فصل: كِتَابُ الطَّلَاقِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى الرملي



.كِتَابُ الطَّلَاقِ:

(سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَفْعَلُ الشَّيْءَ الْفُلَانِيِّ، ثُمَّ فَعَلَهُ هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) نَعَمْ يَقَعُ عَلَى الْحَالِفِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ صَرِيحٌ فِيهِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى سَائِرِ مَذَاهِبِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ فِيهَا: تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ وُقُوعُ ذَلِكَ عَلَى الْمَذَاهِبِ كُلِّهَا أَيُّهُمَا الْمُعْتَمَدُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ قَالَ الْغَزِّيُّ: إنَّهُ الْأَقْوَى إذْ لَوْ أَتَى شَخْصٌ بِصَرِيحِهِ وَقَالَ: لَمْ أَنْوِ بِهِ طَلَاقًا لَمْ يُقْبَلْ بِالْإِجْمَاعِ وَاحْتَجَّ لَهُ الْخَطَّابِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} وَلِأَنَّا لَوْ لَمْ نَقُلْ بِذَلِكَ لَتَعَطَّلَتْ الْأَحْكَامُ وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إلَّا دَاوُد الظَّاهِرِيَّ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَجَوَابُهُ أَنَّ التَّخْصِيصَ دَخَلَهُ بِالْإِجْمَاعِ وَقَدْ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إنَّ الْمُحَقِّقِينَ لَا يُقِيمُونَ لِلظَّاهِرِيَّةِ وَزْنًا وَأَنَّ خِلَافَهُمْ لَا يُعْتَبَرُ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَكْرَهَ شَخْصٌ شَخْصًا عَلَى أَنْ يَقْبِضَ مِنْ شَخْصٍ شَيْئًا، ثُمَّ أَكْرَهَهُ حَتَّى أَخَذَ مِنْهُ ذَلِكَ فَهَلْ لِلْمُقْبِضِ الرُّجُوعُ عَلَى الْقَابِضِ الْمُكْرِهِ أَوْ لَا وَهَلْ يَشْهَدُ لِذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْوَدِيعَةِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلْمُقْبِضِ الرُّجُوعَ عَلَى الْقَابِضِ الْمُكْرِهِ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْوَدِيعَةِ، ثُمَّ إنْ دَفَعَهُ لِلْمُكْرِهِ فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ بَلْ صَرَّحَ الْأَئِمَّةُ بِأَنَّ الْكُرْهَ عَلَى إتْلَافِ الْمَالِ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَقَرَارُهُ عَلَى الْمُكْرِهِ.
(سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا أَنْ تَخْرُجَ فِي لَيْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ إلَى مَكَان مُعَيَّنٍ فَقَالَ عَقِبَ سُؤَالِهَا: إنْ خَرَجْت فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَاصِدًا بِذَلِكَ مَنْعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ لَمَّا سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا سِوَى طَلْقَةٍ وَأَنَّهَا مِمَّنْ تُبَالِي بِحَلِفِهِ، ثُمَّ خَرَجَتْ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَقَالَ لَهَا الزَّوْجُ: أَمَا عَلِمْت بِالْحَلِفِ فَقَالَتْ: نَعَمْ وَلَكِنِّي لَمْ أَخْرُجْ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَرَدْت بَلْ إلَى غَيْرِهِ وَأَنْتَ لَمْ تَقْصِدْ بِحَلِفِك إلَّا مَنْعِي مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْهِ، فَهَلْ يَصَدَّقُ الزَّوْجُ فِي قَصْدِهِ الْخَاصِّ وَيَقْضِي بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْحَالُ مَا ذَكَرَ؟
(فَأَجَابَ) نَعَمْ يَصَدَّقُ الزَّوْجُ إنْ قَصَدَ ذَلِكَ الْمَكَانَ الْمُعَيَّنَ وَلَا يَحْكُمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ لِلْقَرِينَةِ، وَإِنْ قَصَدَ مَكَانًا غَيْرَ ذَلِكَ الْمَكَانِ فَلَا يَصْدُقُ وَيَحْكُمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ظَاهِرًا وَلَكِنَّهُ يَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى.
