فصل: بَابُ الْغَصْبِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى الرملي



.بَابُ الْغَصْبِ:

(سُئِلَ) رَحِمَهُ اللَّهُ عَمَّنْ غَصَبَ قَمْحًا فَبَاعَهُ ثُمَّ تَصَرَّفَ فِي ثَمَنِهِ أَوْ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ فَمَنْ مَالِكُ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَرَبِحَهُ هَلْ هُوَ الْغَاصِبُ أَوْ مَالِكُ الْقَمْحِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الثَّمَنَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ بَاذِلِهِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ اشْتَرَى الْغَاصِبُ شَيْئًا بِعَيْنِهِ فَالشِّرَاءُ بَاطِلٌ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ وَنَقْدُهُ فِيهِ فَالرِّبْحُ لَهُ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْعَلَّامَةِ الزَّرْكَشِيّ فِي قَوَاعِدِهِ إذَا جَوَّزْنَا الْمُعَامَلَةَ بِالْمَغْشُوشَةِ فَهِيَ مِثْلِيَّةٌ وَإِذَا تَلِفَتْ لَا تُضْمَنُ بِمِثْلِهَا بَلْ يَضْمَنُ قِيمَةَ الدَّرَاهِمِ ذَهَبًا وَقِيمَةُ الذَّهَبِ فِضَّةً كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ يُشْبِهُ قَوْلَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ فِي الدَّعْوَى بِهَا أَنَّهُ يَذْكُرُ قِيمَتَهَا مِنْ النَّقْدِ الْآخَرِ. اهـ. وَجَزَمَ فِي الرَّوْضِ فِي الدَّعَاوَى بِقَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ فَقَالَ وَيُقَوَّمُ مَغْشُوشُ الذَّهَبِ بِفِضَّةٍ كَعَكْسِهِ قَالَ شَارِحُهُ فَيَدَّعِي مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ نَقْدِ كَذَا قِيمَتُهَا كَذَا دِرْهَمًا أَوْ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ نَقْدِ كَذَا قِيمَتُهَا كَذَا دِينَارًا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَكَأَنَّهُ جَوَابٌ عَلَى أَنَّ الْمَغْشُوشَ مُتَقَوِّمٌ فَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِثْلِيًّا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ التَّعَرُّضُ لِلْقِيمَةِ وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهَا مِثْلِيَّةٌ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ شَيْخِنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَأَنَّهُ كَهَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ لَمْ يَرَوْا قَوْلَ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ السَّابِقِ أَنَّ هَذَا حَيْثُ لَمْ تَتْلَفْ الْمَغْشُوشَةُ فَإِنْ تَلِفَتْ لَمْ تُضْمَنْ بِمِثْلِهَا إلَى آخِرِهَا وَيَكُونُ هَذَا جَمْعًا حَسَنًا بَيْنَ الْقَوْلِ بِمِثْلِيَّةِ الْمَغْشُوشَةِ وَمُعَامَلَتِهَا مُعَامَلَةَ الْمُتَقَوِّمِ.
