فصل: الفصل الثالث: في الجراح والأطراف والمنافع:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لباب اللباب في بيان ما تضمنته أبواب الكتاب من الأركان والشروط والموانع والأسباب



.الفصل الثالث: في الجراح والأطراف والمنافع:

ولفظ جرح مأخوذة من الاجتراح وهو الاكتساب والشجاج جراح الرأس وهي مأخوذة من العلو، يقال: شجت البلاد أي علوتها وأسماء الجراح تسعة يجمعها قول القائل:
تدمي وتحرص سمحاق وباضعة ** مع التلاحم والملطاة والموضحا

تهشم العظم هشمًا ثم تنقله ** إلى الشقيقة ذات الذل والكشح

فعبر بقوله: (تدمي) عن الدامية وهي أول الجراح وتسمى أيضًا الدامعة بعين مهملة، وبقوله: (وتحرص) عن الحارصة بصاد وحاء مهملتين، وهي التي تشق الجلد، والسمحاق: هي التي تقشر الجلد، وتكشفه كمساحيق السحاب، والباضعة: هي التي تبضع اللحم أي تشقه، والمتلاحمة: هي التي تغوص في اللحم كثيرًا في غير وضع، والملطاة بألف مقصورة وهي بكسر الميم وبغيرها أيضًا: هي التي تبقي بينها وبين العظم لحم قليل، والموضحة: هي التي كشفت العظم، والهاشمة: هي التي هشمت العظم، والمنقلة: هي التي يحتاج إلى نقل بعض عظامها في الدواء، وعبر بالشقيقة عن التي بلغت إلى أم الرأس: وهي المأمومة والجائفة هي التي أصابت الجوف فالقصاص يقع في كل ما يدمي والذي لا يدمي فإنما فيه الأدب وكل شخصين يجري بينهما القصاص في النفس من الجانبين يجري بينهما القصاص في الجراح والأطراف وكل ما لا يقتص منه للناقص لشرفه لا يقتص منه في الجراح والأطراف على المشهور، فإذا جرح عبد حرًا فليس له أن يقتص منه، وقال ابن عبد الحكم: يقتص منه إن شاء ولو قطع الكافر مسلمًا فقال الأستاذ أبو بكر: لا يقتص منه في الأطراف في ظاهر المذهب، وقال ابن عبد الحكم: يخير في القصاص والدية ويعتبر في توجه القصاص ما تقدم في القتل من الشروط والموانع. ثم القصاص ثابت في الموضحة وما قبلها، وغير ثابت في المأمومة والجائفة.
وأما المنقلة فإن كانت في الرأس فلا قصاص فيها، وإن كانت في غيره ففيها القصاص كالهاشمة إذا كانت في الرأس فقال مالك: لا أرى هاشمة في الرأس إلا منقلة ولم ير ابن القاسم فيها قصاصًا، ورأى أشهب أن يقتص منه موضحة فإن لم يصب العظم هشم فلا شيء له غير ذلك، وإن أصابه هشم فذاك والكسر في الجسد هو المعبر عنه بهاشمة الجسد وما كان منه غير مخوف كعظم العضد ففيه القصاص.
وأما عظم الفخذ والصدر والعنق والصلب فلا قصاص فيه، وإبانة العضو فيه القصاص ما لم يكون مخوفًا، وقد قال ابن القاسم في الاثنين: أخاف أن يكون متلفًا ويقتص في الذكر ولو قطع من قطعة لحمة ففيها القصاص.
وأما إزالة المنفعة كالسمع والبصر والعقل فإن ذهبت العين بما لا قصاص فيه كاللطمة والضرب والقضاء إذا لم يدم فانخسفت أقيد له من عينه وإلا فالعقل وإن ذهبت بسراية ما فيه القصاص مثل أن يشجه موضحة اقتص من الموضحة فإن ذهب ذاك فذاك وإلا فالدية في ماله قاله ابن القاسم وأشهب، وقال أشهب أيضًا على العاقلة: واتفقوا في اليد تضرب فتشل أنه يقتص منه فإن لم تشل فالدية في ماله وتعتبر المماثلة بقطع اليمنى بمثلها، وكذلك سائرها وتتعين الدية عند عدم المماثلة ولا تقطع اليد الصحيحة بالشلاء العديمة النفع اتفاقًا وإن رضيا ولا تقطع الشلاء بالصحيحة وإن قنع بها إلا أن يكون له فيها نفع وعن ابن القاسم: إن شاء قطع وإن شاء أخذ العقل، وعن مالك: ليس له إلا العقل ولو قطعت يده من المرفق فليس له أن يقطع من الكوع وإن رضى المقتضى منه ويقتص من الجرح بغير مساحته في موضعه فإن شجه موضحة واختلفت رأساهما بالقدر ففي اعتبار قدر الجهة بالمساحة أو بالنسبة إلى قدر الرأسين قولان لابن القاسم وأشهب وعلى قول ابن القاسم إن كانت الشجة أكثر من رأس الجارح فإنه يستوعب رأسه ولا يزاد من القفا.
