فصل: قول الإنسان إذا شاهد جنازة: (من المتوفي) بالياء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المناهي اللفظية (نسخة منقحة)



.عبارة (لولا الله وفلان):

84- سئل فضيلة الشيخ: عن العبارة (لو لا الله وفلان)؟.
فأجاب قائلا: قرن غير الله بالله في الأمور القدرية بما يفيد الاشتراك وعدم الفرق أمر لا يجوز، ففي المشيئة مثلا لا يجوز، ففي المشيئة مثلا لا يجوز أن تقول (ما شاء الله وشئت) لأن هذا قرن لمشيئة المخلوق بحرف يقتضي التسوية وهو نوع من الشرك، لكن لابد أن تأتي بـ: (ثم) فتقول (ما شاء الله ثم شئت) كذلك أيضا إضافة الشيء إلى سببه مقرونا بالله بحرف يقتضي التسوية ممنوع فلا تقول (لو لا الله وفلان أنقذني لغرقت) فهذا حرام ولا يجوز لأنك جعلت السبب المخلوق مساويا للخالق السبب، وهذا نوع من الشرك، ولكن لا يجوز أن تضيف الشيء إلى سببه بدون قرن مع الله فتقول (لو لا فلان لغرقت) إذا كان السبب صحيحا وواقعا ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام في أبي طالب حين أخبر أن عليه نعلين يقلي منهما دماغه قال: «ولو لا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار» فلم يقل لو لا الله ثم أنا مع أنه ما كان في هذه الحال من العذاب إلا بمشيئة الله، فإضافة الشيء إلى سببه المعلوم شرعا أو حسا جائز وإن لم يذكر معه الله- عز وعلا-، وإضافته إلى الله وإلى سببه المعلوم شرعا أو حسا بحرف يقتضي التسوية ك (ثم) وإضافته إلى الله وإلى سببه المعلوم شرعا أو حسا بحرف يقتضي التسوية ك (الواو) حرام ونوع من الشرك، وإضافة الشيء إلى سبب موهوم غير معلوم حرام ولا يجوز وهو نوع من الشرك مثل العقد والتمائم وما أشبهها بإضافة الشيء إليها خطأ محض، ونوع من الشرك لأن إثبات سبب من الأسباب لم يجعله الله نوعا من الإشراك به، فكأنك أنت جعلت هذا الشيء سببا والله تعالى لم يجعله فلذلك صار نوعا من الشرك بهذا الاعتبار.

.قولهم (المادة لا تفني ولا تزول ولم تخلق من عدم):

85- وسئل فضيلة الشيخ: عن قولهم (المادة لا تفني ولا تزول ولم تخلق من عدم)؟.
فأجاب قائلا: القول بأن المادة لا تفني وأنها لم تخلق من عدم كفر ولا يمكن أن يقوله مؤمن، فكل شيء في السموات والأرض سوى الله فهو مخلوق من عدم كما قال تعالى: {الله خالق كل شيء}. وليس هناك شيء أزلي أبدي سوى الله.
وأما كونها لا تفني فإن عنى بذلك أن كل شيء لا يفني بذاته فهذا أيضا خطأ وليس بثواب؛ لأن كل شيء موجود فهو قابل للفناء، وإن أراد به أن من مخلوقات ما لا يفني بإرادة الله فهذا حق، فالجنة لا تفني وما فيها من نعيم لا يفني، وأهل الجنة لا يفنون، وأهل النار لا يفنون. لكن هذه الكلمة المطلقة (ليس المادة لها أصل في الوجود وليس لها أصل في البقاء) هذه على إطلاقها الكلمة إلحادية فتقول المادة مخلوقة من عدم، وكل شيء سوى الله فالأصل فيه العدم.
أما مسألة الفناء تقدم للتفصيل فيها. والله الموفق.

.قول (شاءت قدرة الله):

86- سئل فضيلة الشيخ: ما حكم قول (شاءت قدرة الله)، وإذا كان الجواب بعدمه فلماذا؟ مع أن الصفة تتبع موصوفها، والصفة لا تنفعك عن ذات الله؟.
فأجاب قائلا: لا يصح أن نقول (شاءت قدرة الله)؛ لأن المشيئة إرادة والقدرة معنى، والمعنى لا إرادة له وإنما الإرادة للمريد، والمشيئة للشائي ولكننا نقول: اقتضت حكمة الله كذا وكذا، أو نقول عن الشيء إذا وقع هذه قدرة الله كما نقول هذا خلق الله، وأما إضافة أمر يقتضي الفعل الاختياري إلى القدرة فإن هذا لا يجوز.
وأما قول السائل (إن الصفة تتبع الموصوف) فنقول: نعم، وكونها تابعة للموصوف تدل على أنه لا يمكن أن نسند إليها شيء يستقل به الموصوف، فهي دارجة على لسان كثير من الناس، يقول شاءت قدرة الله كذا وكذا، شاء القدر كذا وكذا، وهذا لا يجوز؛ لأن القدر والقدرة أمران معنويان ولا مشيئة لمن هو قادر ولمن هو مقدر.