وَهُوَ فِقْهٌ جَيِّدٌ لَا ضَرَرَ فِيهِ مِنْ جَانِبِ الْمُعْطِي وَلَا الْآخِذِ كَمَا لَا يَخْفَى لَاسِيَّمَا لَيْسَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ سِوَى الْإِطْلَاقِ وَكَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِمَا مُقَيَّدٌ فَيُحْمَلُ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ وَأَيْضًا تَقْرِيرُ الشَّيْخَيْنِ كَلَامَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ ظَاهِرٌ فِيهِ وَلَا يُتَوَهَّمُ ذُو فَهْمٍ قَاصِرٍ أَنَّ مَسْأَلَةَ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي تَلَفٍ مَضْمُونٍ بِتَعَدٍّ مَثَلًا لَا بِتَصَرُّفٍ شَرْعِيٍّ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْأَذْرَعِيِّ وَلِأَنَّ مَسْأَلَةَ الدَّعَاوَى خَاصَّةٌ بِمَا يَقَعُ فِي الدَّعْوَى وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ لَا أَثَرَ لَهُ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا اقْتَرَضَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً مَغْشُوشَيْنِ كَمَا فِي النُّقُودِ الْآنَ أَوْ عَامَلَ بِهَا فِي نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُعَامَلَاتِ وَأَخْرَجَهَا مَالِكُهَا مِنْ يَدِهِ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ وَطَالَبَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ بِهِ مَاذَا يَقْتَضِي عَلَيْهِ الْقَاضِي أَبِقَوْلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَمَنْ تَبِعَهُ لِأَنَّهُ الْأَقْوَمُ الْأَعْدَلُ بِلَا مُعَارِضٍ مِنْ صَرِيحِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ وَهَلْ الْمُعْتَبَرُ قِيمَةُ يَوْمِ تَرَتَّبَ الْحَقُّ فِي ذِمَّةِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ أَوْ يَوْمَ طَلَبَ صَاحِبُ الْحَقِّ حَقَّهُ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ أَوْضِحُوا لَنَا ذَلِكَ مَبْسُوطًا مُشَبَّعًا مُسْتَنِدًا إلَى صَرِيحِ نَقْلٍ إنْ كَانَ فَإِنَّ حَاجَةَ الْقَضَاءِ وَالْإِفْتَاءِ دَعَتْ إلَى ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ الْجَمْعُ الْمَذْكُورُ فِي السُّؤَالِ تَقْيِيدًا لِإِطْلَاقِ كَلَامِهِمْ وَإِنَّمَا هُوَ تَخْصِيصٌ لِعُمُومِ كَلَامِهِمْ فَإِنَّ كَلَامَ ابْنِ الرِّفْعَةِ حِينَئِذٍ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الْمِثْلِيَّ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ تَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ لَكِنَّ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا يَرُدُّهُ فَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهِمَا فَمَا كَانَ مِثْلِيًّا ضُمِنَ بِمِثْلِهِ وَمَا كَانَ مُتَقَوِّمًا فَبِالْقِيمَةِ ثُمَّ فِيهَا أَيْضًا أَمَّا الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ الْمَغْشُوشَةُ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي إنْ جَوَّزْنَا الْمُعَامَلَةَ بِهَا فَهِيَ مِثْلِيَّةٌ وَلِهَذَا صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ جَوَازَ الشَّرِكَةِ فِيهَا وَقَدْ اسْتَثْنَوْا مِنْ ضَمَانِ الْمِثْلِيِّ بِمِثْلِهِ مَسَائِلَ وَلَمْ يَسْتَثْنُوا الْمَغْشُوشَةَ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ بَلْ صَرَّحُوا بِدُخُولِهَا فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ كَمَا تَقَدَّمَ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَهُوَ كَوْنُهَا مُتَقَوِّمَةً أَوْ كَوْنُهَا لَا تَصِحُّ الْمُعَامَلَةُ بِهَا فِي الْقَوَاعِدِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ وَهَذَا كُلُّهُ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا جَعَلْنَاهَا مُتَقَوِّمَةً وَقَدْ حَمَلَ الرَّافِعِيُّ فِي الدَّعَاوَى كَلَامَ أَبِي حَامِدٍ عَلَيْهِ فَقَالَ لَعَلَّهُ جَوَابٌ عَلَى أَنَّ الْمَغْشُوشَ مُتَقَوِّمٌ فَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِثْلِيًّا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ التَّعَرُّضُ.
وَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي إنْ جَوَّزْنَا الْمُعَامَلَةَ بِالْمَغْشُوشَةِ فَهِيَ مِثْلِيَّةٌ وَإِلَّا فَمُتَقَوِّمَةٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ مَا قَالَهُ فَالْأَصَحُّ جَوَازُ الْمُعَامَلَةِ بِهَا وَبِهِ يَتَرَجَّحُ كَوْنُهَا مِثْلِيَّةً فَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ مَرْدُودٌ. اهـ. وَقَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَقَضِيَّةُ كَوْنِهَا مِثْلِيَّةً عَلَى الْأَصَحِّ ضَمَانُهَا بِالْمِثْلِ وَهُوَ الْوَجْهُ. اهـ.
وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ لَمْ يُقَرِّرَا كَلَامَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ بَلْ نَبَّهَا عَلَى ضَعْفِهِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ شُرَيْحٌ فِي رَوْضَتِهِ فَقَالَ قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ وَإِنْ كَانَ يَرُوجُ فِي الْبَلَدِ زَائِفَةٌ فَادَّعَاهَا لَمْ تُسْمَعْ لِأَنَّهَا لَا تَنْضَبِطُ حَتَّى يَقُولَ قِيمَتُهَا كَذَا وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ قِيمَةِ الدَّرَاهِمِ الزَّائِفَةِ إنْ كَانَتْ تَرُوجُ فِي الْبَلَدِ وَيُتَعَامَلُ بِهَا أَوْ كَانَتْ مَعْلُومَةً وَأَصْلُ الْوَجْهَيْنِ فِي جَوَازِ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ مَجْهُولَةٌ فَفِي صِحَّةِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا مُعَيَّنَةً وَفِي الذِّمَّةِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا الْجَوَازُ فِيهِمَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رَوَاجُهَا فَتَكُونُ كَبَيْعِ الْمُعَاجِينَ وَالثَّانِي عَدَمُ الْجَوَازِ فِيهِمَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْفِضَّةُ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ كَمَا نَصَّ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ تُرَابِ الْمَعْدِنِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْفِضَّةُ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ الْمَخْلُوطِ بِالْمَاءِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ وَالثَّالِثُ تَصِحُّ الْمُعَامَلَةُ بِأَعْيَانِهَا وَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُهَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا يَصِحُّ بَيْعُ الْجَوَاهِرِ وَالْحِنْطَةِ الْمُخْتَلِطَةِ بِالشَّعِيرِ مُعَيَّنَةً وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا وَلَا قِرَاضُهَا وَالرَّابِعُ إنْ كَانَ الْغِشُّ فِيهَا غَالِبًا لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا فَيَجُوزُ قَالَ أَصْحَابُنَا وَإِذَا قُلْنَا بِالْأَصَحِّ فَبَاعَ بِدَرَاهِمَ مُطْلَقًا وَنَقْدُ الْبَلَدِ مَغْشُوشٌ صَحَّ الْعَقْدُ وَوَجَبَ مِنْ ذَلِكَ النَّقْدِ وَإِنْ قُلْنَا بِالْآخَرِ لَمْ يَصِحَّ هَكَذَا ذَكَرَ الْخُرَاسَانِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ الْمَسْأَلَةَ وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَصَاحِبُهُ صَاحِبُ الْحَاوِي إذَا كَانَ قَدْرُ الْفِضَّةِ فِي الْمَغْشُوشَةِ مَجْهُولًا فَلَهُ حَالَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْغِشُّ بِشَيْءٍ مَقْصُودٍ لَهُ قِيمَةٌ كَالنُّحَاسِ وَهَذَا لَهُ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ تَكُونَ الْفِضَّةُ غَيْرَ مُمَازِجَةٍ لِلْغِشِّ كَالْفِضَّةِ عَلَى النُّحَاسِ فَلَا تَصِحُّ الْمُعَامَلَةُ بِهَا لَا فِي الذِّمَّةِ وَلَا مُعَيَّنَةً لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْآخَرَ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلَا مُشَاهَدٍ فَلَا تَصِحُّ الْمُعَامَلَةُ بِهَا كَالْفِضَّةِ الْمَطْلِيَّةِ بِذَهَبٍ.
