فصل: سُورَةُ وَالْفَجْرِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **


*3*باب فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب فسوف يحاسب حسابا يسيرا‏)‏ سقطت هذه الترجمة لغير أبي ذر‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح و حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح و حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي يُونُسَ حَاتِمِ بْنِ أَبِي صَغِيرَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ إِلَّا هَلَكَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا قَالَ ذَاكَ الْعَرْضُ يُعْرَضُونَ وَمَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ هَلَكَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا يحيى‏)‏ هو القطان، وله في هذا الحديث شيخ آخر بإسناد آخر وهو مذكور في هذا الباب، وعثمان بن الأسود أي ابن أبي موسى المكي مولى بني جمح، ووقع عند القابسي عثمان الأسود صفة لعثمان وهو خطأ، واشتمل ما ساقه المصنف على ثلاثة أسانيد‏:‏ عثمان عن ابن أبي مليكة عن عائشة، وتابعه أيوب عن عثمان، وخالفهما أبو يونس فأدخل بين ابن أبي مليكة وعائشة رجلا وهو القاسم بن محمد، وهو محمول على أن ابن أبي مليكة حمله عن القاسم ثم سمعه من عائشة أو سمعه أولا من عائشة ثم استثبت القاسم إذ في رواية القاسم زيادة ليست عنده‏.‏

وقد استدرك الدار قطني هذا الحديث لهذا الاختلاف، وأجيب بما ذكرناه، ونبه الجياني على خبط لأبي زيد المروزي في هذه الأسانيد قال‏:‏ سقط عنده ابن أبي مليكة من الإسناد الأول ولا بد منه، وزيد عنده القاسم بن محمد الإسناد الثاني وليس فيه وإنما هو في رواية أبي يونس‏.‏

وقال الإسماعيلي‏:‏ جمع البخاري بين الأسانيد الثلاثة ومتونها مختلفة‏.‏

قلت‏:‏ وسأبين ذلك وأوضحه في كتاب الرقاق مع بقية الكلام على الحديث، وتقدمت بعض مباحثه في أواخر كتاب العلم

*3*باب لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب لتركبن طبقا عن طبق‏)‏ سقطت هذه الترجمة لغير أبي ذر‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ النَّضْرِ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ حَالًا بَعْدَ حَالٍ قَالَ هَذَا نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال ابن عباس ‏(‏لتركبن طبقا عن طبق‏)‏ حالا بعد حال، قال هذا نبيكم صلى الله عليه وسلم‏)‏ أي الخطاب له، وهو على قراءة فتح الموحدة وبها قرأ ابن كثير والأعمش والأخوان‏.‏

وقد أخرج الطبري الحديث المذكور عن يعقوب بن إبراهيم عن هشيم بلفظ ‏"‏ أن ابن عباس كان يقرأ ‏(‏لتركبن طبقا عن طبق‏)‏ يعني نبيكم حالا بعد حال ‏"‏ وأخرجه أبو عبيد في ‏"‏ كتاب القراءات ‏"‏ عن هشيم وزاد‏:‏ يعني بفتح الباء، قال الطبري‏:‏ قرأها ابن مسعود وابن عباس وعامة قراء أهل مكة والكوفة بالفتح، والباقون بالضم على أنه خطاب للأمة، ورجحها أبو عبيدة لسياق ما قبلها وما بعدها‏.‏

ثم أخرج عن الحسن وعكرمة وسعيد بن جبير وغيرهم قالوا ‏(‏طبقا عن طبق‏)‏ يعني حالا بعد حال، ومن طريق الحسن أيضا وأبي العالية ومسروق قال‏:‏ السماوات‏.‏

وأخرج الطبري أيضا والحاكم من حديث ابن مسعود إلى قوله‏:‏ ‏(‏لتركبن طبقا عن طبق‏)‏ قال‏:‏ السماء‏.‏

وفي لفظ للطبري عن ابن مسعود قال‏:‏ المراد أن السماء تصير مرة كالدهان، ومرة تشقق ثم تحمر ثم تنفطر‏.‏

ورجح الطبري الأول وأصل الطبق الشدة، والمراد بها هنا ما يقع من الشدائد يوم القيامة‏.‏

والطبق ما طابق غيره، يقال ما هذا بطبق كذا أي لا يطابقه‏.‏

ومعنى قوله ‏"‏ حالا بعد حال ‏"‏ أي حال مطابقة للتي قبلها في الشدة، أو هو جمع طبقة وهي المرتبة، أي هي طبقات بعضها أشد من بعض، وقيل المراد اختلاف أحوال المولود منذ يكون جنينا إلى أن يصير إلى أقصى العمر، فهو قبل أن يولد جنين، ثم إذا ولد صبي، فإذا فطم غلام، فإذا بلغ سبعا يافع، فإذا بلغ عشرا حزور، فإذا بلغ خمس عشرة قمد، فإذا بلغ خمسا وعشرين عنطنط، فإذا بلغ ثلاثين صمل، فإذا بلغ أربعين كهل، فإذا بلغ خمسين شيخ، فإذا بلغ ثمانين هم، فإذا بلغ تسعين فإن

*3*سُورَةُ الْبُرُوجِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْأُخْدُودِ شَقٌّ فِي الْأَرْضِ فَتَنُوا عَذَّبُوا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏سورة البروج‏)‏ تقدم في أواخر الفرقان تفسير البروج‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال مجاهد‏:‏ الأخدود شق في الأرض‏)‏ وصله الفريابي بلفظ ‏"‏ شق بنجران كانوا يعذبون الناس فيه ‏"‏ وأخرج مسلم والترمذي وغيرهما من حديث صهيب قصة أصحاب الأخدود مطولة، وفيه قصة الغلام الذي كان يتعلم من الساحر، فمر بالراهب فتابعه على دينه، فأراد الملك قتل الغلام لمخافته دينه فقال‏:‏ إنك لن تقدر على قتلي حتى تقول إذا رميتني بسم الله رب الغلام، ففعل، فقال الناس‏:‏ آمنا برب الغلام، فخد لهم الملك الأخاديد في السكك وأضرم فيها النيران ليرجعوا إلى دينه‏.‏

وفيه قصة الصبي الذي قال لأمه‏:‏ أصبري فإنك على الحق، صرح برفع القصة بطولها حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب‏.‏

