فصل: بَابُ الْوُضُوءِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى الرملي



.بَابُ الْوُضُوءِ:

(سُئِلَ) رَحِمَهُ اللَّهُ هَلْ يُكْرَهُ السِّوَاكُ قَبْلَ الزَّوَالِ لِلصَّائِمِ الْمُوَاصِلِ وَلَا يُكْرَهُ بَعْدَهُ لِمَنْ تَغَيَّرَ فَمُهُ فِيهِ بِسَبَبٍ غَيْرِ الصَّوْمِ؟
(فَأَجَابَ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ سِوَاكُ الصَّائِمِ الْمُوَاصِلِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَا يُكْرَهُ بَعْدَهُ لِمَنْ تَغَيَّرَ فَمُهُ فِيهِ بِسَبَبٍ غَيْرِ الصَّوْمِ.
(سُئِلَ) مَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ: يُسَنُّ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ إذَا صَلَّى بِالْأَوَّلِ صَلَاةً هَلْ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ سُنَّةِ الْوُضُوءِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى التَّسَلْسُلِ وَتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا تَأْخِيرًا فَاحِشًا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ قَوْلَهُمْ الْمَذْكُورَ شَامِلٌ لِمَا إذَا صَلَّى بِهِ رَكْعَتَيْ سُنَّةِ الْوُضُوءِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا عَارَضَتْهُ فَضِيلَةُ الْوَقْتِ قُدِّمَتْ عَلَيْهِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ نَسِيَ السِّوَاكَ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ هَلْ يُسَنُّ لَهُ التَّدَارُكُ فِي أَثْنَائِهَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ التَّدَارُكُ بِفِعْلٍ قَلِيلٍ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ غَمَسَ الْمُتَوَضِّئُ يَدَهُ فِي رَاكِدٍ وَحَرَّكَهَا ثَلَاثًا هَلْ تَحْصُلُ لَهُ سُنَّةُ التَّثْلِيثِ بِذَلِكَ أَوْ لَا تَحْصُلُ بِهِ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ كَمَا عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ، وَقَدْ أَفْتَى السُّبْكِيُّ بِعَدَمِ حُصُولِهِ بِذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ حُصُولُ التَّثْلِيثِ بِذَلِكَ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ أَيْضًا.
(سُئِلَ) عَمَّنْ تَسَوَّكَ عِنْدَ وُضُوئِهِ، وَلَمْ يَتَسَوَّكْ عِنْدَ الصَّلَاةِ هَلْ تَكُونُ صَلَاتُهُ بِسَبْعِينَ صَلَاةً لِحَدِيثٍ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ: «فَضْلُ الصَّلَاةِ بِالسِّوَاكِ عَلَى الصَّلَاةِ بِغَيْرِ سِوَاكٍ سَبْعُونَ ضِعْفًا» أَمْ تَكُونُ كَصَلَاةِ مَنْ لَمْ يَتَسَوَّكْ لَا عِنْدَ الْوُضُوءِ، وَلَا عِنْدَ الصَّلَاةِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لِلْمُصَلِّي الثَّوَابُ الْمُرَتَّبُ عَلَى الصَّلَاةِ بِالسِّوَاكِ، وَإِنْ أُثِيبَ عَلَى إتْيَانِهِ عِنْدَ الْوُضُوءِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ هَلْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ التَّثْلِيثِ أَمْ لَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يُجْزِئُ تَعَدُّدٌ قَبْلَ تَمَامِ الْوُضُوءِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنْ تَحْصُلَ لَهُ فَضِيلَةُ تَثْلِيثِ الْمَمْسُوحِ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ الْمَذْكُورُ فَصُورَتُهُ فِي عُضْوٍ يَجِبُ اسْتِيعَابُهُ بِالتَّطْهِيرِ.