الثَّانِيَةُ أَنْ تَكُونَ الْفِضَّةُ مُمَازَجَةً بِنُحَاسٍ فَلَا تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ بِهَا فِي الذِّمَّةِ لِلْجَهْلِ بِهَا كَمَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْمَعْجُونَاتِ وَفِي جَوَازِهَا عَلَى أَعْيَانِهَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ وَأَبُو عَلِيِّ بْن أَبِي هَدِيَّةَ تَصِحُّ كَمَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحِنْطَةِ مَخْلُوطَةً بِشَعِيرٍ وَكَالْمَعْجُونَاتِ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فِيهَا السَّلَم الْحَالُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْغِشُّ مُسْتَهْلَكًا لَا قِيمَةَ لَهُ كَالزِّئْبَقِ وَالزِّرْنِيخ فَإِنْ كَانَ مُمْتَزِجَيْنِ لَمْ تَجُزْ الْمُعَامَلَةُ بِهَا فِي الذِّمَّةِ وَلَا مُعَيَّنَةً لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَجْهُولٌ مُمْتَزِجٌ كَتُرَابِ الْمَعْدِنِ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مُمْتَزِجَتَيْنِ بِأَنْ كَانَتْ الْفِضَّةُ عَلَى ظَاهِرِ الزِّرْنِيخِ وَالزِّئْبَقِ جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ بِأَعْيَانِهَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مُشَاهَدٌ وَلَا تَجُوزُ فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَجْهُولٌ هَذَا كُلُّهُ لَفْظُ صَاحِبِ الْحَاوِي وَقَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ وَالْحُكْمُ فِي الدَّنَانِيرِ الْمَغْشُوشَةِ كَهُوَ فِي الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ قَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَلَوْ أَتْلَفَ الدَّرَاهِمَ الْمَغْشُوشَةَ إنْسَانٌ لَزِمَهُ قِيمَتُهَا ذَهَبًا لِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهَا هَذَا كَلَامُهُ وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى طَرِيقَتِهِمْ وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ ثُبُوتُهَا فِي الذِّمَّةِ فَيَجِبُ مِثْلُهَا. اهـ. وَحِينَئِذٍ فَإِذَا اقْتَرَضَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ ذَهَبًا مَغْشُوشًا أَوْ فِضَّةً مَغْشُوشَةً أَوْ عَامَلَهُ بِهَا فِي نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُعَامَلَاتِ وَأَخْرَجَهَا مَالِكُهَا مِنْ يَدِهِ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ أَوْ أَتْلَفَهَا شَخْصٌ مُتَعَدِّيًا لَزِمَهُ مِثْلُهَا فَإِذَا رُفِعَ إلَى الْحَاكِمِ قَضَى عَلَيْهِ بِهَا لَا بِقِيمَتِهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا وَلَكِنَّ الْأَوْلَى حَمْلُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَغْشُوشَةِ مُتَفَاوِتَةً أَوْ لَزِمَتْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِسَبَبٍ يُضْمَنُ فِيهِ الْمِثْلِيُّ بِقِيمَتِهِ لَا بِمِثْلِهِ كَمَنْ اسْتَعَارَهَا لِلتَّزْيِينِ وَتَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ كَلَامُهُمْ جَارِيًا عَلَى الْمَذْهَبِ مُوَافِقًا لِكَلَامِ غَيْرِهِمْ وَمَتَى كَانَ الْوَاجِبُ قِيمَةَ الْمَغْشُوشَةِ فَالْمُعْتَبَرُ فِيهَا يَوْمُ الْمُطَالَبَةِ إنْ لَمْ يُعْلَمْ سَبَبُهَا الْمُوجِبُ لَهَا وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ مَا قَرَّرَهُ الْأَئِمَّةُ فِيهِ فَيُعْتَبَرُ فِي الْمَغْصُوبَةِ أَقْصَى قِيمَتِهَا مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ وَفِي الْمُتْلِفَةِ بِلَا غَصْبٍ قِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ وَفِي الْمُعَارَةِ قِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ وَهَكَذَا.
