فصل: تفسير الآيات (47- 48):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (47- 48):

{فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47) يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48)}
قوله عز وجل: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} فيه قولان:
أحدهما: أنها تبدل بأرض غيرها بيضاء كالفضة، لم تعمل عليها خطيئة، قاله ابن مسعود. وقال ابن عباس: تبدل الأرض من فضة بيضاء.
الثاني: أنها هي هذه الأرض، وإنما تبدل صورتها ويطهر دنسها، قاله الحسن.
{السمواتُ} فيها ستة أقاويل:
أحدها: أن السموات تبدل بغيرها كالأرض فتجعل السماء من ذهب، والأرض من فضة، قاله علي بن أبي طالب.
الثاني: أن السموات تبدل بغيرها كالأرض، فتصير السموات جناناً والبحار نيراناً وتبدل الأرض بغيرها، قاله كعب الأحبار.
الثالث: أن تبديل السموات تكوير شمسها وتكاثر نجومها، قاله ابن عيسى.
الرابع: أن تبديلها أن تطوى كطي السجل للكتب، قاله القاسم بن يحيى.
الخامس: أن تبديلها أن تنشق فلا تظل، قاله ابن شجرة.
السادس: أن تبديلها اختلاف أحوالها، تكون في حال كالمهل، وفي حال كالوردة، وفي حال كالدهان، حكاه ابن الأنباري.
{وبرزوا لله الواحد القهار} أي صاروا إلى حكم الله تعالى وأمره فروى الحسن قال: قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله يوم تبدَّل الأرض غير الأرض أين الناس يومئذٍ؟ قال «إن هذا الشيء ما سألني عنه أحد ثم قال على الصراط يا عايشة».

.تفسير الآيات (49- 51):

{وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51)}
قوله عز وجل: {وترى المجرمين يومئذٍ مقرنين في الأصفاد} فيه قولان:
أحدهما: أن الأصفاد الأغلال، واحدها صفد، ومنه قول حسان:
ما بين مأسورٍ يشد صِفادُهُ ** صقرٍ إذا لاقى الكريهة حامي

الثاني: أنها القيود، ومنه قول عمرو بن كلثوم:
فآبوا بالنهاب وبالسبايا ** وأُبنا بالملوكِ مُصَفّدينا

أي مقيّدين. وأما قول النابغة الذبياني:
هذا الثناء فإن تسمع لقائله ** فلم أعرض، أبيت اللعن، بالصفدِ

فأراد بالصفد العطية، وقيل لها صف لأنها تقيد المودة.
وفي المجرمين المقرنين في الأصفاد قولان:
أحدهما: أنهم الكفار يجمعون في الأصفاد كما اجتمعوا في الدنيا على المعاصي.
الثاني: أنه يجمع بين الكافر والشيطان في الأصفاد.
قوله عز وجل: {سرابيلهم مِن قطرانٍ} السرابيل: القمص، واحدها سربال، ومنه قول الأعشى:
عهدي بها في الحي قد سربلت ** صفراء مثل المهرة الضامر

وفي القطران ها هنا قولان:
أحدهما: أنه القطران الذي تهنأ به الجمال، قاله الحسن، وإنما جعلت سرابيلهم من قطران لإسراع النار إليها.
الثاني: أنه النحاس الحامي، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير.
وقرأ عكرمة وسعيد بن جبير {من قطران} بكسر القاف وتنوين الراء وهمزآن لأن القطر النحاس، ومنه قوله تعالى: {آتوني أفرغ عليه قطراً} [الكهف: 96] والآني: الحامي، ومنه قوله تعالى: {وبين حَمِيمٍ آن} [الرحمن: 44].