(سُئِلَ) هَلْ يَجِبُ غَسْلُ الْأُنْمُلَةِ وَالْأَنْفِ الْمُتَّخَذَيْنِ مِنْ الذَّهَبِ مَثَلًا مَعَ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي رَفْعِ حَدَثٍ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ أَوْ إزَالَةِ نَجَسٍ مُخَفَّفٍ أَوْ مُغَلَّظٍ حَتَّى يَجِبَ التَّرْتِيبُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ الْغَسْلُ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا ظَهَرَ مِنْ الْأُصْبُعِ وَالْأَنْفِ بِالْقَطْعِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ لِلْعُذْرِ وَصَارَتْ الْأُنْمُلَةُ وَالْأَنْفُ كَالْأَصْلِيَّيْنِ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمُتَوَضِّئِ نَوَيْت أَدَاءَ الطَّهَارَةِ هَلْ يَكْفِي كَمَا لَوْ قَالَ: نَوَيْت أَدَاءَ الْغُسْلِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَصِحُّ النِّيَّةُ الْمَذْكُورَةُ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْغُسْلِ فَكَمَا أَنَّ الْمُصَحَّحَ فِيهَا نِيَّةُ الْأَدَاءِ فَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا وَقَدْ عَلَّلَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ صِحَّةِ نِيَّةِ مُطْلَقِ الطَّهَارَةِ بِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ اللُّغَوِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِإِجْزَاءِ نِيَّةِ أَدَاءِ فَرْضِ الطَّهَارَةِ وَنِيَّةِ الطَّهَارَةِ الْوَاجِبَةِ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ نَوَى ذُو الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ رَفْعَ الْحَدَثِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ هَلْ تَكْفِيه هَذِهِ النِّيَّةُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا لَا تَكْفِيه.
(سُئِلَ) مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَا لَوْ اسْتَاكَ بِسِوَاكٍ نَجِسٍ حَيْثُ لَا تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ وَبَيْنَ مَا لَوْ اسْتَاكَ بِأُصْبُعٍ مُنْفَصِلَةٍ حَيْثُ تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا انْتِفَاءُ شَرْطِ السِّوَاكِ فِي الْأُولَى وَهُوَ الطَّهَارَةُ فَقَدْ قَالُوا: يَحْصُلُ السِّوَاكُ بِكُلِّ طَاهِرٍ مُزِيلٍ دُونَ الثَّانِيَةِ، وَصَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَدَقَائِقِهِ بِإِجْزَاءِ السِّوَاكِ بِأُصْبُعِ غَيْرِهِ الْخَشِنَةِ قَطْعًا انْتَهَى، وَعَلَى أُصْبُعِهِ الْمُنْفَصِلَةِ وَأُصْبُعِ غَيْرِهِ يُحْمَلُ خَبَرُ أَنَسٍ يُجْزِئُ مِنْ السِّوَاكِ الْأَصَابِعُ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ: إنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَى السُّنَنِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ فِي الْوُضُوءِ إلَّا إذَا أَتَى بِالنِّيَّةِ فِي أَوَّلِهِ كَنَوَيْتُ الْوُضُوءَ هَلْ سُنَّةُ الْوُضُوءِ مِثْلُهَا أَمْ لَا لِأَنَّهَا سُنَّةٌ تَابِعَةٌ وَلِهَذَا لَا يَحْصُلُ بِهَا الْفَرْضُ وَهَلْ الْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ أَوْ لَهَا نَظِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ نِيَّةَ سُنَّةِ الْوُضُوءِ مِثْلُ نِيَّةِ الْوُضُوءِ فِي تَحْصِيلِ ثَوَابِ سُنَّتِهِ الْمَذْكُورَةِ بَلْ هِيَ أَوْلَى مِنْهَا لِأَنَّهَا نَصٌّ فِي السُّنَنِ بِخِلَافِهَا وَإِنَّمَا عَبَّرُوا بِهَا لِقَوْلِهِمْ يُسَنُّ اسْتِصْحَابُهَا فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ.