(سُئِلَ) عَمَّنْ أَعْطَى شَخْصًا لَبَنَ بَهَائِمَ كُلَّ يَوْمٍ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ وَهُوَ مُخْتَلَطٌ مِنْ جَوَامِيسَ وَغَنَمٍ وَلَمْ يَعْلَمْ قَدْرَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى أَنْ يُحَاسِبَهُ آخِرَ الْحَوْلِ بِهِمَا خَرَجَ الثَّمَنُ ثُمَّ اخْتَلَفَا آخِرَ الْحَوْلِ فِي الثَّمَنِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ رَدُّ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ وَإِذَا قُلْتُمْ بِهَا فَهَلْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْمُعَاطَاةِ أَوْ السَّوْمِ فَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ أَوْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَيَلْزَمُهُ أَقْصَى الْقِيَمِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْآخِذَ لِلَّبَنِ رَدُّ مِثْلِهِ لِكَوْنِهِ مَأْخُوذًا بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ الْمِثْلُ لَزِمَهُ أَقْصَى قِيمَةٍ مِنْ الْأَخْذِ إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ أَتْلَفَ وَلَدَ بَهِيمَةٍ تَحْلُبُ عَلَيْهِ فَانْقَطَعَ لَبَنُهَا مَاذَا يَلْزَمُهُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَأَرْشُ نَقْصِ أُمِّهِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا حَلُوبًا وَقِيمَتِهَا وَلَا لَبَنَ لَهَا.
(سُئِلَ) عَنْ أَمِينٍ تَحْتَ يَدِهِ عَيْنٌ مُقَوَّمَةٌ فَتَعَدَّى أَوْ قَصَّرَ فِيهَا حَتَّى تَلِفَتْ هَلْ يَضْمَنُهَا بِأَقْصَى قِيَمِهَا أَوْ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَضْمَنُهَا بِأَقْصَى قِيَمِهَا مِنْ التَّعَدِّي أَوْ التَّقْصِيرِ فِيهَا إلَى تَلَفِهَا.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَعْطَى زَيْدٌ عَمْرًا غَزْلًا مُبْيَضًّا قِيَامًا بَعْضُهُ أَبْيَضُ وَبَاقِيهِ مَصْبُوغٌ فَنَسَجَهُ عَمْرٌو ظُهُورًا بِلَحْمَةٍ هِيَ مِلْكُهُ بِإِذْنِ زَيْدٍ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهَلْ يَكُونُ عَمْرٌو غَاصِبًا لِلْغَزْلِ الْمَذْكُورِ ضَامِنًا لَهُ أَوْ يَكُونُ شَرِيكًا لِزَيْدٍ فِي الظُّهُورِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ فَهَلْ يَضْمَنُ الْغَزْلَ الْأَبْيَضَ وَالْمَصْبُوغَ بِمِثْلِهِمَا أَوْ قِيمَتِهِمَا وَهَلْ يَمْلِكُ عَمْرٌو الْغَزْلَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ الضَّمَانِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِيرُ عَمْرٌو غَاصِبًا لِلْغَزْلِ الْمَذْكُورِ وَصَارَ كَالْهَالِكِ فَيَضْمَنُ الْغَزْلَ الْأَبْيَضَ وَالْمَصْبُوغَ بِمِثْلِهِمَا وَيَمْلِكُهُمَا عَمْرٌو وَهَذَا إنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ زَيْدٍ وَإِلَّا اشْتَرَكَا فِيهِمَا.
(سُئِلَ) مَا الْأَحْسَنُ مِنْ أَوْجُهٍ فِيمَا لَوْ أَبْرَدَ مَا فِي يَوْمٍ صَائِفٍ فَأَلْقَى فِيهِ آخَرُ حِجَارَةً مُحْمَاةً فَأَذْهَبَ بَرْدَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَاءٌ عَلَى هَيْئَتِهِ وَتَبْرِيدُهُ مُمْكِنٌ أَمْ يَأْخُذُهُ الْمُتَعَدِّي وَيَضْمَنُ مِثْلَهُ بَارِدًا أَمْ يَنْظُرُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ التَّفَاوُتُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَرْجَحَ الثَّالِثُ.