ومن طريقه أخرجه مسلم والنسائي وأحمد‏.‏

ووقفها معمر عن ثابت، ومن طريقه أخرجها الترمذي، وعنده في آخره‏:‏ يقول الله تعالى ‏(‏قتل أصحاب الأخدود - إلى - العزيز الحميد‏)‏ ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فتنوا عذبوا‏)‏ وصله الفريابي من طريقه، وهذا أحد معاني الفتنة، ومثله ‏(‏يوم هم على النار يفتنون‏)‏ أي يعذبون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عباس‏:‏ الودود الحبيب، المجيد الكريم‏)‏ ثبت هذا للنسفي وحده، ويأتي في التوحيد‏.‏

وأخرج الصبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏(‏الغفور الودود‏)‏ قال‏:‏ الودود الحبيب‏.‏

وفي قوله‏:‏ ‏(‏ذو العرش المجيد‏)‏ يقول‏:‏ الكريم

*3*سُورَةُ الطَّارِقِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ ذَاتِ الرَّجْعِ سَحَابٌ يَرْجِعُ بِالْمَطَرِ ذَاتِ الصَّدْعِ تَتَصَدَّعُ بِالنَّبَاتِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏سورة الطارق‏:‏ هو النجم وما أتاك ليلا فهو طارق‏)‏ ثم فسره فقال ‏(‏النجم الثاقب المضيء، يقال أثقب نارك للموقد‏)‏ ثبت هذا للنسفي وأبي نعيم وسيأتي للباقين في كتاب الاعتصام‏.‏

وهو كلام الفراء قال في قوله تعالى ‏(‏والسماء والطارق إلخ‏)‏ وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة‏:‏ الثاقب المضيء‏.‏

وأخرجه الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس مثله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال مجاهد‏:‏ الثاقب الذي يتوهج‏)‏ ثبت هذا لأبي نعيم عن الجرجاني، ووصله الفريابي والطبري من طريق مجاهد بهذا‏.‏

وأخرج الطبري من طريق السدي قال‏:‏ هو النجم الذي يرمي به، ومن طريق عبد الرحمن بن زيد قال‏:‏ النجم الثاقب الثريا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ذات الرجع سحاب يرجع بالمطر، وذات الصدع الأرض تتصدع بالنبات‏)‏ وصله الفريابي من طريق مجاهد بلفظ ‏(‏والسماء ذات الرجع‏)‏ قال‏:‏ يعني ذات السحاب تمطر ثم ترجع بالمطر‏.‏

وفي قوله ‏(‏والأرض ذات الصدع‏)‏ ‏:‏ ذات النبات‏.‏

وللحاكم من وجه آخر عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏(‏ذات الرجع‏)‏ المطر بعد المطر‏.‏

وإسناده صحيح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عباس‏:‏ لقول فصل لحق‏)‏ وقع هذا للنسفي، وسيأتي في التوحيد بزيادة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لما عليها حافظ‏:‏ إلا عليها حافظ‏)‏ وصله ابن أبي حاتم من طريق يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس وإسناده صحيح، لكن أنكره أبو عبيدة وقال‏:‏ لم نسمع لقول ‏"‏ لما ‏"‏ بمعنى ‏"‏ إلا ‏"‏ شاهدا في كلام العرب‏.‏

وقرئت لما بالتخفيف والتشديد‏:‏ فقرأها ابن عامر وعاصم وحمزة بالتشديد‏.‏

وأخرج أبو عبيدة عن ابن سيرين أنه أنكر التشديد على من قرأ به‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ لم يورد في الطارق حديثا مرفوعا، وقد وقع حديث جابر في قصة معاذ ‏"‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أفتان يا معاذ‏؟‏ يكفيك أن تقرأ بالسماء والطارق والشمس وضحاها‏.‏

الحديث أخرجه النسائي هكذا، ووصله في الصحيحين

*3*سُورَةُ سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏سورة سبح اسم ربك الأعلى‏)‏ ويقال لها سورة الأعلى‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن سعيد بن جبير ‏"‏ سمعت ابن عمر يقرأ سبحان ربي الأعلى الذي خلق فسوى ‏"‏ وهي قراءة أبي بن كعب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال مجاهد ‏(‏قدر فهدى‏)‏ ‏:‏ قدر للإنسان الشقاء والسعادة، وهدى الأنعام لمراتعها‏)‏ ثبت هذا للنسفي، وقد وصله الطبري من طريق مجاهد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عباس ‏(‏غثاء أحوى‏)‏ ‏:‏ هشيما متغيرا‏)‏ ثبت أيضا للنسفي وحده، ووصله الطبري من طريقي علي بن أبي طلحة عنه‏.‏

ثم ذكر المصنف حديث البراء في أول من قدم المدينة من المهاجرين، وقد تقدم شرحه في أوائل الهجرة، ووقع في آخر هذا الحديث هنا ‏"‏ يقولون هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وحذف صلى الله عليه وسلم من رواية أبي ذر، قال‏:‏ لأن الصلاة عليه إنما شرعت في السنة الخامسة، وكأنه يشير إلى قوله تعالى ‏(‏يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما‏)‏ لأنها من جملة سورة الأحزاب وكان نزولها في تلك السنة على الصحيح، لكن لا مانع أن تتقدم الآية المذكورة على معظم السورة‏.‏

ثم من أين له أن لفظ صلى الله عليه وسلم من صلب الرواية من لفظ الصحابي، وما المانع أن يكون ذلك صدر ممن دونه‏؟‏ وقد صرحوا بأنه يندب أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وأن يترضى عن الصحابي ولو لم يرد ذلك في الرواية

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَجَعَلَا يُقْرِئَانِنَا الْقُرْآنَ ثُمَّ جَاءَ عَمَّارٌ وَبِلَالٌ وَسَعْدٌ ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيْءٍ فَرَحَهُمْ بِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْوَلَائِدَ وَالصِّبْيَانَ يَقُولُونَ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَاءَ فَمَا جَاءَ حَتَّى قَرَأْتُ سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فِي سُوَرٍ مِثْلِهَا

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب من سمى بأسماء الأنبياء‏)‏ في هذه الترجمة حديثان صريحان‏:‏ أحدهما أخرجه مسلم من حديث المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ إنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم والصالحين قبلهم ‏"‏ ثانيهما أخرجه أبو داود والنسائي والمصنف في ‏"‏ الأدب المفرد ‏"‏ من حديث أبي وهب الجشمي بضم الجيم وفتح المعجمة رفعه ‏"‏ تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة ‏"‏ قال بعضهم‏:‏ أما الأولان فلما تقدم في ‏"‏ باب أحب الأسماء إلى الله ‏"‏ وأما الآخران فلأن العبد في حرث الدنيا أو حرث الآخرة ولأنه لا يزال يهم بالشيء بعد الشيء، وأما الأخيران فلما في الحرب من المكاره ولما في مرة من المرارة‏.‏