.تفسير الآية رقم (52):

{هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)}
قوله عز وجل: {هذا بلاغ للناس} فيه قولان:
أحدهما: هذا الإنذار كاف للناس، قاله ابن شجرة.
الثاني: هذا القرآن كافٍ للناس، قاله ابن زيد.
{ولينذروا به} فيه وجهان:
أحدهما: بالرسول.
الثاني: بالقرآن.
{وليعلموا أنما هو إله واحدٌ} لما فيه من الدلائل على توحيده.
{وليذكّرَ أولوا الألباب} فيه وجهان:
أحدهما: وليتعظ، قاله الكلبي.
الثاني: ليسترجع يعني بما سمع من المواعظ. أولو الألباب، أي ذوو العقول. وروى يمان بن رئاب أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

.سورة الحجر:

.تفسير الآيات (1- 3):

{الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3)}
{ألر تلك أياتُ الكتاب وقرآن مبينٍ} فيه تأويلان:
أحدهما: أن الكتاب هو القرآن، جمع له بين الاسمين.
الثاني: أن الكتاب هو التوراة والانجيل، ثم قرنها بالقرآن بالقرآن المبين. وفي المراد بالمبين ثلاثة أوجه:
أحدها: المبين إعجازه حتى لا يعارض.
الثاني: المبين الحق من الباطل حتى لا يشكلا.
الثالث: المبين الحلال من الحرام حتى لا يشتبها.
قوله عز وجل: {رُبما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} وفي زمان هذا التمني ثلاثة أقاويل:
أحدها: عند المعاينة في الدنيا حين يتبين لهم الهدى من الضلالة، قاله الضحاك.
الثاني: في القيامة إذا رأوا كرامة المؤمنين وذل الكافرين.
الثالث: إذا دخل المؤمن الجنة، والكافر النار.
وقال الحسن: إذا رأى المشركون المؤمنين وقد دخلوا الجنة وصاروا هم إلى النار تمنوا أنهم كانوا مسلمين.
وربما مستعملة في هذا الموضع للكثير، وإن كانت في الأصل موضوعة للتقليل، كما قال الشاعر:
ألا ربّما أهدت لك العينُ نظرة ** قصاراك مِنْها أنها عنك لا تجدي

وقال بعضهم هي للتقليل أيضاً في هذا الموضع، لأنهم قالوا ذلك في بعض المواضع لا في كلها.

.تفسير الآيات (4- 5):

{وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5)}
قوله عز وجل: {وما أهلكنا من قرية} يعني من أهل قرية.
{إلا ولها كتاب معلوم} يحتمل وجهين:
أحدهما: أجل مقدر.
الثاني: فرض محتوم.
قوله عز وجل: {ما تسبق من أمةٍ أجَلَها وما يَستأخرون} يحتمل وجهين:
أحدهما: لا يتقدم هلاكهم عن أجله ولا يتأخر عنه.
الثاني: لا يموتون قبل العذاب فيستريحوا، ولا يتأخر عنهم فيسلموا.
وقال الحسن فيه تأويلاً ثالثاً: ما سبق من أمة رسولها وكتابها فتعذب قبلهما ولا يستأخر الرسول والكتاب عنها.

.تفسير الآيات (6- 9):

{وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}
قوله عز وجل: {ما ننزل الملائكة إلا بالحق} فيه أربعة أوجه:
أحدها: إلا بالقرآن، قاله القاسم.
الثاني: إلا بالرسالة، قاله مجاهد.
الثالث: إلا بالقضاء عند الموت لقبض أرواحهم، قاله الكلبي.
الرابع: إلا بالعذاب إذا لم يؤمنوا، قاله الحسن.
{وما كانوا إذاً منظرين} أي مؤخَّرين.
قوله عز وجل: {إنا نحن نزلنا الذكر} قال الحسن والضحاك يعني القرآن.
{وإنا له لحافظون} فيه قولان:
أحدهما: وإنا لمحمد حافظون ممن أراده بسوء من أعدائه، حكاه ابن جرير.
الثاني: وإنا للقرآن لحافظون.
وفي هذا الحفظ ثلاثة أوجه:
أحدها: حفظه حتى يجزى به يوم القيامة، قاله الحسن.
الثاني: حفظه من أن يزيد فيه الشيطان باطلاً، أو يزيل منه حقاً، قاله قتادة.
الثالث: إنا له لحافظون في قلوب من أردنا به خيراً، وذاهبوان به من قلوب من أردنا به شراً.

