فصل: باب إخراج ميازيب المطر إلى الشارع

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار **


 باب في الطريق إذا اختلفوا فيه كم تجعل

1 - عن أبي هريرة أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال ‏(‏إذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبعة أذرع‏)‏‏.‏

رواه الجماعة إلا النسائي‏.‏ وفي لفظ لأحمد ‏(‏إذا اختلفوا في الطريق رفع من بينهم سبعة أذرع‏)‏‏.‏

2 - وعن عبادة بن الصامت ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قضى في الرحبة تكون في الطريق ثم يريد أهلها البنيان فيها فقضى أن يترك الطريق سبعة أذرع وكانت تلك الطريق تسمى الميتاء‏)‏‏.‏

رواه عبد اللّه بن أحمد في مسند أبيه‏.‏

حديث عبادة أخرجه أيضا الطبراني بلفظ ‏(‏قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم في الطريق الميتاء‏)‏‏.‏ الحديث والراوي له عن عبادة إسحاق بن يحيى ولم يدركه ويشهد له ما أخرجه عبد الرزاق عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم بلفظ ‏(‏إذا اختلفتم في الطريق الميتاء فاجعلوها سبعة أذرع‏)‏ وما أخرجه ابن عدي من حديث أنس بلفظ ‏(‏قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم في الطريق الميتاء التي تؤتى من كل مكان‏)‏ فذكر الحديث‏.‏ قال في الفتح وفي كل من الأسانيد الثلاثة مقال اه ولكنه يقوي بعضها بعضا فتصلح للاحتجاج بها كما لا يخفى‏:‏ قوله ‏(‏إذا اختلفتم‏)‏ في لفظ للبخاري ‏(‏إذا تشاجروا‏)‏ وللإسماعيلي ‏(‏إذا اختلف الناس في الطريق‏)‏ وزاد المستملي بعد ذكر الطريق فقال ‏(‏الميتاء‏)‏ قال الحافظ ولم يتابع عليه وليست محفوظة في حديث أبي هريرة وإنما ذكرها البخاري في الترجمة مشيرا بها إلى الأحاديث الني ذكرناها كما جرت بذلك قاعدته‏:‏ قوله ‏(‏سبعة أذرع‏)‏ قال في الفتح الذي يظهر أن المراد بالذراع ذراع الآدمي فيعتبر ذلك بالمعتدل‏.‏ وقيل المراد ذراع البنيان المتعارف ولكن هذا المقدار إنما هو في الطريق التي هي مجرى عامة المسلمين للجمال وسائر المواشي كما أسلفنا لا الطريق المشروعة بين الأملاك والطرق التي يمر بها بنو آدم فقط ويدل على ذلك التقييد بالميتاء كما في الأحاديث المذكورة والميتاء بميم مكسورة وتحتانية ساكنة وبعدها فوقانية ومد بوزن مفعال من الإتيان والميم زائدة‏.‏ قال أبو عمر والشيباني الميتاء أعظم الطرق وهي التي يكثر مرور الناس فيها‏.‏ وقال غيره هي الطرق الواسعة وقيل العامرة‏.‏ وحكى في البحر عن الهادي أنه إذا التبس عرض الطريق الواسعة بين الأملاك أو كان حوليها ارض موات بقي لما تجتازه العماريات أثنا عشر ذراعا ولدونه سبعة وفي المنسدة مثل أعرض باب فيها انتهى‏.‏ وبهذا التفصيل قالت الهادوية ـ والحكمة ـ في ورود الشرع بتقدير الطريق سبعة أذرع هي أن تسلكها الأحمال والأثقال دخولا وخروجلا وتسع ما لا بد منه كما يطرح عند الأبواب‏.‏ قوله ‏(‏الرحبة‏)‏ بفتح الحاء المهملة وتسكن على ما في القاموس وهي المكان بناحية ومتسعه ومن الوادي مسيل مائة من جانبيه‏.‏ والمراد هنا المكان بجانب الطريق كما في الحديث‏.‏