وكأن المؤلف رحمه الله لما لم يكونا على شرطه اكتفى بما استنبطه من أحاديث الباب وأشار بذلك إلى الرد على من كره ذلك، كما تقدم عن عمر أنه أراد أن يغير أسماء أولاد طلحة وكان سماهم بأسماء الأنبياء‏.‏

وأخرج البخاري أيضا في ‏"‏ الأدب المفرد ‏"‏ في مثل ترجمة هذا الباب حديث يوسف بن عبد الله بن سلام قال ‏"‏ سماني النبي صلى الله عليه وسلم يوسف ‏"‏ الحديث وسنده صحيح وأخرجه الترمذي في ‏"‏ الشمائل ‏"‏ وأخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح عن سعيد بن المسيب قال‏:‏ ‏"‏ أحب الأسماء إليه أسماء الأنبياء‏"‏‏.‏

ثم ذكر فيه أحد عشر حديثا موصولة ومعلقة‏:‏ الأول حديث أنس‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏وقال أنس‏:‏ قبل النبي صلى الله عليه وسلم إبراهيم، يعني ابنه‏)‏ ثبت هذا التعليق في رواية أبي ذر عن الكشميهني وحده، وهو في رواية النسفي أيضا، وهو طرف من حديث طويل تقدم موصولا في الجنائز‏.‏

*3*سُورَةُ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ النَّصَارَى وَقَالَ مُجَاهِدٌ عَيْنٍ آنِيَةٍ بَلَغَ إِنَاهَا وَحَانَ شُرْبُهَا حَمِيمٍ آنٍ بَلَغَ إِنَاهُ لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً شَتْمًا وَيُقَالُ الضَّرِيعُ نَبْتٌ يُقَالُ لَهُ الشِّبْرِقُ يُسَمِّيهِ أَهْلُ الْحِجَازِ الضَّرِيعَ إِذَا يَبِسَ وَهُوَ سُمٌّ بِمُسَيْطِرٍ بِمُسَلَّطٍ وَيُقْرَأُ بِالصَّادِ وَالسِّينِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِيَابَهُمْ مَرْجِعَهُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏سورة هل أتاك بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏ كذا لأبي ذر، وسقطت البسملة للباقين، ويقال لها أيضا سورة الغاشية‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال‏:‏ الغاشية من أسماء يوم القيامة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عباس عاملة ناصبة النصارى‏)‏ وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة ومن طريق شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس وزاد‏:‏ اليهود، وذكر الثعلبي من رواية أبي الضحى عن ابن عباس قال‏:‏ الرهبان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال مجاهد ‏(‏عين آنية‏)‏ بلغ إناها وحان شربها‏.‏

‏(‏حميم آن‏)‏ بلغ إناه‏)‏ وصله الفريابي من طريق مجاهد مفرقا في مواضعه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا تسمع فيها لاغية شتما‏)‏ وصله الفريابي أيضا عن مجاهد‏.‏

وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة‏:‏ لا تسمع فيها باطلا ولا مأثما، وهذا على قراءة الجمهور بفتح تسمع بمثناة فوقية، وقرأها الجحدري بتحتانية كذلك، وأما أبو عمرو وابن كثير فضما التحتانية، وضم نافع أيضا لكن بفوقانية قوله‏:‏ ‏(‏ويقال الضريع نبت يقال له الشبرق تسمية أهل الحجاز الضريع إذا يبس وهو سم‏)‏ هو كلام الفراء بلفظه، والشبرق بكسر المعجمة بعدها موحدة، قال الخليل بن أحمد‏:‏ هو نبت أخضر منتن الريح يرمي به البحر‏.‏

وأخرج الطبري من طريق، عكرمة ومجاهد قال‏:‏ الضريع الشبرق‏.‏

ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال‏:‏ الضريع شجر من نار‏.‏

ومن طريق سعيد بن جبير قال‏:‏ الحجارة‏.‏

وقال ابن التين كأن الضريع مشتق من الضارع وهو الذليل، وقيل هو السلا بضم المهملة وتشديد اللام وهو شوك النخل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بمسيطر بمسلط‏)‏ قال أبو عبيدة في قوله‏:‏ ‏(‏لست عليهم بمسيطر‏)‏ ‏:‏ بمسلط، قال‏:‏ ولم نجد مثلها إلا مبيطر أي بالموحدة، قال‏:‏ لم نجد لهما ثالثا‏.‏

كذا قال، وقد قدمت في تفسير سورة المائدة زيادات عليها‏.‏

قال ابن التين‏:‏ أصله السطر، والمعنى أنه لا يتجاوز ما هو فيه‏.‏

قال وإنما كان ذلك وهو بمكة قبل أن يهاجر ويؤذن له في القتال‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويقرأ بالصاد والسين‏)‏ قلت‏:‏ قراءة الجمهور بالصاد‏.‏

وفي رواية عن ابن كثير بالسين وهي قراءة هشام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عباس‏:‏ إيابهم مرجعهم‏)‏ وصله ابن المنذر من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، وذكره ابن أبي حاتم عن عطاء، ولم يجاوز به‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ لم يذكر فيها حديثا مرفوعا، ويدخل فيها حديث جابر رفعه ‏"‏ أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ‏"‏ الحديث، وفي آخره ‏"‏ وحسابهم على الله ‏"‏ ثم قرأ ‏(‏إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر‏)‏ إلى آخر السورة، أخرجه الترمذي والنسائي والحاكم، وإسناده صحيح

