فصل: تفسير الآية رقم (6):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الجلالين (نسخة منقحة)




.سورة الفاتحة:

.تفسير الآيات (1- 2):

{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)}
{الحمد للَّهِ} جملة خبرية قصد بها الثناء على الله بمضمونها من أنه تعالى مالك: لجميع الحمد من الخلق أو مستحق لأن يحمدوه والله علم على المعبود بحق {رَبّ العالمين} أي مالك جميع الخلق من الإنس والجنّ والملائكة والدواب وغيرهم وكل منها يطلق عليه عالم، يقال: عالم الإنس وعالم الجنّ إلى غير ذلك. وغلب في جمعه بالياء والنون أولو العلم على غيرهم وهو من العلامة لأنه علامة على موجده.

.تفسير الآية رقم (3):

{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3)}
{الرحمن الرحيم} أي ذي الرحمة وهي إرادة الخير لأهله.

.تفسير الآية رقم (4):

{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)}
{مالك يَوْمِ الدين} أي الجزاء وهو يوم القيامة وخص بالذكر لأنه لا ملك ظاهرا فيه لأحد إلا لله تعالى بدليل {لمن الملك اليوم لله الواحدالقهارِ} [40: 16] ومن قرأ مالك فمعناه مالك الأمر كله في يوم القيامة: أي هو موصوف بذلك دائما ك {غافر الذنب} [40: 3] فصح وقوعه صفة لمعرفة.

.تفسير الآية رقم (5):

{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)}
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أي نخصك بالعبادة من توحيد وغيرهونطلب المعونة على العبادة وغيرها.

.تفسير الآية رقم (6):

{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)}
{اهدنا الصراط المستقيم} أي أرشدنا إليه ويبدل منه.

.تفسير الآية رقم (7):

{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)}
{صِرَاطَ الذين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} بالهداية ويبدل من الذين بصلته {غَيْرِ المغضوب عَلَيْهِمْ} وهم اليهود {وَلاَ} وغير {الضالين} وهم النصارى ونكتة البدل إفادة أن المهتدين ليسوا يهوداً ولا نصارى.
والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا دائما أبدا، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

.سورة البقرة:

.تفسير الآية رقم (1):

{الم (1)}
{الم} الله أعلم بمراده بذلك.

.تفسير الآية رقم (2):

{ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)}
{ذلك} أي هذا {الكتاب} الذي يقرؤه محمد {لاَ رَيْبَ} لا شك {فِيهِ} أنه من عند الله وجملة النفي خبر مبتدؤه ذلك والإشارة به للتعظيم {هُدًى} خبر ثانٍ أي هاد {لّلْمُتَّقِينَ} الصائرين إلى التقوى بامتثال الأوامر واجتناب النواهي لاتقائهم بذلك النار.

.تفسير الآية رقم (3):

{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)}
{الذين يُؤْمِنُونَ} يصدِّقون {بالغيب} بما غاب عنهم من البعث والجنة والنار {وَيُقِيمُونَ الصلاة} أي يأتون بها بحقوقها {وَمِمَّا رزقناهم} أعطيناهم {يُنفِقُونَ} في طاعة الله.

.تفسير الآية رقم (4):

{وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)}
{والذين يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ} أي القرآن {وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ} أي التوراة والإنجيل وغيرهما {وبالأخرة هُمْ يُوقِنُونَ} يعلمون.

.تفسير الآية رقم (5):

{أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)}
{أولئك} الموصوفون بما ذكر {على هُدًى مّن رَّبّهِمْ وأولئك هُمُ المفلحون} الفائزون بالجنة الناجون من النار.

.تفسير الآية رقم (6):

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6)}
{إِنَّ الذين كَفَرُواْ} كأبي جهل وأبي لهب ونحوهما {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ءأَنذَرْتَهُمْ} بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ألفاً وتسهيلها وإدخال ألف بين المسهَّلة والأخرى وتركه {أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} لعلم الله منهم ذلك فلا تطمع في إيمانهم والإنذار إعلام مع تخويف.

.تفسير الآية رقم (7):

{خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)}
{خَتَمَ الله على قُلُوبِهِمْ} طبع عليها واستوثق فلا يدخلها خير {وعلى سَمْعِهِمْ} أي مواضعه فلا ينتفعون بما يسمعونه من الحق {وعلى أبصارهم غشاوة} غطاء فلا يبصرون الحق {وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ} قوي دائم.

.تفسير الآية رقم (8):

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8)}
ونزل في المنافقين {وَمِنَ الناس مَن يَقُولُ ءامَنَّا بالله وباليوم الأخر} أي يوم القيامة لأنه آخر الأيام {وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ} روعي فيه معنى (مَن)، وفي ضمير (يقول) لفظها.

.تفسير الآية رقم (9):

{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9)}
{يخادعون الله والذين ءامَنُوا} بإظهار خلاف ما أبطنوه من الكفر ليدفعوا عنهم أحكامه الدنيوية {وَمَا يَخْدَعُونَ إلاَّ أَنفُسَهُمْ} لأن وبال خداعهم راجع إليهم فيفتضحون في الدنيا بإطلاع الله نبيه على ما أبطنوه ويعاقبون في الآخرة {وَمَا يَشْعُرُونَ} يعلمون أن خداعهم لأنفسهم، والمخادعة هنا من واحد (كعاقبت اللص)، وذكر الله فيها تحسين، وفي قراءة وما يخدعون.