وأما الخطأ فهو إما جرح وإما إبانة عضو وإما إذهاب منفعة فأما الجرح فما دون الموضحة فليس فيه إلا حكومة وإن برئ على شين فإن برئ على غير شين فلا شيء له وجراح الجسد كلها الموضحة والمنقلة وغيرهما ليس فيها إلا حكومة إن برئت على شين خلا الجائفة وتقدر بعد اندمال الجرح ومعنى الحكومة أن يقدر المجني عليه عبدًا فيقوم صحيحًا ومجروحًا فما نقص عن قيمته كان على الفاعل بحسابه من الدية والمقدر من الجراح الموضحة والمنقلة المأمومة والجائفة ففي الموضحة خمس من الإبل وهي نصف عشر الدية، وفي موضحة والذمي بحساب ذلك وذلك يختص بموضحة الرأس والوجه دون الأنف واللحى الأسفل كما تختص الجائفة بالبطن والظهر وفي المنقلة خمس عشرة وذلك عشر ونصف عشر وفي المأمومة والجائفة ثلث الدية، ولم يعرف مالك الهاشمة، وقال: لا أدري هاشمة تكون في الرأس إلا منقلة، قال الباجي: وفيها عند من عرفها عشر من الإبل.
تنبيه:
دية المرأة في الجراح والأصابع والأسنان كدية الرجل ما لم تبلغ ثلث الدية فترجع إلى عقل نفسها.
الأعضاء: والمقدر منها اثنا عشر.
الأذنان: وفي كل واحد نصف الدية في رواية وفي أخرى حكومة.
العينان: في كل واحدة نصف الدية وفي عين الأعور الدية وفي القائمة الاجتهاد والضعيفة بسماوي كالصحيحة وبجناية، قال مالك: له بحسب ما بقي ثم قال إن كان أخذ لها عقلاً وإلا فله العقل تام وفي الأجفان حكومة كالحاجبين.
الأنف: إن قطعه من أصله فالدية وكذلك المارن وروى لا دية فيه وهو شاذ يريد، وإنما فيه بحسابه من الأصل قاله في المبسوط، وإذا قلنا فيه الدية ففي بعضه من الدية بحسابه كبعض الحشفة ولو قطع شيء من أصله ولم يبلغ المارن فحكومة.
الشفتان: في كل واحدة نصف الدية وفي البعض بحسابه من الدية.
اللسان: فيه الدية إن انقطع وإلا ففي المقطوع منه حكومة؛ لأن الدية للنطق لا له. وفي لسان الأخرس حكومة.
الأسنان: في كل سن خمس من الإبل قلعت من أصلها أو من لحمها ويتم عقلها بأحد أربعة أوجه:
الأولى: أن يضربها فتسقط فإن انقطع نصفها فبحسابه وتعتبر من لحمها لا من أصلها والستح من السن وبقية الذكر من الحشفة وبقية الأنف من المارن سواء في اندراج حكومتها في عقلها عند الاستئصال.
الثانية: أن يضربها فتسود فإن اسود بعضها فبحسابه ولو انكسر نصفها واسود ما بقي فثلاثة أرباع العقل واصفرارها واحمرارها واخصرارها إن كان كالسواد فقد تم عقلها وإلا ففيه نسبة بعدها من البياض وقربها من السواد.
الثالثة: أن تسقط بعد سوادها وفيه كمال العقل كان اسودادها بجناية أو بأمر حدث فيها وفي الشاغية حكومة.
الرابعة: أن يضربها فتتحرك تحريكًا بينًا.
الثديان: من المرأة فيهما الدية وفي الحلمتين إذا بطل مخرج اللبان وكذلك إن أفسده لكن إن أعاد فله استرجاع الدية.