(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ مُتَزَوِّجٍ بِامْرَأَتَيْنِ قَالَ: مَتَى سَكَنْت بِزَوْجَتِي فَاطِمَةَ فِي بَلَدٍ مِنْ الْبِلَادِ، وَلَمْ تَكُنْ زَوْجَتِي أُمُّ الْخَيْرِ مَعَهَا كَانَتْ أُمُّ الْخَيْرِ طَالِقًا، ثُمَّ سَكَنَ بِالزَّوْجَتَيْنِ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى فَهَلْ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ لَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ فَسَكَنَ بِزَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى هَلْ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِسُكْنَاهُ بِزَوْجَتَيْهِ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِسُكْنَى وَاحِدَةٍ إذْ لَيْسَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَيَّدَهَا بِوَاحِدَةٍ وَلِأَنَّ لِهَذِهِ الْيَمِينِ جِهَةَ بِرٍّ وَهِيَ سُكْنَاهُ بِزَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ فِي بَلَدٍ وَمَعَهَا زَوْجَتُهُ الْأُخْرَى أُمُّ الْخَيْرِ وَجِهَةُ حِنْثٍ وَهِيَ سُكْنَاهُ بِزَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ فِي بَلَدٍ دُونَ أُمِّ الْخَيْرِ وَيُفَارَقُ هَذَا مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ خَرَجْت لَابِسَةً حَرِيرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ لَهُ حَيْثُ لَا تَنْحَلُّ حَتَّى يَحْنَثَ بِخُرُوجِهَا ثَانِيًا لَابِسَةً لَهُ بِأَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى جِهَتَيْنِ، وَإِنَّمَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِخُرُوجٍ مُقَيَّدٍ فَإِذَا وُجِدَ وَقَعَ الطَّلَاقُ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ تَشَاجَرَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ فَقَالَ لَهَا: عَلَيَّ الطَّلَاقُ إنْ طَلَبْت الطَّلَاقَ طَلَّقْتُك؛ فَقَالَتْ: طَلِّقْنِي.
فَسَكَتَ عَنْهُ فَهَلْ يَقَعُ بِذَلِكَ طَلَاقٌ أَوْ لَا وَإِذَا وَقَعَ هَلْ يَكُونُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِلَفْظِهِ الْمَذْكُورِ تَعْلِيقَ طَلَاقِهَا عَلَى طَلَبِهَا لَهُ لَمْ يَقَعْ بِمُجَرَّدِ طَلَبِهَا، ثُمَّ إنْ قَصَدَ أَنَّهُ يُطَلِّقُهَا بَعْدَ طَلَبِهَا فَوْرًا وَمَضَى بَعْدَ طَلَبِهَا زَمَنٌ أَمْكَنَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيهِ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا طَلُقَتْ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ فَوْرًا لَمْ تَطْلُقْ إلَّا عِنْدَ يَأْسِهِ مِنْ طَلَاقِهَا وَحَيْثُ وَقَعَ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ فَهُوَ رَجْعِيٌّ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَلَمْ يُكْمِلْ بِالْوَاقِعِ عَدَدَ طَلَاقِهَا.