.تفسير الآيات (10- 13):

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (10) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (11) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13)}
قوله عز وجل: {ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الشيع الأمم، قاله ابن عباس وقتادة.
الثاني: أن الشيع جمع شيعة، والشيعة الفرقة المتآلفة المتفقة الكلمة، فكأن الشيع الفرق، ومنه قوله تعالى: {أو يلبسكم شيَعاً} [الأنعام: 65] أي فرقاً، وأصله مأخوذ من الشياع وهو الحطب الصغار يوقد به الكبار، فهو عون النار.
الثالث: أن الشيع القبائل، قاله الكلبي.
قوله عز وجل: {كذلك نسلكه في قلوب المجرمين} فيه أربعة أوجه:
أحدها: كذلك نسلك الاستهزاء في قلوب المجرمين، وإن لم يعرفوا، قاله قتادة.
الثاني: كذلك نسلك التكذيب في قلوب المجرمين، قاله ابن جريج.
الثالث: كذلك نسلك القرآن في قلوب المجرمين، وإن لم يؤمنوا، قاله الحسن.
الرابع: كذلك إذا كذب به المجرمون نسلك في قلوبهم أن لا يؤمنوا به.
قوله عز وجل: {لا يؤمنون به} يحتمل وجهين:
أحدهما: بالقرآن أنه من عند الله.
الثاني: بالعذاب أن يأتيهم.
{وقد خلت سنة الأولين} السنة: الطريقة، قال عمر بن أبي ربيعة:
لها من الريم عيناه وسُنّتُهُ ** ونحرُه السابق المختال إذ صَهَلا

فيه وجهان:
أحدهما: قد خلت سنة الأولين بالعذاب لمن أقام على تكذيب الرسل.
الثاني: بأن لا يؤمنوا برسلهم إذا عاندوا.
ويحتمل ثالثاً: بأن منهم مؤمناً وكافراً.
كما يحتمل رابعاً: من أقام على الكفر بالمعجزات بعد مجيء ما طلب من الآيات.

.تفسير الآيات (14- 15):

{وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15)}
قوله عز وجل: {ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون} فيه وجهان:
أحدهما: فظل هؤلاء المشركون يعرجون فيه، قاله الحسن وقتادة.
الثاني: فظلت الملائكة فيه يعرجون وهم يرونهم، قاله ابن عباس والضحاك.
قوله عز وجل: {لقالوا إنما سكرت أبصارنا} في {سكرت} قراءتان:
إحداهما بتشديد الكاف، والثانية بتخفيفها، وفي اختلافهما وجهان:
أحدهما: معناهما واحد، فعلى هذا ستة تأويلات:
أحدها: سُدّت، قاله الضحاك.
الثاني: عميت، قاله الكلبي.
الثالث: أخذت، قاله قتادة.
الرابع: خدعت، قاله جويبر.
الخامس: غشيت وغطيت، قاله أبو عمرو بن العلاء، ومنه قول الشاعر:
وطلعت شمسٌ عليها مغفر ** وجَعَلَتْ عين الحرورو تسكر

السادس: معناه حبست، قاله مجاهد. ومنه قول أوس بن حجر:
فصرن على ليلة ساهرة ** فليست بطلقٍ ولا ساكرة

والوجه الثاني: أن معنى سكرت بالتشديد والتخفيف مختلف، وفي اختلافهما وجهان:
أحدهما: أن معناه بالتخفيف سُحِرَتْ، وبالتشديد: أخذت.
الثاني: أنه بالتخفيف من سُكر الشراب، وبالتشديد مأخوذ من سكرت الماء.
{بل نحن مسحورون} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أي سحرنا فلا نبصر.
الثاني: مضللون، حكاه ثعلب.
الثالث: مفسدون.