فصل: كتاب الإيلاء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لباب اللباب في بيان ما تضمنته أبواب الكتاب من الأركان والشروط والموانع والأسباب



.الرابع: امتناع الزوج من الوطء:

فإن ترك ذلك لغير عذر ولا يمين لم يترك وأمر بالفعل أو الطلاق وتلوم عليه مقدار أجل الإيلاء، حكاه ابن يونس عن مالك، وإن تركه لعذر وكان من غيره كالذي يحبس فلا كلام لها وإن حبس ليغرم مالاً قليلاً وعنده مال فلها المقال وإن كان منه كالذي يقوم عليه شاهد بالطلاق فينكر ويمتنع من اليمين فيسجن، فإن كانت المرأة عالمة بالفراق وكان الطلاق بائنًا أو رجعيًا، وقد انقضت العدة لم يكن لها حق في القيام إذ لا حق لها في الإصابة، وإن لم تكن عالمة فلها القيام ويضرب له أجل الإيلاء، وكذلك إن قصد إصلاح جسد، وهو كمن حلف على ترك الوطء لأجل ذلك، فإن كان صحيح البنية لم يكن له ذلك، وإن كان ضعيف البنية، وضرب لذلك أجلاً يرى فيه صلاحه لم تطلق وإن جاوز أربعة أشهر إلا أن يطول فلها الفراق، وإن لم يضرب لذلك أجلاً ترك الأمد الذي صلاحه فيه، ثم إن كان قبل أربعة أشهر فلا كلام لها، وإن كان بعد لم يعجل بالفراق حتى يبلغ الأمد الذي لا مضرة فيه وكذلك المشتغل بالعبادة.
وقال مالك: لها الفراق، ولو كان العدد لا يمكن معه إصابة وكان من سببه كالذي يشرب الدم ليقطع شهوة النكاح أو يشربه لعلة وهو يعلم أو يشك أنه يقطعها وكالذي يقطع ذكره فلها الفراق.

.الخامس: المتعة:

وهي مستحبة على المشهور جبرًا لقلب المرأة لما يلحقها من الفراق، وليس لها حد معلوم، وهي لكل مطلقة باختيار الزوج ولا اختيار للمرأة فيه ما لم يكن قبل البناء وقد فرض لها فلو كان لها فيه اختيار كالمخيرة فلا متعة لها على المشهور ولا متعة للمردودة بعيب ولا للمنكوحة نكاحًا فاسدًا وحكم بفسخه ولا للمنكوحة نكاحًا صحيحًا طرأ عليه ما يوجب فسخه.

.الرجعة:

رد المعتدة عن طلاق قاصر عن الغاية ابتداء غير خلع أوقعه الزوج في نكاح صحيح ووطء جائز أو أوقعه الحاكم لسبب، ثم زال ذلك السبب في العدة، وأقرت الزوجة ببقاء العدة فلا جعة له على المبتوتة ولا على المختلعة ولا على التي لم يدخل بها ولا على المنكوحة نكاحًا فاسدًا ولا على التي طلقها بعد إن وطئها وطئًا فاسدًا كالتي وطئها وهي حائض وله رجعة من طلقها عليه الحاكم بالإيلاء أو بوجود العيب أو بعدم النفقة إذا أصاب في العدة أو زال العيب أو أيسر فيها ولو أنكرت المرأة الوطء، فقال في المدونة: إن خلا بها في بيت البناء غير دخول البناء فعليها العدة ولا رجعة له إذا أنكرت الوطء ومفهوم قوله إنها لو كانت خلوة بناء صحت رجعته وقد صرح بذلك ابن المواز ولو تصادقا على الوطء قبل الطلاق ولم يعلم دخول فلا رجعة له، ويلزم كل واحد منهما بمقتضى إقراره وإذا ادعت عدم انقضاء العدة أو انقضائها صدقت إلا أن يتبين كذبها أو تأتي من ذلك بما لا يشبه.