(سُئِلَ) عَنْ الْمَنْقُولِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ الْمَذْهَبِ وَالنَّصِّ فِيمَا لَوْ خُلِطَ الْمَغْصُوبُ بِمِثْلِهِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ مِنْ أَنَّهُ يَصِيرُ كَالْهَالِكِ وَفِيمَا زَادَهُ الرَّوْضُ مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ جَارٍ فِي خَلْطِهِ بِمَغْصُوبٍ آخَرَ لِغَيْرِهِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامٍ أَصْلُهُ وَغَيْرُهُ وَأَنَّهُ أَوْفَقُ بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِ الْبُلْقِينِيِّ إنَّ الْمَعْرُوفَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْهُ وَلَا يَكُونُ كَالْهَالِكِ وَمِمَّا حَكَاهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا وَالثَّانِي يُخَيَّرَانِ بَيْنَ الْقَسَمِ وَالْمُطَالَبَةِ بِالْمِثْلِ مَعَ مَا فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ حَيْثُ سُئِلَ عَمَّا إذَا غَصَبَ إنْسَانٌ دَرَاهِمَ أَوْ حِنْطَةً مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَيْئًا مُعَيَّنًا ثُمَّ خَلَطَ الْجَمِيعَ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ ثُمَّ فُرِّقَ عَلَيْهِمْ جَمِيعُ الْمَخْلُوطِ عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمْ هَلْ يَجُوزُ لَهُمْ أَخْذُ قَدْرِ حِصَصِهِمْ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَحِلُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَخْذُ قَدْرِ حَقِّهِ إذَا فُرِّقَ جَمِيعُهُ عَلَى جَمِيعِهِمْ فَإِنْ فُرِّقَ عَلَى بَعْضِهِمْ لَزِمَ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ أَنْ يَقْسِمَ الْقَدْرَ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْبَاقِينَ بِالنِّسْبَةِ إلَى قَدْرِ أَمْوَالِهِمْ وَأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ إنْسَانٌ دَرَاهِمَ أَوْ حَبًّا أَوْ غَيْرَهُ لِغَيْرِهِ وَخَلَطَهُ بِمَالِهِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ فَلَهُ عَزْلُ قَدْرِ الَّذِي لِغَيْرِهِ وَيَتَصَرَّفُ فِي الْبَاقِي وَقَدْ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا وَنُصُوصُ الشَّافِعِيِّ عَلَى مِثْلِهِ فِيمَا إذَا غَصَبَ حِنْطَةً أَوْ زَيْتًا وَخَلَطَهُ بِمِثْلِهِ قَالُوا يُدْفَعُ إلَيْهِ مِنْ الْمُخْتَلِطِ قَدْرَ حَقِّهِ وَيَحِلُّ الْبَاقِي لِلْغَاصِبِ وَأَجَابَ أَيْضًا عَمَّا إذَا أَخَذَ الْمَكَّاسُ مِنْ إنْسَانٍ دَرَاهِمَ وَخَلَطَهَا بِدَرَاهِمِ الْمَكْسِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ دَرَاهِمَ قَدْرَ دَرَاهِمِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمُخْتَلِطِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِينَ أُخِذَتْ مِنْهُمْ بِالنِّسْبَةِ. اهـ. فَمَا فِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِخَلْطِ الْمَغْصُوبِ بِمَالِهِ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي مِنْ مُقَابِلِ الْمَذْهَبِ وَالنَّصِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَبِخَلْطِهِ بِمَغْصُوبٍ آخَرَ لِغَيْرِهِ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِ قَوْلِ الْبُلْقِينِيِّ فَأَوْضِحُوا لَنَا الْجَوَابَ عَنْ ذَلِكَ وَعَمَّا سُئِلَ عَنْهُ تَفْرِيعًا عَلَى الْمَنْقُولِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِمَا مَعَ أَنَّ مَا أَجَابَ بِهِ هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ تَحْرُمُ مُعَامَلَةُ مَنْ مَالُهُ حَرَامٌ إذَا قُلْنَا بِمِلْكِهِ بِالْخَلْطِ لَمَا حَرُمَتْ مُعَامَلَتُهُ؟ اهـ.