(سُئِلَ) هَلْ يَكْفِي غَسْلُ ظَاهِرِ الْخَارِجِ الْكَثِيفِ مِنْ لِحْيَةِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِي فِيهَا ذَلِكَ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَنْشَقَ ثُمَّ تَمَضْمَضَ هَلْ تُحْسَبُ الْمَضْمَضَةُ ثُمَّ الِاسْتِنْشَاقُ أَمْ يُحْسَبُ الِاسْتِنْشَاقُ وَتَفُوتُهُ الْمَضْمَضَةُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى قَدَّمَ الِاسْتِنْشَاقَ عَلَى الْمَضْمَضَةِ حُسِبَ وَفَاتَتْ الْمَضْمَضَةُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا فَالتَّرْتِيبُ شَرْطٌ لِحَسَنَاتِهَا كَمَا لَوْ تَعَوَّذَ قَبْلَ الِاسْتِفْتَاحِ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمَجْمُوعِ خِلَافَهُ وَرَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ اغْتَسَلَ وَنَسِيَ لُمْعَةً مِنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَانْغَسَلَتْ هَلْ يَكْفِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ أَتَى بِوُضُوئِهِ لَا بِقَصْدِ النَّفْلِيَّةِ ارْتَفَعَ بِهِ حَدَثُ اللُّمْعَةِ، وَإِلَّا فَلَا يَرْتَفِعُ بِهِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ مَسَحَ جَمِيعَ رَأْسِهِ، أَوْ أَطَالَ قِيَامَهُ أَوْ رُكُوعَهُ أَوْ سُجُودَهُ أَوْ أَخْرَجَ بَعِيرًا عَنْ خَمْسٍ أَوْ بَدَنَةً عَنْ شَاةٍ هَلْ يَقَعُ الْجَمِيعُ فَرْضًا أَمْ يَقَعُ الزَّائِدُ نَفْلًا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْجَمِيعَ فَرْضٌ وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ، وَفِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّ الزَّائِدَ يَقَعُ نَفْلًا وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الدِّمَاءِ وَفِي الْمَجْمُوعِ فِي النَّذْرِ فِي الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ الْمُخْرَجَةِ عَنْ شَاةٍ أَنَّ الْفَرْضَ سُبُعُهَا، وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الزَّكَاةِ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا هُنَاكَ أَنَّ الزَّائِدَ فِي بَعِيرِ الزَّكَاةِ فَرْضٌ وَفِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ نَفْلٌ وَادَّعَى اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَى تَصْحِيحِهِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى بَعْضِ الْبَعِيرِ لَا يُجْزِئُ بِخِلَافِ بَعْضِ الْبَقِيَّةِ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا فِي الْوُضُوءِ يَنْوِي مَعَ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ بِأَنْ يُقْرِنَهَا بِهَا عِنْدَ أَوَّلِ غَسْلِهِمَا كَمَا يُقْرِنُهَا بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ هَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَتَلَفَّظُ بِالنِّيَّةِ ثُمَّ يَتَلَفَّظُ بِالْبَسْمَلَةِ وَهَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَوْ أَنَّهُ يَنْوِي بِقَلْبِهِ مَعَ التَّلَفُّظِ بِالْبَسْمَلَةِ ثُمَّ يَتَلَفَّظُ بِالنِّيَّةِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَقَعَ فِيهَا مُنَازَعَةٌ فَإِنْ تَيَسَّرَ نَقْلٌ فَاعْزُهُ لِقَطْعِ الْمُنَازَعَةِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ شَيْخِنَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا أَنَّهُ يَنْوِي بِقَلْبِهِ مَعَ تَلَفُّظِهِ بِالْبَسْمَلَةِ كَمَا فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ تَقْدِيمَ النِّيَّةِ عَلَى الْبَسْمَلَةِ يُؤَدِّي إلَى خُلُوِّ بَعْضِ الْفَرَائِضِ عَنْ التَّسْمِيَةِ، وَتَقْدِيمُ التَّسْمِيَةِ عَلَى النِّيَّةِ يُؤَدِّي إلَى خُلُوِّ بَعْضِ السُّنَنِ عَنْ النِّيَّةِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ الْغُسْلِ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالنِّيَّةِ مَعَ التَّسْمِيَةِ. اهـ. ثُمَّ إنْ أَرَادَ الْإِتْيَانَ بِأَكْمَلِ النِّيَّةِ تَلَفَّظَ بِهَا بَعْدَ التَّسْمِيَةِ.
