فصل: مناسبة الباب للتوحيد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **


باب ما جاء في حماية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حمي التوحيد

وسدة طرق الشرك

عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه؛ قال‏:‏ ‏(‏انطلقت في وفد من بني عامر إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقلنا‏:‏ أنت سيدنا فقال‏:‏ ‏(‏السيد الله تبارك وتعالى‏)‏ قلنا‏:‏ وأفضلنا فضلا؛ وأعظمنا طولا؛ فقال‏:‏ ‏(‏قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان‏)‏‏.‏ رواه أبو داوود بسند جيد‏.‏‏[‏ تقدم تخريجه ‏(‏ص 928‏)‏‏]‏

مناسبة الباب للتوحيد

لم تكلم المؤلف رحمه الله فيما مضى من كتابة عن إثبات التوحيد، وعلى ذكر ما ينافيه أو ينافي كماله، ذكر ما يحمي هذا التوحيد، وأن الواجب سد طرق الشرك‏.‏

* * *

قوله‏:‏ ‏(‏انطلقت في وفد بني عامر‏)‏‏.‏ الظاهر أن هذا الوفد قدم على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في العام التاسع، لأن الوفود كثرت في ذلك العام، ولذلك يسمى عام الوفود‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أنت سيدنا‏)‏‏.‏ السيد‏:‏ ذو السؤدد والشرف، والسؤدد معناه‏:‏ العظمة وما أشبهه‏.‏

وسيد‏:‏ صفة مشبهة على وزن فيعل، لأن الياء الأولى زائدة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏السيد الله‏)‏‏.‏ لم يقل ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ سيدكم كما هو المتوقع، حيث إنه ورد على قولهم سيدنا لوجهين‏:‏

الوجه الأول‏:‏ إرادة العموم المستفاد من ‏(‏أل‏)‏، لأن ‏(‏أل‏)‏ للعموم، والمعنى‏:‏ أن الذي له السيادة المطلقة هو الله - عز و جل - ولكن السيد المضاف يكون سيدا باعتبار المضاف إليه، مثل‏:‏ سيد فلان، سيد البشر، وما أشبه ذلك‏.‏

الوجه الثاني‏:‏ لئلا يتوهم أنه من جنس المضاف إليه، لأن السيد كل شيء من جنسه‏.‏

والسيد من أسماء الله تعالى، وهي من معاني الصمد، كما فسر ابن عباس الصمد بأنه الكامل في علمه وحلمه وسؤدده ‏[‏ابن كثير في ‏(‏التفسير‏)‏ ‏(‏4/540‏)‏‏.‏ ‏]‏ وما أشبه ذلك‏.‏

ولم ينههم ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن قولهم‏:‏ ‏(‏أنت سيدنا‏)‏، بل أذن لهم بذلك، فقال‏:‏ قولوا بقولكم أو بعض قولكم، لكن نهاهم أن يستجريهم الشيطان فيترقوا من السيادة الخاصة إلى السيادة العامة المطلقة‏.‏ لأن سيدنا سيادة خاصة مضافة، و‏(‏السيد‏)‏ سيادة عامة مطلقة غير مضافة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تبارك‏)‏‏.‏ قال العلماء‏:‏ معنى تبارك، أي‏:‏ كثرت بركاته وخيراته، ولهذا يقولون إن هذا لا يوصف به إلا الله، فلا يقال‏:‏ تبارك فلان، لأن هذا الوصف خاص بالله‏.‏

وقول العامة‏:‏ ‏(‏أنت تباركت علينا‏)‏ لا يريدون بهذا ما يريدونه بالنسبة إلى الله - عز وجل - وإنما يريدون أصابنا بركة مجئيك، والبركة يصح إضافتها إلى الإنسان إذا كان أهلا لذلك، فقال أسيد بن حضير حين نزلت آية التيمم بسبب عقد عائشة الذي ضاع منها‏:‏ ‏(‏ما هذه بأول بركتكم يا آل أبي بكر ‏[‏البخاري‏:‏ كتاب التيمم، ومسلم‏:‏ كتاب الحيض / باب التيمم‏.‏