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ خَلَطَ الْمَغْصُوبَ بِمِثْلِهِ أَيْ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ صَارَ كَالْهَالِكِ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ رَدُّهُ أَبَدًا أَشْبَهَ التَّالِفَ أَوْ لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَاهُ مُشْتَرَكًا لَاحْتَجْنَا إلَى الْبَيْعِ وَقِسْمَةِ الثَّمَنِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَلَا يَصِلُ الْمَالِكُ إلَى حَقِّهِ وَلَا إلَى مِثْلِهِ وَالْمِثْلُ أَقْرَبُ إلَى حَقِّهِ مِنْ الثَّمَنِ فَانْتَقَلَ إلَى ذِمَّتِهِ وَمَلَكَ الْمَغْصُوبَ الَّذِي خَلَطَهُ بِمِلْكِهِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَهُ وَلِهَذَا لَا يَتَصَرَّفُ فِي الْمَغْصُوبِ إلَّا بَعْدَ إعْطَاءِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مِثْلَ الْمَغْصُوبِ وَأَمَّا خَلْطُهُ بِمَغْصُوبٍ آخَرَ لِغَيْرِهِ فَالْمُعْتَمَدُ فِيهِ أَنْ لَا يَمْلِكَ شَيْئًا مِنْهُ وَلَا يَكُونُ كَالْهَالِكِ كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَأَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ لَا مَا زَادَهُ صَاحِبُ الرَّوْضِ فِيهِ وَإِنْ اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُ الرَّافِعِيِّ لِمُقَابِلِ الْمَذْهَبِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ نَقْلَ الْمِلْكِ بِذَلِكَ خُصُوصًا إذَا كَانَ الْخَلِيطَانِ مَغْصُوبَيْنِ مِنْ شَخْصَيْنِ تَمْلِيكٌ بِمَحْضِ التَّعَدِّي. اهـ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وُجُودُ التَّبَعِيَّةِ فِي ذَلِكَ دُونَ هَذَا وَمَا فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِخَلْطِ الْمَغْصُوبِ بِمَالِهِ جَارٍ عَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّهُ يَصِيرُ كَالْهَالِكِ وَيَصِيرُ بَدَلُ الْمَغْصُوبِ فِي ذِمَّتِهِ وَأَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِي الْمَخْلُوطِ إلَّا بَعْدَ إعْطَاءِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مِثْلَ الْمَغْصُوبِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ تَحْرُمُ مُعَامَلَةُ مَنْ مَالُهُ حَرَامٌ فَهُوَ جَارٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا يَظْهَرُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ أَخَذَ تُرَابًا مِنْ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ.
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ إنْ بَقِيَ وَإِلَّا فَمِثْلُهُ وَأَرْشُ نَقْصِ الْأَرْضِ وَيَكُونُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ.
(سُئِلَ) عَمَّا إذَا غَصَبَ غَيْرَ مُتَمَوَّلٍ كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ أَوْ غَيْرَ مَالٍ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ هَلْ هُوَ كَبِيرَةٌ وَيُكَفَّرُ مُسْتَحِلُّهُ وَهَلْ هُوَ صَغِيرَةٌ يُكَفَّرُ مُسْتَحِلُّهَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ غَصْبَ مَا ذُكِرَ صَغِيرَةٌ وَيَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهُ فَقَدْ قُيِّدَ كَوْنُ الْغَصْبِ كَبِيرَةً بِمَا تَبْلُغُ قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ رُبُعَ مِثْقَالٍ كَمَا يُقْطَعُ بِهِ فِي السَّرِقَةِ وَمَنْ اسْتَحَلَّ حَرَامًا بِالْإِجْمَاعِ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ كَفَرَ وَإِنْ كَانَ صَغِيرَةً.