 باب إخراج ميازيب المطر إلى الشارع

1 - عن عبد اللّه بن عباس قال ‏(‏كان للعباس ميزاب على طريق عمر فلبس ثيابه يوم الجمعة وقد كان ذبح للعباس فرخان فلما وافى الميزاب صب ماء بدم الفرخين فأمر عمر بقلعه ثم رجع فطرح ثيابه ولبس ثيابه ثم فصلى بالناس فأتاه العباس فقال واللّه إنه للموضع الذي وضعه النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال عمر للعباس وأنا أعزم عليك لما صعدت على ظهري حتى تضعه في الموضع الذي وضع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ففعل ذلك العباس‏)‏‏.‏

الحديث لم يذكر المصنف من أخرجه كما في النسخ الصحيحة من هذا الكتاب وفي نسخة أنه أخرجه أحمد وهو في مسند أحمد بلفظ ‏(‏كان للعباس ميزاب على طريق عمر فلبس ثيابه يوم الجمعة فأصابه منه ماء بدم فأتاه العباس فقال واللّه إنه للموضع الذي وضعه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال أعزم عليك لما صعدت على ظهري حتى تضعه في الموضع الذي وضعه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ‏)‏ وذكر ابن أبي حاتم أنه سأل أباه عنه فقال هو خطأ‏.‏ ورواه البيهقي من وجه آخر ضعيفة أو منقطعة ولفظ أحدهما ‏(‏واللّه ما وضعه حيث كان إلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بيده‏)‏ وأورده الحاكم في المستدرك وفي إسناده عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف‏.‏ قال الحاكم ولم يحتج الشيخان بعبد الرحمن ورواه أبو داود في المراسيل من حديث أبي هرون المذني قال كان في دار العباس ميزاب فذكره ـ والحديث ـ فيه دليل هلى جواز إخراج الميازيب إلى الطريق لكن بشرط أن لا تكون محدثة تضر بالمسلمين فإن كانت كذلك منعت لأحاديث المنع من الضرار قال في البحر مسألة العترة ويمنع في الطريق الغرس والبناء والحفر ومرور احمال الشوك ووضع الحطب والذبح فيها وطرح القمامة والرماد وقشر الموز واحداث السواحل والميازيب وربط الكلاب الضارية لما فيها من الأذى اه ثم حكى في البحر أيضا عن أبي حنيفة والهادوية أنها لا تضيق قرار السكك النافذة ولا هواؤها بشء وإن اتسعت إذا الهواء تابع للقرار في كونه حقا كتبعية هواء الملك لقراره‏.‏ وعن الشافعي والمؤيد باللّه في أحد قوليه إنما حق المار في القرار لا الهواء فيجوز الروشن والساباط حيث لا ضرر وكذلك الميزاب قال المؤيد باللّه ويجوز تضييق النافذة المسبلة بما لا ضرر فيه لمصلحة عامة باذن الإمام‏.‏ وكذلك يجوز تضييق هوائها بالأولى وإلى مثل ما ذهب إليه المؤيد ذهب الهادوية وقالوا يجوز أيضا التضيق لمصلحة خاصة في الطرق المشروعة بين الأملاك‏.‏

4 - وعن سمرة أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال ‏(‏اقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخهم والشرخ الغلمان الذي لم ينبتوا‏)‏‏.‏

 كتاب الشركة والمضاربة

1 - عن أبي هريرة رفعه قال ‏(‏إن اللّه يقول إنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خانه خرجت من بينهما‏)‏‏.‏

رواه أبو داود‏.‏

الحديث صححه الحاكم وأعله ابن القطان بالجهل بحال سعيد بن حيان وقد ذكره ابن حبان في الثقات وأعله أيضا ابن القطان بالإرسال فلم يذكر فيه أبا هريرة وقال أنه الصواب ولم يسنده غير أبي همام محمد بن الزبرقان‏.‏ وسكت أبو داود والمنذري عن هذا الحديث وأخرج نحوه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب عن حكيم بن حزام‏:‏ قوله ـ كتاب الشركة ـ بكسر الشين وسكون الراء وحكى ابن باطيش فتح الشين وكسر الراء وذكر صاحب الفتحفيها أربع لغات فتح الشين وكسر الراء وكسر الشين وسكون الراء وقد تحذف الهاء وقد يفتح أوله من ذلك ‏:‏ فوله ‏(‏والمضاربة‏)‏ هي مأخوذة من الضرب في الأرض وهو السفر والمشي والعامل مضارب بكسر الراء‏.‏ قال الرافعي ولم يشتق للمالك منه اسم فاعل لأن العامل يختص بالضرب في الأرض فعلى هذا تكون المضاربة من المفاعلة التي تكون من واحد مثل عاقبت اللص‏:‏ قوله ‏(‏أنا ثالث الشريكين‏)‏ المراد إن اللّه جل جلاله يضع البركة للشريكين في مالهما مع عدم الخيانة ويمدهما بالرعاية والمعونة ويتولى الحفظ لما لهما قوله ‏(‏خرجت من بينهم‏)‏ أي نزعت البركة من المال زاد رزين ‏(‏وجاء الشيطان‏)‏ ورواية الدارقطني ‏(‏فإذا خان أحدهما صاحبه رفعها عنهما‏)‏ يعني البركة‏.‏