(سُئِلَ) عَنْ مُتَوَضِّئٍ غَسَلَ عُضْوَهُ وَلَمْ يَنْفَصِلْ مَاؤُهُ عَنْهُ هَلْ تُحْسَبُ ثَانِيَةً حَتَّى لَوْ أَعَادَهُ مَرَّةً أُخْرَى حَصَلَتْ بِهَا سُنَّةُ التَّثْلِيثِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا لَا تُحْسَبُ ثَانِيَةً لِصَيْرُورَتِهِ مُسْتَعْمَلًا؛ إذْ الْعِلَّةُ فِي بَقَاءِ طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ حَالَ تَرَدُّدِهِ عَلَى الْعُضْوِ الْحَاجَةُ إلَى تَطْهِيرِ بَاقِيهِ وَعُسْرُ إفْرَادِ كُلِّ جُزْءٍ بِمَاءٍ جَدِيدٍ فَمَا دَامَ مُتَرَدِّدًا عَلَى الْعُضْوِ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ مَا دَامَتْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً إلَيْهِ، فَإِذَا تَمَّتْ الْحَاجَةُ صَارَ مُسْتَعْمَلًا فَقَدْ قَالُوا: إنَّهُ إذَا كَانَ شَعْرُ رَأْسِهِ لَا يَنْقَلِبُ فَمَسَحَ شَعْرَ رَأْسِهِ وَذَهَبَ بِيَدَيْهِ إلَى قَفَاهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُمَا فَإِنْ رَدَّهُمَا لَمْ تُحْسَبْ ثَانِيَةً لِصَيْرُورَتِهِ مُسْتَعْمَلًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ انْغَمَسَ ذُو الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ ثُمَّ أَحْدَثَ حَالَ انْغِمَاسِهِ حَيْثُ جَازَ لَهُ رَفْعُهُ بِهِ وَاضِحٌ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ بَعْدَ فَرَاغِهِ هَلْ يَضُرُّ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ وَأَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا أَمْ لَا قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا الْبَصْرِيِّينَ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَضُرُّ الشَّكُّ فِي النِّيَّةِ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَنِيَّةِ الصَّوْمِ وَاضِحٌ.
(سُئِلَ) عَمَّا إذَا نَوَى دَائِمُ الْحَدَثِ الْوُضُوءَ أَوْ فَرْضَ الْوُضُوءِ أَوْ أَدَاءَ الْوُضُوءِ هَلْ يَسْتَبِيحُ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ أَوْ النَّفَلَ فَقَطْ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَسْتَبِيحُ النَّفَلَ لَا الْفَرْضَ تَنْزِيلًا لَهُ عَلَى أَقَلِّ دَرَجَاتِ مَا يَفْعَلُ بِهِ غَالِبًا.
(سُئِلَ) عَنْ الصُّوَرِ الَّتِي يُسَنُّ فِيهَا الْوُضُوءُ كَعِنْدَ إرَادَةِ الْجُنُبِ أَكْلًا أَوْ نَوْمًا أَوْ وَطْئًا أَوْ الْمُحْدِثِ نَوْمًا وَمِنْ غِيبَةٍ وَمَسِّ مَيِّتٍ وَكَغَيْرِهَا كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَدَرْسِ عِلْمٍ هَلْ يَنْوِي فِيهِ الْوُضُوءَ لِلْأَكْلِ وَنَحْوِهِ مِمَّا ذَكَرَ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَيَصِحُّ وُضُوءُهُ وَيُصَلِّي بِهِ مِنْ النَّوَافِلِ وَالْفَرَائِضِ أَوْ يَنْوِي بِهِ ذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ، وَلَا يُصَلِّي بِهِ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرَ كَمَا قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِهِ لِلْمُحَقِّقِ الْمَحَلِّيِّ أَوْ نَوَى مَا يُنْدَبُ لَهُ وُضُوءً كَقِرَاءَةٍ أَيْ نَوَى الْوُضُوءَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَيْ لَا يَكْفِيهِ فِي النِّيَّةِ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ مَا يُنْدَبُ لَهُ جَائِزٌ مَعَ الْحَدَثِ فَلَا يَتَضَمَّنُ قَصْدُهُ قَصْدَ رَفْعِ الْحَدَثِ. اهـ. وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِأَنَّ مُرَادَ شَيْخِنَا الْمُشَارِ إلَيْهِ أَعْلَاهُ بِالِاكْتِفَاءِ بِتِلْكَ النِّيَّةِ تَحْصِيلُ السُّنَّةِ بِالْوُضُوءِ الْمَذْكُورِ، وَمُرَادُ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ عَدَمُ رَفْعِ الْحَدَثِ وَإِنْ صَحَّ الْوُضُوءُ وَرُبَّمَا يُقَالُ: مِنْ لَازِمِ الصِّحَّةِ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ مَا شَاءَ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْصُلُ الْوُضُوءُ الْمَسْنُونُ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ بِنِيَّةٍ مُتَغَيِّرَةٍ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا كَالْجُنُبِ تَوَضَّأَ عِنْدَ إرَادَةِ أَكْلِهِ أَوْ شُرْبِهِ أَوْ نَوْمِهِ أَوْ جِمَاعِهِ وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ تَتَوَضَّأُ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِهَا لِنَوْمِهَا أَوْ أَكْلِهَا أَوْ شُرْبِهَا تَنْوِي بِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ الْوُضُوءَ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يَرْتَفِعُ بِهِ الْحَدَثُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْحِكْمَةَ فِي الْوُضُوءِ الْمَذْكُورِ تَخْفِيفُ الْحَدَثِ. اهـ. فَاقْتَضَى أَنَّهُ رَفْعُ الْحَدَثِ عَنْ أَعْضَائِهِ فَلَوْ نَوَى بِهِ الْوُضُوءَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ لِلسَّعْيِ أَوْ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَوْ زِيَارَةِ قَبْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ نَحْوِهَا لَمْ يَصِحَّ فَلَا تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ لِمَا ذَكَرَ فِي السُّؤَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْدِثًا عَلَى الرَّاجِحِ كَالْوُضُوءِ بَعْدَ الْفَصْدِ أَوْ الْحِجَامَةِ أَوْ الْقَيْءِ أَوْ حَمْلِ الْمَيِّتِ، أَوْ مَسِّهِ أَوْ أَكْلِ لَحْمِ الْجَزُورِ كَفَتْهُ نِيَّةُ الْوُضُوءِ أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ نِيَّةُ الْوُضُوءِ لِذَلِكَ؛ إذْ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ يَحْصُلُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَمَا نُسِبَ لِإِفْتَائِي فِي السُّؤَالِ لَمْ أَرَهُ فِيمَا عَلَّقْته مِنْ الْفَتَاوَى، وَعَلَى تَقْدِيرِهِ فَمَحَلُّهُ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي.
(سُئِلَ) عَنْ مَحَلِّ نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ بَعْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ الْغَسْلَةَ الْأُولَى أَمْ بَعْدَ الثَّانِيَةِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ نِيَّتِهِ بَعْدَ الْغَسْلَةِ الْأُولَى لِدُخُولِ وَقْتِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ حِينَئِذٍ.
(سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ لِدَائِمِ الْحَدَثِ تَأْخِيرُ اسْتِنْجَائِهِ عَنْ وُضُوئِهِ كَالسَّلِيمِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ تَقْدِيمُ اسْتِنْجَائِهِ عَلَى وُضُوئِهِ؛ لِأَنَّ وُضُوءَهُ لَا يَرْفَعُ حَدَثَهُ وَإِنَّمَا هُوَ لِلْإِبَاحَةِ، وَلَا إبَاحَةَ مَعَ النَّجَاسَةِ فَهُوَ كَالْمُتَيَمِّمِ فَقَوْلُهُمْ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الِاسْتِنْجَاءِ عَنْ الْوُضُوءِ مَحْمُولٌ عَلَى وُضُوءِ السَّلِيمِ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِمْ الْمَذْكُورِ؛ إذْ الْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ وُجُودًا وَعَدَمًا، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ بَعْضِهِمْ عَدَمَ وُجُوبِهِ.
(سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ فِي لِحْيَةِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى وُجُوبُ غَسْلِ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا، وَإِنْ كَثُفَتْ وَخَرَجَتْ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ أَمْ لَا يَجِبُ فِي الْخَارِجِ مِنْهَا الْكَثِيفِ إلَّا غَسْلُ ظَاهِرِهِ فَقَطْ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الْخَارِجِ مِنْهَا الْكَثِيفِ إلَّا غَسْلُ ظَاهِرِهِ فَقَطْ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ غَسَلَ عُضْوَهُ ثَلَاثًا وَقَدْ أَغْفَلَ مِنْهُ لُمْعَةً فَهَلْ إذَا غَسَلَهَا ثَلَاثًا تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ التَّثْلِيثِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُحْسَبُ الْغَسْلُ مَرَّةً إلَّا إذَا اسْتَوْعَبَ الْعُضْوَ فَلَا تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ التَّثْلِيثِ بِمَا فَعَلَهُ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ شَكَّ بَعْدَ تَمَامِ وُضُوئِهِ هَلْ اسْتَنْجَى أَوْ لَا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِنْجَاءُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِنْجَاءُ كَمَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ الْوُضُوءِ فِي طَهَارَةِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ.