.عبارة: (ما صدقت على الله أن يكون كذا وكذا):

87- سئل فضيلة الشيخ: عن هذه العبارة: (ما صدقت على الله أن يكون كذا وكذا)؟.
فأجاب قائلا: يقول النص: (ما صدقت على الله أن يكون كذا وكذا)، ويعنون ما توقعت وما ظننت أن يكون هكذا، وليس المعنى ما صدقت أن الله يفعل لعجزه عنه مثلا، فالمعنى أنه ما كان يقع في ذهنه هذا الأمر، هذا هو المراد بهذا التعبير، فالمعنى إذن صحيح لكن اللفظ فيها إيهام، وعلى هذا يكون تنجب هذا اللفظ أحسن لأنه موهم، ولكن التحريم صعب أن نقول حرام مع وضوح المعنى أنه لا يقصد به إلا ذلك.

.قول الإنسان إذا شاهد جنازة: (من المتوفي) بالياء:

88- سئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان إذا شاهد جنازة: (من المتوفي) بالياء؟.
فأجاب بقوله: الأحسن أن يقال من المتوفى وإذا قال من المتوفي؟ فلها معنى في اللغة العربية، لأن هذا الرجل توفى حياته وأنهاها.

.قول: (إن فلان له المثل الأعلى):

89- سئل فضيلة الشيخ: عن قول (إن فلان له المثل الأعلى)؟.
فأجاب بقوله: هذا لا يجوز على سبيل الإطلاق، إلا لله- سبحانه وتعالى-، فهو الذي له المثل الأعلى، وإما إذا قال: (فلان كان المثل الأعلى في كذا وكذا) وقيده فهذا لا بأس به.

.قول: (دفن في مثواه الأخير):

90- سئل فضيلة الشيخ: ما حكم قوله (دفن في مثواه الأخير)؟.
فأجاب قائلا: قول القائل (دفن في مثواه الأخير) حرام ولا يجوز لأنك إذا قلت في مثواه الأخير فمقتضاه أن القبر آخر شيء له، وهذا يتضمن إنكار البعث ومن المعلوم لعامة المسلمين أن القبر ليس آخر شيء، إلا عند الذين لا يؤمنون باليوم الآخر، فالقبر آخر شيء عندهم، أما المسلم فليس آخر شيء عنده القبر قد سمع إعرابي رجلا يقرأ قوله تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُر حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ}. وقال: (والله ما الزائر بمقيم) لأن الذي يزور يمشي فلابد من بعث وهذا صحيح:
لهذا يجب تجنب هذه العبارة ولا يقال عن القبر أنه المثوى الأخير، لأن المثوى الأخير إما الجنة وإما النار يوم القيامة.

.قول: (مسيجيد، مصحيف):

91- وسئل عن قول: (مسيجيد، مصحيف)؟.
فأجاب قائلا: الأولى أن يقال المسجد والمصحف بلفظ التكبير لا التصغير، لأنه قد يوهم الاستهانة به.

.إطلاق المسيحية على النصرانية والمسيحي على النصراني:

92- سئل فضيلة الشيخ: عن إطلاق المسيحية على النصرانية؟ والمسيحي على النصراني؟.
فأجاب بقوله: لا شك أن انتساب النصارى إلى المسيح بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن إيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم إيمان بالمسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام،لأن الله تعالى قال: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ}، لم يبشرهم المسيح عيسى ابن مريم بمحمد صلى الله عليه وسلم، إلا من أجل أن يقبلوا ما جاء به لأن البشارة بما ينفع لغو من القول لا يمكن أن تأتي من أدنى الناس عقلا، فضلا عن أن تكون صدرت من عند أحد الرسل الكرام أولو العزم عيسى ابن مريم، عليه الصلاة والسلام، وهذا الذي بشر به عيسى ابن مريم بنى إسرائيل هو محمد صلى الله عليه وسلم، وقوله: {فلما جاءهم بالبيانات قالوا هذا سحر مبين}. وهذا يدل على أن الرسول الذي بشر به قد جاء ولكنهم كفرو به وقالوا هذا سحر مبين، فإذا كفرو بمحمد صلى الله عليه وسلم، وحين إذا لا يصح أن ينتسبوا إليه فيقولوا إنهم مسيحيون، إذ لو كانوا حقيقة لآمنوا بما بشر به المسيح ابن مريم لأن عيسى ابن مريم وغيره من الرسل قد أخذ الله عليهم العهد والميثاق أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، كما قال الله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه} قال: {أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} والذي جاء مصدقا لما معهم هو محمد صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُم}.
وخلاصة القول أن نسبة النصارى إلى المسيح عيسى ابن مريم نسبة يكذبها الواقع، لأنهم كفروا ببشارة المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام وهو محمد صلى الله عليه وسلم، وكفرهم به كفر بعيسى ابن مريم، عليه الصلاة والسلام.

