فصل: الضرب الأول:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لباب اللباب في بيان ما تضمنته أبواب الكتاب من الأركان والشروط والموانع والأسباب



.الثالث: في مصرف النقد:

وإذا قبضت الحرة صداقها وكان عينًا وقبضته بعد البناء فهو كمالها وإن قبضته أو قبضه وليها قبل البناء فمن حق الزوج أن يصرفه في جهازها المعلوم بالعادة، وهو المشهور، وللزوج أن يمتهن الجهاز معها ابن زرب ولو أرادت بيع ما أقامته بنقدها لم يكن لها ذلك إلا بعد مدة يرى أن الزوج قد انتفع به فيها ولم ير السنة طولاً.

.الرابع: في الحمل والحمالة في الصداق:

وإذا ضمن أحد الصداق فصرح بالحمل أو بالحمالة عمل بمقتضاه وإن أبهم ثم قال: أردت الحمالة أو قال ذلك ورثته، فقال ابن الماجشون: هو على الحمل.
قال فضل: وهو مذهب ابن القاسم، وعن ابن القاسم أنه على الحمالة، والأول أصح. وإذا كتب الأب الصداق على ابنه الصغير وهو ملى فالصداق على الابن، وإن كان عديمًا فالمشهور أنه على الأب، وفي المتيطية عن ابن القاسم إن كتبه على الابن فرضي الزوج فهو على الابن كما لو اشترى له سلعة وكتب الثمن عليه.
قال: وبه جرى العمل، ولو عقد على ابنه البالغ الراشد وسمى الصداق عليه فهو عليه، وإن سماه على الابن أو سكت فهو على الابن.
تنبيه:
ما كان على الحمل، فلا رجوع للحامل به؛ لأنه بمعنى الصلة بخلاف الحمالة، فإن مات الحامل قبل دفعه وقد كان تحمل به في نفس العقد وقبل استقراره في ذمة الزوج، أخذ من رأس ماله ولا يحاسب به الزوج من ميراثه إن كان وارثًا، ويحاص به الغرماء، فإن لم يترك شيئًا فلا حق لها على الزوج إلا أن يكون لم يدخل بها، فلها منع نفسها حتى تقبض صداقها، قاله مالك، وابن القاسم، وإن كان تحمل به بعد استقراره في ذمة الزوج، ففي بطلانه قولان لابن القاسم وأشهب.

.الخامس: في حكم الضمان:

وإذا كان الصداق معينًا وتلف بيد الزوج، فإن كان فيه حق توفية فضمانه منه، وإن لم يكن فيه حق توفية، فأما العقار والحيوان فضمانه منها، وأما العروض فضمانها منه، إلا أن تقوم بينة على الضياع، وإن تلف ذلك بيدها ثم طلقها قبل البناء فالقول قولها فيما لا يغاب عليه وتحلف، وأما ما يغاب عليه فلا براءة لها من نصفه إلا أن تقوم لها بينة.
وقال أصبغ: تضمن العين، وإن قامت لها البينة بخلاف العرض وإذا قبض أبو الثيب صداقها بغير وكالة ضمنه ولو قبضه بوكالة أو قبضه لابنته البكر بالمعاينة برئ الزوج، وكذلك الوصي وإن قبضه بغير معاينة، فقال ابن القاسم: الأب مصدق والضياع من الابنة، وبه الحكم.
وقال مالك: على الزوج دفعه ثانية، ولا شيء على الأب.

.السادس: في الاستحقاق والعيب:

وإذا استحق الصداق أو وجد به عيب رجعت بالمثل في المثلى، وبالقيمة في غيره على المشهور.