.الصيغة:

لفظ أو ما يقوم مقامه يدل على رد المرأة إلى ما كانت إليه نحو رجعت وارتجعت وردت وأمسكت والذي يقوم مقامه الوطء ومقدماته وذلك رجعة إذا اقترنت به النية، فإن فقدت النية فثلاثة الصحة في القول والفعل وعدم الصحة فيهما والصحة في القول دون الفعل وهو المشهور ولو انفردت النية ففي الصحة قولان وإذا قلنا: لا تصح بمجرد النية فنواها ثم وطء بغير نية، فقال اللخمي: إن بعد ما بينهما لم تصح رجعته إلا أن يحدث نية عند الإصابة.
وقال ابن المواز: إن نوى ثم قبل أو باشر أو ضم، فإن كان فعله ذلك لمكان ما نوى فهي رجعة.

.كتاب الإيلاء:

.حقيقته:

لغة: الحلف، وشرعًا: الحلف على ترك وطء الزوجة غير المرضع أزيد من أربعة أشهر بمدة مؤثرة، وإنما لم يكن موليًا في المرضع؛ لأنه أراد إصلاح ولده، قاله ابن القاسم.
وقال أصبغ: هو مولى.
قال القاضي أبو محمد: إذا زاد على أربعة أشهر مدة مؤثرة فهو مولى يريد إذا كانت الزيادة يسيرة آخر إليها.
وقال ابن المواز: إن زاد ولو يومًا واحدًا فهو مولى.

.حكمه:

لزوم الحنث حكمًا.

.حكمة مشروعيته:

دفع الضرر اللاحق للمرأة لعدم الوطء.

.أركانه:

أربعة: المولى، والمولى به، والمولى عنه، وأمد الإيلاء.

.المولى:

مسلم، عاقل، بالغ، يتصور وقاعه، فلا يصح من الكافر، فإن آلى ثم أسلم سقط الإيلاء، ولا يصح من المجنون، فإن جن بعد إيلائه ثم جن بعد حلول أجل الإيلاء، فقال أصبغ: يوكل السلطان من يفي عنه بالكفارة إذا كانت يمينه تمنعه الوطء أو يطلق وإن وطئها في حال الجنون، فوطؤه فيئة ويكفر عنه وليه، ولا يصح من الصغير ويصح من السفيه البالغ ومن العبد إلا أن يحلف بما عليه فيه حجر كالعتق والصدقة، وليس لولي السفيه إجازة ذلك، ولو أجازه سيد العبد جاز ولزم وإن لم يجزه سقط إن كان العتق والصدقة بمعين وفي سقوطه إن كان بغير معين قولان، ولا يصح إيلاء المجبوب ولا إيقاف الزوجة فيه، قاله مالك، وابن القاسم، ولو آلى وهو مريض لا يقدر على الوطء، فقال ابن المواز: لها القيام عند تمام الأجل واختار اللخمي خلافه، ويلحق بالمولى من منع منها لشك ومن امتنع من الوطء مضارًا وعلم ذلك منه، ومن احتملت مدة يمينه أقل من أربعة أشهر غير أن أجل هؤلاء من يوم الرفع.

.المولى به:

كل يمين منعقدة بالله تعالى أو بطلاق أو عتق أو صدقة أو صوم أو حج، ولو قال: إن وطئتك فأنت طالق ثلاثًا، فأكثر الرواة لا يمكن منها لحنثه بأول الملاقاة والنزع وطء لمن حرم عليه.
قال ابن القاسم: ينجز من غير أجل إذا رفعته.
وقال أيضًا يمكن من التقاء الختانين وينزع.
وقال أيضًا: وينزل ولو حلف لا وطئها حنث بالوطء بين الفخذين ولا يسقط عنه الإيلاء، قاله ابن القاسم.

