فصل: أبوابُ الدَّعوات:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: قوت المغتذي على جامع الترمذي



.أبوابُ الدَّعوات:

910- [3370] «لَيْسَ شيء أكرم على الله من الدُّعاء»
قال الطيبي: أكرم بالنصب خبر ليسَ.
911- [3371] «الدُّعاء مُخُّ العِبادَة»
قال في النِّهاية: مُخُّ الشيء: خالصه، وإنما كان مُخَّها لأمرين: أحدهما: أنه امتثال أمرِ الله تعالى حيث قال: {ادعُونِي} فهو مَحْضُ العِبَادَة، وخالصُهَا.
والثاني: أنه إذا رأى نجاح الأمور من الله قطع أمله عن سواه ودعاه لحاجته وحدَهُ، وهذا هو أصل العبادة، ولأنَّ الغرض من العبادة الثوابُ عليها وهو المطلوب الدُّعاء.
وقال الحكيم في نوادر الأصول: إنما صار مخًا لها لأنه تبرَّؤ من الحول والقوة واعتراف بأنَّ الأشياء كلها له وتسليم إليه ثم يسأله.
912- [3372] «الدُّعاء هُوَ العِبادة».
قال الطيبي: أتى بضمير الفصل، والخبر المعرف باللام ليدل على القصد وأنَّ العبادة ليست عين الدُعاء.
ثُمَّ قرَأَ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي} الآية.
قال البيضاوي: لما حكم بأنَّ الدَّعاء هو العبادة الحقيقيَّة التي تستأهل أن تسمَّى عبادة من حيث إنه يدُل على أنَّ فاعله مقبل بوجهه إلى الله تعالى معرض عمَّن سِواه لا يرجُو ولا يخاف إلاَّ منه استدل عليه بالآية، فإنها تدُل على أنه أمر مأمُور به إذا أتى به المكلف قُبل منه لا محالة وترتب عليه المقصود، ترتب الجزاء على الشرط، والمسبَّب على السبب، وما كان كذلك كان أتم العبادات وأكملها.
913- [3373] «من لم يسْأَلِ الله يَغْضَبْ عليه».
قال الطيبي: وذلك لأنَّ الله تعالى يحب أن يُسأل من فضله، فمن لم يسأله يبغضه، والمبغُوض مغضوب عليه لا محالة.
914- [3375] «أَتَشَبَّثُ بِهِ» أي أتعلق به.
«لا يَزَالُ لِسانكَ رَطْبًا من ذكْرِ اللهِ».
قال الطيبي: رطوبة اللسان عبارة عن سهولة جريانه كما أن يبسه عبارة عن ضده، ثم إنَّ جريان اللِّسان حينئذٍ عبارة عن مُداومة الذكر قبل ذلك، فكأنه قيل داوم الذكر فهو من أسلوب قوله تعالى: {وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)}.
915- [3377] «أَلاَ أُنبِّئكم بِخَيْرِ أعمَالِكمْ...» الحديث.
قال الشيخ عز الدِّين بن عبد السلام في القواعد: هذا الحديث يدل على أنَّ الثواب لا يترتب على قدر النصب في جميع العبادات بل قد يأجر الله تعالى على قليل الأعمال أكثر مما يأجر على كثيرها، فإذًا الثواب يترتب على تفاوت الرتب في الشرف.
«وخَيْرٌ لكم مِنْ إنفاق الذَّهبِ».
قال الطيبي: مجرور عُطف على: «خير أعمالكم» من حيث المعنى؛ لأنَّ المعنى ألا أنبئكم بما هو خيرٌ لكم من بذل أموالكم ونفُوسكم.
916- [3379] «آلله ما أجلسكم».
قال الطيبي: هو بالنصب؛ أي أتقسمون بالله؟ فحذف الجار، وأوصل الفعل، ثم حذف الفعل.
«خَرَج على حلقةٍ من أصحابه» بسكون اللام والجمع حِلق، بكسر أوله كبدرة، وبدار، وقِصعة، وقِصع قاله الأصمعي.
وقال غيره: الجمع حلق بالفتح، وهو جمع خارج عن القياس، قال ثعلب كلهم يجيزه على ضعفه.
وقال أبو عمر: الواحد حلَقَة بالتحريك والجمع حلق وَحَلقات.
وعن الشيباني: ليس في الكلام حلقه، إلاَّ قولك حلقة جمع حالق.
917- [3380] «كَانَ عَليْهِمْ تِرَةً» أي تبعه.
- 3380 «أفضل الذِّكر لا إله إلاَّ الله وأفضل الدُّعاء الحمد لله».
قال الطيبي: قال بعض المحققين إنما جعل التهليل أفضل الذكر لأنَّ لها تأثيرًا في تطهير الباطن عن الأوصاف الذميمة التي هي معبودات في الظاهر.
قال الله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} فيفيد نفي عموم الآلهة بقوله: لا إله، ويثبت الواحد بقوله: إلاَّ الله ويعود الذكر من ظاهر لسانه إلى باطن قلبه فيتمكن فيه ويستولى على جوارحه، وجد حلاوة هذا من ذاق. وأطلق الدعاء على الحمد من باب المجاز ولعله جعل أفضل الدعاء من حيث أنه سؤال لطيف يدق مسلكه.
ومن ذلك قول أميَّة بن أبي الصَلت حين خرج إلى بعض الملوك يطلب نائله.
إذا أثنى عليك المرء يومًا ** كفاه من تعرضه الثناء

وقال المظهري: إنما كان التهليل أفضل الذكر؛ لأنه لا يصح الإيمان إلاَّ به، وإنما جعل الحمد أفضل الدُعاء؛ لأنَّ الدعاء عبارة عن ذكر الله، وأن يطلب منه حاجته، والحمد لله يشملها؛ فإنَّ من حمد الله إنما يحمده على نعمته، والحمد على النعمة طلب مزيد.
قال تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}.
قال الطيبي: ويمكن أن يكون قوله: «الحمد لله» منِ باب التلميح والإشارة إلى قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} وأي دعاء أفضل، وأكمل، وأجمع من ذلك!.
وفي نوادر الأصول للحكيم الترمذي من طريق الجارود قال: كان وكيع يقول: الحمد لله، شكر لا إله إلاَّ الله.
قال الحكيم: فيا لها من كلمة لوكيع لأنَّ لا إله إلاَّ الله أعظم النعم فإذا حمد الله عليها كان في كلمة الحمد قول لا إله إلاَّ الله متضمنة، مشتملة عليها الحمد لله.
918- [3390] «وَأمْسَيْنَا، وأمسى المُلكُ لله والحمد لله» قال المظهري: عطف على: «أمسينا وأمسى الملك لله» وأمسى إذا دخل في المساء، وأمسى إذا صار، يعني دخلنا في المساء، وصرنا نحن، وجميع الملك، وجميع الحمد لله.
وقال الطيبي: الظاهر أنه عطف على قوله: «الملك لله» ويدل عليه قوله بعد: «له الملك وله الحمد» وقوله: «وَأمسى الملك لله» حال من: «أمسينا» إذا قلنا أنه فعل تام، ومعطوف على: «أمسينا» إذا قلنا أنه ناقص والخبر محذوف لدلالة الثاني عليه، أو خبر، والواو فيه كما في قول الحماسي:
فلما صرح الشر ** فأمسى وهو غير ثان

قال أبو البقاء: أمسى هنا ناقصة، والجملة بعدها خبر لها.
فإن قلت: خبر كان مثل المبتدأ، وخبر المبتدأ لا يجوز أن تدخل عليه الواو؟ قيل: الواو إنما دخلت في خبر كان، لأنَّ اسم كان يشبه ْالفاعل، وخبرها يشبه الحال.
وقوله: «لا إله إلاَّ الله وحدَهُ لا شريك له» عطف على: «الحمد لله» على تأويل، و«أمسى» الفردانية، والوحدانية مختصين بالله.
فإن قلت: ما معنى: «أمسى الملك لله».
والملك له أبدًا، وكذلك الحمد؟ قلت: هو بيان حال القائل أي عرفنا أنَّ الملك، والحمد لله لا لغيره، فالتجأنا إليه واستغنينا به، وخصَّصناه بالعبادة، والثناء عليه والشكر له.
«وأعوذ بِكَ من الكَسَلِ».
قال التوربشتي: هو التثاقل عما لا ينبغي التثاقل عنه، ويكون ذلك لعدم انبعاث النَّفس للخير مع ظهور الاستطاعة.
«وَسُوءِ الكِبرِ» قال في النِّهاية: يُروى بسكون الباء وفتحها فالسُّكون، بمعنى البطر، والفتح بمعنى الهرم، والخرف.
قال المظهري: والفتح أصح.
919- [3391] «اللَّهمَّ بكَ أصبَحْنَا» قال الطيبي: الباء متعلقة بمحذوف، وهو خبر أصح ولابد من تقدير مُضاف، أصبحنا ملتبسين نعمتك أي بحياطتك، وكلآتك، وبذكرك، واسمك.
«وبك نَحْيَا، وبكَ نَمُوتُ» قال النووي: أي أنت تحييني، وأنت تميتني، وإليك المصير. قال في النهاية: أي إليك المرجِع يقال: صرتُ إلى فلان، أصِير مصيرًا. وهو شاذٌّ والقياس مصارا مثل، معاش.
«وَإِليك النُّشُورُ» يقال: نشر الميت، ينشر نشورًا، إذا عاش بعد الموت.
920- [3392] «ومليكَهُ».
قال الطيبي: فعيلة، بمعنى فاعل للمبالغة، كالقدير، بمعنى القادر.
«وَمن شرِّ الشَّيطانِ وشِركِهِ»
قال في النِّهاية: يُروى بكسر الشين، وسكون الراء؛ أي ما يدعُو إليه، ويُوسْوِسُ به من الإشراك بالله تعالى.
وبفتح الشين، والراء: أي حبائله ومصائده. واحدها شرَكة.
قال الطيبي: فالإضافة على الثاني محضة، وعلى الأول إضافة المصدر إلى فاعله.
921- [3393] «أَلاَ أَدُلُّكَ على سيِّدِ الاسْتِغْفارِ».
قال الطيبي: السيد، مستعار من الرئيس المقدم الذي يصمد إليه في الحوائج، ويرجع إليه في الأمور كهذا الدعاء الذي هو جامع لمعاني التوبة كلها. وقوله: «وَأنا عَبْدُكَ» يجوز أن تكون مؤكدة، وأن تكون مقررة؛ أي أنا عابد لك، وينصره عطفُ.
«وَأنا على عهدك ووعدك ما استطعت». قال البغوي في شرح السنة: يريد أنا على ما عاهدتك عليه، وواعدتك من الإيمان بك، وإخلاص الطاعة لك. وقد يكون معناه: إنِّي مقيم على ما عاهدتك على أمرك ومتمسِّك ومتنجِّز وعدك في المثوبة، والأجر عليه، واشتراط الاستطاعة في ذلك معناه الاعتراف بالعجز، والقصور عن كنه الواجب من حقه عزَّ وجل.
قال الطيبي: ويجوز أن يُراد بالعهد، والوعد، ما في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا}.
«وأبوءُ لكَ» قال في النِّهاية: أي ألتزم، وأرجع وأُقِرُّ.
922- [3394] «مُت على الفطرةِ» أي دين الإسلام.
«تقول: اللَّهمَّ أَسلمتُ نفْسِي إليك ووجَّهت وجهي إليك، وفوَّضت أمرِي إليك رغبةً ورهْبةً إليك، وألجأتُ ظهري إليك لا مَلْجأ، ولا منجى مِنكَ إلاَّ إليكَ».
قال القرطبي: المراد بالنفس هنا الذات، وبالوجه القصد.
وقال الطيبي: في هذا النظم عجائب وغرائب لا يعرفها إلاَّ المتقن من أهل البيان، فقوله: «أسلمتُ نفسي» إشارة إلى أنَّ جوارحه منقادَة لله تعالى في أوامره، ونواهيه.
وقوله: «وَجَّهْتُ وجْهِي» إلى أنَّ ذاته، وحقيقته مخلصة له بريئة من النفاق.
وقوله: «وَفوَّضْتُ» إلى أنَّ أمُوره الخارجة، والداخلة مفوضة إليه، لا مدبر لها غيره.
وقوله: «ألجأتُ ظَهرِي إليكَ» بعد قوله: «وفوَّضتُ أمري» أي أنه بعد تفويض أموره التي مفتقر إليها وبها معاشه وعليها مدار أمره يلجأ إليه مما يضره ويؤذيه من الأسباب الداخلة، والخارجة.
ثم قوله: «رغبةً ورهبةً» منصوبان على المفعول له على طريقة اللف، والنشر؛ أي: «فوَّضت أمري إليك» رغبةً، و«ألجأت ظهري» من المكاره والشدائد «إليك، رهبةً منك؛ لأنه لا ملجأ، ولا منجى مِنْكَ إلاَّ إليْكَ».
وقوله: «رغبةً، ورهبَةً إليكَ» من باب قوله: متقلدًا سيفًا ورمحًا و«ملجأ» مهموز، و«منجا» مقصُور، هُمَز للازدواج. انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر: قد رواه أحمد، والنسائي بلفظ: «رهبةً منك، ورغبةً إليك». وزاد النسائي في أوله: «بسمِ اللهِ».
قال البراءُ، فقُلتُ: «ورسُولك الذي أرْسلتَ فطعَن بِيدِهِ في صدري» لفظ النسائي: «فوضع يده في صدري ثم قال: ونبيِّك الذي أرسلتَ» في رواية، فقال: «قل ونبيِّك».
قال في فتح الباري: أولى ما قيل في الحكمة في رده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، على من قال: الرسُول بدل النبي أنَّ ألفاظ الأذكار توقيفية، ولها خصائص، وأسرار لا يدخلها القياس، فيجب المحافظة على اللَّفظ الذي وردت به وهذا اختيار المازري.
قال: فيقتصر فيه على اللَّفظ الوارد بحُروفه، وقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف، ولعله أوحى إليه بهذه الكلمات فيتعيَّن أداؤها بحروفها.
ورواه منصور بن المعتمر، عن سعد بن عبيدة عن البراء.
قال الحافظ بن حجر: كذا قال الأكثر وخالفهم إبراهيم بن طهمان فقال: عن منصور عن الحكم عن سعد بن عبيدة زاد في الإسناد الحكم، أخرجه النسائي، وقد سأل ابن أبي حاتم عنه أباه فقال: هذا خطأ ليس فيه الحكم فهو من المزيد في متَّصل الأسانيد.