فصل: الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ اسْتِحْقَاقِ أَهْلِ الْوَقْفِ وَأَصْحَابِ الْوَظَائِفِ وَأَحْكَامِ بَيْعِ الْوَقْفِ وَبَيْعِ أَنْقَاضِهِ وَأَشْجَارِهِ وَقِسْمَتِهِ وَغَصْبِهِ وَإِجَارَتِهِ وَأُجْرَتِهِ وَمُسَاقَاةِ أَشْجَارِهِ وَعِمَارَتِهِ وَسُكْنَاهُ وَأَرْبَابِ الشَّعَائِرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العقود الدرية في تنقيح الفتاوي الحامدية



.الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ اسْتِحْقَاقِ أَهْلِ الْوَقْفِ وَأَصْحَابِ الْوَظَائِفِ وَأَحْكَامِ بَيْعِ الْوَقْفِ وَبَيْعِ أَنْقَاضِهِ وَأَشْجَارِهِ وَقِسْمَتِهِ وَغَصْبِهِ وَإِجَارَتِهِ وَأُجْرَتِهِ وَمُسَاقَاةِ أَشْجَارِهِ وَعِمَارَتِهِ وَسُكْنَاهُ وَأَرْبَابِ الشَّعَائِرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ:

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَظِيفَةٌ فِي وَقْفٍ مُتَصَرِّفٍ فِيهَا بِمَالِهَا مِنْ الْمَعْلُومِ الْمُعَيَّنِ بِمُوجَبِ مُسْتَنَدَاتٍ بِيَدِهِ بِطَرِيقِ التَّلَقِّي عَنْ أَبِيهِ وَجَدِّهِ الْمُتَصَرِّفَيْنِ قَبْلَهُ بِذَلِكَ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ وَلَا مُنَازَعٍ قَامَ نَاظِرُ الْوَقْفِ الْآنَ يُعَارِضُهُ فِي ذَلِكَ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّ بَرَاءَةَ أَبِيهِ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْمَعْلُومِ الْمَذْكُورِ بَلْ فِيهَا أَرْبَعُ عَثَامِنَةَ لَا غَيْرُ فَهَلْ يَعْمَلُ بِالتَّصَرُّفِ الْقَدِيمِ الْمُوَافِقِ لِلشَّرْعِ الْقَوِيمِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ مَسْجِدًا وَوَقَفَ لَهُ وَقْفًا وَشَرَطَ مَا فَضَلَ مِنْ مَصَالِحِهِ لِذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ وَقَفَ مَكَانًا آخَرَ عَلَى الْمَسْجِدِ وَشَرَطَ مَا فَضَلَ مِنْ رَيْعِهِ لِأَعْلَى الطَّبَقَاتِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ مُخْتَلِفُونَ فِي الطَّبَقَاتِ فَاحْتَاجَ الْمَكَانُ الْمَزْبُورُ إلَى عِمَارَةٍ زَادَتْ عَلَى رِيعِهِ فِي سَنَةٍ وَيُرِيدُ الْمُتَوَلِّي أَخْذَ الزَّائِدِ مِنْ بَقِيَّةِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ الْأَوَّلِ وَصَرْفَهُ فِي عِمَارَةِ الثَّانِي مَعَ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ الَّتِي وُقِفَ الْفَاضِلُ عَلَيْهَا وَاَلَّذِينَ شُرِطَ فَاضِلُ رَيْعِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِمْ لَا يَرْضَوْنَ بِذَلِكَ فَهَلْ حَيْثُ اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ وَاتَّحَدَ الْوَاقِفُ لَا يَجُوزُ لَهُ صَرْفُهُ إلَى ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَالْمَسْأَلَةُ فِي الدُّرَرِ وَالتَّنْوِيرِ مِنْ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ حِصَّةً مَعْلُومَةً مِنْ دَارٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ زَيْدٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَبَضَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْمَبِيعَ وَقْفٌ عَلَيْهِ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؟
(الْجَوَابُ): لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْوَقْفَ بَعْدَ إقْدَامِهِ عَلَى الْبَيْعِ. (أَقُولُ) أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَفِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافُ تَصْحِيحٍ وَتَفْصِيلٍ مُبَيَّنٌ فِي الْخَيْرِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَفِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْكِتَابِ أَنَّهَا تُقْبَلُ عَلَى الْأَصَحِّ خِلَافًا لِمَا صَوَّبَهُ الزَّيْلَعِيُّ. اهـ.
وَكَتَبْتُ فِي حَاشِيَتِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى قَوْلِهِ تُقْبَلُ عَلَى الْأَصَحِّ وَبِهِ أَخَذَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَقَالَ الْفَقِيهُ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ لَكِنَّا لَا نَأْخُذُ بِهِ تَتَارْخَانِيَّةٌ وَبِهِ أَيْ بِالْقَوْلِ نَأْخُذُ وَهُوَ الْأَصَحُّ عِمَادِيَّةٌ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى خُلَاصَةٌ وَبَزَّازِيَّةٌ وَصَحَّحَهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْفَتَاوَى وَقَيَّدَهُ فِي الْبَحْرِ بِمَا إذَا بَرْهَنَ أَنَّهُ وَقْفٌ مَحْكُومٌ بِلُزُومِهِ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْوَقْفِ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ وَمِثْلُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهُوَ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ أَفَادَهُ فِي الْمِنَحِ قُلْت الْمُفْتَى بِهِ أَنَّ الْمِلْكَ يَزُولُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ وَقَفْتُ. اهـ.
مَا كَتَبْتُهُ، أَيْ أَنَّ التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا يَحْسُنُ عَلَى خِلَافِ الْمُفْتَى بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ أَيْضًا أَجَابَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَكِنْ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ اخْتَلَفُوا فِي قَبُولِهَا وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الْوَقْفَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَتُسْمَعُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْوَقْفِ الْمُسَجَّلِ الْمَحْكُومِ بِهِ فَتُقْبَلُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَلَا تُقْبَلُ وَالْأَصَحُّ مَا قَدَّمْنَا أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَإِذَا ثَبَتَ كَوْنُهُ وَقْفًا وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ لَهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْوَقْفِ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
وَقَوْلُهُ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ لَهُ أَيْ وَجَبَتْ أُجْرَةُ مِثْلِ الْوَقْفِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَتْ سُكْنَاهُ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ؛ لِأَنَّ عَدَمَ لُزُومِ الْأُجْرَةِ فِي السُّكْنَى بِتَأْوِيلِ الْمِلْكِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ لَا فِي الْوَقْفِ كَمَا يَأْتِي وَمَا فِي الْإِسْمَاعِيلِيَّة مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الشَّارِي الْأُجْرَةَ فِي الْوَقْفِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا مَرَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ فَتَدَبَّرْ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ قَبُولَ الْبَيِّنَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الشَّاهِدَانِ لَمْ يُؤَخِّرَا شَهَادَتَهُمَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ فَلَوْ أَخَّرَاهَا بِلَا عُذْرٍ لَمْ تُقْبَلْ لِفِسْقِهِمَا بِالتَّأْخِيرِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ أَخْذًا مِمَّا فِي الْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّ شَاهِدَ الْحِسْبَةِ إذَا أَخَّرَ شَهَادَتَهُ بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَدَائِهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ.
(سُئِلَ) فِيمَنْ اشْتَرَى دَارًا مِنْ زَيْدٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مَقْبُوضٍ ثُمَّ مَاتَ الْبَائِعُ عَنْ أَوْلَادٍ وَتَرِكَةٍ وَظَهَرَ أَنَّ الْبَائِعَ وَقَفَ الدَّارَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَقْفًا صَحِيحًا بِمُوجَبِ كِتَابِ وَقْفِهِ الثَّابِتِ الْمَضْمُونِ وَيُرِيدُ الْمُشْتَرِي الدَّعْوَى بِذَلِكَ عَلَى أَوْلَادِ الْبَائِعِ نُظَّارِ الْوَقْفِ وَإِقَامَةَ بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ تَشْهَدُ بِالْوَقْفِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ فِي التَّرِكَةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي بِيعَتْ لِي وَقْفٌ عَلَى كَذَا تُقْبَلُ وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ عِنْدَ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَبِهِ نَأْخُذُ وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَمَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ تُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى هُوَ الْمُخْتَارُ. اهـ.
مُعِينُ الْمُفْتِي مِنْ الْوَقْفِ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فَتْوَى مُفَصَّلَةً فَرَاجِعْهَا فِي بَابِ الْوَقْفِ مِنْ فَتَاوَاهُ. (أَقُولُ) حَاصِلُ مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ قَبْلَ آخِرِ الْوَقْفِ بِنَحْوِ كُرَّاسٍ وَنِصْفٍ نَقْلًا عَنْ عِدَّةِ كُتُبٍ أَنَّ دَعْوَى الْمُشْتَرِي تُسْمَعُ عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ هُوَ الْمُتَوَلِّي وَإِلَّا فَعَلَى الْمُتَوَلِّي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُتَوَلٍّ فَالْقَاضِي يُنَصِّبُ مُتَوَلِّيًا فَيُخَاصِمُهُ وَيُثْبِتُ الْوَقْفِيَّةَ وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ مِنْ بَائِعِهِ. اهـ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّ الَّذِي يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَقْفِ هُوَ الْمُشْتَرِي فِي وَجْهِ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ عَنْ الْمُحِيطِ وَلَكِنْ فِيهَا عَنْ فَتَاوَى التَّجْنِيسِ وَالنَّسَفِيَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْعَكْسِ، وَالظَّاهِرُ هُوَ الْأَوَّلُ فَتَدَبَّرْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ أَرْضٌ حَامِلَةٌ لِغِرَاسٍ فَبَاعَهَا مَعَ الْغِرَاسِ مِنْ عَمْرٍو بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مَقْبُوضٍ ثُمَّ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الْآنَ أَنَّ الْأَرْضَ وَالْغِرَاسَ وَقْفٌ عَلَى جِهَةِ كَذَا وَالْبَائِعُ يُنْكِرُ فَهَلْ يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي هَذِهِ الْخُصُومَةَ؟
(الْجَوَابُ): لَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي هَذِهِ الْخُصُومَةُ. (أَقُولُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَيْسَ هُوَ الْمُتَوَلِّي وَإِنَّمَا لَهُ مُخَاصَمَةُ الْمُتَوَلِّي فَإِذَا أَثْبَتَ عَلَى الْمُتَوَلِّي الْوَقْفِيَّةَ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا الْجَوَابِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَلِذَا قُيِّدَ السُّؤَالُ الْمُتَقَدِّمُ بِكَوْنِ أَوْلَادِ الْبَائِعِ نُظَّارَ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِي مُتَوَلِّي وَقْفِ بِرٍّ دَفَعَ أَرْضَ الْوَقْفِ لِزَيْدٍ لِيَغْرِسَ فِيهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ لِذَلِكَ مُدَّةً وَلَمْ يَغْرِسْ الرَّجُلُ فِيهَا شَيْئًا ثُمَّ دَفَعَ الْمُتَوَلِّي الْأَرْضَ لِعَمْرٍو وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَغْرِسَ فِيهَا أَغْرَاسًا فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ عَلَى أَنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْ الْأَغْرَاسِ وَالثِّمَارِ يَكُونُ بَيْنَ جِهَةِ الْوَقْفِ وَبَيْنَهُ مُنَاصَفَةً وَغَرَسَ عَمْرٌو فِيهَا عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ تَكُونُ الْمُغَارَسَةُ الثَّانِيَةُ جَائِزَةً دُونَ الْأُولَى؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ وَهِيَ شَهِيرَةٌ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَقَفَتْ دَارَهَا عَلَى نَفْسِهَا ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهَا ثُمَّ وَثُمَّ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ وَأَطْلَقَتْ الْوَقْفَ فَهَلْ يَكُونُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِلِاسْتِغْلَالِ وَلِلنَّاظِرِ إيجَارُهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ مِمَّنْ شَاءَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) وَسَيَأْتِي فِي هَذَا الْبَابِ نَقْلُهَا مَعَ بَعْضِ الْكَلَامِ عَلَى نَظَائِرِهَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَتْ هِنْدٌ عَلَى نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ بِأَنَّ لَهَا اسْتِحْقَاقًا فِي الْوَقْفِ قَدْرُهُ كَذَا بِمُقْتَضَى أَنَّهَا خَدِيجَةُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ شِهَابِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلَاءِ الدِّينِ وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً ثُمَّ ظَهَرَ وَتَبَيَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ ابْنَةَ مُحَمَّدٍ هَذَا وَأَنَّ اسْمَ أَبِيهَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَرِيرِيُّ الْمَحَلِّيُّ وَأَنَّهُ وَقَفَ عَلَيْهَا مَقْسَمًا مِنْ دَارٍ وَآجَرَتْهُ وَسَمَّتْ نَفْسَهَا خَدِيجَةَ بِنْتَ يُوسُفَ وَهُوَ نَفْسُ الْأَمْرِ وَثَبَتَ فِي وَجْهِهَا بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ أَنَّهَا خَدِيجَةُ بِنْتُ يُوسُفَ الْمَزْبُورِ وَأَنَّهَا حَوَّلَتْ نَسَبَهَا وَأَبْطَلَتْ الْحُجَّةَ وَمَنَعَتْ نَفْسَهَا مِنْ التَّعَرُّضِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَأَسْقَطَتْ دَعْوَاهَا وَاعْتَرَفَتْ أَنَّهَا حَوَّلَتْ نَسَبَهَا وَكُتِبَ بِذَلِكَ حُجَّةٌ لَدَى قَاضٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ قَدْرُ اسْتِحْقَاقٍ مَعْلُومٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَمَاتَتْ عَنْ بِنْتِ بِنْتٍ قَاصِرَةٍ انْتَقَلَ الِاسْتِحْقَاقُ لَهَا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَمَضَى لِذَلِكَ عِدَّةُ سِنِينَ لَمْ يَدْفَعْ النَّاظِرُ ذَلِكَ لِوَصِيِّهَا وَيُرِيدُ الْوَصِيُّ مُطَالَبَةَ النَّاظِرِ بِذَلِكَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ مِنْ حِينِ مَوْتِ هِنْدٍ وَأَخْذِهِ لِلْقَاصِرَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مُشْتَمِلٍ عَلَى عَقَارَاتٍ وَحَوَانِيتَ يُؤْجِرُهَا النَّاظِرُ مُشَاهَرَةً وَمُيَاوَمَةً وَيَقْبِضُ الْأُجْرَةَ كَذَلِكَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ وَيَطْلُبُ الْمُسْتَحِقُّونَ مِنْ النَّاظِرِ اسْتِحْقَاقَهُمْ مِنْ الْمَقْبُوضِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي وَقْفِ الْأَشْبَاهِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ قَدْرُ اسْتِحْقَاقٍ مَعْلُومٍ مُتَصَرِّفٍ بِهِ يَتَنَاوَلُهُ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ آيِلٍ إلَيْهِ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ وَجَدِّهِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى مِائَةِ سَنَةٍ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ لَهُ ثُمَّ مَاتَ النَّاظِرُ وَتَوَلَّى النَّظَرَ رَجُلٌ يُنْكِرُ اسْتِحْقَاقَ الْمُسْتَحِقِّ الْمَزْبُورِ وَثُبُوتَ نَسَبِهِ لِلْوَاقِفِ فَهَلْ إذَا أَثْبَتَ الْمُسْتَحِقُّ مَا ذَكَرَ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ اسْتِحْقَاقِهِ الْمَزْبُورِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) وَأَفْتَى بِمِثْلِهِ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَذَكَرَ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ آخَرَ التَّصَرُّفَ الْقَدِيمَ وَوَضْعُ الْيَدِ مِنْ أَقْوَى الْحُجَجِ، وَفِي جَوَابِ سُؤَالٍ آخَرَ كَسُؤَالِنَا حَيْثُ جُهِلَ الْحَالُ يُعْمَلُ بِتَصَرُّفِ النُّظَّارِ السَّابِقِينَ وَيُؤْمَرُ النَّاظِرُ بِإِعْطَائِهِ. اهـ.
لَكِنْ فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ فِي نَحْوِ النِّصْفِ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ ضِمْنَ سُؤَالٍ وَجَوَابٍ طَوِيلٍ مَا نَصُّهُ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ هُوَ وَوَالِدُهُ وَجَدُّهُ مُتَصَرِّفُونَ فِي أَرْبَعَةِ قَرَارِيطَ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْمُدَّعَى إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمِلْكُ وَلَا الِاسْتِحْقَاقُ فِيمَا يَمْلِكُ وَفِيمَا يَسْتَحِقُّ فَيَكُونُ كَمَنْ ادَّعَى حَقَّ الْمُرُورِ أَوْ رَقَبَةَ الطَّرِيقِ عَلَى آخَرَ وَبَرْهَنَ أَنَّهُ كَانَ يَمُرُّ فِي هَذِهِ لَا يَسْتَحِقُّ بِهِ شَيْئًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَالِبُ عُلَمَائِنَا، وَمِمَّا امْتَلَأَتْ بِهِ بُطُونُ الدَّفَاتِرِ أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا فَسَّرَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ يَشْهَدُ بِمُعَايَنَةِ الْيَدِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَأَنْوَاعُ التَّصَرُّفِ كَثِيرَةٌ فَلَا يَحِلُّ الْحُكْمُ بِالِاسْتِحْقَاقِ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ بِالشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ هُوَ وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ مُتَصَرِّفُونَ فَقَدْ يَكُونُ تَصَرُّفُهُمْ بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. اهـ.
مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْفَصْلِ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْقَرَابَةِ مِنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَإِذَا وَقَفَ عَلَى قَرَابَتِهِ وَجَاءَ رَجُلٌ يَدَّعِي أَنَّهُ مِنْ قَرَابَتِهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَشَهِدُوا أَنَّ الْوَاقِفَ كَانَ يُعْطِيهِ مَعَ الْقَرَابَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ شَيْئًا لَا يَسْتَحِقُّ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدُوا أَنَّ الْقَاضِيَ فُلَانًا كَانَ يَدْفَعُ إلَيْهِ مَعَ الْقَرَابَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ شَيْئًا فَلَا يَكُونُ دَفْعُ الْقَاضِي حُجَّةً. اهـ.
فَلْيُتَأَمَّلْ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ سَدَّ بَابِ التَّصَرُّفِ الْقَدِيمِ يُؤَدِّي إلَى فَتْحِ بَابِ خَلَلٍ عَظِيمٍ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا غَيَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ طَائِفَةً مِنْ مَعَالِمِ الْوَقْفِ بِيَدِهِ الْعَادِيَةِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْوَقْفِ فَهَلْ تَلْزَمُهُ إعَادَةُ مَا غَيَّرَهُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَسَتَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْغَصْبِ. (أَقُولُ) وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ الْكَلَامِ عَلَيْهَا فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ عَنْ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَالْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ وَغَيْرِهِمَا فَرَاجِعْهُ، قَالَ الْمُؤَلِّف رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَأَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ غُرْفَةً مِنْ مَالِهِ وَيَنْتَفِعَ بِهَا قَالُوا إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ لَا يَزِيدُ فِي أُجْرَةِ الْحَانُوتِ عَلَى مِقْدَارِ مَا اسْتَأْجَرَ فَإِنَّهُ لَا يُطْلَقُ لَهُ فِي الْبِنَاءِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ فِي الْأُجْرَةِ وَلَا يُخَافُ عَلَى الْبِنَاءِ مِنْ تِلْكَ الزِّيَادَةِ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْحَانُوتُ مُعَطَّلًا فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ وَإِنَّمَا يَرْغَبُ الْمُسْتَأْجِرُ لِأَجْلِ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُطْلَقُ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يَزِيدُ هُوَ فِي الْأُجْرَةِ خَانِيَّةٌ مِنْ الْإِجَارَةِ فِي إجَارَةِ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا آجَرَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ عَقَارَ الْوَقْفِ مِنْ آخَرَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هِيَ دُونَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرَ جَائِزَةٍ؟
(الْجَوَابُ): لَا يُؤَجَّرُ الْوَقْفُ إلَّا بِأَجْرِ الْمِثْلِ فَإِجَارَتُهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ غَيْرُ جَائِزَةٍ قَالَ الْحَانُوتِيُّ فِي فَتَاوَاهُ شَرْطُ جَوَازِ إجَارَةِ الْوَقْفِ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ إذَا نَابَهُ نَائِبَةٌ أَوْ كَانَ دَيْنٌ، أَمَّا إجَارَتُهُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضِ نُزُولِ أُجْرَةِ الْوَقْفِ عَنْ الْمِثْلِ كَمَا نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْوَقْفَ إذَا كَانَ عَلَى شَخْصٍ وَحْدَهُ وَكَانَ مُسْتَحِقًّا لِرَيْعِهِ بِانْفِرَادِهِ وَكَانَ نَاظِرًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤْجِرَهُ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ. اهـ.
(أَقُولُ) وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الثَّالِث نَقْلُ الْمَسْأَلَةِ مَعَ بَيَانِ مَا لَوْ ادَّعَى النَّاظِرُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ أَنَّ الْأُجْرَةَ دُونَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَقْتَ الِاسْتِئْجَارِ.
(سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ حَانُوتٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ مِنْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ مُدَّةَ شَهْرٍ مَعْلُومٍ بِأُجْرَةٍ مَقْبُوضَةٍ إجَارَةً شَرْعِيَّةً فَزَادَ زَيْدٌ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ زِيَادَةً مُعْتَبَرَةً مَقْبُولَةً عِنْدَ الْكُلِّ وَقَبِلَهَا الْمُسْتَأْجِرُ الْمَذْكُورُ فَهَلْ يَكُونُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي مَصْبَنَةِ وَقْفٍ جَارِيَةٍ فِي تَوَاجِرِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَلَهُمَا عَلَيْهَا مُرْصَدٌ مَعْلُومٌ مَاتَ زَيْدٌ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ عَنْ وَرَثَةٍ وَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ مَعَ عَمْرٍو عَلَى الْمَصْبَنَةِ وَانْتَفَعُوا بِهَا مُدَّةً فَاحْتَرَقَ بَعْضُهَا ثُمَّ بَاعُوا بَعْضَ أَنْقَاضِهَا وَعَمَّرُوا بِالْبَاقِي وَبِأَنْقَاضٍ جَدِيدَةٍ اشْتَرَوْهَا مِنْ مَالِهِمْ مَعَ صَرْفِ الْأُجُورِ اللَّازِمَةِ، كُلُّ ذَلِكَ بِلَا إذْنِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ الْمُتَوَلِّي مُحَاسَبَتَهُمْ بِقِيمَةِ مَا بَاعُوهُ مِنْ النَّقْضِ مِنْ مُرْصَدِهِمْ السَّابِقِ وَتَمَلُّكَ مَا بَنُوهُ بِالْأَنْقَاضِ الْجَدِيدَةِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ بِقِيمَتِهِ مُسْتَحِقَّ الْقَلْعِ حَيْثُ أَضَرَّ قَلْعُهُ بِالْوَقْفِ وَمُقَاصَصَتُهُمْ بِتَمَامِ أَجْرِ الْمِثْلِ فِي مُدَّةِ انْتِفَاعِهِمْ وَانْتِفَاعِ مُوَرِّثِهِمْ مِنْ مُرْصَدِهِمْ السَّابِقِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَكُلٌّ مِنْ الصَّرْفِ وَالْبِنَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي أَرْضٍ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي أَوْقَافِ بِرٍّ وَفِي مِشَدِّ مُسْكَةٍ زَيْدٍ وَتَوَاجِرِهِ مِنْ أَرْبَابِهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَغَرَسَ زَيْدٌ فِيهَا غِرَاسًا مَعْلُومًا فِي مُدَّةِ تَوَاجِرِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَيْهَا وَالْغَرْسُ لَا يَضُرُّ بِالْأَرْضِ وَالْآنَ انْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ فَهَلْ لِزَيْدٍ ذَلِكَ وَيَبْقَى الْغِرَاسُ؟
(الْجَوَابُ): يَجُوزُ لِزَيْدٍ الْمُسْتَأْجِرِ الْغَرْسُ فِي الْأَرَاضِي الْمَذْكُورَةِ بِدُونِ صَرِيحِ الْإِذْنِ مِنْ الْمُتَوَلِّينَ لَا سِيَّمَا وَلَهُ فِيهَا حَقُّ الْقَرَارِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِمِشَدِّ الْمُسْكَةِ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفِ مَسْجِدٍ سَكَنَتْهَا امْرَأَةٌ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِلَا عَقْدِ إجَارَةٍ وَكَانَتْ تَدْفَعُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ نَحْوَ نِصْفِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ثُمَّ مَاتَ الْمُتَوَلِّي عَنْ ابْنٍ تَوَلَّى الْوَقْفَ بَعْدَهُ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَيْهَا بِتَمَامِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ بَعْدَ ثُبُوتِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ مَوْقُوفَةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ عَلَى رَجُلٍ ثُلُثُهَا وَعَلَى جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ الثُّلُثَانِ وَالْكُلُّ سَاكِنُونَ فِيهَا غَيْرَ أَنَّ الرَّجُلَ سَاكِنٌ فِي مَكَان لَا يَبْلُغُ سُدُسَهَا وَيُرِيدُ مُطَالَبَةَ الْجَمَاعَةِ بِأُجْرَةِ مِثْلِ بَقِيَّةِ حِصَّتِهِ عَنْ سُكْنَاهُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ حَالَ كَوْنِهِمْ سَاكِنِينَ فِيهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ نِصْفُهَا فِي مِلْكِ جَمَاعَةٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَنِصْفُهَا الْآخَرُ فِي وَقْفٍ عَلَيْهِمْ مِنْ قِبَلِ جَدِّهِمْ لِلِاسْتِغْلَالِ فَسَكَنَ الْجَمَاعَةُ فِي كَامِلِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِالْغَلَبَةِ بِدُونِ إذْنِ الْمَرْأَتَيْنِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَا أُجْرَةٍ وَتُرِيدُ الْمَرْأَتَانِ مُطَالَبَتَهُمْ بِأُجْرَةِ مِثْلِ حِصَّتِهِمَا مِنْ الْوَقْفِ عَنْ الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ شَرْعًا فَهَلْ لَهُمَا ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ الْوَقْفُ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا بِالْغَلَبَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ سَوَاءٌ كَانَ مَوْقُوفًا لِلسُّكْنَى أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْأَجْرُ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَصُوَرِ الْمَسَائِلِ وَصُرَّةِ الْفَتَاوَى.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ قَدْرُ اسْتِحْقَاقٍ مَعْلُومٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مُشْتَمِلٍ عَلَى دَارٍ لِلِاسْتِغْلَالِ تَحْتَ نِظَارَةِ امْرَأَةٍ وَلِهِنْدٍ الْمَزْبُورَةِ زَوْجٌ سَكَنَ مَعَهَا فِي الدَّارِ مُدَّةً بِلَا إجَارَةٍ مِنْ النَّاظِرَةِ وَلَا أُجْرَةٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَقَدْ دَفَعَتْ النَّاظِرَةُ لِهِنْدٍ قَدْرَ اسْتِحْقَاقِهَا مِنْ الْوَقْفِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ وَتُرِيدُ النَّاظِرَةُ مُطَالَبَةَ زَوْجِ هِنْدٍ بِأَجْرِ مِثْلِ الدَّارِ فِي الْمُدَّةِ وَإِيجَارِهَا مِنْ الْغَيْرِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا حَرَثَ زَيْدٌ أَرْضًا مَوْقُوفَةً لِيَزْرَعَهَا بِإِذْنِ نَاظِرِ الْوَقْفِ فَزَرَعَهَا عَمْرٌو بِلَا إذْنِ النَّاظِرِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَنَبَتَ الزَّرْعُ وَلَمْ يُدْرِكْ وَقَلْعُهُ لَا يَضُرُّ بِالْأَرْضِ فَهَلْ يُؤْمَرُ عَمْرٌو بِقَلْعِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، غَصَبَ أَرْضًا وَزَرَعَهَا وَنَبَتَ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَأْمُرَ الْغَاصِبَ بِقَلْعِهِ وَلَوْ أَبَى فَلِلْمَالِكِ قَلْعُهُ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْمَالِكُ حَتَّى أَدْرَكَ الزَّرْعُ فَهُوَ لِلْغَاصِبِ وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ نُقْصَانِ أَرْضِهِ، غَصَبَ أَرْضًا وَزَرَعَهَا قُطْنًا فَزَرَعَهَا رَبُّهَا شَيْئًا آخَرَ لَا يَضْمَنُ الْمَالِكُ إذْ فِعْلُ مَا يَفْعَلُهُ الْقَاضِي مِنْ فَصُولَيْنِ 33 فِي أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي غَصْبِ أَرْضِ الْوَقْفِ يُؤْمَرُ بِقَلْعِهِ وَفِي فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ إذَا غَصَبَ رَجُلٌ أَرْضَ وَقْفٍ وَنَقَصَ مِنْهَا فَمَا أُخِذَ مِنْهُ لَا يُفَرَّقُ عَلَى أَهْلِ الْوَقْفِ بَلْ يُصْرَفُ إلَى مَرَمَّتِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ فِي الْغَلَّةِ لَا فِي الرَّقَبَةِ وَهَذَا الضَّمَانُ بَدَلُ الرَّقَبَةِ، وَإِنْ زَادَ الْغَاصِبُ فِيهَا زِيَادَةً مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَتْ شَيْئًا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا لَهُ حُكْمُ الْمَالِ تُؤْخَذُ مِنْهُ بِلَا شَيْءٍ وَإِنْ كَانَتْ مَالًا قَائِمًا نَحْوَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ أَمَرَ الْقَاضِي الْغَاصِبَ بِرَفْعِهِ وَقَلْعِهِ إلَّا إذَا كَانَ يَضُرُّ بِالْوَقْفِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ عَنْهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ، وَيَضْمَنُ الْقَيِّمُ أَوْ الْقَاضِي قِيمَةَ ذَلِكَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ إنْ كَانَتْ وَإِلَّا يُؤْجِرُ الْوَقْفَ وَيُعْطِ مِنْ أُجْرَتِهِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْعَاشِرِ فِي دَعْوَى الْوَقْفِ وَالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ.
وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ 13 مَنَافِعُ الْغَصْبِ لَا تُضْمَنُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ مَالِ الْيَتِيمِ وَمَالِ الْوَقْفِ وَالْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ، مَنَافِعُ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ مَضْمُونَةٌ إلَّا إذَا سُكِنَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ كَبَيْتٍ سَكَنَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمِلْكِ، أَمَّا الْوَقْفُ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا بِالْغَلَبَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ سَوَاءٌ كَانَ مَوْقُوفًا لِلسُّكْنَى أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْأَجْرُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ مَسْأَلَةُ سَكَنَتْ أُمُّهُ مَعَ زَوْجِهَا فِي دَارِهِ بِلَا أَجْرٍ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي وَصَايَا الْقُنْيَةِ أَشْبَاهٌ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا سَكَنَ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِي دَارِ الْوَقْفِ الْمَشْرُوطَةِ سُكْنَاهُمْ فِي عِدَّةِ مَسَاكِنَ مِنْهَا تَزِيدُ عَلَى حَقِّهِ الْمَشْرُوطِ لَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِدُونِ إذْنِ الْبَاقِينَ وَمَنَعَهُمْ الِانْتِفَاعَ بِمَا يَخُصُّهُمْ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ طَلَبِهِمْ ذَلِكَ مِنْهُ مِرَارًا وَامْتِنَاعِهِ مِنْ ذَلِكَ وَالْآنَ يُرِيدُونَ مُطَالَبَتَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فِيمَا سَكَنَهُ وَشَغَلَهُ زَائِدًا عَلَى حَقِّهِ الْمَشْرُوطِ لَهُ فِي السُّكْنَى فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي أَرَاضِي قَرْيَةٍ مَعْلُومَةٍ جَارٍ بَعْضُهَا فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَعُشْرُهَا جَارٍ فِي تَيْمَارِ عَمْرٍو وَعَلَيْهَا قَسْمٌ مَعْلُومٌ يَتَنَاوَلُهُ التَّيْمَارِيُّ الْمَذْكُورُ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ لِنَفْسِهِ وَيَدْفَعُ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عِوَضًا عَمَّا يَخُصُّ الْوَقْفَ مِنْ الْقَسْمِ وَفِي ذَلِكَ غَبْنٌ فَاحِشٌ وَضَرَرٌ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ، وَيُرِيدُ النَّاظِرُ الْمَزْبُورُ أَخْذَ مَا يَخُصُّ الْوَقْفَ مِنْ قَسْمِ أَرَاضِي الْوَقْفِ وَرَدَّ مَا قَبَضَهُ مِنْ التَّيْمَارِيِّ مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ لَهُ فِي الْمُدَّةِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي قِطْعَةِ أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ تَحْتَ نِظَارَةِ رَجُلٍ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ حَامِلَةٍ لِبِنَاءٍ جَارٍ فِي مِلْكِ زَيْدٍ وَأُخْتِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَهُمَا يَدْفَعَانِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى طَرِيقِ الْمُحَاكَرَةِ بِلَا عَقْدِ إجَارَةٍ وَذَلِكَ دُونَ أَجْرِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَيُرِيدُ النَّاظِرُ مُطَالَبَتَهُمَا بِتَمَامِ أَجْرِ الْمِثْلِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي إجَارَةِ دَارِ الْيَتِيمِ مُدَّةً طَوِيلَةً سِتَّ سَنَوَاتٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ عَنْهَا هَلْ تَكُونُ غَيْرَ جَائِزَةٍ؟
(الْجَوَابُ): دَارُ الْيَتِيمِ كَدَارِ الْوَقْفِ وَهِيَ لَا تُؤَجَّرُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، قَوْلُهُ وَلَا تُزَادُ فِي الْأَوْقَافِ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ إلَخْ. (أَقُولُ) وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَعَلَى هَذَا أَرْضُ الْيَتِيمِ، وَأَقُولُ قَدْ أَفْتَى صَاحِبُ الْبَحْرِ بِإِلْحَاقِ عَقَارِ الْيَتِيمِ بِالْوَقْفِ وَكَذَا تِلْمِيذُهُ الشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ الْغَزِّيُّ وَأَكْثَرُ كَلَامِهِمْ فِي الْمَسْأَلَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمُخْتَارُ وَأَنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ وَعِلَّتُهُ أَنَّهُ كَمَا يُصَانُ الْوَقْفُ يُصَانُ مَالُ الْيَتِيمِ عَنْ دَعْوَى الْمِلْكِ بِطُولِ الْمُدَّةِ بَلْ مَالُ الْيَتِيمِ أَوْلَى لِلنُّصُوصِ الْمُوجِبَةِ الْمُصَرِّحَةِ بِالنَّهْيِ عَنْ قُرْبَانِهِ فَلْيَكُنْ عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ وَأَقُولُ أَيْضًا مِثْلُ عَقَارِ الْيَتِيمِ عَقَارُ بَيْتِ الْمَالِ فَتَأَمَّلْ، خَيْرُ الدِّينِ عَلَى الْبَحْرِ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَةِ وَفِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ مِنْ الْإِجَارَةِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْمُرْشِدِيِّ ضِمْنَ سُؤَالٍ وَأَمَّا كَوْنُ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ هَلْ تُؤَجَّرُ مُدَّةً طَوِيلَةً أَوْ قَصِيرَةً لَمْ أَجِدْ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ لَكِنْ لَمْ يُقَيِّدُوهَا بِالْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ كَمَا فَعَلُوا ذَلِكَ فِي الْأَوْقَافِ وَأَرْضِ الْيَتِيمِ، وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي جَوَازَ الْإِجَارَةِ مُطْلَقًا قَلَّتْ الْمُدَّةُ أَوْ كَثُرَتْ إلَخْ. اهـ.
فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ جَزَمَ بِأَنَّ أَرْضَ الْيَتِيمِ لَا تُؤْجَرُ إلَّا بِالْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي أَرْضِ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ جَوَازِ إجَارَتِهَا مُطْلَقًا يُخَالِفُهُ مَا مَرَّ عَنْ الشَّيْخِ خَيْرِ الدِّينِ وَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ.
(أَقُولُ) وَأَيَّدْتُ ذَلِكَ فِي حَاشِيَتِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَوَّلَ الْإِجَارَاتِ بِمَا فِي دَعْوَى الْخَيْرِيَّةِ مِنْ أَنَّ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ جَرَتْ عَلَى رَقَبَتِهَا أَحْكَامُ الْوُقُوفِ الْمُؤَبَّدَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَأُخْتِهِ هِنْدٍ دَارٌ مَعْلُومَةٌ لَهُ ثُلُثَاهَا وَلَهَا ثُلُثُهَا فَوَقَفَاهَا مُنَجَّزًا عَلَى جِهَةٍ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ وَشَرَطَا الْوِلَايَةَ وَالسُّكْنَى فِيهَا لَهُمَا ثُمَّ لِزَوْجَةِ زَيْدٍ وَكُتِبَ بِذَلِكَ صَكٌّ ثُمَّ آجَرَ زَيْدٌ الدَّارَ مِنْ عَمْرٍو مُدَّةً مَعْلُومَةً فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ حَيْثُ شَرَطَا فِيهَا السُّكْنَى لَهُمَا وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ وَسَتَأْتِي.
(سُئِلَ) فِي أَرْضٍ صَغِيرَةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ وَفِي مِشَدِّ مُسْكَةِ زَيْدٍ وَلَهُ فِيهَا أَشْجَارٌ قَائِمَةٌ فَمَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَأُخْتٍ لَهَا ابْنٌ بَالِغٌ أَخْبَرَهَا أَنَّ الْأَرْضَ سَلِيخَةٌ لَيْسَ فِيهَا أَشْجَارٌ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ مَاتَتْ أُمُّهُ عَنْهُ وَعَنْ أُخْتٍ طَلَبَتْ مِنْهُ حِصَّتَهَا مِنْ الْأَشْجَارِ وَضَبْطَ مَا قَابَلَهَا مِنْ الْأَرْضِ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ لِأُخْتِهِ وَضْعُ يَدِهَا عَلَى ذَلِكَ وَعَلَيْهَا أُجْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَلَهَا أَيْضًا وَضْعُ يَدِهَا إنْ كَانَ فِي وَسَطِهَا شَجَرَتَانِ كَبِيرَتَانِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ فِي جَانِبٍ مِنْ الْأَرْضِ كَالْمُسَنَّاةِ وَالْجَدَاوِلِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْكَازَرُونِيُّ مِنْ الْإِجَارَةِ.
(سُئِلَ) فِي مُتَوَلٍّ آجَرَ حَوَانِيتَ الْوَقْفِ مِنْ زَيْدٍ سَنَتَيْنِ إجَارَةً مُضَافَةً وَالْحَالُ أَنَّ الْوَاقِفَ أَهْمَلَ بَيَانَ الْمُدَّةِ فَهَلْ تَكُونُ فَاسِدَةً؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمِهْمَنْدَارِي.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا آجَرَ الْمُتَوَلِّي بَسَاتِينَ الْوَقْفِ مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً طَوِيلَةً مَعْلُومَةً مُنْتَظَرَةً غَيْرَ تَالِيَةٍ لِعَقْدِ إجَارَةٍ لِزَيْدٍ قَبِلَهَا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَأَذِنَ الْمُتَوَلِّي لِزَيْدٍ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ بِالْغَرْسِ فِي الْبَسَاتِينِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَمَهْمَا يَصْرِفُهُ يَأْخُذُهُ مِنْ غَلَّةِ الْغِرَاسِ وَصَدَرَ ذَلِكَ لَدَى قَاضٍ شَافِعِيٍّ أَفْتَى مُفْتِي مَذْهَبِهِ بِبُطْلَانِ الْإِجَارَةِ لِكَوْنِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا فِي ضِمْنِهَا فَاسِدًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ الْمَذْكُورَةُ فَاسِدَةً وَكَذَا مَا فِي ضِمْنِهَا إذْ لَوْ بَطَلَ الشَّيْءُ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ فَالْإِجَارَةُ لَمَّا لَمْ تَصِحَّ لَمْ يَصِحَّ مَا فِي ضِمْنِهَا، قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ إذَا بَطَلَ الشَّيْءُ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ إذَا بَطَلَ الْمُتَضَمِّنُ بِالْكَسْرِ بَطَلَ الْمُتَضَمَّنُ وَبَنَى عَلَيْهَا فُرُوعًا إلَى أَنْ قَالَ وَقَالُوا كَمَا فِي الْخِزَانَةِ لَوْ أَجَرَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ نَاظِرًا حَتَّى لَمْ تَصِحَّ وَأَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الْعِمَارَةِ فَأَنْفَقَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ وَكَانَ مُتَطَوِّعًا فَقُلْت؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَمَّا لَمْ تَصِحَّ لَمْ يَصِحَّ مَا فِي ضِمْنِهَا. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا عَيَّنَ وَاقِفٌ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ وَقْفُهُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةِ وَالنَّاسُ لَا يَرْغَبُونَ فِي اسْتِئْجَارِهِ سَنَةً فَهَلْ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُؤْجِرَهُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ؟ (أَجَابَ): نَعَمْ وَإِنْ خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ مِنْ فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ عَنْ الْبَحْرِ فِي نَاظِرِ وَقْفٍ آجَرَ عَقَارَ الْوَقْفِ بِالنَّقْدِ مُدَّةً مَعْلُومَةً مُسْتَقْبَلَةً بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ وَقَبَضَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ بَدَلَ النَّقْدِ الْمَزْبُورِ أَسْبَابًا مُعَيَّنَةً فَهَلْ يَكُونُ النَّاظِرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَالِ الْوَقْفِ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ أَجَابَ نَعَمْ مِنْ فَتَاوَى أَحْمَدَ أَفَنْدِي الْمِهْمَنْدَارِي نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى ابْنُ نُجَيْمٍ الْمُنْتَخَبَةِ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ آجَرَ أَرْضَ الْوَقْفِ مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ قَبَضَهَا لَهُ وَلِمُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ ثُمَّ مَاتَ النَّاظِرُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَهَلْ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَأَجَابَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِعَزْلِ النَّاظِرِ كَمَا فِي الْمِنَحِ وَالْعَلَائِيِّ وَأَجَابَ أَيْضًا عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ بِعَدَمِ انْفِسَاخِ عَقْدَيْ الْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ فِي ثُلُثَيْ مَزْرَعَةٍ وَأَشْجَارِهِمَا بِمَوْتِ النَّاظِرِ بَعْدَ حُكْم قَاضٍ شَافِعِيٍّ بِذَلِكَ وَتَنْفِيذِ الْحَنَفِيِّ لَهُ، قَالَ فِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ دَفَعَ النَّاظِرُ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً وَالشَّجَرَ مُسَاقَاةً ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ عَقَدَهُ لِأَهْلِ الْوَقْفِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ الْمَزَارِعُ قَبْلَ انْتِهَاءِ الْأَجَلِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ عَقَدَهُ لِنَفْسِهِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي قِطْعَةِ أَرْضِ وَقْفٍ اسْتَأْجَرَهَا زَيْدٌ مِنْ الْمُتَوَلِّي مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ انْتَهَتْ مُدَّتُهَا وَتَصَرَّفَ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ مُدَّةً فَطَالَبَهُ الْمُتَوَلِّي بِأُجْرَةِ الْمُدَّةِ الثَّانِيَةِ فَأَنْكَرَ جَرَيَانَهَا فِي الْوَقْفِ وَادَّعَى مِلْكِيَّتَهَا وَثَبَتَ جَرَيَانُهَا فِي الْوَقْفِ فَطَلَبَ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا مِنْ الْمُتَوَلِّي وَخِيفَ عَلَى رَقَبَةِ الْوَقْفِ فَهَلْ لَا تُؤَجَّرُ مِنْهُ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يُخَافُ مِنْهُ عَلَى رَقَبَةِ الْوَقْفِ فَلَوْ كَانَ مُسْتَأْجِرًا يَفْسَخُ الْقَاضِي الْإِجَارَةَ وَيُخْرِجُهُ مِنْ يَدِهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْإِسْعَافِ وَالْإِمَامُ الْخَصَّافُ وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يُخَافُ مِنْهُ عَلَى رَقَبَةِ الْوَقْفِ يَفْسَخُ الْقَاضِي الْإِجَارَةَ وَيُخْرِجُهُ مِنْ يَدِهِ إسْعَافٌ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ وَقْفٍ وَغَرَسَ فِيهَا ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَهَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِبْقَاؤُهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ؟
(الْجَوَابُ): لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِبْقَاؤُهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِالْوَقْفِ وَلَوْ أَبَى الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ إلَّا الْقَلْعَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ كَذَا فِي التَّنْوِيرِ فِيمَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ عَلَّامَةُ فِلَسْطِينَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. (أَقُولُ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَلَامٌ أَوْضَحْتُهُ فِي حَاشِيَةِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ حَانُوتٌ قَائِمٌ فِي أَرْضِ وَقْفٍ جَارِيَةٍ فِي احْتِكَارِهِ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ بَنَاهُ بِمَالِهِ لِنَفْسِهِ بَعْدَ الْإِذْنِ لَهُ مِنْ النَّاظِرِ بِذَلِكَ وَتَصَرَّفَ فِيهِ عِدَّةَ سِنِينَ وَفِي كُلِّ سَنَةٍ يَدْفَعُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْحِكْرَ الْمُرَتَّبَ عَلَى الْأَرْضِ وَهُوَ أَجْرُ الْمِثْلِ وَالْآنَ تَوَلَّى الْوَقْفَ مُتَوَلٍّ جَدِيدٌ يُرِيدُ رَفْعَ الْحَانُوتِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي خَانٍ مَعْلُومٍ جَارٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَفِي تَوَاجِرِ زَيْدٍ مِنْ نَاظِرِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَزَادَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَأَنْكَرَ زَيْدٌ زِيَادَتَهُ وَادَّعَى أَنَّهَا إضْرَارٌ وَبَرْهَنَ عَلَى دَعْوَاهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ أَنَّهَا زِيَادَةُ إضْرَارٍ وَتَعَنُّتٍ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَتُقْبَلُ الزِّيَادَةُ وَلَوْ شَهِدُوا وَقْتَ الْعَقْدِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَتْ إضْرَارًا وَتَعَنُّتًا لَمْ تُقْبَلْ أَشْبَاهٌ مِنْ الْإِجَارَةِ وَتَمَامُهُ فِيهِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا سَكَنَ رَجُلٌ فِي دَارٍ مَوْقُوفَةٍ بِإِذْنِ نَاظِرِ الْوَقْفِ عِدَّةَ سِنِينَ وَدَفَعَ لِلنَّاظِرِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ تِلْكَ السِّنِينَ أُجْرَتَهَا مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْآنَ يَدَّعِي النَّاظِرُ أَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ دُونَ أَجْرِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَالرَّجُلُ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَيَقُولُ إنَّ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ أَجْرُ الْمِثْلِ فَهَلْ الْقَوْلُ لَهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى النَّاظِرِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ أَنَّ الْأُجْرَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ وَعَلَى النَّاظِرِ الْبَيِّنَةُ. اهـ.