*3*سُورَةُ وَالْفَجْرِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْوَتْرُ اللَّهُ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ يَعْنِي الْقَدِيمَةَ وَالْعِمَادُ أَهْلُ عَمُودٍ لَا يُقِيمُونَ سَوْطَ عَذَابٍ الَّذِي عُذِّبُوا بِهِ أَكْلًا لَمًّا السَّفُّ وَ جَمًّا الْكَثِيرُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ كُلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ فَهُوَ شَفْعٌ السَّمَاءُ شَفْعٌ وَالْوَتْرُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَقَالَ غَيْرُهُ سَوْطَ عَذَابٍ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْعَذَابِ يَدْخُلُ فِيهِ السَّوْطُ لَبِالْمِرْصَادِ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ تَحَاضُّونَ تُحَافِظُونَ وَتَحُضُّونَ تَأْمُرُونَ بِإِطْعَامِهِ الْمُطْمَئِنَّةُ الْمُصَدِّقَةُ بِالثَّوَابِ وَقَالَ الْحَسَنُ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَبْضَهَا اطْمَأَنَّتْ إِلَى اللَّهِ وَاطْمَأَنَّ اللَّهُ إِلَيْهَا وَرَضِيَتْ عَنْ اللَّهِ وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَأَمَرَ بِقَبْضِ رُوحِهَا وَأَدْخَلَهَا اللَّهُ الْجَنَّةَ وَجَعَلَهُ مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ وَقَالَ غَيْرُهُ جَابُوا نَقَبُوا مِنْ جِيبَ الْقَمِيصُ قُطِعَ لَهُ جَيْبٌ يَجُوبُ الْفَلَاةَ يَقْطَعُهَا لَمًّا لَمَمْتُهُ أَجْمَعَ أَتَيْتُ عَلَى آخِرِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏سورة والفجر - وقال مجاهد‏:‏ إرم ذات العماد يعني القديم، والعماد أهل عمود لا يقيمون‏)‏ وصله الفريابي من طريق مجاهد بلفظ إرم القديمة، وذات العماد أهل عماد لا يقيمون‏:‏ وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة‏:‏ إرم قبيلة من عاد، قال‏:‏ والعماد كانوا أهل عمود أي خيام، انتهى‏.‏

وإرم هو ابن سام بن نوح، وعاد ابن عوص بن إرم‏.‏

وقيل إرم اسم المدينة، وقيل أيضا إن المراد بالعماد شدة أبدانهم وإفراط طولهم وقد أخرج ابن مردويه من طريق المقدام بن معد يكرب قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله‏:‏ ‏(‏ذات العماد‏)‏ ال ‏"‏ كان الرجل يأتي الصخرة فيحملها على كاهله فيلقيها على أي حي أراد فيهلكهم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي قال‏:‏ إرم اسم أبيهم‏.‏

ومن طريق مجاهد قال‏:‏ إرم أمه‏.‏

ومن طريق قتادة قال‏:‏ كنا نتحدث أن إرم قبيلة‏.‏

ومن طريق عكرمة قال‏:‏ إرم هي دمشق‏.‏

ومن طريق عطاء الخراساني قال‏:‏ إرم الأرض‏.‏

ومن طريق الضحاك قال‏:‏ الأرم الهلاك‏.‏

يقال أرم بنو فلان أي هلكوا‏.‏

ومن طريق شهر بن حوشب نحوه، وهذا على قراءة شاذة قرئت ‏"‏ بعاد أرم ‏"‏ بفتحتين والراء ثقيلة على أنه فعل ماض، و ‏"‏ ذات ‏"‏ بفتح التاء على المفعولية أي أهلك الله ذات العماد، وهو تركيب قلق‏.‏

وأصح هذه الأقوال الأول أن إرم اسم القبيلة وهم إرم بن سام بن نوح، وعاد هم بنو عاد بن عوص بن إرم، وميزت عاد بالإضافة لإرم عن عاد الأخيرة، وقد تقدم في تفسير الأحقاف أن عادا قبيلتان، ويؤيده قوله تعالى ‏(‏وأنه أهلك عادا الأولى‏)‏ ‏.‏

وأما قوله‏:‏ ‏(‏ذات العماد‏)‏ فقد فسره مجاهد بأنها صفة القبيلة، فإنهم كانوا أهل عمود أي خيام‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك قال ‏(‏ذات العماد‏)‏ القوة‏.‏

ومن طريق ثور بن زيد قال‏:‏ قرأت كتابا قديما ‏"‏ أنا شداد بن عاد، أنا الذي رفعت ذات العماد، أنا الذي شددت بذراعي بطن واد ‏"‏ وأخرج ابن أبي حاتم من طريق وهب بن منبه عن عبد الله بن قلابة قصة مطولة جدا أنه خرج في طلب إبل له، وأنه وقع في صحاري عدن، وأنه وقع على مدينة في تلك الفلوات فذكر عجائب ما رأى فيها، وأن معاوية لما بلغه خبره أحضره إلى دمشق وسأل كعبا عن ذلك فأخبره بقصة المدينة ومن بناها وكيفية ذلك مطولا جدا، وفيها ألفاظ منكرة، وراويها عبد الله بن قلابة لا يعرف، وفي إسناده عبد الله بن لهيعة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏سوط عذاب الذي عذبوا به‏)‏ وصله الفريابي من طريق مجاهد بلفظ ما عذبوا به‏.‏

ولابن أبي حاتم من طريق قتادة‏:‏ كل شيء عذب الله به فهو سوط عذاب، وسيأتي له تفسير آخر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أكلا لما السف، وجما الكثير‏)‏ وصله الفريابي من طريق مجاهد بلفظ‏:‏ السف لف كل شيء‏.‏

ويحبون المال حبا جما قال الكثير‏.‏

وسيأتي بسط الكلام على السف في شرح حديث أم زرع في النكاح قوله‏:‏ ‏(‏وقال مجاهد‏:‏ كل شيء خلقه فهو شفع، السماء شفع، والوتر الله‏)‏ تقدم في بدء الخلق بأتم من هذا‏.‏

وقد أخرج الترمذي من حديث عمران بن حصين ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الشفع والوتر فقال ‏"‏ هي الصلاة، بعضها شفع، وبعضها وتر ‏"‏ ورجاله ثقات إلا أن فيه راويا مبهما، وقد أخرجه الحاكم من هذا الوجه فسقط من روايته المبهم فاغتر فصححه‏.‏

وأخرج النسائي من حديث جابر رفعه قال ‏"‏ العشر عشر الأضحى، والشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة ‏"‏ وللحاكم من حديث ابن عباس قال‏:‏ الفجر فجر النهار، وليال عشر عشر الأضحى‏.‏

ولسعيد بن منصور من حديث ابن الزبير أنه كان يقول‏:‏ الشفع قوله تعالى ‏(‏فمن تعجل في يومين‏)‏ والوتر اليوم الثالث‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ قرأ الجمهور الوتر بفتح الواو، وقرأها الكوفيون سوى عاصم بكسر الواو واختارها أبو عبيد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال غيره سوط عذاب كلمة تقولها العرب لكل نوع من العذاب يدخل فيه السوط‏)‏ هو كلام الفراء‏.‏