(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ خَرَجْت فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَصَدَ إعْلَامَهَا وَمَنْعَهَا وَهِيَ مِمَّنْ تُبَالِي بِقَوْلِهِ بَعْدَ أَنْ سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ لِبَيْتِ شَخْصٍ أَوْ لِبَيْتِ شَخْصَيْنِ فَخَرَجَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ لِغَيْرِ الْبَيْتَيْنِ، ثُمَّ ادَّعَتْ بَعْدَ أَنْ سُئِلَتْ أَنَّ زَوْجَهَا لَمْ يَحْلِفْ إلَّا عَلَى الْخُرُوجِ لِبَيْتِ مَنْ سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ وَإِنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ لَمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهَا وَلَا تَطْلُقُ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهَا وَنِسْيَانِهِ أَوْ كِذْبِهَا مُعْتَقِدَةً أَنَّهُ غَيْرُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِقَبُولِ قَوْلِهَا فَهَلْ يَكُونُ جَارِيًا فِيمَا إذَا صَدَّقَهَا أَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا بِتَصْدِيقٍ وَلَا تَكْذِيبٍ أَوْ كَذَّبَهَا؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِحَلِفٍ بِطَلَاقٍ لَا بِطَلَاقٍ، وَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ إلَّا بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَى فِعْلِهِ عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا وَالْعِلْمُ وَالْعَمْدُ لَا يُعْلَمَانِ إلَّا مِنْهَا فَحَصَلَ شَكٌّ فِي وُجُودِ الصِّفَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَالطَّلَاقُ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا مَا لَوْ قَالَ: لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَدْخُلْ زَيْدُ الدَّارَ الْيَوْمَ وَشَكَّ فِي دُخُولِهِ فِي الْيَوْمِ، وَهَلْ إذَا فَسَّرَتْ مَا ادَّعَتْهُ بِأَنَّهَا لَمْ تَسْمَعْ مِنْ زَوْجِهَا إلَّا الْحَلِفَ عَلَى الْخُرُوجِ لِبَيْتِ مَنْ سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ وَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ لَمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا وَيَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهَلْ الْمَسْأَلَةُ أَوْلَى مِمَّا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ وَصَاحِبِ الْأَنْوَارِ وَمُخْتَصَرَيْ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِمْ فِيمَا إذَا فَوَّضَ إلَيْهَا الطَّلَاقَ فَطَلُقَتْ بِكِتَابَةٍ وَقَالَتْ: مَا نَوَيْت وَقَالَ الزَّوْجُ: نَوَيْت مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْ النَّاوِي وَهَلْ هَذَا الِاقْتِضَاءُ مَعْمُولٌ بِهِ وَلَا يَكُونُ قَوْلُ الزَّوْجِ إقْرَارًا بِالطَّلَاقِ، وَإِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّهُ إقْرَارٌ بِهِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ شَرْطُهُ أَنْ يُعْلِمَهُ الْمُقِرُّ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يُعْلِمْهُ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الزَّوْجَ لَا عِلْمَ لَهُ بِنِيَّتِهَا وَلَا بِخُرُوجِهَا عَالِمَةً عَامِدَةً وَهَلْ إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ قَصَدَ بِحَلِفِهِ الْمَنْعَ مِمَّا سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ ظَاهِرٌ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ وَلَا تَطْلُقُ سَوَاءٌ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فِي دَعْوَاهَا أَوْ لَا، وَإِنَّمَا حَكَمْنَا بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيمَا ذُكِرَ عَمَلًا بِقَوْلِهَا، وَإِنْ كَانَ الِاعْتِبَارُ فِي تَعْيِينِ الْفِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِقَوْلِ الزَّوْجِ لِرُجُوعِهِ إلَّا أَنَّهَا فَعَلَتْ الْخُرُوجَ جَاهِلَةً بِأَنَّهُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي تَفْسِيرِ دَعْوَاهَا بِمَا ذَكَرَتْهُ وَيَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَقَبُولُ قَوْلِهَا فِي عَدَمِ نِيَّتِهَا الطَّلَاقَ إذَا أَتَتْ بِكِنَايَتِهِ عِنْدَ تَفْوِيضِهِ إلَيْهَا أَوْلَى مِنْ قَبُولِ قَوْلِهَا فِي مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْ النَّاوِي، وَعِلْمُهَا بِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ سَمَاعُهَا لِلَفْظِ التَّعْلِيقِ قَدْ يُعْرَفُ مِنْ غَيْرِهَا، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهَا فِي عَدَمِ نِيَّتِهَا الطَّلَاقَ حَتَّى لَا يَكُونَ الزَّوْجُ مُقِرًّا بِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي أَنَّهُ قَصَدَ بِحَلِفِهِ الْمَنْعَ مِمَّا سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ ظَاهِرًا لِقِيَامِ الْقَرِينَةِ عَلَيْهِ.
(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي مِنْ جَوْزَتِي بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ عَلَى الزَّايِ وَقَالَ: أَرَدْت جَوْزَةَ حَلْقِي مَثَلًا فَهَلْ يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ وَلَا يَحْنَثُ إذَا وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَهَلْ الْعَامِّيُّ وَالْعَالِمُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَهَلْ إذَا قَالَ: مِنْ جُزْئِيٍّ أَوْ بَعْضِيٍّ مَا الْحُكْمُ وَهَلْ إذَا قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ مِنْ سَيْفِي وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يُؤَاخَذُ بِذَلِكَ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ أَوْ لَا وَهَلْ ذَلِكَ جَمِيعُهُ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ جَمِيعَ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ فِي صُوَرِ الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ فِيهِ حَتَّى لَا يَقَعَ بِهَا إلَّا بِنِيَّةٍ قَبْلَ تَمَامِ اللَّفْظِ إنْ عَزَمَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِقَوْلِهِ مِنْ جَوْزَتِي أَوْ جُزْئِيٍّ أَوْ بَعْضِيٍّ أَوْ سَيْفِي، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَإِلَّا فَهِيَ صَرِيحَةٌ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ قَبْلَ إتْيَانِهِ بِنَحْوِ جَوْزَتِي، وَالْعَامِّيُّ وَالْعَالِمُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ شَاهِدٌ لِزَيْدٍ: قُلْ لِعَمْرٍو: طَلِّقْ بِنْتِي عَلَى كَذَا فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ الشَّاهِدُ لِعَمْرٍو: قُلْ لَهُ: طَلَّقْت بِنْتَك عَلَى كَذَا فَقَالَ: عَمْرٌو: طَلُقَتْ بِنْتُهُ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يَصِحُّ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ وَيَكُونُ صَرِيحًا أَوْ كِنَايَةً؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمَا ذَكَرَ وَهُوَ صَرِيحٌ وَلَا يَضُرُّ عُدُولُهُ عَنْ الْإِضَافَةِ لِضَمِيرِ الْمُخَاطَبِ إلَى الْإِضَافَةِ لِضَمِيرِ الْغَائِبِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ قَرَّرَ لِزَوْجَتِهِ فِيمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي ثَمَنِ طَعَامٍ وَإِدَامٍ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا، ثُمَّ قَالَ: مَتَى مَضَى أُسْبُوعٌ وَلَمْ أُوفِك الْمُقَرَّرَ الْمَذْكُورَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ نَشَزَتْ فَقَطَعَ عَنْهَا زَوْجُهَا الْمُقَرَّرَ الْمَذْكُورَ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِعَدَمِ دَفْعِ الْمُقَرَّرِ لِزَوْجَتِهِ زَمَنَ نُشُوزِهَا.
(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ فِي غَدٍ يُسَافِرُ لِمَوْضِعِ كَذَا فَأَصْبَحَ فِي غَدٍ يُسَافِرُ فَوَجَدَ ضَيْفًا جَاءَ فَاشْتُغِلَ بِهِ وَفِي عَزْمِهِ السَّفَرَ لِلْمَوْضِعِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَضَى حَاجَتَهُ وَأَرَادَ السَّفَرَ فَشَرَعَ فِيهِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْغَدِ مَا يَزِيدُ عَلَى مَا يُوصِلُهُ إلَى الْمَوْضِعِ الْمَذْكُورِ فَطَرَأَ عَلَيْهِ النِّسْيَانُ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ فَهَلْ يَحْنَثُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ غَدًا فَتَلِفَ فِيهِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ أَوْ لَا يَحْنَثُ كَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ لَمْ تَخْرُجِي اللَّيْلَةَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَالَعَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ فِي اللَّيْلَةِ وَجَدَّدَ الْعَقْدَ وَلَمْ تَخْرُجْ.
