فصل: بَابُ شَهَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ :

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز وما فيه من الفرائض والسنن



.بَابُ الشَّهَادَاتِ وَمَا جَاءَ فِيهَا :

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: اخْتَلَفَتِ الْعُلَمَاءُ فِي نَسْخِ أَشْيَاءَ مِنَ الشَّهَادَاتِ الَّتِي فِي التَّنْزِيلِ، مِنْهَا الشَّهَادَةُ عَلَى الْبَيْعِ وَشَهَادَةُ الْقَاذِفِ، وَشَهَادَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى وَصَايَا الْمُسْلِمِينَ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
262 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] قَالَ: سُئِلَ عَطَاءٌ: أَيُشْهِدُ الرَّجُلُ إِذَا بَايَعَ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: نَعَمْ هُوَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282].
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
263 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: تُشْهِدُ وَلَوْ عَلَى دَسْتَجَةِ بَقْلٍ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
264 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا بَاعَ أَشْهَدَ وَلَمْ يَكْتُبْ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هَذَا مَذْهَبُ مَنْ رَأَى أَنَّ الْآيَةَ مُحْكَمَةٌ وَهِيَ عِنْدَ آخَرِينَ مَنْسُوخَةٌ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
265 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ فِي قَوْلِهِ: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [البقرة: 283] قَالَ: نَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ آيَةَ الشَّهَادَةِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
266 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي قَوْلِهِ: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [البقرة: 283] قَالَ: إِنْ أَشْهَدْتَ فَحَزْمٌ أَوْ كَلِمَةٌ تُشْبِهُهَا، وَإِنْ تَرَكْتَ فَفِي حَلٍّ وَفِي سَعَةٍ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: سَأَلْتُ الشَّعْبِيَّ عَنْهَا فَتَلَا عَلَيَّ هَذِهِ الْآيَةَ: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [البقرة: 283].
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
268 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنْهَا، فَقَالَ: إِنْ شَاءَ أَشْهَدَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُشْهِدْ، أَلَا تَسْمَعُ قَوْلَهُ: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [البقرة: 283].
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالْعُلَمَاءُ الْيَوْمَ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، أَنَّ شَهَادَةَ الْمُبَايَعَةِ لَيْسَتْ بِحَتْمٍ عَلَى النَّاسِ إِلَّا أَنْ يَشَاءُوا لِلْآيَةِ النَّاسِخَةِ بَعْدَهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [البقرة: 283] وَيَرَوْنَ أَنَّ الْبَيِّعَيْنِ مُخَيَّرَانِ فِي الشَّهَادَةِ وَالتَّرْكِ، فَهَذَا مَا فِي نَسْخِ شَهَادَةِ الْبُيُوعِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
269 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَعُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4] . قَالَ: ثُمَّ اسْتَثْنَى، فَقَالَ: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [البقرة: 160] قَالَ: فَتَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْفِسْقِ فَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَلَا تَجُوزُ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
270 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: جَاءَ نَاسٌ يَشْهَدُونَ عِنْدَ شُرَيْحٍ فِيهِمْ رَجُلٌ قَدْ جُلِدَ فِي قَذْفٍ، فَقَالَ لَهُ شُرَيْحٌ: يَا فُلَانُ قُمْ فَقَدْ عَرَفْنَاكَ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
271 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيُّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَاذِفِ أَبَدًا، تَوْبَتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ وَمُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُمَا قَالَا مِثْلَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُمَا قَالَا مِثْلَ ذَلِكَ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِثْلَ ذَلِكَ .
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَا قَوْلُ مَنْ رَأَى التَّوْبَةَ إِنَّمَا نَسَخَتِ الْفِسْقَ وَحْدَهُ، وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا نَسَخَتِ الْفِسْقَ وَإِسْقَاطَ الشَّهَادَةِ مَعًا.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
275 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4] قَالَ: ثُمَّ قَالَ: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [البقرة: 160] قَالَ: فَمَنْ تَابَ وَأَصْلَحَ، فَشَهَادَتُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تُقْبَلُ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
276 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ عُمَرَ اسْتَتَابَ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى فُلَانٍ، فَتَابَ اثْنَانِ وَأَبَى أَبُو بَكْرَةَ أَنْ يَتُوبَ، فَكَانَتْ شَهَادَتُهُمَا تُقْبَلُ وَكَانَ أَبُو بَكْرَةَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
277 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ اسْتَتَابَ أَبَا بَكْرَةَ فِيمَا قَذَفَ بِه فُلانًا فَأَبَى أَنْ يَتُوبَ وَزَعَمَ أَنَّ مَا قَالَ حَقٌّ، وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ تَجُوزُ لَهُ شَهَادَةٌ.
قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَاعْتَرَفَ فَإِنَّ شَهَادَتَهُ تُقْبَلُ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
278 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ فَهِيَ تَوْبَتُهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
279 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، أَنَّهُ سَأَلَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ذَلِكَ، فَقَالَا: نَكْرَهُ شَهَادَتَهُ مَا لَمْ تُرَ مِنْهُ تَوْبَةٌ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
280 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيَّ، يَتَذَاكَرَانِ شَهَادَةَ الْقَاذِفِ، فَقَالَ: الشَّعْبِيُّ لِإِبْرَاهِيمَ: لِمَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟ قَالَ: لِأَنِّي لَا أَدْرِي أَتَابَ أَمْ لَا.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
281 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: إِذَا تَابَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ وَلَا تَقْبَلُونَ شَهَادَتَهُ؟.
قَالَ: وَقَالَ مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ: تَجُوزُ شَهَادَتُهُ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
282 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ خَوْشَبٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ الْمُفْتَرِي.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
283 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ وَتَابَ مِمَّا قَالَ فَشَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
284 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: إِذَا تَابَ الْقَاذِفُ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ.
قَالَ: وَقَالَ: كُلُّنَا نَقُولُهُ قَالَ إِسْمَاعِيلُ: قُلْنَا مَنْ؟ أَوْ قِيلَ مَنْ؟ فَقَالَ: عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
285 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ الْمُفْتَرِي.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
286 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ الْقَاذِفِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
287 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ يَرَى شَهَادَتَهُ جَائِزَةً إِذَا تَابَ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْحِجَازِ جَمِيعًا، وَأَمَّا أَهْلُ الْعِرَاقِ، فَيَرَوْنَ شَهَادَتَهُ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ أَبَدًا وَإِنْ تَابَ، وَكِلَا الْفَرِيقَيْنِ إِنَّمَا تَأَوَّلَ فِيمَا نَرَى الْآيَةَ، فَالَّذِي لَا يَقْبَلُهَا يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْكَلَامَ انْقَطَعَ مِنْ عِنْدِ قَوْلِهِ: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: 4]، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ، فَقَالَ: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [النور: 5]، فَأَوْقَعَ التَّوْبَةَ عَلَى الْفِسْقِ خَاصَّةً دُونَ الشَّهَادَةِ، وَأَمَّا الْآخَرُونَ، فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْكَلَامَ بَعْضُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4]، ثُمَّ أَوْقَعُوا الِاسْتِثْنَاءَ فِي التَّوْبَةِ عَلَى كُلِّ الْكَلَامِ وَرَأَوْا أَنَّهُ مُنْتَظِمٌ لَهُ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالَّذِي يُخْتَارُ هَذَا الْقَوْلُ؛ لِأَنَّ مَنْ قَالَ بِهِ أَكْثَرُ وَأَعْلَى، مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَمَنْ وَرَاءَهُ، مَعَ أَنَّهُ فِي النَّظَرِ عَلَى هَذَا أَصَحُّ، وَلَا يَكُونُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْفَاحِشَةِ أَعْظَمَ جُرْمًا مِنْ رَاكِبِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي الْعَاهِرِ أَنَّهُ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ إِذَا تَابَ، فَرَامِيهِ بِهَا أَيْسَرُ جُرْمًا إِذَا نَزَعَ عَمَّا قَالَ وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّ التَّائِبَ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ، وَإِذَا قَبِلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ التَّوْبَةَ مِنْ عَبْدِهِ كَانَ الْعِبَادُ بِالْقَبُولِ أَوْلَى، مَعَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ مَوْجُودٌ فِي مَوَاضِعَ مِنَ الْقُرْآنِ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: 33]، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [البقرة: 160]، فَلَيْسَ يَخْتَلِفُ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ نَاسِخٌ لِلْآيَةِ مِنْ أَوَّلِهَا وَأَنَّ التَّوْبَةَ لِهَؤُلَاءِ جَمِيعًا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الطُّهُورِ حِينَ قَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43]، ثُمَّ قَالَ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43]، فَصَارَ التَّيَمُّمُ لَاحِقًا بِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الِاغْتِسَالُ، كَمَا لَحِقَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَمَرَ عَمَّارًا وَأَبَا ذَرٍّ بِذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى تَأَوَّلَ مَنْ رَأَى شَهَادَةَ الْقَاذِفِ جَائِزَةً؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ وَاحِدٌ بَعْضُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى بَعْضٍ وَبَعْضُهُ تَابَعَ بَعْضًا، ثُمَّ انْتَظَمَهُ الِاسْتِثْنَاءُ وَأَحَاطَ بِهِ.