وَفِيهَا وَصَرَّحُوا قَاطِبَةً بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ بِيَمِينِهِ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ وَفِي تَوَاجِرِ زَيْدٍ مِنْ نَاظِرِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ كَذَلِكَ وَفِيهَا نَخْلَةٌ مُثْمِرَةٌ تَصَرَّفَ زَيْدٌ بِثَمَرَتِهَا فِي الْمُدَّةِ بِدُونِ مُسَاقَاةٍ عَلَيْهَا وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَلْزَمُهُ لِلْوَقْفِ مِثْلُهَا بَعْدَ الثُّبُوتِ حَيْثُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْمِثْلُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ ثِمَارُ النَّخْلِ كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ} عِمَادِيَّةٌ وَسَتَأْتِي عِبَارَتُهَا مُفَصَّلَةً فِي الْغَصْبِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(سُئِلَ) فِي أَرْضِ وَقْفٍ حَامِلَةٍ لِغِرَاسٍ وَبِنَاءٍ جَارِيَيْنِ فِي مِلْكِ رَجُلٍ يَدْفَعُ فِي كُلِّ سَنَةٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ دُونَ أُجْرَةِ مِثْلِ الْأَرْضِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أَجْرُ مِثْلِهَا خَالِيَةً مِنْ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَإِنْ أَبَى يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ حَيْثُ تُسْتَأْجَرُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَدْفَعُهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ حَانُوتٌ وَقْفٌ وَعِمَارَتُهُ مِلْكٌ لِرَجُلٍ أَبَى صَاحِبُ الْعِمَارَةِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ بِأَجْرِ مِثْلِهِ، يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ لَوْ رُفِعَتْ يُسْتَأْجَرُ الْأَصْلُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَأْجِرُ صَاحِبُ الْعِمَارَةِ كُلِّفَ رَفْعَ الْعِمَارَةِ وَتُؤْجَرُ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ لَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَإِنْ كَانَ لَا يُسْتَأْجَرُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَأْجِرُهُ لَا يُكَلَّفُ وَتُرِكَ فِي يَدِهِ بِذَلِكَ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرُورَةً. اهـ.
بَحْرٌ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ مَشْرُوطَةٍ مِنْ قِبَلِ وَاقِفِهَا لِمُدَرِّسِ مَدْرَسَةِ الْوَاقِفِ وَاحْتَاجَتْ لِلتَّعْمِيرِ الضَّرُورِيِّ وَيُرِيدُ الْمُدَرِّسُ إيجَارَهَا وَأَخْذَ أُجْرَتِهَا لِنَفْسِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَتَعْمِيرُهَا عَلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى فَإِنْ أَبَى أَوْ عَجَزَ عَمَّرَ الْحَاكِمُ بِأُجْرَتِهَا ثُمَّ رَدَّهَا بَعْدَ الْعِمَارَةِ إلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى رِعَايَةً لِلْحَقَّيْنِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ دَارًا فَعِمَارَتُهُ عَلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى وَلَوْ مُتَعَدِّدًا مِنْ مَالِهِ لَا مِنْ الْغَلَّةِ إذْ الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ دُرَرٌ وَلَمْ يَزِدْ فِي الْأَصَحِّ، يَعْنِي إنَّمَا تَجِبُ الْعِمَارَةُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ الصِّفَةِ الَّتِي وَقَفَهَا الْوَاقِفُ، وَلَوْ أَبَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى أَوْ عَجَزَ لِفَقْرِهِ عَمَّرَ الْحَاكِمُ أَيْ آجَرَهَا الْحَاكِمُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَعَمَّرَهَا بِأُجْرَتِهَا كَعِمَارَةِ الْوَاقِفِ وَلَمْ يَزِدْ فِي الْأَصَحِّ إلَّا بِرِضَا مَنْ لَهُ السُّكْنَى زَيْلَعِيٌّ وَلَا يُجْبَرُ الْآبِي عَلَى الْعِمَارَةِ وَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ مَنْ لَهُ السُّكْنَى بَلْ الْمُتَوَلِّي أَوْ الْقَاضِي ثُمَّ رَدُّهَا بَعْدَ التَّعْمِيرِ إلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى رِعَايَةً لِلْحَقَّيْنِ عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ لَهُ نَاظِرٌ شَرْعِيٌّ وَبَعْضُ مُسْتَحِقِّيهِ مُتَصَرِّفُونَ فِي عَقَارِهِ مِنْ إيجَارٍ وَقَبْضٍ بِلَا وَكَالَةٍ عَنْهُ وَبَعْضُهُمْ زَرَعَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ وَاسْتَغَلَّ زَرْعَهُ وَلَمْ يَدْفَعْ لِجِهَةِ الْوَقْفِ شَيْئًا وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا قَسْمٌ مَعْرُوفٌ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي الْوَقْفِ مِنْ قَبْضٍ وَصَرْفٍ وَغَيْرِهِمَا لِلنَّاظِرِ لَا لِلْمُسْتَحِقِّ وَالزَّرْعُ لِلزَّارِعِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الْمُسْتَحِقِّينَ دَارَ الْوَقْفِ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ لِمُدَّةِ سَنَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ إجَارَةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ آجَرَ الْقَيِّمُ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ غَلَّةَ الْوَقْفِ جَازَ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ لَا فِي رَقَبَتِهِ إسْعَافٌ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَرْضًا فِي يَدِهِ أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَالَ هِيَ مِلْكِي وَحَقِّي وَتَصَالَحَا عَلَى مَالٍ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمُصَالَحَ يَأْخُذُ بَدَلَ الصُّلْحِ عِوَضًا عَنْ حَقِّهِ عَلَى زَعْمِهِ فَيَصِيرُ كَالْمُعَاوَضَةِ وَهَذَا لَا يَكُونُ فِي الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الْوَقْفَ بِعِوَضٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ الْوَقْفَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ، فَهَهُنَا إنْ كَانَ الْوَقْفُ ثَابِتًا فَالِاسْتِبْدَالُ بِهِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فَهَذَا يَأْخُذُ بَدَلَ الصُّلْحِ لَا عَنْ حَقٍّ ثَابِتٍ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ عَلَى حَالٍ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى مِنْ الدَّعْوَى وَفِي صُلْحِ التَّنْوِيرِ ادَّعَى وَقْفِيَّةَ أَرْضٍ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَصَالَحَهُ الْمُنْكِرُ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ جَازَ وَطَابَ لَهُ لَوْ صَادِقًا وَقِيلَ لَا. اهـ.
قَائِلُهُ صَاحِبُ الْأَجْنَاسِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَعْنًى وَبَيْعُ الْوَقْفِ لَا يَصِحُّ عَلَائِيٌّ فَتَأَمَّلْ. (أَقُولُ) مُقْتَضَى مَا فِي التَّنْوِيرِ اعْتِمَادُ جَوَازِ الصُّلْحِ لَكِنْ يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا عَجَزَ مُدَّعِي الْوَقْفِ عَنْ اسْتِرْدَادِهِ فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ لَوْ اسْتَوْلَى عَلَى الْوَقْفِ غَاصِبٌ وَعَجَزَ الْمُتَوَلِّي عَنْ اسْتِرْدَادِهِ وَأَرَادَ الْغَاصِبُ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَتَهُ كَانَ لِلْمُتَوَلِّي أَخْذُ الْقِيمَةِ أَوْ الصُّلْحُ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ يَشْتَرِي بِالْمَأْخُوذِ مِنْ الْغَاصِبِ أَرْضًا أُخْرَى فَيَجْعَلُهَا وَقْفًا عَلَى شَرَائِطِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَهْلِكِ فَيَجُوزُ أَخْذُ الْقِيمَةِ. اهـ.
وَبِهَذَا التَّقْيِيدِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَذِنَ لِمُسْتَأْجِرِ حَانُوتِهِ بِتَعْمِيرِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ فَعَمَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بِإِذْنِهِ فِي الْحَانُوتِ عِمَارَةً يَرْجِعُ مُعْظَمُ مَنْفَعَتِهَا لِلْمَالِكِ الْآنَ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمَالِكِ بِنَظِيرِ مَا أَنْفَقَ فِي التَّعْمِيرِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي الْقُنْيَةِ قَالَ الْمَالِكُ أَوْ الْقَيِّمُ لِمُسْتَأْجِرِهَا أَذِنْتُ لَكَ فِي عِمَارَتِهَا فَعَمَّرَهَا بِإِذْنِهِ يَرْجِعُ عَلَى الْقَيِّمِ وَالْمَالِكِ هَذَا إذَا كَانَ يَرْجِعُ مُعْظَمُ مَنْفَعَتِهِ إلَى الْمَالِكِ أَمَّا إذَا رَجَعَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَفِيهِ ضَرَرٌ بِالدَّارِ كَالْبَالُوعَةِ أَوْ شَغْلُ بَعْضِهَا كَالتَّنُّورِ فَلَا مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ ذَكَرَهُ فِي الْوَقْفِ. اهـ.
فَعُلِمَ بِهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْقَيِّمِ بِلَا شَرْطِ الرُّجُوعِ إلَّا فِي كُلّ شَيْءٍ يَرْجِعُ مُعْظَمُ مَنْفَعَتِهِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ حَمَوِيٌّ عَلَى الْأَشْبَاهِ مِنْ الْوَقْفِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ وَغَيْرِهِمَا.
(سُئِلَ) فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْغَلَّةُ إذَا آجَرَ دَارَ الْوَقْفِ بِدُونِ تَوْلِيَةٍ أَوْ إذْنِ قَاضٍ فَهَلْ تَكُونُ إجَارَتُهُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْغَلَّةُ لَا يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ إلَّا بِتَوْلِيَةٍ أَوْ إذْنِ قَاضٍ وَلَوْ الْوَقْفُ عَلَى رَجُلٍ مُعَيَّنٍ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى عِمَادِيَّةٌ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْغَلَّةِ لَا الْعَيْنِ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى سُكْنَى إمَامِ مَسْجِدٍ احْتَاجَتْ لِلْعِمَارَةِ الضَّرُورِيَّةِ فَهَلْ تَكُونُ الْعِمَارَةُ عَلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى مِنْ مَالِهِ لَا مِنْ الْغَلَّةِ فَإِنْ عَجَزَ عَمَّرَهَا الْحَاكِمُ بِأُجْرَتِهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ وَلِلْعَلَّامَةِ الشُّرُنْبُلَالِيَّ رِسَالَةٌ فِي ذَلِكَ سَمَّاهَا تَحْقِيقَ السُّؤْدُدِ بِاشْتِرَاطِ الرَّيْعِ وَاسْتِحْقَاقِ سُكْنَى الْوَلَدِ وَقَالَ فِيهَا وَإِذَا مَاتَ الَّذِي لَهُ السُّكْنَى بَعْدَمَا بَنَاهَا كَانَ الْبِنَاءُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ دُونَ أَهْلِ الْوَقْفِ وَتُؤْمَرُ الْوَرَثَةُ بِرَفْعِهِ فَإِنْ أَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ لِلسُّكْنَى أَخْذَ الْبِنَاءِ بِقِيمَتِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا الْوَرَثَةِ وَاصْطِلَاحِهِمْ عَلَى شَيْءٍ فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ عَمَّرَ بِالْآجُرِّ حِيطَانَهَا وَجَصَّصَهَا وَأَدْخَلَ فِيهَا الْجُذُوعَ وَلَا يَخْلُصُ إلَّا بِضَرَرٍ شَدِيدٍ عَلَى الْبِنَاءِ لَا يُرْفَعُ، وَلَوْ رَضِيَ بِهِ الْمُسْتَحِقُّ الْآنَ لِلسُّكْنَى لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بَعْدَهُ، وَلَيْسَ كَالْمَالِكِ لِلدَّارِ وَقَدْ اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَهُ الْعِمَارَةُ فَإِنَّ لَهُ تَحَمُّلَ الضَّرَرِ لِاخْتِصَاصِهِ بِهِ وَيُقَالُ لِلَّذِي صَارَ لَهُ السُّكْنَى الْآنَ إنْ شِئْت فَأَعْطِ الْوَرَثَةَ قِيمَةَ مَرَمَّتِهِمْ السَّاعَةَ فَتَكُونُ لَهُ فَإِنْ أَبَى أُوجِرَتْ فَأَعْطَى الْوَرَثَةَ قِيمَةَ مَرَمَّتِهَا مِنْ أُجْرَتِهَا ثُمَّ تُرَدُّ بَعْدَ الْمُدَّةِ لِلْمُسْتَحِقِّ فَإِنْ كَانَتْ الْمَرَمَّةُ الَّتِي رَمَّهَا الْمَيِّتُ لَيْسَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا وَلَكِنَّهَا مُسْتَهْلَكَةً لَا تُرَى وَلَا تَظْهَرُ مِثْلُ غَسِيلِ الْحِيطَانِ بِالْجَصِّ وَمِثْلُ الْإِثَارَةِ فِي الْأَرْضِ وَسَقْيِ النَّخْلِ لَيْسَ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ مِنْ ذَلِكَ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ قَدْ أَنْفَقَ فِيهِ نَفَقَةً عَظِيمَةً؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ قَائِمٍ بِعَيْنِهِ يُرَى وَيَظْهَرُ كَمَنْ غَصَبَ ثَوْبًا وَقَصَّرَهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً وَيَأْخُذُ الثَّوْبَ صَاحِبُهُ وَلَا يُعْطِيهِ شَيْئًا وَكَمَنْ أَثَارَ أَرْضَ غَيْرِهِ لَيْسَ عَلَى صَاحِبِهَا شَيْءٌ. اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ لَهُ السُّكْنَى لَا يَمْلِكُ الِاسْتِغْلَالَ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا نَقَلَهُ الْفَاضِلُ الْمُحَقِّقُ الشَّيْخُ حَسَنٌ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي الرِّسَالَةِ الْمَزْبُورَةِ وَالْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي بَحْرِهِ وَصَاحِبُ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَمَّا مَنْ لَهُ الِاسْتِغْلَالُ هَلْ يَمْلِكُ السُّكْنَى نُقِلَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ أَنَّهُ يَمْلِكُهَا وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ وَرَجَّحَهُ الْفَاضِلُ الْمَزْبُورُ فِي الرِّسَالَةِ نَقْلًا عَنْ الْمُعْتَبَرَاتِ وَمِنْ جُمْلَتِهَا أَوْقَافُ الْخَصَّافِ. اهـ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ عَنْ تَجْنِيسِ الْفَتَاوَى رَجُلٌ وَقَفَ مَنْزِلَهُ عَلَى وَلَدَيْهِ وَعَلَى أَوْلَادِهِمَا أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا فَأَرَادَا السُّكْنَى لَيْسَ لَهُمَا حَقُّ السُّكْنَى. اهـ.
قَالَ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا أَطْلَقَ الْوَقْفَ فِي الدَّارِ كَانَتْ لِلْغَلَّةِ لَا لِلسُّكْنَى وَهِيَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ فَلْتُحْفَظْ وَبِالْعُيُونِ تُلْحَظْ. اهـ.
(أَقُولُ) وَهُوَ صَرِيحٌ أَيْضًا فِي أَنَّ مَنْ لَهُ الِاسْتِغْلَالُ لَيْسَ لَهُ السُّكْنَى وَهُوَ الَّذِي فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَمَشَى عَلَيْهِ الْخَصَّافُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيِّ وَفِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ الْمُوصَى لَهُ بِغَلَّةِ الدَّارِ إذَا أَرَادَ سُكْنَاهَا بِنَفْسِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ لَهُ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ وَأَبُو بَكْرِ بْنِ سَعِيدٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَالْوَصِيَّةُ أُخْتُ الْوَقْفِ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْفَتْوَى فِي الْوَقْفِ عَلَى هَذَا بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ. اهـ.
وَبِهِ أَفْتَى الْمُؤَلِّفُ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ فَقَالَ لَيْسَ لَهُ السُّكْنَى قَالَ فِي النَّظْمِ الْوَهْبَانِيِّ وَمَنْ وُقِفَتْ دَارٌ عَلَيْهِ فَمَا لَهُ سِوَى الْأَجْرِ وَالسُّكْنَى فَمَا تَتَقَرَّرُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ وَقْفٍ تَصَرَّفَ نُظَّارُهَا فِي إيجَارِهَا وَتَوْزِيعِ أُجْرَتِهَا عَلَى مُسْتَحَقِّيهَا فِيمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ بِلَا مُعَارِضٍ فَادَّعَى الْآنَ بَعْضُ مُسْتَحِقِّيهَا أَنَّهَا مَشْرُوطَةٌ لِلسُّكْنَى وَلَمْ يُصَدِّقْهُ النَّاظِرُ عَلَى ذَلِكَ وَكَلَّفَهُ إثْبَاتَ شَرْطِ السُّكْنَى عَلَى تَلَفُّظِ الْوَاقِفِ بِهِ فَهَلْ يُكَلَّفُ إلَى ذَلِكَ فَإِنْ عَجَزَ فَلِلنَّاظِرِ إيجَارُهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ دَارِهِ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ لِلسَّكَنِ وَالِاسْتِغْلَالِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِالشَّرْطَيْنِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ مَوْقُوفَةٍ ذَاتِ حُجَرٍ وَمَقَاصِيرَ شَرَطَ فِيهَا الْوَاقِفُ السُّكْنَى لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَفِيهِمْ امْرَأَةٌ لَهَا زَوْجٌ تُرِيدُ أَنْ تُسْكِنَ زَوْجَهَا مَعَهَا فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَحْرِ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ صَغِيرَةٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى سُكْنَى ذُرِّيَّةِ وَاقِفِهَا وَلَيْسَ فِيهَا حُجَرٌ وَمَقَاصِيرُ وَكَثُرَ أَوْلَادُ الْوَاقِفِ وَيُرِيدُ الذُّكُورُ أَنْ يُسْكِنُوا نِسَاءَهُمْ مَعَهُمْ وَالْإِنَاثُ أَنْ يُسْكِنَّ أَزْوَاجَهُنَّ مَعَهُنَّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ يَكُونُ سُكْنَاهَا لِمَنْ جَعَلَ الْوَاقِفُ لَهُ ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ نِسَاءِ الرِّجَالِ وَرِجَالِ النِّسَاءِ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ وَالْبَحْرِ.
(سُئِلَ) فِيمَنْ جَعَلَ لَهُ الْوَاقِفُ السُّكْنَى هَلْ إذَا آجَرَ تَكُونُ الْأُجْرَةُ لَهُ أَمْ لِلْوَقْفِ؟
(الْجَوَابُ): مَنْ لَهُ السُّكْنَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ إلَّا بِطَرِيقِ الْعَارِيَّةِ دُونَ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا تُوجِبُ حَقًّا لِلْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ ضَيْفٍ ضَافَهُ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا تُوجِبُ حَقًّا لِلْمُسْتَأْجِرِ وَهُوَ لَمْ يَشْرِطْهُ، هَذَا مَا قَالُوا وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ يَكُونُ غَاصِبًا بِإِجَارَتِهِ وَقَدْ نَصُّوا أَنَّ الْغَاصِبَ تَكُونُ الْأُجْرَةُ لَهُ لَكِنْ لَا تَطِيبُ لَهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَتَصَدَّقُ بِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَرُدُّهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَهَذَا نَظِيرُ مَا إذَا تَوَلَّى النَّاظِرُ وَلَمْ تَصِحَّ تَوْلِيَتُهُ وَآجَرَ تَكُونُ الْأُجْرَةُ لَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيُّ وَالْإِسْعَافِ وَالْبَحْرِ وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ سَكَنَ رَجُلٌ دَارَ الْوَقْفِ بِأَهْلِهِ وَأَوْلَادِهِ وَخَدَمِهِ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَيْهِ.