2 - وعن السائب بن أبي السائب أنه قال ‏(‏للنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم كنت شريكي في الجاهلية فكنت خير شريك لا تداريني ولا تماريني‏)‏‏.‏

رواه أبو داود وابن ماجه ولفظه ‏(‏كنت شريكي ونعم الشريك كنت لا تدراي ولا تماري‏)‏‏.‏

الحديث أخرجه أيضا النسائي والحاكم وصححه‏.‏ وفي لفظ لأبي داود وابن ماجه ‏(‏أن السائب المخزومي كان شريك النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قبل البعثة فجاء يوم الفتح فقال مرحبا بأخي وشريكي لا تداري ولا تماري‏)‏ وفي لفظ أن السائب قال ‏(‏أتيت النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فجعلوا يثنون على ويذكرونني فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أنا أعلمكم به فقلت صدقت بأبي أنت وأمي كنت شريكي فنعم الشريك لا تداري ولا تماري‏)‏ ورواه أبو نعيم في المعرفة والطبراني في الكبير من طريق قيس بن السائب وروى أيضا عن عبد اللّه بن السائب قال أبو حاتم في العلل وعبد اللّه ليس بالقوي‏.‏ وقد اختلف هل كان الشريك للنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم السائب المذكور أو ابنه عبد اللّه‏.‏ واختلف أيضا في اسلام السائب وصحبته‏.‏ قال ابن عبد البر هو من المؤلفة قلوبهم وممن حسن اسلامه وعاش إلى زمن معاوية وروى ابن هشام عن ابن عباس أنه ممن هاجر مع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وأعطاه يوم الجعرانة من غنائم حنين‏.‏ وقال ابن إسحاق أنه قتل يوم بدر كافرا وقيل إن اسمه السائب بن يزيد وهو وهم ويقال السائب بن نميلة‏.‏ قاله ‏(‏لا تدارين ولا تماريني‏)‏ أي لا تمانعني ولا تحاورني ـ وفي الحديث ـ بيان ما كان عليه النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم من حسن المعاملة والرفق قبل النبوة وبعدها وفيه جواز السكوت من الممدوح عند سماع من يمدحه بالحق‏.‏

3 - وعن أبي المنهال ‏(‏أن زيد بن أرقم والبراء بن عازب كانا شريكين فاشتريا فضة بنقد ونسيئة فبلغ النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فأمرهما أن ما كان ينقد فأجيزوه وما كان بيسيئة فردوه‏)‏‏.‏