.السابع: في التقرير وحكم الخلوة والتشطير:

والصداق يتقرر ملك المرأة عليه بالموت، وبالإصابة في المحل المخصوص بالآلة المخصوصة، وفي تقريره بالإصابة في الدبر أو بافتضاضها بإصبعه قولان، وإذا قلنا:لا يتقرر بالإصبع فعليه في البكر ما شانها ولا شيء عليه للثيب. وفي تقريره بمجرد العقد ثلاثة، قيل: يتقرر نصفه، وقيل: جميعه، والطلاق يشطره، والمشهور أنه لا يتقرر منه شيء، وإذا دخل وكان قادًا على افتضاضها وتركه اختيارًا، فظاهر المذهب أنه لا يتقرر، وإنما لها النصف إن طلق، وإن لم يكن قادرًا لمانع كالمعترض ولم يطل مقامه معها، فليس لها إلا النصف على المشهور، وإن طال فقال في المدونة: يكمل لتلذذه بها وأخلاقه شورتها، وعن مالك: لا يكمل.
قال ابن القصار: هذه الرواية هي المعمول بها، وإذا قلنا بالأولى فما حد الطول.
قال في المدونة: العام، وقيل: العرف، وأما المجبوب والخصي المقطوع الذكر والعنين، فيكمل؛ لأنه قدرتهم من المسيس.
وأما مجرد الخلوة فلا يقرر شيئًا، فإن ادعت الوطء وكانت خلوة بناء، فالقول قولها على المشهور بكرًا كانت أو ثيبًا، قيل: ينظر النساء البكر، وإن كانت خلوة زيارة فأربعة يفرق في الثالث، فيكون القول قول الثيب، وينظر النساء البكر والرابع القول قول الزائر منهما وهو المشهور.

.الثامن: في التفويض والتحكيم:

والتفويض جائز، وهو إخلاء العقد من تسمية المهر والمفوضة تستحق مهر المثل بالفرض وبالوطء لا بالعقد على المشهور، وقيل: وبالعقد، وعلى المشهور إن طلقها أو مات عنها قبل الفرض فلا شيء لها ولها الميراث، والحرة لها منع نفسها من الدخول حتى يفرض لها.
قال اللخمي: وتقبضه إلا أن تكون العادة أنه مقدم ومؤخر، فلا تمتنع إذا فرض صداق المثل وعجل النقد المعتاد ولو رضيت بالدخول قبل الفرض جاز، وقدم لها ربع دينار، وإذا فرض لها صداق المثل لزمها ولا يلزمه، وإن فرض أقل قبل البناء ورضيت به الرشيدة أو أبو البكر مضى. وأما ذات الوصي، فالمشهور يعتبر رضاهما معًا إذا كان نظرًا، ولو كانت سفيهة لا ولاية عليها، فقال ابن القاسم: لا يجوز رضاها بذلك، وقيل: يجوز، وطرحه سحنون، وإن طرح لها بعد البناء ففي رضى الولي بذلك ثلاثة الجواز أبًا كان أو وصيًا.
قال ابن القاسم: يريد إذا خاف أن يفارقها ويرى أن مثله رغبة لها والمنع والجواز للأب دون الوصي، قاله مالك في المدونة.
والتحكيم: في معنى التفويض مثل أن يقول: تزوجتك على حكمي أو حكمك أو حكم فلان، وبجوازه قال مالك، وإليه رجع ابن القاسم بعد أن قال: يفسخ قبل البناء ويثبت بعده، ثم إن وقع الرضى بالحكم وإلا فسخ ولو فرض الزوج صداق المثل لزم كالتفويض.

.التاسع: في الزيادة في الصداق:

وإذا زاد الرجل امرأته في صداقها بعد العقد طوعًا صح لها جميعها بالدخول ونصفها بالطلاق، فإن مات قبل أن تقبضها بطلت.
وقال الأبهري: القياس أن تجب لها بالموت.

.العاشر: في صداق السر:

ورجوع النقد إلى يد الزوج وما تعطيه المرأة للزوج ليزيده في صداقها:
وإذا عقدا على صداق وأعلنا غيره فالصداق ما في السر أو لا يضر شاهدي السر وقوع شهادتهما فيما أعلناه، فإن ادعت المرأة أو أبواها أنهما انتقلا لما في العلانية فالقول قول الزوج مع يمينه، ولو تزوجها بثلاثين دينارًا عشرة نقدًا وعشرة إلى أجل وسكتا عن العشرة الثالثة فالعشرة الثالثة ساقطة، ولو كان في البيع لكانت حمالة، وإذا قبض النقد من يحوز له قبضه ثم أعاده على الزوج بعد غيبته عليه، فقال أبو عمران: ذلك نكاح وسلف يفسخ قبل ويثبت بعد بصداق المثل؛ لأن فساده في صداقه. وإذا بعثت البكر بغير علم الأب للزوج دارهم ليزيدها في صداقها وجب عليه رد ما أخذ ولم يحط عنه من الصداق شيء كالعبد يعطي مالاً لمن يشتريه، وإلى هذا رجع ابن القاسم بعد أن قال: إذا لم يبن، فإن أتم الصداق وإلا فسخ، وإن بنى فعليه صداق المثل والثيب والسفيهة كالبكر، ولا مقال له إن كان عالمًا بسفهها، فإن لم يكن عالمًا حلف أنه لم يرض بتلك التسمية إلا لما وصله منها، ثم يكون الأب بالخيار في إمضاء النكاح بما دفعه من ماله أو يفارق ولا شيء عليه، وإن علم بذلك بعد البناء حلف وأعطاها صداق المثل ما لم يكن أقل مما دفعه من ماله أو أكثر من الجميع، ولو كانت رشيدة مضى إن زاد من عنده ربع دينار.

.اللواحق:

ينحصر الكلام فيها في ثمانية فصول:

.الأول: في الاختلاف في الصداق:

واختلافهما فيه ينحصر في خمسة في قدره وجنسه وفي دفعه وفي التعويض وفي التسمية وفي الصحة والفساد. وإذا اختلفا في قدره قبل البناء من غير موت ولا طلاق تحالفا وتفاسخًا وبدأت المرأة باليمين أو المتولي لعقد نكاحها إن كانت محجورة على المشهور، وروى يبدأ الزوج، واختار اللخمي أن يقترعا، فإذا حلفت خير الزوج في الحلف أو الرجوع إلى قولها، ويفسخ النكاح بتحالفهما كالنكاح عند سحنون.
وقال القاضيان أبو الحسن وأبو محمد لكل واحد منهما الرجوع إلى قول صاحبه، وبه العمل، وإلا فسخ بغير طلاق، وقيل: بطلاق، وفي مراعاة الأشبه روايتان، وإن اختلفا بعد الطلاق وقبل البناء أو بعده فالقول قول الزوج، وهو المشهور، وإن اختلفا في جنسه مثل أن يقول: تزوجت بهذا الثوب وتقول هي: بل بهذا العبد، فإن كان قبل البناء تحالفا وتفاسخا، وإن كان بعده فثلاثة يتحالفان، ولها صداق المثل ما لم يكن أكثر من قيمة العبد إن كان أو أقل من قيمة الثوب، والقول قول الزوج، قاله ابن القصار، والقول قوله إن ادعى ما يشبه أن يكون صداقًا، وإلا فقولها إن ادعت ما يشبه، وكانت قيمة ذلك ما تزوج به فأقل، فإن ادعى كل واحد منهما ما يشبه فالقول قول الزوج، وإن ادعيا ما لا يشبه تحالفا وتفاسخا ولها صداق المثل، وإن اختلفا في دفعه قبل البناء وادعى دفعه إليها وهي رشيدة حلفت وأخذت، وإن كانت محجورة وادعى الدفع إلى أبيها أو وكيلها أو وصيها حلف ولزمه الدفع، وإن نكل حلف الزوج وبرئ ولزم الأب أو الوضي دفعه لها، ولو كان الناكل هو الولي دفعه الزوج لها ورجع به على الولي، وإن كان بعد البناء والمرأة سفيهة لم يقبل قوله ولا يمين عليها، وإن كانت رشيدة وادعى الدفع إليها فالقول قوله مع يمينه على المشهور للعرف.
قال القاضي إسماعيل: إنما قال مالك ذلك بالمدينة للعرف؛ لأن عادتهم دفع الصداق قبل البناء، فأما في سائر الأمصار، فالقول قول المرأة مع يمينها.
قال القاضي أبو محمد: إلا أن يكون عرفهم كعرف المدينة، وإن اختلفا في التفويض والتسمية فالقول قول مدعي التفويض، وحمل اللخمي قول مالك على قوم عادتهم عقد النكاح على التفويض والتسمية، قال: ولو كانت عادة قوم التسمية خاصة، فالقول قول مدعي التسمية، وإن ادعى الزوج الفساد وادعت هي الصحة قبل البناء فرق بينهما لإقراره وتحلف هي وتأخذ نصف الصداق ولو كانت هي المدعية للفساد لم تصدق؛ لأنها متهمة على الفراق.

