خلطاء‏.‏

فقال‏:‏ من كان منهم له دون الأربعين فلا شيء عليه والشاة على صاحب الأربعين والخمسين على تسعة أجزاء وكذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإن أخذ الساعي شاة صاحب الشاة في الصدقة‏.‏

قال‏:‏ يرجع بها على شريكيه على صاحب الخمسين بخمسة اتساعها وعلى صاحب الأربعين بأربعة اتساعها فيأخذها منهما‏.‏

قلت‏:‏ فإن كانا خليطين لواحد عشرة ومائة وللآخر احدى عشرة فأخذ الساعي شاتين‏.‏

فقال‏:‏ يلزم كل واحد منهما على قدر ما لكل واحد منهما من الغنم وإنما ذلك بمنزلة ما لو كان لكل واحد منهما عشرون عشرون فصارت أربعين فعليهما جميعا شاة ألا ترى أن صاحب العشرة ومائة لو لا خلط صاحب الإحدى عشرة لم تكن عليه الا شاة فدخلت المضرة عليه منه كما دخلت على أصحاب الأربعين أدخل كل واحد منهما على صاحبه المضرة فلزمهما جميعا فكذلك لزم هذين وإن الثلاثة الذين لأحدهم أربعون وللآخر خمسون وللآخر واحدة لم يدخل صاحب الواحدة عليهما مضرة لأن كل واحد منهما لو كان وحده كان عليه فرض الزكاة فلما خلطا لم يكن عليهما الا شاة فلم يدخل عليهما من صاحب الشاة مضرة وكذلك لو كانا اثنين لواحد أربعون وللآخر ثلاثون فأخذ المصدق منهما شاة فإنما هي على صاحب الأربعين ولم يدخل عليه بصاحبه مضرة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يتزوج المرأة على إبل أو بقر أو غنم بأعيانها فتمكث في يد الزوج حتى يحول الحول على الماشية قبل أن يدفع ذلك إلى المرأة ثم يطلقها قبل البناء بها وقبل أن يأتيها الساعي‏.‏

فقال‏:‏ إذا أتاهم المصدق فإنه إن أصابها مجتمعة وفيها ما تجب فيه الزكاة في حظ كل واحد منهما أخذ منها زكاة الخليطين وإن أصابها وفي حظ الزوج ما لا تجب فيه الزكاة وفي حظ المرأة ما لا تجب فيه الزكاة وهي إذا اجتمعت كانت فيها الزكاة وهي مجتمعة فلا سبيل للساعي عليها وإن كان الزوج والمرأة قد اقتسماها قبل أن يأتيهما الساعي ولم يفرقاها نظر‏.‏

فإن كان في حظ أحدهما ما تجب فيه الزكاة والآخر لا تجب في حظه الزكاة لقلة عدد ما أخذ من الغنم لإرتفاع قيمتها وفضلها على الأخرى لقلة قيمة الأخرى زكى المصدق الذي يجب في عدد ماشيته الصدقة ولم يزك ماشية الآخر‏.‏

قال‏:‏ وإنما كان على الزوج الزكاة فيما رجع إليه من هذه الماشية ولم يجعل ما رجع إليه منها فائدة لأنه كان له فيها شرك ويستدل على شركته في الغنم لو ماتت قبل أن يطلقها ثم طلقها لم يلزمها غرم شيء من الغنم ولو مات بعضها وبقي بعض كان له نصف ما بقي ولو نمت أضعاف عددها قبل أن يطلقها ثم طلقها أخذ نصف جميع ذلك فإنما أخذ ذلك بالشرك الذي كان له فيها قبل أن يطلقها كأنهما كانا شريكين‏.‏

قال‏:‏ وكذلك قال لي مالك فيما أصدق الرجل امرأته من العروض والحيوان والدنانير إنه شريك لها في ذلك في النماء والنقصان إلا ما باعت من ذلك أو اشترت للتجارة من صداقها أو لغير ما تجهزت به من صداقها فإن ذلك لها نماؤه وعليها نقصانه إن نقص أو تلف‏.‏

قال‏:‏ والمسألة الأولى عنده مثل هذا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كان رجل خليطا لرجل في غنم له وله غنم أخرى ليس له فيها خليط‏.‏

فقال‏:‏ سألنا مالكا عنها فقلنا له ما تقول في رجل له أربعون شاة مع خليط له ولخليطة أيضا أربعون شاة وله في بلاد أخرى أربعون شاة ليس له فيها خليط فقال يضم غنمه التي ليس له فيها خليط إلى غنمه التي له فيها خليط فيصير في جميع غنمه خليطا فيصير عليه ثلثا شاة في الثمانين ويصير على صاحبه ثلث شاة في الأربعين فهكذا يتراجعان في هذا الوجه كله‏.‏

قال أشهب‏:‏ وكذلك قرأ عمر بن الخطاب وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية‏.‏

ذكره أشهب عن الليث بن سعد عن نافع عن بن عمر عن عمر بن الخطاب‏.‏

قال أشهب‏:‏ وأخبرناه مالك أنه قرأه في كتاب عمر بن الخطاب فهما خليطان‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وإن بن لهيعة يحدث عن عمارة بن غزية عن عبد الله بن أبي بكر أخبره أن هذا في كتاب رسول الله عليه الصلاة والسلام لعمرو بن حزم في صدقة الغنم ولا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة ولا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا أن يشاء المصدق وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وإن يونس ذكره عن بن شهاب عن سالم وعبيد الله ابني عبد الله بن عمر عن رسول الله عليه الصلاة والسلام نحو ذلك‏.‏

ابن وهب‏:‏ قال حدثني الليث بن سعد أنه سمع يحيى بن سعيد يقول الخليطان في المال لا يفرق بينهما في الصدقة وهو ما اجتمع على الفحل والحوض والراعي‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وإن الليث ومالكا قالا الخليطان في الإبل والبقر والغنم سواء‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وإن مالكا قال إذا كان الدلو والحوض والراعي والمراح والفحل واحدا فهما خليطان‏.‏

قال‏:‏ ولا تجب الصدقة على الخليطين حتى يكون لكل واحد منهما ما تجب فيه الصدقة فإن كان لأحدهما ما لا تجب فيه الصدقة كانت الصدقة على الذي له ما تجب فيه الصدقة ولم يكن على الآخر شيء وإن كان لأحدهما ألف شاة أو أقل وللآخر أربعون شاة أو أكثر كانا خليطين ثم يترادان الفضل بينهما بالسوية‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن رجال من أهل العلم عن عبد الله بن يزيد بن هرمز وعبد العزيز بن أبي سلمة مثله‏.‏

قالاابن وهب‏:‏ وقال لي مالك تفسير ولا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين مفترق خشية الصدقة إنما يعني بذلك أصحاب المواشي وتفسير ذلك أن ينطق النفر الثلاثة الذين لكل واحد منهم أربعون شاة وقد وجب على كل واحد منهم في غنمه الصدقة فيجمعونها إذا أظلهم الساعي لئلا يكون عليهم فيها الا شاة واحدة فنهوا عن ذلك‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ قال لي مالك ولا يفرق بين مجتمع تفسير ذلك أن الخليطين يكون لكل واحد منهما مائة شاة وشاة فيكون عليهما في ذلك ثلاث شياه فإذا أظلهما الساعي فرقا غنمهما فلم يكن على كل واحد منهما الا شاة فنهوا عن ذلك فقيل لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين شيء مفترق خشية الصدقة هذا الذي سمعت في ذلك‏.‏