اليدان: فيهما الدية مطلقًا قطعتا من المنكب أو المرفق أو الأصابع وفي كل إصبع عشر من الإبل وفي كل أنملة ثلاثة وثلث، وفي الإبهام ثلاث أنامل وإليه رجع مالك وقال: أولاً أنملتان وبه أخذ أصحابه والسادسة كغيرها قطعت عمدًا أو خطأ إذ لا قصاص فيها في العمد، قال ابن القاسم: وذلك إذا كانت قوية.
قال: ولو قطعت اليد كلها لم يزد لها شيء.
الذكر والأنثيان: في كل واحد بانفراده الدية، وقال ابن حبيب: في اليسرى وحدها الدية، فإن قطعا معًا قال مالك: في الموازية فيهما ديتان، وقال في الواضحة: إن قطع أحدهما بعد الأخرى ففي الثاني حكومة، وقال ابن حبيب: في الذكر الدية تقدم أو تأخر وفي الأنثيين الدية إن تقدمتا وإن تأخرتا فلا دية يريد وفيهما حكومة. وذكر الخصي والعنين كغيره وقيل حكومة ويتم العقل بقطع الحشفة وإبطال النسل بما يشرب أو يطعم وما قطع بعد الحشفة ففيه حكومة.
الأسنان: من المرأة فيها حكومة عند ابن القاسم والدية عند أشهب.
الشفران: إذا سلا حتى بدا العظم ففيهما الدية قاله مطرف وابن الماجشون.
الرجلان: كاليدين ورجل الأكرع كرجل غيره إذا كان خفيفًا ولم يكن عن جناية أخذ لها أرشا ويجب في شلها ما يجب في قطعها وكذلك اليدان.
المنافع عشر:
العقل: وفيه الدية إن كان مطبقًا فإن كان يذهب في وقت دون وقت فله من الدية بحسابه.
السمع: فيه الدية وفي إبطاله من أحدهما نصف الدية وإن لم يسمع إلا بها بخلاف عين الأعور.
البصر: وفي إبطاله منهما مع إبقاء الحدقتين كمال الدية والأعمش والأخفش كغيرهما وفي إبطاله من أحدهما نصف الدية فإن نقصت فبحساب ذلك. ابن الحاجب. وإذا ادعى المضروب ذهاب سمعه وبصره صدق مع يمينه ويختبر إن قدر على ذلك وإلا فالظالم أحق أن يحمل عليه.
الشم: فيه الدية إن انفرد فإن ذهب بقطع الأنف اندرجت فيه الدية كالبصر مع العين والسمع مع الأذن، وقال ابن الجلاب: القياس ديتان.
النظر: فيه الدية وإن بقى الذوق وإن نقص بنقص الكلام فيه من الدية بقدر النقص على الاجتهاد، وقال أصبغ: تجزئ الدية على حروف المعجم فما نقص من الحروف فله من الدية بقدره.
الصوت: فيه الدية.
الذوق: فيه الدية.
قوة الجماع: إذا ادعى ذهابها وأمكن اختباره اختبر وإلا حلف وأخذ الدية فإن عادت ردها.
الإفضاء: فيه حكومة وقيل: الدية، وذلك واجب على الزوج كموجبه على غيره ولو أزال بكارة زوجه بإصبعه ثم طلقها فعليه قدر ما شانها مع نصف صداقها، وينظر بما شانها عند الأزواج في حالها وجمالها وأرش ذلك في مال الأجنبي وكذلك الزوج إذا نقص عن الثلث ولو بلغ الثلث فعلى العاقلة منفعة.
الجلوس والقيام: فيهما الدية ولو بطل القيام فقط فروى ابن القاسم فيه الدية. وإذا أجذمه وأبرصه أو سقاه ما سود جسمه ففيه الدية حكاه اللخمي.
وقال ابن القاسم في هدم الصور الدية، وقال ابن عبدوس حكومة.
وما عدا ما ذكرنا مما فيه جمال ففيه حكومة.
تنبيه:
ما كان من الديات لا تبلغ الثلث فهو في مال الجاني وما بلغ ثلث دية المجني عليه أو الجاني أيضًا على الأشهر فعلى العاقلة وما كان من جراح العمد التي لا قود فيها كالمأمومة والجائفة وكسر العجز إن بلغت ثلث الدية فعلى العاقلة وإليه رجع بخلاف قطع اليد وغيرها مما لو كان له قطع ابن شاس قال في المجموعة والتغليظ في النفس والجراح عند مالك وأصحابه إذا كان مثل فعلى المدلجي فيما شعر منها وعظم، قال سحنون: إلا أن تكون من الجراح التي لا قود فيها فلا تغلظ، وفي المدونة أنها تغلظ أيضًا.