.بَابُ شَهَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ :

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَمَّا شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى وَصَايَا الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهَا فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: فَجُلُّ الْعُلَمَاءِ وَمُعْظَمُهُمْ مِنَ الْمَاضِينَ يَتَأَوَّلُونَهَا فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ وَيَرَوْنَهَا مُحْكَمَةً، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: هِيَ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ غَيْرَ أَنَّهَا قَدْ نُسِخَتْ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ: هِيَ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ جَمِيعًا وَلَا حَظَّ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِيهَا.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
288 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: «كَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ وَأَخُوهُ نَصْرَانِيَّيْنِ، وَهُمَا مِنْ لَخْمٍ وَكَانَ مَتْجَرُهُمَا إِلَى مَكَّةَ، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ إِلَى الْمَدِينَةِ حَوَّلَا مَتْجَرَهُمَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَقَدِمَ ابْنُ أَبِي مَارِيَةَ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ الْمَدِينَةَ، وَهُوَ يُرِيدُ الشَّامَ تَاجِرًا، فَخَرَجُوا جَمِيعًا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ مَرِضَ ابْنُ أَبِي مَارِيَةَ، فَكَتَبَ وَصِيَّتَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ دَسَّهَا فِي مَتَاعِهِ وَأَوْصَى إِلَيْهِمَا، فَلَمَّا مَاتَ فَتَحَا مَتَاعَهُ، فَوَجَدُوا فِيهَا أَشْيَاءَ فَأَخَذَاهَا، فَلَمَّا قَدِمَا عَلَى أَهْلِهِ فَتَحُوا مَتَاعَهُ، فَوَجَدُوا وَصِيَّتَهُ وَقَدْ كَتَبَ فِيهَا عَهِدَهُ وَمَا خَرَجَ بِهِ، فَفَقَدُوا الْأَشْيَاءَ، فَسَأَلُوهُمَا؟ فَقَالَا: هَذَا الَّذِي قَبَضْنَا لَهُ، فَرَفَعُوهُمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذَنْ لَمِنَ الْآثِمِينَ}، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَحْلِفُوهُمَا بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ: مَا قَبَضْنَا لَهُ غَيْرَ هَذَا، فَمَكَثْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ ظُهِرَ عَلَى إِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ مَنْقُوشٍ بِذَهَبٍ مَعَهُمَا، فَقَالُوا: هَذَا مِنْ مَتَاعِهِ، فَقَالَا: اشْتَرَيْنَاهُ مِنْهُ، فَارْتَفَعُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الْأُخْرَى قَوْلُهُ: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا} [المائدة: 107] فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْمَيِّتِ أَنْ يَحْلِفَا عَلَى مَا كَتَمَا وَغَيَّبَا، فَاسْتَحْلَفَاهُمَا، ثُمَّ إِنَّ تَمِيمًا أَسْلَمَ وَبَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، فَكَانَ يَقُولُ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَبَلَّغَ، إِنِّي لَأَنَا أَخَذْتُ الْإِنَاءَ».