(سُئِلَ) عَمَّا سُئِلَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ أَنَّ شَخْصًا هَدَمَ جِدَارَ مَسْجِدٍ غَيْرَ مُسْتَحِقِّ الْهَدْمِ مَا يَلْزَمُهُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ وَلَا يَأْتِي فِيهِ ضَمَانُ الْأَرْشِ كَمَا قِيلَ فِي الْجِدَارِ الْمَمْلُوكِ وَالْمَوْقُوفِ وَقْفًا غَيْرَ تَحْرِيرٍ لِأَنَّهُمَا مَالَانِ وَالْمَسْجِدُ لَيْسَ بِمَالٍ بَلْ هُوَ كَالْحُرِّ وَلِذَلِكَ لَا تَجِبُ أُجْرَتُهُ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَنْفَعَتَهُ. اهـ. هَلْ هُوَ الْمَذْهَبُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمَذْهَبَ وُجُوبُ أَرْشِهِ لَا إعَادَتُهُ كَمَا فِي غَيْرِهِ كَالْحُرِّ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تُرَاقُ أَيْضًا مَعَ الشَّكِّ فِي أَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيَحْتَمِلُ تَقْيِيدَهُ بِمَا إذَا وُجِدَتْ بِأَيْدِي الْفُسَّاقِ مَا الْمُعْتَمَدُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَحْرُمُ إرَاقَتُهَا حَالَ الشَّكِّ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِ إتْلَافِهَا قَبْلَ عَصْرِهَا فَيُسْتَصْحَبُ إلَى وُجُودِ مُقْتَضَى جَوَازِهِ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ دَفَعَ إلَى آخَرَ سُكَّرًا فِي عَسَلِهِ لِيُعَوِّضَهُ لَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ فَفَلَقَهُ وَاسْتَخْرَجَ عَسَلَهُ وَبِيضَهُ فَهَلْ هُوَ مِثْلِيٌّ فَيَلْزَمُهُ مِثْلُهُ أَوْ مُتَقَوِّمٌ فَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمِثْلِيٍّ لِأَنَّ كَلَامَهُ مِنْ سُكَّرِهِ وَعَسَلِهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَيَلْزَمُهُ مِثْلُ السُّكَّرِ وَمِثْلُ الْعَسَلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ السُّكَّرُ الْخَامُ أَكْثَرَ قِيمَةً مِنْهَا فَيَلْزَمُهُ أَقْصَى قِيمَةٍ مِنْ حِينِ تَعَدِّيهِ بِتَصَرُّفِهِ فِيهِ إلَى حِينِ تَلَفِهِ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَتْلَفَ حُلِيًّا مَغْشُوشًا كَخَلْخَالٍ مَاذَا يَلْزَمُ الْمُتْلِفَ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَضْمَنُ الْخَلْخَالَ الْمَغْشُوشَ بِمِثْلِهِ وَيَضْمَنُ صِفَتَهُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ.
(سُئِلَ) عَنْ الْفُولِ الْمَدْشُوشِ هَلْ هُوَ مِثْلِيٌّ أَوْ مُتَقَوِّمٌ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا وَلَا يَنْضَبِطُ وَإِذَا قُلْتُمْ بِأَنَّهُ مُتَقَوِّمٌ وَغَصَبَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ قَوْلًا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ بِذَلِكَ الْمَكَانِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْفُولَ الْمَذْكُورَ مُتَقَوِّمٌ لِمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ وَيَلْزَمُ غَاصِبَهُ أَقْصَى قِيمَةٍ بِذَلِكَ الْمَكَانِ مِنْ حِينِ غَصْبِهِ إلَى تَلَفِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.