فصل: تفسير الآيات (36- 37):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روائع البيان في تفسير آيات الأحكام



.خاتمة البحث:

حكمة التشريع:
أوجبت الشريعة الإسلامية الغراء على المسلمين قتال أهل الكفر والعدوان، ممن أبوا أن يدخلوا في دين الله، وأن ينعموا بظلال الإسلام الوارفة، وأحكامه العادلة، ويستجيبوا لدعوة الحق التي فيها الخير والسعادة لني الإنسانية جمعاء.
وقد استثنى الباري جل وعلا من قتال الكفار أهل الكتاب، فأمر بدعوتهم إلى الدخول في الإسلام فإن أبوا دفعوا الجزية، وإلاّ وجب قتالهم حتى يفيئوا إلى دين الله، ويرضوا بحكم الله جل وعلا: {حتى يُعْطُواْ الجزية عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] والجزية هي- في الحقيقة- رمزٌ للخضوع والإذغان، رمزٌ لقبول غير المسلم بالعيش في ظل نظام الإسلام، رمزٌ لإظهار الطاعة والرضى والانقياد للدولة الإسلامية، وهي بعد ذلك تعبيرٌ عن مبدأ التعاون، بين الذميين والدولة الإسلامية ممثلة في خليفة المسلمين، بحيث لا يكون هناك خروجٌ عن الطاعة، ولا تمرد على نظام الإسلام، أو بتعبير آخر: الاستسلام لحكم الإسلام، والرضى بكل تشريعاته وأحكامه.
وإذا كان المسلم يدفع زكاة ماله كل عام لتنفق في مصارفها التي حدّدها القرآن الكريم، فإن هذا الذمي المعاهد (اليهودي أو النصراني) لا يكلف بدفع الزكاة، وإنما يكلف بدفع الجزية وهي مبلغ يسير زهيد، لا يزيد على ثمانية وأربعين درهماً في العام مقابل الدفاع عنه، وحمايته ونصرته، ومقابل استمتاعه بالمرافق العامة للدولة التي يعيش في كنفها، وتحت ظل حكمها، فليس الهدف إذاً من الجزية الجباية وسلب الأموال، وإنما الهدف الاطمئنان إلى رضى أهل الكتاب بالعيش في ظلال حكم الإسلام، والانقياد، والطاعة لأحكامه وأوامره، وصدق من قال: إنّ الله لم يبعث المسلمين ليكونوا جباة وإنما بعثهم ليكونوا هداة!!

.سورة الحج:

.تفسير الآيات (36- 37):

{وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37)}
22- سورة الحج:
[1] التقرب إلى الله بالهدي الأضاحي:

.التحليل اللفظي:

{والبدن}: جمع بدنة وهي اسم للواحد من الإبل، ذكراً أو أنثى، وسميت بذلك لعظم بدنها، وقد اشتهر إطلاقها في الشرع على البعير الذي يهدى للكعبة.
{صَوَآفَّ}: جمع صافة وهي التي قد صُفَت قوائمها للذبح، والبعير ينحر قائماً. ومن قرأ (صوافن) فالصافن التي تقوم على ثلاث، والبعير إذا أرادوا نحره تعقل إحدى يديه فهو الصافن.
{وَجَبَتْ جُنُوبُهَا}: أي سقطت جنوبها، والجُنُوبَ جمع جَنْب وهو الشق، أي إذا سقطت على الأرض يقال: وجب الحائط وجبةً إذا سقط، ووجب القلب وجيباً إذا تحرك من فزع، وسقوط الجنوب كناية عن الموت ومفارقة الروح بعد الذبح.
{القانع والمعتر}: القانع الراضي بما قدّر الله له من الفقر والبؤس، العفيف الذي لا يتعرض لسؤال الناس، مأخوذ من قنع يقنع إذا رضي.
وأمّا المعْترّ فهو الذي يتعرض لسؤال الناس، فهو كالمعتري الذي يعتري الأغنياء ويذهب إليهم المرة بعد المرة، وقيل بالعكس، القانع: السائل، والمعتر الذي لا يسأل الناس.
قال ابن عباس: القانع الذي يسأل، والمعتر الذي يتعرض ولا يسأل، واختاره الفرّاء.