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
289 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ طَارِقٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: خَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَمَرَّ بِقَرْيَةٍ، فَمَرِضَ وَمَعَهُ رَجُلَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَدَفَعَ إِلَيْهِمَا مَالَهُ، ثُمَّ قَالَ: ادْعُوَا لِي مَنْ أُشْهِدُهُ عَلَى مَا قَبَضْتُمَا، فَلَمْ يَجِدُوا أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ قَالَ: فَدَعَوَا نَاسًا مِنَ الْيَهُودِ، فَأَشْهَدَهُمْ عَلَى مَا دَفَعَ إِلَيْهِمَا، ثُمَّ إِنَّ الْمُسْلِمَيْنَ قَدِمَا بِالْمَالِ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالُوا: قَدْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمَالِ أَكْثَرُ مِمَّا آتَيْتُمُونَا بِهِ قَالَ: فَاسْتَحْلَفُوهُمَا بِاللَّهِ مَا دَفَعَ إِلَيْهِمَا غَيْرَ هَذَا، ثُمَّ قَدِمَ نَاسٌ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَسَأَلَهُمْ أَهْلُ الْمُتَوَفَّى، فَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُ هَلَكَ بِقَرْيَتِهِمْ وَتَرَكَ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْمَالِ، فَعَلِمَ أَهْلُ الْمُتَوَفَّى أَنْ قَدْ عَثَرُوا عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَيْنِ قَدِ اسْتَحَقَّا إِثْمًا، فَانْطَلَقُوا إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَأَخْبَرُوهُ بِالَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا قَدْ جَاءَ عَلَى إِدْلَالِهِ، إِلَّا هَذِهِ الْآيَةَ، فَالْآنَ حِينَ جَاءَ تَأْوِيلُهَا، فَأَمَرَ الْمُسْلِمَيْنِ أَنْ يَحْلِفَا بِاللَّهِ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبِي، وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذَنْ لَمِنَ الْآثِمِينَ، ثُمَّ أَمَرَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَنْ يَحْلِفُوا بِاللَّهِ لَقَدْ تَرَكَ مِنَ الْمَالِ كَذَا وَكَذَا، وَلَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَةِ هَذَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذَنْ لَمِنَ الظَّالِمِينَ، ثُمَّ أَمَرَ أَهْلَ الْمُتَوَفَّى أَنْ يَحْلِفُوا بِاللَّهِ: أَنَّ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى حَقٌّ فَحَلَفُوا، فَأَمَرَهُمُ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنْ يَأْخُذُوا مِنَ الْمُسْلِمَيْنَ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ: وَكَانَ ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
290 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمٍ، فَتُوُفِّيَ بِدَقُوقَاءَ، فَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْهَدُ عَلَى وَصِيَّتِهِ إِلَّا رَجُلَيْنِ مِنَ النَّصَارَى مِنْ أَهْلِهَا؛ فَأَشْهَدَهُمَا عَلَى وَصِيَّتِهِ، ثُمَّ قَدِمَا الْكُوفَةَ، فَأَحْلَفَهُمَا أَبُو مُوسَى دُبُرَ صَلَاةِ الْعَصْرِ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا خَانَا وَلَا كَتَمَا وَلَا بَدَّلَا وَأَنَّ هَذِهِ لَوَصِيَّةٌ، ثُمَّ أَجَازَ شَهَادَتَهُمَا.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
291 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ أَبَا مُوسَى، أَجَازَ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْوَصِيَّةِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
292 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي شَيْءٍ إِلَّا فِي السَّفَرِ وَلَا يَجُوزُ فِي السَّفَرِ إِلَّا فِي الْوَصِيَّةِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
293 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 106] قَالَ: مِنْ أَهْلِ الْمِلَّةِ {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] قَالَ: مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمِلَّةِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
294 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخِي أَبِي حُرَّةَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَةَ فِي قَوْلِهِ: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] قَالَ: مِنْ سَائِرِ الْمِلَلِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
295 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: فِي قَوْلِهِ: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] قَالَ: مَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
296 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ وِقَاءِ بْنِ إِيَاسَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] قَالَ: مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
297 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي قَوْلِهِ: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] قَالَ: مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
298 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] قَالَ: إِذَا حَضَرَتِ الرَّجُلَ الْوَفَاةُ وَهُوَ فِي سَفَرٍ، فَلْيُشْهِدْ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَرَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَإِذَا قَدِمَا بِتَرِكَتِهِ فَإِنْ صَدَّقَهُمَا الْوَرَثَةُ قَبْلَ قَوْلِهِمَا، وَإِنِ اتَّهَمُوهُمَا أُحْلِفَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ بِاللَّهِ: مَا كَتَمْنَا وَلَا كَذَبْنَا وَلَا خُنَّا وَلَا غَيَّرْنَا قَالَ: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا} [المائدة: 107] قَالَ: يَقُولُ: إِنِ اطُّلِعَ مِنْهُمَا عَلَى خِيَانَةٍ: {فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ} [المائدة: 107] قَالَ: يُسْتَحْلَفُ رَجُلَانِ مِنَ الْوَرَثَةِ، فَمَا حَلَفَا عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ أَخَذَا بِهِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَاكَ وَيَأْخُذُ بِهِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَا مَذْهَبُ الَّذِينَ رَأَوَا الْآيَةَ مُحْكَمَةً وَمِمَّا يَزِيدُ قَوْلَهُمْ قُوَّةً وَتَوْكِيدًا تَتَابُعُ الْآثَارِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ بِقِلَّةِ الْمَنْسُوخِ مِنْهَا، وَأَنَّهَا مِنْ مُحْكَمِ الْقُرْآنِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
301 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ وَعَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَائِدَةُ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ نُزُولًا، فَأَحِلُّوا حَلَالَهَا وَحَرِّمُوا حَرَامَهَا».