‏]‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأفضلنا‏)‏‏.‏ أي‏:‏ فضلك أفضل من فضلنا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأعظمنا طولا‏)‏‏.‏ أي‏:‏ أعظمنا شرفا وغنى، والطول‏:‏ الغنى، قال تعالى‏:‏ ‏{‏ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏25‏]‏ ويكون بمعنى العظمة، قال تعالى‏:‏ ‏{‏غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول‏}‏ ‏[‏غافر‏:‏ 3‏]‏ أي‏:‏ ذي العظمة والغنى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قولوا بقولكم أو بعض قولكم‏)‏‏.‏ الأمر للإباحة والأذن كما سبق‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏قولوا بقولكم‏)‏‏:‏ يعني قولهم أنت سيدنا، أو أنت أفضلنا، وما أشبه ذلك‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏أو بعض قولكم‏)‏ يحتمل أن تكون شكا من الراوي، وأن يكون من لفظ الحديث، أي اقتصروا على بعضه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولا يستجرينكم الشيطان‏)‏‏.‏ استجراه بمعنى‏:‏ جذبه وجعله يجري معه، أي‏:‏ لا يستميلنكم الشيطان ويجذبنكم إلى أن تقولوا قولا منكرا، فأرشدهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى ما ينبغ أن يفعل ونهاهم عن الأمر الذي لا ينبغي أن يفعل، حماية للتوحيد من النقص أو النقض‏.‏

وقال في النهاية‏:‏ ‏(‏لا يستجرينكم الشيطان‏)‏، أي‏:‏ لا يستغلبنكم فيتخذكم جريا، أي‏:‏ رسولا ووكيلا‏.‏وعلى التفسيرين، فمراد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حماية التوحيد وسد كل طريق يوصل إلى الشرك، والحماية من المنكر تعظم كلما كان المنكر أعظم وأكبر أو كان الداعي إليه في النفوس أشد‏.‏ ولهذا تجد أن باب الشرك حماه النبي عليه الصلاة والسلام حماية بالغة حتى سد كل طريق يمكن أن يكون ذريعة إليه، لأنه أعظم الذنوب، وأيضا باب الزنا حمي حماية عظيمة، حتى منعت المرأة من التبرج وكشف الوجه وخلوتها بالرجل بلا محرم وما أشبه ذلك، لئلا يكون ذلك ذريعة إلى الزنا، لأن النفوس تطلبه، وفي باب الربا أيضا حمي الربا حماية عظيمة، حتى أن الرجل ليعطي الرجل صاعا طيبا من البر بصاعين قيمتها واحدة، ويكون ذلك رب محرم، مع أنه ليس فيه ظلم‏.‏

فالشرك قد يكون من الأمور التي لا تدعوا إليه النفوس كثيرا لكنه أعظم من الظلم، فالشيطان يحرص أن يوصل ابن آدم إلى الشرك بكل وسيلة، فحماه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حماية تامة محكمة، حتى لا يدخل الإنسان فيه من حيث لا يشعر، وهذا هو معنى الباب الذي ذكره المؤلف‏.‏

* · تنبيه‏:‏

جرى شرح هذا الحديث على أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهاهم عن قول سيدنا‏:‏ فحاولوا الجمع بين هذا الحديث وبين قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏أنا سيد ولد آدم ‏[‏تقدم تخريجه ‏(‏ص928‏)‏

‏]‏ ، وقوله‏:‏ ‏(‏قوموا إلى سيدكم‏)‏ ‏[‏البخاري‏:‏ كتاب المغازي / باب مرجع النبي صل الله عليه وسلم من الأحزاب‏.‏

‏]‏، وقوله في الرقيق‏:‏ ‏(‏وليقل سيدي ومولاي‏)‏‏[‏ ‏)‏ تقدم تخريجه ‏(‏ص924‏)‏‏.‏

‏]‏ بواحد من ثلاثة أوجه‏:‏

الأول‏:‏ أن النهي على سبيل الكراهة والأدب، والإباحة على سبيل الجواز

الثاني‏:‏أن النهي حيث يخشى منه المفسدة،وهي التدرج إلى الغلو والإباحة إذا لم يكن هناك محذور‏.‏