.المولى عنه:

ترك الوطء أو ما يستلزمه كقوله: والله لا جامعتك ولا اغتسلت منك ولا دنوت منك، ويلحق بهذا يمينه على فعل شيء يمكنه فعله كقوله علي الطلاق لأدخلن الدار وهو ممنوع في مثل هذا عن الوطء وضرب الأجل في مثل هذا من يوم الرفع.

.الرابع: المدة:

وهي للحر ما زاد على مدة أربعة أشهر بمدة مؤثرة، وللعبد ما زاد على شهرين، قاله مالك، وفي مختصر ابن شعبان هو كالحر يحتاج في الإيلاء إلى ضرب أجل، بل إذا رفعته عند انقضاء الأربعة الأشهر أو انقضاء الشهرين على ما مر، فإن القاضي يأمره بالفئة أو الفراق، فإن أبى وأصرت على المطالبة طلقها عليه ولو رضيت بالبقاء لم تطلق. وروى ابن الماجشون أن الطلاق يقع بمضي الأجل وظاهره أنه يقع من غير افتقار لحكم وأنها لو رضيت بالمقام لم يكن ذلك لها إلا بتجديد عقد لغير المدخول بها وتجديد رجعة للمدخول بها وتحصل الفئة بمغيب الحشفة في القبل وافتضاض البكر طائعًا عاقلاً بخلاف الوطء بين الفخذين، ووقع في كتاب الرجم إذا جامع في الدبر حنث، وانحل إيلاؤه، إلا أن يكون نوى القبل، فلا يحنث وإيلاؤه باق وطرح ذلك سحنون وفي انحلال الإيلاء بالكفارة أو بفعل المحلوف عليه ثلاثة: الانحلال، وعدمه، والتفرقة، فإن كانت بالله تعالى لم تنحل إلا بالإصابة، وإن كانت بعين عتق أو طلاق انحل ولا تصح المطالبة مع قيام المانع من الإصابة فلا مطالبة لصغيرة لا تطيق، فإذا طاقت كان الأجل من حينئذ ولا لرتقاء ولا لحائض حين الحيض ولا لمريضة لا تحتمل ولا يطالب مريض ولا محبوس ولا غائب إلا بتكفير اليمين إن كانت مما يكفر قبل الحنث كعتق عبد معين أو إنفاذ صدقة معينة وطلاق زوجة، ومن أبى من ذلك طلق عليه، وفي عتق غير المعين قولان ولو كانت مما لا تكفر قبل الحنث كعتق لم يأت أو بما لا ينفع تعجيل الحنث فيه كطلاق فيه رجعة فيها أو في غيرها فالفئة الوعد.

.كتاب الظهار:

حقيقته لغة: هو مأخوذ من الظهر، وقد كانت العرب إذا أرادت الطلاق كنت عنه بصيغة الظهار؛ لأن الظهر محل الركوب، والمرأة مركوبة حال الغشيان.
حقيقته شرعًا: تشبيه من يحل وطؤها بمن يحرم.

.حكمه:

المنع؛ لأن الله تعالى سماه منكرًا وزورًا، فإذا وقع لزم.
حكمة انحلاله بالكفارة: الرفق، ويدل على ذلك حديث خولة مع زوجها أوس بن الصامت.

.أركانه:

أربعة: المظاهر، والمظاهر منها، والصيغة، والكفارة.

.المظاهر:

مسلم، عاقل، بالغ، فلا يصح من الكافر، ولا من المجنون، وظهار السكران كطلاقه، ولا من الصبي، ويصح من السفيه، ومن العبد، ومن السيد في أمته وفي لزوم ظهار من لا يتأتى منه الوطء كالمجبوب والمعترض والشيخ الفاني، قولان لابن الماجشون وسحنون بناء على أنه تحريم لجملة المرأة أو للوطء خاصة.