.الثاني: في الاختلاف في متاع البيت:

وإذا اختلفا في متاع البيت فما كان معروفًا بالنساء فهو للمرأة، وما كان معروفًا بالرجال فهو للرجل، ومن قضى له بشيء فهل عليه يمين أم لا؟ قولان لابن حبيب وسحنون، ومن أقام بينة أنه اشتراها يعرف لصاحبه فهو له بعد يمينه أنه إنما اشتراه لنفسه، وما كان معروفًا بالنساء والرجال فهو للرجل؛ لأن البيت بيته وبه القضاء.

.الثالث: فيما يفسخ قبل وبعد وما يفسخ قبل خاصة:

اعلم أن كل نكاح مجمع على فساده فإنه يفسخ قبل البناء وبعده، وما اختلف فيه فإن كان الخلاف لخلل في عقده كنكاح المريض والمحرم وشبه ذلك، فإنه يفسخ قبل، وفي فسخه بعد خلاف، وإن كان لخلل في صداقه فالمشهور أنه يفسخ قبل البناء ويثبت بعده بصداق المثل.

.الرابع: فيما يفسخ بطلاق وبغيره:

ما كان من الأنكحة للولي أو لأحد الزوجين أو غيرهما إمضاؤه وفسخه فإنه يفسخ بطلاق، قال في المدونة: والطلقة بائنة.
قال ابن القاسم: ويقع فيه الطلاق، والموارثة قبل الفسخ، وما كان مغلوبين على الفراق وكان مما يفسخ قبل وبعد فيفسخ بغير طلاق، وهذا أول أقوال ابن القاسم، وعليه أكثر الرواة وآخر قوليه لرواية بلغت عن مالك: أن كل ما نص الله تعالى على تحريمه في كتاب أو سنة لا يختلف فيه، فإنه يفسخ بغير طلاق ولا يقع فيه طلاق ولا موارثة كنكاح الخامسة والأخت من الرضاع وما اختلف فيه يفسخ بطلاق كنكاح المرأة نفسها والأمة بغير إذن سيدها.

.الخامس: في القسم والنشوز:

والقسم بين الزوجات دون السريات واجب مع الإمكان ويقسم بالسواء على الرواية المشهورة، وفي رواية ابن الماجشون للحرة الثلثان وللأمة الزوجة الثلث ويعدل بينهن في المبيت، ولا تجب المساواة في الجماع ما لم يترك وطء هذه لتوفر لذته في الأخرى، ولا تجب المساواة أيضًا في النفقة والكسوة، ويسقط عنه الوجوب في المرض والسفر، وتجدد النكاح، وعليه يبيت عند البكر سبعًا والثيب ثلاثًا، ثم يستأنف القسم، وإذا نشزت المرأة وعظها، فإن قبلت وإلا هجرها، فإن قبلت وإلا ضربها ضربًا غير مخوف، فإن ظن أنه لا يفيد لم يجز ضربها أصلاً.

.السادس: في الوليمة:

وهي طعام العرس، وهي مندوب إليها، وتجب إذا شرطت، وإن لم تشترط، وجرى بها العرف، ففي القضاء بها خلاف.
قال ابن سهل: والصواب أن يقضي بها عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف: «أولم ولو بشاة»، مع اتصال العمل به عند الخاصة والعامة، ومحله بعد البناء وقبله واسع، والإجابة مستحبة، وقيل: واجبة بشرط أن يدعى معينًا، ولا يكون هناك منكر ولا أرذال ولا فرش حرير ولا زحام ولا إغلاق باب دونه ولا صورة، ولا بأس بصور الأشجار، ولا يترك الدعوة لصوم، بل يحضر ويمسك ووجوب أكل المفطر محتمل.