الثالث‏:‏ أن النهي بالخطاب، أي‏:‏ أن تخاطب الغير بقولك‏:‏ أنت سيدي أو سيدنا، بخلاف الغائب، لأن المخاطب ربما يكون في نفسه عجب وغلو وترفع، ثم إن فيه شيئا آخر، وهو خضوع هذا المتسيد له وإذلال نفسه له بخلاف ما إذا جاء من الغير، مثل‏:‏ ‏(‏قوموا إلى سيدكم‏)‏، أو على سبيل الغيبة، كقول العبد‏:‏ قال سيدي ونحو ذلك، لكن هذا يرد عليه إباحته ـ صلى الله عليه وسلم ـ للرقيق أن يقول لمالكه‏:‏ سيدي‏.‏

والذي يظهر لي أن لا تعارض أصلا، لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أذن لهم أن يقولوا بقولهم، لكن نهاهم أن يستجريه الشطان بالغلو مثل ‏(‏السيد‏)‏ لأن السيد المطلق هو الله تعالى، وعلى هذا فيجوز أن يقال‏:‏ سيدنا وسيد بني فلان ونحوه، ولكن بشرط أن يكون الموجه إليه السيادة أهلا لذلك، أما إذا لم يكن أهلا كما لو كان فاسقا أو زنديقا، فلا يقال له ذلك حتى ولو فرض أنه أعلى منه مرتبة أو جاها، وقد جاء في الحديث‏:‏ لا تقولوا للمنافق سيد، فإنه إن يكن سيد فقد أسخطتم ربكم عز وجل‏)‏ ‏[‏‏)‏ تقدم تخريجه ‏(‏ص924‏)‏‏.‏

‏]‏، فإذا كان أهلا لذلك وليس هناك محذور فلا باس به، وأما أن يخشى المحذور أو كان غير أهل، فلا يجوز‏.‏

والمحذور‏:‏ هو الخشيءة من الغلو فيه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قالوا‏:‏ يا رسول الله‏)‏ هذا النداء موافق لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا‏}‏ ‏[‏النور‏:‏ 63‏]‏ أي لا تنادوه كما ينادي بعضكم بعض، فتقولوا‏:‏ يا محمد ‏!‏ ولكن قولوا‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ أو يا نبي الله‏!‏

وفي الآية معنى آخر‏:‏ أي إذا دعاكم الرسول، فلا تجعلوا دعاءه إياكم كدعاء بعضكم بعضا إن شئتم أجبتم وإن شئتم أبيتم، فهو كقوله‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله والرسول إذا دعاكم لما يحييكم‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 24‏]‏ وعلى المعنى الأول تكون ‏(‏دعاء‏)‏ مضافة إلى المفعول، وعلى الثاني تكون مضافة إلى الفاعل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يا خيرنا‏)‏‏.‏ هذا صحيح، فهو خيركم نسبا، ومقاما، وحالا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وابن خيرنا‏)‏‏.‏ أي‏:‏ في النسب لا في المقام والحال‏.‏

وكذلك يقال في قوله‏:‏ ‏(‏وابن سيدنا‏)‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قولوا بقولكم‏)‏‏.‏ سبق القول فيه‏.‏

قوله لا يستهوينكم الشيطان‏)‏‏.‏ أي‏:‏ لا يستميلنكم الشيطان فتهووه وتتبعوا طرقه حتى تبلغوا الغلو ونظيره قوله تعالى‏:‏ ‏{‏كالذي استهوته الشيءاطين في الأرض حيران‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏71‏]‏

قوله‏:‏ أنا محمد عبد الله ورسوله‏)‏‏.‏ محمد اسمه العلم، وعبد الله ورسوله وصفان له‏.‏

وهذان الوصفان أحسن وأبلغ وصف يتصف به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولذلك وصفه الله تعالى‏:‏ ‏{‏تبارك الذي نزل الفرقان على عبده‏}‏ ‏[‏الفرقان‏:‏1‏]‏ ووصفه بها في مقام الإسراء، قال تعالى‏:‏ ‏{‏سبحان الذي أسرى بعبده ليلا‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏1‏]‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏فأوحى إلى عبده ما أوحى‏}‏ ‏[‏النجم‏:‏10‏]‏ ووصفه في نقام الدفاع عنه والتحدي، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏23‏]‏‏.‏