رواه أحمد والبخاري بمعناه‏.‏

لفظ البخاري ‏(‏ما كان يدا بيد فخذوه وما كان نسيئة فردوه‏)‏ والحديث استدل به على جواز تفريق الصفقة فيصح منها ويبطل ما لا يصح وتعقب باحتمال أن يكونا عقدا مختلفين ويؤيده ما في البخاري في باب الهجرة إلى المدينة عن أبي المنهال المذكور فذكر هذا الحديث‏.‏ وفيه ‏(‏قدم النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم المدينة ونحن نتبايع هذا البيع فقال ما كان يدا بيد فليس به بأس وما كان نسيئة فلا يصلح‏)‏ فمعنى قوله ما كان يدا بيد فخذوه أي ما وقع لكم فيه التقابض في المجلس فهو صحيح فامضوه ومالم يقع لكم فيه التقابض فليس بصحيح فاتركوه ولا يلزم من ذلك أن يكونا جميعا في عقد واحد واستدل بهذا الحديث أيضا على جواز الشركة في الدراهم والدنانير وهو اجماع كما قال ابن بطال لكن لا بد أن يكون نقد كل واحد منهما مثل نقد صاحبه ثم يخلطا ذلك حتى لا يتميز ثم يتصرفا جميعا الا أن يقيم كل واحد منهما الآخر مقام نفسه‏.‏ وقد حكى أيضا ابن بطال إن هذا الشرط مجمع عليه واختلفوا إذا كانت الدنانير من أحدهما والدراهم من الآخر فمنعه الشافعي ومالك في المشهور عنه والكوفيون إلا الثوري‏.‏ واختلفوا أيضا هل تصح الشركة في غير النقدين فذهب الجمهور إلى الصحة في كل ما يتملك وقيل يختص بالنقد المضروب والأصح عند الشافعية اختصاصها بالمثلى‏.‏ وحديث اشتراك الصحابة في أزوادهم في غزوة الساحل كما في حديث جابر عند البخاري وغيره يرد على من قال باختصاص الشركة بالنقد لأن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قررهم على ذلك‏.‏ وكذلك حديث سلمة بن الأكوع عند البخاري وغيره أنهم جمعوا أزوادهم ودعا النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم لهم فيها بالبركة ويرد على الشافعية حديث أبي عبيدة الآتي‏.‏ وحديث رويفع والحاصل ـ أن الأصل ـ الجواز في جميع أنواع الأموال فمن ادعى الأختصاص بنوع واحد أو بأنواع الشرك المفصلة في كتب الفقه فلا نقبل دعوى الأختصاص بالبعض الا بدليل‏.‏

4 - وعن أبي عبيدة عن عبد اللّه قال ‏(‏اشتركت أنا وعمار وسعد فيما نصيب يوم بدر قال فجاء سعد باسيرين ولم أجيء أنا وعمار بشيء‏)‏‏.‏

رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه‏.‏ وهو حجة في شركة الأبدان وتملك المباحات‏.‏

5 - وعن رويفع بن ثابت قال ‏(‏إن كان أحدنا في زمن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ليأخذ نضو أخيه على أنه له النصف مما يغنم ولنا النصف وإن كان أحدنا ليطير له النصل والريش وللآخر القدح‏)‏‏.‏

رواه أحمد وأبو داود‏.‏

الحديث الأول منقطع لأن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه عبد اللّه بن مسعود‏.‏ والحديث الثاني في إسناده أبو داود شيبان بن أمية القتباني وهو مجهول وبقية رجاله ثقات وقد أخرجه النسائي من غير طريق هذا المجهول بإسناد رجاله كلهم ثقات‏.‏ قوله ‏(‏النضو‏)‏ هو المهزول من الأبل‏.‏ والنصل حديدة السهم‏.‏ والريش هو الذي يكون على السهم‏.‏ والقدح بكسر القاف السهم قبل أن يراش وينصل‏.‏ ـ استدل ـ بحديث أبي عبيدة على جواز شركة الأبدان كما ذكره المصنف وهي أن يشترك العاملان فيما يعملانه فيوكل كل واحد منهما صاحبه أن يتقبل ويعمل عنه في قدرمعلوم ما استؤجر عليه ويعينان الصنعة وقد ذهب إلى صحتها مالك بشرط اتحاد الصنعة وإلى صحتها ذهبت العترة وأبو حنيفة وأصحابه‏.‏ وقال الشافعي شركة الأبدان كلا باطلة لأن كل واحد منهما متميز ببدنه ومنافعه فيختص بفوائده وهذا كما لو اشتركا في ماشيتهما وهي متميزة ليكون الدر والنسل بينهما فلا يصح‏.‏ وأجابت الشافعية عن هذا الحديث بأن غنائم بدر كانت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يدفعها لمن يشاء وهذا الحديث حجة على أبي حنيفة وغيره ممن قال إن الوكالة في المباحات لا تصح‏.‏ والحديث الثاني يدل على جواز دفع أحد الرجلين إلى الآخر راحلته في الجهاد على أن تكون الغنيمة بينهما والأحتجاج بهذين الحديثين إنما هو على فرض أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم اطلع وقرر وعلى فرض عدم الأطلاع والتقرير لا حجة في أفعال الصحابة وأقوالهم الا أن يصح إجماعهم على أمر‏.‏