(سُئِلَ) هَلْ تَكْفِي دَائِمَ الْحَدَثِ نِيَّتُهُ الطَّهَارَةَ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَكْفِيه نِيَّتُهُ الْمَذْكُورَةُ وَمَا فِي مَعْنَاهَا.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ تَوَضَّأَ مَرَّةً ثُمَّ مَرَّةً ثُمَّ مَرَّةً هَلْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ التَّثْلِيثِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَوْ لَا تَحْصُلُ لَهُ كَمَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ وَاقْتَصَرَ عَلَى نَقْلِهِ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَفْتَى بِهِ الْأَصَحُّ عَدَمُ حُصُولِ فَضِيلَةِ التَّثْلِيثِ بِالْوُضُوآتِ الْمَذْكُورَةِ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا مِنْ وَرَائِهِ وَخَلْفِهِ وَالْآخَرُ مِنْ أَمَامِهِ وَقُدَّامِهِ فَهَلْ يُكَلَّفُ تَطْهِيرَهُمَا مَعًا فِي كُلِّ وُضُوءٍ وَتَيَمُّمٍ إذَا وَجَبَ ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَطْهِيرُ وَجْهِهِ وَهُوَ مَا كَانَ أَمَامَهُ مِنْ جِهَةِ قُبُلِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوَاجَهَةَ الْمَأْخُوذَ مِنْهَا الْوَجْهُ إنَّمَا تَقَعُ بِهِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ وَرَائِهِ مِنْ جِهَةِ دُبُرِهِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ تَطْهِيرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، وَلَا التَّيَمُّمِ، وَقَدْ قَالُوا: لَوْ نَبَتَتْ لَهُ يَدٌ زَائِدَةٌ أَوْ رِجْلٌ زَائِدَةٌ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ، وَلَا مُحَاذِيَةٌ لَمْ يَجِبْ غَسْلُ شَيْءٍ مِنْهَا، وَإِنْ نَبَتَتْ بِمَحَلِّ التَّحْجِيلِ الْمَطْلُوبِ تَطْهِيرُهُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ وُجُوبِ تَطْهِيرِ الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بِالْأَوْلَى.
(سُئِلَ) عَمَّنْ تَوَضَّأَ لِيُصَلِّيَ بِهِ بِمَكَانٍ نَجِسٍ لَا يُعْفَى عَنْهُ هَلْ يَصِحُّ وُضُوءُهُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ قَطَعَ وُضُوءَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ هَلْ يُثَابُ عَلَى مَا فَعَلَهُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَى مَا مَضَى مِنْ وُضُوئِهِ إذَا قَطَعَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ.
(سُئِلَ) عَنْ الْوُضُوءِ هَلْ هُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَمْ شَارَكَتْهَا الْأُمَمُ الَّتِي قَبْلَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْخَصَائِصِ فَهَلْ كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ كَوُضُوئِنَا أَمْ لَا وَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ»؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ الْحَلِيمِيُّ إلَى أَنَّ الْوُضُوءَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهَا، وَإِنَّمَا الَّذِي تَخْتَصُّ بِهِ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ فِي الْآخِرَةِ فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ فِي قِصَّةِ سَارَةَ مَعَ الْمَلِكِ الَّذِي أَعْطَاهَا هَاجَرَ أَنَّ سَارَةَ لَمَّا هَمَّ الْمَلِكُ بِالدُّنُوِّ مِنْهَا قَامَتْ تَتَوَضَّأُ وَتُصَلِّي وَفِي قِصَّةِ جُرَيْجٍ الرَّاهِبِ أَنَّهُ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ كَلَّمَ الْغُلَامَ فَعُلِمَ أَنَّ الَّذِي اخْتَصَّتْ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ هُوَ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ لَا أَصْلُ الْوُضُوءِ وَقَدْ صُرِّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إنَّ لَكُمْ سِيمَا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ غَيْرِكُمْ» وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ نَحْوُهُ وَلِلطَّحَاوِيِّ لَا يَأْتِي أَحَدٌ مِنْ الْأُمَمِ كَذَلِكَ وَسِيمَا بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ عَلَامَةٌ وَقَدْ «تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي» وَالْأَصْلُ مُشَارَكَةُ الْأُمَمِ لِأَنْبِيَائِهِمْ فِي أَحْكَامِ الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْخُصُوصِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ ضَعِيفًا، وَمَعْنَى كَوْنِهِمْ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ أَنَّ النُّورَ يَكُونُ فِي وُجُوهِهِمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ، وَإِنَّمَا قَالَ: مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ الْغُرَّةَ وَالتَّحْجِيلَ نَشَآ عَنْ الْفِعْلِ بِالْمَاءِ.