وكذلك بالنسبة للأنبياء، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبد شكورا‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏3‏]‏ وهذه العبودية خاصة، وهي أعلى أنواع الخاصة‏.‏

والعبودية لله من أجل أوصاف الإنسان، لأن الإنسان إما أن يعبد الله أو الشيطان، قال تعالى‏:‏ ‏{‏ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين* وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم‏}‏ ‏[‏يس‏:‏ 60 -61‏]‏ قال ابن القيم‏:‏

هربوا من الرق الذي خلقوا له ** فبلوا برق النفس والشيطان

وقال الشاعر‏:‏

لا تدعني إلا بيا عبدها ** فإنه أشرف أسمائي

قوله‏:‏ ‏(‏ورسوله‏)‏‏.‏ أي‏:‏ المرسل من عنده إلى جميع الناس، كما قال تعالى‏:‏ ‏(‏قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا‏)‏ الأعراف‏:‏158‏)‏‏.‏ ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في قمة الطبقات الصالحة، قال تعالى‏:‏ ‏{‏ومن يطع الله والرسول فأولئك في قمة الطبقات الصالحة، قال تعالى‏:‏ ‏{‏ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 69‏]‏ والنبيون فيهم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل هو أفضلهم،ومن عبارة المؤلف رحمه الله في الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏عبد لا يعبد، ورسول لا يكذب‏)‏

وقد تطرف في الرسول صلى الله عليه طائفتان‏:‏

- طائفة غلت فيه حتى عبدته، وأعدته للسراء والضراء، وصارت تعبده وتدعوه من دون الله‏.‏

- وطائفة كذبته، وزعمت أنه كذاب، ساحر، وشاعر، مجنون، كاهن، ونحو ذلك‏.‏

وفي قوله‏:‏ ‏(‏عبد الله ورسوله‏)‏ رد على الطائفتين‏.‏

في قوله تعالى‏:‏ ‏(‏ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي‏)‏‏.‏ ‏(‏ما‏)‏ نافية و‏(‏إن‏)‏ وما دخلت عليه تأويل مصدر مفعول أحب، أي‏:‏ ما أحب رفعتكم إياي فوق منزلتي، لا في الألفاظ، ولا في الألقاب، ولا في الأحوال‏.‏

قوله ‏(‏التي أنزلني الله‏)‏‏.‏ يستفاد منه أن الله تعالى هو الذي يجعل الفضل في عبادة، و ينزلهم منازلهم‏.‏

مناسبة الباب لكتاب التوحيد

أن التوحيد يجب أن يحمى من كل وجه حتى في الألفاظ، ليكون خالصا من كل شائبة‏.‏

* * *

فيه مسائل‏:‏

* الأولى‏:‏ تحذير الناس من الغلو‏.‏ تؤخذ من قوله‏:‏ ‏(‏ولا يستجرينكم الشيطان‏)‏ ووجه‏:‏ أن الرسول جعل هذا من استجراء الشيطان، والإنسان يجب عليه أن يحذر كل ما كان من طرق الشيطان‏.‏

* الثانية ما ينبغي أن يقول من قيل له‏:‏ ‏(‏أنت سيدنا‏)‏‏.‏ وتؤخذ من قوله‏:‏ ‏(‏السيد الله‏)‏ فينبغي أن يقول من قيل له ذلك‏:‏ ‏(‏السيد الله‏)‏‏.‏

* الثالثة‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏لا يستجرينكم الشيطان‏)‏ مع أنهم لم يقولوا إلا الحق‏.‏ ظاهر كلام المؤلف أن هذا من استجراء الشيطان، فهذه الكلمة يحتمل أن معناها أن ما قلتم من أستجراء الشيطان‏.‏

ويحتمل أن المعنى‏:‏ قولوا بهذا القول، ولكن إياكم أن تغلوا، فإن هذا من استجراء الشيطان، وهذا ظاهر الحديث كما سبق‏.‏

* الرابعة‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي‏)‏‏.‏ أي‏:‏ إني أكره أن ترفعوني فوق منزلتي‏)‏ أي‏:‏ إني أكره أن ترفعوني فوق منزلتي، وهي العبودية والرسالة، ففيها تواضعه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏.‏

* * *