.السابع: في الهداية وأجرة الخلوة:

وقد أفتى ابن عتاب فيما يهديه الأزواج قبل البناء، فإنه يقضي بذلك على الزوج على قدره وقدرها وقدر صداقها، وأفتى في أجرة الخلوة والعرس بعدم القضاء، وإنما يؤمر ولا يجبر، وفيما قاله نظر؛ لأنه إن اعتبر العرف فينبغي أن يحمل عليه وإن اعتبر المكارمة فينبغي أن لا يقضى عليه بالهدية.

.الثامن: في أسباب الخيار:

وهي وجود العيب، والغرر، والعتق.

.العيب:

وهو إما بالرجل أو بالمرأة، فإن كان بالرجل فللمرأة رده بأحد العيوب الأربعة، وهي الجنون، والجذام، والبرص، وداء الفرج. والجنون هو الصرع والوسواس المذهب للعقل، وترده بما قل منه. وكذلك الجذام والبرص يرد بما قل أو كثر، وروى أشهب إنما لا ترده بالبرص وإن غرها، والأول أصح، ولعله أراد في رواية أشهب بالبرص الوضح أو البرص غير الطيار بخلاف الطيار ولون الوضح كلون البرص، والفرق بينهما أن الوضح إذا غرز لابد يخرج منه ماء معلوم والبرص إذا غرز يخرج منه ماء أبيض وجلد الوضح مساو للجسد وجلد البرص متميز والشعر النابت على الوضح أسود وأصفر، وعلى البرص أبيض لا غير، ومن البرص ما يكون أسود وهو رديء جدًا لأنه من مقدمات الجذام، وداء الفرج الجب والخصا والعنة والاعتراض والمجبوب المقطوع ذكره وأنثياه والخصي المقطوع أحدهما والعنين ذو ذكر صغير لا يتأتى به وطء، والمعترض بصفة المتمكن ولا يقدر وهذه الأربعة إن وجدت قبل العقد، فلها الرد، وإن حدثت بعده فأربعة يفرق في الثالث، فلا ترد بالبرص وترد بغيره، والرابع التفرقة في البرص بين كثيره ويسيره، وإذا قامت المرأة بالرد، فلها ذلك ما لم ترض به إلا في عيب الاعتراض فلها القيام به؛ لأنها تقول: رجوت علاجه، ويطلق على الخصي والعنين بغير أجل. وأما الجنون والجذام والاعتراض فلا يطلق عليهم إلا بعد الأجل وهو سنة للحر ونصفها للعبد وبه الحكم، ولا يمنع المعترض من البقاء بخلاف المجنون يخشى منه، وبخلاف الأجذم والأبرص إذا كانت الرائحة تؤذيها، فإذا انقضى الأجل والعيب باق أمره الحاكم بالفراق، فإن أبى فارقها عليه بطلقة بائنة، وعن ابن القاسم لها أن توقعه من غير أمر الحاكم، وإن كان بالمرأة وقد اشترط السلامة فله ردها من كل عيب، إلا ما حدث بعد العقد، وجعل ابن أبي زيد قول الموثق سليمة البدن كالشرط بخلاف قوله صحيحة البدن، وإن لم يشترط وجب الرد من العيوب الأربعة، وفي غيرها خلاف. وداء الفرج منه ما يمنع الوطء كالقرن والرتق. ومنها ما يمنع لذة كالعفل والنتن والاستحاضة والإفضاء وحرق النار، وفي ردها بالبرص غير الطيار خلاف، وترد من داء الفرج مطلقًا.
وقال ابن حبيب: لا ترد باليسير إلا أن يمنع اللذة وما حدث من هذه العيوب بعد العقد فلا رد له به، وإذا قام بالرد فله ذلك ما لم يرض بقول أو تلذذ أو علم به قبل العقد أو سكت عن القيام بعد العلم، وإذا أنكرت عيب الفرج، فقال ابن القاسم: هي مصدقة، ولا ينظر إليها النساء. وروى ابن زياد: ينظر إليها النساء.
وقال سحنون: ثم إذا ثبت العيب بالبينة أو بإقرارهما ضرب لها أجل لمعاناة نفسها، فيضرب للجذام والبصر والجنون ولداء الفرج بقدر الاجتهاد، فإذا انقضى الأجل وأقرت ببقاء العيب، فله الرد، ويسقط عنه الصداق قبل البناء وبعده إن كانت هي الغارة، ويترك لها ربع دينار، وإن كان الولي هو الغار دفع لها صداقها إن بنى عليها ورجع به على الولي، ومحمل الابن والأب والأخ على أنه عالم بعيبها ومحمل العم وابنه على عدم العلم، ولو وقع الغرر منها ومن الولي رجع عليها ولا رجوع لها على الولي.