.وجه الارتباط بالآيات السابقة:

ذكر الله تعالى في الآيات السابقة أن طريق التقوى إنما هو في تعظيم شعائر الله والالتزام بما شرعه من الأحكام وقد امتنّ الله على عباده بأن جعل لهم البُدْن يسوقونها إلى مكة قٌربة عظيمة، حيث جعلها شعيرة من شعائر الله، وعلماً من أعلام دينه، ودليلاً على طاعته، ففي سوقها للحرم ونحرها هناك خيرٌ عظيم، وثواب كبير، يناله أصحابها في الآخرة.

.المعنى الإجمالي:

يقول الله جل ثناؤه ما معناه: لقد جعلنا لكم- أيها المؤمنون- الإبل من شعائر دين الله، لكم فيها عبادة لله، من سوقها إلى البيت، وتقليدها، وإشعارها، ونحرها، والإطعام منها، لكم فيها النفع في الدنيا، والأجر في الآخرة، فاذكروا اسم الله عند نحرها، قائماتٍ قد صففن أيديهنّ وأرجلهنّ، فإذا سقطت جنوبها على الأرض بعد نحرها، وسكنت حركتها، فكلوا منها وأطعموا السائل المحتاج، والمعتر الذي يتعرض للسؤال ولا يسأل، مثل ذلك التسخير الذي تشاهدون، سخرناها وذلّلناها لكم مع قوتها وعظم أجسامها، وجعلناها منقادة لكم تفعلون بها ما شئتم من نحرٍ وركوب، وحلبٍ وغير ذلك من وجوه المنافع، ولولا تسخيرها لكم لم تقدروا عليها لأنها أقوى منكم، فاشكروا الله على نعمه وآلائه التي لا تعد ولا تحصى.
ثم بيّن الله تعالى في الآية الثانية أنه جلا وعلا لا يصل إليه شيء من لحوم هذه الأضاحي والقرابين التي يهدونها لبيته الحرام، ويذبحونها تقرباً إليه، فلا شيء من هذا يصل إلى الله أو يرضيه، وإنما يرضيه جلّ وعلا امتثال الأمر منكم وطاعته وتقواه، فالأعمال إنما تكون مقبولة بمقدار التقوى والإخلاص فيها، وبدون التقوى والإخلاص تكون أشبه بصور أجسام لا روح فيها ولا حياة، فلا يظن أنه ينال ثواب الله باللحم يقطعه وينشره، ولا بالدم يلطخ به الكعبة الطاهرة، فعل أهل الشرك في الجاهلية وإنما ينال ذلك بتقوى الله، والبعد عن مثل تلك الأعمال التي تجافي روح الإسلام وطهارته.
ثمّ ختم الله تعالى هذه الآية بتذكير المؤمنين بوجوب شكره وتعظيمه على ما سخّر لهم من الأنعام، يتقربون بها إلى المولى جل وعلا، فيأكلون من لحومها، ويتصدقون ببعضها، لينالوا الأجر من الله والثواب العظيم، وليبشرهم بالفضل العميم في جنات النعيم.

.سبب النزول:

روي عن ابن عباس ومجاهد رضي الله عنهما أن جماعة من المسلمين كانوا قد همّوا أن يفعلوا بذبائحهم فعل أهل الجاهلية، يقطعون لحومها وينشرونها حول الكعبة، وينضحون على الكعبة من دمائها، فلما أسلموا وعزموا على ذلك نزلت الآية الكريمة تزجرهم عن هذا الفعل، وترشدهم إلى ما هو الأجدرُ بهم والأليق.

.وجوه القراءات:

قرأ الجمهور: {فاذكروا اسم الله عَلَيْهَا صَوَآفَّ} جمع صافّة، وقرئ (صوافن) جمع صافنة وهي القائمة على ثلاث قوائم والرابعة مرفوعة، وقرئ (صوافي) جمع صافية بمعنى خالصة لله تعالى.

.وجوه الإعراب:

أولاً: قوله تعالى: {والبدن جَعَلْنَاهَا} البُدنَ: مفعول مقدم لجعلنا مثل قوله تعالى: {والقمر قَدَّرْنَاهُ} [يس: 39] وقرئ برفعها (والبُدنُ) على الابتداء.
ثانياً: قوله تعالى: {لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} الجار والمجرور خبر مقدم و(خيرٌ) مبتدأ مؤخر.
ثالثاً: قوله تعالى: {صَوَآفَّ} منصوب على الحال وهو حال من المفعول البدن.
رابعاً: قوله تعالى: {كذلك سَخَّرَهَا لَكُمْ} كذلك: نعتٌ لمصدرٍ محذوف تقديره سخرناها لكم تسخيراً كذلك التسخير العجيب، وعلى هذا تكون الكاف صلة، ويصح أن تكون على معناها مفيدة للتشبيه ويكون ذلك من تشبيه الشيء بنفسه مبالغة.