.المظاهر منها:

كل امرأة يحل له الاستمتاع بها، فتندرج الحائض والصغيرة والرتقاء وأم الولد والمدبرة، ومنع سحنون ذلك في الرتقاء.

.الصيغة:

قسمان: صريح، وكناية، والكناية قسمان: ظاهر ومحتمل، فالصريح ما فيه ظهر مؤبدة التحريم، كقوله: أنت علي كظهر أمي أو أختي، فإن نوى به الطلاق، وهو جاهل بحكم الظهار، فهو ظهار، وفيه نزلت الآية، وإن كان عالمًا ففي كونه ظهارًا أو طلاقًا قولان لابن عبد الحكم وابن القاسم، وإذا فرعنا على مذهب ابن القاسم فهو الثلاث عنده ولا ينوي في أقل.
وقال سحنون: ينوي والكناية الظاهرة ما سقط منها الظهر من المحرم أو اثبته في غير المحرم، كقوله: أنت علي كأمي، أو كظهر فلانة الأجنبية.
قال ابن سابق: إن نوى التحريم، فهو حرام، ولا يقبل قوله: إنه لم يرد طلاقًا ولا ظهارًا. ولو قال: أنت علي حرام كأمي، وأراد به الطلاق، ففي المدونة: هو طلاق، وقيل: ظهار، وإن لم تكن له نية فهو ظهار.
وقال القاضي أبو محمد: هو طلاق. وفي التشبيه بالأجنبية: ستة.
قال سحنون: هو ظهار ما لم ينو الطلاق، وقيل: ظهار وإن نوى الطلاق.
قال ابن المواز: وهو قول مالك وأصحابه، وقيل: طلاق، إلا أن ينوي الظهار، وقيل: وإن نوى، وقيل: لا يكون طلاقًا ولا ظهارًا.
وقال ابن القاسم: إن سمى الظهر فهو ظهار، وإن لم يسمه بل قال: كفلانة الأجنبية، فهو طلاق يريد البتات حكاه عنه ابن يونس، ولو حذف الصفة، فقال: أنت كظهر أمي كما لو قال: أنت طالق، ولم يقل مني، ولو شبه بظهر ذكر، فقال ابن القاسم وأصبغ: هو ظهار.
وقال مطرف: لا يكون ظهارًا ولا طلاقًا. والكناية المحتملة مثل قوله: ادخلي الدار، فإن أراد ظهارًا فهو ظهار كالطلاق.

.الكفارة:

تجب بالعود، وفيه أربع روايات: العزم على الوطء، وهو قوله في المدونة وعلى الإمساك وعليهما معًا، وهو قوله في الموطأ والوطء نفسه، وفيه بعد.
أنواعها ثلاثة: مرتبة العتق، ثم الصوم، ثم الإطعام.

.العتق:

وهو عتق رقبة مؤمنة غير ملفقة له محررة له سليمة خالية من شوائب العتق والعوض، فيجزئ عتق الصغير ولا يجزئ عتق الكافر. فإن كان ممن يجبر على الإسلام كالمجوسي فقولان.
وقال ابن القاسم: يجزئه عتق الصغير الكتابي ولا يجزئ عتق نصفين من رقبتين، ولو اشترى من يعتق عليه فأعتقه عن ظهاره لم يجزه ولا يجزئ عتق المعيبة إذا كان العيب يمنع التكسب أو كماله أو يشين كالأعمى والأبكم والأقطع والهرم والمجنون الذي لا يرجى برؤه، ولو كان لا يمنع التكسب ولا يشين أجزأ كالعرج والمرض الخفيف والصمم الخفيف، وإن كان لا يمنع التكسب، ولكنه يشين فقولان، ولا تجزئ أم الولد ولا المعتق بعضه ولا المعتق إلى أجل، وكذلك المدبرة والمكاتبة إن كانتا له، فإن اشتراهما ففي الإجزاء قولان، وعلى النفي ففي رد العتق قولان، ولا يجوز أن يعتق عبده على أن يأخذ على ذلك مالاً وينفذ العتق ولا يجزئه.