وزاد في آخره‏:‏ جرى به الكلام‏.‏

لأن السوط أصل ما كانوا يعذبون به، فجرى لكل عذاب إذ كان عندهم هو الغاية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لبالمرصاد‏:‏ إليه المصير‏)‏ هو قول الفراء أيضا، والمرصاد مفعال من المرصد وهو مكان الرصد، وقرأ ابن عطية بما يقتضيه ظاهر اللفظ؛ فجوز أن يكون المرصاد بمعنى الفاعل أي الراصد، لكن أتى فيه بصيغة المبالغة، وتعقب بأنه لو كان كذلك لم تدخل عليه الباء في فصيح الكلام، وإن سمع ذلك نادرا في الشعر، وتأويله على ما يليق بجلال الله واضح فلا حاجة للتكلف‏.‏

وقد روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن الحسن قال‏:‏ بمرصاد أعمال بني آدم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تحاضون تحافظون، وتحضون تأمرون بإطعامه‏)‏ قال الفراء‏:‏ قرأ الأعمش وعاصم بالألف وبمثناة مفتوحة أوله، ومثله لأهل المدينة لكن بغير ألف، وبعضهم ‏"‏ يحاضون ‏"‏ بتحتانية أوله، والكل صواب‏.‏

كانوا يحاضون يحافظون، ويحضون يأمرون بإطعامه انتهى‏.‏

وأصل تحاضون تتحاضون فحذفت إحدى التاءين، والمعنى لا يحض بعضكم بعضا‏.‏

وقرأ أبو عمرو بالتحتانية في يكرمون ويحضون وما بعدهما، وبمثل قراءة الأعمش قرأ يحيى بن وثاب والأخوان وأبو جعفر المدني، وهؤلاء كلهم بالمثناة فيها وفي يكرمون فقط، ووافقهم على المثناة فيهما ابن كثير ونافع وشيبة، لكن بغير ألف يحضون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏المطمئنة المصدقة بالثواب‏)‏ قال الفراء ‏(‏يا أيها النفس المطمئنة‏)‏ بالإيمان، المصدقة بالثواب والبعث‏.‏

وأخرج ابن مردويه من طريق ابن عباس قال‏:‏ المطمئنة المؤمنة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال الحسن ‏(‏يا أيتها النفس المطمئنة‏)‏ إذا أراد الله قبضها اطمأنت إلى الله واطمأن الله إليه، ورضيت عن الله ورضي الله عنه، فأمر بقبض روحها وأدخله الله الجنة وجعله من عباده الصالحين‏)‏ وقع في رواية الكشميهني ‏"‏ واطمأن الله إليها ورضي الله عنها وأدخلها الله الجنة ‏"‏ بالتأنيث في المواضع الثلاثة، وهو أوجه‏.‏

وللآخر وجه وهو عود الضمير على الشخص‏.‏

وقد أخرج ابن أبي حاتم من طريق الحسن قال‏:‏ إن الله تعالى إذا أراد قبض روح عبده المؤمن واطمأنت النفس إلى الله واطمأن الله إليها ورضيت عن الله ورضي عنها، أمر بقبضها فأدخلها الجنة وجعلها من عباده الصالحين‏.‏

أخرجه مفرقا، وإسناد الاطمئنان إلى الله من مجاز المشاكلة، والمراد به لازمه من إيصال الخير ونحو ذلك‏.‏

وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن الحسن قال‏:‏ المطمئنة إلى ما قال الله والمصدقة بما قال الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال غيره ‏(‏جابوا‏)‏ نقبوا، من جيب القميص قطع له جيب‏.‏

يجوب الفلاة‏)‏ أي ‏(‏يقطعها‏)‏ ‏.‏

ثبت هذا لغير أبي ذر‏.‏

وقال أبو عبيدة في قوله‏:‏ ‏(‏جابوا‏)‏ البلاد‏:‏ نقبوها، ويجوب البلاد يدخل فيها ويقطعها‏.‏

وقال الفراء ‏(‏جابوا الصخر‏)‏ فرقوه فاتخذوه بيوتا‏.‏

وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة ‏(‏جابوا الصخر‏)‏ نقبوا الصخر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لما‏:‏ لممته أجمع أتيت على آخره‏)‏ سقط هذا لأبي ذر وهو قول أبي عبيدة بلفظه وزاد‏:‏ ‏(‏حبا جما‏)‏ كثيرا شديدا‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ لم يذكر في الفجر حديثا مرفوعا، ويدخل فيه حديث ابن مسعود رفعه في قوله تعالى ‏(‏وجيء يومئذ بجهنم‏)‏ قال‏:‏ ‏"‏ يؤتي بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها‏"‏‏.‏

أخرجه مسلم والترمذي

*3*سُورَةُ لَا أُقْسِمُ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ بِمَكَّةَ لَيْسَ عَلَيْكَ مَا عَلَى النَّاسِ فِيهِ مِنْ الْإِثْمِ وَوَالِدٍ آدَمَ وَمَا وَلَدَ لُبَدًا كَثِيرًا وَ النَّجْدَيْنِ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ مَسْغَبَةٍ مَجَاعَةٍ مَتْرَبَةٍ السَّاقِطُ فِي التُّرَابِ يُقَالُ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ فَلَمْ يَقْتَحِمْ الْعَقَبَةَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ فَسَّرَ الْعَقَبَةَ فَقَالَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏سورة لا أقسم‏)‏ ويقال لها أيضا سورة البلد، واتفقوا على أن المراد بالبلد مكة شرفها الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال مجاهد ‏(‏وأنت حل بهذا البلد‏)‏ مكة، ليس عليك ما على الناس فيه من الإثم‏)‏ وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ‏:‏ يقول لا تؤاخذ بما عملت فيه وليس عليك فيه ما على الناس‏.‏

وقد أخرجه الحاكم من طريق منصور عن مجاهد فزاد فيه عن ابن عباس بلفظ‏:‏ أحل الله له أن يصنع فيه ما شاء‏.‏

ولابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس‏:‏ يحل لك أن تقاتل فيه‏.‏

وعلى هذا فالصيغة للوقت الحاضر والمراد الآتي لتحقق وقوعه، لأن السورة مكية والفتح بعد الهجرة بثمان سنين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ووالد آدم وما ولد‏)‏ وصله الفريابي من طريق مجاهد بهذا، وقد أخرجه الحاكم من طريق مجاهد أيضا وزاد فيه‏:‏ عن ابن عباس‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في كبد في شدة خلق‏)‏ ثبت هذا للنسفي وحده، وقد أخرجه سعيد بن منصور من طريق مجاهد بلفظ‏:‏ حملته أمه كرها ووضعته كرها، ومعيشة في نكد وهو يكابد ذلك‏.‏

وأخرجه الحاكم من طريق سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مثله وزاد‏:‏ في ولادته ونبت أسنانه وسرره وختانه ومعيشته‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لبدا كثيرا‏)‏ وصله الفريابي بهذا، وهي بتخفيف الموحدة، وشددها أبو جعفر وحده‏.‏

وقد تقدم تفسيرها في تفسير سورة الجن‏.‏

والنجدين الخير والشر، وصله الفريابي من طريق مجاهد بلفظ سبيل الخير وسبيل الشر، يقول‏:‏ عرفناه‏.‏

وأخرج الطبراني بإسناد حسن عن ابن مسعود قال‏:‏ النجدين سبيل الخير والشر، وصححه الحاكم، وله شاهد عند ابن مردويه من حديث أبي هريرة‏.‏

وقال عبد الرزاق عن معمر عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ إنما هما النجدان، فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مسغبة مجاعة‏)‏ وصله الفريابي عن مجاهد بلفظ جوع، ومن وجه آخر عن مجاهد عن ابن عباس قال‏:‏ ذي مجاعة‏.‏

وأخرجه ابن أبي حاتم كذلك‏.‏

ومن طريق قتادة قال‏:‏ يوم يشتهي فيه الطعام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏متربة الساقط في التراب‏)‏ وصله الفريابي عن مجاهد بلفظ المطروح في التراب ليس له بيت‏.‏

وروى الحاكم من طريق حصين عن مجاهد عن ابن عباس قال‏:‏ المطروح الذي ليس له بيت‏.‏

وفي لفظ‏:‏ المتربة الذي لا يقيه من التراب شيء وهو كذلك لسعيد بن منصور، ولابن عيينة من طريق عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ هو الذي ليس بينه وبين الأرض شيء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يقال ‏(‏فلا اقتحم العقبة‏)‏ فلم يقتحم العقبة في الدنيا‏.‏

ثم فسر العقبة فقال ‏(‏وما أدراك ما العقبة‏؟‏ فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة‏)‏‏)‏ قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال‏:‏ للنار عقبة دون الجنة، فلا اقتحم العقبة‏.‏

ثم أخبر عن اقتحامها فقال‏:‏ فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة‏.‏

وقال أبو عبيدة في قوله‏:‏ ‏(‏فلا اقتحم العقبة إلخ‏)‏ بلفظ الأصل، وزاد بعد قوله مسغبة‏:‏ مجاعة، ذا متربة‏:‏ قد لزق بالتراب‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور من طريق مجاهد قال‏:‏ إن من الموجبات إطعام المؤمن السغبان‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ قرأ فك وأطعم بالفعل الماضي فيهما ابن كثير وأبو عمرو والكسائي، وقرأ باقي السبعة فك بضم الكاف والإضافة وإطعام عطفا عليها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مؤصدة مطبقة‏)‏ هو قول أبي عبيدة، وقد تقدم في صفة النار من بدء الخلق، ويأتي في حديث آخر في تفسير الهمزة‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ لم يذكر في سورة البلد حديثا مرفوعا ويدخل فيها حديث البراء قال ‏"‏ جاء أعرابي فقال‏:‏ يا رسول الله علمني عملا يدخلني الجنة، قال‏:‏ لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة، أعتق النسمة أو فك الرقبة‏.‏

قال‏:‏ أو ليستا بواحدة‏؟‏ قال‏:‏ لا، إن عتق النسمة أن تنفرد بعتقها، وفك الرقبة أن تعين في عتقها ‏"‏ أخرجه أحمد وابن مردويه من طريق عبد الرحمن بن عوسجة عنه وصححه ابن حبان

*3*سُورَةُ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏سورة والشمس وضحاها - بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏ ثبتت البسملة لأبي ذر‏.‏

الحديث‏:‏

وَقَالَ مُجَاهِدٌ بِطَغْوَاهَا بِمَعَاصِيهَا وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا عُقْبَى أَحَدٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال مجاهد‏:‏ ‏(‏ضحاها‏)‏ ضوءها‏.‏

‏(‏إذا تلاها‏)‏ تبعها‏.‏

و ‏(‏طحاها‏)‏ دحاها‏.‏

و ‏(‏دساها‏)‏ أغواها‏)‏ ثبت هذا كله للنسفي وحده، وقد تقدم لهم في بدء الخلق مفرقا إلا قوله‏:‏ ‏(‏دساها‏)‏ فأخرجه الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بهذا، وقد أخرج الحاكم من طريق حصين عن مجاهد عن ابن عباس جميع ذلك قوله‏:‏ ‏(‏فألهمها عرفها الشقاء والسعادة‏)‏ ثبت هذا للنسفي وحده، وقد أخرجه الطبري من طريق مجاهد قوله‏:‏ ‏(‏ولا يخاف عقباها‏:‏ عقبي أحد‏)‏ وصله الفريابي من طريق مجاهد في قوله‏:‏ ‏(‏ولا يخاف عقباها‏)‏ ‏:‏ الله لا يخاف عقبى أحد، وهو مضبوط بفتح الألف والمهملة، وفي بعض النسخ بسكون الخاء المعجمة بعدها ذال معجمة، قال الفراء‏:‏ قرأ أهل البصرة والكوفة بالواو وأهل المدينة بالفاء ‏"‏ فلا يخاف ‏"‏ فالواو صفة العاقر أي عقر ولم يخف عاقبة عقرها، أو المراد لا يخاف الله أن يرجع بعد إهلاكها، فالفاء على هذا أجود، والضمير في عقباها للدمدمة أو لثمود أو للنفس المقدم ذكرها، والدمدمة الهلاك العام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بطغواها‏:‏ معاصيها‏)‏ وصله الفريابي من طريق مجاهد بلفظ ‏"‏ معصيتها ‏"‏ وهو الوجه‏.‏

والطغوى بفتح الطاء والقصر الطغيان، ويحتمل في الباء أن تكون للاستعانة وللسبب، أو المعنى كذبت بالعذاب الناشئ عن طغيانها‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ وَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عَارِمٌ مَنِيعٌ فِي رَهْطِهِ مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ وَذَكَرَ النِّسَاءَ فَقَالَ يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ فَيَجْلِدُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ ثُمَّ وَعَظَهُمْ فِي ضَحِكِهِمْ مِنْ الضَّرْطَةِ وَقَالَ لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ عَمِّ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏هشام‏)‏ هو ابن عروة بن الزبير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عبد الله بن زمعة‏)‏ أي ابن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى صحابي مشهور، وأمه قريبة أخت أم سلمة أم المؤمنين، وكان تحته زينب بنت أم سلمة‏.‏

وقد تقدم في قصة ثمود من أحاديث الأنبياء أنه ليس له في البخاري سوى هذا الحديث، وأنه يشتمل على ثلاثة أحاديث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وذكر الناقة‏)‏ أي ناقة صالح، والواو عاطفة على شيء محذوف تقديره‏:‏ فخطب فذكر كذا وذكر الناقة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والذي عقر‏)‏ كذا هنا بحذف المفعول، وتقدم بلفظ ‏"‏ عقرها ‏"‏ أي الناقة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إذ انبعث‏)‏ تقدم في أحاديث الأنبياء بلفظ انتدب، تقول ندبته إلى كذا فانتدب له أي أمرته فامتثل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عزيز‏)‏ أي قليل المثل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عارم‏)‏ بمهملتين أي صعب على من يرومه كثير الشهامة والشر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏منيع‏)‏ أي قوي ذو منعة أي رهط يمنعونه من الضيم، وقد تقدم في أحاديث الأنبياء بلفظ ‏"‏ ذو منعة ‏"‏ وتقدم بيان اسمه وسبب عقره الناقة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مثل أبي زمعة‏)‏ يأتي في الحديث الذي بعده‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وذكر النساء‏)‏ أي وذكر في خطبته النساء استطرادا إلى ما يقع من أزواجهن‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يعمد‏)‏ بكسر الميم وسيأتي شرحه في كتاب النكاح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم وعظهم في ضحكهم‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ في ضحك ‏"‏ بالتنوين وقال‏:‏ لم يضحك أحدكم مما يفعل‏؟‏ يأتي الكلام عليه في كتاب الأدب إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبو معاوية إلخ‏)‏ وصله إسحاق بن راهويه في مسنده قال‏:‏ أنبأنا أبو معاوية، فذكر الحديث بتمامه وقال في آخره ‏"‏ مثل أبي زمعة عم الزبير بن العوام ‏"‏ كما علقه البخاري سواء‏.‏

وقد أخرجه أحمد عن أبي معاوية لكن لم يقل في آخره ‏"‏ عم الزبير بن العوام ‏"‏ قوله‏:‏ ‏(‏عم الزبير بن العوام‏)‏ هو عم الزبير مجازا لأنه الأسود بن المطلب بن أسد، والعوام بن خويلد بن أسد‏.‏

فنزل ابن العم منزلة الأخ فأطلق عليه عما بهذا الاعتبار، كذا جزم الدمياطي باسم أبي زمعة هنا وهو المعتمد وقال القرطبي في ‏"‏ المفهم ‏"‏‏:‏ يحتمل أن المراد بأبي زمعة الصحابي الذي بايع تحت الشجرة يعني وهو عبيد البلوي، قال‏:‏ ووجه تشبيهه به إن كان كذلك أنه كان في عزة ومنعة في قومه كما كان ذلك الكافر، قال‏:‏ ويحتمل أن يريد غيره ممن يكنى أبا زمعة من الكفار‏.‏

قلت‏:‏ وهذا الثاني هو المعتمد، والغير المذكور هو الأسود، وهو جد عبد الله بن زمعة راوي هذا الخبر، لقوله في نفس الخبر ‏"‏ عم الزبير بن العوام ‏"‏ وليس بين البلوي وبين الزبير نسب‏.‏

وقد أخرج الزبير بن بكار هذا الحديث في ترجمة الأسود بن المطلب من طريق عامر بن صالح عن هشام بن عروة وزاد ‏"‏ قال فتحدث بها عروة وأبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة جالس، فكأنه وجد منها، فقال له عروة‏:‏ يا ابن أخي، والله ما حدثنيها أبوك إلا وهو يفخر بها، وكان الأسود أحد المستهزئين، ومات على كفره بمكة، وقتل ابنه زمعة يوم بدر كافرا أيضا

*3*سُورَةُ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى بِالْخَلَفِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ تَرَدَّى مَاتَ وَ تَلَظَّى تَوَهَّجُ وَقَرَأَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ تَتَلَظَّى

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏سورة والليل إذا يغشى - بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏ ثبتت البسملة لأبي ذر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عباس‏:‏ وكذب بالحسنى بالخلف‏)‏ وصله ابن أبي حاتم من طريق حصين عن عكرمة عنه وإسناده صحيح قوله‏:‏ ‏(‏وقال مجاهد تردى مات‏.‏

وتلظى توهج‏)‏ وصله الفريابي من طريق مجاهد في قوله‏:‏ ‏(‏إذا تردى‏)‏ ‏:‏ إذا مات‏.‏

وفي قوله‏:‏ ‏(‏نارا تلظى‏)‏ توهج‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقرأ عبيد بن عمير تتلظى‏)‏ وصله سعيد بن منصور عن ابن عيينة وداود العطار كلاهما عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير أنه قرأ ‏"‏ نارا تتلظى ‏"‏ وقال الفراء‏:‏ حدثنا ابن عيينة عن عمرو قال ‏"‏ فاتت عبيد بن عمير ركعة من المغرب، فسمعته يقرأ فأنذرتكم نارا تلظى ‏"‏ وهذا إسناد صحيح، ولكن رواه سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عن ابن عيينة بهذا السند فالله أعلم، وهي قراءة زيد بن علي وطلحة بن مصرف أيضا، وقد قيل إن عبيد بن عمير قرأها بالإدغام في الوصل لا في الابتداء؛ وهي قراءة البزي من طريق ابن كثير

*3*باب وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب والنهار إذا تجلى‏)‏ ذكر فيه الحديث الآتي في الباب الذي بعده، وسقطت الترجمة لأبي ذر والنسفي‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ دَخَلْتُ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ الشَّأْمَ فَسَمِعَ بِنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ فَأَتَانَا فَقَالَ أَفِيكُمْ مَنْ يَقْرَأُ فَقُلْنَا نَعَمْ قَالَ فَأَيُّكُمْ أَقْرَأُ فَأَشَارُوا إِلَيَّ فَقَالَ اقْرَأْ فَقَرَأْتُ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى قَالَ أَنْتَ سَمِعْتَهَا مِنْ فِي صَاحِبِكَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ وَأَنَا سَمِعْتُهَا مِنْ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَؤُلَاءِ يَأْبَوْنَ عَلَيْنَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب والنهار إذا تجلى‏)‏ ذكر فيه الحديث الآتي في الباب الذي بعده، وسقطت الترجمة لأبي ذر والنسفي‏.‏