.الغرر:

مثل أن يتزوج حرة فيجدها أمة، أو مسلمة فيجدها كافرة، أو تتزوجه على أنه حر فتجده عبدًا، أو تتزوج نصرانية رجلاً على أنه نصراني فتجده مسلمًا، والخيار ثابت للمغرور منهما.
قال ابن شهاب: وإذا غر العبد أو المكاتب بالحرية جلد نكالاً، وولد العبد رقيق لسيد الأم، وولد الحر حر، وغليه قيمته للسيد.
وقال مطرف فيمن باع أم ولده فولدت من المشتري: لا شيء للبائع من قيمة الولد؛ لأنه أباح له فرجها بالبيع.
وقال ابن الماجشون: عليه قيمة الولد. واختار اللخمي لا شيء للسيد المزوج ولا للبائع لأجل التسليط.

.العتق:

وإذا عتقت الأمة وهي تحت عبد فهي بالخيار إن عتق جميعها بتلا، ولو عتق بعضها بتلا، أو جميعها إلى أجل أو دبرت أو كوتبت أو صارت أم ولد فلا خيار لها ومحمل الخيار على طلقة بائنة على المشهور، وفي مختصر ما ليس في المختصر: إن عتق في عدتها فله الرجعة، ولو أرادت إيقاع البتات فلها ذلك، لحديث زبرا، قاله مالك، ولها الصداق بالبناء أقامت أو فارقت ويتبعها كمالها ما لم يقبضه السيد أو يشترطه، وإن اختارت قبل البناء فلا صداق لها، ويرده السيد إن قبضه، فإن كان عديمًا ففي سقوط خيارها قولان. أما السقوط فلأن ثبوته يردها إلى الرق فبقاؤها حرة تحت عبد أولى، وعلى الثبوت فهل تباع فيه أو لا تباع؛ لأنه دين طرأ بعد العتق قولان، ولو أمكنته من الوطء وهي عالمة بالعتق والحكم سقط خيارها، وإن جهلت لم يسقط، ولو جهلت الحكم سقط على المشهور.
قال ابن القصار: إنما قال مالك ذلك بالمدونة، حيث اشتهر ولم يخف عن أمة، وأما اليوم فيقبل قولها ولو قالت: لم أعلم بالعتق، صدقت بغير يمين، قاله محمد.

.كتاب الطلاق:

وهو ضربان: بعوض من الزوجة أو غيرها ويسمى خلعًا، وخالي عن العوض.

.الضرب الأول:

حقيقته:
لغة: النزع والقلع، تقول: خلعت الباب، إذا قلعتها من محلها. وشرعًا: خلع العصمة بالطلاق على عوض.

.حكمه:

البينونة. ولو شرطت وقوعه رجعيًا على المشهور، وروى أنه رجعي لمكان الشرط، وبه أخذ سحنون.

.حكمة مشروعيته:

التوسعة على الزوجين والرفق بهما لما عسى أن يلحقهما من الضرر بطول الإقامة.

.أركانها:

خمسة: الموجب، والقابل، والعوض، والمعوض، والصيغة.

.الموجب:

يشترط فيه أن يكون مسلمًا، بالغًا، عاقلاً، طائعًا، فلا ينفذ من الكافر ولا من الصغير ولا من المجنون ولا من المكره، وينفذ من السفيه، ويتولى وصيه قبض العوض، وللأب والوصي والحاكم أن يخالع عن الصغير بشيء يأخذه له ويسقطه عنه على وجه النظر، والسيد عن عبده كذلك، ولا يجوز خلع الوصي على البالغ على المشهور.