فصل: فصلٌ فِي الْكَفَاءَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (نسخة منقحة)



.فصلٌ فِي الْكَفَاءَةِ:

(الْكَفَاءَةُ فِي النِّكَاحِ مُعْتَبَرَةٌ) قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «أَلَا لَا يُزَوِّجْ النِّسَاءَ إلَّا الْأَوْلِيَاءُ وَلَا يُزَوَّجْنَ إلَّا مِنْ الْأَكْفَاءِ» وَلِأَنَّ انْتِظَامَ الْمَصَالِحِ بَيْنَ الْمُتَكَافِئِينَ عَادَةٌ، لِأَنَّ الشَّرِيفَةَ تَأْبَى أَنْ تَكُونَ مُسْتَفْرَشَةً لِلْخَسِيسِ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِهَا، بِخِلَافِ جَانِبِهَا، لِأَنَّ الزَّوْجَ مُسْتَفْرِشٌ، فَلَا تَغِيظُهُ دَنَاءَةُ الْفِرَاشِ.
الشرح:
فصلٌ فِي الْكَفَاءَةِ:
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أَلَا لَا تُزَوِّجُ النِّسَاءَ إلَّا الْأَوْلِيَاءُ، وَلَا يُزَوَّجْنَ إلَّا مِنْ الْأَكْفَاءِ».
قُلْت: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنَيْهِمَا عَنْ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ عَطَاءٍ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُنْكِحُوا النِّسَاءَ إلَّا الْأَكْفَاءَ، وَلَا يُزَوِّجْهُنَّ إلَّا الْأَوْلِيَاءُ، وَلَا مَهْرَ دُونَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ»، انْتَهَى.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، أَحَادِيثُهُ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا، انْتَهَى.
وَأَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: أَحَادِيثُ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ مَوْضُوعَةٌ كَذِبٌ، انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَهُوَ كَمَا قَالَ، لَكِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَيُدَلِّسُ، عَلَى الضُّعَفَاءِ، انْتَهَى.
قُلْت: رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، فَذَكَرَهُ، وَعَنْ أَبِي يَعْلَى رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ، وَقَالَ: مُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ يَرْوِي عَنْ الثِّقَاتِ الْمَوْضُوعَاتِ، لَا يَحِلُّ كَتْبُ حَدِيثِهِ إلَّا عَلَى جِهَةِ التَّعَجُّبِ، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَالْعُقَيْلِيُّ فِي كِتَابَيْهِمَا وَأَعَلَّاهُ بِمُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَأَسْنَدَ الْعُقَيْلِيُّ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ وَصَفَهُ بِالْوَضْعِ وَالْكَذِبِ، انْتَهَى.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ بِمُرَّةَ، وَفِي اعْتِبَارِ الْأَكْفَاءِ أَحَادِيثُ لَا تَقُومُ بِأَكْثَرِهَا الْحُجَّةُ، وَأَمْثَلُهَا حَدِيثُ عَلِيٍّ: «ثَلَاثَةٌ لَا تُؤَخِّرُهَا، وَفِيهِ وَالْأَيِّمُ إذَا وَجَدَتْ كُفُؤًا»، انْتَهَى.
قُلْت: هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الصَّلَاةِ فِي الْجَنَائِزِ،حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ، ثَلَاثٌ لَا تُؤَخِّرْهَا: الصَّلَاةُ إذَا آنَتْ، وَالْجِنَازَةُ إذَا حَضَرَتْ، وَالْأَيِّمُ إذَا وَجَدْتَ لَهَا كُفْئًا»، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي الْجَنَائِزِ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَمَا أَرَى إسْنَادَهُ مُتَّصِلًا. انْتَهَى.
قُلْت: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي النِّكَاحِ كَذَلِكَ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. انْتَهَى.
إلَّا أَنِّي وَجَدْته، قَالَ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيِّ، عَوَّضَ: سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ، فَلْيُنْظَرْ، وَالْمُصَنِّفُ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى اعْتِبَارِ الْكَفَاءَةِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِاشْتِرَاطِهَا، وَلَا ذَكَرَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَالْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِي اشْتِرَاطِهَا، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَصْلُ الْكَفَاءَةِ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ حَدِيثِ بَرِيرَةَ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إنَّمَا خَيَّرَهَا، لِأَنَّ زَوْجَهَا لَمْ يَكُنْ كُفْئًا، انْتَهَى.
وَاسْتَدَلَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ عَلَى اشْتِرَاطِهَا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ، وَأَنْكِحُوا الْأَكْفَاءَ»، وَهَذَا رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، مِنْ طُرُقٍ عَدِيدَةٍ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، اسْتَوْفَيْنَاهَا، وَالْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي كِتَابِ الْإِسْعَافِ بِأَحَادِيثِ الْكَشَّافِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَاسْتَدَلَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ لِأَصْحَابِنَا فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْكَفَاءَةِ بِمَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَأَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «جَاءَتْ فَتَاةٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ لِيَرْفَعَ بِي مِنْ خَسِيسَتِهِ، قَالَ: فَجَعَلَ الْأَمْرَ إلَيْهَا، فَقَالَتْ: إنِّي قَدْ أَجَزْت مَا صَنَعَ أَبِي، لَكِنْ أَرَدْت أَنْ تُعَلِّمَ النِّسَاءَ أَنْ لَيْسَ إلَى الْآبَاءِ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ»، انْتَهَى.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا مُرْسَلٌ، ابْنُ بُرَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ، انْتَهَى.
قُلْت: هَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ غُرَابٍ عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، فَذَكَرَهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ ثَنَا وَكِيعٌ عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَهُ سَوَاءٌ، وَيُنْظَرُ مُسْنَدُ أَحْمَدَ.
(وَإِذَا زَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ فَلِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا) دَفْعًا لِضَرَرِ الْعَارِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ (ثُمَّ الْكَفَاءَةُ تُعْتَبَرُ فِي النَّسَبِ)، لِأَنَّهُ يَقَعُ بِهِ التَّفَاخُرُ.
(فَقُرَيْشٌ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ وَالْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ) وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «قُرَيْشٌ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ بَطْنٌ بِبَطْنٍ، وَالْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ قَبِيلَةٌ بِقَبِيلَةٍ، وَالْمَوَالِي بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ رَجُلٌ بِرَجُلٍ» وَلَا يُعْتَبَرُ التَّفَاضُلُ فِيمَا بَيْنَ قُرَيْشٍ لِمَا رَوَيْنَا.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَسَبًا مَشْهُورًا كَأَهْلِ بَيْتِ الْخِلَافَةِ كَأَنَّهُ قَالَ تَعْظِيمًا لِلْخِلَافَةِ وَتَسْكِينًا لِلْفِتْنَةِ، وَبَنُو بَاهِلَةَ لَيْسُوا بِأَكْفَاءٍ لِعَامَّةِ الْعَرَبِ، لِأَنَّهُمْ مَعْرُوفُونَ بِالْخَسَاسَةِ.
الشرح:
الْحَدِيثُ السَّادِسُ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «قُرَيْشٌ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ، بَطْنٌ بِبَطْنٍ، وَالْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ، قَبِيلَةٌ بِقَبِيلَةٍ، وَالْمَوَالِي بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ، رَجُلٌ بِرَجُلٍ».
قُلْت: رَوَى الْحَاكِمُ حَدَّثَنَا الْأَصَمُّ ثَنَا الصَّغَانِيُّ ثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ ثَنَا بَعْضُ إخْوَانِنَا عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ: قَبِيلَةٌ بِقَبِيلَةٍ، وَرَجُلٌ بِرَجُلٍ، وَالْمَوَالِي بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ، قَبِيلَةٌ بِقَبِيلَةٍ، وَرَجُلٌ بِرَجُلٍ، إلَّا حَائِكٌ أَوْ حَجَّامٌ»، انْتَهَى.
قَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ: هَذَا مُنْقَطِعٌ، إذْ لَمْ يُسَمِّ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ بَعْضَ أَصْحَابِهِ. انْتَهَى.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.
طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ زُرْعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْدِيِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي الْفَضْلِ الْأَيْلِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ سَوَاءٌ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ مَوْضُوعٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، مِثْلُهُ، وَلَا يَصِحُّ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ. انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ، وَأَعَلَّهُ بِعِمْرَانَ بْنِ أَبِي الْفَضْلِ، وَقَالَ: إنَّهُ يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنْ الْأَثْبَاتِ، لَا يَحِلُّ كَتْبُ حَدِيثِهِ. انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَأَعَلَّهُ بِعِمْرَانَ، وَأَسْنَدَ تَضْعِيفَهُ عَنْ النَّسَائِيّ، وَابْنِ مَعِينٍ، وَوَافَقَهُمَا، وَقَالَ: الضَّعْفُ عَلَى حَدِيثِهِ بَيِّنٌ. انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، ضَعِيفُهُ جِدًّا. انْتَهَى.
طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «النَّاسُ أَكْفَاءٌ، قَبِيلَةٌ بِقَبِيلَةٍ، وَعَرَبِيٌّ لِعَرَبِيٍّ، وَمَوْلًى لِمَوْلًى، إلَّا حَائِكٌ أَوْ حَجَّامٌ»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ مِنْ طَرِيقِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَقَالَ: بَقِيَّةُ مَغْمُوزٌ بِالتَّدْلِيسِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ مَطْعُونٌ فِيهِ. انْتَهَى.
طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ بِهِ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ، وَأَعَلَّهُ بِعَلِيِّ بْنِ عُرْوَةَ، وَقَالَ: إنَّهُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ: وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ الطَّرَائِفِيُّ مِنْ أَهْلِ حَرَّانَ، يَرْوِي عَنْ الْمَجَاهِيلِ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ بِمُرَّةَ انْتَهَى كَلَامُهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ ثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ، وَالْمَوَالِي بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ»، انْتَهَى.
وَسَكَتَ عَنْهُ، وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ مِنْ جِهَةِ الْبَزَّارِ، وَقَالَ: إنَّهُ مُنْقَطِعٌ، فَإِنَّ خَالِدَ بْنَ مَعْدَانُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مُعَاذٍ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ لَمْ أَجِدْ لَهُ ذِكْرًا، انْتَهَى.
(وَأَمَّا الْمَوَالِي فَمَنْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ فِي الْإِسْلَامِ فَصَاعِدًا فَهُوَ مِنْ الْأَكْفَاءِ) يَعْنِي لِمَنْ لَهُ آبَاءٌ فِيهِ (وَمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ أَوْ لَهُ أَبٌ وَاحِدٌ فِي الْإِسْلَامِ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِمَنْ لَهُ أَبَوَانِ فِي الْإِسْلَامِ)، لِأَنَّ تَمَامَ النَّسَب بِالْأَبِ وَالْجَدِّ.
وَأَبُو يُوسُفَ أَلْحَقَ الْوَاحِدَ بِالْمُثَنَّى كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُ فِي التَّعْرِيفِ (وَمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِمَنْ لَهُ أَبٌ وَاحِدٌ فِي الْإِسْلَامِ)، لِأَنَّ التَّفَاخُرَ فِيمَا بَيْنَ الْمَوَالِي بِالْإِسْلَامِ، وَالْكَفَاءَةُ فِي الْحُرِّيَّةِ نَظِيرُهَا فِي الْإِسْلَامِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا، لِأَنَّ الرِّقَّ أَثَرُ الْكُفْرِ، وَفِيهِ مَعْنَى الذُّلِّ فَيُعْتَبَرُ فِي حُكْمِ الْكَفَاءَةِ.
قَالَ: (وَتُعْتَبَرُ أَيْضًا فِي الدِّينِ) أَيْ الدِّيَانَةِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ هُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّهُ مِنْ أَعْلَى الْمَفَاخِرِ، وَالْمَرْأَةُ تُعَيَّرُ بِفِسْقِ الزَّوْجِ فَوْقَ مَا تُعَيَّرُ بِضِعَةِ نَسَبِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا تُعْتَبَرُ، لِأَنَّهُ مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ فَلَا تُبْتَنَى أَحْكَامُ الدُّنْيَا عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ يُصْفَعُ وَيُسْخَرُ مِنْهُ أَوْ يَخْرُجُ إلَى الْأَسْوَاقِ سَكْرَانَ وَيَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيَانُ، لِأَنَّهُ مُسْتَخَفٌّ بِهِ.
قَالَ: (وَ) تُعْتَبَرُ (فِي الْمَالِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، حَتَّى إنَّ مَنْ لَا يَمْلِكُهُمَا أَوْ لَا يَمْلِكُ أَحَدَهُمَا لَا يَكُونُ كُفْئًا، لِأَنَّ الْمَهْرَ بَدَلُ الْبُضْعِ فَلَا بُدَّ مِنْ إيفَائِهِ، وَبِالنَّفَقَةِ قِوَامُ الِازْدِوَاجِ وَدَوَامُهُ، وَالْمُرَادُ بِالْمَهْرِ قَدْرُ مَا تَعَارَفُوا تَعْجِيلَهُ، لِأَنَّ مَا وَرَاءَهُ مُؤَجَّلٌ عُرْفًا.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ اعْتَبَرَ الْقُدْرَةَ عَلَى النَّفَقَةِ دُونَ الْمَهْرِ، لِأَنَّهُ تَجْرِي الْمُسَاهَلَةُ فِي الْمُهُورِ وَيُعَدُّ الْمَرْءُ قَادِرًا عَلَيْهِ بِيَسَارِ أَبِيهِ.
فَأَمَّا الْكَفَاءَة فِي الْغِنَى فَمُعْتَبَرَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ حَتَّى إنَّ الْفَائِقَةَ فِي الْيَسَارِ لَا يُكَافِئُهَا الْقَادِرُ عَلَى الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ، لِأَنَّ النَّاسَ يَتَفَاخَرُونَ بِالْغِنَى وَيَتَعَيَّرُونَ بِالْفَقْرِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُعْتَبَرُ، لِأَنَّهُ لَا ثَبَاتَ لَهُ، إذْ الْمَالُ غَادٍ وَرَائِحٌ.
(وَ) تُعْتَبَرُ (فِي الصَّنَائِعِ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ إلَّا أَنْ تَفْحُشَ كَالْحَجَّامِ وَالْحَائِكِ وَالدَّبَّاغِ، وَجْهُ الِاعْتِبَارِ أَنَّ النَّاسَ يَتَفَاخَرُونَ بِشَرَفِ الْحِرَفِ وَيَتَعَيَّرُونَ بِدَنَاءَتِهَا.
وَجْهُ الْقَوْلِ الْآخَرِ: أَنَّ الْحِرْفَةَ لَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ وَيُمْكِنُ التَّحَوُّلُ عَنْ الْخَسِيسَةِ إلَى النَّفِيسَةِ مِنْهَا.
قَالَ: (وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ وَنَقَصَتْ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فَلِلْأَوْلِيَاءِ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ حَتَّى يَتِمَّ مَهْرُ مِثْلِهَا أَوْ يُفَارِقَهَا).
وَقَالَا لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَهَذَا الْوَضْعُ إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى اعْتِبَارِ قَوْلِهِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ فِي النِّكَاحِ بِغَيْرِ الْوَلِيِّ وَقَدْ صَحَّ ذَلِكَ، وَهَذِهِ شَهَادَةٌ صَادِقَةٌ عَلَيْهِ، لَهُمَا أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ حَقُّهَا، وَمَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ لَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ كَمَا بَعْدَ التَّسْمِيَةِ.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ يَفْتَخِرُونَ بِغَلَاءِ الْمَهْرِ وَيَتَعَيَّرُونَ بِنُقْصَانِهِ فَأَشْبَهَ الْكَفَاءَةَ، بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ، لِأَنَّهُ لَا يُتَعَيَّرُ بِهِ.
(وَإِذَا زَوَّجَ الْأَبُ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ وَنَقَصَ مِنْ مَهْرِهَا أَوْ ابْنَهُ الصَّغِيرَ وَزَادَ فِي مَهْرِ امْرَأَتِهِ جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَا لَا يَجُوزُ الْحَطُّ وَالزِّيَادَةُ إلَّا بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ) وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ عِنْدَهُمَا، لِأَنَّ الْوِلَايَةَ مُقَيَّدَةٌ بِشَرْطِ النَّظَرِ فَعِنْدَ فَوَاتِهِ يَبْطُلُ الْعَقْدُ، وَهَذَا، لِأَنَّ الْحَطَّ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لَيْسَ مِنْ النَّظَرِ فِي شَيْءٍ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ غَيْرُهُمَا.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْحُكْمَ يُدَارُ عَلَى دَلِيلِ النَّظَرِ وَهُوَ قُرْبُ الْقَرَابَةِ، وَفِي النِّكَاحِ مَقَاصِدُ تَرْبُو عَلَى الْمَهْرِ، أَمَّا الْمَالِيَّةُ فَهِيَ الْمَقْصُودَةُ فِي التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ، وَالدَّلِيلُ عَدِمْنَاهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا.
(وَمَنْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ عَبْدًا أَوْ زَوَّجَ ابْنَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ أَمَةً فَهُوَ جَائِزٌ) قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا)، لِأَنَّ الْإِعْرَاضَ عَنْ الْكَفَاءَةِ لِمَصْلَحَةٍ تَفُوقُهَا، وَعِنْدَهُمَا هُوَ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ فَلَا يَجُوزُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.