*3*باب وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب وما خلق الذكر والأنثى‏.‏

حدثنا عمر‏)‏ هو ابن حفص بن غياث، ووقع لأبي ذر حدثنا عمر ابن حفص‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قَدِمَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ فَطَلَبَهُمْ فَوَجَدَهُمْ فَقَالَ أَيُّكُمْ يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُلُّنَا قَالَ فَأَيُّكُمْ أَحْفَظُ فَأَشَارُوا إِلَى عَلْقَمَةَ قَالَ كَيْفَ سَمِعْتَهُ يَقْرَأُ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى قَالَ عَلْقَمَةُ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى قَالَ أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ هَكَذَا وَهَؤُلَاءِ يُرِيدُونِي عَلَى أَنْ أَقْرَأَ وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَاللَّهِ لَا أُتَابِعُهُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏قدم أصحاب عبد الله‏)‏ أي ابن مسعود ‏(‏على أبي الدرداء، فطلبهم فوجدهم فقال‏:‏ أيكم يقرأ على قراءة عبد الله‏؟‏ قالوا‏:‏ كلنا‏.‏

قال‏:‏ فأيكم أحفظ‏؟‏ وأشاروا إلى علقمة‏)‏ هذا صورته الإرسال، لأن إبراهيم ما حضر القصة، وقد وقع في رواية سفيان عن الأعمش في الباب الذي قبله ‏"‏ عن إبراهيم عن علقمة ‏"‏ فتبين أن الإرسال في هذا الحديث، ووقع رواية الباب عند أبي نعيم أيضا ما يقتضي أن إبراهيم سمعه من علقمة‏.‏

وقوله في آخره ‏(‏وهؤلاء يريدونني على أن أقرأ وما خلق الذكر والأنثى‏.‏

والله لا أتابعهم‏)‏ ووقع في رواية داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة في هذا الحديث ‏"‏ وإن هؤلاء يريدونني أن أزول عما أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون لي‏:‏ اقرأ وما خلق الذكر والأنثى، وإني والله لا أطيعهم ‏"‏ أخرجه مسلم وابن مردويه‏.‏

وفي هذا بيان واضح أن قراءة ابن مسعود كانت كذلك، والذي وقع في غير هذه الطريق أنه قرأ ‏"‏ والذي خلق الذكر والأنثى ‏"‏ كذا في كثير من كتب القراءات الشاذة، وهذه القراءة لم يذكرها أبو عبيد إلا عن الحسن البصري، وأما ابن مسعود فهذا الإسناد المذكور في الصحيحين عنه من أصح الأسانيد يروي به الأحاديث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كيف سمعته‏)‏ أي ابن مسعود ‏(‏يقرأ والليل إذ يغشى‏؟‏ قال علقمة‏:‏ والذكر والأنثى‏)‏ في رواية سفيان ‏(‏فقرأت والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى‏)‏ وهذا صريح في أن ابن مسعود كان يقرؤها كذلك‏.‏

وفي رواية إسرائيل عن مغيرة في المناقب ‏"‏ والليل إذا يغشى والذكر والأنثى ‏"‏ بحذف ‏"‏ والنهار إذا تجلى ‏"‏ كذا في رواية أبي ذر وأثبتها الباقون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وهؤلاء‏)‏ أي أهل الشام ‏(‏يريدونني على أن أقرأ وما خلق الذكر والأنثى، والله لا أتابعهم‏)‏ هذا أبين من الرواية التي قبلها حيث قال ‏"‏ وهؤلاء يأبون علي ‏"‏ ثم هذه القراءة لم تنقل إلا عمن ذكر هنا، ومن عداهم قرءوا ‏"‏ وما خلق الذكر والأنثى ‏"‏ وعليها استقر الأمر مع قوة إسناد ذلك إلى أبي الدرداء ومن ذكر معه، ولعل هذا مما نسخت تلاوته ولم يبلغ النسخ أبا الدرداء ومن ذكر معه‏.‏

والعجب من نقل الحفاظ من الكوفيين هذه القراءة عن علقمة وعن ابن مسعود وإليهما تنتهي القراءة بالكوفة ثم لم يقرأ بها أحد منهم، وكذا أهل الشام حملوا القراءة عن أبي الدرداء ولم يقرأ أحد منهم بهذا، فهذا مما يقوى أن التلاوة بها نسخت‏.‏

*3*بَاب قَوْلُهُ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ فِي جَنَازَةٍ فَقَالَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنْ النَّارِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَتَّكِلُ فَقَالَ اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ ثُمَّ قَرَأَ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى إِلَى قَوْلِهِ لِلْعُسْرَى حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ

الشرح‏:‏

حديث علي قال ‏"‏ كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بقيع الغرقد في جنازة فقال‏:‏ ما منكم من أحد إلا وكتب مقعده من الجنة ومقعده من النار ‏"‏ الحديث ذكره في خمسة تراجم أخرى لا يأتي في هذه السورة كلها من طريق الأعمش إلا الخامس، فمن طريق منصور، كلاهما عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي، وصرح في الترجمة الأخيرة بسماع الأعمش له من سعد، وسيأتي شرحه مستوفي في كتاب القدر إن شاء الله تعالى قوله‏:‏ ‏(‏باب قوله وصدق بالحسنى‏)‏ سقطت هذه الترجمة لغير أبي ذر والنسفي، وسقط لفظ ‏"‏ باب ‏"‏ من التراجم كلها لغير أبي ذر

*3*بَاب فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ فِي جَنَازَةٍ فَأَخَذَ عُودًا يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ فَقَالَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنْ النَّارِ أَوْ مِنْ الْجَنَّةِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَتَّكِلُ قَالَ اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى الْآيَةَ قَالَ شُعْبَةُ وَحَدَّثَنِي بِهِ مَنْصُورٌ فَلَمْ أُنْكِرْهُ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ

الشرح‏:‏

‏(‏لا يوجد شرح لهذا الحديث‏)‏ ‏.‏

*3*بَاب قَوْلِهِ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنْ النَّارِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَتَّكِلُ قَالَ لَا اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ ثُمَّ قَرَأَ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى إِلَى قَوْلِهِ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى

الشرح‏:‏

‏(‏لا يوجد شرح لهذا الحديث‏)‏ ‏.‏