(أَقُولُ) وَأَفْتَى فِي الْإِسْمَاعِيلِيَّة بِأَنَّهُ مَلَكَ الْأُجْرَةَ مِلْكًا خَبِيثًا وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ عَلَى أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي مَدْرَسَةٍ مَوْقُوفَةٍ سَكَنَهَا رَجُلٌ بِعِيَالِهِ وَأَشْغَلَ أَمَاكِنَهَا بِذَلِكَ مُدَّةً بِالتَّغَلُّبِ بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَطَالَبَهُ مُتَوَلِّيهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا مُدَّةَ سَكَنِهِ فِيهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ شَرْعًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ إذْ مَنَافِعُ الْغَصْبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَقْفًا أَوْ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْجَدُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ وَالْعَمُّ الْمَرْحُومُ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ وَأَفْتَى بِذَلِكَ أَيْضًا فَقِيهُ النَّفْسِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ قَائِلًا نَعَمْ لِلنَّاظِرِ ذَلِكَ فَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ عَلِيُّ بْنُ غَانِمٍ الْمَقْدِسِيُّ بِذَلِكَ فِي مَسْجِدٍ تَعَدَّى عَلَيْهِ رَجُلٌ وَجَعَلَهُ بَيْتَ قَهْوَةٍ فَقَالَ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ مُدَّةَ شَغْلِهِ بِمَا فَعَلَهُ وَيُعَادُ كَمَا كَانَ وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنَافِعَ الْوَقْفِ مَضْمُونَةٌ عِنْدَنَا بِالْغَصْبِ صِيَانَةً لَهُ. اهـ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي مَسْجِدٍ لَهُ مُتَوَلٍّ آجَرَ قِطْعَةً مِنْهُ لِرَجُلٍ لِيَبْنِيَ فِيهِ دَارًا بِلَا ضَرُورَةٍ دَاعِيَةٍ لِذَلِكَ شَرْعًا فَهَلْ يَكُونُ إيجَارُهُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ صَحِيحٍ وَيَهْدِمُ مَا بَنَى؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ دَاعِيَةً إلَى ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ ضَرُورَةٌ بِأَنْ احْتَاجَ لِلْعِمَارَةِ الضَّرُورِيَّةِ وَلَيْسَ هُنَاكَ مَا يُعَمَّرُ بِهِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ الْجَوَازُ وَبِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ النَّاطِفِيِّ وَحَيْثُ كَانَ النَّاظِرُ مُصْلِحًا لَا يَخْشَى الْفَسَادَ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ وَاَلَّذِي مَالَ إلَيْهِ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَدَمُ الْجَوَازِ قَائِلًا بِأَنَّ الْمَسْجِدَ إذَا قِيلَ بِأَنَّهُ تُؤْجَرُ مِنْهُ قِطْعَةٌ لِلْعِمَارَةِ يُؤَدِّي إلَى تَغَيُّرِ عَيْنِ الْمَوْقُوفِ بِاعْتِبَارِ تَغَيُّرِ الْأَحْوَالِ إلَى أَقْبَحَ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ مَسْجِدًا تُقَامُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَإِذَا أُوجِرَ يَبْقَى بِعُرْضَةِ أَنْ يَصِيرَ إصْطَبْلًا أَوْ لِسُكْنَى النَّاسِ فَكَانَ التَّغَيُّرُ إلَى حَالَةٍ أَزْرَى مِنْ الْحَالَةِ الْأُولَى فَالتَّصَرُّفُ فِي الْأَوْقَافِ بِاعْتِبَارِ الْأَعْظَمِ لَهَا لَا بِاعْتِبَارِ الْأَدْنَى. اهـ.
فَحَيْثُ لَا ضَرُورَةَ فَالْإِيجَارُ الْمَذْكُورُ بَاطِلٌ فَيَهْدِمُ مَا بَنَى.
(سُئِلَ) فِي مَدْرَسَةٍ خَرِبَ بَعْضُهَا وَلَيْسَ فِي وَقْفِهَا مَالٌ حَاصِلٌ يُعَمَّرُ مِنْهُ مَا خَرِبَ مِنْهَا وَلَهَا عَقَارَاتٌ مَعْلُومَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهَا وَيُرِيدُ مُتَوَلِّي وَقْفِهَا إيجَارَ بَعْضِ الْعَقَارَاتِ مُدَّةً مَعْلُومَةً مُسْتَقْبَلَةً بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ يَصْرِفُهَا فِي تَعْمِيرِهَا الضَّرُورِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَضَعَ جُذُوعَ بَيْتِهِ عَلَى حَائِطِ مَسْجِدٍ تَعَدِّيًا وَطَلَبَ مُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ رَفْعَهَا وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ وَلَا يَضُرُّ بِالْحَائِطِ فَهَلْ لِلْمُتَوَلِّي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي الْبَحْرِ مِنْ الْوَقْفِ مِنْ فَصْلِ الْمَسْجِدِ وَلَا يُوضَعُ الْجِذْعُ عَلَى جِدَارِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَوْقَافِهِ. اهـ.
ثُمَّ قَالَ فَمَنْ بَنَى بَيْتًا عَلَى جِدَارِ الْمَسْجِدِ وَجَبَ هَدْمُهُ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ غِرَاسٌ جَارٍ فِي مِلْكِهِ قَائِمٌ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ بُسْتَانٍ وُقِفَ فَبَاعَهُ مِنْ عَمْرٍو ثُمَّ قَلَعَهُ عَمْرٌو وَغَرَسَ مَكَانَهُ غِرَاسًا لِنَفْسِهِ بِلَا إذْنِ نَاظِرِ الْوَقْفِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَمَا حُكْمُ غَرْسِهِ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَ غَرْسُ عَمْرٍو الْمَذْكُورِ لِنَفْسِهِ بِلَا إذْنِ النَّاظِرِ فَلِلنَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ تَكْلِيفُهُ قَلْعَهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ فَإِنْ أَضَرَّ يَتَمَلَّكُهُ النَّاظِرُ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ لِلْوَقْفِ مَنْزُوعًا وَغَيْرَ مَنْزُوعٍ بِمَالِ الْوَقْفِ وَقِيلَ هُوَ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ فَلْيَتَرَبَّصْ إلَى خَلَاصِهِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهَا. (أَقُولُ) هَذَا فِي غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجَرَيْنِ غَرْسُ الْأَشْجَارِ وَالْكُرُومِ فِي الْأَرَاضِي الْمَوْقُوفَةِ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْأَرْضِ بِدُونِ صَرِيحِ الْإِذْنِ مِنْ الْمُتَوَلِّي دُونَ حَفْرِ الْحِيَاضِ وَإِنَّمَا يَحِلُّ لِلْمُتَوَلِّي الْإِذْنُ فِيمَا يَزِيدُ الْوَقْفُ بِهِ خَيْرًا قَالَ صَاحِبُ الْقُنْيَةِ قُلْت وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَقُّ قَرَارِ الْعِمَارَةِ فِيهَا أَمَّا إذَا كَانَ فَلَا يَحْرُمُ الْحَفْرُ وَالْغَرْسُ لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي مِثْلِهَا. اهـ.
كَذَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ وَاخْتَصَرَ الْعِبَارَةَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ، بَقِيَ الْكَلَامُ فِيمَا جَرَى بِهِ عُرْفُ أَهْلِ دِيَارِنَا مِنْ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَغْرِسَ يَسْتَأْذِنُ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ غَرَسَ بِلَا إذْنِهِ يُنَازِعُهُ وَيُخَاصِمُهُ فِي ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ التَّوَاجِرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ النَّهْيِ الصَّرِيحِ عَنْ الْغَرْسِ بِلَا إذْنِهِ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْطًا مَعَ أَنَّهُمْ شَرَطُوا لِصِحَّةِ إجَارَةِ الْأَرْضِ بَيَانَ مَا يُزْرَعُ فِيهَا أَوْ يُغْرَسُ أَوْ تَعْمِيمَ الْإِذْنِ بِأَنْ يَزْرَعَ أَوْ يَغْرِسَ مَا شَاءَ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ فَتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِي أَرْضِ وَقْفٍ حَامِلَةٍ لِغِرَاسٍ جَارٍ فِي مِلْكِ زَيْدٍ وَفِي مِشَدِّ مُسْكَتِهِ وَتَوَاجِرِهِ بِالتَّعَاطِي مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً وَفِي كُلِّ سَنَةٍ يَدْفَعُ مَا عَلَيْهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَغَرَسَ فِيهَا أَشْجَارًا بِمَالِهِ لِنَفْسِهِ بِلَا إذْنِ الْمُتَوَلِّي فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيَكُونُ الْغِرَاسُ لِلْغَارِسِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ سُئِلَ فِي أَرَاضِي قَرْيَةٍ عَلَيْهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ مَالٌ مَقْطُوعٌ يَدْفَعُهُ أَهْلُهَا لِلْمُتَكَلِّمِ عَلَى الْقَرْيَةِ عَلَى طَرِيقِ الْخَرَاجِ الْمُوَظَّفِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى مِائَةِ سَنَةٍ وَيَتَصَرَّفُ أَهْلُهَا فِي أَرَاضِي الْقَرْيَةِ السَّلِيخَةِ وَغَيْرِهَا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَاشْتَرَى رَجُلٌ عِدَّةَ قِطَعٍ مِنْ الْأَرَاضِي وَبَنَى بِبَعْضِهَا تَكِيَّةً وَوَقَفَ الْأَرَاضِي الْأُخَرَ عَلَى التَّكِيَّةِ وَيَدْفَعُ نُظَّارُ الْوَقْفِ فِي كُلِّ سَنَةٍ لِمَنْ فُوِّضَتْ إلَيْهِ الْقَرْيَةُ الْخَرَاجَ الْمُوَظَّفَ كَمَا كَانَ قَبْلَ شِرَائِهِ لَهَا، وَتَصَرَّفَ النُّظَّارُ بِذَلِكَ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً وَالْآنَ يُرِيدُ مَنْ فُوِّضَتْ إلَيْهِ الْقَرْيَةُ مُطَالَبَةَ زُرَّاعِ الْأَرَاضِي الْجَارِيَةِ فِي الْوَقْفِ بِالْقَسْمِ لِجِهَتِهِ زَاعِمًا أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَهَلْ الْوَقْفُ الْمَزْبُورُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ لِمَنْ فُوِّضَتْ إلَيْهِ الْقَرْيَةُ مُطَالَبَةُ الزُّرَّاعِ بِالْقَسْمِ وَإِنَّمَا لَهُ الْمَبْلَغُ الْمُعَيَّنُ عَلَى الْأَرَاضِي الْمَزْبُورَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) وَفِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ وَأَمَّا الْأَرَاضِي الَّتِي حَازَهَا السُّلْطَانُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَيَدْفَعُهَا لِلنَّاسِ مُزَارَعَةً لَا تُبَاعُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا فَإِذَا ادَّعَى وَاضِعُ الْيَدِ الَّذِي تَلَقَّاهَا شِرَاءً أَوْ إرْثًا أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَنَّهُ يُؤَدِّي خَرَاجَهَا فَالْقَوْلُ لَهُ وَعَلَى مَنْ يُخَاصِمُهُ فِي الْمِلْكِ الْبُرْهَانُ إنْ صَحَّتْ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ شَرْعًا وَاسْتُوْفِيَتْ شُرُوطُ الدَّعْوَى، وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ فِي بِلَادِنَا حِرْصًا عَلَى نَفْعِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَإِفَادَةَ هَذَا الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي يُحْتَاجُ إلَيْهِ كُلَّ حِينٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
وَهَذَا يَقَعُ فِي بِلَادِنَا كَثِيرًا أَيْضًا وَيَغْلَطُ فِيهِ كَثِيرٌ فَجَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا عَلَى هَذَا التَّنْبِيهِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَأَيْت سُؤَالًا مُتَعَلِّقًا بِالْفَلَّاحِينَ وَالْفَصْلِ وَالْخَرَاجِ وَأُجْرَةِ السَّكَنِ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْكَرْمِ وَغَيْرِهِ يُؤَيِّدُ مَا أَفْتَيْنَا فِي دَعْوَى مِنْ خُصُوصِ بُسْتَانِ الْجَعْبَرِيِّ وَحُورِ تَعْلَا الْجَارِي ذَلِكَ فِي وَقْفِ الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ مَا قَوْلُ السَّادَةِ الْعُلَمَاءِ فِي قَرْيَةٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ جَدِّهِمْ فَمِمَّا قَالَهُ الْوَاقِفُ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ إنَّهُ وَقَفَ وَحَبَسَ جَمِيعَ الْقَرْيَةِ الْفُلَانِيَّةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى أَرَاضِي كَذَا وَكَذَا وَدِمْنَةٍ عَامِرَةٍ بِرَسْمِ سُكْنَى فَلَّاحِيهَا وَيُحِيطُ بِهَا وَيَجْمَعُهَا كُلَّهَا حُدُودٌ أَرْبَعٌ وَذَكَرَهَا، ثُمَّ إنَّ الْفَلَّاحِينَ سُكَّانَ الْقَرْيَةِ غَرَسُوا أَشْجَارًا وَكُرُومًا وَعَمَّرُوا بُيُوتًا بِلَا إذْنٍ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ وَهَلْ الدِّمْنَةُ دَاخِلَةٌ فِي الْوَقْفِ مَعَ جَمِيعِ مَا حَوَتْهُ الْحُدُودُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ جَبَلٍ وَسَهْلٍ وَوَعْرٍ وَهَلْ يَلْزَمُ الْفَلَّاحِينَ أُجْرَةُ السُّكْنَى وَهَلْ لَهُمْ أَنْ يُعَمِّرُوا قَدْرًا زَائِدًا عَلَى سَكَنِهِمْ وَيَلْزَمُهُمْ أُجْرَتُهُ أَوْ يَكُونُ قَوْلُ الْوَاقِفِ دِمْنَةٍ بِرَسْمِ سُكْنَى فَلَّاحِيهَا إذْنًا لَهُمْ فِي السَّكَنِ بِلَا أُجْرَةٍ وَإِذَا كَانُوا يَدْفَعُونَ كُلَّ سَنَةٍ قَدْرًا يَسِيرًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ خَرَاجٌ عَنْ الْكُرُومِ وَالْأَشْجَارِ فَهَلْ يَكُونُ قَبْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ لِذَلِكَ رِضًا مِنْهُمْ عَنْ أُجْرَةِ الْأَرْضِ الْحَامِلَةِ لِهَذَا الْغِرَاسِ أَمْ لَهُمْ مُطَالَبَتُهُمْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ عَنْ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَمُحَاسَبَتُهُمْ بِمَا قَبَضُوا؟
(الْجَوَابُ): لَيْسَ لِلْفَلَّاحِينَ بِالْقَرْيَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ يَغْرِسُوا أَوْ يَبْنُوا فِيهَا مِنْ غَيْرِ إذْنٍ شَرْعِيٍّ فَإِنْ فَعَلُوا فَمَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِذْنِ شَرْعًا مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَبْقَى مَا فَعَلُوا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ أَصْلَحَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَإِنْ شَاءَ قَلَعَهُ مَجَّانًا وَمَا كَانَ دَاخِلًا فِي حُدُودِ الْقَرْيَةِ الْمَذْكُورَةِ حَتَّى الدِّمْنَةُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْوَقْفِ وَجَارٍ عَلَيْهِ حُكْمُهُ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ سُكْنَاهُ وَلَا إحْدَاثُ عِمَارَةٍ بِهِ بِغَيْرِ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِ فِي الدِّمْنَةِ الْمَذْكُورَةِ إنَّهَا بِرَسْمِ سُكْنَى فَلَّاحِيهَا إنَّمَا هُوَ وَصْفٌ لَهَا لَا شَرْطٌ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَعَلَيْهِمْ أُجْرَةُ السُّكْنَى لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَأُجْرَةُ مِثْلِ مَا أَشْغَلُوهُ بِالْعِمَارَةِ بِغَيْرِ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ وَلَا تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ عَنْهُمْ بِمَا يَدْفَعُونَهُ مِمَّا يُسَمُّونَهُ خَرَاجًا بَلْ عَلَيْهِمْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ مُطَالَبَتِهِمْ بِهِ قَبْضُ الْقَدْرِ الْمُسَمَّى بِالْخَرَاجِ بَلْ يُقَامُ هَذَا عَلَيْهِمْ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَيُسْتَوْفَى الْمَاضِي مِنْهَا كَتَبَهُ عُمَرُ بْنُ الصَّيْرَفِيِّ الشَّافِعِيُّ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ جَوَابًا نَحْوَهُ وَفِي آخِرِهِ كَتَبَهُ أَبُو الْفَضْلِ الشَّافِعِيُّ الْإِمَامُ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ أَيْضًا وَفِيهِ وَأَمَّا الدِّمْنَةُ فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْوَقْفِ وَلَيْسَ قَوْلُهُ بِرَسْمِ سُكْنَى فَلَّاحِيهَا إذْنًا لَهُمْ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُعَمَّرَ عَلَى قَدْرِ سَكَنِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَفِي آخِرِهِ كَتَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ أَيْضًا وَفِيهِ وَالدِّمْنَةُ دَاخِلَةٌ فِي الْوَقْفِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُعَمِّرَ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى مَسْكَنِهِ وَفِي آخِرِهِ كَتَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ النَّاسِخِ الْمَالِكِيُّ.
ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ الْأَوَّلِ وَفِيهِ وَالْوَقْفُ شَامِلٌ لِكُلِّ مَا ثَبَتَ فِيهِ الْمِلْكُ لِلْوَاقِفِ قَبْلَ وَقْفِهِ مِمَّا هُوَ دَاخِلٌ فِي الْحُدُودِ فَيَسْتَحِقُّهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ كَتَبَهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ الشَّافِعِيُّ ثُمَّ ذَكَرَ جَوَابًا آخَرَ:
لِلنَّاظِرِ عَلَى ذَلِكَ بَلْ عَلَيْهِ مُطَالَبَتُهُمْ بِأُجْرَةِ مِثْلِ الْأَرْضِ وَمَنْعُهُمْ مِنْ أَنْ يَغْرِسُوا شَيْئًا فِيهَا إلَّا بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ وَلَهُ أَنْ يَقْلَعَ مَا غُرِسَ بِغَيْرِ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ مَجَّانًا وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْمِيَ الْغَارِسَ وَلَا يُعِينَهُ عَلَى مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ زَكَرِيَّا بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ الشَّافِعِيُّ جَوَابِي كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَاضِعُ خَطِّهِ أَعْلَاهُ، قَالَ ذَلِكَ وَكَتَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّرَابُلُسِيُّ الْحَنَفِيُّ ثُمَّ ذَكَرَ أَجْوِبَةً أُخَرَ قَرِيبَةً مِنْ ذَلِكَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ غِرَاسٌ قَائِمٌ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ مُحْتَكَرَةٍ وَهِيَ وَاضِعَةٌ يَدَهَا عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ مِنْ أَقَارِبِهَا الْمُتَصَرِّفِينَ قَبْلَهَا مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً وَيَدْفَعُونَ الْحِكْرَ الْمُرَتَّبَ عَلَى الْأَرْضِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ بِلَا مُعَارِضٍ ثُمَّ بَاعَتْ حِصَّةً مِنْ الْغِرَاسِ مِنْ زَيْدٍ وَتُرِيدُ بَيْعَ الْبَاقِي وَيُعَارِضُهَا نَاظِرُ الْوَقْفِ فِي ذَلِكَ يُرِيدُ أَخْذَ شَيْءٍ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَيَزْعُمُ أَنَّ الْبَيْعَ يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى إذْنِهِ وَيُكَلِّفُهَا إلَى إظْهَارِ كِتَابِ احْتِرَامٍ يَشْهَدُ لَهَا وَلِمَنْ قَبْلَهَا بِالْمِلْكِيَّةِ فَهَلْ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ صَحِيحٌ وَلَا يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى إذْنِهِ وَلَيْسَ لَهُ تَكْلِيفُهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي قَرْيَةٍ جَارِيَةٍ فِي أَوْقَافِ بِرٍّ مُتَعَدِّدَةٍ وَلَهَا زُرَّاعٌ يَزْرَعُونَهَا وَيَدْفَعُونَ أَجْرَ مِثْلِهَا لِجِهَةِ الْأَوْقَافِ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِمُوجَبِ مُسْتَنَدَاتٍ شَرْعِيَّةٍ وَالْآنَ يَمْتَنِعُونَ مِنْ دَفْعِ ذَلِكَ مُتَمَسِّكِينَ بِحُجَّةٍ بِأَيْدِيهِمْ مُتَضَمِّنَةٍ أَنَّهُمْ تَرَافَعُوا لَدَى قَاضٍ شَرْعِيٍّ مَعَ أَحَدِ الْمُتَوَلِّينَ عَلَى الْأَوْقَافِ وَذَكَرُوا أَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ فِي الْقَدِيمِ وَأَنَّ الْقَاضِيَ الْمُتَرَافَعَ إلَيْهِ عَرَفَ أَنَّ الْقَدِيمَ يُتْرَكُ عَلَى قِدَمِهِ وَالْحَالُ أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ الْوَاقِعِ وَأَنَّ الْمَبْلَغَ الَّذِي ذَكَرُوهُ دُونَ أَجْرِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَهَلْ يَكُونُ التَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي أَرَاضِي الْوَقْفِ أَخْذُ الْأَنْفَعِ لِلْوَقْفِ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ أَوْ الْقَسْمِ الْمُتَعَارَفِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ زَيْدٍ أَرْضٌ جَارِيَةٌ فِي وَقْفِ مَسْجِدٍ يَزْرَعُهَا حِنْطَةً وَيَدْفَعُ عَنْهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ زَلَطَةً وَاحِدَةً لِجِهَةِ الْوَقْفِ هِيَ دُونَ أُجْرَةِ مِثْلِهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بِدُونِ إجَارَةٍ مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ وَيُرِيدُ الْمُتَوَلِّي الْآنَ أَخْذَ قَسْمِ الزَّرْعِ مِنْ الْخُمُسِ حَسْبَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَرَاضِي الْمُجَاوِرَةِ لَهَا وَهُوَ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ أَمَّا فِي الْوَقْفِ فَإِنَّ فِيهِ تَجِبُ الْحِصَّةُ أَوْ الْأُجْرَةُ بِأَيِّ وَجْهٍ زَرَعَهَا أَوْ سَكَنَهَا أُعِدَّتْ لِلزِّرَاعَةِ أَوْ لَا وَعَلَى ذَلِكَ اسْتَقَرَّ فَتْوَى عَامَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ فُصُولَيْنِ مِنْ 32.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَبَضَ نَاظِرُ الْوَقْفِ أُجْرَةَ عَقَارِ الْوَقْفِ مُعَجَّلَةً عَنْ سَنَةِ كَذَا وَاقْتَسَمَهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ مَاتَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ انْتِهَاءِ الْأَجَلِ فَهَلْ يَجُوزُ وَلَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا تُنْقَضُ اسْتِحْسَانًا وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْكُتُبِ فَإِنْ عُجِّلَتْ الْأُجْرَةُ وَاقْتَسَمَهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ الْقِيَاسُ أَنْ تُنْقَضَ الْقِسْمَةُ وَيَكُونَ لِلَّذِي مَاتَ حِصَّةٌ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا عَاشَ وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ وَلَا نَنْقُضُ الْقِسْمَةَ وَكَذَا عَلَى هَذَا لَوْ شَرَطَ تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ بِيرِيٌّ عَلَى الْأَشْبَاهِ مِنْ الْوَقْفِ وَلَوْ مَاتَ بَعْضُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ قَبْلَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يَكُونُ مَا وَجَبَ مِنْ الْغَلَّةِ إلَى أَنْ مَاتَ لِوَرَثَتِهِ وَمَا يَجِبُ مِنْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ لِجِهَاتِ الْوَقْفِ، وَهَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مُعَجَّلَةً وَلَمْ تُقَسَّمْ بَيْنَهُمْ وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ كَذَلِكَ فِي الْقِيَاسِ وَقَالَ هِلَالٌ غَيْرَ أَنِّي أَسْتَحْسِنُ إذَا قُسِّمَ الْمُعَجَّلُ بَيْنَ قَوْمٍ ثُمَّ مَاتَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ أَنِّي لَا أَرُدُّ الْقِسْمَةَ وَأُجِيزُ ذَلِكَ إسْعَافٌ مِنْ بَابِ إجَارَةِ الْوَقْفِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْوَصِيَّةِ عَنْ مُحَمَّدٍ أَقْوَامٌ أَمَرُوا أَنْ يَكْتُبُوا مَسَاكِينَ مَسْجِدِهِمْ فَكَتَبُوا وَرَفَعُوا أَسَامِيَهُمْ إلَيْهِمْ وَأَخْرَجُوا الدَّرَاهِمَ عَلَى عَدَدِهِمْ فَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الْمَسَاكِينِ قَالَ يُعْطَى وَارِثُهُ إنْ مَاتَ بَعْدَ رَفْعِ اسْمِهِ. اهـ.
(أَقُولُ) وَمِنْهُ يُعْلَمُ حُكْمُ الْأَمَانَاتِ الْوَاصِلَةِ لِأَهَالِي مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ وَالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ وَالْمَبَرَّةِ ثُمَّ يَمُوتُ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ وَقَدْ أَفْتَيْت بِدَفْعِ ذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ بِقَيْدِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
بِيرِيٌّ عَلَى الْأَشْبَاهِ مِنْ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَنَّ زَيْدًا وَعَمْرًا يَسْتَحِقَّانِ رَيْعَ الْوَقْفِ دُونَهُ وَصَدَّقَاهُ عَلَى ذَلِكَ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا فِي حَقِّ الْمُقِرِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَصَادَقَ مُسْتَحِقُّو وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مَعَ جَمَاعَةٍ أَجَانِبَ غَيْرِ مُسْتَحِقِّينَ فِي الْوَقْفِ بِأَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ الْحِصَّةَ وَقَدْرُهَا سُبْعَانِ وَثُلُثُ سُبْعٍ مِنْ سَبْعَةِ أَسْبَاعٍ وَكُتِبَ بِذَلِكَ صَكٌّ وَمَضَتْ مُدَّةٌ ثُمَّ مَاتَ اثْنَانِ مِنْ الْجَمَاعَةِ عَنْ أَوْلَادٍ وَمَاتَ الْبَاقُونَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَيَزْعُمُ أَوْلَادُ الْمَيِّتِينَ أَنَّ حِصَّةَ أَبَوَيْهِمْ مَعَ حِصَّةِ الْبَاقِينَ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ تَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ فَهَلْ لَا تَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ بِالْمُصَادَقَةِ الْمَذْكُورَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قُلْتُ فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ جَعَلَ أَرْضَهُ هَذِهِ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ قَالَ الْوَقْفُ جَائِزٌ فَإِذَا أَقَرَّ زَيْدٌ لِهَذَا الرَّجُلِ بِهَذَا الْإِقْرَارِ قَالَ يُشَارِكُ الرَّجُلُ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ مَا كَانَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ زَيْدٌ كَانَتْ لِلْمَسَاكِينِ وَلَمْ يُصَدَّقْ زَيْدٌ عَلَيْهِمْ قُلْت فَإِنْ مَاتَ الْمُقَرُّ لَهُ وَزَيْدٌ فِي الْحَيَاةِ قَالَ يَكُونُ النِّصْفُ مِنْ الْغَلَّةِ الَّتِي أَقَرَّ بِهِ زَيْدٌ لِلْمَسَاكِينِ وَالنِّصْفُ لِزَيْدٍ خَصَّافٌ مِنْ بَابِ الرَّجُلِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ يُقِرُّ بِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِ وَعَلَى رَجُلٍ آخَرَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَصَادَقَ نَاظِرُ وَقْفٍ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ مُسْتَحِقِّيهِ عَلَى أَنَّ رَيْعَ الْوَقْفِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ زَيْدٍ الْغَائِبِ وَآخَرِينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ لِكُلِّ وَاحِدٍ حِصَّةٌ مُعَيَّنَةٌ وَصَدَّقَ الْغَائِبُ عَلَى ذَلِكَ وَحِصَّةُ زَيْدٍ كَانَتْ دُونَ مَا ذُكِرَ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ وَلَدٍ فَهَلْ تَبْطُلُ الْمُصَادَقَةُ بِمَوْتِهِ فِي حَقِّهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَنَقْلُهَا مَا فِي الْخَصَّافِ الْمُتَقَدِّمِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ نَقْلًا عَنْ النَّاصِحِيِّ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَمِثْلُهُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ. اهـ.
وَفِي الْأَشْبَاهِ أَقَرَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِأَنَّ فُلَانًا يَسْتَحِقُّ مَعَهُ كَذَا أَوْ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الرُّبْعَ دُونَهُ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ صَحَّ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَلَوْ كَانَ مَكْتُوبُ الْوَقْفِ بِخِلَافِهِ حَمْلًا عَلَى أَنَّ الْوَاقِفَ رَجَعَ عَمَّا شَرَطَهُ وَشَرَطَ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُقِرُّ ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ فِي بَابٍ مُسْتَقِلٍّ وَأَطَالَ فِي تَقْرِيرِهِ. اهـ.
(أَقُولُ) وَفِي آخِرِ الْإِقْرَارِ مِنْ التَّنْوِيرِ وَالدُّرِّ الْمُخْتَارِ (أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرَّيْعَ) أَوْ بَعْضَهُ (أَنَّهُ) أَيْ رَيْعَ الْوَقْفِ (يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ دُونَهُ صَحَّ) وَسَقَطَ حَقُّهُ وَلَوْ كِتَابُ الْوَقْفِ بِخِلَافِهِ.
(وَلَوْ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ) أَوْ أَسْقَطَهُ لَا لِأَحَدٍ لَمْ يَصِحَّ وَكَذَا الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ عَلَى هَذَا كَمَا مَرَّ فِي الْوَقْفِ وَذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ ثَمَّةَ وَهُنَا وَفِي السَّاقِطِ لَا يَعُودُ فَرَاجِعْهُ. اهـ.
وَعِبَارَةُ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي الْوَقْفِ يُعْمَلُ بِالْمُصَادَقَةِ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ وَإِنْ خَالَفَتْ كِتَابَ الْوَقْفِ لَكِنْ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ خَاصَّةً فَلَوْ أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرِّيعُ أَوْ النَّظَرُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ دُونَهُ صَحَّ وَلَوْ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ لَا وَسَيَجِيءُ آخِرَ الْإِقْرَارِ. اهـ.
(وَأَقُولُ) أَيْضًا حَاصِلُ مَا فُهِمَ مِنْ عِبَارَةِ الْخَصَّافِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّ الْمُصَادَقَةَ صَحِيحَةٌ مَا دَامَ الْمُصَادِقُ وَالْمُصَادَقُ لَهُ حَيَّيْنِ فَلَوْ مَاتَ الْمُصَادِقُ تَبْطُلُ الْمُصَادَقَةُ وَتَنْتَقِلُ الْحِصَّةُ الْمُصَادَقُ عَلَيْهَا إلَى مَنْ بَعْدَهُ مِمَّنْ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ مَاتَ الْمُصَادَقُ لَهُ لَا تَبْطُلُ الْمُصَادَقَةُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا تَرْجِعُ الْحِصَّةُ الْمُصَادَقُ عَلَيْهَا إلَى الْمُصَادِقِ لِإِقْرَارِهِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ فَتَرْجِعُ إلَى الْمَسَاكِينِ لِعَدَمِ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا ثُمَّ إنَّ الْخَصَّافَ فَرَضَ الْمَسَاكِينَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِمْ بَعْدَ زَيْدٍ الْمُصَادِقِ كَمَا مَرَّ فِي كَلَامِهِ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا لَوْ وُقِفَ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَإِذَا تَصَادَقَ زَيْدٌ مَعَ عَمْرٍو عَلَى أَنَّ غَلَّةَ الْوَقْفِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ بَطَلَتْ الْمُصَادَقَةُ وَرَجَعَتْ الْغَلَّةُ كُلُّهَا إلَى ذُرِّيَّتِهِ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ عَمْرًا الْمُصَادَقَ لَهُ رَجَعَتْ حِصَّتُهُ إلَى الْمَسَاكِينِ لَا إلَى زَيْدٍ لِمَا قُلْنَا وَلَا إلَى ذُرِّيَّتِهِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلتَّرْتِيبِ بِثُمَّ فَصَارَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي حُكْمِ مَسْأَلَةِ مُنْقَطِعِ الْوَسَطِ.
وَصُورَتُهَا كَمَا فِي الْإِسْعَافِ وَغَيْرِهِ لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدَيْهِ هَذَيْنِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمَا أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنٍ يُصْرَفُ نِصْفُ الْغَلَّةِ إلَى الْوَلَدِ الْبَاقِي مِنْهُمَا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ إلَى الْفُقَرَاءِ فَإِذَا مَاتَ الْوَلَدُ الْآخَرُ يُصْرَفُ جَمِيعُ الْغَلَّةِ إلَى أَوْلَادِهِمَا؛ لِأَنَّ مُرَاعَاةَ شَرْطِهِ لَازِمَةٌ وَهُوَ إنَّمَا جُعِلَ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا يُصْرَفُ نِصْفُ الْغَلَّةِ إلَى الْفُقَرَاءِ. اهـ.
نَعَمْ إذَا كَانَ أَوْلَادُ زَيْدٍ فُقَرَاءَ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ لِفَقْرِهِمْ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ بَقِيَ أَنَّ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ مِنْ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالنَّظَرِ كَالْإِقْرَارِ بِالرَّيْعِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَشْرُوطَ لَهُ النَّظَرُ لَوْ تَصَادَقَ مَعَ آخَرَ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ نِصْفَ وَظِيفَةِ النَّظَرِ مَثَلًا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ مَا دَامَا حَيَّيْنِ فَلَوْ مَاتَ الْمُصَادِقُ فَالْحُكْمُ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُصَادَقَةَ تَبْطُلُ وَتَثْبُتُ وَظِيفَةُ النَّظَرِ كُلُّهَا لِمَنْ بَعْدَهُ مِمَّنْ شَرَطَهَا لَهُ الْوَاقِفُ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ الْمُصَادَقُ لَهُ فَهِيَ مَسْأَلَةٌ تَقَعُ فِي زَمَانِنَا كَثِيرًا وَقَدْ سُئِلْنَا عَنْهَا مِرَارًا وَلَمْ نَرَ فِيهَا نَقْلًا صَرِيحًا وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ بُطْلَانُ الْمُصَادَقَةِ أَيْضًا كَمَا لَوْ مَاتَ الْمُصَادِقُ إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هُنَا بِانْتِقَالِ حِصَّةِ النَّظَرِ إلَى الْمَسَاكِينِ إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي وَظِيفَةِ النَّظَرِ فَيَتَعَيَّنُ الْقَوْلُ بِبُطْلَانِ الْمُصَادَقَةِ وَلَكِنْ لَا تَعُودُ الْحِصَّةُ إلَى الْمُصَادِقِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ.
وَإِنَّمَا يُوَجِّهُهَا الْقَاضِي لِمَنْ أَرَادَ مِنْ مُسْتَحَقِّيهَا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّا صَحَّحْنَا الْإِقْرَارَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاقِفَ رَجَعَ عَمَّا شَرَطَهُ وَشَرَطَ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُقِرُّ كَمَا مَرَّ عَنْ الْأَشْبَاهِ وَحِينَئِذٍ فَيَصِيرُ كَأَنَّ الْوَاقِفَ شَرَطَ النَّظَرَ لَهُمَا وَإِذَا مَاتَ أَحَدُ النَّاظِرَيْنِ الْمَشْرُوطُ لَهُمَا أَقَامَ الْقَاضِي بَدَلَهُ آخَرَ فَكَذَا هُنَا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ قَدْرُ اسْتِحْقَاقٍ مَعْلُومٍ فِي وَقْفِ جَدِّهِ فَأَقَرَّ زَيْدٌ فِي صِحَّتِهِ بِأَنَّ الْقَدْرَ الْمَزْبُورَ مِنْ غَلَّةِ وَقْفِ جَدِّهِ لِعَمْرٍو فِي مُدَّةِ سَنَتَيْنِ وَنِصْفٍ دُونَهُ بِأَمْرٍ حَقٍّ عَرَفَهُ وَلَزِمَهُ الْإِقْرَارُ لَهُ بِذَلِكَ وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ تَصَادُقًا شَرْعِيًّا مَقْبُولًا مِنْهُمَا لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَقَرَّ زَيْدٌ الْمَزْبُورُ أَنَّ غَلَّةَ الْوَقْفِ الْمَرْقُومِ لِبَكْرٍ فِي الْمُدَّةِ الْمَرْقُومَةِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ عَمْرٌو الْمُقَرُّ لَهُ الْأَوَّلُ وَلَا أَجَازَهُ فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْأَوَّلُ مُعْتَبَرًا دُونَ الثَّانِي؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ قَالَ صَارَتْ غَلَّةُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ لِفُلَانٍ هَذَا بِأَمْرِ حَقٍّ عَرَفْتُهُ وَلَزَمَنِي الْإِقْرَارُ لَهُ بِهِ قَالَ أَلْزَمْتُهُ بِذَلِكَ وَجَعَلْتُهُ كَأَنَّ الْوَاقِفَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ ذَلِكَ لِلْمُقَرِّ لَهُ، قُلْت وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ الْمُقِرُّ صَارَتْ غَلَّةُ هَذَا الْوَقْفِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ هَذَا عَشْرَ سِنِينَ أَوَّلُهَا غُرَّةُ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَآخِرُهَا سَلْخُ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا دُونِي بِأَمْرِ حَقٍّ عَرَفْتُهُ وَلَزِمَنِي الْإِقْرَارُ لَهُ بِهِ، قَالَ أُلْزِمُهُ ذَلِكَ وَأَجْعَلُ الْغَلَّةَ لِلْمُقَرِّ لَهُ مَا دَامَ حَيًّا هَذِهِ الْعَشْرَ سِنِينَ، فَإِنْ مَاتَ الْمُقِرُّ قَبْلَ ذَلِكَ رَدَدْتُ الْغَلَّةَ إلَى مَنْ جَعَلَهَا لَهُ الْوَاقِفُ بَعْدَ الْمُقِرِّ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَمُتْ الْمُقِرُّ وَلَكِنْ السُّنُونَ الْعَشْرُ انْقَضَتْ قَالَ تَرْجِعُ الْغَلَّةُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ أَبَدًا مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ رَدَدْتُهَا إلَى مَنْ جَعَلَهَا الْوَاقِفُ لَهُ خَصَّافٌ مِنْ الرَّجُلِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ يُقِرُّ بِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِ وَعَلَى رَجُلٍ آخَرَ.
(أَقُولُ) قَوْلُهُ تَرْجِعُ الْغَلَّةُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ هَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مَعْزِيًّا لِلْخَصَّافِ وَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي نُسْخَتَيْ كِتَابِ أَوْقَافِ الْخَصَّافِ ثُمَّ رَاجَعْت نُسْخَةً أُخْرَى فَرَأَيْتُهُ كَذَلِكَ وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمُدَّةِ لَغْوٌ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ خِلَافُهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِأَلْفٍ مُؤَجَّلَةٍ وَصَدَّقَهُ الرَّجُلُ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الْأَصْلَ تَرْجِعُ الْغَلَّةُ إلَى الْمُقِرِّ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ بِدُونِ لَفْظَةِ لَهُ وَأَنَّ لَفْظَةَ لَهُ مِنْ زِيَادَةِ النُّسَّاخِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ تَرْجِعُ وَإِلَّا لَقَالَ تَبْقَى؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ فِي الْمُدَّةِ كَانَتْ لِلْمُقَرِّ لَهُ لَمْ تَخْرُجْ عَنْهُ حَتَّى تَرْجِعَ إلَيْهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَإِنَّمَا خَرَجَتْ عَنْ الْمُقِرِّ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَتَرْجِعُ إلَيْهِ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مُقَيَّدٌ بِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ فِي لَهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُقِرِّ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ عَائِدٌ عَلَى الشَّخْصِ الْآخَرِ الْمُقَرِّ لَهُ أَيْ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ هَذَا الْمُقِرُّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قُرِئَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ وَيَكُونُ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ نَائِبَ فَاعِلٍ لَا يَصِحُّ الْمَعْنَى فَلَا بُدَّ مِنْ التَّأْوِيلِ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ فَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ بَعْدَ عِبَارَةِ الْأَشْبَاهِ الْمَارَّةِ اغْتَرَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ بِهَذَا الْإِطْلَاقِ وَأَفْتَوْا بِسُقُوطِ الْحَقِّ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ وَالْحَقُّ الصَّوَابُ أَنَّ السُّقُوطَ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ يَعْرِفُهَا الْفَقِيهُ، قَالَ الْعَلَّامَةُ الْكَبِيرُ الْخَصَّافُ أَقَرَّ فَقَالَ غَلَّةُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ هَذَا دُونِي وَدُونَ النَّاسِ جَمِيعًا بِأَمْرٍ حَقٍّ وَاجِبٍ ثَابِتٍ لَازِمٍ عَرَفْتُهُ لَهُ وَلَزِمَنِي الْإِقْرَارُ لَهُ بِذَلِكَ قَالَ نَعَمْ أُصَدِّقُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأُلْزِمُ مَا أَقَرَّ بِهِ هَذَا الرَّجُلُ مَا دَامَ حَيًّا لِجَوَازِ أَنَّ الْوَاقِفَ قَالَ إنَّ لَهُ أَنْ يَزِيدَ وَيَنْقُصَ وَيُخْرِجَ وَيُدْخِلَ مَكَانَ مَنْ رَأَى فَيُصَدَّقُ عَلَى حَقِّهِ. اهـ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ عَلِمَ أَنَّ الْمُقِرَّ إنَّمَا أَقَرَّ بِذَلِكَ لِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ الْمَالِ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ عِوَضًا عَنْ ذَلِكَ لِكَيْ يَسْتَبِدَّ بِالْوَقْفِ أَنَّ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ خَالٍ عَمَّا يُوجِبُ تَصْحِيحَهُ مِمَّا قَالَهُ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ وَهُوَ الْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ فِي زَمَانِنَا وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ. اهـ.
كَلَامُ الْبِيرِيِّ مُلَخَّصًا وَإِلَى ذَلِكَ يُشِيرُ مَا مَرَّ عَنْ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ أَوْ أَسْقَطَهُ لَا لِأَحَدٍ لَمْ يَصِحَّ وَفِي إقْرَارِ الْإِسْمَاعِيلِيَّة فِي امْرَأَةٍ أَقَرَّتْ بِأَنَّ فُلَانًا يَسْتَحِقُّ رَيْعَ مَا يَخُصُّهَا مِنْ وَقْفِ كَذَا فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ بِمُقْتَضَى أَنَّهَا قَبَضَتْ مِنْهُ مَبْلَغًا مَعْلُومًا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ الِاسْتِحْقَاقِ الْمَعْدُومِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ بِالْمَبْلَغِ الْمُعَيَّنِ.
وَإِطْلَاقُ قَوْلِهِمْ لَوْ أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرَّيْعَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ دُونَهُ يَصِحُّ وَلَوْ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ يَقْضِي بِبُطْلَانِهِ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ بِعِوَضٍ مُعَاوَضَةٌ قَالَ الْمُؤَلِّفُ مَسْأَلَةٌ فِي وَقْفٍ ادَّعَى رَجُلٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ أَنَّهُ وَقْفُ جَدِّهِ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَقَضَى الْقَاضِي بِهَا وَبَعْدَ مُدَّةٍ أَقَرَّ الْمُدَّعِي الْمَزْبُورُ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ يَبْطُلُ الْقَضَاءُ الْمَذْكُورُ؟
(الْجَوَابُ): يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَيَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ وَأَمَّا بَقِيَّةُ الذُّرِّيَّةِ فَهُمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ مِنْ الْوَقْفِ وَرَاجِعْ رِسَالَةَ ابْنُ نُجَيْمٍ فِيمَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ هَلْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ هَذَا مَحْضُ إقْرَارٍ لَا إسْقَاطُ حَقٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(أَقُولُ) صَرَّحَ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي تِلْكَ الرِّسَالَةِ أَخْذًا مِمَّا فِي الْخَانِيَّةِ بِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لَا يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ وَبِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ كَمَا فِي فَتَاوَاهُ آخِرَ كِتَابِ الْوَقْفِ فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُحَقِّقُ أَبُو السُّعُودِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّهُ مَحْضُ إقْرَارٍ أَيْ أَنَّ إقْرَارَهُ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَقْفِ لَيْسَ إسْقَاطًا حَتَّى يَلْغُوَ بَلْ هُوَ مُجَرَّدُ إقْرَارٍ مُتَضَمِّنٍ أَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ فَيُؤَاخَذُ بِهِ وَحْدَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مُشْتَمِلٍ عَلَى عَقَارَاتٍ قَبَضَ نَاظِرُهُ أُجُورَهَا بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهَا عَنْ سَنَةِ كَذَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ وَاقِفُهُ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ وَطَلَبَ مُسْتَحِقُّو الْوَقْفِ اسْتِحْقَاقَهُمْ مِنْ الْمَقْبُوضِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُمْ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ لَمْ تَكُنْ عَقَارَاتُ الْوَقْفِ مُحْتَاجَةً لِلْعِمَارَةِ وَلَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ يَسُوغُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ أَنْ يَدَّخِرَ شَيْئًا عِنْدَ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ أَوَاخِرَ كِتَابِ الْوَقْفِ، وَعِبَارَتُهَا فَقَدْ اسْتَفَدْنَا أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ ثُمَّ الْفَاضِلِ عَنْهَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي أَوْقَافِ الْقَاهِرَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ إمْسَاكُ قَدْرِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْعِمَارَةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَإِنْ كَانَ الْآنَ لَا يَحْتَاجُ الْمَوْقُوفُ إلَى الْعِمَارَةِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ لِلْفَقِيهِ، وَعَلَى هَذَا فَيُفَرَّقُ بَيْنَ اشْتِرَاطِ تَقْدِيمِ الْعِمَارَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَالسُّكُوتِ عَنْهُ فَإِنَّهُ مَعَ السُّكُوتِ تُقَدَّمُ الْعِمَارَةُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَلَا يُدَّخَرُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَمَعَ الِاشْتِرَاطِ تُقَدَّمُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَيُدَّخَرُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِهَا ثُمَّ يُفَرَّقُ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ إنَّمَا جَعَلَ الْفَاضِلَ عَنْهَا لِلْفُقَرَاءِ، نَعَمْ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا لَا يَدَّخِرُ لَهَا عِنْدَ الِاسْتِغْنَاءِ فَعَلَى هَذَا يَدَّخِرُ النَّاظِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ قَدْرًا لِلْعِمَارَةِ. اهـ.
وَتَمَامُهُ فِيهَا، قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مَا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هُوَ الْقَوْلُ الْمُعْتَمَدُ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى فِي الْمَذْهَبِ كَمَا فِي جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ. اهـ.
حَمَوِيٌّ.
(سُئِلَ) فِي مَسْجِدٍ لَهُ إمَامٌ وَمُؤَذِّنٌ وَفَرَّاشٌ لَهُمْ مَعْلُومٌ مُعَيَّنٌ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَاحْتَاجَ الْمَسْجِدُ لِتَعْمِيرٍ ضَرُورِيٍّ وَغَلَّةُ الْوَقْفِ لَا تَفِي بِالصَّرْفِ لِلْجَمِيعِ وَإِذَا قُطِعَ عَلَى الْمَذْكُورِينَ يَلْزَمُ تَعْطِيلُ الْمَسْجِدِ فَهَلْ يَكُونُونَ مُلْحَقِينَ بِالْعِمَارَةِ فَلَا يُقْطَعُ عَلَيْهِمْ؟
(الْجَوَابُ): الْعِمَارَةُ مُقَدَّمَةٌ فِي الْوَقْفِ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَوْ لَمْ يَشْرِطْ إلَّا إذَا كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَرْكُ عَمَلِهِ لِضَرَرٍ بَيِّنٍ كَالْإِمَامِ وَنَحْوِهِ فَيُعْطَى مَعَهَا وَأَمَّا مَا لَيْسَ فِي قَطْعِهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فَإِنَّهُ لَا يُعْطَى زَمَنَ الْعِمَارَةِ إذَا لَمْ تَفِ بِالصَّرْفِ لِلْجَمِيعِ مَعَ الْعِمَارَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ضَاقَ رَيْعُ مَدْرَسَةٍ وَلِلْمَدْرَسَةِ مُدَرِّسٌ وَمُتَوَلٍّ وَكَاتِبٌ وَمُعْتَمِدٌ وَقَارِئُ حَدِيثٍ وَقَارِئُ مَا تَيَسَّرَ فَكَيْفَ يُوَزَّعُ بَيْنَهُمْ؟
(الْجَوَابُ): الْمُدَرِّسُ الْمُلَازِمُ لِلتَّدْرِيسِ فِيهَا إذَا كَانَ عَالِمًا يَتَقَيَّدُ وَكَانَتْ تَتَعَطَّلُ بِغَيْبَتِهِ إذَا لَازَمَهَا يُدْفَعُ لَهُ الْمَشْرُوطُ لَهُ وَلَا يَكُونُ الْمُدَرِّسُ مِنْ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ إلَّا إذَا لَازَمَ التَّدْرِيسَ عَلَى حُكْمِ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَالْمُتَوَلِّي مِنْ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ وَالْكَاتِبُ مِنْ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ زَمَنَ الْعِمَارَةِ لَا كُلَّ وَقْتٍ وَبَقِيَّتُهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ كَذَا أَفْتَى الْمِهْمَنْدَارِي وَفِي الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ سُئِلَ فِي وَقْفِ مَسْجِدٍ عَامِرٍ ضَاقَ رَيْعُهُ عَنْ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ مِنْ الْخَطِيبِ وَالْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْ أَرْبَابِ وَظَائِفِهِ فَمَنْ يُقَدَّمُ أَجَابَ يُقَدَّمُ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ الَّذِينَ هُمْ أَقْرَبُ إلَى الْعِمَارَةِ إذَا بَاشَرُوا الْعَمَلَ الْمَشْرُوطَ وَيُبْدَأُ بِالْخَطِيبِ وَالْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ سَوِيَّةً وَيُصْرَفُ إلَيْهِمْ مَا شُرِطَ، ثُمَّ إلَى الْمُبَاشِرِينَ كَمَا نَصَّ الْوَاقِفُ مِنْ سَائِرِ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ كَالْمُتَوَلِّي، ثَمَّ مِنْ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَفِي الْأَشْبَاهِ أَيْضًا. اهـ.
وَفِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيُّ عَنْ الْحَانُوتِيِّ سُئِلَ هَلْ يُقَدَّمُ الْإِمَامُ وَالْمُؤَذِّنُ فِي الصَّرْفِ عَلَى مُؤَدِّبِ الْأَيْتَامِ وَعَلَى الْأَيْتَامِ مَعَ أَنَّ الْوَاقِفَ عَيَّنَ لِكُلٍّ قَدْرًا أَجَابَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَمْ نَقِفْ عَلَى مَنْ نَصَّ عَلَيْهَا إلَّا بَعْضٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ، وَنَصُّهُ وَاَلَّذِي يُبْتَدَأُ بِهِ مِنْ ارْتِفَاعِ الْوَقْفِ عِمَارَتُهُ ثُمَّ مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْعِمَارَةِ وَأَعَمُّ لِلْمَصْلَحَةِ كَالْإِمَامِ لِلْمَسْجِدِ وَالْمُدَرِّسِ لِلْمُدَرِّسَةِ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ إلَى قَدْرِ كِفَايَتِهِمْ ثُمَّ السِّرَاجُ وَالْبِسَاطُ كَذَلِكَ إلَى آخِرِ الْمَصَالِحِ لَكِنْ قَيَّدَ هَذَا الْكَلَامَ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ مُعَيَّنًا عَلَى شَيْءٍ يَصْرِفُهُ إلَيْهِ بَعْدَ عِمَارَةِ الْبِنَاءِ. اهـ.
فَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ التَّقْدِيمَ الْمَذْكُورَ لِأَرْبَابِ الشَّعَائِرِ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَمَا لَوْ وَقَفَهُ عَلَى الْمَسْجِدِ وَشَعَائِرِهِ وَمُدَرِّسٍ وَطَلَبَةٍ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ أَمَّا إذَا عَيَّنَ وَجَعَلَ لِكُلِّ شَخْصٍ قَدْرًا مَعْلُومًا فَلَا يُقَدَّمُ أَحَدٌ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ إلَى قَدْرِ كِفَايَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ تَعْيِينٌ إنَّمَا يُصْرَفُ لَهُمْ مَا هُوَ الْمُعَيَّنُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
، وَقَوْلُهُ بَعْضٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ مُرَادُهُ صَاحِبُ الْحَاوِي وَلَمْ أَرَ أَحَدًا حَرَّزَ هَذَا التَّحْرِيرَ الْحَسَنَ فَعَلَيْك بِهِ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ جِدًّا. (أَقُولُ) حَاصِلُ هَذَا أَنَّ تَقْدِيمَ بَعْضِ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَى بَعْضٍ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْوَاقِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ قَدْرًا فَحِينَئِذٍ يُقَدَّمُ مَنْ هُوَ أَعَمُّ مَصْلَحَةً أَمَّا إذَا عَيَّنَ فَلَا تَقْدِيمَ، لَكِنْ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ بَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ لَا يَتَأَتَّى فِيمَا إذَا كَانَ رَيْعُ الْوَقْفِ يَكْفِي الْجَمِيعَ بَلْ فِيمَا إذَا ضَاقَ عَنْهُمْ وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ بَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ سَوَاءٌ كَانَ الْوَقْفُ مُعَيَّنًا أَوْ لَا فَيُقَدَّمُ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْعِمَارَةِ أَيْ مَنْ يَلْزَمُ مِنْ قَطْعِهِ تَعْطِيلُ الْمَسْجِدِ كَالْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ وَنَحْوِهِمَا وَكَذَا مُدَرِّسُ الْمَدْرَسَةِ الَّتِي تَتَعَطَّلُ بِانْقِطَاعِهِ بِخِلَافِ مُدَرِّسِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ بَعْدَ ذَلِكَ سُؤَالًا مَعَ جَوَابِهِ لِلشَّيْخِ قَاسِمٍ الدَّنَوْشَرِيِّ وَفِيهِ بَيَانُ أَنَّ قَوْلَ الْحَاوِي هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ قَدْرَ كِفَايَتِهِمْ لَا إلَى أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ.
وَصُورَةُ السُّؤَالِ مَعَ جَوَابِهِ هَكَذَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى وَبَعْدُ فَقَدْ رُفِعَ لِعُلَمَاء الْإِسْلَامِ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ سُؤَالٌ عَلَى لِسَانِ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَالْمَقَامَيْنِ الْمُنِيفَيْنِ وَهُوَ مَا يُفِيدُ مَوَالِينَا مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ أَدَامَ اللَّهُ تَعَالَى الِانْقِيَادَ إلَيْهِمْ وَالِاسْتِسْلَامَ، فِي وَاقِفٍ شَرَطَ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ خَطِيبًا وَإِمَامًا وَمُؤَذِّنَيْنِ وَبَوَّابَيْنِ وَخَدَمَةً وَمُدَرِّسِينَ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَطَلَبَةً وَقُرَّاءً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ثُمَّ شَرَطَ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ إذَا ضَاقَ رَيْعُ الْوَقْفِ عَنْ الْمَصَارِفِ قُدِّمَ مَا هُوَ مُرَتَّبٌ مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ لِلْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، وَالْحَالُ أَنَّ الْوَاقِفَ عَيَّنَ لِكُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورَيْنِ قَدْرًا مُعَيَّنًا وَشَرَطَ لِلْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ قَدْرًا مُعَيَّنًا فَهَلْ إذَا ضَاقَ رَيْعُ الْوَقْفِ عَلَى الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ تُقَدَّمُ جِهَةُ الْحَرَمَيْنِ بِمَا شُرِطَ لَهُمْ عَمَلًا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ أَوْ يُلْغَى هَذَا الشَّرْطُ وَيُسَوَّى فِي هَذَا الْوَقْفِ بَيْنَ جَمِيعِ الْمُسْتَحَقِّينَ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرِهِمْ أَمْ تُقَدَّمُ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ بِمَا شُرِطَ لَهُمْ وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْحَرَمَيْنِ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ أَثَابَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى الْجَنَّةَ آمِينَ؟
(الْجَوَابُ): الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا قَالَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ مَا لَفْظُهُ الَّذِي يُبْدَأُ بِهِ مِنْ ارْتِفَاعِ الْوَقْفِ عِمَارَتُهُ شُرِطَ أَوْ لَا، ثُمَّ مَا هُوَ أَقْرَبُ لِلْعِمَارَةِ وَأَعَمُّ لِلْمَصْلَحَةِ كَالْإِمَامِ لِلْمَسْجِدِ وَالْمُدَرِّسِ لِلْمَدْرَسَةِ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ قَدْرُ كِفَايَتِهِمْ ثُمَّ السِّرَاجُ وَالْبِسَاطُ كَذَلِكَ. اهـ.
، قَالَ شَيْخُنَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُقَدَّمَ فِي الصَّرْفِ الْإِمَامُ وَالْمُدَرِّسُ وَالْوَقَّادُ وَالْفَرَّاشُ وَمَنْ كَانَ بِمَعْنَاهُمْ لِتَعْبِيرِهِ بِالْكَافِ، وَظَاهِرُهَا يُفِيدُ أَيْضًا تَقْدِيمَ مَنْ ذَكَرْنَاهُ وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الِاسْتِوَاءَ عِنْدَ الضِّيقِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُمْ كَالْعِمَارَةِ، وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ اسْتِوَاءَ الْعِمَارَةِ بِالْمُسْتَحَقِّينَ لَمْ يُعْتَبَرْ شَرْطُهُ وَإِنَّمَا تُقَدَّمُ أَيْ الْعِمَارَةُ عَلَيْهِمْ فَكَذَا هُمْ. اهـ.
مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَعَلَى مُقْتَضَى مَا أَفَادَهُ مِنْ أَنَّ عِبَارَةَ الْحَاوِي تُفِيدُ أَنَّ أَرْبَابَ الشَّعَائِرِ يُقَدَّمُونَ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ وَإِنَّ شَرَطَ الْوَاقِفُ الِاسْتِوَاءَ عِنْدَ الضِّيقِ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ تَقَدُّمُ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ فِي هَذَا الْوَقْفِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ فِي حَالَةِ شَرْطِ اسْتِوَاءِ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ بِغَيْرِهِمْ لَا يُحْرَمُ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ بِالْكُلِّيَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ أُلْغِيَ شَرْطُ الِاسْتِوَاءِ فَإِلْغَاؤُهُ فِي حَالَةٍ قَدْ يُحْرَمُونَ فِيهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَهِيَ حَالَةُ شَرْطِ تَقْدِيمِ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ عَلَيْهِمْ بِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يَفْضُلَ شَيْءٌ لِأَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَيْهِمْ بِالْأَوْلَى، ثُمَّ تَوَقَّفَ فِيمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَهُ.
وَحَاصِلُ تَوَقُّفِهِ أَنَّهُ قَالَ لَا نُسَلِّمُ أَوَّلًا أَنْ يُقَاسَ حُكْمُ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَى حُكْمِ الْعِمَارَةِ؛ لِأَنَّ انْتِظَامَ مَصَالِحِ الْوَقْفِ بِإِقَامَةِ شَعَائِرِهِ لَيْسَ كَانْتِظَامِهِ بِبَقَاءِ عَيْنِهِ لِيُقَاسَ عَلَيْهِ، أَلَا تَرَى إلَى مَا ذَكَرَهُ الْمَشَايِخُ فِي تَوْجِيهِ تَقْدِيمِ الْعِمَارَةِ عَلَى غَيْرِهَا وَإِنْ شُرِطَ تَأْخِيرُهَا مِنْ قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّا لَوْ اعْتَبَرْنَا شَرْطَهُ أَدَّى ذَلِكَ إلَى اضْمِحْلَالِ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ فَيَعُودُ الْأَمْرُ عَلَى مَا قُصِدَ مِنْ الْوَقْفِ بِالْإِبْطَالِ فَقِيَاسُ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ تَقْدِيمِ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ بَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ الِاسْتِوَاءَ عِنْدَ الضِّيقِ عَلَى حُكْمِ الْعِمَارَةِ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ، وَبِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ فَالشَّيْخُ قَدْ اخْتَصَرَ عِبَارَةَ الْحَاوِي وَجَعَلَهَا دَلِيلًا عَلَى مَا ادَّعَاهُ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِهِ يُنَافِي مَا ادَّعَاهُ الشَّيْخُ، وَتَتِمَّةُ عِبَارَةِ الْحَاوِي هُوَ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَنْهُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ مُعَيَّنًا عَلَى شَيْءٍ يُصْرَفُ إلَيْهِ بَعْدَ عِمَارَةِ الْبِنَاءِ. اهـ.
كَلَامُ الْحَاوِي وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذِهِ التَّتِمَّةِ أَنَّهَا قَيْدٌ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فَيُفِيدُ كَلَامُ الْحَاوِي أَنَّ تَقْدِيمَ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَى غَيْرِهِمْ إنَّمَا هُوَ فِي حَالَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَهِيَ مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْوَاقِفُ قَدْرَ مَا يُعْطَى لِكُلِّ مُسْتَحِقٍّ أَمَّا إذَا عَيَّنَ لِكُلٍّ قَدْرًا مُعَيَّنًا فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْحَاوِي دَلِيلًا عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى هَذَا حَاصِلُ مَا أَفَادَهُ الْمُتَوَقِّفُ فِي كَلَامِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ التَّوَقُّفِ الْأَوَّلِ بِأَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ فِي تَقْدِيمِ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ بَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ لَيْسَ هُوَ كَوْنُهُمْ كَالْعِمَارَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثِيَّةِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي عُمُومِ النَّفْعِ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَإِنْ تَفَاوَتَ النَّفْعُ بَيْنَ الْعِمَارَةِ وَأَرْبَابِ الشَّعَائِرِ فَلَمَّا اشْتَرَكَا فِي عُمُومِ النَّفْعِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْغَيْرِ اشْتَرَكَا فِي هَذَا الْحُكْمِ وَهُوَ تَقْدِيمُهُمَا عَلَى الْغَيْرِ وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ خِلَافَ ذَلِكَ مِنْ اسْتِوَاءٍ أَوْ تَقْدِيمٍ، وَإِذَا تَأَمَّلْت كَلَامَ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَجَدْتَهُ شَاهِدًا عَلَى هَذَا الْمُدَّعِي، وَيُجَابُ عَنْ التَّوَقُّفِ الثَّانِي بِأَنَّ اسْمَ الْإِشَارَةِ الْوَاقِعَ فِي تَتِمَّةِ كَلَامِ الْحَاوِي وَهُوَ قَوْلُهُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا إلَخْ لَيْسَ رَاجِعًا لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لِيَكُونَ قَيْدًا لَهَا وَإِنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ لِأَقْرَبِ مَذْكُورٍ فِي كَلَامِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ قَدْرُ كِفَايَتِهِمْ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ إنَّ مَحَلَّ تَفْوِيضِ أَمْرِ الصَّرْفِ لِلْمُتَوَلِّي إذَا لَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ قَدْرًا مُعَيَّنًا لِكُلِّ مُسْتَحِقٍّ.
أَمَّا إذَا عَيَّنَ فَإِنَّهُ يَتْبَعُ شَرْطَهُ وَقَدْ أَفْصَحَ عَنْ هَذَا الْإِمَامُ الزَّاهِدِيُّ فِي كِتَابِهِ قُنْيَةِ الْفَتَاوَى حَيْثُ قَالَ فِي بَابِ مَا يَحِلُّ لِلْمُدَرِّسِ وَالْمُتَعَلِّمِ وَالْإِمَامِ مَا نَصُّهُ: الْأَوْقَافُ فِي بُخَارَى عَلَى الْعُلَمَاءِ لَا يُعْرَفُ مِنْ الْوَاقِفِ غَيْرُ هَذَا فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يُفَضِّلَ الْبَعْضَ وَيَحْرِمَ الْبَعْضَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ عَلَى قَوْمٍ يُحْصَوْنَ وَكَذَا الْوَقْفُ عَلَى الَّذِينَ يَخْتَلِفُونَ إلَى هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ أَوْ عَلَى مُتَعَلِّمِيهَا أَوْ عَلَى عُلَمَائِهَا يَجُوزُ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُفَضِّلَ الْبَعْضَ وَيَحْرِمَ الْبَعْضَ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْوَاقِفُ قَدْرَ مَا يُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ. اهـ.
فَهَذِهِ الْعِبَارَةُ وَهِيَ قَوْلُ صَاحِبِ الْقُنْيَةِ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ إلَخْ أَزَالَتْ اللَّبْسَ وَأَوْضَحَتْ كُلَّ تَخْمِينٍ وَحَدْسٍ، هَذَا وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فِي وَجْهِ تَقْدِيمِ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَى غَيْرِهِمْ إنَّمَا هُوَ عُمُومُ النَّفْعِ الْحَاصِلِ مِنْ انْتِظَامِ مَصَالِحِ الْمَسَاجِدِ بِإِقَامَةِ شَعَائِرِهَا وَهَذَا لَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ مَا إذَا عَيَّنَ الْوَاقِفُ قَدْرًا مُعَيَّنًا لِكُلٍّ وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ بِخِلَافِ تَفْوِيضِ أَمْرِ الصَّرْفِ لِلْمُتَوَلِّي فَإِنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ يَخْتَلِفُ فِيهِ بَيْنَ مَا إذَا عَيَّنَ لِكُلٍّ قَدْرًا مُعَيَّنًا وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ هَذَا مَا ظَهَرَ قَالَ ذَلِكَ وَكَتَبَهُ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ الْوَاثِقُ بِاللُّطْفِ الْخَفِيِّ قَاسِمُ الدَّنَوْشَرِيُّ الْحَنَفِيُّ فِي غُرَّةِ مُحَرَّمٍ الْحَرَامِ افْتِتَاحَ سَنَةِ 1039 وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ آمِينَ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَحِيطَانُهَا مُكَلَّسَةٌ مِنْ زَمَنِ وَاقِفِهَا ثُمَّ سَقَطَ كِلْسُهَا وَيُرِيدُ النَّاظِرُ إعَادَتَهُ مِنْ أُجْرَتِهَا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا زَمَنَ وَاقِفِهَا وَتَزِيدُ الْأُجْرَةُ بِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَأَفْتَى بِالْمَسْأَلَةِ الْحَانُوتِيِّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْكَازَرُونِيُّ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَبَسَطَهُ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا قُبَيْلَ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ أَيْضًا فِي دَارِ الْوَقْفِ الْمُعَدَّةِ لِلِاسْتِغْلَالِ إذَا خَرِبَ صِهْرِيجُهَا الْمُعَدُّ لِمَاءِ الْأَشْتِيَةِ هَلْ تَجِبُ عِمَارَتُهُ مِنْ أُجْرَتِهَا أَجَابَ: نَعَمْ تَجِبُ عِمَارَتُهُ مِنْ أُجْرَتِهَا فَقَدْ صَرَّحُوا بِوُجُوبِ الْعِمَارَةِ فِي الْأَوْقَافِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا زَمَنَ الْوَاقِفِ حَتَّى قَالُوا الْبَيَاضُ وَالْحُمْرَةُ فِي الْحِيطَانِ إنْ لَمْ تَكُنْ فِي زَمَنِهِ لَا تُفْعَلُ وَإِلَّا تُفْعَلُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي النَّاظِرِ إذَا عَمَّرَ فِي دَارِ الْوَقْفِ عِمَارَةً غَيْرَ ضَرُورِيَّةٍ وَغَيْرَ لَازِمَةٍ نَحْوُ دِهَانٍ وَنَقْشٍ وَمَصَبٍّ بِدُونِ حَظٍّ وَمَصْلَحَةٍ وَلَمْ يَكُنْ الْوَاقِفُ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ أَحْكَامُ الْبِنَاءِ وَيُرِيدُ احْتِسَابَ مَا صَرَفَهُ فِي ذَلِكَ عَلَى مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ وَهُمْ لَا يَرْضَوْنَ بِذَلِكَ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَإِنَّمَا تَسْتَحِقُّ الْعِمَارَةُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يَبْقَى الْمَوْقُوفُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي وَقَفَهُ إلَى أَنْ قَالَ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ عِمَارَةَ الْأَوْقَافِ زِيَادَةً عَلَى مَا كَانَتْ الْعَيْنُ عَلَيْهِ زَمَنَ الْوَاقِفِ لَا تَجُوزُ إلَّا بِرِضَا الْمُسْتَحِقِّينَ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ بِقَدْرِ مَا يَبْقَى الْمَوْقُوفُ عَلَى الصِّفَةِ مَنْعُ الْبَيَاضِ وَالْحُمْرَةِ عَلَى الْحِيطَانِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ إنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَهُ الْوَاقِفُ وَإِنْ فَعَلَهُ الْوَاقِفُ فَلَا مَنْعَ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ جِهَاتِ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِهِ وَعَمَّرَ فِيهَا عِمَارَةً وَلَمْ يَكُنْ النَّاظِرُ أَذِنَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا فَهَلْ تَلْزَمُ الْعِمَارَةُ جِهَةَ الْوَقْفِ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ النَّاظِرُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ لِلنَّاظِرِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمَذْكُورِ أَيْ بِالْأُجْرَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَقُولُ) أَفْتَى سَيِّدِي الْجَدُّ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مُحِبُّ الدِّينِ بِأَنَّ الْعِمَارَةَ الْمَذْكُورَةَ لَا تَلْزَمُ جِهَةَ الْوَقْفِ وَالنَّاظِرُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ بِقِيمَتِهَا مَقْلُوعَةً أَوْ يُكَلِّفَ الْمُسْتَأْجِرَ قَلْعَهَا وَتَسْوِيَةَ أَرْضِ الْوَقْفِ فَيَفْعَلَ الْأَنْفَعَ لِلْوَقْفِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِسَانُ الْحُكَّامِ مِنْ أَوَاخِرِ الْفَصْلِ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْإِجَارَاتِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَذِنَ مُتَوَلِّي وَقْفٍ لِمُسْتَأْجِرِ مُسْتَغَلٍّ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ بِتَعْمِيرِ مَا كَانَ ضَرُورِيًّا وَيَرْجِعُ مُعْظَمُ مَنْفَعَتِهِ لِلْوَقْفِ وَالصَّرْفُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ لِيَكُونَ مُرْصَدًا لَهُ عَلَى الْوَقْفِ فَعَمَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ ذَلِكَ وَصَرَفَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ مَصْرِفَ الْمِثْلِ وَيُرِيدُ الْمُسْتَأْجِرُ الرُّجُوعَ عَلَى الْآذِنِ بِمَا صَرَفَهُ بِالْإِذْنِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَمَرَّ نَقْلُهَا عَنْ الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ مَا نَصُّهُ الْعِمَارَةُ الْغَيْرُ الضَّرُورِيَّةِ لَا تَكُونُ لَازِمَةً لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَالْعِمَارَةُ الضَّرُورِيَّةُ لَازِمَةٌ لَهُ إنْ ثَبَتَتْ فِي وَجْهِ النَّاظِرِ الْآنَ عَلَى الْوَقْفِ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ شَرْعِيَّةٍ. اهـ.
(أَقُولُ) وَقَيَّدَ فِي السُّؤَالِ بِقَوْلِهِ مَا كَانَ ضَرُورِيًّا لِمَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ أَيْضًا فِي جَوَابِ سُؤَالٍ أَنَّ الْإِذْنَ لِزَيْدٍ مِنْ قِبَلِ النَّاظِرِ وَأَنَّ مَا يَصْرِفُهُ عَلَى الْعِمَارَةِ الْمَزْبُورَةِ يَكُنْ مُرْصَدًا لَهُ عَلَى الدَّارِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالْعِمَارَةِ الضَّرُورِيَّةِ مَثَلًا فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْعِمَارَةُ الْمَزْبُورَةُ مِلْكًا لِلْمُعَمِّرِ يَصِحُّ بَيْعُهَا. اهـ.
فَتَأَمَّلْ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمُؤَلِّفُ هُنَا الرُّجُوعَ بِمَا إذَا كَانَ التَّعْمِيرُ بِإِذْنِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ إذْنَ الْمُتَوَلِّي يَكْفِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَتَعْمِيرِهِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورُهُ وَوَكِيلٌ عَنْهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ اسْتِدَانَةً عَلَى الْوَقْفِ كَمَا سَيَأْتِي تَحْرِيرُهُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى مَسَائِلِ الِاسْتِدَانَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا احْتَاجَتْ عَقَارَاتُ وَقْفٍ لِلتَّعْمِيرِ الضَّرُورِيِّ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْوَقْفِ مَالٌ حَاصِلٌ تُعَمَّرُ مِنْهُ وَلَمْ يَرْغَبْ أَحَدٌ فِي اسْتِئْجَارِهَا مُدَّةً مُسْتَقْبَلَةً بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ تُصْرَفُ فِي تَعْمِيرِهَا فَأَذِنَ نَاظِرُهُ لِزَيْدٍ بِتَعْمِيرِهَا مِنْ مَالِهِ وَمَهْمَا يَصْرِفُهُ يَرْجِعُ بِهِ فِي مَالِ الْوَقْفِ بَعْدَمَا أَذِنَ الْقَاضِي الْعَامُّ لِلنَّاظِرِ الْمَرْقُومِ بِذَلِكَ فَعَمَّرَ زَيْدٌ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ فِي مَالِ الْوَقْفِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ أَثْبَتَ ذَلِكَ بِمُوجَبِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي خَانٍ جَارٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ وَفِي تَوَاجِرِ زَيْدٍ عَنْ مُتَوَلِّيهِ مُدَّةَ سَنَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ تَحِلُّ عَلَيْهِ فِي نِصْفِ السَّنَةِ قَدْ حَلَّتْ الْأُجْرَةُ وَاحْتَاجَ الْخَانُ لِلتَّعْمِيرِ الضَّرُورِيِّ وَامْتَنَعَ الْمُتَوَلِّي مِنْ تَعْمِيرِهِ مِنْهَا وَيُكَلِّفُ زَيْدًا تَعْمِيرَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيُجْعَلَ لَهُ مُرْصَدٌ عَلَى الْخَانِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَحَيْثُ كَانَتْ الْعِمَارَةُ ضَرُورِيَّةً يَلْزَمُ الْمُتَوَلِّيَ تَعْمِيرُهَا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ حَيْثُ لَهُ مَالٌ مَوْجُودٌ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِرَجُلَيْنِ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُرْصَدًا عَلَى دَارِ وَقْفٍ صَرَفَاهُ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي فِي تَعْمِيرِهَا الضَّرُورِيِّ بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ فَدَفَعَتْهُ هِنْدٌ لَهُمَا بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ ذَلِكَ وَإِنْ صَدَرَ ذَلِكَ بِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ ثُمَّ أَقَرَّتْ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ أَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِزَوْجِهَا زَيْدٍ يَسْتَحِقُّهُ دُونَهَا لَا حَقَّ لَهَا مَعَهُ فِيهِ وَأَنَّ اسْمَهَا فِي صَكِّ الدَّفْعِ عَارِيَّةٌ وَصَدَّقَهَا زَيْدٌ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهَا الْمَزْبُورِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى دَارٍ وَقْفٍ عِدَّةَ سِنِينَ يُؤْجِرُهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ قِرْشًا وَيَدْفَعُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ خَمْسَةً وَيَأْخُذُ الْبَاقِيَ لِنَفْسِهِ زَاعِمًا أَنَّ الدَّارَ كَانَتْ فِي تَوَاجِرِ جَدِّ مُوَرِّثِهِ وَلَهُ عَلَيْهَا مُرْصَدٌ وَأَمَّا مَا قَبَضَهُ مِنْ أُجْرَتِهَا زَائِدًا عَلَى مَا يَدْفَعُهُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ يَسْتَحِقُّ بَعْضَهُ نَظِيرَ رِبْحِ الْمُرْصَدِ الْمَزْبُورِ الْمَوْرُوثِ لَهُ عَنْ جَدِّهِ وَالْبَعْضُ صَرَفَهُ فِي تَعْمِيرِهَا فِي الْمُدَّةِ كُلُّ ذَلِكَ بِدُونِ إجَارَةٍ لَهَا مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ وَلَا إذْنٍ مِنْهُ فِي التَّعْمِيرِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ النَّاظِرُ تَكْلِيفَهُ بِرَدِّ الزَّائِدِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ، وَالْحَالُ أَنَّ الْأُجْرَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَوْ مُقَاصَّتُهُ بِهِ مِنْ الْمُرْصَدِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ فَهَلْ لِلنَّاظِرِ ذَلِكَ وَلَا رِبْحَ لِلْمُرْصَدِ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ مَا صَرَفَهُ فِي التَّعْمِيرِ بِدُونِ إذْنٍ شَرْعِيٍّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُرْصَدٌ لَهُ عَلَى دَارِ وَقْفٍ ثَابِتٍ لَهُ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ مُرْصَدِهِ وَتُرِيدُ وَرَثَتُهُ حَبْسَ الْمَأْجُورِ لِاسْتِيفَاءِ مُرْصَدِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ وَلَا جِهَةٌ سِوَى الدَّارِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ بَعْدَ تَعْمِيرِهَا الضَّرُورِيِّ بِإِذْنِ نَاظِرِهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا احْتَاجَتْ عَقَارَاتُ الْوَقْفِ لِلتَّعْمِيرِ الضَّرُورِيِّ وَلَا مَالَ فِي الْوَقْفِ وَلَا مَنْ يَسْتَأْجِرُهَا بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ فَأَذِنَ نَاظِرُهُ لِزَيْدٍ بِتَعْمِيرِهَا وَالصَّرْفِ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ بِهِ فِي مَالِ الْوَقْفِ بَعْدَ إذْنِ الْقَاضِي الْعَامِّ لِلنَّاظِرِ بِذَلِكَ فَعَمَّرَ زَيْدٌ وَصَرَفَ مَبْلَغًا مَعْلُومًا أَثْبَتَهُ بِوَجْهِ النَّاظِرِ لَدَى النَّائِبِ الْقَاضِي غِبَّ الدَّعْوَى الشَّرْعِيَّةِ وَالْكَشْفِ عَلَى الْعِمَارَةِ وَتَقْوِيمِهَا فَحَكَمَ بِصِحَّةِ ذَلِكَ وَأَلْزَمَ النَّاظِرَ بِدَفْعِ الْمَبْلَغِ لِزَيْدٍ فَدَفَعَهُ لَهُ بِإِذْنِ النَّائِبِ لِيَرْجِعَ بِذَلِكَ فِي مَالِ الْوَقْفِ بَعْدَ أَنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَبِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَذِنَ لِزَيْدٍ الْمُسْتَأْجِرِ دَارَ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ بِأَنْ يُعَمِّرَ فِيهَا قَصْرًا ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْإِذْنِ وَنَهَاهُ عَنْ الْعِمَارَةِ لِمَا رَآهُ النَّاظِرُ مِنْ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَعَلِمَ زَيْدٌ بِالنَّهْيِ وَالرُّجُوعِ عَنْ الْإِذْنِ فَلَمْ يَنْتَهِ وَعَمَّرَ الْقَصْرَ الْمَزْبُورَ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ النَّاظِرُ أَنْ يُكَلِّفَهُ رَفْعَهُ حَيْثُ لَا يَضُرُّ رَفْعُهُ بِالْوَقْفِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ إذَا لَمْ يَضُرَّ رَفْعُهُ بِالْوَقْفِ وَإِنْ ضَرَّ يَتَمَلَّكُهُ النَّاظِرُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ مَنْزُوعًا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَقِيلَ هُوَ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ فَلْيَتَرَبَّصْ إلَى خُلَاصَةٍ.
(سُئِلَ) فِي قَرْيَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى بُيُوتٍ وَأَرَاضٍ لَهَا قَنَاةُ مَاءٍ مُخْتَصَّةٌ بِهَا جَارِيَةٌ فِيهَا وَالْقَرْيَةُ جَارِيَةٌ مَعَ جَمِيعِ أَرَاضِيهَا وَبُيُوتِهَا فِي وَقْفَيْنِ وَتَيْمَارٍ لِكُلٍّ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي ذَلِكَ فَتَهَدَّمَ بَعْضُ الْبُيُوتِ وَاحْتَاجَتْ الْقَنَاةُ لِلتَّعْزِيلِ فَهَلْ يَكُونُ تَعْمِيرُ مَا انْهَدَمَ مِنْ الْبُيُوتِ وَتَعْزِيلُ الْقَنَاةِ عَلَى جِهَاتِ الْأَوْقَافِ وَالتَّيْمَارِ بِحَسَبِ الْحِصَصِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى جُدُرٍ قَدِيمَةٍ مُحِيطَةٍ بِهِ وَحَقِّ شِرْبٍ جَارٍ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَعَلَيْهِ عُشْرٌ وَتَحْتَاجُ جُدُرُهُ إلَى تَعْمِيرٍ وَتَرْمِيمٍ وَمَاؤُهُ إلَى تَعْزِيلِ طَرِيقِهِ وَيَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ نَصْبٍ وَلَهُ مُسْتَأْجِرٌ فَهَلْ يَكُونُ مَا ذَكَرَ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ دُونَ مُسْتَأْجِرِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي شَجَرَةِ وَقْفٍ فِي دَارٍ وَقْفٍ احْتَاجَتْ الدَّارُ لِلتَّعْمِيرِ وَهِيَ فِي تَوَاجِرِ رَجُلٍ سَاكِنٍ فِيهَا يُعَمِّرُهَا مِنْ أُجْرَتِهَا وَيُرِيدُ الْمُتَوَلِّي بَيْعَ الشَّجَرَةِ لِأَجْلِ التَّعْمِيرِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَتُعَمَّرُ مِنْ أُجْرَتِهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الشَّجَرَةَ وَيُعَمِّرَ الدَّارَ وَلَكِنْ يُكْرِي الدَّارَ وَيَسْتَعِينُ بِالْكِرَاءِ عَلَى عِمَارَةِ الدَّارِ لَا بِالشَّجَرَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ رَجُلٌ بِإِذْنِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ دَرَاهِمَ لِلْعِمَارَةِ بِمُرَابَحَةٍ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ بِالْمُرَابَحَةِ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَأَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. (أَقُولُ) وَيَأْتِي تَمَامُ ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ الثَّالِثِ.
(سُئِلَ) فِي دُورٍ ثَلَاثٍ جَارِيَاتٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ مُنْحَصِرٍ رَيْعُهَا فِي زَيْدٍ نَاظِرِهَا وَأُخْتِهِ وَأَخَوَيْهِ فَتَهَايَأَ زَيْدٌ مَعَ إخْوَتِهِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ زَيْدٌ وَأُخْتُهُ فِي دَارٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْهَا وَيَسْكُنَ كُلُّ أَخٍ مِنْ الْأَخَوَيْنِ فِي دَارٍ مِنْ الدَّارَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ وَمَهْمَا احْتَاجَتْ كُلُّ دَارٍ مِنْ الدُّورِ لِلتَّعْمِيرِ وَكَانَ اثْنَيْ عَشَرَ قِرْشًا يَقُومُ بِذَلِكَ سَاكِنُهَا وَمَا زَادَ يُعَمَّرُ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ فَفَعَلُوا كَذَلِكَ ثُمَّ تَهَدَّمَتْ الدَّارُ الَّتِي مَعَ زَيْدٍ وَأُخْتِهِ وَكُلْفَةُ تَعْمِيرِهَا تَزِيدُ عَلَى سَبْعِينَ قِرْشًا وَيُرِيدُ النَّاظِرُ تَعْمِيرَهَا مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي عُلْوٍ جَارٍ فِي مِلْكِ زَيْدٍ وَتَحْتَهُ سُفْلٌ جَارٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ فَتَكَسَّرَ بَعْضُ أَخْشَابِ السُّفْلِ فَهَلْ تَكُونُ عِمَارَتُهَا عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ دُونَ زَيْدٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفِ بِرٍّ وَقَفَهُ وَاقِفُهُ عَلَى مَبَرَّاتٍ عَيَّنَهَا وَمَهْمَا فَضَلَ عَنْ الْمَبَرَّاتِ وَالتَّعْمِيرِ يَكُنْ لِذُرِّيَّتِهِ فَدَفَعَ النَّاظِرُ الْمَبَرَّاتِ لِمُسْتَحِقِّيهَا وَعَمَّرَ عِمَارَاتٍ ضَرُورِيَّةً فِي الْوَقْفِ وَصَدَّقَتْ الذُّرِّيَّةُ عَلَى أَنَّ الْعِمَارَةَ الْمَزْبُورَةَ حَقٌّ وَصَدَّقَ بَعْدَ اطِّلَاعِهِمْ عَلَى مَصَارِفِ الْوَقْفِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِتَصْدِيقِهِمْ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُرْصَدٌ لَهُ عَلَى دَارِ وَقْفٍ جَارِيَةٍ فِي تَوَاجِرِهِ ثَابِتٌ لَهُ ذَلِكَ بِمُوجَبِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ تَوَافَقَ فِيهَا مَعَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ عَلَى اقْتِطَاعِ بَعْضِ الْمَبْلَغِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَدَفْعِ الْبَعْضِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ عَنْ أَوْلَادٍ فَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَيُرِيدُ الْمُتَوَلِّي تَكْلِيفَ أَوْلَادِ زَيْدٍ بِاقْتِطَاعِ جَمِيعِ الْمَبْلَغِ مِنْ جَمِيعِ أُجْرَةِ مِثْلِ الدَّارِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بَعْدَ ثُبُوتِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالْمَصْلَحَةُ لِلْوَقْفِ فِي ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) كَأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ تَوَافُقَ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ الْمُتَوَلِّي عَلَى اقْتِطَاعِ الْمُرْصَدِ مِنْ الْأُجْرَةِ قَدْ صَارَ بِهِ الْمُرْصَدُ مُقَسَّطًا وَمُؤَجَّلًا وَقَدْ أَفْتَى فِي الْفَتَاوَى التَّاجِيَّةِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ بِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ حَالًّا إذَا طَلَبَهُ الْمُسْتَأْجِرُ قَالَ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْقَرْضِ وَهُوَ لَا يَتَأَجَّلُ بِالتَّأْجِيلِ صَرَّحَ بِذَلِكَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ مِنْ فَتَاوَاهُ الْمَشْهُورَةِ. اهـ.
لَكِنْ أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ مِنْ فَتَاوَاهُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَخْذُهُ حَالًّا حَيْثُ رَضِيَ بِتَأْجِيلِهِ وَتَقْسِيطِهِ كُلَّ سَنَةٍ كَذَا يَقْتَطِعُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ، وَعَلَيْهِ يَتَمَشَّى كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِي دَارَيْنِ مَوْقُوفَتَيْنِ لِلسُّكْنَى لَا لِلْإِسْكَانِ يُرِيدُ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ إعَارَةَ مَا لَهُ مِنْ حَقِّ السُّكْنَى فِي الدَّارَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لِمَنْ لَهُ حَقُّ السُّكْنَى فِي الدَّارِ أَنْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ بِطَرِيقِ الْعَارِيَّةِ دُونَ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا تُوجِبُ حَقًّا لِلْمُسْتَعِيرِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ ضَيْفٍ أَضَافَهُ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ مَعْلُومَةٍ وَقَفَهَا صَاحِبُهَا عَلَى سُكْنَى ذُرِّيَّتِهِ وَهُمْ سَاكِنُونَ فِيهَا فَسَافَرَ شَخْصٌ مِنْهُمْ وَغَابَ مُدَّةً بِاخْتِيَارِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمْنَعَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ السُّكْنَى ثُمَّ رَجَعَ وَيُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ أُجْرَةَ حِصَّتِهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ زَاعِمًا أَنَّهُمْ سَكَنُوا جَمِيعَ الدَّارِ وَيُرِيدُ أَيْضًا إيجَارَ حِصَّتِهِ مِنْ الْآنَ وَقَبْضَ أُجْرَتِهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذْ كَانَ لِزَيْدٍ قَدْرُ اسْتِحْقَاقٍ مَعْلُومٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فَغَابَ عَنْ بَلْدَتِهِ وَهُوَ بَالِغٌ وَمَضَى مِنْ غَيْبَتِهِ سِتُّونَ سَنَةً وَلَمْ يُعْلَمُ حَيَاتُهُ وَلَا مَوْتُهُ وَلَا مَكَانُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَوْلَادٌ وَلَا ذُرِّيَّةٌ وَلَا نَسْلٌ وَلَا عَقِبٌ وَقَدْ شَرَطَ الْوَاقِفُ انْتِقَالَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَتَقْدِيمَ الْأَقْرَبِ لِلْمُتَوَفَّى، وَفِي دَرَجَةِ زَيْدٍ جَمَاعَةٌ مِنْ الذُّرِّيَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ لِلْمُتَوَفَّى مِنْ غَيْرِهِمْ فَهَلْ إذَا شَهِدَ عَدْلَانِ بِمَوْتِ أَقْرَانِهِ بِبَلْدَتِهِ يُقْضَى بِمَوْتِهِ وَيَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ لِلْأَقْرَبِ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِ دَرَجَتِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمُعْتَبَرُ فِي مَوْتِ الْمَفْقُودِ مَوْتُ أَقْرَانِهِ فِي بَلَدِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ تِسْعُونَ سَنَةً قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
(سُئِلَ) فِي بَيْعِ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ مِنْ الْغِرَاسِ الْمُسْتَحَقِّ لِلْبَقَاءِ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ مِنْ غَيْرِ الشَّرِيكِ فِيهِ وَبِدُونِ تَصْدِيقِهِ فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ صَحِيحٍ وَيَصِحُّ مِنْ الشَّرِيكِ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَكُونُ غَيْرَ صَحِيحٍ وَيَصِحُّ مِنْ الشَّرِيكِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ عَلِيٌّ أَفَنْدِي مُفْتِي السَّلْطَنَةِ الْعَلِيَّةِ سَابِقًا وَكَذَلِكَ الْعَلَّامَةُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا حَرَّرَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ. (أَقُولُ) سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ.