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
302 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: حَجَجْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ لِي: يَا جُبَيْرُ، هَلْ تَقْرَأُ الْمَائِدَةَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَتْ: أَمَا إِنَّهَا مِنْ آخِرِ سُورَةٍ نَزَلَتْ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهَا مِنْ حَلَالٍ فَاسْتَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهَا مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
303 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ قَالَ: فِي الْمَائِدَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً، وَلَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخٌ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
304 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ: هَلْ نُسِخَ مِنَ الْمَائِدَةِ شَيْءٌ؟ فَقَالَ: لَا.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَمَّا الْآخَرُونَ الَّذِينَ رَأَوَا الْآيَةَ مَنْسُوخَةً، فَإِنَّهُمُ احْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَبِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] قَالُوا: وَلَا يَكُونُ أَهْلُ الشِّرْكِ عُدُولًا أَبَدًا، وَلَا مِمَّنْ تُرْضَى شَهَادَتُهُ، وَلَسْتُ أَدْرِي إِلَى مَنْ نَسْنِدُ هَذَا الْقَوْلَ مِنَ الْأَوَائِلِ غَيْرَ أَنَّهُ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَأَهْلِ الْحِجَازِ وَكَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ غَيْرَ سُفْيَانَ، فَإِنَّهُ أَخَذَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا الَّذِينَ تَأَوَّلُوا الْآيَةَ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَأَخْرَجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْهَا، فَشَيْءٌ يُرْوَى عَنْ أَبِي مُوسَى، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ شِهَابٍ.
305 - وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَاصِمٍ، يُحَدِّثُ عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: خَرَجَ قَوْمٌ فِي سَفَرٍ قَالَ: أَحْسَبُهُ قَالَ: مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ، فَمَاتَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَاتُّهِمَ الْبَقِيَّةُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 106] يَقُولُ: مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ، {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] قَالَ: كُلُّهُمْ مُسْلِمُونَ.
306 - وَأَمَّا الَّذِي يُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ، فَإِنَّهُ قَالَ: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 106] قَالَ: مِنْ قَبِيلَتِكُمْ، {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] قَالَ: مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِكُمْ.
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
307 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: هِيَ فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ فِي السَّفَرِ فَيَحْضُرُهُ بَعْضُ وَرَثَتِهِ وَيَغِيبُ بَعْضُهُمْ فَيَتَّهِمُ الْغَائِبُ مِنْهُمُ الْحَاضِرَ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي الْحُكْمِ أَلَّا يَكُونَ أَهْلُ الشِّرْكِ عُدُولًا عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْلَا خِلَافُ مَنْ سَمَّيْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ، وَأُولَئِكَ أَكْثَرُ عَدَدًا، وَفِيهِمْ بَعْضُ الصَّحَابَةِ مَعَ خَلَلٍ فِي هَذَا الْقَوْلِ لَيْسَ فِي ذَاكَ، أَمَّا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى هَذَا فَلَا نَرَاهُ حُفِظَ؛ لِأَنَّ الشَّعْبِيَّ يُحَدِّثُ عَنْهُ بِخِلَافِهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى الثَّبْتِ وَالصِّحَّةِ، وَأَمَّا تَأَوُّلُ الْحَسَنِ: مِنْ قَبِيلَتِكُمْ أَوْ مِنْ قَبِيلَةِ غَيْرِكُمْ، فَكَيْفَ يَصِيرُ أَهْلُ الْمُخَاطَبَةِ بِالْآيَةِ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا خَاطَبَ اللَّهُ بِهَا أَهْلَ التَّوْحِيدِ كَافَّةً، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} [المائدة: 106]، فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا قَدْ خُوطِبَ بِهَا، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: مِنْ غَيْرِكُمْ، إِلَّا مَنْ كَانَ خَارِجًا مِنْهَا، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ: إِنَّهَا فِي أَهْلِ الْمِيرَاثِ يَتَّهِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَأَنَّى يَكُونُ هَذَا؟ وَإِنَّمَا سَمَّاهَا اللَّهُ لَنَا شَهَادَةً، ثُمَّ أَعَادَ ذِكْرَهَا فِي الْآيَةِ وَأَبْدَاهُ مِرَارًا، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} [المائدة: 106]، وَقَالَ: {لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا} [المائدة: 107]، وَقَالَ: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا} [المائدة: 108] . وَهَذَا يَتَأَوَّلُهَا فِي الِادِّعَاءِ مِنْ بَعْضِ الْوَرَثَةِ عَلَى بَعْضٍ، فَإِنَّمَا هُمْ مُدَّعُونَ وَمُدَّعًى عَلَيْهِمْ، فَأَيْنَ الشَّهَادَةُ مِنَ الدَّعْوَى؟ وَكَيْفَ يُقَالُ لِلْمُدَّعِي شَاهِدٌ؟ فَهَذَانِ نَوْعَانِ مِنَ التَّأْوِيلِ لَا أَعْرِفُ لَهُمَا وَجْهًا، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إِلَّا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي مَذْهَبِهِمَا مَعَ مَا ذَكَرْنَا أَمْرَانِ لَا يَجُوزَانُ فِي أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ، فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا} [المائدة: 106] . فَهَلْ يُعْرَفُ فِي حُكْمِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَحْلِفَ الشَّاهِدَانِ، أَوْ يَجِبَ عَلَيْهِمَا يَمِينٌ، أَمْ هَلْ يُعْرَفُ فِي حُكْمِ الْإِسْلَامِ أَنْ لَا يَقْبَلَ الْحَاكِمُ شَهَادَتَهُمَا وَلَا يُنْفِذَهَا إِلَّا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هَذَا مَا لَا يَجِبُ عَلَى شُهُودِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا إِلَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ عَمَّنْ سَمَّيْنَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، ثُمَّ أَخَذَ سُفْيَانُ بِهِ، وَمَعَ هَذَا إِنَّا قَدْ وَجَدْنَا لِمِثْلِ هَذَا نَظَائِرَ خَصَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِرُخْصَتِهَا السَّفَرَ، وَحَظَرَهَا عَلَى أَهْلِ الْحَضَرِ، مِنْهَا قَصْرُ الصَّلَاةِ وَالتَّيَمُّمُ مَكَانَ الطَّهُورِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَالْإِفْطَارُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَكُلُّ هَذِهِ الْخِلَالِ جَعَلَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ، ثُمَّ أَحَلَّ جَلَّ جَلَالُهُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ إِلَى ذَلِكَ، فَهَكَذَا هَذِهِ الشَّهَادَةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَأَيُّ ضَرُورَةٍ أَشَدُّ مِنْ رَجُلٍ يَحْضُرُهُ الْمَوْتُ فِي السَّفَرِ؟ وَلِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ حُقُوقٌ مِنْ زَكَاةٍ وَحَجٍّ وَكَفَّارَاتٍ، وَلِلنَّاسِ عَلَيْهِ حُقُوقٌ مِنْ دُيُونٍ وَوَدَائِعَ وَغَيْرِهَا لَا يَجِدُ إِلَى تَثْبِيتِهِمَا وَأَدَائِهَا سَبِيلًا إِلَّا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، فَإِنْ تَرَكَهَا بَطَلَتْ كُلُّهَا، وَقَدْ جَوَّزَ الْمُسْلِمُونَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ بِلَا رَجُلٍ عَلَى الْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَالْحَيْضِ وَالْحَبَلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِلِاضْطِرَارِ إِلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَوْجُودٍ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ، فَالَّذِي يَحْتَمِلُهُ تَأْوِيلُ الْكِتَابِ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ وَأَوْجَبَ عَلَى النَّاسِ، وَإِنَّمَا نَرَاهُمْ تَأَوَّلُوا بِقَوْلِهِ: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} [المائدة: 106] أَنَّهَا صَلَاةُ الْعَصْرِ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ وَإِنْ كَانُوا لَا يُصَلُّونَ لِلشَّمْسِ كَالْمَجُوسِ، فَإِنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَغُرُوبَهَا وَقْتٌ لِصَلَوَاتِهِمْ، عَرَفْنَا ذَلِكَ بِمَا رَأَيْنَا مِنْ بَعْضِهِمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ مِنْ ذَلِكَ.