(سُئِلَ) عَنْ الْمُتَوَضِّئِ إذَا أَرَادَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ أَوْ حُضُورَ دَرْسِ عِلْمٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ هَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ تَجْدِيدُهُ.
(سُئِلَ) هَلْ يُكْمِلُ الْمُتَوَضِّئُ بِالْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ الْعَاصِي بِلُبْسِهَا.
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُكْمِلُ بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ تَوَضَّأَ إلَّا رِجْلَيْهِ ثُمَّ سَقَطَ فِي مَاءِ نَهْرٍ أَوْ غَيْرِهِ هَلْ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِلنِّيَّةِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَ ذَاكِرًا لِلنِّيَّةِ حَالَ سُقُوطِهِ فِي الْمَاءِ ارْتَفَعَ حَدَثُ رِجْلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا.
(وَسُئِلَ) عَنْ مَحَلِّ السِّوَاكِ فِي الْوُضُوءِ هَلْ هُوَ قَبْلَ النِّيَّةِ وَغَسْلِ الْكَفَّيْنِ أَوْ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَضْمَضَةِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ أَوَّلُ مَا يُبْدَأُ بِالسِّوَاكِ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَفَّالُ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي الْإِقْنَاعِ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ وَمَالَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ الْحَدِيثُ وَالنَّصُّ. اهـ. وَلَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَ النَّوَوِيِّ فِي مِنْهَاجِهِ: وَالتَّسْمِيَةُ أَوَّلُهُ؛ لِأَنَّ السِّوَاكَ لَيْسَ مِنْ الْوُضُوءِ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ سُنَنِهِ.
(وَسُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ: وَإِطَالَةُ غُرَّتِهِ وَتَحْجِيلِهِ أَنَّ الْغُرَّةَ وَالتَّحْجِيلَ غَسْلُ الْجُزْءِ الزَّائِدِ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لِيَتِمَّ غَسْلُهُمَا فَهُوَ وَاجِبٌ كَغَيْرِهِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْوَاجِبِ فِي قَوْلِ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ وَغَيْرِهِ هِيَ غَسْلُ مَا زَادَ عَلَى الْوَاجِبِ أَصَالَةً وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ إعَادَةُ الضَّمِيرِ فِي عِبَارَتِهِ مُؤَنَّثًا فَيُتَوَهَّمُ مِنْهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْإِطَالَةُ فَيَفْسُدُ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ بَلْ الْمُرَادُ الْغُرَّةُ كَمَا تَقَرَّرَ وَغَلَبَتْ عَلَى غَيْرِهَا لِشَرَفِ مُتَعَلَّقِهَا عَلَى غَيْرِهِ، وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْغُرَّةَ وَالتَّحْجِيلَ هُوَ مَا ذَكَرَ فَيُسْتَحَبُّ إطَالَتُهُ وَغَايَتُهُ فِي الْوَجْهِ إلَى رُبْعِ الرَّأْسِ، وَفِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إلَى الْمَنْكِبِ وَالرُّكْبَةِ هَلْ هَذَا الْقَائِلُ مُصِيبٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ شَامِلٌ لِمَحَلِّ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ وَلَا يَصِحُّ غَيْرُهُ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ بِيضَ الْوُجُوهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ» وَقَوْلُ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ بَعْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ: إطَالَةُ غُرَّتِهِ وَتَحْجِيلِهِ وَهِيَ غَسْلُ مَا فَوْقَ الْوَاجِبِ مِنْ الْوَجْهِ فِي الْأَوَّلِ، وَمِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فِي الثَّانِي تَفْسِيرُ الْإِطَالَةِ الَّتِي هِيَ السُّنَّةُ وَلَا يَصِحُّ عَوْدُهُ عَلَى الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ إذْ كَانَ يَقُولُ: وَهُمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَلِشُمُولِهَا لِمَحَلِّ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ فَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ.