فصل: حديث: من بنى بيتا كلف أن يحمله يوم القيامة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (نسخة منقحة مرتبة مفهرسة)



.حديث: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلا بنى قبة:

الأسئلة السادس والسابع والثامن والتاسع من الفتوى رقم (7811):
س6: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلا بنى قبة فسأل الصحابة من صاحب هذه القبة؟ فأجابوه، فلما أراد أن يسلم عليه صاحب هذه القبة أعرض عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما سأل صاحب القبة الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، قالوا له: إنك بنيت هذه القبة، فذهب إلى القبة فهدمها، ولما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم فسلم عليه... ما صحة هذا الحديث؟
ج6: الحديث رواه أبو داود (*) وابن ماجه مع اختلاف في اللفظ، وفي سنده عند ابن ماجه عيسى بن عبدالأعلى بن أبي فروة وهو مجهول الحال، وفي سنده أيضا أبو طلحة الأسدي عندهما، وهو مجهول الحال، وبذلك يعتبر الحديث ضعيفا.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب الرئيس: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن قعود

.حديث: من بنى بيتا كلف أن يحمله يوم القيامة:

س7: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من بنى بيتا كلف أن يحمله يوم القيامة»، أو كما قال صلى الله عليه وسلم؟
ج7: الحديث رواه الطبراني في الكبير، وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود رضي الله عنه بلفظ: من بنى بناء فوق ما يكفيه كلف يوم القيامة أن يحمله على عنقه، وقد ذكره الذهبي في الميزان، وقال فيه: حديث منكر، وقال فيه الحافظ العراقي: في إسناده لين وانقطاع.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب الرئيس: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن قعود

.حديث: من ارتفع أكثر من سبعة أذرع:

س8: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ارتفع أكثر من سبعة أذرع الحديث أو كما قال صلى الله عليه وسلم، ما صحة هذا الحديث؟
ج8: الحديث رواه الطبراني في الكبير عن أنس رضي الله عنه بلفظ: من بنى فوق عشرة أذرع ناداه مناد من السماء: يا عدو الله أين تريد؟ وبلفظ: إذا بنى الرجل المسلم سبعة أذرع أو تسعة أذرع ناداه مناد من السماء: أين تذهب يا أفسق الفاسقين؟ وفي سنده الربيع بن سليمان الحميري، أورده الذهبي في ذيل الضعفاء.
فهذه الأحاديث لا تنهض حجة على تحريم رفع البنيان، لكن روى مسلم في صحيحه، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في جوابه لجبريل عليه السلام لما سأله عن أمارات الساعة: «وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان» (*)، فهذا حديث صحيح، وفيه ذم التطاول في البنيان، وقد حمل العلماء هذا على ما بني على سبيل التباهي والتفاخر والتبذير والإسراف، ويدل على ما قالوه ما في كلمة: «يتطاولون» من التكلف والمباراة.
أما إطالة الأبنية وتكثيرها لتوفير المرافق والمساكن للمحتاجين والعاملين في جهاز الدولة ونحوها وللإيجار وأمثال ذلك- فلا حرج فيه.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب الرئيس: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن قعود

.حديث: «العلماء ورثة الأنبياء»:

س9: قال صلى الله عليه وسلم: العلماء ورثة الأنبياء إذا لم يتبعوا السلطان وقال أيضا: العلماء ورثة الأنبياء إذا لم يتبعوا الدنيا ما صحة هذين الحديثين؟
ج9: الحديث رواه الحسن بن سفيان في مسنده عن مخلد بن مالك عن إبراهيم بن رستم عن عمر العبدي عن إسماعيل بن سميع عن أنس بن مالك بلفظ: العلماء أمناء الرسل ما لم يخالطوا السلطان، أو يداخلوا الدنيا، فإذا خالطوا السلطان وداخلوا الدنيا فقد خانوا الرسل فاحذروهم رواه العقيلي عن الحسن بن سفيان عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وذكره العجلوني في كشف الخفاء ومزيل الإلباس بهذا اللفظ وقال: وفي رواية للحاكم: «فاعتزلوهم». اهـ.
وفي سنده إبراهيم بن رستم، قال أبو حاتم: ليس بذاك محله الصدق، وكان آفته الرأي، وكان يذكر بفقه وعبادة.
وسأل عثمان الدارمي يحيى بن معين عن إبراهيم بن رستم فقال: ثقة.
وقال ابن عدي: إبراهيم بن رستم منكر الحديث، وقال الدارقطني: مشهور وليس بالقوي عن قيس بن الربيع.
وقال العقيلي: خراساني كثير الوهم، وأورد لذلك شاهدا، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يخطئ. وفي سنده أيضا عمر بن حفص أبو حفص العبدي البصري، قال الإمام أحمد: تركنا حديثه وخرقناه، وقال زكريا الساجي: متروك الحديث، وقال يحيى بن معين: أبو حفص العبدي ليس بشيء، وقال مرة: لم يكن ثقة، وقال علي بن عبدالله المديني: ليس بثقة، وقال أبو زرعة الرازي فيه: واهي الحديث، لا أعلم حدث عنه كبير أحد إلا من لا يدري الحديث، وقال مسلم بن الحجاج: أبو حفص عمر بن حفص ضعيف، وقال أحمد بن شعيب النسائي: عمر بن حفص أبو حفص العبدي ليس بثقة، وقال محمد بن سعد: عمر بن حفص العبدي كان ضعيفا عندهم في الحديث، كتبوا عنه ثم تركوه.
وقال البخاري: عمر بن حفص أبو حفص العبدي ليس بالقوي مات سنة 198 ويقال سنة 200، وقال ابن الجوزي: هذا الحديث موضوع؛ إبراهيم لا يعرف، والعبدي: متروك. اهـ.
هذا ولشدة ضعفه لا تنهض شواهده لرفعه إلى مرتبة الحسن لغيره.
وعلى تقدير أنه مقبول يحمل على علماء السوء الذين يخالطون الولاة تزلفا إليهم وطلبا للمنزلة والجاه لديهم وطمعا في الدنيا، ولهذا تجدهم لا ينكرون عليهم منكرا، بل يزينون لهم القبيح ولا يدفعونهم عما قد يكون معهم من ظلم وجور ومخالفات للشرع، فهؤلاء بطانة السوء وعيبة الشر، لا على من يخالطهم على وجه النصح لهم وإرشادهم إلى الحق ودعوتهم إلى العمل به وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، فهؤلاء بطانة خير ورشد، ولابد لولاة الأمر منهم لحاجتهم إلى نصحهم وإرشادهم؛ تحقيقا لمصلحة الأمة وسياسة الرعية على هدي الإسلام.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب الرئيس: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن قعود

.درجة هذه الأحاديث ومعناها:

السؤال الأول من الفتوى رقم (181):
س1: أشكلت علي أحاديث قرأتها في كتب السنن، حيث إنه روى أبو داود مرفوعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أما إن كل بناء وبال على صاحبه إلا ما لابد منه مما يستره من الحر والبرد والسباع ونحو ذلك» (*)، وفي رواية أيضا للطبراني بإسناد جيد مرفوعا: «إذا أراد الله بعبده شرا خضر له في اللبن والطين حتي يبني»، وفي رواية له أيضا: «إذا أراد الله بعبده هوانا أنفق ماله في البنيان»، وفي رواية أيضا: «من بنى فوق كفايته كلف أن يحمله يوم القيامة»، وروى الدارقطني والحاكم مرفوعا وما أنفق العبد من نفقة فإن خلفها على الله والله ضامن إلا ما كان في البنيان أو معصية، وفي الترمذي أيضا: «يؤجر الرجل في نفقته كلها إلا التراب» (*)، وقال في البنيان، وروى الترمذي مرفوعا: «النفقة كلها في سبيل الله إلا البناء فلا خير فيه» (*)، وروى أبو داود وغيره أن العباس بنى قبة فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يهدمها، فقال يا رسول الله، إذن أتصدق بثمنها، فقال: «لا، اهدمها»، وروى أبو داود أيضا وابن ماجه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبة على باب رجل من الأنصار فقال: «ما هذه؟» قالوا: قبة بناها فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل ما كان هكذا فهو وبال على صاحبه»، فبلغ الأنصاري ذلك فوضعها، فمر النبي صلى الله عليه وسلم بعد ظهرها فسأل عنها فأخبر أنه وضعها لما بلغه عنه، فقال: «يرحمه الله يرحمه الله» (*)، وفي رواية لابن أبي الدنيا عن عامر بن عمار مرفوعا: «إذا رفع الرجل بناءه فوق سبعة أذرع نودي يا أفسق الفاسقين إلى أين»، انتهى.
ج1: هذه الأحاديث التي ذكرتم نبين درجتها أولا ثم نتبع ذلك الجواب عما صح في هذا الباب. أما بيان درجة كل حديث منها فكما يلي:
1- حديث: «أما إن كل بناء وبال على صاحبه» (*) الحديث رواه أبو داود عن أنس، قال المناوي في فيض القدير نقلا عن ابن حجر أنه قال: رجاله موثقون إلا الراوي عن أنس، وهو أبو طلحة الأسدي: غير معروف، والشواهد عند الطبراني.
2- حديث: إذا أراد الله بعبد شرا خضر له في اللبن والطين حتى يبني رواه الطبراني بإسناد جيد حسبما ذكرت في السؤال، ورمز له السيوطي في الجامع الصغير بالضعف. قال المناوي- نقلا عن الهيثمي-: ورجاله رجال الصحيح غير شيخ البخاري ولم أجد من ضعفه، وقال المنذري: رواه في الثلاثة- يعني الطبراني- بإسناد جيد، وقال المناوي أيضا: عزاه جمع لأبي داود من حديث عائشة، قال العراقي: وإسناده جيد.
3- حديث: «إذا أراد الله بعبد هوانا» الحديث، قال السيوطي في الجامع الصغير: رواه البغوي والبيهقي في شعب الإيمان، عن محمد بن بشير الأنصاري وما له غيره، وابن عدي في الكامل عن أنس، ورمز له السيوطي بالضعف، قال المناوي في رواية محمد بن بشير: قال الهيثمي: رواه عنه ابنه يحيى إن صح، وفيه سلمة بن شريح، قال الذهبي: مجهول، وقال المناوي: في راوية ابن عدي عن أنس في ترجمة زكريا المصري الوقاد قال: يضع الحديث، كذبه صالح جزره وغيره، ولما عزاه الهيثمي إلى الطبراني قال: فيه من لم أعرفهم.
4- حديث: «من بنى فوق كفايته»، رمز له السيوطي في الجامع الصغير بالضعف، وقال المناوي: قال في الميزان: هذا حديث منكر، وقال الحافظ العراقي: إسناده فيه لين وانقطاع.
5- حديث: وما أنفقه العبد من نفقة، الحديث رواه الدارقطني والحاكم وفي سنده عبدالحميد بن حسن الهلالي، وقد ضعفه جماعة.
6- حديث: «يؤجر الرجل في نفقته» (*)، الحديث عزاه السيوطي في الجامع الصغير للترمذي عن خباب، ورمز له السيوطي بالصحة، وسكت عنه المناوي، وروى معناه البخاري ومسلم عن خباب موقوفا بلفظ: «إن المسلم يؤجر في كل شيء ينفقه إلا في شيء يجعله في هذا التراب» (*) وله حكم الرفع؛ لأن مثله لا يقال من جهة الرأي.
7- «النفقة كلها في سبيل الله» (*) الحديث رواه الترمذي عن أنس، ورمز له السيوطي براموز الحسن، وقال الترمذي بعد روايته في أبواب صفة القيامة باب النهي عن تمني الموت، قال: غريب. وقال المناوي: قال الصدر المناوي: وفيه محمد بن حميد الرازي وزافر بن سليمان وشبيب بن بشر ومحمد، قال البخاري: فيه نظر، وكذبه أبو زرعة، وزافر فيه ضعف، وشبيب لين.
8- حديث: أن العباس بنى قبة الحديث رواه أبو داود مرسلا عن أبي العالية، والمراسيل من جملة الأحاديث الضعيفة.
9- حديث أنه صلى الله عليه وسلم (مر بقبة) الحديث هذا هو سبب الحديث الأول، وقد مضى الكلام عليه.
10- (إذا رفع الرجل بناءه فوق سبعة أذرع... إلخ) وهذا أثر، ولم نقف على من صححه، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (11/ 92) ما نصه: (وقد ورد في ذم تطويل البناء صريحا ما أخرج ابن أبي الدنيا من رواية عمارة بن عامر: «إذا رفع الرجل بناء فوق سبعة أذرع نودي يا فاسق إلى أين» وفي سنده ضعف مع كونه موقوفا). اهـ.
هذه الأحاديث وما جاء في معناها منها ما هو صحيح، ومنها ما هو حسن ومنها ما ليس بصحيح، فما كان منها حجة فهو محمول على ذم من فعل ذلك للتباهي والإسراف والتبذير، فإن هذا يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص والأمكنة والأزمنة، وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله صلى الله عليه وسلم لما سأله جبريل عن علامات الساعة: «وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاه يتطاولون في البنيان» (*) قال ابن رجب في شرح هذا الحديث: والمراد أن أسافل الناس يصيرون رؤساءهم وتكثر أموالهم حتى يتباهون بطول البنيان وزخرفته وإتقانه، وذكر النووي هذا المعنى في شرح صحيح مسلم حينما تكلم على هذا الحديث.
أما إذا طال البنيان لغرض شرعي، كتوفير المرافق والمساكن للمحتاجين أو لاتخاذها سبيلا للكسب أو لكثرة من يعول ونحو ذلك فلا شيء في ذلك فيما يظهر لنا، فإن الأمور بمقاصدها، قال صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» (*)، والحديث أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين عن عمر رضي الله عنه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن منيع