.لطائف التفسير:

اللطيفة الأولى: بيّن الباري جل وعلا أن تسخيره الأنعام لبني آدم، نعمةٌ من إنعامه تستوجب الشكر وقد جاء هذا الامتنان على العباد (مجملاً) في هذه الآية: {لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} وجاء التفصيل في آيات أخرى كقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ * وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ} [يس: 71-73] وكقوله: {والأنعام خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إلى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأنفس إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [النحل: 5-7].
اللطيفة الثانية: المراد من قوله تعالى: {مِّن شَعَائِرِ الله} أي من أعلام الشريعة التي شرعها الله لعباده، وإضافتها إلى الله جلّ وعلا للتعظيم مثل: {نَاقَةُ الله} [الأعراف: 73]، و(بيت الله) وإنما كانت هذه البُدنُ من الشعائر، لأن الغرض منها التقرب إلى الله بالهدايا والضحايا وغيرها من وجوه البر والإحسان.
اللطيفة الثالثة: في قوله تعالى: {فاذكروا اسم الله عَلَيْهَا صَوَآفَّ} إشارة لطيفة إلى أنّ الإبل لا تذبح ذبحاً وإنما تُنحر نحراً، وأنّ المطلوب عند نحرها أن تكون قائمة قد صُفّت أيديها وأرجلها، فإنّ ذلك هو الطريق الأمثل في ذبح الإبل كما وضحته السنة النبوية المطهرة.

.الأحكام الشرعية:

الحكم الأول: هل تطلق البُدن على الإبل والبقر؟
اتفق العلماء على أن البُدن اسم للواحد من الإبل ذكراً كان أو أنثى، فهي تطلق على الإبل باتفاق، وقد اشتهر في الشرع إطلاقها على البعير يهدى إلى الكعبة، واختلفوا هل تطلق البدنة على البقرة؟ باعتبار أنها تجزئ في الهَدْي والأضحية عن سبعة كالبعير على مذهبين:
أولاً- مذهب الحنفية: أن البدنة تطلق على البقرة كما تطلق على البعير، فهي من قبيل المشترك في المعنيين، فمن نذر بدنةً أجزأته بقرة فهي مثلها في اللفظ والحكم، وبهذا قال (عطاء) و(سعيد بن المسيّب) واستدلوا بما يلي:
1- روي عن جابر رضي الله عنه أنه قال: كنّا ننحر البدنة عن سبعة، فقيل: والبقرة؟ قال: وهل هي إلاّ من البُدن؟
ب- وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: لا نعلم البُدن إلا من الإبل والبقر.
ثانياً- مذهب الشافعية: أما الشافعية فقالوا: لا تطلق البدن بالحقيقة إلاّ على الإبل، وإطلاقها على البقر إنما يكون مجازاً، فلو نذر بدنة لا تجزئه بقرة، وبهذا قال (مجاهد).
ودليلهم ما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: «تجزئ البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة» قالوا: فلهذا يدل على ما قلنا لأن العطف يقتضي المغايرة.
والظاهر أن اسم البدنة حقيقة في الإبل لقوله تعالى: {فاذكروا اسم الله عَلَيْهَا صَوَآفَّ} فالإبل هي التي تنحر واقفة بخلاف البقر فإنها تذبح ذبحاً، وقول جابر: وهل هي إلا من الإبل؟ وقول ابن عمر: لا نعلم البدن إلا من الإبل والبقر، فمحمولٌ على أنهما أرادا اتحاد الحكم فيهما، وهذا شيء غير اشتراك اللفظ بينهما والله أعلم.
الحكم الثاني: ما هو الأفضل في الهدي والأضاحي.
أجمع العلماء على أن الهدي لا يكون إلا من النعم (الإبل، البقر، الغنم، الماعز) وأن الذكر والأنثى بالنسبة للأضاحي والهدي سواءٌ، واتفقوا على أن الأفضل الإبل، ثم البقر، ثم الغنم على هذا الترتيب، لأن الإبل أنفع للفقراء لعظمها، والبقر أنفع من الشاة كذلك، وأقل ما يجزئ عن الواحد شاةٌ، والبدنةُ تجزئ عن سبعة وكذلك البقرة. واختلفوا في الأفضل للشخص الواحد:
هي يُهدي سُبْع بدنة، أو سُبْع بقرة، أو يهدي شاةً؟ والظاهر أن الاعتبار إنما يكون بما هو أنفع للفقراء، وهذا هو الأصح.
ومما يدل على أن البدنة أو البقرة تجزئ عن سبعة ما رواه جابر رضي الله عنه أنه قال: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحرنا البعير عن سبعةٍ، والبقرة عن سبعةٍ.
وللمرء أن يهدي للحرم ما يشاء من النعم، وقد أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم مائةً من الإبل، وكان هديه عليه السلام هدي تطوع.
الحكم الثالث: الأكل من لحوم الهدي.
أمر الله تعالى بالأكل من لحوم الهدي في قوله جل ثناؤه: {فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ البآئس الفقير} [الحج: 28] وهذا الأمر يتناول بظاهره (هدي التمتع) و(هدي التطوع) والهدي الواجب بسبب ارتكاب بعض المحظورات في الحج أو العمرة.
وقد اختلف الفقهاء في ذلك على عدة أقوال نلخّصها فيما يلي:
1- ذهب أبو حنيفة وأحمد إلى جواز الأكل من هدي التمتع، وهدْي القِران، وهدي التطوع، ولا يأكل من دم الجزاء.
وقال مالك رحمه الله: يأكل من هدي التمتع، والقِران، والهدي الذي ساقه لفساد حجه أو لفوات الحج، ومن الهدي كله إلا فدية الأذى، وجزاء الصيد، وما نذره للمساكين.
وقال الشافعي رحمه الله: لا يجوز الأكل من الهدي الواجب مثل دم الجزاء، وجزاء الصيد، وهدي التمتع والقِران، وإفساد الحج، وكذلك ما كان نذراً أوجبه على نفسه.
أمّا كان تطوعاً فله أن يأكل منه ويُهدي، ويتصدّق، فأباح الأكل من هدي التطوع فحسب.
ومبنى الخلاف بين الجمهور والإمام الشافعي في (هدي التمتع) أنّ الدم الواجب عندهم دم شكر فيباح له أن يأكل منه، وعنده أنه دم جزاء فلا يباح الأكل منه والتفصيل في كتب الفروع.
وقد استدل الإمام الشافعي على وجوب إطعام الفقراء من الهدايا بقوله تعالى: {فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ القانع والمعتر} وقوله: {فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ البآئس الفقير} [الحج: 28].
وقال أبو حنيفة: إن الإطعام مندوب، لأنها دماء نُسُك فتتحقق القربة فيها بإراقة الدم، أما إطعام الفقراء فهو باق على حكمه العام وهو الندب.
الحكم الرابع: وقت الذبح ومكانه.
اختلف العلماء في وقت ذبح الهدي.
فعند الشافعي: أن وقت ذبحه يوم النحر، وأيام التشريق (الثاني والثالث والرابع) من أيام عيد الأضحى، لقوله صلى الله عليه وسلم: «وكلّ أيام التشريق نحرٌ» فإن فات وقته ذبح الهدي الواجب قضاءً وأثم بالتأخير.
وعند مالك وأحمد أن وقت ذبح الهدي- سواءً كان واجباً أمّ تطوعاً- أيام النحر (الأول والثاني والثالث) من أيام عيد الأضحى، ولا يصح الذبح في اليوم الرابع.
ووافق الحنفية مذهب مالك وأحمد بالنسبة لهدي التمتع والقرآن، وأما النذر، والكفارات، والتطوع فيذبح في أي وقت كان.
وحكي عن النخي: أن وقت الذبح يمتد من يوم النحر، إلى آخر ذي الحجة.
وأما مكان الذبح- سواءً كان واجباً أم تطوعاً- فهو الحرم لقوله تعالى: {هَدْياً بَالِغَ الكعبة} [المائدة: 95] وقوله: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حتى يَبْلُغَ الهدي مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] ومَحِلّه هو الحرم فيجوز أن يذبح في أي مكان من الحرم، في مكة ومنى وغيرها من حدود الحرم لقوله صلى الله عليه وسلم: «كل مِنى منحرٌ، وكلّ المزدلفة موقفٌ، وكلّ فِجاج مكة طريق ومنحر».