.الأموال:

وينحصر الكلام فيها في ثلاثة فصول:

.الأول: في الحرابة:

وهي فعل يقصد به أخذ الأموال على وجه تتعذر معه الاستغاثة عادة كإشهار السلاح والخنق وسقي السيكران وقتل الغيلة، وإن قتل عبدًا أو ذميًا على ماله فهو محارب ولو دخل الدار في الليل وأخذ المال مكابرة ومنع من الاستغاثة فهو محارب ويناشد المحارب ثلاثًا فإن عاجله قاتله، قال مالك: وإن طلبوا مثل الطعام والشراب وما خف أعطوا، وقال سحنون: لا يناشدوا ولا يعطوا شيئًا، قال عبد الملك: وليبادر بقتله، ومن قتل سارقًا دخل إليه وزعم أنه كابره أو وجده مع امرأته يطؤها، فقال محمد: لا يقبل قوله ويقتل وتثبت الحرابة بشهادة رجلين ولو من الرفقة إلا أن تضيف الجناية لأنفسهما فتجوز شهادة بعض الرفقاء لبعض شهدوا بقتل أو بأخذ مال فإذا ثبتت الحرابة ترتب عليهما حكمان:
الأول: العقوبة وهو ما ذكره الله تعالى في كتابه والتعيين موكول إلى اجتهاد الإمام فيفعل من ذلك ما هو الأصلح لا أن يحكم بهواه فما رآه أبلغ في الردع فعله، ويتعين القتل إن قتل وإن عفا الولي والنفي للحر لا للعبد، وروى ابن وهب: ولا لإنسان قيل فكيف هو قال نفي من مصر إلى الحجاز ومن المدينة إلى فدك وإلى خيبر من الحجاز، ويكتب لوالي ذلك الموضع اسجنه أبدًا حتى يتوب قال: وليس لحبسه حد قال بعض أصحابنا: وأقله عند مالك مسيرة يوم وليلة ويسقط الحد بالتوبة قبل القدرة.
الثاني: الغرم، قال سحنون وابن القاسم: وحكمه فيما أخذ من المال حكم السارق إن كان وفره متصلاً أخذ بما استهلك من مال واستكراه نساء ودية نصراني وقيمة عبد وإن لم يتصل وفره لم يتبع بشيء وإن لم يقم عليه الحد اتبع مطلقًا.

.الفصل الثاني: في السرقة:

وهي أخذ مال من حرز حائزه لا ملك له فيه عن وجه الخفية.
أركانها: ثلاثة: السارق والمسروق والمحل.
الأول: السارق: بالغ عاقل لا شبهة له في الملك فيخرج الصبي والمجنون ومن له في الملك شبهة كالأب والسيد والشريك إذا سرق قدر حصته والغريم إذا سرق جنس حقه وفي السارق من بيت المال أو من المغنم قدر ما يستحقه قولان ويخرج السارق لجوع أصابه، وفي خروج الجد للأب قولان لابن القاسم وأشهب، وفي خروج العبد قولان لمالك وأبي مصعب.
الثاني: المسروق: اختلف باختصاصه بالمال على قولين.
فقال عبد الملك: يختص قال فيمن سرق حرًا صغيرًا من حرز فلا يقطع والمشهور أنه يقطع.
ويشترط في المال ثلاثة شروط:
الأول: أن يكون مما ينتفع به شرعًا فلا قطع على سارق آلة اللهو إلا أن تكون قيمتها بعد الكسر نصابًا.
الثاني: أن يكون نصابًا وهو ربع دينار من الذهب أو ثلاثة دراهم كيلاً أو عرضًا يساوي أحدهما على أحد القولين، وفي المدونة إنما يقوم العرض بالدراهم.
الثالث: أن يخرجه من الحرز وهو الذي عبرنا عنه بالمحل.
تنبيه:
إن طرأ ملك السارق للمسروق قبل خروجه من الحرز لم يقطع وصار كسارق ماله من المستأجر والمرتهن.
الثالث: المحل: وهو الحرز فلا قطع على من سرق من غير حرز وكل موضع لا يعد صاحب المال مضيعًا لماله إذا وضعه فيه فهو حرز وكل شيء معه من يحفظه فحافظه حرز له فأفنية الحوانيت حرز لما وضع فيها للبيع وإن كان هناك حانوت كان معه صاحبه أو لا ومربض الدابة حرز لها إذا كان متخذًا لذلك كفنائه وباب داره، وموقف الشاة في السوق حرز وإن لم تكن مربوطة وظهر الدابة والرحل حرز لما عليها، والسفينة حرز لما فيها فإن سرقت السفينة نفسها، وكان معها أحد فهو حرزها كالدابة بباب المسجد وغيره يكون معها أحد، وإن لم يكن فهي كالدابة إن كانت مرسية فموضعها حرزها، وإن كانت سائبة فلا حرز لها والمسجد حرز لبابه وسقفه وفي قناديله وحصره خلاف، وهو عند ابن القاسم حرز لها والحمام ليس بحرز للثياب إلا أن يكون معها حارس أو ينقب أو يتسور الثوب المنشور على الزقاق ليس في حرز، وقال ابن القاسم: هو في حرز واضطربت الرواية في حبل الصباغ والقصار، والدار ذات البيوت والفندق المأذون في ساحتها إن أخرج السارق من بيوتها شيئًا إلى ساحتها قطع مطلقًا عند محمد، وقال سحنون: إن كان من سكانها قطع وإلا لم يقطع حتى يخرج من بابها واتفقا على أن الساكن إن أخرج شيئًا مما في الساحة في بابها أنه لا يقطع وغيره يقطع.

.اللواحق:

وهي شيئان: العقوبة والضمان بعد ثبوتهما بالشهادة التامة وبالإقرار ولا تقبل الشهادة مجملة حتى يسألهم القاضي عن القدر فإن بين أحدهما وأخرجها فإن غاب قبل السؤال لم يقطع وشرط الإقرار أن يكون طوعًا وأن يتمادى عليه وإن أقر بعد أن هدد فقال مالك: لا يؤاخذ به، وقال سحنون: إن كان السلطان يعدل فسجنه فأقر في السجن ألزم.
قال: لا يعرف هذا إلا من ابتلي به، وقال ابن القاسم: إذا أخرج المتاع والقتيل لم يلزمه إلا أن يقر بعد أمن من العقوبة ويعرف ذلك أو يعزو ويحضر بأمر يعرف وجه ما أقر به.
العقوبة: القطع وذلك للإمام ومحلها اليد اليمنى من الكوع ويكوى موضع القطع فإن عاد قطعت رجله اليسرى، فإن عاد قطعت يده اليسرى، فإن عاد قطعت رجله اليمنى، فإن عاد عزر وحبس، وقال أبو مصعب: يقتل.
الضمان: ويجب عليه رد ما أخذ إن كان قائمًا، وإن كان تلف وكان دون النصاب رد مثله أو قيمته ويتبع بذلك إن كان معسرًا وإن كان نصابًا فقال غير واحد من الموثقين الحكم كذلك والمشهور التفصيل، قال القاضي عياض: إذا قطع وهو عديم وذهب عين ما أخذ لم يضمن ولا يجمع عليه عقوبتان قطع وغرم وكذلك إن طرأ عليه الغرم من يوم السرقة إلى يوم القطع، وإن كان اليوم موسرًا هذا هو المشهور واشترط أشهب تمادي العسر إلى يوم الحكم.

.الفصل الثالث: في جنايات العبيد والجناية عليهم:

وإذا جنى العبد خير سيده في افتكاكه وإسلامه والجناية على العبد كالجناية على المال فيوجب الأرش على الجاني ويكون للسيد ابن القاسم وما جنى على أم الولد أو المدبرة، فالعمل للسيد فإن كانت هي الجانية فقال مالك: أحسن ما سمعت في جناية أم الولد أن يلزم السيد الأول من أرش جنايتها ومن قيمتها يوم الحكم وهو الأمر المجتمع عليه عندنا، قال: وكذلك ما استهلكته بيدها أو اختلست فعلى السيد فيه الأقل كما ذكرناه، قال مالك: ولا يقوم ولدها معها، وإن ولدت بعد الجناية قال: وتقوم أمه بغير مالها، وقيل: بمالها، قال مالك: وأحسن ما سمعت في جناية المكاتب عمدًا أو خطأ أنه إن ودى جميع العقل حالاً وإلا عجز وخير سيده في إسلامه رقيقًا أو يقومه بالأرش ويبقى له رقيقًا وجناية المدبر في خدمته فإن كان له مال دفع منه إلا أن يكون مديانًا فالغرماء أحق به فتكون في خدمته ولو جرح واحدًا فأسلم السيد له خدمته ثم خرج آخر تحاصا فيها الأول بما بقي له والآخر بقيمة جنايته بخلاف القن فإنه يخير كما خير سيده في إسلامه أو فكاكه؛ لأنه ملكه لما أسلمه سيده والأول لم يملك الخدمة؛ لأنها إنما تكون شيئًا بعد شيء وخرج فيها شيء آخر وهو تخيير الأول بين أن يفديه ويختص بالخدمة أو يسلمه فيبطل حقه منها قال مالك: وإذا جنى المدبر خير سيده في افتكاكه بجميع الجناية ولا يتبعه بشيء أو يسلمه لذي الجناية فيستحقه، فإذا استوفى رجع إلى سيده مدبرًا وإن مات قبل وفائها ولا دين عليه أعتق في ثلثه واتبع بقيمة الجناية وإن عتق بعضه اتبع بحصة ذلك وخير الورثة في إسلام ما رق منه أو فدائه بجميع الجناية.

.الأنساب:

وصيانتها بالحد ويتعلق النظر فيها بالموجِب والموجَب.
الموجِب بكسر الجيم هو الزنا وفي معناه اللواط.
ويشترط في توجه العقوبة سبعة شروط:

.الأول: البلوغ:

فلا يحد الصبي ولا الصبية ولكن يعاقبا ولا تحد المرأة البالغ بوطء الصبي ويحد البالغ بوطء الصبية التي يوطأ مثلها قاله في المدونة، وقال ابن القاسم: يحد إن كانت بنت خمس سنين وأوجب في المدونة الحد بالإنبات ولم ير ابن القاسم بذلك.

.الثاني: أن يكون مسلمًا:

فلا حد على النصراني، ويرد إلى أهل دينه ويعاقب إن أعلن وقيل يحد حد البكر وإن زنا بمسلمة عوقب وقيل: يحد، قال ربيعة: وذلك نقض للعهد.

.الثالث: العقل:

فلا يحد مجنون ويعاقب إن لم يكن مطبقًا إن كان في حالة ترجوه العقوبة وتحد المرأة إن كانت عاقلة كالعاقل فالمجنونة.

.الرابع: الطوع:

فلا حد على المكره ولها الصداق كاملاً فإن كان الوطء عديمًا فهو على المكره ولا يرجع به على الوطء.

.الخامس: أن يكون عالمًا بالتحريم:

على قول أصبغ فلا حد عنده على الأعجمي وحديث العهد بالإسلام والمشهور الحد.

.السادس: أن يكون وطؤه في فرج آدمي لا ملك له فيه باتفاق:

فلا حد في وطء بين الفخذين ولا في استمناء، ويؤدبان ولا في المساحقة وفيها الاجتهاد، وقيل: يجلدان خمسين خمسين، وفي عمد وطء المرأة في دبرها زنا أو لواطًا قولان، ويحد من زنا بميتة على الأصح ولا حد على من أتى بهيمة على المشهور، ولكن يعاقب، ولا حد في نكاح المتعة على المشهور، ولا على نكاح المعتدة إذا وطئها فيها على الأصح ويحد ناكح الخامسة والمثلثة قبل زوجها، وكذلك سائر المحرمات المتفق على تحريمها، فإن ادعى الجهل ومثله يجهل ذلك لم يحد، وقال الشيخ أبو إسحاق: وكل ما حرم القرآن لسبب ويحل بزوال ذلك السبب ففي الحد به قولان وكذلك الخامسة؛ لأنها تحل بطلاق واحدة من الأربع وقولنا باتفاق يخرج النكاح بلا ولي أو بغير شهود إذا استفاض.