.الصيام:

وشرطه العجز عن العتق، وهو شهران متتابعان بالأهلة، فإن انكسر شهر أكمل ثلاثين من الثالث، والعبد في ذلك كالحر، وينوي الكفارة والتتابع، ومتى انقطع التتابع استأنف وينقطع التتابع بوطء المظاهر منها ليلاً أو نهارًا ولو في آخر يوم عاقدًا أو ناسيًا ولا ينقطع بوطء غيرها ليلاً وفي قطعه ناسيًا نهارًا قولان، وإذا قلنا: لا ينقطع فيقضي يومًا مكانه وفي انقطاعه بالفطر خطأ أو سهوًا ثلاثة الثالث ينقطع في الخطأ والمشهور أنه لا ينقطع ويقضيه متصلاً وإذا أيسر بالعتق في أثناء الصوم، فإن كان بعد يومين ونحوهما استحب له العتق والإمضاء على صومه، قاله مالك، إلا أن يفسده ولو في آخر يوم بوطء المظاهر منها فيجب عليه العتق.

.الإطعام:

وشرطه العجز عن الصيام عاجلاً وآجلاً ولو غالب على ظنه أنه يقدر في المستقبل، فقال ابن القاسم: ينتظرها ولا يطعم.
وقال أشهب: بل يطعم جنسه قوت بلده. وفي الموازية: يخرج من قوت المكفر.
قال ابن المواز: إلا أن يأكل الشعير ومثله يأكل القمح، وفعل ذلك من غير ضيق، فلا يجزئه قدر مد بمد هشام لكل مسكين والمساكين ستون أحرارًا مسلمين فقراء لا تلزمه نفقتهم ويعطى الرضيع ما يعطى الكبير. وإذا وطء المظاهر منها ليلاً أو نهارًا ناسيًا أو غالطًا بطل ما تقدم من الإطعام وإن لم يبق إلا مسكين واحد على المشهور.
وقال ابن الماجشون: أحب إلي أن يستأنف.

.كتاب اللعان:

.حقيقته:

لغة: الطرد، والإبعاد. وشرعًا: يمين الزوج على زنى زوجه أو نفي ولدها أو حملها، ويمين الزوجة على تكذيبه؛ لأن فيها ذكر اللعن أو لكونها سببًا في بعد كل واحد منهما عن صاحبه.

.حكمه:

الجواز، لحديث عويمر، وهو مورد النص في قوله تعالى: {والذين يرمون أزواجهم} [النور: 6].

.حكمة مشروعيته:

الرفق بالزوج في دفع الحد عنه ودفع المعرة وحفظ نسبه والتشفي منها لمكان خيانتها.

.أركانه:

ثلاثة: الملاعن، والملاعنة، والصيغة.

.الملاعن:

زوج مسلم عاقل بالغ، فلا يلاعن السيد في رمي أمته بقذف ولا بنفي ولد، فإن ادعت أنه منه حلف يمينًا واحدة، ولا لعان لكافر في زوجه الكافرة، فلو كانت مسلمة إما لكونه تزوجها متعديًا أو أسلمت دونه لاعن بقذفها، فإن نكل حد، وإن نكلت لم تحد، ولا لعان لمجنون ولا صغير، إذ لا يحد للقذف.
ثم للعان ثلاثة أسباب: القذف، ونفي الحمل، ونفي الولد.
الأول: القذف: وإذا رمى الرجل زوجه بالزنى طائعة في قبل أو دبر أو شهد عليها بذلك لاعن، ولو قال: فعلته مكرهة، فإن صدقته وثبت اغتصابها لاعن لنفي ولا لعان عليها، إذ تقول: إن لم يكن منك فهو من الغاصب، وإن لم يثبت لاعنت وإلا رجمت ويعتمد في رميها على الرؤية، وفي اشتراط رؤية فرجه في فرجها روايتان.
الثاني: نفي الحمل: وله أن يلاعن إذا ظهر الحمل على الأصح، والقول بأنه لا يلاعن حتى تضع لاحتمال أن يكون ريحًا وإذا رأى الحمل فسكت ولو يومًا لم يكن فيه لعان.
الثالث: نفي الولد: ويجري مع كل امرأة يلحقها ولدها حرة كانت أو أمة، إلا ملك يمينه كما تقدم، ويعتمد في نفي الحمل والولد على أنه لم يصبها بعد وضع أو في مدة لا يلحق في مثلها الولد لقلة أو كثرة، وعلى اجتماع الاستبراء والرؤية ولا يعتمد على الاستبراء وحده على أصح الروايتين. وفي اعتماده على الرؤية وحدها ثلاثة لمالك يفرق في الثالث، فإن كان الحمل ظاهرًا يوم الرؤية، فليس له نفيه، ولا يعتمد على غير ما ذكرناه.

.الملاعنة:

زوجة بالغ، فيلاعن في الزوجة وإن كان النكاح فاسدًا يلحق فيه الولد، ويلاعن في الزوجة الكتابية والأمة لنفي الولد لا لقذفه، ثم إذا لاعن لنفي حملها فأما الأمة فتلاعن، فإن نكلت حدت وبقيت زوجة، وإن كانت غير مدخول بها، وأما الكتابية، فإن شاءت التعنت ووقعت الفرقة ولا تجبر؛ لأنها لو أقرت بالزنى لم تحد، وإن نكل فيهما لم يحد، ويلحق به الولد ولا لعان في غير البالغ إن كانت في سن من لا تطيق إذ لا معرة عليها بقذف، وإن كانت في سن من يطيق لاعن، فإن نكل حد ولا لعان عليها، إذ لو أقرت بالزنى لم تحد.

.الصيغة:

يقول في الرؤية: أشهد بالله الذي لا إله إلا هو أني لمن الصادقين لرأيتها تزني زنى كالمرود في المكحلة، يقول ذلك أربع مرات، ثم يقول في الخامسة: لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم تقول المرأة: أشهد بالله الذي لا إله إلا هو أنه لمن الكاذبين، وما رآنى نزني، ثم تقول في الخامسة: إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، فإن لاعن لنفي الحمل واعتمد على الرؤية وحدها على أحد القولين زاد في الأربع: وما هذا الحمل مني، وتزيد المرأة: وإن هذا الحمل منه، فإن اعتمد على الاستبراء وحده على أحد القولين.
قال: إني لمن الصادقين لقد استبرأتها منذ كذا، وإن اعتمد عليهما معًا ذكرهما معًا.
تنبيه:
حكى في الطرر أن الرجل إذا ادعى الرؤية ونفي ولده أنه يسجن حتى يلاعن ولا يحكم باللعان إلا بعد ثبوت الزوجية إن كان من أهل المصر، وبعد ثبوت الحمل بشهادة امرأتين.
قال: وإن لم يثبت ذلك عنده حدت، وإن لم يكونا من أهل المصر مكنه من اللعان. ويستحب للإمام أن يعظهما فيقول للزوج: اتق الله تجلد الحد ويسقط عنك الإثم، ويقول للمرأة مثل ذلك، ويقول لكل واحد منهما عند اللعان بالغضب إن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه لموجبة عليك العذاب، فإن أصرا أمر بلعانهما في أشرف مواضع البلد في مقطع الحقوق، ولا يكون اللعان إلا بمحضر جماعة لا ينقص عددهم عن أربعة، ولا يكون إلا بمجلس الحكم ويحلف المريض بموضعه ويبعث معهما عدولاً ويستحب أن يكون أثر صلاة العصر وتحلف الذمية في كنيستها لا في المسجد.