.قول: (فلان المغفور له) و (فلان المرحوم):

93- سئل فضيلة الشيخ: عن حكم قول (فلان المغفور له) و (فلان المرحوم)؟.
فأجاب بقوله: بعض الناس ينكر قول القائل (فلان المغفور له، وفلان المرحوم) ويقولون: إننا نعلم هل هذا الميت من المرحومين المغفور لهم أو ليس منهم؟ وهذا الإنكار في محله إذا كان الإنسان يخبر خبرا أن هذا الميت قد رحم أو غفر له،لأنه لا يجوز أن نخبر أن هذا الميت قد رحم،أو غفر له بدون علم قال الله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم} لكن الناس لا يريدون بذلك الأخبار قطعا، فالإنسان الذي يقول المرحوم الوالد، المرحومة الوالدة ونحو ذلك لا يريدون بهذا الحزم أو الأخبار بأنهم مرحومون، وإنما يريدون بذلك الدعاء أن الله تعالى قد رحمهم والرجاء، وفرق بين الدعاء والخبر، ولهذا نحن نقول فلان رحمه الله، فلان غفر الله له، فلان عفا الله عنه، ولا فرق من حيث اللغة العربية بين قولنا (فلان المرحوم) و (فلان رحمه الله) لأن جملة (رحمه الله) جملة خبرية، والمرحوم بمعنى الذي رحم فهي أيضا خبرية، فلا فرق بينهما أي بين مدلوليهما في اللغة العربية فمن منع (فلان المرحوم) يجب أن يمنع (فلان رحمه الله).
على كل حال نقول لا إنكار في هذه الجملة أي في قولنا (فلان المرحوم، وفلان المغفور له) وما أشبه ذلك لأننا لسنا نخبر بذلك خبرا ونقول أن الله قد رحمه، وأن الله قد غفر له، ولكننا نسأل الله نرجوه فهو من باب الرجاء والدعاء وليس من باب الإخبار، وفرق بين هذا وهذا.

.عبارة: (المكتوب على الجبين لابد تراه العين):

94- سئل فضيلة الشيخ: عن هذه العبارة (المكتوب على الجبين لابد تراه العين)؟.
فأجاب بقوله: هذا وردت فيه آثار أنه يكتب على الجبين ما يكون على الإنسان، لكن الآثار هذه ليست إلى ذلك في الصحة، بحيث يعتقد الإنسان مدلولها فالأحاديث الصحيحة أن الإنسان يكتب عليه في بطن أمه أجله، وعمله، ورزقه، وشقي أم سعيد.

.قول الإنسان إذا خاطب ملكا (يا مولاي):

95- سئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان إذا خاطب ملكا (يا مولاي)؟.
فأجاب بقوله: الولاية تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ولاية مطلقة وهذه لله عز وجل كالسيادة المطلقة، وولاية الله بالمعنى العام شاملة لكل أحد قال الله تعالى: {ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق إلا له الحكم وهو أسرع الحاسبين} فجعل له سبحانه الولاية على هؤلاء المفترين،وهذه ولاية عامة،وأما بالمعنى الخاص فهي خاصة بالمؤمنين المتقين قال الله تعالى: {ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم} قال الله تعالى: {إلا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون} وهذه ولاية خاصة.
القسم الثاني: ولاية مقيدة مضافة، فهذه تكون لغير الله ولها في اللغة معاني كثيرة منها الناصر، والمتولي للأمور،والسيد، قال الله تعالى: {وإن تظاهرا عليهم فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين} وقال، صلى الله عليه وسلم: «من كنت مولاه فعلي مولاه» وقال صلى الله عليه وسلم: «إنما الولاء لمن أعتق».
وعلى هذا فلا بأس أن يقول القائل للملك: مولاي بمعنى سيدي ما لم يخشى من ذلك محذور.