6 - وعن حكيم بن حزام صاحب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ‏(‏انه كان يشترط على الرجل إذا أعطاه مالامقارضة يضرب له به أن لا تجعل مالي في كبد رطبة ولا تحمله في بحر ولا تنزل به بطن مسيل فإن فعلت شيئا من ذلك فقد ضمنت مالي‏)‏‏.‏

رواه الدارقطني‏.‏

الأثر أخرجه أيضا البيهقي وقوى الحافظ إسناده وفي تجويز المضاربة آثار عن جماعة من الصحابة منها عن علي عليه السلام عند عبد الرزاق أنه قال في المضاربة الوضيعة على المال والربح على ما اصطلحوا عليه‏.‏ وعن ابن مسعود عند الشافعي في كتاب اختلاف العراقيين أنه أعطى زيد بن جليدة ما لا مقارضة وأخرجه عنه أيضا البيهقي‏.‏ وعن ابن عباس عن أبيه العباس أنه كان إذا دفع مالا مضاربة فذكر قصة وفيها أنه وقع الشرط إلى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فأجازه أخرجه البيهقي بإسناد ضعيف والطبراني وقال تفرد به محمد بن عقبة عن يونس بن أرقم عن أبي الجارود‏.‏ وعن جابر عند البيهقي أنه سئل عن ذلك فقال لا بأس به‏.‏ وفي إسناده ابن لهيعة‏.‏ وعن عمر عند الشافعي في كتاب اختلاف العراقيين أنه أعطى مال يتيم مضاربة وأخرجه أيضا البيهقي وابن أبي شيبة وعن عبد اللّه وعبيد اللّه ابني عمر ‏(‏أنهما لقيا أبا موسى الأشعري بالبصرة منصرفهما من غزوة نهاوند فتسلفا منه مالا وابتاعا منه متاعا وقدما به المدينة فباعاه وربحا فيه وأراد عمر أخذ رأس المال والربح كله فقالا لو كان تلف كان ضمانه علينا فكيف لا يكون ربحه لنا فقال يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضا فقال قد جعلته قراضا وأخذ منهما الصف الربح‏)‏ أخرجه مالك في الموطأ والشافعي والدارقطني، قال الحافظ إسناده صحيح قال الطحاوي يحتمل أن يكون عمر شاطر هما فيه كما شاطر عماله أموالهم‏.‏ وقال البيهقي تأول الترمذي هذا القصة بأنه سألهما لبره الواجب عليهما أن يجعلاه كله للمسلمين فلم يجيباه فلما طلب النصف أجاباه عن طيب أنفسهما وعن عثمان عند البيهقي إن عثمان أعطى مالا مضاربة فهذه الآثار تدل على أن المضاربة كان الصحابة يتعاملون بها من غير نكير فكان ذلك اجماعا منهم على الجواز وليس فيها شيء مرفوع إلى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم إلا ما أخرجه ابن ماجه من حديث صهيب قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ‏(‏ثلاث فيهن البركة البيع إلى أجل والمقارضة واخلاط البر بالشعير للبيت لا للبيع‏)‏ لكن في إسناده نصر بن القاسم عن عبد الرحيم بن داود وهما مجهولان وقد بوب أبو داود في سننه للمضاربة وذكر حديث عروة البارقي الذي سيأتي ولا دلالة فيه على جوازها لأن القصة المذكورة فيه ليست من باب المضاربة كما ستعرف ذلك قريبا قال ابن حزم في مراتب الإجماع كل أبواب الفقه فلها أصل من الكتاب والسنة حاشا القراض فما وجدنا له أصلا فيهما البتة ولكنه إجماع صحيح مجرد والذي يقطع به إنه كان في عصر النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فعلم به وأقره ولولا ذلك لما جاز انتهى‏.‏ وقال في البحر إنها كانت قبل الأسلام فاقرها انتهى‏.‏ وأحكام المضاربة مبسوطة في كتب الفقه فلا نشتغل بالتطويل بها لأن موضوع هذا الشرح الكلام على ما يتعلق بالحديث قوله ‏(‏أن لا تجعل مالي في كبد رطبة‏)‏ أي لا تشتري به الحيوانات إنما نهاه عن ذلك لأن ما كان له روح عرضة للّهلاك بطرو الموت عليه‏.‏