وَكَمَسْأَلَةِ الْإِمَامِ السُّبْكِيّ الَّتِي فِيهَا الْحَلِفُ وَالْخُلْعُ وَخَالَفَ ابْنَ الرِّفْعَةِ وَالْبَاجِيَّ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ الْقَائِلُ فِيهَا بِعَدَمِ الْحِنْثِ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ الْمَجْعُولِ ظَرْفًا لِلْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَكَمَا لَوْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا وَمَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ فَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْعِصْيَانِ بِالتَّأْخِيرِ، وَإِنَّمَا حَنِثَ فِي مَسْأَلَةِ تَلَفِ الطَّعَامِ الْمَذْكُورَةِ، وَفِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهَا تُصَلِّي الْيَوْمَ الظُّهْرَ فَحَاضَتْ فِي وَقْتِهِ وَلَمْ تُصَلِّ وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْيَأْسَ حَصَلَ مِنْ الْبِرِّ؟
(فَأَجَابَ) نَعَمْ يَحْنَثُ الْحَالِفُ الْمَذْكُورُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ السَّفَرِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يَفْعَلْهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامِ غَدًا فَتَلِفَ مِنْ الْغَدِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ وَكَمَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَابُدَّ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا فِي الشَّهْرِ، ثُمَّ خَالَعَ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْفِعْلِ كَمَا صَوَّبَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَوَافَقَهُ الْبَاجِيُّ، وَإِنْ خَالَفَهُمَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي.
وَكَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهَا تُصَلِّي الْيَوْمَ الظُّهْرَ فَحَاضَتْ فِي وَقْتِهِ بَعْدَ تَمَكُّنِهَا مِنْ فِعْلِهِ وَلَمْ تُصَلِّ وَكَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ فَانْصَبَّ بَعْدَ إمْكَانِ شُرْبِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَلَهُ نَظَائِرُ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ إنْ لَمْ تَخْرُجِي اللَّيْلَةَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَمَسْأَلَةِ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ لَمْ تَأْكُلِي هَذِهِ التُّفَّاحَةَ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ لِأَمَتِهِ إنْ لَمْ تَأْكُلِي التُّفَّاحَةَ الْأُخْرَى فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَالْتَبَسَتَا فَخَالَعَ وَبَاعَ فِي الْيَوْمِ، ثُمَّ جَدَّدَ وَاشْتَرَى حَيْثُ يَتَخَلَّصُ وَنَحْوُهُمَا وَاضِحٌ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْمَسَائِلِ الْأُوَلِ الْفِعْلُ وَهُوَ إثْبَاتٌ جُزْئِيٌّ وَلَهُ جِهَةُ بِرٍّ وَهُوَ فِعْلُهُ وَجِهَةُ حَنِثَ بِالسَّلْبِ الْكُلِّيِّ الَّذِي هُوَ نَقِيضُهُ وَالْحِنْثُ بِمُنَاقَضَةِ الْيَمِينِ وَتَفْوِيتِ الْبِرِّ فَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْهُ وَلَمْ يَفْعَلْ حَنِثَ لِتَفْوِيتِهِ بِاخْتِيَارِهِ، وَأَمَّا الْمَسَائِلُ الْأُخَرُ فَالْمَقْصُودُ فِيهَا التَّعْلِيقُ عَلَى الْعَدَمِ وَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْآخِرِ فَإِذَا صَادَفَهَا الْآخَرُ بَائِنًا لَمْ تَطْلُقْ وَلَيْسَ هُنَا إلَّا جِهَةُ حِنْثٍ فَقَطْ فَإِنَّهُ إذَا فَعَلَ لَا نَقُولُ: بِرٌّ بَلْ لَمْ يَحْنَثْ لِعَدَمِ شَرْطِهِ وَتَعْلِيلُ السَّائِلِ لِعَدَمِ الْحِنْثِ بِأَنَّ الْحِنْثَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ إلَخْ يُرَدُّ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَا فِي الْمَسَائِلِ الْأَوَّلِ كَمَا لَا يَخْفَى وَالتَّنْظِيرُ بِمَسْأَلَةِ الْمَوْتِ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ وَقَوْلُهُ: إنَّ الْحِنْثَ فِي مَسْأَلَةِ تَلَفِ الطَّعَامِ وَمَسْأَلَةِ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهَا تُصَلِّي الْيَوْمَ الظُّهْرَ إنَّمَا هُوَ؛ لِأَنَّ الْيَأْسَ مِنْ الْبِرِّ حَصَلَ مَمْنُوعٌ، وَإِنَّمَا هُوَ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ التَّعْلِيلِ إذْ مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِيهِمَا إذَا كَانَ حَلِفُهُ بِالطَّلَاقِ، ثُمَّ خَالَعَ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْفِعْلِ وَلَمْ يَفْعَلْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.