(سُئِلَ) فِي أَشْجَارٍ مُثْمِرَةٍ يَانِعَةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ جَامِعٍ قَائِمَةٍ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ تَعَمَّدَ رَجُلٌ وَقَلْعَهَا وَتَصَرَّفَ بِهَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا قَائِمَةً يَوْمَ قَلْعِهَا وَيُعَزَّرُ بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ شَرْعًا؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ قَلَعَهَا وَتَصَرَّفَ بِهَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا بِأَرْضِهَا يَوْمَ قَلْعِهَا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ غَيْرَ الْمِثْلِيِّ إذْ الشَّجَرُ وَالْخَشَبُ وَالْحَطَبُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ وَلِلْحَاكِمِ تَعْزِيرُهُ بِمَا يَلِيقُ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَاطَى مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهَا، قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ وَكُلُّ مَعْصِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ مُقَدَّرٌ فِيهَا التَّعْزِيرُ، رَجُلٌ قَطَعَ شَجَرَةً فِي دَارِ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ يُخَيَّرُ صَاحِبُ الدَّارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الشَّجَرَةَ عَلَى الْقَاطِعِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الشَّجَرَةِ قَائِمَةً؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِ شَجَرَةً قَائِمَةً، وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ تِلْكَ الْقِيمَةِ أَنْ تُقَوَّمَ الدَّارُ مَعَ الشَّجَرَةِ وَتُقَوَّمَ بِغَيْرِ شَجَرَةٍ فَيَضْمَنَ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا خَانِيَّةٌ مِنْ الْغَصْبِ، رَجُلٌ قَطَعَ أَشْجَارَ إنْسَانٍ فِي كَرْمِهِ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِأَنْ يُقَوَّمَ الْكَرْمُ مَعَ الْأَشْجَارِ الْمَقْلُوعَةِ وَمَعَ الْأَشْجَارِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ مَقْلُوعَةٍ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا بَزَّازِيَّةٌ.
(سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ تَرَكُوا دَعْوَاهُمْ الِاسْتِحْقَاقَ فِي غَلَّةِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ بِلَا مَانِعٍ شَرْعِيٍّ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَهُمْ بَالِغُونَ مُقِيمُونَ فِي بَلْدَةِ الْوَقْفِ هُمْ وَنُظَّارُهُ وَقَدْ مَنَعَ السُّلْطَانُ أَعَزَّ اللَّهُ أَنْصَارَهُ سَمَاعَ الدَّعْوَى فِي غَيْرِ عَيْنِ الْوَقْفِ الَّتِي مَضَى عَلَيْهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَيُرِيدُونَ الْآنَ الدَّعْوَى بِذَلِكَ بِدُونِ أَمْرٍ شَرِيفٍ سُلْطَانِيٍّ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُمْ بِذَلِكَ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ لِلْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ قَبِيلِ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لَا هِيَ فِي نَفْسِ الْوَقْفِ الْمُسْتَثْنَى بِالسَّمَاعِ إذْ الِاسْتِحْقَاقُ مِلْكٌ لِمَنْ يَسْتَحِقُّهُ فَتَكُونُ الدَّعْوَى بِهِ كَالدَّعْوَى فِي سَائِرِ الِاسْتِحْقَاقَاتِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ تَجُوزُ هِبَةُ الْمُسْتَحِقِّ اسْتِحْقَاقَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِخِلَافِ نَفْسِ الْوَقْفِ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي الْمِلْكِ، وَغَلَّةُ الْوَقْفِ يَمْلِكُهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ. اهـ.
وَفِيهِ مِنْ الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ أَسْبَابُ التَّمَلُّكِ الْمُعَاوَضَاتُ الْمَالِيَّةُ إلَى أَنْ قَالَ وَالْوَقْفُ، قَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَمَوِيُّ الْمُرَادُ مَنَافِعُ الْوَقْفِ وَإِلَّا فَرَقَبَةُ الْوَقْفِ لَا تُمْلَكُ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْوَقْفِ يَزُولُ عَنْ الْمَالِكِ لَا إلَى مَالِكٍ وَلَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَلَوْ مُعَيَّنًا. اهـ.
(سُئِلَ) فِي مُسْتَحِقٍّ لَهُ دَرَاهِمُ مَعْلُومَةٌ تَحْتَ يَدِ نَاظِرِ الْوَقْفِ هِيَ قَدْرُ اسْتِحْقَاقِهِ فِي الْوَقْفِ أَحَالَ الْمُسْتَحِقُّ بِهَا دَائِنَهُ عَلَى النَّاظِرِ وَقَبِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْحَوَالَةَ فَهَلْ تَكُونُ الْحَوَالَةُ الْمَذْكُورَةُ صَحِيحَةً؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي مُسْتَحِقَّةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مَاتَتْ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ بَعْدَمَا قَبَضَ نُظَّارُ الْوَقْفِ رَيْعَهُ وَأُجُورَهُ وَعَلَى الْمُسْتَحِقَّةِ الْمَزْبُورَةِ دَيْنٌ لِأُمِّهَا فَهَلْ مَا يَخُصُّهَا مِنْ ذَلِكَ يَصِيرُ مِيرَاثًا عَنْهَا فَيُقْضَى بِهِ دَيْنُهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ مَاتَ بَعْضُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ قَبْلَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يَكُونُ مَا وَجَبَ مِنْ الْغَلَّةِ إلَى أَنْ مَاتَ لِوَرَثَتِهِ وَمَا يَجِبُ مِنْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ لِجِهَاتِ الْوَقْفِ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مُعَجَّلَةً وَلَمْ تُقْسَمْ بَيْنَهُمْ وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ كَذَلِكَ وَقَالَ هِلَالٌ غَيْرَ أَنِّي أَسْتَحْسِنُ إذَا قُسِمَ الْمُعَجَّلُ بَيْنَ قَوْمٍ ثُمَّ مَاتَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ أَنِّي لَا أَرُدُّ الْقِسْمَةَ وَأُجِيزُ ذَلِكَ إسْعَافٌ مِنْ بَابِ إجَارَةِ الْوَقْفِ وَفِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيُّ عَنْ الْحَانُوتِيِّ سُئِلَ فِيمَنْ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ تَمَامِ الْقِسْطِ فِي الْوَقْفِ الَّذِي يُؤَجَّرُ عَلَى الْأَقْسَاطِ فَأَجَابَ حَيْثُ وَقَعَتْ إجَارَةُ الْأَرْضِ عَلَى الْأَقْسَاطِ وَمَاتَ الْمُسْتَحِقُّ بَعْدَ مُضِيِّ الْقِسْطِ أَوْ عِنْدَ تَمَامِهِ يَأْخُذُ مَا اسْتَحَقَّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا فِي وَقْتِ تَمَامِ الْقِسْطِ الْمَعْلُومِ قَالَ إنَّ الْعِبْرَةَ لِوَقْتِ ظُهُورِ الْغَلَّةِ وَأَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ بِلَادِنَا مِنْ إجَارَةِ أَرْضِ الْوَقْفِ لِمَنْ يَزْرَعُهَا لِنَفْسِهِ بِأُجْرَةٍ تُسْتَحَقُّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَاطٍ كُلُّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ قِسْطٌ فَيُوجِبُ اعْتِبَارَ إدْرَاكِ الْقِسْطِ فَهُوَ كَإِدْرَاكِ الْغَلَّةِ فَكُلُّ مَنْ كَانَ مَخْلُوقًا قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ الرَّابِعِ حَتَّى تَمَّ وَهُوَ مَخْلُوقٌ اسْتَحَقَّ هَذَا الْقِسْطَ وَمَنْ لَا فَلَا. (أَقُولُ) هَذَا إذَا مَاتَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ الْغَائِبِ قَدْرُ اسْتِحْقَاقٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ تَحْتَ يَدِ النَّاظِرَةِ عَلَى الْوَقْفِ وَلِزَيْدٍ ابْنُ عَمٍّ مُسْتَحِقٍّ فِي الْوَقْفِ يُرِيدُ تَنَاوُلَ حِصَّةِ الْغَائِبِ مِنْ النَّاظِرَةِ بِدُونِ وَكَالَةٍ عَنْهُ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَيَبْقَى ذَلِكَ تَحْتَ يَدِ النَّاظِرَةِ إلَى ظُهُورِ حَالِهِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمُسْتَحِقِّ أَمَانَةٌ تَحْتَ يَدِ النَّاظِرِ وَلَا تُدْفَعُ إلَى غَيْرِ صَاحِبِهَا إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ تِسْعَةُ قَرَارِيطَ مِنْهَا مِلْكٌ لِزَيْدِ وَبَاقِيهَا وَقْفٌ فَاقْتَسَمَهَا زَيْدٌ مَعَ نَاظِرِ الْوَقْفِ قِسْمَةً شَرْعِيَّةً بِالتَّرَاضِي وَالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ تَكُونُ الْمُقَاسَمَةُ صَحِيحَةً؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ اقْتَسَمَ الشَّرِيكَانِ وَأَدْخَلَا فِي الْقِسْمَةِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً فَإِنْ كَانَ الْمُعْطِي هُوَ الْوَاقِفُ جَازَ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ أَخَذَ الْوَقْفَ وَاشْتَرَى بَعْضَ مَا لَيْسَ بِوَقْفٍ مِنْ نَصِيبِ شَرِيكِهِ بِدَرَاهِمِهِ وَإِنَّهُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ نَقْضُ بَعْضِ الْوَقْفِ وَحِصَّةُ الْوَقْفِ وَقْفٌ وَمَا اشْتَرَاهُ مِلْكٌ لَهُ وَلَا يَصِيرُ وَقْفًا إسْعَافٌ مِنْ فَصْلِ الْمُشَاعِ.
(سُئِلَ) فِي قِسْمَةِ أَرْضِ الْوَقْفِ بِالتَّرَاضِي بَيْنَ مُسْتَحِقِّيهِ عَلَى طَرِيقِ التَّهَايُؤِ وَالتَّنَاوُبِ هَلْ تَكُونُ جَائِزَةً؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ وَالْإِسْعَافِ وَفَتَاوَى الشَّلَبِيِّ وَغَيْرِهَا.
(سُئِلَ) فِي قِسْمَةِ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ بَيْنَ مُسْتَحِقِّيهَا قِسْمَةَ تَمَلُّكٍ هَلْ تَكُونُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ أَرَادَ بَعْضُ أَرْبَابِ الْوَقْفِ قِسْمَتَهَا بَيْنَهُمْ قِسْمَةَ جَبْرٍ وَاخْتِصَاصٍ فَهَلْ تُقْسَمُ أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ): لَا تُقْسَمُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِسْعَافِ وَغَيْرِهِ. (أَقُولُ) وَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَصَّافِ وَالْفَتْحِ مِنْ أَنَّ الْوَقْفَ لَا يُقْسَمُ بَيْنَ مُسْتَحِقِّيهِ إجْمَاعًا مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا فَلَا يُنَافِي مَا فِي الْإِسْعَافِ لَوْ قَسَمَهُ الْوَاقِفُ بَيْنَ أَرْبَابِهِ لِيَزْرَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَصِيبَهُ وَلِيَكُونَ الْمَزْرُوعُ لَهُ دُونَ شُرَكَائِهِ تَوَقَّفَ عَلَى رِضَاهُمْ وَلَوْ فَعَلَ أَهْلُ الْوَقْفِ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ جَازَ وَلِمَنْ أَبَى مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ إبْطَالُهُ. اهـ.
لِحَمْلِهِ عَلَى قِسْمَةِ التَّهَايُؤِ كَمَا حَرَّرَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ أَنْ لَا يُقْسَمَ وَلَا يُهَايَأَ بِهِ فَقَسَمَ وَلِيٌّ صَغِيرٍ مُسْتَحِقٍّ فِي الْوَقْفِ نَصِيبَ الصَّغِيرِ فِي الْوَقْفِ مَعَ مُتَوَلِّيهِ قِسْمَةَ حِفْظٍ ثُمَّ بَلَغَ الصَّغِيرُ رَشِيدًا وَيُرِيدُ رَدَّ الْقِسْمَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) لَيْسَ ثُبُوتُ الرَّدِّ لَهُ بِسَبَبِ شَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ بَلْ لِمَا عَلِمْت آنِفًا مِنْ أَنَّ لِكُلِّ مَنْ أَبَى مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ إبْطَالَهُ.
(سُئِلَ) فِي عَقَارَاتٍ مَوْقُوفَةٍ يَسْتَحِقُّ رَيْعَهَا جَمَاعَةٌ تَوَافَقُوا عَلَى قِسْمَتِهَا بَيْنَهُمْ قِسْمَةَ مُهَايَأَةٍ ثُمَّ مَاتُوا عَنْ أَوْلَادٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُمْ إلَيْهِمْ وَيُرِيدُ الْأَوْلَادُ نَقْضَ الْقِسْمَةِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ وَلِلنَّاظِرِ تَحْصِيلُ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَدَفْعُهَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ وَظِيفَةٌ مَعْلُومَةٌ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَلِلْوَقْفِ جِهَاتٌ تَحْتَ يَدِ نَاظِرِهِ وَيَأْخُذُ أُجْرَةَ الْبَعْضِ مُشَاهَرَةً وَالْبَعْضِ مُسَانَهَةً وَيَطْلُبُ الرَّجُلُ مِنْ النَّاظِرِ دَفْعَ مَعْلُومِ وَظِيفَتِهِ مِنْ الْمُشَاهَرَةِ عَنْ أَشْهُرٍ مَعْلُومَةٍ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهِ لِذَلِكَ عَلَى حَسَبِ مَا تَنَاوَلَهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَهَلْ لِلرَّجُلِ مُطَالَبَةُ النَّاظِرِ بِذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، فِي وَقْفٍ عَلَى الذُّرِّيَّةِ آجَرَهُ النَّاظِرُ بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ مُدَّةً تَأْتِي وَقَبَضَهَا وَهِيَ خَرَاجِيَّةٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى صَرْفِ حِصَصِ الْمُسْتَحِقِّينَ بِالْوَقْفِ مِمَّا تَعَجَّلَهُ أَوْ لَا يَدْفَعُ لَهُمْ إلَّا مَا يَمْضِي سَنَةً بِسَنَةٍ فَأَجَابَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ بِمَا صُورَتُهُ: لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ حِصَصِ الْمُسْتَحِقِّينَ مُعَجَّلًا وَإِنَّمَا يَدْفَعُ لَهُمْ بِحَسَبِ اسْتِحْقَاقِهِمْ كُلَّمَا مَضَى سَنَةٌ دَفَعَ لَهُمْ اسْتِحْقَاقَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَتَاوَى الْكَازَرُونِيُّ مِنْ الْوَقْفِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ فِي رَجُلٍ لَهُ قَدْرُ اسْتِحْقَاقٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَلِلْوَقْفِ جِهَاتٌ تَحْتَ يَدِ زَيْدٍ النَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ يُؤَجِّرُ ذَلِكَ وَيَأْخُذُ أُجْرَةَ الْبَعْضِ مُشَاهَرَةً وَالْبَعْضِ مُسَانَهَةً وَيَطْلُبُ الرَّجُلُ الْمَزْبُورُ مِنْ النَّاظِرِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ قَدْرَ اسْتِحْقَاقِهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ مَا تَنَاوَلَهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ أَجَابَ: لِلرَّجُلِ مُطَالَبَةُ النَّاظِرِ بِذَلِكَ بَعْدَ قَبْضِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ مِنْ الْوَقْفِ.
(أَقُولُ) قَيَّدَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الطَّلَبُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ وَإِنْ كَانَ النَّاظِرُ قَبَضَ الْأَجْرَ مُعَجَّلًا وَهُوَ مَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ آنِفًا.
(سُئِلَ) فِي دَارَيْ وَقْفٍ مُتَلَاصِقَتَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَابٌ قَدِيمٌ عَلَى حِدَةٍ فَسَدَّ النَّاظِرُ بَابَ إحْدَاهُمَا وَفَتَحَ لَهَا بَابًا مِنْ الدَّارِ الْأُخْرَى وَجَعَلَهُمَا دَارًا وَاحِدَةً بِلَا نَفْعٍ وَلَا مَصْلَحَةَ لِلْوَقْفِ وَفِي ذَلِكَ تَغْيِيرٌ لِصِفَةِ الْوَقْفِ فَهَلْ يُعَادُ كَمَا كَانَ فِي الْقَدِيمِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ كَبِيرَةٍ ذَاتِ مَسَاكِنَ مَوْقُوفَةٍ لِلسُّكْنَى فَامْتَنَعَ وَاحِدٌ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ السُّكْنَى فِيهَا مِنْ نَفْسِهِ فَهَلْ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً إنْ لَمْ يَسْكُنْ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ قَدْرُ اسْتِحْقَاقٍ مَعْلُومٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فَمَاتَتْ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ وَضَعَا يَدَهُمَا عَلَيْهِ وَتَنَاوَلَاهُ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ فِي مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِمُوجَبِ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَالْآنَ ظَهَرَ لَهَا ابْنُ ابْنٍ مَاتَ فِي حَيَاتِهَا وَلَهُ اسْتِحْقَاقٌ فِي نَصِيبِهَا يُطَالِبُ النَّاظِرُ بِهِ مِنْ حِينِ مَوْتِ جَدَّتِهِ بَعْدَ الثُّبُوتِ فَهَلْ طَلَبُهُ عَلَى مَنْ تَنَاوَلَهُ لَا عَلَى النَّاظِرِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ بِعَدَمِ عِلْمِهِ وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِهِ شَرْعًا مَعَ عَدَمِ الضَّمَانِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ. (أَقُولُ) وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا اعْتَرَفَ الْمُتَنَاوِلَانِ بِاسْتِحْقَاقِهِ أَوْ كَانَ لِذَلِكَ الْمُدَّعِي عُذْرٌ مُسَوِّغٌ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ لَا تُسْمَعُ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ الْقَارِئَةِ وَظِيفَةُ قِرَاءَةِ مَا تَيَسَّرَ قِرَاءَتُهُ مِنْ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَإِهْدَاءَ ثَوَابِ ذَلِكَ لِوَاقِفِ مَدْرَسَةِ كَذَا بِمَا لَهَا مِنْ الْمَعْلُومِ بِمُوجَبِ تَقْرِيرٍ شَرْعِيٍّ بِطَرِيقِ الْفَرَاغِ مِنْ أَبِيهَا الْمُتَصَرِّفِ بِذَلِكَ قَبْلَهَا بِمُوجَبِ تَقْرِيرٍ أَيْضًا وَتَصَرَّفَتْ فِي الْوَظِيفَةِ مُدَّةً ثُمَّ انْكَسَرَ لَهَا عِنْدَ الْمُتَوَلِّي نَحْوُ سَبْعِ سَنَوَاتٍ مُبَاشَرَةُ الْقِرَاءَةِ فِيهَا وَيَمْتَنِعُ مِنْ دَفْعِ ذَلِكَ لَهَا فَهَلْ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْمَعْلُومِ لَهَا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ اسْتِحْقَاقُ قَرَارِيطَ مَعْلُومَةٍ فِي رَيْعِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَالنَّاظِرُ يَدْفَعُ لَهُمْ عَنْ ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً دُونَ مَا يَخُصُّ الْحِصَّةَ الْمَزْبُورَةَ وَيُرِيدُونَ الْآنَ قَدْرَ مَا يَخُصُّهُمْ بِقَدْرِ الْقَرَارِيطِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ حَانُوتِ وَقْفٍ مَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ فَقَفَلَ الْحَانُوتَ وَعَطَّلَهَا وَامْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ زَاعِمًا أَنَّ لَهُ كَذَا وَكَذَا مُرْصَدًا عَلَيْهَا صَرَفَهُ بِإِذْنِ النَّاظِرِ وَأَنَّ لَهُ حَبْسَهَا مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ حَتَّى يَدْفَعَ لَهُ مُرْصَدَهُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا فِي مُدَّةِ تَعْطِيلِهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ مَنَافِعُ الْغَصْبِ اسْتَوْفَاهَا أَوْ عَطَّلَهَا فَإِنَّهَا لَا تُضْمَنُ عِنْدَنَا إلَّا أَنْ يَكُونَ وَقْفًا أَوْ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ تَنْوِيرُ الْأَبْصَارِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ قُبَيْلَ مَسَائِلِ الْعُذْرِ مَا نَصُّهُ وَفِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ إذَا انْفَسَخَتْ يَبْقَى الْمُسْتَأْجَرُ مَحْبُوسًا بِمَالِ الْإِجَارَةِ كَمَا فِي مَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ. اهـ.
فَمُفَادُ عِبَارَتِهَا أَنَّ الْحَبْسَ بِمَالِ الْإِجَارَةِ لَا أَنَّهُ يَحْبِسُ عَيْنَ الْوَقْفِ وَيُعَطِّلُهَا فَافْهَمْ. (أَقُولُ) هَذَا الْمُفَادُ غَيْرُ ظَاهِرٍ مِنْ الْعِبَارَةِ بَلْ الظَّاهِرُ مِنْهَا أَنَّ الْبَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ لَا لِلْبَدَلِيَّةِ أَيْ لَهُ حَبْسُ الْمَأْجُورِ لِاسْتِيفَاءِ مَالِ الْإِجَارَةِ الَّذِي عَجَّلَهُ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ كِتَابِ الْإِجَارَةِ: فُسِخَ الْعَقْدُ بَعْدَ تَعْجِيلِ الْبَدَلِ فَلِلْمُعَجِّلِ حَبْسُ الْمُبْدَلِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَالَ الْبَدَلِ. اهـ.
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ بَيْتًا وَلَوْ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَإِنْ قَبَضَهُ وَمَاتَ الْمُؤَجِّرُ فَلَهُ حَبْسُ الْبَيْتِ لِأَجْرٍ عَجَّلَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ فَلَا. اهـ.
وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مَا يَدُلُّ عَلَى لُزُومِ الْأُجْرَةِ فِي مُدَّةِ الْحَبْسِ، نَعَمْ قَدْ يُقَالُ بِلُزُومِ أَجْرِ الْمِثْلِ فِي الْوَقْفِ لِمَا عَلِمْت مِنْ ضَمَانِ مَنَافِعِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ النَّاظِرِ ظَالِمًا بِعَدَمِ دَفْعِ الْمُعَجَّلِ لِلْمُسْتَأْجِرِ سُقُوطُ ضَمَانِ مَنَافِعِ الْوَقْفِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمَأْجُورُ مِلْكًا فَافْهَمْ.