.تفسير الآية رقم (10):

{فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)}
{فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ} شك ونفاق فهو يُمْرِضُ قلوبهم أي يضعفها {فَزَادَهُمُ الله مَرَضًا} بما أنزله من القرآن لكفرهم به {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} مؤلم {بِمَا كَانُواْ يَكْذِّبُونَ} بالتشديد أي نبي الله وبالتخفيف أي في قولهم آمنا.

.تفسير الآية رقم (11):

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11)}
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ} أي لهؤلاء {لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأرض} بالكفر والتعويق عن الإيمان {قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} وليس ما نحن فيه بفساد. قال الله تعالى ردّاً عليهم:

.تفسير الآية رقم (12):

{أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12)}
{ءَلآ} للتنبيه {إِنَّهُمْ هُمُ المفسدون ولكن لاَّ يَشْعُرُونَ} بذلك.

.تفسير الآية رقم (13):

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13)}
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ءامِنُواْ كَمَا ءامَنَ الناس} أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم {قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السفهاء} الجهال؟ أي: لا نفعل كفعلهم. قال تعالى ردّاً عليهم: {أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ السفهاء ولكن لاَّ يَعْلَمُونَ} ذلك.

.تفسير الآية رقم (14):

{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14)}
{وَإِذَا لَقُواْ} أصله لقيوا حذفت الضمة للاستثقال ثم (الياء) لالتقائها ساكنة مع الواو {الذين ءامَنُواْ قَالُوا ءامَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ} منهم ورجعوا {إلى شياطينهم} رؤسائهم {قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ} في الدين {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ} بهم بإظهار الإيمان.

.تفسير الآية رقم (15):

{اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15)}
{الله يَسْتَهْزِئ بِهِمْ} يجازيهم باستهزائهم {وَيَمُدُّهُمْ} يُمهلهم {فِي طغيانهم} بتجاوزهم الحد بالكفر {يَعْمَهُونَ} يترددون تحيُّراً حال.

.تفسير الآية رقم (16):

{أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16)}
{أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى} أي استبدلوها به {فَمَا رَبِحَت تجارتهم} أي: ما ربحوا فيها بل خَسروا لمصيرهم إلى النار المؤبدة عليهم {وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ} فيما فعلوا.

.تفسير الآية رقم (17):

{مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17)}
{مّثْلُهُمْ} صفتهم في نفاقهم {كَمَثَلِ الذي استوقد} أوقد {نَارًا} في ظلمة {فَلَمَّا أَضَاءتْ} أنارت {مَا حَوْلَهُ} فأبصر واستدفأ وأمِنَ ما يخافه {ذَهَبَ الله بِنُورِهِمْ} أطفأه وجُمِعَ الضمير مراعاة لمعنى (الذي) {وَتَرَكَهُمْ فِي ظلمات لاَّ يُبْصِرُونَ} ما حولهم متحيرين عن الطريق خائفين فكذلك هؤلاء آمِنُوا بإظهار كلمة الإيمان فإذا ماتوا جاءهم الخوف والعذاب.

.تفسير الآية رقم (18):

{صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18)}
هم {صُمٌّ} عن الحق فلا يسمعونه سماع قبول {بِكُمْ} خرس عن الخير فلا يقولونه {عُمْىٌ} عن طريق الهدى فلا يرونه {فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ} عن الضلالة.

.تفسير الآية رقم (19):

{أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19)}
{أَوْ} مثلهم {كَصَيّبٍ} أي كأصحاب مطر وأصله (صَيْوب) من (صاب يَصُوب) أي ينزل {مِّنَ السماء} السحاب {فِيهِ} أي السحاب {ظلمات} متكاثفة {وَرَعْدٌ} هو الملك الموكل به وقيل صوته {وَبَرْقٌ} لمعان سَوْطِه الذي يزجره به {يَجْعَلُونَ} أي أصحاب الصِّيب {أصابعهم} أي أناملهم {فئاذَانِهِم مِّنَ} أجل {الصواعق} شدّة صوت الرعد لئلا يسمعوها {حَذَرَ} خوف {الموت} من سماعها. كذلك هؤلاء: إذا نزل القرآن وفيه ذكر الكفر المشبه بالظلمات، والوعيدُ عليه المشبه بالرعد والحجج البينة المشبهة بالبرق يسدّون آذانهم لئلا يسمعوه فيميلوا إلى الإيمان وترك دينهم وهو عندهم موت {والله مُحِيطٌ بالكافرين} علماً وقدرةً فلا يفوتونه.

.تفسير الآية رقم (20):

{يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)}
{يَكَادُ} يقرب {البرق يَخْطَفُ أبصارهم} يأخذها بسرعة {كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ} أي في ضوئه {وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ} وقفوا، تمثيل لإزعاج ما في القرآن من الحجج قلوبَهم وتصديقهم لما سمعوا فيه مما يحبون ووقوفهم عما يكرهون. {وَلَوْ شَاءَ الله لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ} بمعنى أسماعهم {وأبصارهم} الظاهرة كما ذهب بالباطنة {إِنَّ الله على كُلِّ شَئ} شاءه {قَدِيرٌ} ومنه إذهاب ما ذُكِرَ.

.تفسير الآية رقم (21):

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)}
{يا أَيُّهَا الناس} أي أهل مكة {اعبدوا} وحدوا {رَبَّكُمُ الذي خَلَقَكُمْ} أنشأكم ولم تكونوا شيئا {وَ} خلق {الذين مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} بعبادته عقابه، (ولعلَّ) في الأصل للترجي وفي كلامه تَعالى: للتحقيق.